المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌حكم الزواج بالزانية وأقوال العلماء فيه - شرح سنن أبي داود للعباد - جـ ٢٣٦

[عبد المحسن العباد]

فهرس الكتاب

- ‌[236]

- ‌التحريض على النكاح

- ‌شرح حديث (من استطاع منكم الباءة فليتزوج)

- ‌سبب توجيه الخطاب إلى الشباب في الزواج

- ‌فوائد الزواج

- ‌العلاج عند عدم القدرة على الزواج

- ‌مشروعية المخاطبة بالكنى

- ‌تراجم رجال إسناد حديث (من استطاع منكم الباءة فيلتزوج)

- ‌هل وافق ابن مسعود على الزواج

- ‌الحث على الزواج بذات الدين

- ‌شرح حديث (تنكح المرأة لأربع)

- ‌تراجم رجال إسناد حديث (تنكح المرأة لأربع)

- ‌تزويج الأبكار

- ‌شرح حديث (أفلا بكراً تلاعبها وتلاعبك)

- ‌تراجم رجال إسناد حديث (أفلا بكراً تلاعبها وتلاعبك)

- ‌النهي عن تزويج من لم يلد من النساء

- ‌شرح حديث (إن امرأتي لا ترد يد لامس)

- ‌تفسير قوله (لا ترد يد لامس)

- ‌التحمل بالكتابة وحكمه عند علماء الحديث

- ‌تراجم رجال إسناد حديث (إن امرأتي لا ترد يد لامس)

- ‌شرح حديث (تزوجوا الودود الولود)

- ‌تراجم رجال إسناد حديث (تزوجوا الودود الولود)

- ‌الأسئلة

- ‌أهمية كتب التراجم لطالب العلم

- ‌حكم الزواج بالمرأة العقيم

- ‌حكم الصلاة خلف الحاكم المبتدع الظالم

- ‌معنى قطع اليد فيما يبلغ ثمن المجن بعد حرزه في الجرين

- ‌الأخوة الإسلامية وثبوتها للمبتدعة

- ‌حكم اشتراط الكفاءة في النسب في الزواج

- ‌حكم الزواج بغير المستقيمة بغية إصلاحها

- ‌قوله تعالى: (الزاني لا ينكح إلا زانية أو مشركة)

- ‌شرح حديث نهي النبي صلى الله عليه وسلم مرثداً عن نكاح البغي عناق

- ‌حكم الزواج بالزانية وأقوال العلماء فيه

- ‌تراجم رجال إسناد حديث نهي النبي صلى الله عليه وسلم مرثداً عن نكاح البغي عناق

- ‌شرح حديث (لا ينكح الزاني المجلود إلا مثله)

- ‌تراجم رجال إسناد حديث (لا ينكح الزاني المجلود إلا مثله)

- ‌الرجل يعتق أمته ثم يتزوجها

- ‌شرح حديث (من أعتق جاريته ثم تزوجها كان له أجران)

- ‌تراجم رجال إسناد حديث (من أعتق جاريته ثم تزوجها كان له أجران)

- ‌شرح حديث إعتاق النبي صلى الله عليه وسلم صفية وجعله عتقها صداقها

- ‌تراجم رجال إسناد حديث إعتاق النبي صلى الله عليه وسلم صفية وجعله عتقها صداقها

الفصل: ‌حكم الزواج بالزانية وأقوال العلماء فيه

‌حكم الزواج بالزانية وأقوال العلماء فيه

وقد اختلف العلماء في حكم الزواج بالزانية: فمنهم من قال: إنه يجوز أن يتزوج العفيف بالزانية؛ لأنها من جملة إماء المسلمين وجملة الأيامى اللاتي قال الله تعالى فيهن: {وَأَنكِحُوا الأَيَامَى مِنْكُمْ} [النور:32]، فيدخل في ذلك الزواني وغير الزواني.

وقال بعض أهل العلم: إن العفيف لا ينكح الزانية، وإنما ينكحها زانٍ مثلها، وقد جاء في الحديث الذي بعد هذا:(لا ينكح الزاني المجلود إلا مثله)، فمعناه إذاً أن العفيف لا يتزوج الزانية، وأن الزاني له أن يتزوج الزانية؛ لأن اشتغالهما بالحلال خير من اشتغالهما بالحرام.

