المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌[ذكر قتال الملحمة مع الروم الذي يكون آخره فتح القسطنطينية] - البداية والنهاية - ت التركي - جـ ١٩

[ابن كثير]

فهرس الكتاب

- ‌[كِتَابُ الْفِتَنِ وَالْمَلَاحِمِ وَأَشْرَاطِ السَّاعَةِ وَالْأُمُورِ الْعِظَامِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ]

- ‌[مُقَدِّمَةُ الْمُصَنِّفِ]

- ‌[خَبَرُ الْأُبُلَّةِ]

- ‌[ذِكْرُ قِتَالِ الْهِنْدِ]

- ‌[حَدِيثُ مُعَاوِيَةَ بْنِ أَبِي سُفْيَانَ فِي قِتَالِ التُّرْكِ]

- ‌[حَدِيثُ عُبَادَةَ فِيمَا يَتَعَلَّقُ بِمَا بَعْدَ الْمِائَةِ سَنَةٍ]

- ‌[حَدِيثٌ فِيمَا بَعْدَ الْمِائَتَيْنِ مِنَ الْهِجْرَةِ]

- ‌[ذِكْرُ سَنَةِ خَمْسِمِائَةٍ]

- ‌[ذِكْرُ الْخَبَرِ الْوَارِدِ فِي ظُهُورِ نَارٍ مِنْ أَرْضِ الْحِجَازِ أَضَاءَتْ لَهَا أَعْنَاقُ الْإِبِلِ بِبُصْرَى]

- ‌[ذِكْرُ إِخْبَارِهِ صلى الله عليه وسلم بِالْغُيُوبِ الْمُسْتَقْبَلَةِ بَعْدَ زَمَانِنَا هَذَا]

- ‌[بَابُ ذِكْرِ الْفِتَنِ جُمْلَةً ثُمَّ نُفَصِّلُ ذِكْرَهَا بَعْدَ ذَلِكَ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى]

- ‌[بَابُ افْتِرَاقِ الْأُمَمِ]

- ‌[ذِكْرُ شُرُورٍ تَحْدُثُ فِي هَذِهِ الْأُمَّةِ فِي آخِرِ الزَّمَانِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي ذِكْرِ الْمَهْدِيِّ الَّذِي يَكُونُ فِي آخِرِ الزَّمَانِ]

- ‌[ذِكْرُ أَنْوَاعٍ مِنَ الْفِتَنِ وَقَعَتْ وَسَتَكْثُرُ وَتَتَفَاقَمُ فِي آخِرِ الزَّمَانِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي تَعْدَادِ الْآيَاتِ وَالْأَشْرَاطِ الْوَاقِعَةِ]

- ‌[ذِكْرُ قِتَالِ الْمَلْحَمَةِ مَعَ الرُّومِ الَّذِي يَكُونُ آخِرُهُ فَتْحَ الْقُسْطَنْطِينِيَّةِ]

- ‌[ذِكْرُ خُرُوجِ الدَّجَّالِ بَعْدَ وُقُوعِ الْمَلْحَمَةِ الرُّومِيَّةِ وَفَتْحِ الْقُسْطَنْطِينِيَّةِ]

- ‌[الْكَلَامُ عَلَى أَحَادِيثِ الدَّجَّالِ]

- ‌[حَدِيثُ فَاطِمَةَ بِنْتِ قَيْسٍ فِي الدَّجَّالِ]

- ‌[حَدِيثُ النَّوَّاسِ بْنِ سَمْعَانَ الْكِلَابِيِّ عَنِ الدَّجَّالِ]

- ‌[حَدِيثٌ عَنْ أَبِي أُمَامَةَ الْبَاهِلِيِّ صُدَيِّ بْنِ عَجْلَانَ فِي مَعْنَى حَدِيثِ النَّوَّاسِ بْنِ سَمْعَانَ]

- ‌[ذِكْرُ أَحَادِيثَ مَنْثُورَةٍ فِي الدَّجَّالِ]

- ‌[ذِكْرُ مَا يَعْصِمُ مِنَ الدَّجَّالِ]

- ‌[مُلَخَّصُ سِيرَةِ الدَّجَّالِ]

- ‌[صِفَةُ الدَّجَّالِ]

- ‌[خَبَرٌ عَجِيبٌ وَنَبَأٌ غَرِيبٌ]

- ‌[ذِكْرُ نُزُولِ عِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ مِنَ السَّمَاءِ الدُّنْيَا إِلَى الْأَرْضِ فِي آخِرِ الزَّمَانِ]

- ‌[ذِكْرُ الْأَحَادِيثِ الْوَارِدَةِ فِي ذَلِكَ]

- ‌[حَدِيثٌ عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ فِي أَمْرِ السَّاعَةِ]

- ‌[صِفَةُ الْمَسِيحِ عِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ رَسُولِ اللَّهِ عليه السلام]

- ‌[ذِكْرُ خُرُوجِ يَأْجُوجَ وَمَأْجُوجَ]

- ‌[ذِكْرُ تَخْرِيبِ الْكَعْبَةِ شَرَّفَهَا اللَّهُ عَلَى يَدَيْ ذِي السُّوَيْقَتَيْنِ الْأَفْحَجِ الْحَبَشِيِّ]

- ‌[ذِكْرُ تَخْرِيبِهِ إِيَّاهَا]

- ‌[الْمَدِينَةُ النَّبَوِيَّةُ لَا يَدْخُلُهَا الدَّجَّالُ]

- ‌[خُرُوجُ الدَّابَّةِ]

- ‌[حَدِيثٌ عَنْ أَبِي أُمَامَةَ]

- ‌[ذِكْرُ طُلُوعِ الشَّمْسِ مِنْ مَغْرِبِهَا]

- ‌[ذِكْرُ الدُّخَانِ الَّذِي يَكُونُ قَبْلَ يَوْمِ الْقِيَامَةِ]

- ‌[ذِكْرُ الصَّوَاعِقِ الَّتِي تَكُونُ عِنْدَ اقْتِرَابِ السَّاعَةِ]

- ‌[ذِكْرُ وُقُوعِ الْمَطَرِ الشَّدِيدِ قَبْلَ يَوْمِ الْقِيَامَةِ]

- ‌[بَابُ ذِكْرِ أُمُورٍ لَا تَقُومُ السَّاعَةُ حَتَّى تَكُونَ، مِنْهَا مَا قَدْ وَقَعَ، وَمِنْهَا مَا لَمْ يَقَعْ بَعْدُ]

- ‌[صِفَةُ أَهْلِ آخِرِ الزَّمَانِ]

- ‌[ذِكْرُ طُرُقِ حَدِيثِ بُعِثْتُ أَنَا وَالسَّاعَةَ كَهَاتَيْنِ]

- ‌[حَدِيثٌ فِي تَقْرِيبِ يَوْمِ الْقِيَامَةِ بِالنِّسْبَةِ إِلَى مَا سَلَفَ مِنَ الْأَزْمِنَةِ]

- ‌[ذِكْرُ دُنُوِّ السَّاعَةِ وَاقْتِرَابِهَا]

