المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌[ذكر ما ورد في الحوض النبوي المحمدي] - البداية والنهاية - ت التركي - جـ ١٩

[ابن كثير]

فهرس الكتاب

- ‌[كِتَابُ الْفِتَنِ وَالْمَلَاحِمِ وَأَشْرَاطِ السَّاعَةِ وَالْأُمُورِ الْعِظَامِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ]

- ‌[مُقَدِّمَةُ الْمُصَنِّفِ]

- ‌[خَبَرُ الْأُبُلَّةِ]

- ‌[ذِكْرُ قِتَالِ الْهِنْدِ]

- ‌[حَدِيثُ مُعَاوِيَةَ بْنِ أَبِي سُفْيَانَ فِي قِتَالِ التُّرْكِ]

- ‌[حَدِيثُ عُبَادَةَ فِيمَا يَتَعَلَّقُ بِمَا بَعْدَ الْمِائَةِ سَنَةٍ]

- ‌[حَدِيثٌ فِيمَا بَعْدَ الْمِائَتَيْنِ مِنَ الْهِجْرَةِ]

- ‌[ذِكْرُ سَنَةِ خَمْسِمِائَةٍ]

- ‌[ذِكْرُ الْخَبَرِ الْوَارِدِ فِي ظُهُورِ نَارٍ مِنْ أَرْضِ الْحِجَازِ أَضَاءَتْ لَهَا أَعْنَاقُ الْإِبِلِ بِبُصْرَى]

- ‌[ذِكْرُ إِخْبَارِهِ صلى الله عليه وسلم بِالْغُيُوبِ الْمُسْتَقْبَلَةِ بَعْدَ زَمَانِنَا هَذَا]

- ‌[بَابُ ذِكْرِ الْفِتَنِ جُمْلَةً ثُمَّ نُفَصِّلُ ذِكْرَهَا بَعْدَ ذَلِكَ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى]

- ‌[بَابُ افْتِرَاقِ الْأُمَمِ]

- ‌[ذِكْرُ شُرُورٍ تَحْدُثُ فِي هَذِهِ الْأُمَّةِ فِي آخِرِ الزَّمَانِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي ذِكْرِ الْمَهْدِيِّ الَّذِي يَكُونُ فِي آخِرِ الزَّمَانِ]

- ‌[ذِكْرُ أَنْوَاعٍ مِنَ الْفِتَنِ وَقَعَتْ وَسَتَكْثُرُ وَتَتَفَاقَمُ فِي آخِرِ الزَّمَانِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي تَعْدَادِ الْآيَاتِ وَالْأَشْرَاطِ الْوَاقِعَةِ]

- ‌[ذِكْرُ قِتَالِ الْمَلْحَمَةِ مَعَ الرُّومِ الَّذِي يَكُونُ آخِرُهُ فَتْحَ الْقُسْطَنْطِينِيَّةِ]

- ‌[ذِكْرُ خُرُوجِ الدَّجَّالِ بَعْدَ وُقُوعِ الْمَلْحَمَةِ الرُّومِيَّةِ وَفَتْحِ الْقُسْطَنْطِينِيَّةِ]

- ‌[الْكَلَامُ عَلَى أَحَادِيثِ الدَّجَّالِ]

- ‌[حَدِيثُ فَاطِمَةَ بِنْتِ قَيْسٍ فِي الدَّجَّالِ]

- ‌[حَدِيثُ النَّوَّاسِ بْنِ سَمْعَانَ الْكِلَابِيِّ عَنِ الدَّجَّالِ]

- ‌[حَدِيثٌ عَنْ أَبِي أُمَامَةَ الْبَاهِلِيِّ صُدَيِّ بْنِ عَجْلَانَ فِي مَعْنَى حَدِيثِ النَّوَّاسِ بْنِ سَمْعَانَ]

- ‌[ذِكْرُ أَحَادِيثَ مَنْثُورَةٍ فِي الدَّجَّالِ]

- ‌[ذِكْرُ مَا يَعْصِمُ مِنَ الدَّجَّالِ]

- ‌[مُلَخَّصُ سِيرَةِ الدَّجَّالِ]

- ‌[صِفَةُ الدَّجَّالِ]

- ‌[خَبَرٌ عَجِيبٌ وَنَبَأٌ غَرِيبٌ]

- ‌[ذِكْرُ نُزُولِ عِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ مِنَ السَّمَاءِ الدُّنْيَا إِلَى الْأَرْضِ فِي آخِرِ الزَّمَانِ]

- ‌[ذِكْرُ الْأَحَادِيثِ الْوَارِدَةِ فِي ذَلِكَ]

- ‌[حَدِيثٌ عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ فِي أَمْرِ السَّاعَةِ]

- ‌[صِفَةُ الْمَسِيحِ عِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ رَسُولِ اللَّهِ عليه السلام]

- ‌[ذِكْرُ خُرُوجِ يَأْجُوجَ وَمَأْجُوجَ]

- ‌[ذِكْرُ تَخْرِيبِ الْكَعْبَةِ شَرَّفَهَا اللَّهُ عَلَى يَدَيْ ذِي السُّوَيْقَتَيْنِ الْأَفْحَجِ الْحَبَشِيِّ]

- ‌[ذِكْرُ تَخْرِيبِهِ إِيَّاهَا]

- ‌[الْمَدِينَةُ النَّبَوِيَّةُ لَا يَدْخُلُهَا الدَّجَّالُ]

- ‌[خُرُوجُ الدَّابَّةِ]

- ‌[حَدِيثٌ عَنْ أَبِي أُمَامَةَ]

- ‌[ذِكْرُ طُلُوعِ الشَّمْسِ مِنْ مَغْرِبِهَا]

- ‌[ذِكْرُ الدُّخَانِ الَّذِي يَكُونُ قَبْلَ يَوْمِ الْقِيَامَةِ]

- ‌[ذِكْرُ الصَّوَاعِقِ الَّتِي تَكُونُ عِنْدَ اقْتِرَابِ السَّاعَةِ]

- ‌[ذِكْرُ وُقُوعِ الْمَطَرِ الشَّدِيدِ قَبْلَ يَوْمِ الْقِيَامَةِ]

- ‌[بَابُ ذِكْرِ أُمُورٍ لَا تَقُومُ السَّاعَةُ حَتَّى تَكُونَ، مِنْهَا مَا قَدْ وَقَعَ، وَمِنْهَا مَا لَمْ يَقَعْ بَعْدُ]

- ‌[صِفَةُ أَهْلِ آخِرِ الزَّمَانِ]

- ‌[ذِكْرُ طُرُقِ حَدِيثِ بُعِثْتُ أَنَا وَالسَّاعَةَ كَهَاتَيْنِ]

- ‌[حَدِيثٌ فِي تَقْرِيبِ يَوْمِ الْقِيَامَةِ بِالنِّسْبَةِ إِلَى مَا سَلَفَ مِنَ الْأَزْمِنَةِ]

- ‌[ذِكْرُ دُنُوِّ السَّاعَةِ وَاقْتِرَابِهَا]

- ‌[ذِكْرُ زَوَالِ الدُّنْيَا وَإِقْبَالِ الْآخِرَةِ]

- ‌[حَدِيثُ الصُّورِ بِطُولِهِ]

- ‌[النَّفْخُ فِي الصُّورِ]

- ‌[ذِكْرُ أَمْرِ هَذِهِ النَّارِ وَحَشْرِهَا النَّاسَ إِلَى أَرْضِ الشَّامِ]

- ‌ نَفْخَةِ الصَّعْقِ

- ‌[فَصْلٌ اللَّهُ يَقْبِضُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ الْأَرَضِينَ وَتَكُونُ السَّمَاوَاتُ بِيَمِينِهِ]

- ‌[سِتُّ آيَاتٍ قَبْلَ يَوْمِ الْقِيَامَةِ]

- ‌[نَفْخَةُ الْبَعْثِ]

- ‌[ذِكْرُ أَحَادِيثَ فِي الْبَعْثِ]

- ‌[حَدِيثُ أَبِي رَزِينٍ فِي الْبَعْثِ وَالنُّشُورِ]

- ‌[ذِكْرُ أَسْمَاءِ يَوْمِ الْقِيَامَةِ]

- ‌[ذِكْرُ أَنَّ يَوْمَ الْقِيَامَةِ هُوَ يَوْمُ النَّفْخِ فِي الصُّورِ لِبَعْثِ الْأَجْسَادِ مِنْ قُبُورِهَا وَأَنَّ ذَلِكَ يَكُونُ فِي يَوْمِ الْجُمُعَةِ]

- ‌[ذِكْرُ أَنَّ أَوَّلَ مَنْ تَنْشَقُّ عَنْهُ الْأَرْضُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم]

- ‌[ذِكْرُ بَعْثِ النَّاسِ حُفَاةً عُرَاةً غُرْلًا، وَذِكْرُ أَوَّلِ مَنْ يُكْسَى يَوْمَئِذٍ مِنَ النَّاسِ]

- ‌[ذِكْرُ شَيْءٍ مِنْ أَهْوَالِ يَوْمِ الْقِيَامَةِ]

- ‌[ذِكْرُ الْأَحَادِيثِ وَالْأَثَارِ الدَّالَّةِ عَلَى أَهْوَالِ يَوْمِ الْقِيَامَةِ]

- ‌[فَصْلٌ إِذَا قَامَ النَّاسُ مِنْ قُبُورِهِمْ وَجَدُوا الْأَرْضَ غَيْرَ صِفَةِ الْأَرْضِ الَّتِي كَانُوا فِيهَا]

- ‌[ذِكْرُ طُولِ يَوْمِ الْقِيَامَةِ وَمَا وَرَدَ فِي مِقْدَارِهِ]

- ‌[ذِكْرُ الْمَقَامِ الْمَحْمُودِ الَّذِي خُصَّ بِهِ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مِنْ بَيْنِ سَائِرِ الْأَنْبِيَاءِ عَلَيْهِمُ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ]

- ‌[ذِكْرُ مَا وَرَدَ فِي الْحَوْضِ النَّبَوِيِّ الْمُحَمَّدِيِّ]

- ‌[ذِكْرُ أَنَّ لِكُلِّ نَبِيٍّ حَوْضًا وَأَنَّ حَوْضَ نَبِيِّنَا مُحَمَّدٍ صلى الله عليه وسلم وَعَلَيْهِمْ أَجْمَعِينَ أَعْظَمُهَا وَأَجَلُّهَا]

- ‌[فَصْلٌ فِي مَجِيءِ الرَّبِّ سبحانه وتعالى كَمَا يَشَاءُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ لِفَصْلِ الْقَضَاءِ بَيْنَ خَلْقِهِ]

- ‌[ذِكْرُ كَلَامِ الرَّبِّ تَعَالَى مَعَ آدَمَ عليه السلام]

- ‌[كَلَامُ الرَّبِّ تَعَالَى مَعَ نُوحٍ عليه السلام وَسُؤَالُهُ إِيَّاهُ عَنِ الْبَلَاغِ]

- ‌[ذِكْرُ تَشْرِيفِ إِبْرَاهِيمَ الْخَلِيلِ عليه السلام يَوْمَ الْقِيَامَةِ عَلَى رُءُوسِ الْأَشْهَادِ]

- ‌[ذِكْرُ مُوسَى صلى الله عليه وسلم وَظُهُورِ شَرَفِهِ وَجَلَالَتِهِ وَكَرَامَتِهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ]

- ‌[ذِكْرُ عِيسَى عليه الصلاة والسلام وَكَلَامِ الرَّبِّ مَعَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ]

- ‌[ذِكْرُ مَا وَرَدَ فِي كَلَامِ الرَّبِّ سُبْحَانَهُ مَعَ الْعُلَمَاءِ يَوْمَ فَصْلِ الْقَضَاءِ]

- ‌[ذِكْرُ أَوَّلِ كَلَامِهِ عز وجل لِلْمُؤْمِنِينَ]

- ‌[فَصْلٌ فِي مُخَاطَبَةِ اللَّهِ عز وجل لِعَبْدِهِ الْكَافِرِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي إِبْرَازِ النِّيرَانِ، وَالْجِنَانِ، وَنَصْبِ الْمِيزَانِ، وَمُحَاسَبَةِ الدَّيَّانِ]

- ‌[ذِكْرُ إِبْدَاءِ عُنُقٍ مِنَ النَّارِ إِلَى الْمَحْشَرِ فَيَطَّلِعُ عَلَى النَّاسِ]

- ‌[ذِكْرُ الْمِيزَانِ]

- ‌[بَيَانُ كَوْنِ الْمِيزَانِ لَهُ كِفَّتَانِ حِسِّيَّتَانِ مُشَاهَدَتَانِ]

- ‌[إِنْكَارُ الْمُعْتَزِلَةِ لِلْمِيزَانِ وَالرَّدِّ عَلَيْهِمْ]

- ‌[الْحُكْمُ فِيمَنْ ثَقُلَتْ حَسَنَاتُهُ عَلَى سَيِّئَاتِهِ بِحَسَنَةٍ أَوْ بِحَسَنَاتٍ]

الفصل: ‌[ذكر ما ورد في الحوض النبوي المحمدي]

[ذِكْرُ مَا وَرَدَ فِي الْحَوْضِ النَّبَوِيِّ الْمُحَمَّدِيِّ]

ِّ، سَقَانَا اللَّهُ مِنْهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، مِنَ الْأَحَادِيثِ الْمُتَوَاتِرَةِ الْمُتَعَدِّدَةِ مِنَ الطُّرُقِ الْكَثِيرَةِ الْمُتَضَافِرَةِ، وَإِنْ رَغِمَتْ أُنُوفُ كَثِيرٍ مِنَ الْمُبْتَدِعَةِ النَّافِرَةِ الْمُكَابِرَةِ الْقَائِلِينَ بِجُحُودِهِ، الْمُنْكِرِينَ لِوُجُودِهِ، وَأَخْلِقْ بِهِمْ أَنْ يُحَالَ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ وُرُودِهِ، كَمَا قَالَ بَعْضُ السَّلَفِ: مَنْ كَذَّبَ بِكَرَامَةٍ لَمْ يَنَلْهَا. وَلَوِ اطَّلَعَ الْمُنْكِرُ لِلْحَوْضِ عَلَى مَا سَنُورِدُهُ مِنَ الْأَحَادِيثِ قَبْلَ مَقَالَتِهِ لَمْ يَقُلْهَا

رَوَى أَحَادِيثَ الْحَوْضِ جَمَاعَةٌ مِنَ الصَّحَابَةِ رضي الله عنهم، مِنْهُمْ: أُبَيُّ بْنُ كَعْبٍ، وَأَنَسُ بْنُ مَالِكٍ، وَبُرَيْدَةُ بْنُ الْحُصَيْبِ، وَثَوْبَانُ مَوْلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، وَجَابِرُ بْنُ سَمُرَةَ، وَجَابِرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، وَجُنْدَبُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْبَجَلِيُّ، وَحَارِثَةُ بْنُ وَهْبٍ، وَحُذَيْفَةُ بْنُ أَسِيدٍ، وَحُذَيْفَةُ بْنُ الْيَمَانِ، وَالْحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ، وَحَمْزَةُ بْنُ عَبْدِ الْمَطَّلِبِ، وَزَيْدُ بْنُ أَرْقَمَ، وَسَلْمَانُ الْفَارِسِيُّ، وَسَمُرَةُ بْنُ جُنْدُبٍ، وَسَهْلُ بْنُ سَعْدٍ، وَسُوَيْدُ بْنُ جَبَلَةَ، وَعَبْدُ اللَّهِ الصُّنَابِحِيُّ، وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ زَيْدِ بْنِ عَاصِمٍ، وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبَّاسٍ، وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ، وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ، وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْعُودٍ، وَعُتْبَةُ بْنُ عَبْدٍ السُّلَمِيُّ، وَعُثْمَانُ بْنُ مَظْعُونٍ، وَالْمُسْتَوْرِدُ، وَعُقْبَةُ بْنُ عَامِرٍ الْجُهَنِيُّ، وَالنَّوَّاسُ بْنُ سَمْعَانَ، وَأَبُو أُمَامَةَ

ص: 423

الْبَاهِلِيُّ، وَأَبُو بَرْزَةَ الْأَسْلَمِيُّ، وَأَبُو بَكْرَةَ، وَأَبُو ذَرٍّ الْغِفَارِيُّ، وَأَبُو سَعِيدٍ الْخُدْرِيُّ، وَأَبُو هُرَيْرَةَ الدَّوْسِيُّ، وَخَوْلَةُ بِنْتُ قَيْسٍ، وَأَسْمَاءُ بِنْتُ أَبِي بَكْرٍ، وَعَائِشَةُ، وَأُمُّ سَلَمَةَ، رضي الله عنهم أَجْمَعِينَ.

رِوَايَةُ أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ الْأَنْصَارِيِّ، رضي الله عنه: قَالَ أَبُو الْقَاسِمِ الطَّبَرَانِيُّ: حَدَّثَنَا أَبُو زُرْعَةَ الدِّمَشْقِيُّ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الصَّلْتِ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الْغَفَّارِ بْنُ الْقَاسِمِ، عَنْ عَدِيِّ بْنِ ثَابِتٍ، عَنْ زِرِّ بْنِ حُبَيْشٍ، عَنْ أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ، «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم ذَكَرَ الْحَوْضَ، فَقَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، وَمَا الْحَوْضُ؟ فَقَالَ: " مَاؤُهُ أَشَدُّ بَيَاضًا مِنَ اللَّبَنِ، وَأَبْرَدُ مِنَ الثَّلْجِ، وَأَحْلَى مِنَ الْعَسَلِ، وَأَطْيَبُ رِيحًا مِنَ الْمِسْكِ، مَنْ شَرِبَ مِنْهُ شَرْبَةً لَمْ يَظْمَأْ أَبَدًا، وَمَنْ صُرِفَ عَنْهُ لَمْ يَرْوَ أَبَدًا» ".

