الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
[كِتَابُ الْفِتَنِ وَالْمَلَاحِمِ وَأَشْرَاطِ السَّاعَةِ وَالْأُمُورِ الْعِظَامِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ]
[مُقَدِّمَةُ الْمُصَنِّفِ]
بسم الله الرحمن الرحيم
اللَّهُمَّ يَسِّرْ وَأَعِنْ.
قَالَ الشَّيْخُ الْإِمَامُ الْعَالِمُ الْعَلَّامَةُ أَبُو الْفِدَاءِ عِمَادُ الدِّينِ إِسْمَاعِيلُ بْنُ كَثِيرٍ، رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى: هَذَا كِتَابُ الْفِتَنِ وَالْمَلَاحِمِ الْوَاقِعَةِ فِي آخِرِ الزَّمَانِ مِمَّا أَخْبَرَ بِهِ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، وَذِكْرِ أَشْرَاطِ السَّاعَةِ وَالْأُمُورِ الْعِظَامِ الَّتِي تَكُونُ قَبْلَ يَوْمِ الْقِيَامَةِ، مِمَّا يَجِبُ الْإِيمَانُ بِهَا. الصَّادِقُ الْمَصْدُوقُ قَدْ أَخْبَرَ بِهَا، وَهُوَ لَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى.
وَقَدْ ذَكَرْنَا فِيمَا تَقَدَّمَ مِنْ كِتَابِنَا هَذَا إِخْبَارَهُ صلى الله عليه وسلم عَنِ الْغُيُوبِ الْمَاضِيَةِ، وَبَسَطْنَاهُ فِي بَدْءِ الْخَلْقِ، وَقَصَصِ الْأَنْبِيَاءِ، وَأَيَّامِ النَّاسِ إِلَى زَمَانِنَا، وَأَتْبَعْنَا ذَلِكَ بِذِكْرِ سِيرَتِهِ صلى الله عليه وسلم وَأَيَّامِهِ، وَذِكْرِ شَمَائِلِهِ وَدَلَائِلِ نُبُوَّتِهِ، وَذَكَرْنَا فِيهَا مَا أَخْبَرَ بِهِ مِنَ الْغُيُوبِ الَّتِي وَقَعَتْ بَعْدَهُ صلى الله عليه وسلم طِبْقَ إِخْبَارِهِ، كَمَا شُوهِدَ ذَلِكَ عِيَانًا قَبْلَ زَمَانِنَا هَذَا، وَقَدْ أَوْرَدْنَا جُمْلَةَ ذَلِكَ فِي آخِرِ كِتَابِ دَلَائِلِ النُّبُوَّةِ مِنْ سِيرَتِهِ، وَذَكَرْنَا عِنْدَ كُلِّ زَمَانٍ مَا وَرَدَ فِيهِ مِنَ الْحَدِيثِ الْخَاصِّ بِهِ عِنْدَ ذِكْرِ حَوَادِثِ الزَّمَانِ، وَوَفَيَاتِ الْأَعْيَانِ، كَمَا بَسَطْنَا فِي كُلِّ سَنَةٍ مَا حَدَثَ فِيهَا مِنَ الْأُمُورِ الْغَرِيبَةِ، وَتَرْجَمْنَا مَنْ تُوُفِّيَ فِيهَا مِنْ مَشَاهِيرِ النَّاسِ; مِنَ الصِّحَابَةِ وَالْخُلَفَاءِ، وَالْمُلُوكِ وَالْوُزَرَاءِ وَالْأُمَرَاءِ، وَالْفُقَهَاءِ وَالصُّلَحَاءِ، وَالشُّعَرَاءِ وَالنُّحَاةِ وَالْأُدَبَاءِ، وَالْمُتَكَلِّمِينَ ذَوِي الْآرَاءِ، وَغَيْرِهِمْ مِنَ النُّبَلَاءِ، وَلَوْ أَعَدْنَا الْأَحَادِيثَ الْمَذْكُورَةَ
فِيمَا تَقَدَّمَ لَطَالَ ذَلِكَ، وَلَكِنْ نُشِيرُ إِلَى ذَلِكَ، إِشَارَةً لَطِيفَةً، ثُمَّ نَعُودُ إِلَى مَا قَصَدْنَا لَهُ هَاهُنَا وَبِاللَّهِ الْمُسْتَعَانُ.