- ‌[ذِكْرُ زَوَالِ الدُّنْيَا وَإِقْبَالِ الْآخِرَةِ]

- ‌[حَدِيثُ الصُّورِ بِطُولِهِ]

- ‌[النَّفْخُ فِي الصُّورِ]

- ‌[ذِكْرُ أَمْرِ هَذِهِ النَّارِ وَحَشْرِهَا النَّاسَ إِلَى أَرْضِ الشَّامِ]

- ‌ نَفْخَةِ الصَّعْقِ

- ‌[فَصْلٌ اللَّهُ يَقْبِضُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ الْأَرَضِينَ وَتَكُونُ السَّمَاوَاتُ بِيَمِينِهِ]

- ‌[سِتُّ آيَاتٍ قَبْلَ يَوْمِ الْقِيَامَةِ]

- ‌[نَفْخَةُ الْبَعْثِ]

- ‌[ذِكْرُ أَحَادِيثَ فِي الْبَعْثِ]

- ‌[حَدِيثُ أَبِي رَزِينٍ فِي الْبَعْثِ وَالنُّشُورِ]

- ‌[ذِكْرُ أَسْمَاءِ يَوْمِ الْقِيَامَةِ]

- ‌[ذِكْرُ أَنَّ يَوْمَ الْقِيَامَةِ هُوَ يَوْمُ النَّفْخِ فِي الصُّورِ لِبَعْثِ الْأَجْسَادِ مِنْ قُبُورِهَا وَأَنَّ ذَلِكَ يَكُونُ فِي يَوْمِ الْجُمُعَةِ]

- ‌[ذِكْرُ أَنَّ أَوَّلَ مَنْ تَنْشَقُّ عَنْهُ الْأَرْضُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم]

- ‌[ذِكْرُ بَعْثِ النَّاسِ حُفَاةً عُرَاةً غُرْلًا، وَذِكْرُ أَوَّلِ مَنْ يُكْسَى يَوْمَئِذٍ مِنَ النَّاسِ]

- ‌[ذِكْرُ شَيْءٍ مِنْ أَهْوَالِ يَوْمِ الْقِيَامَةِ]

- ‌[ذِكْرُ الْأَحَادِيثِ وَالْأَثَارِ الدَّالَّةِ عَلَى أَهْوَالِ يَوْمِ الْقِيَامَةِ]

- ‌[فَصْلٌ إِذَا قَامَ النَّاسُ مِنْ قُبُورِهِمْ وَجَدُوا الْأَرْضَ غَيْرَ صِفَةِ الْأَرْضِ الَّتِي كَانُوا فِيهَا]

- ‌[ذِكْرُ طُولِ يَوْمِ الْقِيَامَةِ وَمَا وَرَدَ فِي مِقْدَارِهِ]

- ‌[ذِكْرُ الْمَقَامِ الْمَحْمُودِ الَّذِي خُصَّ بِهِ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مِنْ بَيْنِ سَائِرِ الْأَنْبِيَاءِ عَلَيْهِمُ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ]

- ‌[ذِكْرُ مَا وَرَدَ فِي الْحَوْضِ النَّبَوِيِّ الْمُحَمَّدِيِّ]

- ‌[ذِكْرُ أَنَّ لِكُلِّ نَبِيٍّ حَوْضًا وَأَنَّ حَوْضَ نَبِيِّنَا مُحَمَّدٍ صلى الله عليه وسلم وَعَلَيْهِمْ أَجْمَعِينَ أَعْظَمُهَا وَأَجَلُّهَا]

- ‌[فَصْلٌ فِي مَجِيءِ الرَّبِّ سبحانه وتعالى كَمَا يَشَاءُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ لِفَصْلِ الْقَضَاءِ بَيْنَ خَلْقِهِ]

- ‌[ذِكْرُ كَلَامِ الرَّبِّ تَعَالَى مَعَ آدَمَ عليه السلام]

- ‌[كَلَامُ الرَّبِّ تَعَالَى مَعَ نُوحٍ عليه السلام وَسُؤَالُهُ إِيَّاهُ عَنِ الْبَلَاغِ]

- ‌[ذِكْرُ تَشْرِيفِ إِبْرَاهِيمَ الْخَلِيلِ عليه السلام يَوْمَ الْقِيَامَةِ عَلَى رُءُوسِ الْأَشْهَادِ]

- ‌[ذِكْرُ مُوسَى صلى الله عليه وسلم وَظُهُورِ شَرَفِهِ وَجَلَالَتِهِ وَكَرَامَتِهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ]

- ‌[ذِكْرُ عِيسَى عليه الصلاة والسلام وَكَلَامِ الرَّبِّ مَعَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ]

- ‌[ذِكْرُ مَا وَرَدَ فِي كَلَامِ الرَّبِّ سُبْحَانَهُ مَعَ الْعُلَمَاءِ يَوْمَ فَصْلِ الْقَضَاءِ]

- ‌[ذِكْرُ أَوَّلِ كَلَامِهِ عز وجل لِلْمُؤْمِنِينَ]

- ‌[فَصْلٌ فِي مُخَاطَبَةِ اللَّهِ عز وجل لِعَبْدِهِ الْكَافِرِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي إِبْرَازِ النِّيرَانِ، وَالْجِنَانِ، وَنَصْبِ الْمِيزَانِ، وَمُحَاسَبَةِ الدَّيَّانِ]

- ‌[ذِكْرُ إِبْدَاءِ عُنُقٍ مِنَ النَّارِ إِلَى الْمَحْشَرِ فَيَطَّلِعُ عَلَى النَّاسِ]

- ‌[ذِكْرُ الْمِيزَانِ]

- ‌[بَيَانُ كَوْنِ الْمِيزَانِ لَهُ كِفَّتَانِ حِسِّيَّتَانِ مُشَاهَدَتَانِ]

- ‌[إِنْكَارُ الْمُعْتَزِلَةِ لِلْمِيزَانِ وَالرَّدِّ عَلَيْهِمْ]

- ‌[الْحُكْمُ فِيمَنْ ثَقُلَتْ حَسَنَاتُهُ عَلَى سَيِّئَاتِهِ بِحَسَنَةٍ أَوْ بِحَسَنَاتٍ]

الفصل: ‌[ذكر قتال الملحمة مع الروم الذي يكون آخره فتح القسطنطينية]

[ذِكْرُ قِتَالِ الْمَلْحَمَةِ مَعَ الرُّومِ الَّذِي يَكُونُ آخِرُهُ فَتْحَ الْقُسْطَنْطِينِيَّةِ]

وَعِنْدَ ذَلِكَ «يَخْرُجُ الدَّجَّالُ، وَيَنْزِلُ الْمَسِيحُ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ مِنَ السَّمَاءِ إِلَى الْأَرْضِ، عَلَى الْمَنَارَةِ الْبَيْضَاءِ الشَّرْقِيَّةِ بِدِمَشْقَ، وَقْتَ صَلَاةِ الْفَجْرِ،» كَمَا سَيَأْتِي بَيَانُ ذَلِكَ كُلِّهِ، بِالْأَحَادِيثِ الصَّحِيحَةِ.

قَالَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مُصْعَبٍ، هُوَ الْقَرْقَسَانِيُّ، حَدَّثَنَا الْأَوْزَاعِيُّ، عَنْ حَسَّانَ بْنِ عَطِيَّةَ، عَنْ خَالِدِ بْنِ مَعْدَانَ، عَنْ جُبَيْرِ بْنِ نُفَيْرٍ، عَنْ ذِي مِخْمَرٍ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ:" «تُصَالِحُونَ الرُّومَ صُلْحًا آمِنًا، وَتَغْزُونَ أَنْتُمْ وَهُمْ عَدُوًّا مِنْ وَرَائِهِمْ، فَتَسْلَمُونَ وَتَغْنَمُونَ، ثُمَّ تَنْزِلُونَ بِمَرْجٍ ذِي تُلُولٍ، فَيَقُومُ رَجُلٌ مِنَ الرُّومِ، فَيَرْفَعُ الصَّلِيبَ، وَيَقُولُ: أَلَا غَلَبَ الصَّلِيبُ. فَيَقُومُ إِلَيْهِ رَجُلٌ مِنَ الْمُسْلِمِينَ، فَيَقْتُلُهُ، فَعِنْدَ ذَلِكَ تَغْدِرُ الرُّومُ، وَتَكُونُ الْمَلَاحِمُ، فَيَجْمَعُونَ لَكُمْ، فَيَأْتُونَكُمْ فِي ثَمَانِينَ غَايَةً، مَعَ كُلِّ غَايَةٍ عَشَرَةُ آلَافٍ» ". ثُمَّ رَوَاهُ أَحْمَدُ، عَنْ رَوْحٍ، عَنِ الْأَوْزَاعِيِّ، بِهِ، وَقَالَ فِيهِ:" «فَعِنْدَ ذَلِكَ تَغْدِرُ الرُّومُ، وَيَجْمَعُونَ لِلْمَلْحَمَةِ» ". وَهَكَذَا رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ وَابْنُ مَاجَهْ، مِنْ حَدِيثِ

ص: 99

الْأَوْزَاعِيِّ، بِهِ.

وَقَدْ تَقَدَّمَ فِي حَدِيثِ عَوْفِ بْنِ مَالِكٍ، فِي " صَحِيحِ الْبُخَارِيِّ ":" «فَيَأْتُونَكُمْ تَحْتَ ثَمَانِينَ غَايَةً، تَحْتَ كُلِّ غَايَةٍ اثَنَا عَشَرَ أَلْفًا» ". وَهَكَذَا فِي حَدِيثِ شَدَّادٍ أَبِي عَمَّارٍ، عَنْ مُعَاذٍ:" «فَيَسِيرُونَ إِلَيْكُمْ بِثَمَانِينَ بَنْدًا، تَحْتَ كُلِّ بَنْدٍ اثَنَا عَشَرَ أَلْفًا» ".

وَقَالَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ: حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ، حَدَّثَنَا أَيُّوبُ، عَنْ حُمَيْدِ بْنِ هِلَالٍ، عَنْ أَبِي قَتَادَةَ، عَنْ أُسَيْرِ بْنِ جَابِرٍ، قَالَ: هَاجَتْ رِيحٌ حَمْرَاءُ بِالْكُوفَةِ، فَجَاءَ رَجُلٌ لَيْسَ لَهُ هِجِّيرَى إِلَّا: يَا عَبْدَ اللَّهِ بْنَ مَسْعُودٍ، جَاءَتِ السَّاعَةُ. قَالَ: وَكَانَ مُتَّكِئًا فَجَلَسَ، فَقَالَ: إِنَّ السَّاعَةَ لَا تَقُومُ حَتَّى لَا يُقْسَمَ مِيرَاثٌ، وَلَا يُفْرَحَ بِغَنِيمَةٍ. قَالَ: عَدُوٌّ يَجْمَعُونَ لِأَهْلِ الْإِسْلَامِ، وَيَجْمَعُ لَهُمْ أَهْلُ الْإِسْلَامِ. وَنَحَا بِيَدِهِ نَحْوَ الشَّامِ، قُلْتُ؟ الرُّومَ تَعْنِي؟ قَالَ: نَعَمْ، وَتَكُونُ عِنْدَ ذَاكُمُ الْقِتَالِ رِدَّةٌ شَدِيدَةٌ. قَالَ: فَيَشْتَرِطُ الْمُسْلِمُونَ شُرْطَةً لِلْمَوْتِ لَا تَرْجِعُ إِلَّا غَالِبَةً، فَيَقْتَتِلُونَ، حَتَّى يَحْجِزَ بَيْنَهُمُ اللَّيْلُ، فَيَفِيءُ هَؤُلَاءِ وَهَؤُلَاءِ، كُلٌّ غَيْرُ غَالِبٍ، وَتَفْنَى

ص: 100

الشُّرْطَةُ، ثُمَّ يَشْتَرِطُ الْمُسْلِمُونَ شُرْطَةً لِلْمَوْتِ لَا تُرْجِعُ إِلَّا غَالِبَةً، فَيَقْتَتِلُونَ حَتَّى يَحْجِزَ بَيْنَهُمُ اللَّيْلُ، فَيَفِيءُ هَؤُلَاءِ وَهَؤُلَاءِ، كُلٌّ غَيْرُ غَالِبٍ، وَتَفْنَى الشُّرْطَةُ، ثُمَّ يَشْتَرِطُ الْمُسْلِمُونَ شُرْطَةً لِلْمَوْتِ لَا تَرْجِعُ إِلَّا غَالِبَةً، فَيَقْتَتِلُونَ حَتَّى يُمْسُوا، فَيَفِيءُ هَؤُلَاءِ وَهَؤُلَاءِ، كُلٌّ غَيْرُ غَالِبٍ، وَتَفْنَى الشُّرْطَةُ، فَإِذَا كَانَ الْيَوْمُ الرَّابِعُ نَهَدَ إِلَيْهِمْ بَقِيَّةُ أَهْلِ الْإِسْلَامِ، فَيَجْعَلُ اللَّهُ الدَّبْرَةَ عَلَيْهِمْ، فَيَقْتَتِلُونَ مَقْتَلَةً - إِمَّا قَالَ: لَا يُرَى مِثْلُهَا، وَإِمَّا قَالَ: لَمْ يُرَ مِثْلُهَا - حَتَّى إِنَّ الطَّائِرَ لَيَمُرُّ بِجَنْبَاتِهِمْ. فَمَا يُخَلِّفُهُمْ حَتَّى يَخِرَّ مَيِّتًا. قَالَ: فَيَتَعَادُّ بَنُو الْأَبِ، كَانُوا مِائَةً، فَلَا يَجِدُونَهُ بَقِيَ مِنْهُمْ إِلَّا الرَّجُلُ الْوَاحِدُ، فَبِأَيِّ غَنِيمَةٍ يُفْرَحُ؟ أَوْ أَيُّ مِيرَاثٍ يُقَاسَمُ؟ قَالَ: فَبَيْنَمَا هُمْ كَذَلِكَ إِذْ سَمِعُوا بِبَأْسٍ هُوَ أَكْبَرُ مِنْ ذَلِكَ. قَالَ: فَجَاءَهُمُ الصَّرِيخُ: إِنَّ الدَّجَّالَ قَدْ خَلَفَهُمْ فِي ذَرَارِيِّهِمْ، فَيَرْفُضُونَ مَا فِي أَيْدِيهِمْ، وَيُقْبِلُونَ فَيَبْعَثُونَ عَشَرَةَ فَوَارِسَ طَلِيعَةً. قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:" إِنِّي لَأَعْلَمُ أَسْمَاءَهُمْ، وَأَسْمَاءَ آبَائِهِمْ، وَأَلْوَانَ خُيُولِهِمْ، هُمْ خَيْرُ فَوَارِسَ عَلَى ظَهْرِ الْأَرْضِ يَوْمَئِذٍ ".

