الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
والبدن، فإما أن يغسل أو ينضح، جاء النضح بأدلة صحيحة صريحة وجاء الغسل، فإما أن يقال: إنه نضح يبالغ فيه حتى يصل إلى الغسل، يعني بدايته نضح ونهايته غسل، وإما أن يقال: غسل خفيف شبيه بالنضح، وعلى كل حال جاء بهذا وهذا، وكون نجاسته مخففة أمر لا يشك فيه أحد، فنجاسة المذي ليست كنجاسة البول قولاً واحداً، وما دام حكمه التخفيف فيكفي فيه النضح على ما في حديث الباب، والرش كما في غيره، نعم.
عفا الله عنك.
قال -رحمه الله تعالى-:
باب: ما جاء في المني يصيب الثوب:
حدثنا هناد قال: حدثنا أبو معاوية عن الأعمش عن إبراهيم عن همام بن الحارث قال: ضاف عائشة ضيف فأمرت له بملحفة صفراء فنام فيها فاحتلم، فاستحيا أن يرسل بها وبها أثر الاحتلام، فغمسها في الماء ثم أرسل بها، فقالت عائشة: لم أفسد علينا ثوبنا؟ إنما كان يكفيه أن يفركه بأصابعه، وربما فركته من ثوب رسول الله صلى الله عليه وسلم بأصابعي.
قال أبو عيسى: هذا حديث حسن صحيح، وهو قول غير واحد من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم والتابعين ومن بعدهم من الفقهاء مثل سفيان الثوري والشافعي وأحمد وإسحاق، قالوا: في المنى يصيب الثوب يجزئه الفرك، وإن لم يغسل، وهكذا روي عن منصور عن إبراهيم عن همام بن الحارث عن عائشة مثل رواية الأعمش، وروى أبو معشر هذا الحديث عن إبراهيم عن الأسود عن عائشة وحديث الأعمش أصح.
يقول المؤلف -رحمه الله تعالى-:
"باب: ما جاء في المني يصيب الثوب" يعني هل يجب غسله أو يكتفي بنضحه كالمذي أو الأمر فيه أخف فيكتفى بحكه أو حته؟
قال: "حدثنا هناد قال: حدثنا أبو معاوية عن الأعمش عن إبراهيم عن همام بن الحارث قال: ضاف عائشة ضيف" يعني نزل بها ضيف "فأمرت له بملحفة صفراء" ملحفة يعني ما يلتحف به أو يتغطى به "فنام فيها فاحتلم، فاستحيا أن يرسل بها وبها أثر الاحتلام" استحياء أن يردها لعائشة وبها أثر الاحتلام "فغمسها في الماء ثم أرسل بها، فقالت عائشة: لم أفسد علينا ثوبنا؟ إنما كان يكفيه أن يفركه بأصابعه" يعني يكفيه أن يدلكه بأصابعه حتى يذهب أثره "قالت: وربما فركته من ثوب رسول الله صلى الله عليه وسلم بأصابعي"،
وفي رواية مسلم عن عبد الله بن شهاب الخولاني قال: كنت نازلاً على عائشة فاحتلمت في ثوبي فغمسته في الماء، فرأتني جارية لعائشة فأخبرتها، ليس معنى أنه كان ضيفاً عندها أنه نام معها في غرفتها إنما في ضيافتها، ولا يلزم أن يكون في منزلها إنما نزل في ضيافتها؛ لأن مثل هذا الخبر قد يتلقفه من يتلقفه من الذين يتبعون الشبهات والشهوات، فيستدل به على أن المرأة وإن كانت بمفردها في البيت يمكن أن ينزل بها رجل ضيف، هذا الكلام ليس بصحيح، قال عبد الله بن شهاب الخولاني: كنت نازلاً على عائشة يعني ضيف عندها فاحتلمت في ثوبي، وهنا يقول: فأمرت له بملحفة، ولا يمنع أن ينسبه إلى نفسه لأنه قد تغطى به، والنسبة تكون لأدنى ملابسة، فاحتلمت في ثوبي فغمسته في الماء، فرأتني جارية لعائشة، فأخبرتها فبعثت إلي عائشة كل هذا يدل على أن عائشة ليست بحضرته وليس بحضرتها، فبعثت إلي عائشة فقالت: ما حملك على ما صنعت بثوبك؟ قال: قلت
…
إلى آخره أنه استحيا أن يرسل بها وبها أثر الاحتلام، ثم قالت له: إنما كان يكفيك أن تفركه بأصابعك، تدلك بأصابعك، وربما فركته من ثوب رسول الله صلى الله عليه وسلم بأصابعي.
