الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
"قال: وفي الباب عن المقداد بن الأسود" المقداد قصته وسؤاله النبي عليه الصلاة والسلام في الصحيح عند أبي داود والنسائي وابن ماجه أيضاً "وأبي بن كعب" وأخرجه ابن ماجه وابن أبي شيبة.
"قال أبو عيسى: هذا حديث حسن صحيح" وأخرجه أحمد وأبو داود والنسائي وابن حبان، وأخرجه الشيخان مختصراً، لكن كيف يصححه أبو عيسى وفيه يزيد بن أبي زياد وقد ضعف؟ الترمذي عرفت قاعدته بأنه يصحح بالشواهد، يعني صحح حديث علي الذي فيه يزيد بن أبي زياد حديث الباب لما في الباب من حديث المقداد وأبي ابن كعب وغيرهما، طريقة الترمذي معروفة فلذلك صححه، وأما أحمد شاكر وافق الترمذي على تصحيحه ولم ير فيه طعن لطاعن، لم ير فيه مطعن لماذا؟ لأن يزيد بن أبي زياد ثقة عنده، وابن أبي ليلى ما دام عاصر علي رضي الله عنه فتكفي المعاصرة.
قال: "وقد روي عن علي بن أبي طالب عن النبي صلى الله عليه وسلم من غير وجه ((من المذي الوضوء، ومن المني الغسل)) وهو قول عامة أهل العلم من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم والتابعين ومن بعدهم" قول عامة أهل العلم من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم، يعني لم يوجب أحد منهم الغسل بالمذي، ولم يعفِ أحد منهم من رأى المني من الغسل "وبه يقول سفيان الثوري والشافعي وأحمد وإسحاق" وقال الحافظ ابن حجر: هو إجماع، إجماع أنه إذا رأى الماء الذي هو المني يجب عليه الغسل، وأن من رأى المذي فقط فإن عليه الوضوء لا الغسل، ونقل الإجماع على هذا أكثر من واحد.
سم.
عفا الله عنك.
قال -رحمه الله تعالى-:
باب: ما جاء في المذي يصيب الثوب:
حدثنا هناد قال: حدثنا عبدة عن محمد بن إسحاق عن سعيد بن عبيد هو ابن السباق عن أبيه عن سهل بن حنيف رضي الله عنه قال: كنت ألقى من المذي شدة وعناء، فكنت أكثر منه الغسل، فذكرت ذلك لرسول الله صلى الله عليه وسلم وسألته عنه؟ فقال:((إنما يجزئك من ذلك الوضوء)) فقلت: يا رسول الله كيف بما يصيب ثوبي منه؟ قال: ((يكفيك أن تأخذ كفاً من ماء فتنضح به ثوبك حيث ترى أنه أصاب منه)).
قال أبو عيسى: هذا حديث حسن صحيح، ولا نعرف مثل هذا إلا من حديث محمد بن إسحاق في المذي مثل هذا، وقد اختلف أهل العلم في المذي يصيب الثوب، فقال بعضهم: لا يجزئ إلا الغسل، وهو قول الشافعي وإسحاق، وقال بعضهم: يجزئه النضح، وقال أحمد: أرجو أن يجزئه النضح بالماء.
قال -رحمه الله تعالى-:
"باب: ما جاء في المذي يصيب الثوب" المذي معروف ماء رقيق يخرج عند المقدمات من الملاعبة، ولا يجب فيه الغسل، وهو نجس ناقض للوضوء، وإن كانت نجاسته مخففة يكفي فيه النضح عند جمع من أهل العلم على ما سيأتي، يصيب الثوب هل يجب غسله أو يترك بدون غسل أو ينضح أو يحك ويقرص؟ على ما سيأتي في المني.