ص: 101

تَفَرَّدَ بِإِخْرَاجِهِ مُسْلِمٌ، فَرَوَاهُ عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ أَبِي شَيْبَةَ وَعَلِيِّ بْنِ حُجْرٍ، كِلَاهُمَا عَنْ إِسْمَاعِيلَ ابْنِ عُلَيَّةَ، وَمِنْ حَدِيثِ حَمَّادِ بْنِ زَيْدٍ، كِلَاهُمَا عَنْ أَيُّوبَ، وَمِنْ حَدِيثِ سُلَيْمَانَ بْنِ الْمُغِيرَةِ، كِلَاهُمَا عَنْ حُمَيْدِ بْنِ هِلَالٍ الْعَدَوِيِّ، عَنْ أَبِي قَتَادَةَ الْعَدَوِيِّ. وَقَدِ اخْتُلِفَ فِي اسْمِهِ، وَالْأَشْهَرُ مَا ذَكَرَهُ ابْنُ مَعِينٍ أَنَّهُ تَمِيمُ بْنُ نُذَيْرٍ، وَوَثَّقَهُ. وَقَالَ ابْنُ مَنْدَهْ وَغَيْرُهُ: كَانَتْ لَهُ صُحْبَةٌ. فَاللَّهُ أَعْلَمُ.

وَتَقَدَّمَ مِنْ رِوَايَةِ جُبَيْرِ بْنِ نُفَيْرٍ، عَنْ عَوْفِ بْنِ مَالِكٍ فِي تَعْدَادِ الْأَشْرَاطِ:" وَهُدْنَةٌ تَكُونُ بَيْنَكُمْ، وَبَيْنَ بَنِي الْأَصْفَرِ، فَيَسِيرُونَ إِلَيْكُمْ فِي ثَمَانِينَ غَايَةً، تَحْتَ كُلِّ غَايَةٍ اثَنَا عَشَرَ أَلْفًا، وَفُسْطَاطُ الْمُسْلِمِينَ يَوْمَئِذٍ فِي أَرْضٍ يُقَالُ لَهَا: الْغُوطَةُ. فِي مَدِينَةٍ يُقَالُ لَهَا: دِمَشْقُ ". رَوَاهُ أَحْمَدُ.

وَرَوَى أَبُو دَاوُدَ " مِنْ حَدِيثِ جُبَيْرِ بْنِ نُفَيْرٍ أَيْضًا، عَنْ أَبَى الدَّرْدَاءِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: " إِنَّ فُسْطَاطَ الْمُسْلِمِينَ يَوْمَ الْمَلْحَمَةِ بِالْغُوطَةِ إِلَى جَانِبِ مَدِينَةٍ يُقَالُ لَهَا: دِمَشْقُ، مِنْ خَيْرِ مَدَائِنِ الشَّامِ ".

وَتَقَدَّمَ حَدِيثُ أَبِي حَيَّةَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو، فِي فَتْحِ الْقُسْطَنْطِينِيَّةِ، وَكَذَا حَدِيثُ أَبِي قَبِيلٍ فِي فَتْحِ رُومِيَّةَ بَعْدَهَا أَيْضًا.

وَقَالَ مُسْلِمُ بْنُ الْحَجَّاجِ: حَدَّثَنِي زُهَيْرُ بْنُ حَرْبٍ، حَدَّثَنَا مُعَلَّى بْنُ

ص: 102

مَنْصُورٍ، حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ بِلَالٍ، حَدَّثَنِي سُهَيْلٌ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ:" «لَا تَقُومُ السَّاعَةُ حَتَّى يَنْزِلَ الرُّومُ بِالْأَعْمَاقِ أَوْ بِدَابِقٍ، فَيَخْرُجُ إِلَيْهِمْ جَيْشٌ مِنَ الْمَدِينَةِ، مِنْ خِيَارِ أَهْلِ الْأَرْضِ يَوْمَئِذٍ، فَإِذَا تَصَافُّوا قَالَتِ الرُّومُ: خَلُّوا بَيْنَنَا وَبَيْنَ الَّذِينَ سُبُوا مِنَّا نُقَاتِلْهُمْ. فَيَقُولُ الْمُسْلِمُونَ: لَا وَاللَّهِ، لَا نُخَلِّي بَيْنَكُمْ وَبَيْنَ إِخْوَانِنَا. فَيُقَاتِلُونَهُمْ، فَيَنْهَزِمُ ثُلُثٌ لَا يَتُوبُ اللَّهُ عَلَيْهِمْ أَبَدًا، وَيُقْتَلُ ثُلُثُهُمْ أَفْضَلُ الشُّهَدَاءِ عِنْدَ اللَّهِ، وَيَفْتَتِحُ الثُّلُثُ لَا يُفْتَنُونَ أَبَدًا، فَيَفْتَتِحُونَ قُسْطَنْطِينِيَّةَ، فَبَيْنَمَا هُمْ يَقْتَسِمُونَ الْغَنَائِمَ قَدْ عَلَّقُوا سُيُوفَهُمْ بِالزَّيْتُونِ، إِذْ صَاحَ فِيهِمُ الشَّيْطَانُ: إِنَّ الْمَسِيحَ قَدْ خَلَفَكُمْ فِي أَهْلِيكُمْ. فَيَخْرُجُونَ، وَذَلِكَ بَاطِلٌ، فَإِذَا جَاءُوا الشَّامَ خَرَجَ، فَبَيْنَمَا هُمْ يُعِدُّونَ لِلْقِتَالِ، يُسَوُّونَ الصُّفُوفَ إِذْ أُقِيمَتِ الصَّلَاةُ، فَيَنْزِلُ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ فَأَمَّهُمْ، فَإِذَا رَآهُ عَدُوُّ اللَّهِ ذَابَ كَمَا يَذُوبُ الْمِلْحُ فِي الْمَاءِ، فَلَوْ تَرَكَهُ لَانْذَابَ حَتَّى يَهْلِكَ، وَلَكِنْ يَقْتُلُهُ اللَّهُ بِيَدِهِ، فَيُرِيهِمْ دَمَهُ فِي حَرْبَتِهِ» ".