الذي ينزل ضيف لا شك أن مسألة أن يختلط بنسائهم هذا أمر مفروغ منه، مفروغ منه لا يجوز بحال، وكونه يخلو الخلوة محرمة بالنصوص الصريحة الصحيحة، وكونه يحتلم وهو في بيتهم وإن كان بعيداً عنهم لا شك أنه
…
، لا سيما إذا كان فيه نساء من بنات وغيرهن، فيه حرج عليه كبير، حرج كبير فماذا يصنع؟ شيخ الإسلام في مثل هذا الصورة يقول: له أن يتيمم، لئلا يتهم لأنه يعني ما شعور الإنسان وعنده ضيف نائم عنده في المجلس وبناته في غرفهن نائمات، ثم إذا قام صاحب البيت ليوقظ هذا الضيف يجده يغتسل، هذا يقع في نفسه شيء وحرج، والشيطان يحرص حرصاً شديداً أن يوقع في النفوس في مثل هذه المواقف أشياء عظيمة، شيخ الإسلام يقول: إنه في مثل هذه الصورة له أن يتيمم، ليدفع الحرج عن نفسه وعن غيره، ولا شك أن هذه شجاعة من شيخ الإسلام وجرأة، ولكن عنده من العلم بنصوص الدين وقواعده العامة والمصالح والمفاسد يعني عنده بسبب اطلاعه الواسع ما يجعله يقول مثل هذا الكلام، لكن هل لأي عالم أو لطالب علم أن يقول مثل هذا الكلام، والنصوص إنما أباحت التيمم لمن لم يجد الماء، وهذا واجد للماء لا يمكن أن يقول بهذا أحد دفعاً لهذا الحرج والمشقة، يعني له أن يقول: يتوضأ، له أن يحتال، فيتوضأ في بيت هذا الرجل، وله أيضاً أن يوري تورية أنه يريد أن يصلي في مكان آخر له ذلك ثم يذهب فيغتسل، أما أن يقال له: تيمم وأنت واجد للماء هذا
…
، لا شك أن شيخ الإسلام ليس في هذا إلا أجر واحد، يعني أجر الاجتهاد أم أن يتمم وهو واجد للماء فلا، هذا الذي احتلم وهو في ضيافة عائشة أولاً: ليس عنده نساء يتهم بهن احتلم وجاءت الجارية لتحضر له شيء أو تأخذ منه شيء من غير ريبة ولا ظنة ولا تهمة فرأته يفعل ذلك، فرأتني جارية لعائشة فأخبرتها فبعثت إلي عائشة فقالت: ما حملك على ما صنعت بثوبك؟ قال: قلت
…
الحديث، وفي رواية مسلم تبين أنه ليس عند عائشة وليس في غرفتها، إنما نزل ضيفاً عليها، والآن بالإمكان أن ينزل الضيف على من يشاء ويضيفه من شاء ولا يحصل شيء من الخلوة، أو شيء من الاختلاط أو شيء من المحظور، وربما فركته من ثوب رسول الله صلى الله عليه وسلم، إنما كان يكفيه أن يفركه بأصابعه،
وربما فركته من ثوب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهذا هو الشاهد من الحديث، وأن المني يصيب الثوب يكفي فيه الفرك، وبهذا يستدل من يقول بطهارته.
"قال أبو عيسى: هذا حديث حسن صحيح" وأخرجه مسلم وأبو داود والنسائي وابن ماجه "وهو قول غير واحد من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم والتابعين ومن بعدهم من الفقهاء مثل سفيان الثوري والشافعي وأحمد وإسحاق، قالوا: في المنى يصيب الثوب يجزئه الفرك وإن لم يغسل" وهذا على أساس أنه طاهر، فهذه النصوص تدل على أنه طاهر، وهو قول أبو حنيفة إذا كان يابساً، أما إذا كان رطباً فلا بد من غسله، وقال مالك: لا بد من غسله مطلقاً يابساً كان أو رطباً.
يقول النووي في شرح مسلم: اختلف العلماء في طهارة المني فذهب مالك وأبو حنيفة إلى نجاسته إلا أن أبا حنيفة قال: يكفي في تطهيره فركه إذا كان يابساً، وهو رواية عن أحمد، وقال مالك: لا بد من غسله رطباً كان أو يابساً، وفرق الحسن بين الثوب والبدن فقال: لا تعاد الصلاة إذا كان في الثوب وتعاد إذا كان في البدن، ونستحضر ما أسلفناه في المذي وأن البدن يختلف عن الثوب على قول، وذهب كثيرون إلى أنه طاهر، روي ذلك عن علي بن أبي طالب وسعد بن أبي وقاص وابن عمر وعائشة وداود وأحمد في أصح الروايتين وهو مذهب الشافعي وأصحاب الحديث، دليلهم ما جاء في فركه، ودليل مالك على نجاسته ووجوب غسله رواية وحديث الغسل على ما سيأتي: أنها غسلت مني من ثوب رسول الله صلى الله عليه وسلم كما في الحديث الآحق، فجاء الفرك وجاء الغسل، والأدنى يقضي على الأعلى، إيش معنى هذا؟ أن الفرك أدنى والأعلى الغسل، وإذا جاز الأدنى صار الحكم له، وأما الأعلى فيمكن تأوليه، الغسل ليس خاص بالنجاسات، الغسل ليس خاص بالنجاسة، فإذا وقع على البدن شيء أو على الثوب شيء مما يُقَذره ويؤثر فيه فإنه يغسل، ولو ترك ما أثر في الصلاة، لكنه نظر لستقذاره يعني كالمخاط والبصاق وما أشبه ذلك يغسل، وكذلك لو وقع على الثوب أو على البدن شيء من الطاهرات، لو أنسكب على ثوبك مرق مثلاً وقيل لك: اغسله، هل الغسل لنجاسته؟ لكن لأنه لوث الثوب ويشوه الثوب وكذلك ما جاء في غسل المني على ما سيأتي محمول على هذا، فإنه يقذر الثوب كالبصاق فإن كان يابساً يحك بالظفر، وأن كان رطباً لا يفيد فيه الحك يغسل على ما سيأتي.