فَمِنْ ذَلِكَ «قَوْلُهُ صلى الله عليه وسلم لِتِلْكَ الْمَرْأَةِ الَّتِي قَالَتْ: أَرَأَيْتَ إِنْ لَمْ أَجِدْكَ؟ كَأَنَّهَا تُرِيدُ الْمَوْتَ، فَقَالَ: " إِنْ لَمْ تَجِدِينِي فَأْتِي أَبَا بَكْرٍ ".» رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ، فَكَانَ الْقَائِمَ بِالْأَمْرِ بَعْدَهُ أَبُو بَكْرٍ. وَقَوْلُهُ صلى الله عليه وسلم حِينَ أَرَادَ أَنْ يَكْتُبَ لِلصِّدِّيقِ كِتَابًا بِالْخِلَافَةِ فَتَرَكَهُ; لِعِلْمِهِ أَنَّ أَصْحَابَهُ لَا يَعْدِلُونَ عَنْ أَبِي بَكْرٍ إِلَى غَيْرِهِ; لِعِلْمِهِمْ بِسَابِقَتِهِ وَأَفْضَلِيَّتِهِ، رضي الله عنه، فَقَالَ:" «يَأْبَى اللَّهُ وَالْمُؤْمِنُونَ إِلَّا أَبَا بَكْرٍ» ". وَهُوَ فِي الصَّحِيحِ أَيْضًا. وَقَوْلُهُ صلى الله عليه وسلم: " «اقْتَدُوا بِاللَّذَيْنِ مِنْ بَعْدِي، أَبِي بَكْرٍ، وَعُمْرَ» ". رَوَاهُ أَحْمَدُ، وَابْنُ مَاجَهْ، وَالتِّرْمِذِيُّ وَحَسَّنَهُ، وَصَحَّحَهُ ابْنُ حِبَّانَ، وَهُوَ مِنْ رِوَايَةِ حُذَيْفَةَ بْنِ الْيَمَانِ. وَقَدْ رُوِيَ مِنْ طَرِيقِ ابْنِ مَسْعُودٍ، وَابْنِ عُمَرَ، وَأَبِي الدَّرْدَاءِ، رضي الله عنهم. وَقَدْ بَسَطْنَا الْقَوْلَ فِي هَذَا فِي فَضَائِلِ الشَّيْخَيْنِ.
وَالْمَقْصُودُ: أَنَّهُ وَقَعَ الْأَمْرُ كَذَلِكَ؟ وَلِيَ أَبُو بَكْرٍ الصِّدِّيقُ الْخِلَافَةَ بَعْدَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، ثُمَّ وَلِيَهَا بَعْدَهُ عُمَرُ، كَمَا أَخْبَرَ صلى الله عليه وسلم سَوَاءً بِسَوَاءٍ.
وَرَوَى مَالِكٌ وَاللَّيْثُ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنِ ابْنٍ لِكَعْبِ بْنِ مَالِكٍ، عَنْ أَبِيهِ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ:«إِذَا افْتَتَحْتُمْ مِصْرَ فَاسْتَوْصُوا بِالْقِبْطِ ". وَفِي رِوَايَةٍ: " فَاسْتَوْصُوا بِأَهْلِهَا خَيْرًا، فَإِنَّ لَهُمْ ذِمَّةً وَرَحِمًا ".» وَقَدِ افْتَتَحَهَا عَمْرُو بْنُ الْعَاصِ