وَقَالَ مُسْلِمٌ: حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ، يَعْنِي ابْنَ مُحَمَّدٍ، عَنْ ثَوْرٍ، وَهُوَ ابْنُ زَيْدٍ الدِّيلِيُّ، عَنْ أَبِي الْغَيْثِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ:" «سَمِعْتُمْ بِمَدِينَةٍ جَانِبٌ مِنْهَا فِي الْبَرِّ، وَجَانِبٌ مِنْهَا فِي الْبَحْرِ؟ " قَالُوا: نَعَمْ، يَا رَسُولَ اللَّهِ. قَالَ: " لَا تَقُومُ السَّاعَةُ حَتَّى يَغْزُوَهَا سَبْعُونَ أَلْفًا مِنْ بَنِي

ص: 103

إِسْحَاقَ، فَإِذَا جَاءُوهَا نَزَلُوا، فَلَمْ يُقَاتِلُوا بِسِلَاحٍ، وَلَمْ يَرْمُوا بِسَهْمٍ; قَالُوا: لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، وَاللَّهُ أَكْبَرُ، فَيَسْقُطُ أَحَدُ جَانِبَيْهَا ". قَالَ ثَوْرٌ: لَا أَعْلَمُهُ إِلَّا قَالَ: " الَّذِي فِي الْبَحْرِ، ثُمَّ يَقُولُوا الثَّانِيَةَ: لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، وَاللَّهُ أَكْبَرُ. فَيَسْقُطُ جَانِبُهَا الْآخَرُ، ثُمَّ يَقُولُوا الثَّالِثَةَ: لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، وَاللَّهُ أَكْبَرُ. فَيُفَرَّجُ لَهُمْ، فَيَدْخُلُوهَا فَيَغْنَمُوا، فَبَيْنَمَا هُمْ يَقْتَسِمُونَ الْمَغَانِمَ إِذْ جَاءَهُمُ الصَّرِيخُ، فَقَالَ: إِنَّ الدَّجَّالَ قَدْ خَرَجَ، فَيَتْرُكُونَ كُلَّ شَيْءٍ وَيَرْجِعُونَ» ".

وَقَالَ ابْنُ مَاجَهْ: حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مَيْمُونٍ الرَّقِّيُّ، حَدَّثَنَا أَبُو يَعْقُوبَ الْحُنَيْنِيُّ، عَنْ كَثِيرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ عَوْفٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: " «لَا تَقُومُ السَّاعَةُ حَتَّى تَكُونَ أَدْنَى مَسَالِحِ الْمُسْلِمِينَ بِبَوْلَاءَ» ". ثُمَّ قَالَ صلى الله عليه وسلم: " «يَا عَلِيُّ، يَا عَلِيُّ، يَا عَلِيُّ ". قَالَ: بِأَبِي وَأُمِّي. قَالَ: " إِنَّكُمْ

ص: 104

سَتُقَاتِلُونَ بَنِي الْأَصْفَرِ، وَيُقَاتِلُهُمُ الَّذِينَ مِنْ بَعْدِكُمْ، حَتَّى تَخْرُجَ إِلَيْهِمْ رُوقَةُ الْإِسْلَامِ، أَهْلُ الْحِجَازِ الَّذِينَ لَا يَخَافُونَ فِي اللَّهِ لَوْمَةَ لَائِمٍ، فَيَفْتَتِحُونَ الْقُسْطَنْطِينِيَّةَ بِالتَّسْبِيحِ وَالتَّكْبِيرِ، فَيُصِيبُونَ غَنَائِمَ لَمْ يُصِيبُوا مِثْلَهَا، حَتَّى يَقْتَسِمُوا بِالْأَتْرِسَةِ، وَيَأْتِيَ آتٍ، فَيَقُولُ: إِنَّ الْمَسِيحَ قَدْ خَرَجَ فِي بِلَادِكُمْ، أَلَا وَهِيَ كِذْبَةٌ، فَالْآخِذُ نَادِمٌ، وَالتَّارِكُ نَادِمٌ» ".

وَقَالَ مُسْلِمٌ: حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ، حَدَّثَنَا جَرِيرٌ، عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ عُمَيْرٍ،. عَنْ جَابِرِ بْنِ سَمُرَةَ، عَنْ نَافِعِ بْنِ عُتْبَةَ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ:" «تَغْزُونَ جَزِيرَةَ الْعَرَبِ فَيَفْتَحُهَا اللَّهُ، ثُمَّ فَارِسَ فَيَفْتَحُهَا اللَّهُ، ثُمَّ تَغْزُونَ الرُّومَ فَيَفْتَحُهَا اللَّهُ، ثُمَّ تَغْزُونَ الدَّجَّالَ فَيَفْتَحُهُ اللَّهُ "

وَقَدْ رَوَى مُسْلِمٌ مِنْ حَدِيثِ اللَّيْثِ بْنِ سَعْدٍ، حَدَّثَنِي مُوسَى بْنُ عَلِيٍّ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ:«قَالَ الْمُسْتَوْرِدُ الْقُرَشِيُّ عِنْدَ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: " تَقُومُ السَّاعَةُ وَالرُّومُ أَكْثَرُ النَّاسِ ". فَقَالَ لَهُ عَمْرٌو: أَبْصِرْ مَا تَقُولُ. قَالَ: أَقُولُ مَا سَمِعْتُ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم. قَالَ: لَئِنْ قُلْتَ ذَلِكَ إِنَّ فِيهِمْ لَخِصَالًا أَرْبَعًا: إِنَّهُمْ لَأَحْلَمُ النَّاسِ عِنْدَ فِتْنَةٍ، وَأَسْرَعُهُمْ إِفَاقَةً بَعْدَ مُصِيبَةٍ، وَأَوْشَكُهُمْ كَرَّةً بَعْدَ فَرَّةٍ، وَخَيْرُهُمْ لِمِسْكِينٍ وَيَتِيمٍ وَضَعِيفٍ، وَخَامِسَةٌ حَسَنَةٌ جَمِيلَةٌ: وَأَمْنَعُهُمْ مِنْ ظُلْمِ الْمُلُوكِ» .