وَرَوَاهُ أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي عَاصِمٍ، فِي كِتَابِ " السُّنَّةِ ": حَدَّثَنَا عُقْبَةُ بْنُ مُكْرَمٍ، حَدَّثَنَا يُونُسُ بْنُ بُكَيْرٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الْغَفَّارِ بْنُ الْقَاسِمِ، فَذَكَرَهُ بِإِسْنَادِهِ، وَلَفْظِهِ:«قِيلَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، وَمَا الْحَوْضُ؟ قَالَ: " وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ، إِنَّ شَرَابَهُ أَبْيَضُ مِنَ اللَّبَنِ، وَأَحْلَى مِنَ الْعَسَلِ، وَأَبْرَدُ مِنَ الثَّلْجِ، وَأَطْيَبُ رِيحًا مِنَ الْمِسْكِ، وَآنِيَتَهُ أَكْثَرُ عَدَدًا مِنَ النُّجُومِ، لَا يَشْرَبُ مِنْهُ إِنْسَانٌ فَيَظْمَأَ أَبَدًا، وَلَا يُصْرَفُ عَنْهُ إِنْسَانٌ فَيَرْوَى أَبَدًا» ". لَمْ يُخْرِجْهُ أَحَدٌ مِنْ أَصْحَابِ الْكُتُبِ، وَلَا الْإِمَامُ أَحْمَدُ.

ص: 424

رِوَايَةُ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ الْأَنْصَارِيِّ خَادِمِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم: قَالَ الْبُخَارِيُّ؟ حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ عُفَيْرٍ، حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ، عَنْ يُونُسَ، قَالَ ابْنُ شِهَابٍ: حَدَّثَنِي أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ، رضي الله عنه; أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ:" «إِنَّ قَدْرَ حَوْضِي كَمَا بَيْنَ أَيْلَةَ وَصَنْعَاءَ مِنَ الْيَمَنِ، وَإِنَّ فِيهِ مِنَ الْأَبَارِيقِ كَعَدَدِ نُجُومِ السَّمَاءِ» ". وَكَذَا رَوَاهُ مُسْلِمٌ، عَنْ حَرْمَلَةَ، عَنِ ابْنِ وَهْبٍ بِهِ.

طَرِيقٌ أُخْرَى عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، رضي الله عنه: قَالَ الْبُخَارِيُّ: حَدَّثَنَا مُسْلِمُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، حَدَّثَنَا وُهَيْبٌ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ، عَنْ أَنْسٍ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ:" «لَيَرِدَنَّ عَلَيَّ نَاسٌ مِنْ أُصَيْحَابِي الْحَوْضَ، حَتَّى إِذَا عَرَفْتُهُمُ اخْتُلِجُوا دُونِي، فَأَقُولُ: أَصْحَابِي. فَيَقُولُ: لَا تَدْرِي مَا أَحْدَثُوا بَعْدَكَ» ". وَرَوَاهُ مُسْلِمٌ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ حَاتِمٍ، عَنْ عَفَّانَ، عَنْ وَهْبِ بْنِ خَالِدٍ، عَنْ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ صُهَيْبٍ بِهِ.

طَرِيقٌ أُخْرَى عَنْ أَنَسٍ: قَالَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ فُضَيْلٍ، عَنِ الْمُخْتَارِ بْنِ فُلْفُلٍ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، قَالَ: «أَغْفَى رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إِغْفَاءَةً، فَرَفَعَ رَأْسَهُ مُتَبَسِّمًا، إِمَّا قَالَ لَهُمْ، وَإِمَّا قَالُوا لَهُ: لِمَ ضَحِكْتَ؟ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:

ص: 425

إِنَّهُ أُنْزِلَتْ عَلَيَّ آنِفًا سُورَةٌ " فَقَرَأَ: " بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ {إِنَّا أَعْطَيْنَاكَ الْكَوْثَرَ} [الكوثر: 1] حَتَّى خَتَمَهَا، ثُمَّ قَالَ:" هَلْ تَدْرُونَ مَا الْكَوْثَرُ " قَالُوا: اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ، قَالَ:" هُوَ نَهْرٌ أَعْطَانِيهِ رَبِّي عز وجل فِي الْجَنَّةِ، عَلَيْهِ خَيْرٌ كَثِيرٌ، تَرِدُ عَلَيْهِ أُمَّتِي يَوْمَ الْقِيَامَةِ، آنِيَتُهُ عَدَدُ الْكَوَاكِبِ، يُخْتَلَجُ الْعَبْدُ مِنْهُمْ، فَأَقُولُ: يَا رَبِّ، إِنَّهُ مِنْ أُمَّتِي. فَيُقَالُ: إِنَّكَ لَا تَدْرِي مَا أَحْدَثُوا بَعْدَكَ» ". هَذَا ثُلَاثِيُّ الْإِسْنَادِ.

وَرَوَاهُ مُسْلِمٌ، وَأَبُو دَاوُدَ، وَالنَّسَائِيُّ، مِنْ حَدِيثِ ابْنِ فُضَيْلٍ، وَعَلِيِّ بْنِ مُسْهِرٍ، كِلَاهُمَا عَنِ الْمُخْتَارِ بْنِ فُلْفُلٍ، عَنْ أَنَسٍ، بِهِ.

وَلَفْظُ مُسْلِمٍ: " «فَإِنَّهُ نَهَرٌ وَعَدَنِيهِ رَبِّي عز وجل، عَلَيْهِ خَيْرٌ كَثِيرٌ، هُوَ حَوْضٌ تَرِدُ عَلَيْهِ أُمَّتِي يَوْمَ الْقِيَامَةِ» ". وَالْبَاقِي مِثْلُهُ. وَمَعْنَى ذَلِكَ: أَنَّهُ يَشْخُبُ مِنَ الْكَوْثَرِ وَهُوَ فِي الْجَنَّةِ مِيزَابَانِ إِلَى الْحَوْضِ، وَالْحَوْضُ فِي مَوْقِفِ الْقِيَامَةِ قَبْلَ الصِّرَاطِ; لِأَنَّهُ يُخْتَلَجُ عَنْهُ، وَيُمْنَعُ مِنْهُ أَقْوَامٌ قَدِ ارْتَدُّوا عَلَى أَعْقَابِهِمْ، وَمِثْلُ هَؤُلَاءِ لَا يُجَاوِزُونَ الصِّرَاطَ. كَمَا سَيَرِدُ هَذَا مِنْ طُرُقٍ مُتَعَدِّدَةٍ، وَجَاءَ مُصَرَّحًا بِهِ أَنَّهُ فِي الْعَرَصَاتِ، كَمَا سَتَرَاهُ قَرِيبًا إِنْ شَاءَ اللَّهُ. وَأَمَّا الْكَوْثَرُ فَإِنَّهُ نَهْرٌ فِي الْجَنَّةِ.

طَرِيقٌ أُخْرَى عَنْ أَنَسٍ، رضي الله عنه: قَالَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ: حَدَّثَنَا أَبُو عَامِرٍ، وَأَزْهَرُ بْنُ الْقَاسِمِ، حَدَّثَنَا هِشَامٌ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أَنَسٍ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ

ص: 426

صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: " «مِثْلُ مَا بَيْنَ نَاحِيَتَيْ حَوْضِي مِثْلُ مَا بَيْنَ الْمَدِينَةِ وَصَنْعَاءَ، أَوْ مِثْلُ مَا بَيْنَ الْمَدِينَةِ وَعَمَّانَ» ".

وَرَوَاهُ مُسْلِمٌ، عَنْ هَارُونَ الْحَمَّالِ، عَنْ عَبْدِ الصَّمَدِ. وَأَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ أَيْضًا عَنْ عَاصِمِ بْنِ النَّضْرِ الْأَحْوَلِ، عَنِ الْمُعْتَمِرِ بْنِ سُلَيْمَانَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أَنَسٍ، بِنَحْوِهِ.

طَرِيقٌ أُخْرَى عَنْهُ: قَالَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ: حَدَّثَنَا يُونُسُ، وَحَسَنُ بْنُ مُوسَى، قَالَا: حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ. وَرَوَاهُ أَحْمَدُ أَيْضًا عَنْ عَفَّانَ، عَنْ حَمَّادِ بْنِ سَلَمَةَ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ زَيْدٍ، عَنِ الْحَسَنِ، عَنْ أَنَسٍ; «أَنَّ قَوْمًا ذَكَرُوا عِنْدَ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ زِيَادٍ الْحَوْضَ فَأَنْكَرَهُ، وَقَالَ: مَا الْحَوْضُ؟ فَبَلَغَ ذَلِكَ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ، فَقَالَ: لَا جَرَمَ، وَاللَّهِ لَأَفْعَلَنَّ. فَأَتَاهُ، فَقَالَ: ذَكَرْتُمُ الْحَوْضَ؟ فَقَالَ عُبَيْدُ اللَّهِ: هَلْ سَمِعْتَ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَذْكُرُهُ؟ فَقَالَ: نَعَمْ، أَكْثَرَ مِنْ كَذَا وَكَذَا مَرَّةٍ يَقُولُ: " إِنَّ مَا بَيْنَ طَرَفَيْهِ كَمَا بَيْنَ أَيْلَةَ إِلَى مَكَّةَ أَوْ بَيْنَ صَنْعَاءَ وَمَكَّةَ، وَإِنَّ آنِيَتَهُ أَكْثَرُ مِنْ عَدَدِ نُجُومِ السَّمَاءِ» " انْفَرَدَ بِهِ أَحْمَدُ.

وَقَدْ رَوَاهُ يَحْيَى بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ صَاعِدٍ، عَنْ سَوَّارِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْقَاضِي الْعَنْبَرِيِّ، عَنْ مُعَاذِ بْنِ مُعَاذٍ الْعَنْبَرِيِّ، عَنْ أَشْعَثَ بْنِ عَبْدِ الْمَلِكِ الْحُمْرَانِيِّ، عَنِ الْحَسَنِ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: " «حَوْضِي مَا بَيْنَ كَذَا

ص: 427

إِلَى كَذَا، فِيهِ مِنَ الْآنِيَةِ عَدَدُ نُجُومِ السَّمَاءِ، أَحْلَى مِنَ الْعَسَلِ، وَأَبْرَدُ مِنَ الثَّلْجِ، وَأَبْيَضُ مِنَ اللَّبَنِ، مَنْ شَرِبَ مِنْهُ لَمْ يَظْمَأْ أَبَدًا، وَمَنْ لَمْ يَشْرَبْ مِنْهُ لَمْ يَرْوَ أَبَدًا» ".

طَرِيقٌ أُخْرَى: قَالَ أَبُو يَعْلَى: حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ، هُوَ ابْنُ سَلَامٍ، حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، عَنْ ثَابِتٍ، عَنْ أَنَسٍ; أَنَّ عُبَيْدَ اللَّهِ بْنَ زِيَادٍ قَالَ: يَا أَبَا حَمْزَةَ، هَلْ سَمِعْتَ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَذْكُرُ الْحَوْضَ؟ فَقَالَ: لَقَدْ تَرَكْتُ بِالْمَدِينَةِ عَجَائِزَ يُكْثِرْنَ أَنْ يَسْأَلْنَ اللَّهَ أَنْ يُورِدَهُنَّ حَوْضَ مُحَمَّدٍ صلى الله عليه وسلم.

طَرِيقٌ أُخْرَى: قَالَ أَبُو يَعْلَى أَيْضًا: حَدَّثَنَا أَبُو خَيْثَمَةَ، حَدَّثَنَا عُمَرُ بْنُ يُونُسَ الْحَنَفِيُّ، حَدَّثَنَا عِكْرِمَةُ، هُوَ ابْنُ عَمَّارٍ، عَنْ يَزِيدَ الرَّقَاشِيِّ، قَالَ: قُلْتُ: يَا أَبَا حَمْزَةَ، إِنَّ قَوْمًا يَشْهَدُونَ عَلَيْنَا بِالْكُفْرِ وَالشِّرْكِ. فَقَالَ أَنَسٌ: أُولَئِكَ شَرُّ الْخَلْقِ وَالْخَلِيقَةِ. قُلْتُ: وَيُكَذِّبُونَ بِالْحَوْضِ. فَقَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: " «إِنَّ لِي حَوْضًا عَرْضُهُ كَمَا بَيْنَ أَيْلَةَ، إِلَى الْكَعْبَةِ - أَوْ قَالَ: صَنْعَاءَ - أَشَدُّ بَيَاضًا مِنَ اللَّبَنِ، وَأَحْلَى مِنَ الْعَسَلِ، فِيهِ آنِيَةٌ عَدَدُ نُجُومِ السَّمَاءِ، يَمُدُّهُ مِيزَابَانِ مِنَ الْجَنَّةِ، مَنْ كَذَّبَ بِهِ لَمْ يُصِبْ مِنْهُ الشُّرْبَ» ".

طَرِيقٌ أُخْرَى: قَالَ الْحَافِظُ أَبُو بَكْرٍ أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ الْخَالِقِ الْبَزَّارُ فِي مُسْنَدِهِ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مَعْمَرٍ، حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ، حَدَّثَنَا الْمَسْعُودِيُّ، عَنْ عَدِيِّ بْنِ ثَابِتٍ، عَنْ أَنَسٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: " «حَوْضِي مِنْ كَذَا إِلَى كَذَا، فِيهِ مِنَ الْآنِيَةِ

ص: 428

عَدَدُ النُّجُومِ، أَطْيَبُ رِيحًا مِنَ الْمِسْكِ، وَأَحْلَى مِنَ الْعَسَلِ، وَأَبْرَدُ مِنَ الثَّلْجِ، وَأَبْيَضُ مِنَ اللَّبَنِ، مَنْ شَرِبَ مِنْهُ شَرْبَةً لَمْ يَظْمَأْ أَبَدًا، وَمَنْ لَمْ يَشْرَبْ مِنْهُ لَمْ يَرْوَ أَبَدًا،» ثُمَّ قَالَ: لَا نُعْلَمُهُ يُرْوَى بِهَذَا اللَّفْظِ إِلَّا عَنْ أَنَسٍ بِهَذَا الْإِسْنَادِ، وَلَمْ يَرْوِ عَدِيُّ بْنُ ثَابِتٍ عَنْ أَنَسٍ سِوَاهُ، وَلَا رَوَاهُ عَنْهُ إِلَّا الْمَسْعُودِيُّ. وَهَذَا إِسْنَادٌ جَيِّدٌ، وَلَمْ يَرْوِهِ أَحَدٌ مِنْ أَصْحَابِ الْكُتُبِ، وَلَا أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ.

طَرِيقٌ أُخْرَى: قَالَ ابْنُ أَبِي الدُّنْيَا: حَدَّثَنِي الْحَسَنُ بْنُ الصَّبَّاحِ، حَدَّثَنَا مَكِّيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ عُبَيْدَةَ، عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ أَنَسٍ، عَنْ جَدِّهِ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ:" «أُرِيتُ حَوْضِي، فَإِذَا عَلَى حَافَّتَيْهِ آنِيَةٌ مِثْلُ نُجُومِ السَّمَاءِ، فَأَدْخَلْتُ يَدِي، فَإِذَا عَنْبَرٌ أَذْفَرُ» ".

رِوَايَةُ بُرَيْدَةَ بْنِ الْحُصَيْبِ الْأَسْلَمِيِّ: قَالَ أَبُو يَعْلَى: حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ مَعِينٍ، حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ يَمَانٍ، عَنْ عَائِذِ بْنِ نُسَيْرٍ الْعِجْلِيِّ عَنْ عَلْقَمَةَ بْنِ مَرْثَدٍ، عَنِ ابْنِ بُرَيْدَةَ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: " «حَوْضِي كَمَا بَيْنَ عَمَّانَ إِلَى الْيَمَنِ، فِيهِ آنِيَةٌ عَدَدُ نُجُومِ السَّمَاءِ، مَنْ شَرِبَ مِنْهُ شَرْبَةً لَمْ يَظْمَأْ بَعْدَهَا أَبَدًا» ".

وَهَكَذَا رَوَاهُ ابْنُ صَاعِدٍ، وَابْنُ أَبِي الدُّنْيَا، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْوَضَّاحِ الْأَزْدِيِّ اللُّؤْلُئِيِّ، عَنْ يَحْيَى بْنِ يَمَانٍ بِهِ. وَلَفْظُهُ: " «حَوْضِي مَا بَيْنَ عَمَّانَ، وَالْيَمَنِ، فِيهِ آنِيَةٌ

ص: 429

عَدَدُ نُجُومِ السَّمَاءِ، أَحْلَى مِنَ الْعَسَلِ، وَأَبْيَضُ مِنَ اللَّبَنِ، وَأَلْيَنُ مِنَ الزُّبْدِ، مَنْ شَرِبَ مِنْهُ لَمْ يَظْمَأْ بَعْدَهَا أَبَدًا» ". لَمْ يُخَرِّجُوهُ.

