المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌موقف طالب العلم من أقوال المجتهدين - شرح سنن أبي داود للعباد - جـ ٣٩٤

[عبد المحسن العباد]

فهرس الكتاب

- ‌[394]

- ‌كسر الدراهم

- ‌شرح حديث (نهى أن تكسر سكة المسلمين)

- ‌تراجم رجال إسناد حديث (نهى أن تكسر سكة المسلمين)

- ‌التسعير

- ‌شرح حديث (يا رسول الله سعر)

- ‌تراجم رجال إسناد حديث (يا رسول الله سعر)

- ‌شرح حديث (إن الله هو المسعر)

- ‌تراجم رجال إسناد حديث (إن الله هو المسعر)

- ‌النهي عن الغش

- ‌شرح حديث (ليس منا من غش)

- ‌تراجم رجال إسناد حديث (ليس منا من غش)

- ‌كراهة سفيان تفسير حديث (ليس منا من غش) وتراجم رجال إسناده

- ‌خيار المتبايعين

- ‌شرح حديث (المتبايعان كل واحد منهما بالخيار)

- ‌تراجم رجال إسناد حديث (المتبايعان كل واحد منهما بالخيار)

- ‌شرح حديث (المتبايعان كل واحد منهما بالخيار) من طريق أخرى

- ‌تراجم رجال إسناد حديث (المتبايعان كل واحد منهما بالخيار) من طريق أخرى

- ‌شرح حديث (ولا يحل له أن يفارق صاحبه خشية أن يستقيله)

- ‌تراجم رجال إسناد حديث (ولا يحل له أن يفارق صاحبه خشية أن يستقيله)

- ‌شرح حديث أبي برزة (البيعان بالخيار)

- ‌تراجم رجال إسناد حديث أبي برزة (البيعان بالخيار)

- ‌شرح حديث (لا يفترقن اثنان إلا عن تراض)

- ‌تراجم رجال إسناد حديث (لا يفترقن اثنان إلا عن تراض)

- ‌شرح حديث حكيم بن حزام (البيعان بالخيار ما لم يفترقا)

- ‌تراجم رجال إسناد حديث حكيم بن حزام (البيعان بالخيار ما لم يفترقا)

- ‌خلاف الرواة في بعض ألفاظ حديث حكيم بن حزام (البيعان بالخيار ما لم يفترقا)

- ‌موقف طالب العلم من أقوال المجتهدين

- ‌الأسئلة

- ‌حكم الخروج عن أقوال الأئمة الأربعة

- ‌كيفية الكتمان من جهة المشتري

- ‌معنى البركة في البيع

- ‌خيار المجلس في عقد الإجارة

- ‌حكم التبليغ عن التجار الذين يرفعون الأسعار

- ‌الحكمة من تحريم التسعير

- ‌حكم تسعير الأدوية

- ‌حكم بيع التقسيط المنتهي بالتمليك

الفصل: ‌موقف طالب العلم من أقوال المجتهدين

‌موقف طالب العلم من أقوال المجتهدين

الإمام أبو حنيفة رحمه الله لم يقل بخيار المجلس، وقد قال هو وغيره من الأئمة: إذا قلت قولاً يخالف حديثاً فخذوا بقول الرسول صلى الله عليه وسلم واتركوا قولي، فالأئمة الأربعة رحمة الله عليهم جميعاً كل واحد منهم جاء عنه ما يدل على أنه إذا جاء عن النبي صلى الله عليه وسلم حديث صحيح فإنه يؤخذ به ولا يؤخذ بقوله، وهذا من إنصافهم وجميل فعلهم رحمة الله عليهم جميعاً.

وقد جاء عن الإمام الشافعي رحمه الله أنه قال: أجمع المسلمون على أن من استبانت له سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يكن له أن يدعها لقول أحد.

والناس بالنسبة للعلماء -سواء الأئمة الأربعة أو غيرهم- على ثلاثة أصناف طرفان ووسط: فمنهم من يتعصب ويغلو، ومنهم من يجفو، ومنهم من يتوسط ويعتدل.

فالذين يغلون لا يعدلون عن قول الإمام حتى ولو وجد حديث عن النبي صلى الله عليه وسلم بخلافه، وقالوا: لو كان صحيحاً لعلمه الإمام ولا يخفى على الإمام! وهذا غلو وتعصب، فلا أحد يقول: إنه لا يخفى على الإمام شيء من سنة الرسول صلى الله عليه وسلم بحيث تكون جميع أقواله وأفعاله وتقريراته صلى الله عليه وسلم محصورة عند شخص من الناس، ولا يفوته منها شيء، هذا لا يقال في حق أحد.

ومن الناس من يجفو فيقول: لا نرجع إلى كلام العلماء، بل نحن رجال وهم رجال! والتوسط بينهما أن يرجع الإنسان إلى كلامهم ويرجع إلى ما كتبوه ودونوه، ويترحم عليهم، ويدعو لهم، ويستفيد من علمهم، ويستعين بهم في الوصول إلى الحق.

قال ابن القيم رحمه الله في كتاب الروح: العلماء يُحترمون ويُوقرون ويرجع إلى علمهم للاستفادة منهم، ويستعان بهم في الوصول إلى الحق، فإذا وصل إلى الحق اكتفى الإنسان به عن غيره.

ثم ضرب لذلك مثلاً فقال: مثل النجوم يهتدى بها في البر إلى جهة القبلة في الظلام وفي الفلوات، لكنه إذا وصل إلى الكعبة ورآها فإنه لا يحتاج إلى أن ينظر في النجوم ليهتدي إلى القبلة؛ لأنه وصل إلى الكعبة ورآها، لكنه عندما يكون بحاجة إلى الاستفادة من النجوم يستفيد منها، وكذلك الإنسان يستفيد من العلماء ما دام أن الحق ما تبين له، وما وقف على الدليل الواضح في المسألة، فيرجع إلى كلام العلماء ويستفيد من علمهم وهذا هو العدل والإنصاف، وهذا هو الذي يريده الأئمة، وهو الذي أوصى به الأئمة، وهو أنه إذا وجد الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم فإنه يصار إليه ولا يصار إلى أقوالهم؛ لأن السلامة والعصمة إنما هي في كلام الرسول صلى الله عليه وسلم وفيما جاء عن الرسول كتاباً أو سنة، ففيهما السلامة والنجاة، وأما العلماء فهم يخطئون ويصيبون، ولا يعدمون الأجر أو الأجرين، من اجتهد منهم وأصاب الحق فإنه يحصل أجرين، أجراً من أجل اجتهاده وأجراً من أجل إصابته، ومن اجتهد وأخطأ فإنه يحصل أجراً على اجتهاده وخطؤه مغفور.

إذاً: المجتهدون لا يعدمون أجراً أو أجرين، وكل مجتهد له نصيب من الأجر، ولا يقال: كل مجتهد مصيب، فالحق واحد.

ولهذا قسم النبي صلى الله عليه وسلم المجتهدين إلى قسمين فقال: (إذا حكم الحاكم فاجتهد فأصاب فله أجران، وإن حكم فاجتهد وأخطأ فله أجر واحد)، فالنبي صلى الله عليه وسلم ما جعل كل مجتهد مصيباً للحق، بل الحق يصيبه من يصيبه، ويخطئه من يخطئه، لكن لكل مجتهد نصيب من الأجر.

ص: 28