ومن العلماء من قال: إن هذه الآية الكريمة ليست في الزواج وإنما هي في الوطء، والمقصود بها أن الزاني لا يطأ زانية أو مشركة، أي: لا يزني إلا بزانية أو مشركة، فالمراد بالنكاح هنا الوطء؛ لأن الله قال:((إِلَّا زَانٍ أَوْ مُشْرِكٌ)) قالوا: فقد جاء ذكر المشرك، والمشرك لا يمكن بحال أن يعقد على مسلمة، فلا يجوز للمشرك أن يتزوج مسلمة ولا يجوز للمسلمة أن ينكحها مشرك، فقالوا: فالنكاح هنا يراد به الوطء، وعلى هذا فالزاني لا يطأ إلا زانية، يعني: فاجرة مثله، أو مشركة لا تعترف بحلال ولا حرام، وكذلك العكس:((وَالزَّانِيَةُ لا يَنكِحُهَا إِلَّا زَانٍ)) مثلها ((أَوْ مُشْرِكٌ)) لا يفرق بين الحلال والحرام، ويستحل الزنا.

قالوا: فذكر المشرك هنا يدل على أن المراد به الوطء.

ولكن الحديث الذي أورده المصنف هنا في سبب نزول الآية وهو: أن الرسول صلى الله عليه وسلم تلاها عليه وقال: [(لا تنكحها)] يدل على أن المقصود بذلك الزواج.

وقد تكلم شيخنا الشيخ محمد الأمين الشنقيطي رحمه الله تعالى على هذه الآية في (أضواء البيان) وقال: إن هذه من أصعب المسائل؛ لأن القرينة التي في الآية تدل على أن المراد بالنكاح الوطء، وسبب النزول يدل على أن المراد بالنكاح الزواج، قال: والتخلص -يعني: من هذا الإشكال- صعب ولا يتم إلا بنوع من التكلف والتعسف، ثم أشار إلى شيء من ذلك وقال: إن النكاح يحمل على أنه مشترك في المعنيين، فيطلق على الوطء وعلى النكاح، فيكون المراد به النكاح باعتبار والوطء باعتبار.

ومعنى ذلك أنه إن قصد به الوطء في الزنا فذلك لدلالة ذكر المشرك عليه، فيكون المراد به الوطء لقرينة ذكر المشرك، والحديث الذي ورد بأن النبي صلى الله عليه وسلم نهاه عن أن يتزوجها يدل على أن المراد بذلك الزواج، فتكون الآية تفسر بالمعنيين، فتحمل على المعنيين الذين يدل عليهما اللفظ بالاشتراك، وهما: الوطء والزواج.

والحاصل أن الزواج بالزانية من العفيف لا يجوز كما يدل عليه الحديث، وأما زواج الزاني بالزانية فإنه سائغ، لقوله صلى الله عليه وسلم:(لا ينكح الزاني المجلود إلا مثله) في الحديث الآتي، وقوله:(المجلود) يعني: أنه ظهر زناه وتحقق لوجود الجلد فيه، فالزاني الذي تحقق زناه لا ينكح إلا مثله.

فالذي يظهر أن العفيف لا يتزوج الفاجرة الزانية، وأما الزاني فإنه يتزوجها بدلاً من أن يشتغلا بالحرام.

وأما الحديث ففيه أن مرثد بن أبي مرثد الغنوي جاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم، وكان يحمل الأسارى من مكة إلى المدينة، وكان هناك بغي بمكة يقال لها: عناق، وكانت صاحبته، فاستأذن النبي صلى الله عليه وسلم في زواجها فتلا عليه الآية وقال له:[(لا تنكحها)]، فيدل على أن العفيف لا يجوز له أن ينكح الزانية، وأن الزاني له أن ينكح الزانية التي تكون مثله، وأما المشرك فإنه لا يجوز له أن ينكح المسلمة مطلقاً لما جاء من نصوص الكتاب والسنة في ذلك.

والمراد بكون العفيف لا يتزوج الزانية هو قبل توبتها، وأما إذا تابت فالتوبة تجب ما قبلها، والله تعالى يتوب على من تاب، وللعفيف أن يتزوجها.

ص: 33