رِوَايَةُ ثَوْبَانَ: قَالَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ: حَدَّثَنَا عَفَّانُ، حَدَّثَنَا هَمَّامٌ، حَدَّثَنَا قَتَادَةُ، عَنْ سَالِمٍ، عَنْ مَعْدَانَ، عَنْ ثَوْبَانَ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ:" «أَنَا بِعُقْرِ حَوْضِي يَوْمَ الْقِيَامَةِ، أَذُودُ عَنْهُ النَّاسَ لِأَهْلِ الْيَمَنِ، وَأَضْرِبُهُمْ بِعَصَايَ حَتَّى يَرْفَضَّ عَنْهُمْ ". قَالَ: قِيلَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ: مَا سَعَتُهُ؟ قَالَ: " مِنْ مَقَامِي إِلَى عَمَّانَ، يَغُتُّ فِيهِ مِيزَابَانِ يَمُدَّانِهِ» ".

وَرَوَاهُ أَحْمَدُ أَيْضًا عَنْ عَبْدِ الصَّمَدِ، عَنْ هِشَامٍ، عَنْ قَتَادَةَ. وَعَنْ عَبْدِ الْوَهَّابِ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي عَرُوبَةَ، عَنْ قَتَادَةَ. وَعَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ، عَنْ مَعْمَرٍ، عَنْ قَتَادَةَ بِهِ، «فَسُئِلَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَنْ عَرْضِهِ، فَقَالَ: " مِنْ مَقَامِي إِلَى عَمَّانَ» ". وَقَالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ: "«مَا بَيْنَ بُصْرَى وَصَنْعَاءَ، أَوْ مَا بَيْنَ أَيْلَةَ وَمَكَّةَ ". أَوْ قَالَ: " مِنْ مَقَامِي هَذَا إِلَى عَمَّانَ ".» «وَسُئِلَ عَنْ شَرَابِهِ، فَقَالَ: " أَشَدُّ بَيَاضًا مِنَ اللَّبَنِ، وَأَحْلَى مِنَ الْعَسَلِ، يَغُتُّ فِيهِ مِيزَابَانِ، يَمُدَّانِهِ مِنَ الْجَنَّةِ; أَحَدُهُمَا مِنْ ذَهَبٍ، وَالْآخَرُ مِنْ وَرِقٍ» ".

ص: 430

وَقَالَ أَبُو يَعْلَى: حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ - هُوَ ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بِشْرٍ الْعَبْدِيُّ، حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ أَبِي عَرُوبَةَ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ سَالِمِ بْنِ أَبِي الْجَعْدِ، عَنْ مَعْدَانَ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ، عَنْ ثَوْبَانَ، أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ:" «أَنَا عِنْدَ عُقْرِ حَوْضِي أَذُودُ عَنْهُ النَّاسَ لِأَهْلِ الْيَمَنِ، إِنِّي لَأَضْرِبُهُمْ بِعَصَايَ حَتَّى يَرْفَضَّ ". قَالَ: وَسُئِلَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَنْ سَعَةِ الْحَوْضِ، قَالَ:" مِثْلُ مَقَامِي هَذَا إِلَى عَمَّانَ، مَا بَيْنَهُمَا شَهْرٌ، أَوْ نَحْوُ ذَلِكَ ". فَسُئِلَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَنْ شَرَابِهِ، فَقَالَ:" أَشَدُّ بَيَاضًا مِنَ اللَّبَنِ، وَأَحْلَى مِنَ الْعَسَلِ، يَغُتُّ فِيهِ مِيزَابَانِ، مِدَادُهُ - أَوْ مِدَادُهُمَا - مِنَ الْجَنَّةِ، أَحَدُهُمَا وَرِقٌ، وَالْآخَرُ ذَهَبٌ» ".

وَهَكَذَا رَوَاهُ مُسْلِمٌ، عَنْ أَبِي غَسَّانَ مَالِكِ بْنِ إِسْمَاعِيلَ، وَمُحَمَّدِ بْنِ الْمُثَنَّى، وَمُحَمَّدِ بْنِ بَشَّارٍ، ثَلَاثَتُهُمْ عَنْ مُعَاذِ بْنِ هِشَامٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ قَتَادَةَ، بِنَحْوِهِ.

طَرِيقٌ أُخْرَى عَنْ ثَوْبَانَ: قَالَ أَحْمَدُ: حَدَّثَنَا حُسَيْنُ بْنُ مُحَمَّدٍ، حَدَّثَنَا ابْنُ عَيَّاشٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْمُهَاجِرِ، عَنِ الْعَبَّاسِ بْنِ سَالِمٍ اللَّخْمِيِّ، قَالَ: بَعَثَ عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ إِلَى أَبِي سَلَّامٍ الْحَبَشِيِّ، فَحُمِلَ إِلَيْهِ عَلَى الْبَرِيدِ، لِيَسْأَلَهُ عَنِ الْحَوْضِ، فَقُدِمَ بِهِ عَلَيْهِ، فَسَأَلَهُ فَقَالَ: سَمِعْتُ ثَوْبَانَ يَقُولُ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: " «إِنَّ حَوْضِي مِنْ عَدَنَ إِلَى عَمَّانِ الْبَلْقَاءِ، مَاؤُهُ أَشَدُّ بَيَاضًا مِنَ اللَّبَنِ،

ص: 431

وَأَحْلَى مِنَ الْعَسَلِ، وَأَكَاوِيبُهُ عَدَدُ النُّجُومِ، مَنْ شَرِبَ مِنْهُ شَرْبَةً لَمْ يَظْمَأْ بَعْدَهَا أَبَدًا، أَوَّلُ النَّاسِ وُرُودًا عَلَيْهِ فُقَرَاءُ الْمُهَاجِرِينَ ". فَقَالَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ، رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ: مَنْ هُمْ يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ قَالَ: " هُمُ الشُّعْثُ رُءُوسًا، الدُّنْسُ ثِيَابًا، الَّذِينَ لَا يَنْكِحُونَ الْمُتَنَعِّمَاتِ، وَلَا تُفْتَحُ لَهُمْ أَبْوَابُ السُّدَدِ» ". فَقَالَ عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ: لَقَدْ نَكَحْتُ الْمُتَنَعِّمَاتِ، وَفُتِحَتْ لِيَ السُّدَدُ، إِلَّا أَنْ يَرْحَمَنِي اللَّهُ، وَاللَّهِ لَا أَدْهُنُ رَأْسِي، حَتَّى يَشْعَثَ، وَلَا أَغْسِلُ ثَوْبِيَ الَّذِي يَلِي جَسَدِي حَتَّى يَتَّسِخَ. وَرَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ فِي الزُّهْدِ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْمَاعِيلَ، عَنْ يَحْيَى بْنِ صَالِحٍ. وَابْنُ مَاجَهْ فِيهِ، عَنْ مَحْمُودِ بْنِ خَالِدٍ الدِّمَشْقِيِّ، عَنْ مَرْوَانَ بْنِ مُحَمَّدٍ الطَّاطَرِيِّ، كِلَاهُمَا عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْمُهَاجِرِ، عَنِ الْعَبَّاسِ بْنِ سَالِمٍ، عَنْ أَبِي سَلَّامٍ.

قَالَ شَيْخُنَا الْمَزِّيُّ فِي أَطْرَافِهِ: وَرَوَاهُ الْوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ، عَنْ يَحْيَى بْنِ الْحَارِثِ، وَشَيْبَةَ بْنِ الْأَحْنَفِ وَغَيْرِهِمَا، عَنْ أَبِي سَلَّامٍ.

وَقَالَ أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي عَاصِمٍ: حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ عَمَّارٍ، حَدَّثَنَا صَدَقَةُ، حَدَّثَنَا زَيْدُ بْنُ وَاقَدٍ، حَدَّثَنِي بُسْرُ بْنُ عُبَيْدِ اللَّهِ، حَدَّثَنَا أَبُو سَلَّامٍ الْأَسْوَدُ، عَنْ

ص: 432

ثَوْبَانَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: " «حَوْضِي كَمَا بَيْنَ عَدَنَ إِلَى عَمَّانَ، أَشَدُّ بَيَاضًا مِنَ اللَّبَنِ، وَأَحْلَى مِنَ الْعَسَلِ، وَأَطْيَبُ رَائِحَةً مِنَ الْمِسْكِ، أَكَاوِيبُهُ كَنُجُومِ السَّمَاءِ، مَنْ شَرِبَ مِنْهُ شَرْبَةً لَمْ يَظْمَأْ بَعْدَهَا أَبَدًا، وَأَكْثَرُ النَّاسِ عَلَيَّ وَارِدَةً فُقَرَاءُ الْمُهَاجِرِينَ ". قُلْنَا: وَمَنْ هُمْ يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ قَالَ: " الشُّعْثُ رُءُوسًا، الدُّنْسُ ثِيَابًا، الَّذِينَ لَا يَنْكِحُونَ الْمُتَنَعِّمَاتِ، وَلَا تُفْتَحُ لَهُمْ أَبْوَابُ السُّدَدِ، الَّذِينَ يُعْطُونَ الَّذِي عَلَيْهِمْ، وَلَا يُعْطَوْنَ الَّذِي لَهُمْ» ". وَهَذِهِ طَرِيقٌ جَيِّدَةٌ أَيْضًا.، وَلِلَّهِ الْحَمْدُ وَالْمِنَّةُ.

رِوَايَةُ جَابِرِ بْنِ سَمُرَةَ: قَالَ أَبُو يَعْلَى الْمَوْصِلِيُّ: حَدَّثَنَا أَبُو هَمَّامٍ الْوَلِيدُ بْنُ شُجَاعٍ، حَدَّثَنَا أَبِي، حَدَّثَنَا زِيَادُ بْنُ خَيْثَمَةَ، عَنْ سِمَاكِ بْنِ حَرْبٍ، عَنْ جَابِرِ بْنِ سَمُرَةَ، عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ:" «إِنِّي فَرَطُكُمْ عَلَى الْحَوْضِ، وَإِنَّ بُعْدَ مَا بَيْنَ طَرَفَيْهِ كَمَا بَيْنَ صَنْعَاءَ وَأَيْلَةَ، كَأَنَّ الْأَبَارِيقَ فِيهِ النُّجُومُ» ". وَهَكَذَا رَوَاهُ مُسْلِمٌ عَنْ أَبِي هَمَّامٍ، بِهِ وَقَالَ:(أَنَا فَرَطٌ لَكُمْ) . وَالْبَاقِي مِثْلُهُ.

طَرِيقٌ أُخْرَى عَنْ جَابِرِ بْنِ سَمُرَةَ: قَالَ مُسْلِمٌ: حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ، وَأَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، قَالَا: حَدَّثَنَا حَاتِمُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ، عَنِ الْمُهَاجِرِ بْنِ

ص: 433

مِسْمَارٍ، عَنْ عَامِرِ بْنِ سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ، قَالَ: كَتَبْتُ إِلَى جَابِرِ بْنِ سَمُرَةَ مَعَ غُلَامِي نَافِعٍ: أَخْبَرَنِي بِشَيْءٍ سَمِعْتَهُ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم. قَالَ: فَكَتَبَ إِلَيَّ: إِنِّي سَمِعْتُهُ يَقُولُ: (أَنَا الْفَرَطُ عَلَى الْحَوْضِ) .

رِوَايَةُ جَابِرِ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ: قَالَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ: حَدَّثَنَا رَوْحٌ، حَدَّثَنَا زَكَرِيَّا بْنُ إِسْحَاقَ، حَدَّثَنَا أَبُو الزُّبَيْرِ; أَنَّهُ سَمِعَ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ يَقُولُ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: " «أَنَا عَلَى الْحَوْضِ أَنْظُرُ مَنْ يَرِدُ عَلَيَّ) . قَالَ: " فَيُؤْخَذُ نَاسٌ دُونِي، فَأَقُولُ: يَا رَبِّ، مِنِّي وَمِنْ أُمَّتِي ". قَالَ:" فَيُقَالُ: وَمَا يُدْرِيكَ مَا عَمِلُوا بَعْدَكَ؟ مَا بَرِحُوا بَعْدَكَ يَرْجِعُونَ عَلَى أَعْقَابِهِمْ» ". قَالَ جَابِرٌ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: " «الْحَوْضُ مَسِيرَةُ شَهْرٍ، وَزَوَايَاهُ سَوَاءٌ - يَعْنِي عَرْضُهُ مِثْلُ طُولِهِ - وَكِيزَانُهُ مِثْلُ نُجُومِ السَّمَاءِ، وَهُوَ أَطْيَبُ رِيحًا مِنَ الْمِسْكِ، وَأَشَدُّ بَيَاضًا مِنَ اللَّبَنِ، مَنْ شَرِبَ مِنْهُ لَمْ يَظْمَأْ بَعْدَهُ أَبَدًا» ) . هَذَا إِسْنَادٌ صَحِيحٌ عَلَى شَرْطِ مُسْلِمٍ، وَلَمْ يَرْوِهِ، وَقَدْ رَوَى مِنْ طَرِيقِ زَكَرِيَّا، عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ، عَنْ جَابِرٍ، سِتَّةَ أَحَادِيثَ، لَيْسَ هَذَا مِنْهَا.

طَرِيقٌ أُخْرَى عَنْ جَابِرٍ: قَالَ أَبُو بَكْرٍ الْبَزَّارُ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ بْنِ هَيَّاجٍ، حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْأَرْحَبِيُّ، حَدَّثَنَا عُبَيْدَةُ بْنُ الْأَسْوَدِ، عَنْ مُجَالِدٍ، عَنْ عَامِرٍ - هُوَ الشَّعْبِيُّ - عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ:" «إِنِّي فَرَطُكُمْ عَلَى الْحَوْضِ، وَإِنِّي مُكَاثِرٌ بِكُمُ الْأُمَمَ، فَلَا تَرْجِعُوا بَعْدِي كُفَّارًا يَقْتُلُ بَعْضُكُمْ بَعْضًا) فَقَالَ رَجُلٌ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، مَا عَرْضُهُ؟ قَالَ: " مَا

ص: 434

بَبْنَ أَيْلَةَ - أَحْسَبُهُ قَالَ - إِلَى مَكَّةَ، فِيهِ مَكَاكِيُّ أَكْثَرُ مِنْ عَدَدِ النُّجُومِ، لَا يَتَنَاوَلُ مُؤْمِنٌ مِنْهَا وَاحِدًا فَيَضَعُهُ مِنْ يَدِهِ حَتَّى يَتَنَاوَلَ آخَرَ» ) . ثُمَّ قَالَ: لَا يُرْوَى عَنْ جَابِرٍ إِلَّا مِنْ هَذَا الْوَجْهِ.

وَرَوَاهُ ابْنُ أَبِي الدُّنْيَا، عَنْ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْقُرَشِيِّ، عَنْ عُبَيْدَةَ بْنِ الْأَسْوَدِ بِهِ، رِوَايَةُ جُنْدَبِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْبَجَلِيِّ: قَالَ الْبُخَارِيُّ: حَدَّثَنَا عَبْدَانُ، أَخْبَرَنِي أَبِي، عَنْ شُعْبَةَ، عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ، سَمِعْتُ جُنْدَبًا: سَمِعْتُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: " «أَنَا فَرَطُكُمْ عَلَى الْحَوْضِ» ) .

وَرَوَاهُ مُسْلِمٌ مِنْ حَدِيثِ شُعْبَةَ، وَزَائِدَةَ، وَمِسْعَرٍ، ثَلَاثَتُهُمْ عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ عُمَيْرٍ، بِهِ. وَرَوَاهُ الْإِمَامُ أَحْمَدُ، مِنْ حَدِيثِ هَؤُلَاءِ عَنْهُ، وَعَنْ سُفْيَانَ بْنِ عُيَيْنَةَ عَنْهُ، ثُمَّ قَالَ سُفْيَانُ: الْفَرَطُ الَّذِي يَسْبِقُ.

رِوَايَةُ حَارِثَةَ بْنِ وَهْبٍ الْخُزَاعِيِّ: قَالَ الْبُخَارِيُّ: حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، حَدَّثَنَا حَرَمِيُّ بْنُ عُمَارَةَ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ مَعْبَدِ بْنِ خَالِدٍ، أَنَّهُ سَمِعَ حَارِثَةَ بْنَ وَهْبٍ، يَقُولُ: «سَمِعْتُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم، وَذَكَرَ الْحَوْضَ، فَقَالَ: (كَمَا بَيْنَ الْمَدِينَةِ

ص: 435

وَصَنْعَاءَ» . وَزَادَ ابْنُ أَبِي عَدِيٍّ، عَنْ شُعْبَةَ، عَنْ مَعْبَدِ بْنِ خَالِدٍ، عَنْ حَارِثَةَ بْنِ وَهْبٍ، سَمِعَ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: " «حَوْضُهُ مَا بَيْنَ صَنْعَاءَ وَالْمَدِينَةِ» ) . فَقَالَ لَهُ الْمُسْتَوْرِدُ: أَلَمْ تَسْمَعْهُ قَالَ الْأَوَانِيَ؟ قَالَ: لَا. قَالَ الْمُسْتَوْرِدُ: تُرَى فِيهِ الْآنِيَةُ مِثْلَ الْكَوَاكِبِ.