قال رحمه الله:
"حدثنا هناد" وهو ابن السري "قال: حدثنا عبدة" بن سلميان الكلابي وهو ثقة "عن محمد بن إسحاق" صدوق مدلس، لكنه صرح بالتحديث عند أبي داود، يقول:"حدثنا سعيد بن عبيد" وهنا روى الخبر بصيغته عن محمد بن إسحاق عن سعيد، وجمع من أهل العلم ضعفوه، وكلام الإمام مالك فيه شديد جداً، ومنهم من وثقه، وعلى كل حال التوسط في أمره أن يقال: صدوق، وهو أيضاً مدلس لا بد أن يصرح بالتحديث، وقد صرح بالتحديث في رواية أبي داود، والشيخ أحمد شاكر وثقه رحمه الله "عن سعيد بن عبيد هو ابن السباق" ثقة "عن أبيه" ثقة أيضاً "عن سهل بن حنيف" بن واهب الأنصاري صحابي بدري "قال: كنت ألقى من المذي شدة وعناء" يعني مثلما كان علي -رضي الله تعالى عنه- يلقى من الشدة، وكل منهما كان يكثر الاغتسال منه، حتى قال بعضهم: أنه تشقق ظهره من كثرة الاغتسال "قال: كنت ألقى من المذي شدة وعناء" يعني مشقة شديدة "فكنت أكثر منه الغسل" يعني بسببه كنت أكثر الغسل "فذكرت ذلك لرسول الله صلى الله عليه وسلم وسألته عنه" يعني مثل ما سأل المقداد النبي عليه الصلاة والسلام لعلي رضي الله عنه "فذكرت ذلك لرسول الله -صلى لله عليه وسلم- وسألته عنه" ذكرت هذه المشقة وهذا العناء وهذه الشدة وسألته عن الحكم؟ "فقال: ((إنما يجزئك)) " يعني يكفيك ((من ذلك)) من ذلك أي من خروج المذي ((الوضوء)) الوضوء فاعل يجزيك "فقلت: يا رسول الله كيف بما يصيب ثوبي منه؟ " قال: ((يكفيك أن تأخذ كفاً من ماء فتنضح به ثوبك حيث تُرى)) أو تَرى سواء تحققت أو ظننت ((أنه أصاب منه)) لأن تُرى يعني تظن، وتَرى بعينك ((أنه أصابه منه)) فعلى هذا هو نجس، نجس لكنها نجاسة مخففة يكفي فيها النضح، ولا يلزم غسله غسلاً كما يغسل البول ((فتنضح به ثوبك حيث ترى -أو ترى- أنه أصاب منه))
"قال أبو عيسى: هذا حديث حسن صحيح" لا نعرفه إلا من حديث محمد بن إسحاق في المذي مثل هذا، يعني انفرد بروايته محمد بن إسحاق عن سعيد بن عبيد، والترمذي إنما صححه لما يشهد له من حديث علي وحديث المقداد، من أن المذي ينضح، يعني يرشح كما يرش بول الغلام، يأخذ كف من ماء وينضح هكذا يرش، ولا يلزم غسله وفركه مثل البول.
قال رحمه الله: "وقد اختلف أهل العلم في المذي يصيب الثوب فقال بعضهم: لا يجزئ إلا الغسل" لماذا؟ لأنه نجس، والنجس يجب غسله؛ ولأن النبي عليه الصلاة والسلام قال في حديث علي:((يغسل ذكره)) وفي رواية: ((وأنثييه ويتوضأ)) والنضح إذا بولغ فيه وصل إلى طريقة الغسل فلا اختلاف، لكن النضح حقيقته غير حقيقة الغسل، النضح والرش حقيقتهما غير حقيقة الغسل، قال:"وقد اختلف أهل العلم في المذي يصيب الثوب فقال بعضهم: لا يجزئ إلا الغسل، وهو قول الشافعي وإسحاق" لأنه محكوم بنجاسته والنجس لا بد من غسله "وقال بعضهم: يجزئه النضح، وقال أحمد: أرجو أن يجزئه النضح بالماء" وذلك استدلالاً بحديث الباب، ورواية الغسل إنما هي في الفرج لا في الثوب الذي هو محل النزاع، لكن هل يمكن أن يركب من القولين قول وهو أنه يغسل في الفرج وينضح في الثوب فتنضح به ثوبك حيث ترى أنه أصاب منه؟ وقال في حديث علي:((يغسل ذكره)) وفي رواية: ((وأنثييه)) يعني هل تختلف حقيقته في الثوب عن حقيقته في البدن؟ يعني جاء في حديث علي: ((يغسل ذكره)) وفي حديث الباب: ((فتنضح به ثوبك حيث ترى أنه أصابه منه)) يعني هل لقول من فرق بين البدن والثوب هل له وجه أو ليس له وجه؟ يعني الجمع بين هذه الأحاديث لو حلمنا حديث علي على حقيقة الغسل قلنا: إنه في البدن يغسل، وفي الثوب ينضح، ولو قال قائل مثلاً: إن العكس أولى، لماذا؟ يعني لو قال قائل من حيث التعليل: إن العكس أولى من هذا القول؛ لأن الثوب يشرب، يتشرب النجاسة والبدن لا يتشرب النجاسة، فغسل الثوب أشد من غسل البدن، والحقيقة واحدة، يعني ما تغير، وطهارة الثوب شرط لصحة الصلاة كطهارة البدن، يعني من فرق بينهما فقال: إنه يغسل في البدن وينضح في الثوب هذا ماشي مع النصوص، لكن لقائل أن يقول: العكس أولى، أولاً: الحقيقة واحدة هو المذي سواء كان في الثوب أو كان في البدن، واحد ما يتغير لكنه في الثوب أشد منه في البدن يتشرب النجاسة والبدن لا يتشرب النجاسة، فلو نضح البدن وسال عليه الماء كفى، لكن الثوب تشرب النجاسة فلا بد من غسله، وهذا من حيث النظر له حظ من النظر بينما الأثر يشهد لضده، وعامة أهل العلم على أنه لا فرق بين الثوب