المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌شرح حديث: (إذا مات الإنسان انقطع عنه عمله إلا من ثلاثة أشياء) - شرح سنن أبي داود للعباد - جـ ٣٣٩

[عبد المحسن العباد]

فهرس الكتاب

- ‌[339]

- ‌ما جاء في الرجل يوقف الوقف

- ‌شرح حديث وقف عمر لأرضه التي بخيبر

- ‌تراجم رجال إسناد حديث وقف عمر لأرضه التي بخيبر

- ‌شرح حديث وقف عمر لأرضه التي بخيبر من طريق أخرى

- ‌تراجم رجال إسناد الطريق الأخرى لحديث وقف عمر لأرضه التي بخيبر

- ‌ما جاء في الصدقة عن الميت

- ‌شرح حديث: (إذا مات الإنسان انقطع عنه عمله إلا من ثلاثة أشياء)

- ‌تراجم رجال إسناد حديث: (إذا مات الإنسان انقطع عنه عمله إلا من ثلاثة أشياء)

- ‌الأعمال التي يصل أجرها للميت

- ‌ما جاء فيمن مات عن غير وصية يتصدق عنه

- ‌شرح حديث: (أن امرأة قالت يا رسول الله! إن أمي افتلتت نفسها ولولا ذلك لتصدقت)

- ‌تراجم رجال إسناد حديث: (أن امرأة قالت يا رسول الله! إن أمي افتلتت نفسها ولولا ذلك لتصدقت)

- ‌شرح حديث: (إن أمي توفيت أفينفعها إن تصدقت عنها

- ‌تراجم رجال إسناد حديث: (إن أمي توفيت أفينفعها إن تصدقت عنها

- ‌ما جاء في وصية الحربي يسلم وليه أيلزمه أن ينفذها

- ‌شرح حديث: (إنه لو كان مسلماً فأعتقتم عنه)

- ‌تراجم رجال إسناد حديث: (إنه لو كان مسلماً فأعتقتم عنه)

- ‌ما جاء في الرجل يموت وعليه دين وله وفاء يُستنظر غرماؤه ويرفق بالوارث

- ‌شرح حديث جابر أن أباه توفي وترك عليه ثلاثين وسقاً لرجل من يهود

- ‌تراجم رجال إسناد حديث جابر أن أباه توفي وترك عليه ثلاثين وسقاً لرجل من يهود

- ‌الأسئلة

- ‌وجه استنظار الغرماء في الدين مع وجود الوفاء

- ‌معنى الحربي

- ‌سبب تخصيص عمر حفصة رضي الله عنهما بالنظر على الوقف

- ‌حكم إهداء القرب والثواب التي لم يرد فيها نص للميت

- ‌حكم تغيير المنفعة على غير ما حدده الواقف

- ‌حكم الوقف إذا توقفت الجهة الموقوف عليها

- ‌حكم منع ذرية البنت من الوقف

- ‌حكم وقف الشيء المنقول

- ‌حكم تغيير منفعة الوقف لغير ضرورة

- ‌حكم الوقف لنادي رياضي

- ‌صيغة الاشتراط في الحج والعمرة

- ‌شرط الحج عن الغير

- ‌كيف يعتمر عن نفسه من يحج عن غيره

- ‌حكم التبرك بذوات الصالحين

- ‌النيابة في الحج لا تختص بالأقرباء

- ‌حكم الاستراحة بين أشواط الطواف والسعي للمضطر

- ‌حكم الجمع بين طواف الإفاضة والوداع

- ‌حكم تنفيذ وصية الذمي

- ‌من علامات صلاح الولد دعاؤه لأبيه

- ‌وقوع الربا في الأوراق النقدية

- ‌حكم تحديد الوقف بمدة زمنية

- ‌الصدقة الجارية عن الميت

- ‌تمييز المرأة بين الحيض وغيره إذا كانت عادتها مضطربة

- ‌حكم الاجتماع لقراءة القرآن عن الميت

- ‌حكم تشبيك الأصابع في المسجد

الفصل: ‌شرح حديث: (إذا مات الإنسان انقطع عنه عمله إلا من ثلاثة أشياء)

‌شرح حديث: (إذا مات الإنسان انقطع عنه عمله إلا من ثلاثة أشياء)

قال المصنف رحمه الله تعالى: [باب ما جاء في الصدقة عن الميت.

حدثنا الربيع بن سليمان المؤذن حدثنا ابن وهب عن سليمان -يعني: ابن بلال - عن العلاء بن عبد الرحمن أُراه عن أبيه عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال: (إذا مات الإنسان انقطع عنه عمله إلا من ثلاثة أشياء: من صدقة جارية، أو علم ينتفع به، أو ولد صالح يدعو له)].

قال المصنف: [باب ما جاء في الصدقة عن الميت].