وَقَدْ رَوَاهُ مُسْلِمٌ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَرْعَرَةَ، عَنْ حَرَمِيِّ بْنِ عُمَارَةَ، عَنْ شُعْبَةَ - كَمَا سَاقَهُ الْبُخَارِيُّ. وَرَوَاهُ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ بَزِيغٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ - وَهُوَ ابْنُ أَبِي عَدِيٍّ - عَنْ شُعْبَةَ، كَمَا ذَكَرَهُ الْبُخَارِيُّ سَوَاءً.

وَالْمُسْتَوْرِدُ هَذَا هُوَ ابْنُ شَدَّادِ بْنِ عَمْرٍو الْفِهْرِيُّ، صَحَابِيٌّ جَلِيلٌ، عَلَّقَ لَهُ الْبُخَارِيُّ، وَأَسْنَدَ ذَلِكَ مُسْلِمٌ، وَرَوَى لَهُ أَهْلُ السُّنَنِ الْأَرْبَعَةِ، وَلَهُ أَحَادِيثُ.

الْغِفَارِيِّ: أُنْبِئْنَا عَنِ الْحَافِظِ الضِّيَاءِ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الْوَاحِدِ الْمَقْدِسِيِّ، رحمه الله، أَنَّهُ قَالَ فِي الْجُزْءِ الَّذِي جَمَعَهُ فِي أَحَادِيثِ الْحَوْضِ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ نَصْرٍ الْأَصْبَهَانِيُّ بِهَا، أَنَّ الْحَسَنَ بْنَ أَحْمَدَ الْحَدَّادَ أَخْبَرَهُمْ قِرَاءَةً عَلَيْهِ، وَهُوَ حَاضِرٌ، أَنْبَأَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ - يَعْنِي أَبَا نُعَيْمٍ الْأَصْبَهَانِيَّ - أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ جَعْفَرٍ، حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ سَمُّوَيْهِ، حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ سُلَيْمَانَ، حَدَّثَنَا زَيْدُ بْنُ الْحَسَنِ، حَدَّثَنَا مَعْرُوفُ بْنُ

ص: 436

خَرَّبُوذَ، حَدَّثَنَا أَبُو الطُّفَيْلِ، عَنْ حُذَيْفَةَ بْنِ أَسِيدٍ، رضي الله عنه، قَالَ:«لَمَّا صَدَرَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم عَنْ حَجَّةِ الْوَدَاعِ قَالَ: " أَيُّهَا النَّاسُ، إِنِّي فَرَطُكُمْ عَلَى الْحَوْضِ، وَإِنَّكُمْ وَارِدُونَ عَلَى حَوْضٍ عَرْضُهُ مَا بَيْنَ بُصْرَى وَصَنْعَاءَ، فِيهِ آنِيَةٌ عَدَدُ النُّجُومِ» ) . لَمْ يَرْوِهِ مِنْ أَصْحَابِ الْكُتُبِ أَحَدٌ، وَلَا أَحْمَدُ.

رِوَايَةُ حُذَيْفَةَ بْنِ الْيَمَانِ: قَالَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ: حَدَّثَنَا حَسَنٌ، حَدَّثَنَا ابْنُ لَهِيعَةَ، حَدَّثَنَا ابْنُ هُبَيْرَةَ، أَنَّهُ سَمِعَ أَبَا تَمِيمٍ الْجَيْشَانِيَّ، يَقُولُ: أَخْبَرَنِي سَعِيدٌ، أَنَّهُ سَمِعَ حُذَيْفَةَ يَقُولُ: «غَابَ عَنَّا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَوْمًا فَلَمْ يَخْرُجْ، حَتَّى ظَنَنَّا أَنَّهُ لَنْ يَخْرُجَ، فَلَمَّا خَرَجَ سَجَدَ سَجْدَةً، فَظَنَنَّا أَنَّ نَفْسَهُ قَدْ قُبِضَتْ مِنْهَا، فَلَمَّا رَفَعَ رَأْسَهُ قَالَ: (إِنَّ رَبِّي تبارك وتعالى، اسْتَشَارَنِي فِي أُمَّتِي: مَاذَا أَفْعَلُ بِهِمْ؟ فَقُلْتُ: مَا شِئْتَ، أَيْ رَبِّ، هُمْ خَلْقُكُ وَعِبَادُكُ. فَاسْتَشَارَنِي الثَّانِيَةَ، فَقُلْتُ لَهُ كَذَلِكَ. فَقَالَ: لَا أُحْزِنُكَ فِي أُمَّتِكَ يَا مُحَمَّدُ. وَبَشَّرَنِي أَنَّ أَوَّلَ مَنْ يَدْخُلُ الْجَنَّةَ مِنْ أُمَّتِي سَبْعُونَ أَلْفًا، مَعَ كُلِّ أَلْفٍ سَبْعُونَ أَلْفًا، لَيْسَ عَلَيْهِمْ حِسَابٌ، ثُمَّ أَرْسَلَ إِلَيَّ، فَقَالَ: ادْعُ تُجَبْ، وَسَلْ تُعْطَ. فَقَلْتُ لِرَسُولِهِ: أَوَ مُعْطِيَّ رَبِّي سُؤْلِي؟ فَقَالَ: مَا أَرْسَلَنِي إِلَيْكَ إِلَّا لِيُعْطِيَكَ، وَلَقَدْ أَعْطَانِي رَبِّي عز وجل وَلَا فَخْرَ، وَغَفَرَ لِي مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِي وَمَا تَأَخَّرَ، وَأَنَا أَمْشِي حَيًّا صَحِيحًا، وَأَعْطَانِي أَنْ لَا تَجُوعَ أُمَّتِي، وَلَا تُغْلَبَ، وَأَعْطَانِي الْكَوْثَرَ، فَهُوَ نَهْرٌ فِي الْجَنَّةِ، يَسِيلُ فِي حَوْضِي، وَأَعْطَانِي الْعِزَّ، وَالنَّصْرَ، وَالرُّعْبَ يَسْعَى بَيْنَ يَدَيْ أُمَّتِي شَهْرًا، وَأَعْطَانِي أَنِّي أَوَّلُ

ص: 437

الْأَنْبِيَاءِ أَدْخُلُ الْجَنَّةَ، وَطَيَّبَ لِي وَلِأُمَّتِي الْغَنِيمَةَ، وَأَحَلَّ لَنَا كَثِيرًا مِمَّا شَدَّدَ عَلَى مَنْ قَبْلَنَا، وَلَمْ يَجْعَلْ عَلَيْنَا مِنْ حَرَجٍ» ) . هَذَا حَدِيثٌ حَسَنُ الْإِسْنَادِ وَالْمَتْنِ.

طَرِيقٌ أُخْرَى عَنْهُ: رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ مِنْ حَدِيثِ مُبَارَكِ بْنِ فَضَالَةَ، عَنْ خَالِدِ بْنِ أَبِي الصَّلْتِ، عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ عُمَيْرٍ، عَنْ رِبْعِيٍّ، عَنْ حُذَيْفَةَ، مَرْفُوعًا: " «إِنَّهَا سَتَكُونُ عَلَيْكُمْ أُمَرَاءُ يَكْذِبُونَ وَيَظْلِمُونَ، فَمَنْ صَدَّقَهُمْ بِكَذِبِهِمْ، وَأَعَانَهُمْ عَلَى ظُلْمِهِمْ فَلَيْسَ مِنِّي وَلَسْتُ مِنْهُ وَلَنْ يَرِدَ عَلَيَّ الْحَوْضَ، وَمَنْ لَمْ يُصَدِّقْهُمْ بِكَذِبِهِمْ، وَلَمْ يُعِنْهُمْ عَلَى ظُلْمِهِمْ، فَهُوَ مِنِّي وَأَنَا مِنْهُ، وَسَيَرِدُ عَلَيَّ الْحَوْضَ غَدًا إِنْ شَاءَ اللَّهُ» ) .

طَرِيقٌ أُخْرَى: قَالَ أَبُو الْقَاسِمِ الْبَغَوِيُّ: حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مُسْهِرٍ، عَنْ سَعْدِ بْنِ طَارِقٍ، عَنْ رِبْعِيِّ بْنِ حِرَاشٍ، عَنْ حُذَيْفَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم " «إِنَّ حَوْضِي لَأَبْعَدُ مِنْ أَيْلَةَ وَعَدَنَ، وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَآنِيَتُهُ أَكْثَرُ مِنْ عَدَدِ النُّجُومِ، وَلَهُوَ أَشَدُّ بَيَاضًا مِنَ اللَّبَنِ، وَأَحْلَى مِنَ الْعَسَلِ، وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ، إِنِّي لَأَذُودُ عَنْهُ الرِّجَالَ كَمَا يَذُودُ الرَّاعِي الْإِبِلَ الْغَرِيبَةَ عَنْ حَوْضِهِ) . قَالَ: قِيلَ يَا رَسُولَ اللَّهِ، تَعْرِفُنَا يَوْمَئِذٍ؟ قَالَ: " نَعَمْ تَرِدُونَ عَلَيَّ غُرًّا مُحَجَّلِينَ مِنْ آثَارِ الْوُضُوءِ، وَلَيْسَتْ لِأَحَدٍ غَيْرِكُمْ» ".

ص: 438

رَوَاهُ مُسْلِمٌ، عَنْ عُثْمَانَ بْنِ أَبِي شَيْبَةَ بِنَحْوِهِ، وَعَلَّقَهُ الْبُخَارِيُّ، فَقَالَ: وَقَالَ حُصَيْنٌ، عَنْ أَبِي وَائِلٍ، عَنْ حُذَيْفَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم.

حَدِيثُ الْحَسَنِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ: قَالَ الطَّبَرَانِيُّ: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ، وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ سَلْمٍ الرَّازِيُّ، قَالَا: حَدَّثَنَا عَبَّادُ بْنُ يَعْقُوبَ الْأَسَدِيُّ، حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَابِسٍ، عَنْ بَدْرِ بْنِ الْخَلِيلِ أَبِي الْخَلِيلِ، عَنْ أَبِي كَثِيرٍ، قَالَ: كُنْتُ جَالِسًا عِنْدَ الْحَسَنِ بْنِ عَلِيٍّ، فَجَاءَهُ رَجُلٌ، فَقَالَ: لَقَدْ سَبَّ عِنْدَ مُعَاوِيَةَ عَلِيًّا سَبًّا قَبِيحًا رَجُلٌ يُقَالُ لَهُ: مُعَاوِيَةُ بْنُ حُدَيْجٍ. فَقَالَ: تَعْرِفُهُ؟ قَالَ: نَعَمْ، قَالَ: إِذَا رَأَيْتَهُ فَأْتِنِي بِهِ. قَالَ: فَرَآهُ عِنْدَ عَمْرِو بْنِ حُرَيْثٍ، فَأَرَاهُ إِيَّاهُ، قَالَ: أَنْتَ مُعَاوِيَةُ بْنُ حُدَيْجٍ؟ فَسَكَتَ، فَلَمْ يُجِبْهُ، ثَلَاثًا، ثُمَّ قَالَ: أَنْتَ السَّبَّابُ عَلِيًّا عِنْدَ ابْنِ آكِلَةِ الْأَكْبَادِ؟ أَمَا إِنَّكَ إِنْ وَرَدْتَ عَلَيْهِ الْحَوْضَ - وَمَا أَرَاكَ تَرِدُهُ - لَتَجِدَنَّهُ مُشَمِّرًا حَاسِرًا عَنْ ذِرَاعَيْهِ يَذُودُ الْكُفَّارَ وَالْمُنَافِقِينَ عَنْ حَوْضِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم كَمَا تُذَادُ غَرِيبَةُ الْإِبِلِ عَنَ صَاحِبِهَا، قَوْلَ الصَّادِقِ الْمَصْدُوقِ أَبِي الْقَاسِمِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ

ص: 439

وَرَوَاهُ مِنْ طَرِيقٍ أُخْرَى عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ، عَنِ الْحَسَنِ مَرْفُوعًا.

حَدِيثُ أَبِي عُمَارَةَ بْنِ عَبْدِ الْمَطَّلِبِ رضي الله عنه: قَالَ الطَّبَرَانِيُّ: حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ أَيُّوبَ الْعَلَّافُ الْمِصْرِيُّ، حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ أَبِي مَرْيَمَ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرِ بْنِ أَبِي كَثِيرٍ، أَخْبَرَنِي حَرَامُ بْنُ عُثْمَانَ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْأَعْرَجِ، عَنْ أُسَامَةَ بْنِ زَيْدٍ، «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَتَى حَمْزَةَ بْنَ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ يَوْمًا وَلَمْ يَجِدْهُ، فَسَأَلَ امْرَأَتَهُ عَنْهُ - وَكَانَا مِنْ بَنِي النَّجَّارِ - فَقَالَتْ: خَرَجَ بِأَبِي أَنْتَ وَأُمِّي آنِفًا عَامِدًا نَحْوَكَ، فَأَظُنُّهُ أَخْطَأَكَ فِي بَعْضِ أَزِقَّةِ بَنِي النَّجَّارِ، أَفَلَا تَدْخُلُ يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ فَدَخَلَ، فَقَدَّمَتْ إِلَيْهِ حَيْسًا فَأَكَلَ مِنْهُ، فَقَالَتْ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، هَنِيئًا لَكَ وَمَرِيئًا، لَقَدْ جِئْتَ وَأَنَا أُرِيدُ أَنْ آتِيَكَ أُهَنِّئُكَ وَأُمَرِّئُكَ، أَخْبَرَنِي أَبُو عُمَارَةَ أَنَّكَ أُعْطِيتَ نَهَرًا فِي الْجَنَّةِ يُدْعَى الْكَوْثَرَ. فَقَالَ: " أَجَلْ "، وَعَرْصَتُهُ يَاقُوتٌ، وَمَرْجَانٌ، وَزَبَرْجَدٌ، وَلُؤْلُؤٌ ". قَالَتْ: أَحْبَبْتُ أَنْ تَصِفَ لِي حَوْضَكَ بِصِفَةٍ أَسْمَعُهَا مِنْكَ. فَقَالَ: (هو مَا بَيْنَ أَيْلَةَ، وَصَنْعَاءَ، فِيهِ أَبَارِيقُ مِثْلُ عَدَدِ النُّجُومِ، وَأَحَبُّ وَارِدِهَا عَلَىَّ قَوْمُكِ، يَا بِنْتَ قَهْدٍ الْأَنْصَارِيِّ» ".

ص: 440

هَذَا حَدِيثٌ عَزِيزٌ جِدًّا، مِنْ رِوَايَةِ حَمْزَةَ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ، عَمِّ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، ثُمَّ مِنْ رِوَايَةِ زَوْجَتِهِ هَذِهِ، وَرِوَايَةِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ هُرْمُزَ الْأَعْرَجِ، عَنْ أُسَامَةَ بْنِ زَيْدٍ مُنْقَطِعَةٌ، وَذَكَرَ أَبُو بَكْرٍ الشَّافِعِيُّ فِي " فَوَائِدِهِ ": أَنَّ بَيْنَهُمَا الْمِسْوَرَ بْنَ مَخْرَمَةَ.

رِوَايَةُ زَيْدِ بْنِ أَرْقَمَ، رضي الله عنه: قَالَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ: حَدَّثَنَا عَفَّانُ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، قَالَ: عَمْرُو بْنُ مُرَّةَ أَخْبَرَنِي، قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا حَمْزَةَ أَنَّهُ سَمِعَ زَيْدَ بْنَ أَرْقَمَ، قَالَ:«كُنَّا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِي سَفَرٍ، فَنَزَلَ مَنْزِلًا، فَسَمِعْتُهُ يَقُولُ: " ما أَنْتُمْ بِجُزْءٍ مِنْ مِائَةِ أَلْفِ جُزْءٍ مِمَّنْ يَرِدُ عَلَى الْحَوْضِ مِنْ أُمَّتِي ". قُلْنَا لِزَيْدٍ: كَمْ كُنْتُمْ يَوْمَئِذٍ؟ قَالَ: سَبْعَمِائَةٍ أَوْ ثَمَانِمِائَةٍ» .

وَكَذَا رَوَاهُ عَنْ هَاشِمٍ، عَنْ شُعْبَةَ. وَرَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ الطَّيَالِسِيُّ، عَنْ شُعْبَةَ. وَرَوَاهُ أَحْمَدُ، عَنْ أَبِي مُعَاوِيَةَ، عَنِ الْأَعْمَشِ، كِلَاهُمَا، عَنْ عَمْرِو بْنِ مُرَّةَ بِهِ. وَرَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ، عَنْ حَفْصِ بْنِ عُمَرَ، عَنْ شُعْبَةَ.

قُلْتُ: وَأَبُو حَمْزَةَ، هُوَ طَلْحَةُ بْنُ يَزِيدَ الْأَنْصَارِيُّ الْكُوفِيُّ مَوْلَى قَرَظَةَ بْنِ كَعْبٍ. وَاللَّهُ سبحانه وتعالى أَعْلَمُ.

ص: 441

رِوَايَةٌ أُخْرَى عَنْ زَيْدِ بْنِ أَرْقَمَ، رضي الله عنه: قَالَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ: حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو حَيَّانَ التَّيْمِيُّ،.

