المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌عدة المتوفى عنها زوجها - شرح زاد المستقنع - الشنقيطي - التفريغ - جـ ٣٢٦

[محمد بن محمد المختار الشنقيطي]

فهرس الكتاب

- ‌ كتاب العدد [3]

- ‌عدة المتوفى عنها زوجها

- ‌عدة الأمة المتوفى عنها زوجها

- ‌إذا اعتدت لطلاق رجعي فمات الزوج أثناء عدتها رجعت لعدة الوفاة

- ‌طلاق الرجل لامرأته في مرض الموت

- ‌تطليق الرجل لامرأته قبل الموت مع عدم التهمة

- ‌تطليق الرجل لامرأته مع التهمة

- ‌إذا توفي من أبانها في مرض موته

- ‌حالات تقديم عدة الطلاق على عدة الوفاة

- ‌مسألة: إذا طلق بعض نسائه مبهمة أم معينة ثم أنسيها ومات قبل القرعة

- ‌الأسئلة

- ‌اعتبار السقط في انقضاء العدة بعد التخلق

- ‌حكم العزاء بعد ثلاثة أيام

- ‌العدل بين الزوجات

- ‌حكم الوصية بالثلث للمطلقة

- ‌حكم بيع الجلود قبل دبغها

- ‌حكم بيع المنابذة

- ‌حكم الضفائر من الخيوط التي توصل بالشعر

- ‌حكم أخذ أنقاض البيوت التي تهدم مقابل التعويض

- ‌حكم الدم الخارج من المرأة قبل الولادة بيوم أو يومين

- ‌الجمع بين النهي عن ذكر مساوئ الميت وحديث ثناء الناس على الجنازة شراً

- ‌حكم الإشهاد على الدين

- ‌حكم من جاوز الميقات في الحج دون أن يحرم لعدم علمه

- ‌ضوابط في نقل الفتوى وأقوال العلماء

الفصل: ‌عدة المتوفى عنها زوجها

‌عدة المتوفى عنها زوجها

بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام الأتمان الأكملان على خير خلق الله أجمعين، وعلى آله وصحبه ومن سار على سبيله ونهجه إلى يوم الدين.

أما بعد: يقول المصنف رحمه الله تعالى: [فصل: الثانية: المتوفى عنها زوجها بلا حمل منه].

شرع المصنف رحمه الله في النوع الثاني من النساء المعتدات وهي المرأة التي توفي عنها زوجها، وقد شرع الله عز وجل لها العدة أربعة أشهرٍ وعشراً، كما قال تعالى:{وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَاجًا يَتَرَبَّصْنَ بِأَنفُسِهِنَّ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْرًا} [البقرة:234]، فبيّن سبحانه وتعالى لزوم العدة -التي هي الحداد- على المرأة التي توفي عنها زوجها، ودلت السنة على ذلك، كما في حديث أم حبيبة بنت أبي سفيان رضي الله عنها، وفيه: أنها سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: (لا يحل لامرأة تؤمن بالله واليوم الآخر أن تحد على ميت فوق ثلاث ليال إلا على زوجٍ أربعة أشهر وعشراً)، وقد كانت في الجاهلية تمكث المرأة سنة كاملة بعد وفاة زوجها، وتجلس في مكان ضيق، وتمتنع من الطيبات والمباحات، وتكون بأبشع حالٍ وأسوأ صورة حتى تتم سنة كاملة، فخفف الله تبارك وتعالى ويسر، ودفع عن عباده ما كان من أمور الجاهلية التي ما أنزل الله بها من سلطان، فشرع هذا الحداد أربعة أشهر وعشراً، وهذا النوع من العدة سواء كان الزوج دخل بها أو لم يدخل بها، فكل امرأة عقد عليها زوجها وتوفي عنها وهي في عصمته سواء وقع الدخول أو لم يقع الدخول فإنها زوجته ترثه ويرثها إذا ماتت، فيلزمها الحداد وعدة الوفاة.

(المتوفى عنها زوجها بلا حمل منه قبل الدخول أو بعده).

(قبل الدخول أو بعده)، سواء دخل بها أو بعده، ثم تنقسم هذه التي توفي عنها زوجها إلى قسمين: إما أن تكون حاملاً، وإما أن تكون حائلاً، فالمرأة الحائل التي هي غير حامل هي التي تكون عدتها بما ذكرنا، ولكن إذا كانت حاملاً فإنها تعتد بوضع حملها، لقوله تعالى:{وَأُوْلاتُ الأَحْمَالِ أَجَلُهُنَّ أَنْ يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ} [الطلاق:4]، فجعل الله عز وجل عدة المرأة الحامل أن تضع ما في بطنها، وقد دلّ على ذلك الحديث الصحيح في قصة أبي السنابل بن بعكك رضي الله عنه وأرضاه، فإن النبي صلى الله عليه وسلم أفتى في هذا الحديث الصحيح أن المرأة الحامل تعتد بوضعها لحملها ولو كان الوضع بعد الوفاة أو بعد الطلاق بساعة.

فلو أنه توفي عنها الساعة الثانية ظهراً، وبعد وفاته ولو بدقيقة خرج حملها وجنينها فقد خرجت من عدتها، وهذا حكم الله، والله يحكم ولا معقب لحكمه سبحانه وتعالى، وهذا شرعه وهذا حكمه، فهو أمرٌ تعبدي، فإذا وضعت الحامل حملها خرجت من عدتها.

فهنا بيّن المصنف رحمه الله أنها تعتد أربعة أشهر وعشراً بشرط: أن لا تكون حاملاً، فإن كانت حاملاً فإنها تعتد بوضع الحمل، وجماهير السلف والخلف رحمهم الله ورضي الله عن أصحاب رسوله صلى الله عليه وسلم أجمعين-على هذا.

وهناك من الصحابة من أثر عنه القول، بأنها تعتد أبعد الأجلين، فإن كانت حاملاً ووضعت بعد الوفاة بأسبوع أو بشهر أو بشهرين أو بثلاثة فإنها تعتد عدة الوفاة أربعة أشهر وعشراً؛ لأن عدة الوفاة أطول، وإن كان حملها يستمر فوق الأربعة الأشهر وعشراً فتعتد لوضع الحمل، فيرون أنها تعتد أبعد الأجلين، وهذا قول ضعيف.

والصحيح: ما دل عليه ظاهر الكتاب، وظاهر سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم، وانعقدت عليه كلمة جماهير السلف رحمهم الله أجمعين.

ص: 2