ص: 105

ثُمَّ قَالَ مُسْلِمٌ: حَدَّثَنِي حَرْمَلَةُ بْنُ يَحْيَى التُّجِيبِيُّ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ وَهْبٍ، حَدَّثَنِي أَبُو شُرَيْحٍ أَنَّ عَبْدَ الْكَرِيمِ بْنَ الْحَارِثِ حَدَّثَهُ أَنَّ الْمُسْتَوْرِدَ الْقُرَشِيَّ قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: " «تَقُومُ السَّاعَةُ وَالرُّومُ أَكْثَرُ النَّاسِ ". قَالَ: فَبَلَغَ ذَلِكَ عَمْرَو بْنَ الْعَاصِ، فَقَالَ: مَا هَذِهِ الْأَحَادِيثُ الَّتِي تُذْكَرُ عَنْكَ أَنَّكَ تَقُولُهَا عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم؟ فَقَالَ لَهُ الْمُسْتَوْرِدُ: قُلْتُ الَّذِي سَمِعْتُ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم. قَالَ: فَقَالَ عَمْرٌو: لَئِنْ قُلْتَ ذَلِكَ، إِنَّهُمْ لَأَحْلَمُ النَّاسِ عِنْدَ فِتْنَةٍ، وَأَصْبَرُ النَّاسِ عِنْدَ مُصِيبَةٍ، وَخَيْرُ النَّاسِ لِمَسَاكِينِهِمْ وَضُعَفَائِهِمْ» . وَهَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الرُّومَ يُسْلِمُونَ فِي آخِرِ الزَّمَانِ، وَلَعَلَّ فَتْحَ الْقُسْطَنْطِينِيَّةِ يَكُونُ عَلَى يَدَيْ طَائِفَةٍ مِنْهُمْ، كَمَا نَطَقَ بِهِ الْحَدِيثُ الْمُتَقَدِّمُ أَنَّهُ يَغْزُوهَا سَبْعُونَ أَلْفًا مِنْ بَنِي إِسْحَاقَ، وَالرُّومُ مِنْ سُلَالَةِ الْعِيصِ بْنِ إِسْحَاقَ بْنِ إِبْرَاهِيمَ الْخَلِيلِ، عليه الصلاة والسلام، فَهُمْ أَوْلَادُ عَمِّ بَنِي إِسْرَائِيلَ، وَهُوَ يَعْقُوبُ بْنُ إِسْحَاقَ، فَالرُّومُ يَكُونُونَ فِي آخِرِ الزَّمَانِ خَيْرًا مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ، فَإِنَّ الدَّجَّالَ يَتْبَعُهُ سَبْعُونَ أَلْفًا مِنْ يَهُودِ أَصْبَهَانَ، فَهُمْ أَنْصَارُ الدَّجَّالِ، وَهَؤُلَاءِ أَعْنِي الرُّومَ، قَدْ مُدِحُوا فِي هَذَا الْحَدِيثِ، فَلَعَلَّهُمْ يُسْلِمُونَ عَلَى يَدَيِ الْمَسِيحِ ابْنِ مَرْيَمَ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ. عَلَى أَنَّهُ قَدْ وَقَعَ فِي بَعْضِ الرِّوَايَاتِ:" مِنْ بَنِي إِسْمَاعِيلَ ". وَقَوَّى ذَلِكَ عِيَاضٌ وَغَيْرُهُ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

ص: 106

وَقَالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ أَبِي أُوَيْسٍ: حَدَّثَنَا كَثِيرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ عَوْفٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: " «سَتُقَاتِلُونَ بَنِي الْأَصْفَرِ، وَيُقَاتِلُهُمْ مَنْ بَعْدَكُمْ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَهْلُ الْحِجَازِ، حَتَّى يَفْتَحَ اللَّهُ عَلَيْهِمُ الْقُسْطَنْطِينِيَّةَ وَرُومِيَّةَ بِالتَّسْبِيحِ وَالتَّكْبِيرِ، فَيَنْهَدِمَ حِصْنُهَا فَيُصِيبُونَ مَالًا لَمْ يُصِيبُوا مِثْلَهُ قَطُّ، حَتَّى إِنَّهُمْ يَقْتَسِمُونَ بِالْأَتْرِسَةِ، ثُمَّ يَصْرُخُ صَارِخٌ: يَا أَهْلَ الْإِسْلَامِ، الْمَسِيحُ الدَّجَّالُ فِي بِلَادِكُمْ وَذَرَارِيِّكُمْ. فَيَنْفَضُّ النَّاسُ عَنِ الْمَالِ، مِنْهُمُ الْآخِذُ، وَمِنْهُمُ التَّارِكُ، الْآخِذُ نَادِمٌ، وَالتَّارِكُ نَادِمٌ، فَيَقُولُونَ: مَنْ هَذَا الصَّارِخُ؟ وَلَا يَعْلَمُونَ مَنْ هُوَ فَيَقُولُونَ: ابْعَثُوا طَلِيعَةً إِلَى إِيلِيَاءَ، فَإِنْ يَكُنِ الْمَسِيحُ قَدْ خَرَجَ فَسَيَأْتُونَكُمْ بِعِلْمِهِ. فَيَأْتُونَ، فَيَنْظُرُونَ، فَلَا يُرَوْنَ شَيْئًا، وَيَرَوْنَ النَّاسَ سَاكِتِينَ فَيَقُولُونَ: مَا صَرَخَ الصَّارِخُ إِلَّا لِنَبَأٍ عَظِيمٍ، فَاعْتَزِمُوا، ثُمَّ ارْتَضُوا، فَيَعْتَزِمُونَ أَنْ نَخْرُجَ بِأَجْمَعِنَا إِلَى إِيلِيَاءَ، فَإِنْ يَكُنِ الدَّجَّالُ خَرَجَ نُقَاتِلْهُ بِأَجْمَعِنَا، حَتَّى يَحْكُمَ اللَّهُ بَيْنَنَا وَبَيْنَهُ، وَإِنْ تَكُنِ الْأُخْرَى فَإِنَّهَا بِلَادُكُمْ وَعَشَائِرُكُمْ إِنْ رَجَعْتُمْ إِلَيْهَا» .

وَقَدْ رَوَى الْحَافِظُ بَهَاءُ الدِّينِ ابْنُ عَسَاكِرَ فِي كِتَابِهِ " الْمُسْتَقْصَى فِي فَضَائِلِ الْأَقْصَى " بِسَنَدٍ لَهُ عَنِ الْأَوْزَاعِيِّ، عَنْ خَالِدِ بْنِ مَعْدَانَ، عَنْ كَعْبِ الْأَحْبَارِ، أَنَّهُ قَالَ: إِنَّ مَدِينَةَ الْقُسْطَنْطِينِيَّةِ شَمَتَتْ بِخَرَابِ بَيْتِ الْمَقْدِسِ، يَعْنِي زَمَنَ بُخْتُ نَصَّرَ، فَتَعَزَّزَتْ وَتَجَبَّرَتْ وَشَمَخَتْ، فَسَمَّاهَا اللَّهُ، عز وجل، الْعَاتِيَةَ الْمُسْتَكْبِرَةَ; وَذَلِكَ أَنَّهَا قَالَتْ مَعَ شَمَاتَتِهَا بِبَيْتِ الْمَقْدِسِ. إِنْ يَكُنْ عَرْشُ رَبِّي عَلَى الْمَاءِ، فَقَدْ بُنِيتُ أَنَا عَلَى الْمَاءِ، فَغَضِبَ اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهَا، وَوَعَدَهَا الْعَذَابَ وَالْخَرَابَ وَقَالَ