وَقَالَ الْحَافِظُ الْبَيْهَقِيُّ: أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ، أَنْبَأَنَا الْحَسَنُ بْنُ يَعْقُوبَ الْعَدْلُ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْوَهَّابِ، أَنْبَأَنَا جَعْفَرُ بْنُ عَوْنٍ، أَنْبَأَنَا أَبُو حَيَّانَ يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ التَّيْمِيُّ، تَيْمُ الرَّبَابِ - حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ حَيَّانَ التَّيْمِيُّ، قَالَ: شَهِدْتُ زَيْدَ بْنَ أَرْقَمَ، وَبَعَثَ إِلَيْهِ عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ زِيَادٍ، فَقَالَ: مَا أَحَادِيثُ بَلَغَنِي عَنْكَ تُحَدِّثُ بِهَا عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم؟ تَزْعُمُ أَنَّ لَهُ حَوْضًا فِي الْجَنَّةِ؟ فَقَالَ: حَدَّثَنَا ذَاكَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَوَعَدْنَاهُ. فَقَالَ: كَذَبْتَ، وَلَكِنَّكَ شَيْخٌ قَدْ خَرِفْتَ. قَالَ: أَمَا إِنَّهُ سَمِعَتْهُ أُذُنَايَ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَسَمِعْتُهُ يَقُولُ: " «مَنْ كَذَبَ عَلَيَّ مُتَعَمِّدًا فَلْيَتَبَوَّأْ مَقْعَدَهُ مِنَ النَّارِ» " وَمَا كَذَبْتُ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم.

وَسَتَأْتِي رِوَايَتُهُ عَنْ أَخٍ لَهُ.

وَأَمَّا رِوَايَةُ سَلْمَانَ الْفَارِسِيِّ، رضي الله عنه: فَرَوَى الْإِمَامُ أَبُو بَكْرِ بْنُ خُزَيْمَةَ، رحمه الله، مِنْ حَدِيثِ عَلِيِّ بْنِ زَيْدِ بْنِ جُدْعَانَ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ، عَنْ سَلْمَانَ، رضي الله عنه، قَالَ:«خَطَبَنَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِي آخِرِ يَوْمٍ مِنْ شَعْبَانَ، فَقَالَ: " أَيُّهَا النَّاسُ، قَدْ أَظَلَّكُمْ شَهْرٌ عَظِيمٌ مُبَارَكٌ» . . . " وَذَكَرَ تَمَامَ

ص: 442

الْحَدِيثِ بِطُولِهِ فِي فَضْلِ شَهْرِ رَمَضَانَ، إِلَى أَنْ قَالَ:" «وَمَنْ أَشْبَعَ فِيهِ صَائِمًا سَقَاهُ اللَّهُ مِنْ حَوْضِي شَرْبَةً لَا يَظْمَأُ حَتَّى يَدْخُلَ الْجَنَّةَ» ".

رِوَايَةُ سَمُرَةَ بْنِ جُنْدَبٍ الْفَزَارِيِّ، رضي الله عنه: قَالَ أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي عَاصِمٍ، حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ الْمُسْتَمِرِّ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَكَّارِ بْنِ بِلَالٍ، حَدَّثَنَا سَعِيدٌ - هُوَ ابْنُ بَشِيرٍ - عَنْ قَتَادَةَ، عَنِ الْحَسَنِ، عَنْ سَمُرَةَ بْنِ جُنْدَبٍ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ:( «إِنَّ لِكُلِّ نَبِيٍّ حَوْضًا يَتَبَاهَوْنَ أَيُّهُمْ أَكْثَرُ وَارِدَةً، وَإِنِّي لَأَرْجُو أَنْ أَكُونَ أَكْثَرَهُمْ وَارِدَةً» ) . وَكَذَا رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ نَيْزَكَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ بَكَّارِ بْنِ بِلَالٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ بَشِيرٍ، وَقَالَ: هَذَا حَدِيثٌ غَرِيبٌ قَالَ: وَرَوَاهُ أَشْعَثُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ، عَنِ الْحَسَنِ مُرْسَلًا، وَهُوَ أَصَحُّ.

رِوَايَةُ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ الْأَنْصَارِيِّ السَّاعِدِيِّ، رضي الله عنه: قَالَ الْبُخَارِيُّ: حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ أَبِي مَرْيَمَ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مُطَرِّفٍ، حَدَّثَنَا أَبُو حَازِمٍ، عَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ، قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: " «إِنِّي فَرَطُكُمْ عَلَى الْحَوْضِ، مَنْ مَرَّ عَلَيَّ شَرِبَ، وَمَنْ شَرِبَ لَمْ يَظْمَأْ أَبَدًا، لَيَرِدَنَّ عَلَيَّ أَقْوَامٌ أَعْرِفُهُمْ وَيَعْرِفُونِي، ثُمَّ يُحَالُ بَيْنِي وَبَيْنَهُمْ» ". قَالَ أَبُو حَازِمٍ: فَسَمِعَنِي النُّعْمَانُ بْنُ أَبِي عَيَّاشٍ، فَقَالَ: هَكَذَا سَمِعْتَ مَنْ سَهْلٍ؟ فَقُلْتُ: نَعَمْ. فَقَالَ: أَشْهَدُ عَلَى أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ لَسَمِعْتُهُ وَهُوَ يَزِيدُ فِيهَا: " فَأَقُولُ؟ «إِنَّهُمْ مِنِّي. فَيُقَالُ: إِنَّكَ لَا تَدْرِي مَا أَحْدَثُوا بَعْدَكَ. فَأَقُولُ: سُحْقًا سُحْقًا لِمَنْ غَيَّرَ بَعْدِي» ". وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ:

ص: 443

سُحْقًا: بُعْدًا. يُقَالُ: سَحِيقٌ: بَعِيدٌ، سَحَقَهُ، وَأَسْحَقَهُ: أَبْعَدَهُ. تَفَرَّدَ بِهِ مِنْ هَذَا الْوَجْهِ. وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

وَأَمَّا رِوَايَةُ سُوَيْدِ بْنِ جَبَلَةَ، فَذَكَرَهَا الْقَاضِي عِيَاضٌ، وَكَذَلِكَ رِوَايَةُ عَبْدِ اللَّهِ الصُّنَابِحِيِّ، ذَكَرَهَا عِيَاضٌ أَيْضًا.

رِوَايَةُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ زَيْدِ بْنِ عَاصِمِ الْمَازِنِيِّ، رضي الله عنه: ثَبَتَ فِي " الصَّحِيحَيْنِ " عَنْهُ، «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم لَمَّا قَسَّمَ غَنَائِمَ حُنَيْنٍ، فَأَعْطَى مَنْ أَعْطَى مِنْ صَنَادِيدِ قُرَيْشٍ، وَالْعَرَبِ، فَتَغَضَّبَ بَعْضُ الْأَنْصَارِ، فَخَطَبَهُمْ، فَقَالَ لَهُمْ فِيمَا قَالَ: " إِنَّكُمْ سَتَجِدُونَ بَعْدِي أَثَرَةً فَاصْبِرُوا حَتَّى تَلْقَوْنِي عَلَى الْحَوْضِ» ".

رِوَايَةُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ، رضي الله عنه: قَالَ أَبُو بَكْرٍ الْبَزَّارُ: حَدَّثَنَا يُوسُفُ بْنُ مُوسَى، حَدَّثَنَا جَرِيرٌ، حَدَّثَنَا لَيْثٌ - هُوَ ابْنُ أَبِي سُلَيْمٍ، - عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: " «إِنِّي آخُذُ بِحُجَزِكُمْ أَقُولُ: إِيَّاكُمْ وَجَهَنَّمَ، إِيَّاكُمْ وَالْحُدُودَ،

ص: 444

إِيَّاكُمْ وَجَهَنَّمَ، إِيَّاكُمْ وَالْحُدُودَ " - ثَلَاثَ مَرَّاتٍ - " وَإِذَا أَنَا مِتُّ تَرَكْتُكُمْ عَلَى الْبَيْضَاءِ، وَأَنَا فَرَطُكُمْ عَلَى الْحَوْضِ، فَمَنْ وَرَدَ أَفْلَحَ، وَيُؤْتَى بِأَقْوَامٍ فَيُؤْخَذُ بِهِمْ ذَاتَ الشِّمَالِ، فَأَقُولُ: يَا رَبِّ - أَحْسَبُهُ قَالَ: أَصْحَابِي - فَيُقَالُ: مَا زَالُوا بَعْدَكَ يَرْتَدُّونَ عَلَى أَعْقَابِهِمْ» ". ثُمَّ قَالَ: تَفَرَّدَ بِهِ لَيْثٌ، عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ.

وَقَالَ الْبُخَارِيُّ فِي بَابِ الْحَوْضِ مِنْ " صَحِيحِهِ ": حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ مُحَمَّدٍ، حَدَّثَنَا هُشَيْمٌ، حَدَّثَنَا أَبُو بِشْرٍ، وَعَطَاءُ بْنُ السَّائِبِ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: الْكَوْثَرُ: الْخَيْرُ الْكَثِيرُ الَّذِي أَعْطَاهُ اللَّهُ إِيَّاهُ. قَالَ أَبُو بِشْرٍ: قُلْتُ لِسَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ: إِنَّ أُنَاسًا يَزْعُمُونَ أَنَّهُ نَهَرٌ فِي الْجَنَّةِ، فَقَالَ سَعِيدٌ: النَّهْرُ الَّذِي فِي الْجَنَّةِ مِنَ الْخَيْرِ الَّذِي أَعْطَاهُ اللَّهُ إِيَّاهُ.

قُلْتُ: وَقَدْ تَقَدَّمَ أَنَّهُ يَشْخُبُ مِنَ الْكَوْثَرِ الَّذِي فِي الْجَنَّةِ إِلَى الْحَوْضِ الَّذِي فِي الْمَوْقِفِ مِيزَابَانِ مِنْ ذَهَبٍ وَفِضَّةٍ.

طَرِيقٌ أُخْرَى عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا: قَالَ الطَّبَرَانِيُّ: حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ هَاشِمٍ الْبَغَوِيُّ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْوَهَّابِ الْحَارِثِيُّ،

ص: 445

حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُبَيْدِ بْنِ عُمَيْرٍ، عَنِ ابْنِ أَبِي مُلَيْكَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: " «حَوْضِي مَسِيرَةُ شَهْرٍ، زَوَايَاهُ سَوَاءٌ، أَكْوَابُهُ عَدَدُ نُجُومِ السَّمَاءِ، مَاؤُهُ أَبْيَضُ مِنَ الثَّلْجِ، وَأَحْلَى مِنَ الْعَسَلِ، وَأَطْيَبُ - يَعْنِي رِيحًا - مِنَ الْمِسْكِ، مَنْ شَرِبَ مِنْهُ شَرْبَةً لَمْ يَظْمَأْ بَعْدَهَا أَبَدًا» ".

طَرِيقٌ أُخْرَى عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، رضي الله عنهما: قَالَ ابْنُ أَبِي الدُّنْيَا: حَدَّثَنَا الْعَبَّاسُ بْنُ مُحَمَّدٍ، حَدَّثَنَا حُسَيْنُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْمَرْوَزِيُّ، حَدَّثَنَا مِحْصَنُ بْنُ عُقْبَةَ الْيَمَانِيُّ، عَنِ الزُّبَيْرِ بْنِ شَبِيبٍ، عَنْ عُثْمَانَ بْنِ حَاضِرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ:«سُئِلَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَنِ الْوُقُوفِ بَيْنَ يَدَيْ رَبِّ الْعَالَمِينَ، هَلْ فِيهِ مَاءٌ؟ قَالَ: " إِي، وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ، إِنَّ فِيهِ لَمَاءً، إِنَّ أَوْلِيَاءَ اللَّهِ لَيَرِدُونَ حِيَاضَ الْأَنْبِيَاءِ، وَيَبْعَثُ اللَّهُ سَبْعِينَ أَلْفَ مَلَكٍ فِي أَيْدِيهِمْ عِصِيٌّ مِنْ نَّارٍ يَذُودُونَ الْكُفَّارَ عَنْ حِيَاضِ الْأَنْبِيَاءِ» ".

رِوَايَةُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ، رضي الله عنهما: قَالَ الْبُخَارِيُّ: حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، حَدَّثَنَا يَحْيَى، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ، حَدَّثَنِي نَافِعٌ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، قَالَ:" «أَمَامَكُمْ حَوْضٌ، مَا بَيْنَ جَرْبَاءَ وَأَذْرُحَ» ".

ص: 446

وَرَوَاهُ أَحْمَدُ، عَنْ يَحْيَى الْقَطَّانِ، وَرَوَاهُ مُسْلِمٌ، مِنْ حَدِيثِ عُبَيْدِ اللَّهِ، وَأَيُّوبَ، وَمُوسَى بْنِ عُقْبَةَ، وَغَيْرِهِمْ، عَنْ نَافِعٍ.

وَفِي بَعْضِ الرِّوَايَاتِ؟ " «أَمَامَكُمْ حَوْضٌ كَمَا بَيْنَ جَرْبَاءَ وَأَذْرُحَ - وَهُمَا قَرْيَتَانِ بِالشَّامِ - فِيهِ أَبَارِيقُ عَدَدُ نُجُومِ السَّمَاءِ، مَنْ وَرَدَهُ فَشَرِبَ مِنْهُ لَمْ يَظْمَأْ بَعْدَهَا أَبَدًا» ".

طَرِيقٌ أُخْرَى عَنْهُ: قَالَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ: حَدَّثَنَا أَبُو الْمُغِيرَةِ، حَدَّثَنَا عُمَرُ بْنُ عَمْرٍو أَبُو عُثْمَانَ الْأَحْمُوسِيُّ، حَدَّثَنِي الْمُخَارِقُ بْنُ أَبِي الْمُخَارِقِ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ أَنَّهُ سَمِعَهُ يَقُولُ:«إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: " حَوْضِي كَمَا بَيْنَ عَدَنَ وَعَمَّانَ أَبْرَدُ مِنَ الثَّلْجِ، وَأَحْلَى مِنَ الْعَسَلِ، وَأَطْيَبُ رِيحًا مِنَ الْمِسْكِ، أَكْوَابُهُ مِثْلُ نُجُومِ السَّمَاءِ، مَنْ شَرِبَ مِنْهُ شَرْبَةً لَمْ يَظْمَأْ بَعْدَهَا أَبَدًا، أَوَّلُ النَّاسِ عَلَيْهِ وُرُودًا صَعَالِيكُ الْمُهَاجِرِينَ ". قَالَ قَائِلٌ: وَمَنْ هُمْ يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ قَالَ: الشَّعِثَةُ رُءُوسُهُمْ، الشَّحِبَةُ وُجُوهُهُمْ، الدَّنِسَةُ ثِيَابُهُمْ، لَا يُفْتَحُ لَهُمْ أَبْوَابُ السُّدَدِ، وَلَا يَنْكِحُونَ الْمُتَنَعِّمَاتِ، الَّذِينَ يُعْطُونَ كُلَّ الَّذِي عَلَيْهِمْ، وَلَا يَأْخُذُونَ الَّذِي لَهُمْ» ". تَفَرَّدَ بِهِ أَحْمَدُ.

ص: 447

طَرِيقٌ أُخْرَى عَنْهُ: قَالَ أَبُو دَاوُدَ الطَّيَالِسِيُّ: حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ، حَدَّثَنَا عَطَاءُ بْنُ السَّائِبِ، قَالَ: قَالَ لِي مُحَارِبُ بْنُ دِثَارٍ: مَا كَانَ سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ يَقُولُ فِي الْكَوْثَرِ؟ قُلْتُ: كَانَ سَعِيدٌ يُحَدِّثُ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: هُوَ الْخَيْرُ الْكَثِيرُ. قَالَ مُحَارِبٌ: أَيْنَ يَقَعُ رَأْيُ ابْنِ عَبَّاسٍ؟ قَالَ مُحَارِبٌ: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ، قَالَ: «لَمَّا نَزَلَتْ: {إِنَّا أَعْطَيْنَاكَ الْكَوْثَرَ} [الكوثر: 1]

[الْكَوْثَرِ: ا] . قَالَ لَنَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: " هُوَ نَهَرٌ فِي الْجَنَّةِ حَافَّتَاهُ مِنْ ذَهَبٍ، يَجْرِي عَلَى الدُّرِّ وَالْيَاقُوتِ، تُرْبَتُهُ أَطْيَبُ رِيحًا مِنَ الْمِسْكِ، وَطَعْمُهُ أَحْلَى مِنَ الْعَسَلِ، وَمَاؤُهُ أَشَدُّ بَيَاضًا مِنَ الثَّلْجِ» ".

وَرَوَاهُ الْبَيْهَقِيُّ مِنْ حَدِيثِ حَمَّادِ بْنِ زَيْدٍ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ السَّائِبِ بِنَحْوِهِ، وَأَخْرَجَهُ التِّرْمِذِيُّ، وَابْنُ مَاجَهْ مِنْ طَرِيقِ مُحَمَّدِ بْنِ فُضَيْلٍ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ السَّائِبِ، بِهِ. وَقَالَ التِّرْمِذِيُّ: حَسَنٌ صَحِيحٌ.

رِوَايَةُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ، رضي الله عنهما: قَالَ الْبُخَارِيُّ: حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ أَبِي مَرْيَمَ، حَدَّثَنَا نَافِعُ بْنُ عُمَرَ، عَنِ ابْنِ أَبِي مُلَيْكَةَ قَالَ: قَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَيْرٍ: قَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم " «حَوْضِي مَسِيرَةُ شَهْرٍ، مَاؤُهُ أَبْيَضُ مِنَ اللَّبَنِ، وَرِيحُهُ أَطْيَبُ مِنَ الْمِسْكِ، وَكِيزَانُهُ كَنُجُومِ السَّمَاءِ، مَنْ شَرِبَ مِنْهُ فَلَا يَظْمَأُ أَبَدًا» ". وَرَوَاهُ مُسْلِمٌ، عَنْ دَاوُدَ بْنِ عَمْرٍو، عَنْ نَافِعِ بْنِ عُمَرَ، بِهِ.

