المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌الحكم إذا اشترى الوكيل شيئا معيبا يعلم بعيبه - شرح زاد المستقنع - الشنقيطي - التفريغ - جـ ١٩٨

[محمد بن محمد المختار الشنقيطي]

فهرس الكتاب

- ‌ باب الوكالة [5]

- ‌التفصيل في مسألة إذا اشترى الوكيل سلعة معيبة

- ‌الحكم إذا اشترى الوكيل شيئاً سالماً من العيوب

- ‌الحكم إذا اشترى الوكيل شيئاً معيباً لا يعلم بعيبه

- ‌الحكم إذا اشترى الوكيل شيئاً معيباً يعلم بعيبه

- ‌الإذن للوكيل بالبيع لا يلزم منه الإذن بقبض الثمن

- ‌مسألة: إذا أخر الوكيل تسليم الثمن ثم تلف عليه

- ‌مسائل تتعلق بالوكالة

- ‌إذا وكل الوكيل في بيع فاسد فباع بيعاً صحيحاً

- ‌إذا فوض للوكيل بالوكالة في كل قليل وكثير

- ‌إذا فوض للوكيل شراء ما شاء بما شاء ولم يعين

- ‌الأسئلة

- ‌الإذن بالسكنى في البيت لا يستلزم الإذن بالبيع

- ‌تصرفات وكيل البيع في حال توكيله بالبيع

- ‌عدم لزوم استلام الثمن للتوكيل في البيع

- ‌حكم تراجع من نذر أن يطلق امرأته

- ‌حكم نكاح بنت خالة الأم

- ‌حجر إسماعيل عليه السلام من البيت

- ‌الحكم إذا اجتمع سهو نقص وزيادة في الصلاة

- ‌حكم الدم الخارج من فرج المرأة في حالة الطهر

- ‌التفصيل فيمن يطوف نافلة وحضرته صلاة الجنازة

- ‌معنى نهي النبي صلى الله عليه وسلم عن بيع الطعام حتى يحاز

الفصل: ‌الحكم إذا اشترى الوكيل شيئا معيبا يعلم بعيبه

‌الحكم إذا اشترى الوكيل شيئاً معيباً يعلم بعيبه

قال رحمه الله: [وإن اشترى ما يعلم عيبه لزمه إن لم يرض موكله فإن جهل ردّه].

إذاً: عندنا الصورة الأخيرة هي التي ذكرها المصنف: (من اشترى ما يعلم عيبه)، لكن ينبغي أن نعلم أن الحكم لا يختص بالشراء، ولا يختص بالبيع؛ فإنه يشمل الإجارات ويشمل بقية المعاملات التي ذكرنا فيها الوكالة، فمن وكّل وكيلاً لكي يقوم بمهمة أو عقدٍ فينبغي على الوكيل أن يلتزم بالعرف، وهذا مراد المصنف من هذا المثال أن يقول لك: إن العقود إذا أطلقت فإنها تنصرف إلى الصحيح، ولا تنصرف إلى الفاسد، وتنصرف إلى السليم ولا تنصرف إلى المعيب، مثال ذلك: لو قلت لوكيلٍ: استأجر لي شقةً بمكة، وتكون هذه الشقة بجوار الحرم أو على شارع كذا، وحددت له الوكالة، استأجر لي شقة بمكة، استأجرها لي مدة العشر الأواخر، استأجرها لي شهراً، استأجرها لي سنةً، فذهب واستأجر لك شقةً، ولكن في سقفها عيب يخر منه الماء، أو أن الماء الموجود فيها ملوث، فهذه عيوب كلها تؤثر في الإجارة، وتعيق المنفعة التي من أجلها استأجرت، أو استأجر لك في موضعٍ لا يمكن أن ترتاح فيه، كجوار شيء مزعجٍ أو نحو ذلك مما لا تستطيع أن تنام فيه، وأنت أخذت هذه الشقة للراحة أو نحو ذلك، المهم وجد العيب، فنقول: إذا استأجرها عالماً بالعيب لزمه أن يدفع المال لك ويبقى وجهه لمن أجره، ولا تلزم بالوكالة بدفع الأجرة، وإن استأجر وهو لا يعلم بالعيب فإنك ترد هذه الإجارة وتفسخها وتأخذ حقك كاملاً.

إذاً: الأمر لا يتوقف على البيع ولا على الشراء، بل يشمل العقود التي تتعلق بالمعاملات مما هو محلٌ للوكالة.

(فإن جهل ردّه).

أي: الوكيل، فإن جهل رد المبيع، وذلك للقاعدة والأصل الذي ذكرنا: أن العيب يوجب الرد.

تذكرون في آخر الفصل الماضي أنه ذكر المصنف مسائل قال فيها: (ومن وكله أن يبيع حالاً فباع مؤجلاً، أو وكله أن يبيع مؤجلاً فباع حالاً، أو يبيع بنقد البلد، فباع بغيره)، ذكرنا هذه المسائل، وهذه المسائل كلها تدور حول مخالفة الوكيل للوكالة، ومخالفة الوكيل للوكالة: إما أن يخالف لفظ موكله، وإما أن يخالف عرفاً جرى بالوكالة، ومن هنا تأخذ هذا المثال في قوله رحمه الله:(ومن اشترى معيباً) وتخرج منه قاعدة وهي: (أن إطلاقات الوكالة في العقود مصروفةٌ إلى الصحيح، وأن إطلاق الوكالة في المحل مصروف إلى السليم).

(إطلاقات الوكالة في العقود) يعني: إذا وكلته ليشتري فينبغي أن يشتري شراءً صحيحاً خالياً من موجبات الفساد، فإطلاقات الوكالة في المحل والثمن والمثمن والصيغة في العقد ينبغي أن يكون سليماً.

فممكن أن يأتي شخص ويقول: قال لي شخصٍ خذ هذه العشرة واشتر لي نسخةً من صحيح البخاري، فذهب واشترى نسخةً معيبة وجاء بها لصاحبه، فقال له الوكيل: لا أريد هذه النسخة، فإن الوكيل سيقول له: أنت وكلتني أن أشتري وقد اشتريت لك -لاحظ: أنت وكلتني أن أشتري وقد اشتريت- ما قلت سليمة أو غير سليمة، فتقول: هذا الإطلاق وإن كان باللفظ، لكنه مقيدٌ بالعرف أي: أن يكون سليما؛ لأن العرف أن هذا لا يكون إلا بشراء السليم السالم من العيوب، والصحيح الذي لا عيب فيه، وعلى هذا تعتبر هذه المسألة مفرعة على القاعدة التي سبق التنبيه عليها والتي تقول:(المعروف عرفاً كالمشروط لفظاً)، وبعض الفقهاء يقول:(المعروف عرفاً كالمشروط شرطاً)، وبناءً على ذلك:(المعروف عرفاً) حينما أقول له: اشتر لي نسخةً من صحيح البخاري، فإن هذا الإطلاق يقتضي أن يكون سليماً، والعرف ينصرف إلى بيع السليم لا بيع الفاسد، وعلى هذا: فإنه لا وجه له أن يستدل بمطلق الوكالة على شراء المعيبات ونحوها.

ص: 5