ص: 107

لَهَا: حَلَفْتُ يَا مُسْتَكْبِرَةُ لِمَا قَدْ عَتَيْتِ عَنْ أَمْرِي وَتَجَبَّرْتِ، لَأَبْعَثَنَّ عَلَيْكِ عِبَادًا لِي مُؤْمِنِينَ مِنْ مَسَاكِنِ سَبَأٍ، ثُمَّ لَأُشَجِّعَنَّ قُلُوبَهُمْ حَتَّى أَدَعَهَا كَقُلُوبِ الْأُسْدِ الضَّارِيَةِ، وَلَأَجْعَلَنَّ صَوْتَ أَحَدِهِمْ عِنْدَ الْبَأْسِ كَصَوْتِ الْأَسَدِ حِينَ يَخْرُجُ مِنَ الْغَابَةِ، ثُمَّ لَأُرْعِبَنَّ قُلُوبَ أَهْلِكِ كَرُعْبِ الْعُصْفُورِ، ثُمَّ لَأَنْزِعَنَّ عَنْكِ حُلِيَّكِ وَدِيبَاجَكِ وَرِيَاشَكِ، ثُمَّ لَأَتْرُكُنَّكِ جَلْحَاءَ قَرْعَاءَ صَلْعَاءَ; فَإِنَّهُ طَالَ مَا أُشْرِكَ بِي فِيكِ، وَعُبِدَ غَيْرِي، وَافْتُرِيَ عَلَيَّ، وَأَمْهَلْتُكِ إِلَى الْيَوْمِ الَّذِي فِيهِ خِزْيُكِ، فَلَا تَسْتَعْجِلِي يَا عَاتِيَةُ فَإِنَّهُ لَنْ يَفُوتَنِي شَيْءٌ أُرِيدُهُ.

وَقَالَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ: ثَنَا عَبْدُ الْجَبَّارِ بْنُ الْعَبَّاسِ الشَّامِيُّ، عَنْ أَبِي قَيْسٍ قَالَ عَبْدُ الْجَبَّارِ: أَرَاهُ عَنْ هُزَيْلٍ، قَالَ: قَامَ حُذَيْفَةُ فِي دَارِ عَامِرِ بْنِ حَنْظَلَةَ فِيهَا الْيَمَنِيُّ وَالْمُضَرِيُّ، فَقَالَ:" «لَيَأْتِيَنَّ عَلَى مُضَرَ يَوْمٌ لَا يَدَعُونَ لِلَّهِ عَبْدًا يَعْبُدُهُ إِلَّا قَتَلُوهُ، أَوْ لَيُضْرَبُنَّ ضَرْبًا لَا يَمْنَعُونَ ذَنَبَ تَلْعَةٍ ". فَقِيلَ: يَا أَبَا عَبْدِ اللَّهِ تَقُولُ هَذَا لِقَوْمِكَ - أَوْ: لِقَوْمٍ أَنْتَ مِنْهُمْ - فَقَالَ: لَا أَقُولُ إِلَّا مَا سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ» .

وَقَالَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ: حَدَّثَنَا أَبُو النَّضْرِ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ ثَابِتِ بْنِ ثَوْبَانَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ مَكْحُولٍ، عَنْ جُبَيْرِ بْنِ نُفَيْرٍ، عَنْ مَالِكِ بْنِ يُخَامِرَ، عَنْ

ص: 108

مُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ، قَالَ:«قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: " عُمْرَانُ بَيْتِ الْمَقْدِسِ خَرَابُ يَثْرِبَ، وَخَرَابُ يَثْرِبَ خُرُوجُ الْمَلْحَمَةِ، وَخُرُوجُ الْمَلْحَمَةِ فَتْحُ الْقُسْطَنْطِينِيَّةِ، وَفَتْحُ الْقُسْطَنْطِينِيَّةِ خُرُوجُ الدَّجَّالِ ". قَالَ: ثُمَّ ضَرَبَ بِيَدِهِ عَلَى فَخْذِ الَّذِي حَدَّثَهُ أَوْ مَنْكِبِهِ، ثُمَّ قَالَ " إِنَّ هَذَا لَحَقٌّ كَمَا أَنَّكَ هَاهُنَا ". أَوْ: " كَمَا أَنَّكَ قَاعِدٌ» ". يَعْنِي مُعَاذًا.

وَهَكَذَا رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ، عَنْ عَبَّاسٍ الْعَنْبَرِيِّ، عَنْ أَبِي النَّضْرِ هَاشِمِ بْنِ الْقَاسِمِ، بِهِ.

وَهَذَا إِسْنَادٌ جَيِّدٌ وَحَدِيثٌ حَسَنٌ، وَعَلَيْهِ نُورُ الصِّدْقِ وَجَلَالَةُ النُّبُوَّةِ، وَلَيْسَ الْمُرَادُ أَنَّ الْمَدِينَةَ تَخْرَبُ بِالْكُلِّيَّةِ قَبْلَ خُرُوجِ الدَّجَّالِ، وَإِنَّمَا ذَلِكَ فِي آخِرِ الزَّمَانِ، كَمَا سَيَأْتِي بَيَانُهُ فِي الْأَحَادِيثِ الصَّحِيحَةِ، بَلْ قَدْ يَكُونُ عِمَارَةُ بَيْتِ الْمَقْدِسِ سَبَبًا فِي خَرَابِ الْمَدِينَةِ النَّبَوِيَّةِ; لِأَنَّ النَّاسَ يَرْحَلُونَ مِنْهَا إِلَى الشَّامِ لِأَجْلِ الرِّيفِ وَالرُّخْصِ، فَإِنَّهُ قَدْ ثَبَتَ فِي الْأَحَادِيثِ الصَّحِيحَةِ أَنَّ الدَّجَّالَ لَا يَدْخُلُهَا يَمْنَعُهُ مِنْ ذَلِكَ مَا عَلَى أَنْقَابِهَا مِنَ الْمَلَائِكَةِ، بِأَيْدِيهِمُ السُّيُوفُ الْمُصْلَتَةُ.

وَفِي " صَحِيحِ الْبُخَارِيِّ " مِنْ حَدِيثِ مَالِكٍ، عَنْ نُعَيْمٍ الْمُجْمِرِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ:«الْمَدِينَةُ لَا يَدْخُلُهَا الطَّاعُونُ وَلَا الدَّجَّالُ» ". وَفِي " جَامِعِ التِّرْمِذِيِّ " «أَنَّ الْمَسِيحَ ابْنَ مَرْيَمَ إِذَا مَاتَ يُدْفَنُ فِي الْحُجْرَةِ النَّبَوِيَّةِ» .

ص: 109

وَقَدْ قَالَ مُسْلِمٌ: حَدَّثَنِي عَمْرٌو النَّاقِدُ، حَدَّثَنَا الْأَسْوَدُ بْنُ عَامِرٍ، حَدَّثَنَا زُهَيْرٌ، عَنْ سُهَيْلِ بْنِ أَبِي صَالِحٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «تَبْلُغُ الْمَسَاكِنُ إِهَابَ ". أَوْ: " يِهَابَ ". قَالَ زُهَيْرٌ: قُلْتُ لِسُهَيْلٍ: فَكَمْ ذَلِكَ مِنَ الْمَدِينَةِ؟ قَالَ: كَذَا وَكَذَا مِيلًا.»