ص: 448

طَرِيقٌ أُخْرَى عَنْهُ: قَالَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ: حَدَّثَنَا يَحْيَى، حَدَّثَنَا حُسَيْنٌ الْمُعَلِّمُ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ بُرَيْدَةَ، عَنْ أَبِي سَبْرَةَ - وَاسْمُهُ سَالِمُ بْنُ سَبْرَةَ - قَالَ: كَانَ عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ زِيَادٍ يَسْأَلُ عَنِ الْحَوْضِ؟ حَوْضِ مُحَمَّدٍ صلى الله عليه وسلم، وَكَانَ يُكَذِّبُ بِهِ بَعْدَ مَا سَأَلَ أَبَا بَرْزَةَ، وَالْبَرَاءَ بْنَ عَازِبٍ، وَعَائِذَ بْنَ عَمْرٍو، وَرَجُلًا أَخَرَ، وَكَانَ يُكَذِّبُ بِهِ، فَقَالَ أَبُو سَبْرَةَ: أَنَا أُحَدِّثُكَ بِحَدِيثٍ فِيهِ شِفَاءُ هَذَا، إِنَّ أَبَاكَ بَعَثَ مَعِي بِمَالٍ إِلَى مُعَاوِيَةَ، فَلَقِيتُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَمْرٍو، فَحَدَّثَنِي بِمَا سَمِعَ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، وَأَمْلَى عَلَيَّ، فَكَتَبْتُ بِيَدِي، فَلَمْ أَزِدْ حَرْفًا، وَلَمْ أَنْقُصْ حَرْفًا، حَدَّثَنِي أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ:" «إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْفُحْشَ، أَوْ يُبْغِضُ الْفَاحِشَ، وَالْمُتَفَحِّشَ ". قَالَ: وَلَا تَقُومُ السَّاعَةُ حَتَّى يَظْهَرَ الْفُحْشُ، وَالتَّفَاحُشُ، وَقَطِيعَةُ الرَّحِمِ، وَسُوءُ الْمُجَاوَرَةِ، وَحَتَّى يُؤْتَمَنَ الْخَائِنُ، وَيُخَوَّنُ الْأَمِينُ ". وَقَالَ:" أَلَا إِنَّ مَوْعِدَكُمْ حَوْضِي، عَرْضُهُ وَطُولُهُ وَاحِدٌ، وَهُوَ كَمَا بَيْنَ أَيْلَةَ وَمَكَّةَ، وَهُوَ مَسِيرَةُ شَهْرٍ، فِيهِ مِثْلُ النُّجُومِ أَبَارِيقُ، شَرَابُهُ أَشَدُّ بَيَاضًا مِنَ الْفِضَّةِ، مَنْ شَرِبَ مِنْهُ مَشْرَبًا لَمْ يَظْمَأْ بَعْدَهُ أَبَدًا» ". فَقَالَ عُبَيْدُ اللَّهِ: مَا سَمِعْتُ فِي الْحَوْضِ حَدِيثًا أَثْبَتَ مِنْ هَذَا. فَصَدَّقَ بِهِ، وَأَخَذَ الصَّحِيفَةَ، فَحَبَسَهَا عِنْدَهُ.

طَرِيقٌ أُخْرَى عَنْهُ: قَالَ أَبُو بَكْرٍ الْبَزَّارُ فِي " مُسْنَدِهِ ": حَدَّثَنَا

ص: 449

مَحْمُودُ بْنُ بَكْرِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، حَدَّثَنَا أَبِي، حَدَّثَنَا عِيسَى بْنُ الْمُخْتَارِ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي لَيْلَى، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي مُلَيْكَةَ، عَنْ عُبَيْدِ بْنِ عُمَيْرٍ اللَّيْثِيِّ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: " «إِنَّ لِي حَوْضًا فِي الْجَنَّةِ مَسِيرَتُهُ شَهْرٌ، وَزَوَايَاهُ سَوَاءٌ، رِيحُهُ أَطْيَبُ مِنَ الْمِسْكِ، مَاؤُهُ كَالْوَرِقِ، أَقْدَاحُهُ كَنُجُومِ السَّمَاءِ، مَنْ شَرِبَ مِنْهُ شَرْبَةً لَمْ يَظْمَأْ بَعْدَهَا أَبَدًا» ". ثُمَّ قَالَ: لَا نَعْلَمُ رَوَى عُبَيْدُ بْنُ عُمَيْرٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو غَيْرَ هَذَا الْحَدِيثِ.

طَرِيقٌ أُخْرَى أَيْضًا: رَوَاهَا الطَّبَرَانِيُّ مِنْ حَدِيثِ مُسْلِمِ بْنِ رِئَابٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو.

رِوَايَةُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ الْهُذَلِيِّ، رضي الله عنه: قَالَ الْبُخَارِيُّ: حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ حَمَّادٍ، حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ، عَنْ سُلَيْمَانَ، عَنْ شَقِيقٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ:" «أَنَا فَرَطُكُمْ عَلَى الْحَوْضِ» ". قَالَ الْبُخَارِيُّ: وَحَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ عَلِيٍّ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنِ الْمُغِيرَةِ: سَمِعْتُ أَبَا وَائِلٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ:" «أَنَا فَرَطُكُمْ عَلَى الْحَوْضِ، وَلَيُرْفَعَنَّ رِجَالٌ مِنْكُمْ، ثُمَّ لَيُخْتَلَجُنَّ دُونِي، فَأَقُولُ: يَا رَبِّ، أَصْحَابِي، فَيُقَالُ: إِنَّكَ لَا تَدْرِي مَا أَحْدَثُوا بَعْدَكَ» ". تَابَعَهُ عَاصِمٌ، عَنْ أَبِي وَائِلٍ، وَقَالَ حُصَيْنٌ: عَنْ أَبِي وَائِلٍ، عَنْ حُذَيْفَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم.

ص: 450

طَرِيقٌ أُخْرَى عَنْهُ فِي الْحَوْضِ وَغَيْرِهِ: قَالَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ: حَدَّثَنَا عَارِمُ بْنُ الْفَضْلِ، حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ زَيْدٍ، حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ الْحَكَمِ الْبُنَانِيُّ، عَنْ عُثْمَانَ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ عَلْقَمَةَ، وَالْأَسْوَدِ، عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ، قَالَ: «جَاءَ ابْنَا مُلَيْكَةَ إِلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، فَقَالَا: إِنَّ أُمَّنَا مَاتَتْ وَكَانَتْ تُكْرِمُ الزَّوْجَ، وَتَعْطِفُ عَلَى الْوَلَدِ - قَالَ: وَذَكَرَ الضَّيْفَ - غَيْرَ أَنَّهَا كَانَتْ وَأَدَتْ فِي الْجَاهِلِيَّةِ، فَقَالَ:" أُمُّكُمَا فِي النَّارِ ". قَالَ: فَأَدْبَرَا وَالشَّرُّ يُرَى فِي وُجُوهِهِمَا، فَأَمَرَ بِهِمَا، فَرُدَّا، فَرَجَعَا وَالسُّرُورُ يُرَى فِي وُجُوهِهِمَا رَجَاءَ أَنْ يَكُونَ قَدْ حَدَثَ شَيْءٌ، فَقَالَ:" أُمِّي مَعَ أُمِّكُمَا ". فَقَالَ رَجُلٌ مِنَ الْمُنَافِقِينَ: وَمَا يُغْنِي هَذَا عَنْ أُمِّهِ شَيْئًا، وَنَحْنُ نَطَأُ عَقِبَيْهِ! فَقَالَ رَجُلٌ مِنَ الْأَنْصَارِ - وَلَمْ أَرَ رَجُلًا قَطُّ أَكْثَرَ سُؤَالًا مِنْهُ -: يَا رَسُولَ اللَّهِ، هَلْ وَعَدَكَ رَبُّكَ فِيهِمَا؟ قَالَ: فَظَنَّ أَنَّهُ مِنْ شَيْءٍ قَدْ سَمِعَهُ، فَقَالَ: مَا سَأَلْتُهُ رَبِّي، وَمَا أَطْمَعَنِي فِيهِ، وَإِنِّي لَأَقُومُ الْمَقَامَ الْمَحْمُودَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ ". فَقَالَ الْأَنْصَارُ: وَمَا ذَاكَ الْمَقَامُ الْمَحْمُودُ؟ قَالَ: " ذَاكَ إِذَا جِيءَ بِكُمْ حُفَاةً عُرَاةً غُرْلًا، فَيَكُونُ أَوَّلَ مَنْ يُكْسَى إِبْرَاهِيمُ، يَقُولُ: اكْسُوا خَلِيلِي. فَيُؤْتَى بِرَيْطَتَيْنِ بَيْضَاوَيْنِ، فَيَلْبَسُهُمَا، ثُمَّ يَقْعُدُ مُسْتَقْبِلَ الْعَرْشِ، ثُمَّ أُوتَى بِكِسْوَتِي،

ص: 451

فَأَلْبَسُهَا، فَأَقُومُ عَنْ يَمِينِهِ مَقَامًا لَا يَقُومُهُ أَحَدٌ، يَغْبِطُنِي بِهِ الْأَوَّلُونَ وَالْآخِرُونَ ". قَالَ:" وَيُفْتَحُ نَهَرٌ مِنَ الْكَوْثَرِ إِلَى الْحَوْضِ ". فَقَالَ الْمُنَافِقُ: إِنَّهُ مَا جَرَى مَاءٌ قَطُّ إِلَّا عَلَى حَالٍ أَوْ رَضْرَاضٍ. فَقَالَ الْأَنْصَارِيُّ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، هَلْ لَهُ حَالٌ أَوْ رَضْرَاضٌ؟ قَالَ:" حَالُهُ الْمِسْكُ، وَرَضْرَاضُهُ التُّومُ ". فَقَالَ الْمُنَافِقُ: لَمْ أَسْمَعْ كَالْيَوْمِ، قَلَّمَا جَرَى مَاءٌ قَطُّ عَلَى حَالٍ أَوْ رَضْرَاضٍ إِلَّا كَانَ لَهُ نَبْتٌ. فَقَالَ الْأَنْصَارِيُّ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، هَلْ لَهُ نَبْتٌ؟ قَالَ:" نَعَمْ، قُضْبَانُ الذَّهَبِ ". قَالَ الْمُنَافِقُ: لَمْ أَسْمَعْ كَالْيَوْمِ، فَإِنَّهُ قَلَّمَا نَبَتَ قَضِيبٌ إِلَّا أَوْرَقَ، وَإِلَّا كَانَ لَهُ ثَمَرٌ. قَالَ الْأَنْصَارِيُّ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، هَلْ لَهُ ثَمَرٌ؟ قَالَ:" نَعَمْ، أَلْوَانُ الْجَوْهَرِ، وَمَاؤُهُ أَشَدُّ بَيَاضًا مِنَ اللَّبَنِ، وَأَحْلَى مِنَ الْعَسَلِ، مَنْ شَرِبَ مِنْهُ مَشْرَبًا لَمْ يَظْمَأْ بَعْدَهُ، وَمَنْ حُرِمَهُ لَمْ يَرْوَ بَعْدَهُ» ". تَفَرَّدَ بِهِ أَحْمَدُ، وَهُوَ غَرِيبٌ جِدًّا.

رِوَايَةُ عُتْبَةَ بْنِ عَبْدٍ السُّلَمِيِّ، رضي الله عنه: قَالَ الطَّبَرَانِيُّ: حَدَّثَنَا

ص: 452

أَحْمَدُ بْنُ خُلَيْدٍ الْحَلَبِيُّ، حَدَّثَنَا أَبُو تَوْبَةَ الرَّبِيعُ بْنُ نَافِعٍ، حَدَّثَنَا مُعَاوِيَةُ بْنُ سَلَّامٍ، عَنْ زَيْدِ بْنِ سَلَّامٍ، أَنَّهُ سَمِعَ أَبَا سَلَّامٍ يَقُولُ: حَدَّثَنِي عَامِرُ بْنُ زَيْدٍ الْبِكَالِيُّ، أَنَّهُ سَمِعَ عُتْبَةَ بْنَ عَبْدٍ السُّلَمِيَّ يَقُولُ:«جَاءَ أَعْرَابِيٌّ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، فَقَالَ: مَا حَوْضُكَ هَذَا الَّذِي تُحَدِّثُ عَنْهُ؟ فَقَالَ: " كَمَا بَيْنَ الْبَيْضَاءِ إِلَى بُصْرَى، يَمُدُّنِي اللَّهُ فِيهِ بِكُرَاعٍ لَا يَدْرِي إِنْسَانٌ مِمَّنْ خَلَقَ اللَّهُ أَيْنَ طَرَفَاهُ» ". قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْقُرْطُبِيُّ: وَخَرَّجَ التِّرْمِذِيُّ الْحَكِيمُ فِي " نَوَادِرِ الْأُصُولِ " مِنْ حَدِيثِ عُثْمَانَ بْنِ مَظْعُونٍ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَالَ: "«يَا عُثْمَانُ، لَا تَرْغَبْ عَنْ سُنَّتِي، فَإِنَّهُ مَنْ رَغِبَ عَنْ سُنَّتِي، ثُمَّ مَاتَ قَبْلَ أَنْ يَتُوبَ ضَرَبَتِ الْمَلَائِكَةُ وَجْهَهُ عَنْ حَوْضِي يَوْمَ الْقِيَامَةِ» ".

رِوَايَةُ عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ الْجُهَنِيِّ، رضي الله عنه: قَالَ الْبُخَارِيُّ: حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ خَالِدٍ، حَدَّثَنَا اللَّيْثُ، عَنْ يَزِيدَ، عَنْ أَبِي الْخَيْرِ، عَنْ عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ، «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم خَرَجَ يَوْمًا، فَصَلَّى عَلَى أَهْلِ أُحُدٍ صَلَاتَهُ عَلَى الْمَيِّتِ، ثُمَّ انْصَرَفَ عَلَى الْمِنْبَرِ، فَقَالَ: " إِنِّي فَرَطٌ لَكُمْ عَلَى الْحَوْضِ، وَأَنَا شَهِيدٌ عَلَيْكُمْ، وَإِنِّي وَاللَّهِ لَأَنْظُرُ إِلَى حَوْضِي الْآنَ وَإِنِّي أُعْطِيتُ مَفَاتِيحَ خَزَائِنِ الْأَرْضِ - أَوْ مَفَاتِيحَ الْأَرْضِ - وَإِنِّي وَاللَّهِ مَا أَخَافُ عَلَيْكُمْ أَنْ تُشْرِكُوا بَعْدِي،

ص: 453

وَلَكِنْ أَخَافُ عَلَيْكُمْ أَنْ تَنَافَسُوا فِيهَا» ".

وَرَوَاهُ مُسْلِمٌ، عَنْ قُتَيْبَةَ، عَنِ اللَّيْثِ، بِهِ. وَمِنْ حَدِيثِ يَحْيَى بْنِ أَيُّوبَ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِي حَبِيبٍ، بِهِ، وَعِنْدَهُ:" «إِنِّي فَرَطُكُمْ عَلَى الْحَوْضِ، وَإِنَّ عَرْضَهُ كَمَا بَيْنَ أَيْلَةَ إِلَى الْجُحْفَةِ، وَإِنِّي لَسْتُ أَخْشَى عَلَيْكُمْ أَنْ تُشْرِكُوا بَعْدِي، وَلَكِنَّى أَخْشَى عَلَيْكُمُ الدُّنْيَا أَنْ تَنَافَسُوا فِيهَا، وَتَقْتَتِلُوا فَتَهْلِكُوا كَمَا هَلَكَ مَنْ كَانَ قَبْلَكُمْ» ". قَالَ عُقْبَةُ: فَكَانَتْ آخِرَ مَا رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَلَى الْمِنْبَرِ.

ذِكْرُ مَا رُوِيَ عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ، رضي الله عنه، فِي ذَلِكَ: أَسْنَدَ الْبَيْهَقِيُّ مِنْ طَرِيقِ عَلِيِّ بْنِ الْمَدِينِيِّ، حَدَّثَنَا عَفَّانُ، حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ زَيْدٍ، عَنْ يُوسُفَ بْنِ مِهْرَانَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: سَمِعْتُ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ، رضي الله عنه، يَقُولُ:«إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم رَجَمَ،» وَرَجَمَ أَبُو بَكْرٍ، وَرَجَمْتُ، وَسَيَكُونُ قَوْمٌ يُكَذِّبُونَ بِالرَّجْمِ، وَالدَّجَّالِ، وَالْحَوْضِ، وَالشَّفَاعَةِ، وَبِعَذَابِ الْقَبْرِ، وَبِقَوْمٍ يَخْرُجُونَ مِنَ النَّارِ. وَأَمَّا رِوَايَةُ الْمُسْتَوْرِدِ فَذَكَرَهَا الْقَاضِي عِيَاضٌ.