كون الإنسان يتصدق عن نفسه بصدقة جارية، أو يتصدق عنه غيره بصدقة جارية كل ذلك ينفعه، وكل ذلك يصل إليه، سواء كانت هذه الصدقة هو الذي تصدق بها عن نفسه؛ فإنها تبقى بعد وفاته، وهي من عمله، أو أن إنساناً تصدق عنه بصدقة جارية، أو صدقة غير جارية؛ فإن كل ذلك ينفعه، وقد وردت الأحاديث بأن الصدقة عنه تنفعه، أي أن يتصدق عنه غيره فإنه ينفعه ذلك، كما جاء في الأحاديث التي سيذكر المصنف بعضها.

وقد أورد أبو داود حديث أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (إذا مات الإنسان انقطع عمله إلا من ثلاثة أشياء: من صدقة جارية)، وهي الصدقة التي تصدق بها عن نفسه، وهي دائمة ومستقرة بخلاف المحددة أو المعينة التي ليست مستمرة فإنها تنتهي، كما لو وجد فقيراً فأعطاه مبلغاً من المال فإن هذه صدقة تنتهي بانتهاء المال، ولكن الصدقة الجارية مثل الوقف، مثل صدقة عمر رضي الله عنه، كونه يتصدق بشيء من ماله يبقى فإنه ينتفع به في حياته وبعد وفاته بصفة مستمرة، وما دام الوقف موجوداً فإن الانتفاع حاصل، فهذه صدقة جارية.

قوله: (أو علم ينتفع به)، المقصود بالعلم: العلم الذي يأخذه عنه تلاميذه، ويأخذ عنهم تلاميذهم وهكذا، أو عن طريق كتابة العلم، والمؤلفات النافعة التي يخلفها الإنسان وتبقى بعده سنيناً طويلة، وقد تمكث مئات السنين، فإنه كلما انتفع من هذه المؤلفات منتفع وصل إليه ثوابه، وقد مضى على موته مئات السنين، ولهذا جاء عن ابن الجوزي في كتابه صيد الخاطر أنه قال: إن الكتاب الذي يخلفه الإنسان يعتبر ولده المخلد، كأنه قد خلد ولداً يدعو له، فيكون ذلك الكتاب معناه أنه خالد وأنه باق، وأنه يمكث المدة الطويلة التي يعود عليه فيها نفعه بعد وفاته بمئات السنين، فالعلم الذي يخلفه الإنسان سواء كان عن طريق تعليم التلاميذ، والتلاميذ يأخذ عنهم تلاميذ، وهكذا، ويتسلسل حتى يصل إليه نفعه، ويصل إليه فوائده، وكذلك المؤلفات؛ ولهذا نجد أن هناك من مضى على موتهم مئات السنين، ومع ذلك ذكرهم مخلد، يأتي ذكرهم في المؤلفات، أو في الأسانيد، أو الفتوى، فيقال: قال فلان كذا، وقال فلان رحمه الله كذا، وأفتى فلان بكذا، وروى فلان كذا، فيأتي ذكرهم مع أنه كان في زمانهم أناس كثيرون لا يعرفون عنهم شيئاً لا في حياتهم ولا بعد موتهم، ولكن خلد ذكرهم العلم النافع الذي ورثوه وخلفوه.

قوله: (أو ولد صالح يدعو له) سواء كان ولده من صلبه المباشر أو ممن هو من نسله، وسواء كان من أبنائه أو من بناته؛ لأن هؤلاء كلهم أولاد له، وكلهم أبناء له القريب والبعيد وإن نزل، ابن الابن وإن نزل، كما في الفرائض، إذ كلهم يقال لهم: أبناء، فأولاد البنين وأولاد البنات يعتبرون أولاداً للميت، فإذا دعوا له بدعاء فإن ذلك ينفعه.

وخص من الأولاد الولد الصالح؛ لأن هذا هو مظنة الدعاء، وهو الذي ينفع نفسه وينفع غيره، أما إذا كان فاسداً فلن ينفع نفسه ولا غيره ولا أصله؛ لأنه منصرف عن الدعاء بالكلية، بل قد يحصل منه دعاء عليه، كما جاء في الحديث:(إن من الكبائر أن يسب الرجل والديه، قيل: وكيف يسب الرجل والديه؟! قال: يسب أبا الرجل فيسب أباه، ويسب أمه فيسب أمه)، فقد يتسبب في أن يذكروا بسوء.

إذاً: ذكر الصلاح هنا لأن الصالح هو الذي ينفع نفسه وينفع غيره؛ لأنه هو الذي يشتغل بالدعاء لنفسه ولغيره.

وقد جاءت زيادات في أحاديث، ولكن غالبها أو كلها تفاصيل وجزئيات ترجع للصدقة الجارية، وقد ذكرها بعض أهل العلم، وذكر صاحب عون المعبود أن السيوطي أوصلها إلى إحدى عشرة، وذكر فيها شعراً، وأنه سبقه ابن العماد فأوصلها إلى ثلاث عشرة، وأنه ساق الأحاديث التي وردت فيها، وهي غالباً ترجع إلى جزئيات للصدقة الجارية.

ص: 8