فَهَذِهِ الْعِمَارَةُ إِمَّا أَنْ تَكُونَ قَبْلَ عِمَارَةِ بَيْتِ الْمَقْدِسِ، وَقَدْ تَكُونُ بَعْدَ ذَلِكَ بِدَهْرٍ، ثُمَّ تَخْرَبُ بِالْكُلِّيَّةِ، كَمَا دَلَّتْ عَلَى ذَلِكَ الْأَحَادِيثُ الَّتِي سَنُورِدُهَا.

وَقَدْ رَوَى الْقُرْطُبِيُّ، مِنْ طَرِيقِ الْوَلِيدِ بْنِ مُسْلِمٍ، عَنِ ابْنِ لَهِيعَةَ، عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ، عَنْ جَابِرٍ، أَنَّهُ سَمِعَ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ، رضي الله عنه، عَلَى الْمِنْبَرِ، يَقُولُ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: " «يَخْرُجُ أَهْلُ الْمَدِينَةِ مِنْهَا، ثُمَّ يَعُودُونَ إِلَيْهَا فَيُعَمِّرُونَهَا حَتَّى تَمْتَلِئَ، ثُمَّ يَخْرُجُونَ مِنْهَا، ثُمَّ لَا يَعُودُونَ إِلَيْهَا أَبَدًا» ".

وَفِي حَدِيثٍ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ، مَرْفُوعًا مِثْلُهُ، وَزَادَ:" «وَلَيَدَعُنَّهَا وَهِيَ خَيْرُ مَا تَكُونُ، مُونِعَةً ". قِيلَ: فَمَنْ يَأْكُلُهَا؟ قَالَ: " الطَّيْرُ وَالسِّبَاعُ» ".

وَفِي " صَحِيحِ مُسْلِمٍ "، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: " «يَتْرُكُونَ الْمَدِينَةَ عَلَى خَيْرِ مَا كَانَتْ، لَا يَغْشَاهَا إِلَّا الْعَوَافِي - يُرِيدُ عَوَافِي السِّبَاعِ وَالطَّيْرِ -

ص: 110

ثُمَّ يَخْرُجُ رَاعِيَانِ مِنْ مُزَيْنَةَ يُرِيدَانِ الْمَدِينَةَ يَنْعِقَانِ بِغَنَمِهِمَا، فَيَجِدَانِهَا وَحْشًا، حَتَّى إِذَا بَلَغَا ثَنِيَّةَ الْوَدَاعِ خَرَّا عَلَى وُجُوهِهِمَا» ".

وَفِي حَدِيثِ حُذَيْفَةَ: سَأَلْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَنْ أَشْيَاءَ، إِلَّا أَنِّي لَمْ أَسْأَلْهُ:«مَا يُخْرِجُ أَهْلَ الْمَدِينَةِ مِنْهَا؟» وَفِي حَدِيثٍ آخَرَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ:" «يَخْرُجُونَ مِنْهَا وَنِصْفُ ثَمَرِهَا زَهْوٌ، وَنِصْفُهُ رُطَبٌ ". قِيلَ: مَا يُخْرِجُهُمْ مِنْهَا يَا أَبَا هُرَيْرَةَ؟ قَالَ: أُمَرَاءُ السُّوءِ» .

وَقَالَ أَبُو دَاوُدَ: حَدَّثَنَا ابْنُ نُفَيْلٍ، حَدَّثَنَا عِيسَى بْنُ يُونُسَ، عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ أَبِي مَرْيَمَ، عَنِ الْوَلِيدِ بْنِ سُفْيَانَ الْغَسَّانِيِّ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ قُطْبٍ السَّكُونِيِّ، عَنْ أَبِي بَحْرِيَّةَ، عَنْ مُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: " «الْمَلْحَمَةُ الْكُبْرَى، وَفَتْحُ الْقُسْطَنْطِينِيَّةِ، وَخُرُوجُ الدَّجَّالِ فِي سَبْعَةِ أَشْهُرٍ» ". وَرَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الدَّارِمِيِّ، عَنِ الْحَكَمِ بْنِ الْمُبَارَكِ، عَنِ الْوَلِيدِ بْنِ مُسْلِمٍ بِهِ، وَقَالَ: حَسَنٌ لَا نَعْرِفُهُ إِلَّا مِنْ هَذَا الْوَجْهِ، وَفِي الْبَابِ عَنِ الصَّعْبِ بْنِ جَثَّامَةَ،

ص: 111

وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ بُسْرٍ، وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ، وَأَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ.

وَرَوَاهُ ابْنُ مَاجَهْ، عَنْ هِشَامِ بْنِ عَمَّارٍ، عَنِ الْوَلِيدِ بْنِ مُسْلِمٍ وَإِسْمَاعِيلَ بْنِ عَيَّاشٍ، عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ أَبِي مَرْيَمَ، بِهِ.

وَقَدْ قَالَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ وَأَبُو دَاوُدَ، وَاللَّفْظُ لَهُ: حَدَّثَنَا حَيْوَةُ بْنُ شُرَيْحٍ الْحِمْصِيُّ، حَدَّثَنَا بَقِيَّةُ، عَنْ بَحِيرِ بْنِ سَعْدٍ، عَنْ خَالِدٍ، هُوَ ابْنُ مَعْدَانَ، عَنِ ابْنِ أَبِي بِلَالٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ بُسْرٍ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ:" «بَيْنَ الْمَلْحَمَةِ وَفَتْحِ الْمَدِينَةِ سِتُّ سِنِينَ، وَيَخْرُجُ الدَّجَّالُ فِي السَّابِعَةِ» ". وَهَكَذَا رَوَاهُ ابْنُ مَاجَهْ، عَنْ سُوَيْدِ بْنِ سَعِيدٍ، عَنْ بَقِيَّةَ، بِهِ.

وَهَذَا مُشْكِلٌ مَعَ الَّذِي قَبْلَهُ، اللَّهُمَّ إِلَّا أَنْ يَكُونَ بَيْنَ أَوَّلِ الْمَلْحَمَةِ وَآخِرِهَا سِتُّ سِنِينَ، وَيَكُونُ بَيْنَ آخِرِهَا وَفَتْحِ الْمَدِينَةِ، وَهَيَ الْقُسْطَنْطِينِيَّةُ، مُدَّةٌ قَرِيبَةٌ، بِحَيْثُ يَكُونُ ذَلِكَ مَعَ خُرُوجِ الدَّجَّالِ فِي سَبْعَةِ أَشْهُرٍ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

وَقَالَ التِّرْمِذِيُّ: حَدَّثَنَا مَحْمُودُ بْنُ غَيْلَانَ، حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ، عَنْ شُعْبَةَ، عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، قَالَ: فَتْحُ الْقُسْطَنْطِينِيَّةِ مَعَ قِيَامِ السَّاعَةِ. قَالَ مَحْمُودٌ: هَذَا حَدِيثٌ غَرِيبٌ، وَالْقُسْطَنْطِينِيَّةُ هِيَ مَدِينَةُ الرُّومِ تُفْتَحُ عِنْدَ خُرُوجِ الدَّجَّالِ، وَالْقُسْطَنْطِينِيَّةُ قَدْ فُتِحَتْ فِي زَمَانِ بَعْضِ أَصْحَابِ النَّبِيِّ

ص: 112