وَرِوَايَةُ النَّوَّاسِ بْنِ سَمْعَانَ الْكِلَابِيِّ، رضي الله عنه: قَالَ عُمَرُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ بُجَيْرٍ الْبُجَيْرِيُّ: حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ سَلَمَةَ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ بْنِ

ص: 454

إِبْرَاهِيمَ، حَدَّثَنَا ابْنُ جُرَيْجٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، عَنِ النَّوَّاسِ بْنِ سَمْعَانَ، سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ:" «إِنَّ حَوْضِي عَرْضُهُ وَطُولُهُ كَمَا بَيْنَ أَيْلَةَ إِلَى عَمَّانَ، فِيهِ أَقْدَاحٌ كَنُجُومِ السَّمَاءِ، أَوَّلُ مَنْ يَرِدُهُ مِنْ أُمَّتِي مَنْ يَسْقِي كُلَّ عَطْشَانَ» ".

أَوْرَدَهُ الضِّيَاءُ مِنْ هَذَا الْوَجْهِ، ثُمَّ قَالَ: أَرَى أَنَّ هَذَا الْحَدِيثَ مِنْ صِحَاحِ الْبُجَيْرِيِّ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

رِوَايَةُ أَبِي أُمَامَةَ الْبَاهِلِيِّ، رضي الله عنه: قَالَ أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي عَاصِمٍ: حَدَّثَنَا دُحَيْمٌ، حَدَّثَنَا الْوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ، حَدَّثَنَا صَفْوَانُ، عَنْ سُلَيْمِ بْنِ عَامِرٍ، عَنْ أَبِي الْيَمَانِ الْهَوْزَنِيِّ، عَنْ أَبِي أُمَامَةَ، «أَنَّ يَزِيدَ بْنَ الْأَخْنَسِ قَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، فَمَا سَعَةُ حَوْضِكَ؟ قَالَ:" كَمَا بَيْنَ عَدَنَ إِلَى عَمَّانَ، فَأَوْسَعُ، وَأَوْسَعُ - يُشِيرُ بِيَدِهِ - فِيهِ مَثْعَبَانِ مِنْ ذَهَبٍ وَفِضَّةٍ ". قَالَ: فَمَا مَاءُ حَوْضِكَ؟ فَقَالَ: " أَشَدُّ بَيَاضًا مِنَ اللَّبَنِ، وَأَحْلَى مِنَ الْعَسَلِ، وَأَطْيَبُ رَائِحَةً مِنَ الْمِسْكِ، مَنْ شَرِبَ مِنْهُ لَمْ يَظْمَأْ بَعْدَهُ أَبَدًا، وَلَمْ يَسْوَدَّ وَجْهُهُ أَبَدًا» ".

طَرِيقٌ أُخْرَى عَنْهُ: قَالَ ابْنُ أَبِي الدُّنْيَا: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ بْنِ الصَّبَّاحِ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ وَهْبٍ، عَنْ مُعَاوِيَةَ بْنِ صَالِحٍ، عَنْ أَبِي يَحْيَى، عَنْ أَبِي أُمَامَةَ الْبَاهِلِيِّ، قَالَ: «قِيلَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، مَا سَعَةُ حَوْضِكَ؟ قَالَ:" مَا بَيْنَ عَدَنَ، وَعَمَّانَ - وَأَشَارَ بِيَدِهِ - وَأَوْسَعُ، وَأَوْسَعُ، وَفِيهِ مَثْعَبَانِ مِنْ ذَهَبٍ وَفِضَّةٍ ". قِيلَ: يَا

ص: 455

رَسُولَ اللَّهِ، فَمَا شَرَابُهُ؟ قَالَ أَبْيَضُ مِنَ اللَّبَنِ، وَأَحْلَى مَذَاقًا مِنَ الْعَسَلِ، وَأَطْيَبُ رِيحًا مِنَ الْمِسْكِ، مَنْ شَرِبَ مِنْهُ شَرْبَةً لَمْ يَظْمَأْ بَعْدَهَا، وَلَمْ يَسْوَدَّ وَجْهُهُ بَعْدَهَا أَبَدًا» ".

رِوَايَةُ أَبِي بَرْزَةَ الْأَسْلَمِيِّ، رضي الله عنه: قَالَ أَبُو دَاوُدَ: حَدَّثَنَا مُسْلِمُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، حَدَّثَنَا عَبْدُ السَّلَامِ بْنُ أَبِي حَازِمٍ أَبُو طَالُوتَ، قَالَ: شَهِدْتُ أَبَا بَرْزَةَ دَخَلَ عَلَى عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ زِيَادٍ، فَحَدَّثَنِي فُلَانٌ - سَمَّاهُ مُسْلِمٌ - وَكَانَ فِي السِّمَاطِ، فَلَمَّا رَآهُ عُبَيْدُ اللَّهِ قَالَ: إِنَّ مُحَمَّدِيَّكُمْ هَذَا لَدَحْدَاحٌ. فَفَهِمَهَا الشَّيْخُ، فَقَالَ: مَا كُنْتُ أَحْسَبُ أَنِّي أَبْقَى فِي قَوْمٍ يُعَيِّرُونِي بِصُحْبَةِ مُحَمَّدٍ صلى الله عليه وسلم. فَقَالَ لَهُ عُبَيْدُ اللَّهِ: إِنَّ صُحْبَةَ مُحَمَّدٍ لَكَ زَيْنٌ غَيْرُ شَيْنٍ. ثُمَّ قَالَ: إِنَّمَا بَعَثْتُ إِلَيْكَ لِأَسْأَلَكَ عَنِ الْحَوْضِ، سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَذْكُرُ فِيهِ شَيْئًا؟ قَالَ أَبُو بَرْزَةَ: نَعَمْ، لَا مَرَّةَ، وَلَا ثِنْتَيْنِ، وَلَا ثَلَاثًا، وَلَا أَرْبَعًا، وَلَا خَمْسًا، فَمَنْ كَذَّبَ بِهِ فَلَا سَقَاهُ اللَّهُ مِنْهُ. ثُمَّ خَرَجَ مُغْضَبًا.

وَقَالَ أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي الدُّنْيَا: حَدَّثَنَا أَبُو خَيْثَمَةَ، أَخْبَرَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ، أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مِهْزَمٍ الْعَبْدِيُّ، عَنْ أَبِي طَالُوتَ الْعَبْدِيِّ، سَمِعْتُ أَبَا بَرْزَةَ يَقُولُ: «سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ فِي الْحَوْضِ، فَمَنْ كَذَّبَ بِهِ فَلَا سَقَاهُ

ص: 456

اللَّهُ مِنْهُ» . وَقَدْ رَوَاهُ الْبَيْهَقِيُّ مِنْ طَرِيقٍ أُخْرَى عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى الذُّهْلِيِّ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ مَهْدِيٍّ، عَنْ قُرَّةَ بْنِ خَالِدٍ، عَنْ أَبِي حَمْزَةَ طَلْحَةَ بْنِ يَزِيدَ مَوْلَى الْأَنْصَارِ، عَنْ أَبِي بَرْزَةَ، فِي دُخُولِهِ عَلَى عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ زِيَادٍ، بِنَحْوِ مَا تَقَدَّمَ.

طَرِيقٌ أُخْرَى عَنْ أَبِي بَرْزَةَ: قَالَ أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي عَاصِمٍ: حَدَّثَنَا عَبْدَةُ بْنُ عَبْدِ الرَّحِيمِ، حَدَّثَنَا النَّضْرُ بْنُ شُمَيْلٍ، حَدَّثَنَا شَدَّادُ بْنُ سَعِيدٍ، سَمِعْتُ أَبَا الْوَازِعِ، وَهُوَ جَابِرُ بْنُ عَمْرٍو، سَمِعَ أَبَا بَرْزَةَ الْأَسْلَمِيَّ يَقُولُ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: " «مَا بَيْنَ نَاحِيَتَيْ حَوْضِي كَمَا بَيْنَ أَيْلَةَ إِلَى صَنْعَاءَ، مَسِيرَةُ شَهْرٍ، عَرْضُهُ كَطُولِهِ، فِيهِ مِيزَابَانِ يَغُتَّانِ مِنَ الْجَنَّةِ مِنْ وَرِقٍ وَذَهَبٍ، أَبْيَضُ مِنَ اللَّبَنِ، وَأَحْلَى مِنَ الْعَسَلِ، فِيهِ أَبَارِيقُ عَدَدُ نُجُومِ السَّمَاءِ» .

طَرِيقٌ أُخْرَى: قَالَ ابْنُ أَبِي عَاصِمٍ: حَدَّثَنَا عُقْبَةُ بْنُ مُكْرَمٍ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مُوسَى الشَّيْبَانِيُّ، عَنْ صَالِحٍ، عَنْ سَيَّارِ بْنِ سَلَامَةَ الرِّيَاحِيِّ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي بَرْزَةَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: " «إِنَّ لِي حَوْضًا يَوْمَ الْقِيَامَةِ، عَرْضُهُ مَا بَيْنَ أَيْلَةَ إِلَى صَنْعَاءَ، مَاؤُهُ أَشَدُّ بَيَاضًا مِنَ اللَّبَنِ، وَأَحْلَى مِنَ الْعَسَلِ، فِيهِ مِنَ الْأَبَارِيقِ عَدَدُ نُجُومِ السَّمَاءِ، مَنْ شَرِبَ مِنْهُ شَرْبَةً لَمْ يَظْمَأْ بَعْدَهَا أَبَدًا» ". وَمَنْ كَذَّبَ بِهِ فَلَا سَقَاهُ اللَّهُ. يَعْنِي مِنْهُ.

ص: 457

رِوَايَةُ أَبِي بَكْرَةَ الثَّقَفِيِّ، رضي الله عنه: قَالَ أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي الدُّنْيَا فِي " الْأَهْوَالِ ": حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، حَدَّثَنَا رَوْحٌ، حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ زَيْدٍ، عَنِ الْحَسَنِ، عَنْ أَبِي بَكْرَةَ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: " «أَنَا فَرَطُكُمْ عَلَى الْحَوْضِ» .

رِوَايَةُ أَبِي ذَرٍّ الْغِفَارِيِّ، رضي الله عنه: قَالَ مُسْلِمُ بْنُ الْحَجَّاجِ فِي صَحِيحِهِ ": حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، وَإِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، وَابْنُ أَبِي عُمَرَ الْمَكِّيُّ - وَاللَّفْظُ لِأَبِي بَكْرِ بْنِ أَبِي شَيْبَةَ - قَالَ إِسْحَاقُ: أَخْبَرَنَا. وَقَالَ الْآخَرَانِ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ عَبْدِ الصَّمَدِ، عَنْ أَبِي عِمْرَانَ الْجَوْنِيِّ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الصَّامِتِ، عَنْ أَبِي ذَرٍّ، قَالَ: قُلْتُ: «يَا رَسُولَ اللَّهِ، مَا آنِيَةُ الْحَوْضِ؟ قَالَ: " وَالَّذِي نَفْسُ مُحَمَّدٍ بِيَدِهِ، لَآنِيَتُهُ أَكْثَرُ مِنْ عَدَدِ نُجُومِ السَّمَاءِ وَكَوَاكِبِهَا، أَلَا فِي اللَّيْلَةِ الْمُظْلِمَةِ الْمُصْحِيَةِ، آنِيَةُ الْجَنَّةِ مَنْ شَرِبَ مِنْهَا لَمْ يَظْمَأْ آخِرَ مَا عَلَيْهِ، يَشْخُبُ فِيهِ مِيزَابَانِ مِنَ الْجَنَّةِ، مَنْ شَرِبَ مِنْهُ لَمْ يَظْمَأْ، عَرْضُهُ مِثْلُ طُولِهِ مَا بَيْنَ عَمَّانَ إِلَى أَيْلَةَ، مَاؤُهُ أَشَدُّ بَيَاضًا مِنَ اللَّبَنِ، وَأَحْلَى مِنَ الْعَسَلِ» ". هَذَا لَفْظُهُ إِسْنَادًا وَمَتْنًا.

رِوَايَةُ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ، رضي الله عنه: قَالَ ابْنُ أَبِي عَاصِمٍ: حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بِشْرٍ، حَدَّثَنَا زَكَرِيَّا، عَنْ عَطِيَّةَ الْعَوْفِيِّ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، قَالَ: " «إِنَّ لِي حَوْضًا طُولُهُ مَا بَيْنَ الْكَعْبَةِ إِلَى بَيْتِ الْمَقْدِسِ، أَبْيَضُ مِثْلُ اللَّبَنِ، آنِيَتُهُ عَدَدُ النُّجُومِ، وَإِنِّي لَأَكْثَرُ الْأَنْبِيَاءِ تَبَعًا

ص: 458

يَوْمَ الْقِيَامَةِ» ". وَرَوَاهُ ابْنُ مَاجَهْ، عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ أَبِي شَيْبَةَ.

وَقَالَ ابْنُ أَبِي الدُّنْيَا: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سُلَيْمَانَ الْأَسَدِيُّ، حَدَّثَنَا عِيسَى بْنُ يُونُسَ، عَنْ زَكَرِيَّا، عَنْ عَطِيَّةَ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ:" «إِنَّ لِي حَوْضًا طُولُهُ مِنَ الْكَعْبَةِ إِلَى بَيْتِ الْقُدْسِ، أَشَدُّ بَيَاضًا مِنَ اللَّبَنِ، آنِيَتُهُ عَدَدُ النُّجُومِ، وَكُلُّ نَبِيٍّ يَدْعُو أُمَّتَهُ، وَلِكُلِّ نَبِيٍّ حَوْضٌ، فَمِنْهُمْ مَنْ يَأْتِيهِ الْفِئَامُ، وَمِنْهُمْ مَنْ يَأْتِيهِ الْعُصْبَةُ، وَمِنْهُمْ مَنْ يَأْتِيهِ النَّفَرُ، وَمِنْهُمْ مَنْ يَأْتِيهِ الرَّجُلَانِ وَالرَّجُلُ، وَمِنْهُمْ مَنْ لَا يَأْتِيهِ أَحَدٌ، فَيُقَالُ: لَقَدْ بَلَّغْتَ. وَإِنِّي لَأَكْثَرُ الْأَنْبِيَاءِ تَبَعًا يَوْمَ الْقِيَامَةِ» ".

وَرَوَى الْبَيْهَقِيُّ مِنْ طَرِيقِ رَوْحِ بْنِ عُبَادَةَ، عَنْ مَالِكٍ، عَنْ خُبَيْبِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ حَفْصِ بْنِ عَاصِمٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، وَأَبِي سَعِيدٍ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ:" مَا «بَيْنَ بَيْتِي وَمِنْبَرِي رَوْضَةٌ مِنْ رِيَاضِ الْجَنَّةِ» ". ثُمَّ قَالَ: وَرَوَاهُ الْبُخَارِيُّ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ، عَنْ مَالِكٍ، وَأَخْرَجَاهُ مِنْ حَدِيثِ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ، عَنْ خُبَيْبٍ، بِدُونِ ذِكْرِ أَبِي سَعِيدٍ. وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

رِوَايَةُ أَبِي هُرَيْرَةَ الدَّوْسِيِّ، رضي الله عنه: قَالَ الْبُخَارِيُّ: حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ الْمُنْذِرِ، حَدَّثَنَا أَنَسُ بْنُ عِيَاضٍ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ، عَنْ خُبَيْبٍ، عَنْ حَفْصِ بْنِ

ص: 459

عَاصِمٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ:" «مَا بَيْنَ بَيْتِي وَمِنْبَرِي رَوْضَةٌ مِنْ رِيَاضِ الْجَنَّةِ، وَمِنْبَرِي عَلَى حَوْضِي» ". وَرَوَاهُ الْبُخَارِيُّ أَيْضًا، وَمُسْلِمٌ مِنْ طُرُقٍ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ، وَأَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ أَيْضًا مِنْ حَدِيثِ مَالِكٍ، كِلَاهُمَا عَنْ خُبَيْبِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، بِهِ.

طَرِيقٌ أُخْرَى عَنْهُ: قَالَ الْبُخَارِيُّ: حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ الْمُنْذِرِ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ فُلَيْحٍ، حَدَّثَنَا أَبِي، حَدَّثَنِي هِلَالٌ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، قَالَ:" «بَيْنَا أَنَا قَائِمٌ عَلَى الْحَوْضِ إِذَا زُمْرَةٌ، حَتَّى إِذَا عَرَفْتُهُمْ خَرَجَ رَجُلٌ مِنْ بَيْنِي وَبَيْنَهُمْ، فَقَالَ: هَلُمَّ. فَقُلْتُ: أَيْنَ؟ قَالَ: إِلَى النَّارِ وَاللَّهِ. قُلْتُ: وَمَا شَأْنُهُمْ؟ قَالَ: إِنَّهُمُ ارْتَدُّوا بَعْدَكَ عَلَى أَدْبَارِهِمُ الْقَهْقَرَى. ثُمَّ إِذَا زُمْرَةٌ حَتَّى إِذَا عَرَفْتُهُمْ خَرَجَ رَجُلٌ مِنْ بَيْنِي وَبَيْنَهُمْ، فَقَالَ: هَلُمَّ. قُلْتُ: أَيْنَ؟ قَالَ: إِلَى النَّارِ وَاللَّهِ. قُلْتُ: وَمَا شَأْنُهُمْ؟ قَالَ: إِنَّهُمُ ارْتَدُّوا بَعْدَكَ عَلَى أَدْبَارِهِمُ الْقَهْقَرَى. فَلَا أُرَاهُ يَخْلُصُ مِنْهُمْ إِلَّا مِثْلُ هَمَلِ النَّعَمِ» ". انْفَرَدَ بِهِ الْبُخَارِيُّ.

طَرِيقٌ أُخْرَى: قَالَ مُسْلِمٌ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ سَلَّامٍ الْجُمَحِيُّ، حَدَّثَنَا الرَّبِيعُ - يَعْنِي ابْنَ مُسْلِمٍ - عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ زِيَادٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ:" «لَأَذُودَنَّ عَنْ حَوْضِي رِجَالًا كَمَا تُذَادُ الْغَرِيبَةُ مِنَ الْإِبِلِ» ".

ص: 460

وَحَدَّثَنِيهِ عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُعَاذٍ، حَدَّثَنَا أَبِي، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ زِيَادٍ، سَمِعَ أَبَا هُرَيْرَةَ يَقُولُ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بِمِثْلِهِ.

طَرِيقٌ أُخْرَى عَنْهُ: قَالَ مُسْلِمٌ: حَدَّثَنَا سُوَيْدُ بْنُ سَعِيدٍ، وَابْنُ أَبِي عُمَرَ، جَمِيعًا عَنْ مَرْوَانَ الْفَزَارِيِّ، قَالَ ابْنُ أَبِي عُمَرَ: حَدَّثَنَا مَرْوَانُ الْفَزَارِيُّ، عَنْ أَبِي مَالِكٍ الْأَشْجَعِيِّ سَعْدِ بْنِ طَارِقٍ، عَنْ أَبِي حَازِمٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ:" «إِنَّ حَوْضِي أَبْعَدُ مِنْ أَيْلَةَ مِنْ عَدَنَ، لَهُوَ أَشَدُّ بَيَاضًا مِنَ الثَّلْجِ، وَأَحْلَى مِنَ الْعَسَلِ بِاللَّبَنِ، وَلَآنِيَتُهُ أَكْثَرُ مِنْ عَدَدِ النُّجُومِ، وَإِنِّي لَأَصُدُّ النَّاسَ عَنْهُ، كَمَا يَصُدُّ الرَّجُلُ إِبِلَ النَّاسِ عَنْ حَوْضِهِ ". قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَتَعْرِفُنَا يَوْمَئِذٍ قَالَ:" نَعَمْ، لَكُمْ سِيمَا لَيْسَتْ لِأَحَدٍ مِنَ الْأُمَمِ، تَرِدُونَ عَلَيَّ غُرًّا مُحَجَّلِينَ مِنْ أَثَرِ الْوُضُوءِ» ". هَذَا لَفْظُهُ.

طَرِيقٌ أُخْرَى عَنْهُ: أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ، مِنْ حَدِيثِ إِسْمَاعِيلَ بْنِ جَعْفَرٍ، عَنِ الْعَلَاءِ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، بِهِ.

طَرِيقٌ أُخْرَى عَنْهُ: رَوَى الْحَافِظُ الضِّيَاءُ مِنْ حَدِيثِ يَحْيَى بْنِ صَالِحٍ، حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ بِلَالٍ، حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ أَبِي أَسِيدٍ، عَنْ جَدِّهِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ،

ص: 461

أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: " «إِذَا أَنَا هَلَكْتُ فَإِنِّي فَرَطُكُمْ عَلَى الْحَوْضِ ". قِيلَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، وَمَا الْحَوْضُ؟ قَالَ: " عَرْضُهُ مِثْلُ مَا بَيْنَكُمْ وَبَيْنَ جَرْبَاءَ وَأَذْرُحَ، بَيَاضُهُ بَيَاضُ اللَّبَنِ، وَهُوَ أَحْلَى مِنَ الْعَسَلِ وَالسُّكَّرِ، آنِيَتُهُ مِثْلُ نُجُومِ السَّمَاءِ، مَنْ وَرَدَ عَلَيَّ شَرِبَ، وَمَنْ شَرِبَ مِنْهُ لَمْ يَظْمَأْ أَبَدًا، وَإِيَّاكُمْ أَنْ تَرِدَ عَلَىَّ أَقْوَامٌ أَعْرِفُهُمْ وَيَعْرِفُونِي، فَيُحَالُ بَيْنِي وَبَيْنَهُمْ، فَأَقُولُ: إِنَّهُمْ مِنْ أُمَّتِي. فَيُقَالُ: إِنَّكَ لَا تَدْرِي مَا أَحْدَثُوا بَعْدَكَ. فَأَقُولُ: بُعْدًا وَسُحْقًا لِمَنْ بَدَّلَ بَعْدِي» .

ثُمَّ قَالَ الْحَافِظُ الضِّيَاءُ: لَا أَعْلَمُ أَنِّي سَمِعْتُ بِلَفْظِ السُّكَّرِ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم إِلَّا فِي هَذَا الْحَدِيثِ. قُلْتُ: بَلَى، قَدْ وَرَدَ لَفْظُ السُّكَّرِ فِي حَدِيثٍ رَوَاهُ الْبَيْهَقِيُّ فِي بَابِ الْوَلِيمَةِ وَالنِّثَارِ؟ «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم حَضَرَ عَقْدًا، فَأُتِيَ بِأَطْبَاقِ الْجَوْزِ وَالسُّكَّرِ، فَنُثِرَ، فَجَعَلَ يُخَاطِفُهُمْ وَيُخَاطِفُونَهُ» . الْحَدِيثَ بِتَمَامِهِ، وَهُوَ غَرِيبٌ جِدًّا.

طَرِيقٌ أُخْرَى عَنْهُ: قَالَ الْبُخَارِيُّ: وَقَالَ أَحْمَدُ بْنُ شَبِيبِ بْنِ سَعِيدٍ الْحَبَطِيُّ، حَدَّثَنَا أَبِي، عَنْ يُونُسَ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، أَنَّهُ كَانَ يُحَدِّثُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: " «يَرِدُ عَلَيَّ يَوْمَ الْقِيَامَةِ رَهْطٌ مِنْ أَصْحَابِي فَيُحَلَّئُونَ عَنِ الْحَوْضِ، فَأَقُولُ: يَا رَبِّ، أَصْحَابِي، فَيَقُولُ: إِنَّكَ

ص: 462

لَا عِلْمَ لَكَ بِمَا أَحْدَثُوا بَعْدَكَ، إِنَّهُمُ ارْتَدُّوا عَلَى أَدْبَارِهِمُ الْقَهْقَرَى» ".

قَالَ: وَقَالَ شُعَيْبٌ، عَنِ الزُّهْرِيِّ: كَانَ أَبُو هُرَيْرَةَ يُحَدِّثُ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم " فَيُجْلَوْنَ ". وَقَالَ عُقَيْلٌ: " فَيُحَلَّئُونَ ". وَقَالَ الزُّبَيْدِيُّ: عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي رَافِعٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم.

وَهَذَا كُلُّهُ تَعْلِيقٌ، وَلَمْ أَرَ أَحَدًا أَسْنَدَهُ فِي شَيْءٍ مِنْ هَذِهِ الْوُجُوهِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، إِلَّا أَنَّ الْبُخَارِيَّ قَالَ بَعْدَ هَذَا: حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ صَالِحٍ، حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ، أَخْبَرَنِي يُونُسُ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنِ ابْنِ الْمُسَيَّبِ، أَنَّهُ كَانَ يُحَدِّثُ عَنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ:" «يَرِدُ عَلَيَّ الْحَوْضَ رِجَالٌ مِنْ أَصْحَابِي، فَيُحَلَّئُونَ عَنْهُ، فَأَقُولُ: يَا رَبِّ، أَصْحَابِي فَيَقُولُ: إِنَّكَ لَا تَدْرِي مَا أَحْدَثُوا بَعْدَكَ إِنَّهُمُ ارْتَدُّوا عَلَى أَدْبَارِهِمُ الْقَهْقَرَى» ".

وَقَالَ ابْنُ أَبِي الدُّنْيَا: حَدَّثَنِي يَعْقُوبُ بْنُ عُبَيْدٍ، وَغَيْرُهُ، عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ حَرْبٍ، عَنْ حَمَّادِ بْنِ زَيْدٍ، عَنْ كُلْثُومٍ - إِمَامِ مَسْجِدِ بَنِي بَشِيرٍ - عَنِ الْفَضْلِ بْنِ عِيسَى، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْمُنْكَدِرِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: كَأَنِّي بِكُمْ صَادِرِينِ عَلَى الْحَوْضِ، يَلْقَى الرَّجُلُ الرَّجُلَ، فَيَقُولُ: أَشَرِبْتَ؟ فَيَقُولُ: نَعَمْ.

ص: 463

وَيَلْقَى الرَّجُلُ الرَّجُلَ، فَيَقُولُ: أَشَرِبْتَ؟ فَيَقُولُ: لَا، وَاعَطَشَاهُ!

رِوَايَةُ أَسْمَاءَ بِنْتِ أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ، رضي الله عنهما: قَالَ الْبُخَارِيُّ: حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ أَبِي مَرْيَمَ، عَنْ نَافِعِ بْنِ عُمَرَ، قَالَ: حَدَّثَنِي ابْنُ أَبِي مُلَيْكَةَ، عَنْ أَسْمَاءَ بِنْتِ أَبِي بَكْرٍ، رضي الله عنهما، قَالَتْ: قَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: " «إِنِّي عَلَى الْحَوْضِ حَتَّى أَنْظُرَ مَنْ يَرِدُ عَلَيَّ مِنْكُمْ، وَسَيُؤْخَذُ نَاسٌ دُونِي، فَأَقُولُ: يَا رَبِّ، مِنِّي وَمِنْ أُمَّتِي. فَيُقَالُ: هَلْ شَعَرْتَ مَا عَمِلُوا بَعْدَكَ؟ وَاللَّهِ مَا بَرِحُوا يَرْجِعُونَ عَلَى أَعْقَابِهِمْ» . فَكَانَ ابْنُ أَبِي مُلَيْكَةَ يَقُولُ: اللَّهُمَّ إِنَّا نَعُوذُ بِكَ أَنْ نَرْجِعَ عَلَى أَعْقَابِنَا، أَوْ نُفْتَنَ عَنْ دِينِنَا.

وَرَوَاهُ مُسْلِمٌ، عَنْ دَاوُدَ بْنِ عَمْرٍو، عَنْ نَافِعِ بْنِ عُمَرَ، عَنِ ابْنِ أَبِي مُلَيْكَةَ، عَنْ أَسْمَاءَ، مِثْلَهُ.

رِوَايَةُ أُمِّ الْمُؤْمِنِينَ عَائِشَةَ، رضي الله عنها: قَالَ الْبَيْهَقِيُّ: أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ، أَنْبَأَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ الْحَسَنِ الْقَاضِي، حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ الْحُسَيْنِ، حَدَّثَنَا آدَمُ، حَدَّثَنَا إِسْرَائِيلُ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ أَبِي عُبَيْدَةَ، قَالَ: سَأَلْتُ عَائِشَةَ أُمَّ الْمُؤْمِنِينَ عَنِ الْكَوْثَرِ، فَقَالَتْ: هُوَ نَهْرٌ أُعْطِيَهُ نَبِيُّكُمْ صلى الله عليه وسلم فِي الْجَنَّةِ، حَافَّتَاهُ دُرٌّ مُجَوَّفٌ، عَلَيْهِ مِنَ الْآنِيَةِ عَدَدُ النُّجُومِ. وَرَوَاهُ الْبُخَارِيُّ عَنْ خَالِدِ بْنِ يَزِيدَ الْكَاهِلِيِّ، عَنْ إِسْرَائِيلَ، وَاسْتَشْهَدَ بِرِوَايَةِ مُطَرِّفٍ.

ص: 464

وَقَالَ مُسْلِمٌ: حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي عُمَرَ، حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سُلَيْمٍ، عَنِ ابْنِ خُثَيْمٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي مُلَيْكَةَ، أَنَّهُ سَمِعَ عَائِشَةَ تَقُولُ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ، وَهُوَ بَيْنَ ظَهْرَانَيْ أَصْحَابِهِ:" «إِنِّي عَلَى الْحَوْضِ أَنْتَظِرُ مَنْ يَرِدُ عَلَيَّ مِنْكُمْ، فَوَاللَّهِ لَيُقْتَطَعَنَّ دُونِي رِجَالٌ، فَلَأَقُولَنَّ: أَيْ رَبِّ، مِنِّي وَمِنْ أُمَّتِي. فَيَقُولُ: إِنَّكَ لَا تَدْرِي مَا عَمِلُوا بَعْدَكَ؟ مَا زَالُوا يَرْجِعُونَ عَلَى أَعْقَابِهِمْ» ". انْفَرَدَ بِهِ مُسْلِمٌ.

رِوَايَةُ أُمِّ الْمُؤْمِنِينَ أُمِّ سَلَمَةَ، رضي الله عنها: قَالَ مُسْلِمٌ: حَدَّثَنِي يُونُسُ بْنُ عَبْدِ الْأَعْلَى الصَّدَفِيُّ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ وَهْبٍ، أَخْبَرَنِي عُمَرُ،، وَهُوَ ابْنُ الْحَارِثِ، أَنَّ بُكَيْرًا حَدَّثَهُ عَنِ الْقَاسِمِ بْنِ عَبَّاسٍ الْهَاشِمِيِّ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ رَافِعٍ، مَوْلَى أُمِّ سَلَمَةَ، عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ زَوْجِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهَا قَالَتْ: كُنْتُ أَسْمَعُ النَّاسَ يَذْكُرُونَ الْحَوْضَ، وَلَمْ أَسْمَعْ ذَلِكَ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَلَمَّا كَانَ يَوْمًا مِنْ ذَلِكَ، وَالْجَارِيَةُ تُمَشِّطُنِي، فَسَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، يَقُولُ:«أَيُّهَا النَّاسُ ". فَقُلْتُ لِلْجَارِيَةِ: اسْتَأْخِرِي عَنِّي. قَالَتْ: إِنَّمَا دَعَا الرِّجَالَ، وَلَمْ يَدْعُ النِّسَاءَ. فَقُلْتُ: إِنِّي مِنَ النَّاسِ. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: " إِنِّي لَكُمْ فَرَطٌ عَلَى الْحَوْضِ، فَإِيَّايَ لَا يَأْتِيَنَّ أَحَدُكُمْ، فَيُذَبَّ عَنِّي كَمَا يُذَبُّ الْبَعِيرُ الضَّالُّ، فَأَقُولُ: فِيمَ هَذَا؟ فَيُقَالُ: إِنَّكَ لَا تَدْرِي مَا أَحْدَثُوا بَعْدَكَ. فَأَقُولُ: سُحْقًا» ".

ثُمَّ رَوَاهُ مُسْلِمٌ، وَالنَّسَائِيُّ مِنْ حَدِيثِ أَفْلَحَ بْنِ سَعِيدٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ رَافِعٍ

ص: 465

عَنْهَا.

رِوَايَةُ أَخٍ لِزَيْدِ بْنِ أَرْقَمَ: قَالَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ: ثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، عَنْ مَعْمَرٍ، عَنْ مَطَرٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ بُرَيْدَةَ، قَالَ: شَكَّ عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ زِيَادٍ فِي الْحَوْضِ فَأَرْسَلَ إِلَى زَيْدِ بْنِ أَرْقَمَ فَسَأَلَهُ عَنِ الْحَوْضِ، فَحَدَّثَهُ بِهِ حَدِيثًا مُؤْنَقًا فَأَعْجَبَهُ، فَقَالَ لَهُ: سَمِعْتَ هَذَا مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم؟ قَالَ: لَا، وَلَكِنْ حَدَّثَنِيهِ أَخِي.

فَقَدْ تَلَخَّصَ مِنْ مَجْمُوعِ هَذِهِ الْأَحَادِيثِ الْمُتَوَاتِرَةِ صِفَةُ هَذَا الْحَوْضِ الْعَظِيمِ، وَالْمَوْرِدِ الْكَرِيمِ الْمُمَدِّ مِنْ شَرَابِ الْجَنَّةِ مِنْ نَهْرِ الْكَوْثَرِ، الَّذِي هُوَ أَشَدُّ بَيَاضًا مِنَ اللَّبَنِ وَأَبْرَدُ مِنَ الثَّلْجِ، وَأَحْلَى مِنَ الْعَسَلِ، وَأَطْيَبُ رِيحًا مِنَ الْمِسْكِ، وَهُوَ فِي غَايَةِ الِاتِّسَاعِ، عَرْضُهُ وَطُولُهُ سَوَاءٌ، كُلُّ زَاوِيَةٍ مِنْ زَوَايَاهُ مَسِيرَةُ شَهْرٍ.

وَفِي بَعْضِ الْأَحَادِيثِ الْمُتَقَدِّمَةِ أَنَّ كُلَّ مَا لَهُ فِي زِيَادَةٍ وَاتِّسَاعٍ، وَأَنَّهُ يَنْبُتُ فِي حَالِهِ - أَيْ فِي طِينِهِ - مِنَ الْمِسْكِ، وَأَنَّ رَضْرَاضَهُ مِنَ اللُّؤْلُؤِ، وَأَنَّهُ يَنْبُتُ عَلَى جَوَانِبِهِ قُضْبَانُ الذَّهَبِ، وَيُثْمِرُ أَلْوَانَ الْجَوَاهِرِ، فَسُبْحَانَ اللَّهِ الْخَالِقِ الَّذِي لَا يُعْجِزُهُ شَيْءٌ، وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَأَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ.

ص: 466