الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
قال: "حدثنا محمد بن المثنى قال: حدثنا يحيى بن سعيد عن عبيد الله بن عمر عن نافع عن ابن عمر عن عمر أنه سأل النبي صلى الله عليه وسلم أينام أحدنا وهو جنب؟ قال: ((نعم إذا توضأ)) " قد يقول قائل: إن المراد بهذا وضوء لغوي، يغسل يديه ويغسل ما لوث وينام ما يحتاج يتوضأ وضوء كامل؛ لأن هذا الوضوء لا يفيده، هل ينفعه الوضوء؟ لا ينفعه، لا يستطيع أن يقرأ ولا يستطيع أن يصلي ما يستفيد منه، كما لو احتلمت الحائض، ورأت الماء هل نقول: اغتسلي للجنابة؟ وهل تستفيد من هذا الغسل أو لا تستفيد؟ لا تستفيد، لا تستفيد من الغسل، وهل يقال للحائض: توضئي قبل أن تنامي؟ لا يقال لها، إذاً ما معنى أن الجنب يأمر بالوضوء؟ من أجل تخفيف الجنابة والحيض لا يخف، مهما بذلت ما يخف إلا بانقطاع الدم، والمراد هنا الوضوء الشرعي لا اللغوي، بين ذلك في رواية البخاري:((توضأ للصلاة)) قال ابن حجر: أي توضأ كما لو توضأت للصلاة، يعني وضوء شرعي وليس بوضوء لغوي.
قال رحمه الله: "وفي الباب عن عمار وعائشة وجابر وأبي سعيد وأم سلمة" عن عمار عند أحمد في المسند والترمذي، وعائشة حديثها عند الجماعة عند السبعة أحمد والبخاري ومسلم وأبو داود الترمذي النسائي ابن ماجه، وحديث جابر قال الشارح: لم نقف عليه، وأهمل حديث أبي سعيد وأم سلمة عند الطبراني.
"قال أبو عيسى: حديث عمر أحسن شيء في هذا الباب وأصح" عن ابن عمر عن عمر أحسن شيء في هذا الباب وأصح، وروه أيضاً الجماعة "وهو قول غير واحد من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم والتابعين وبه يقول: سفيان الثوري وابن المبارك والشافعي وأحمد وإسحاق، قالوا: إذا أراد الجنب أن ينام توضأ قبل أن ينام" لكن الجمهور على أن هذا الوضوء مستحب؛ لأنه لا تترتب عليه آثاره، فلا يستطيع أن يقرأ به، ولا يستطيع أن يصلي به، ولا يستطيع أن يطوف به على القول باشتراط الطهارة، نعم.
عفا الله عنك.
قال -رحمه الله تعالى-:
باب: ما جاء في مصافحة الجنب:
حدثنا إسحاق بن منصور قال: حدثنا يحيى بن سعيد القطان قال: حدثنا حميد الطويل عن بكر بن عبد الله المزني عن أبي رافع عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم لقيه وهو جنب قال: فانخنست أي فانخنست.
قال قال.
قال: فانخنست.
أي.
أي فنخست فاغتسلت.
ما تجي، ما تجي، صوابها فانبجست أي: انخنست،
عفا الله عنك.
قال: فانبجست أي فانخست فاغتسلت ثم جئت، فقال:((أين كنت أو أين ذهبت؟ )) قلت: إني كنت جنباً، قال:((إن المسلم لا ينجس)).
قال: وفي الباب عن حذيفة وابن عباس.
قال أبو عيسى: وحديث أبي هريرة أنه لقي النبي صلى الله عليه وسلم وهو جنب حديث حسن صحيح، وقد رخص غير واحد من أهل العلم في مصافحة الجنب، ولم يروا بعرق الجنب والحائض بأساً، ومعنى قوله: فانخنست يعني: تنحيت عنه.
يقول -رحمه الله تعالى-:
"باب: في مصافحة الجنب" الجنب محدث، والحدث يطلق على الخارج نفسه، ويطلق على الوصف القائم بالبدن، قيل: يا أبو هريرة ما الحدث؟ قال: "فساء أو ضراط" على ما تقدم، فالحدث كما يطلق على الخارج نفسه يطلق أيضاً على الوصف القائم بالبدن الذي يمنع من هذه العبادات، فعلى كل حال الجنب محدث وعليه حدث، وبه وصف قائم يمنعه من العبادات، فحاله أقل من حال من يتلبس بهذا الوصف.
أبو هريرة رضي الله عنه رأى أن مقامه وهو جنب لا يليق بمصافحة النبي عليه الصلاة والسلام قال: "باب: ما جاء في مصافحة الجنب" قال: "حدثنا إسحاق بن منصور قال: حدثنا يحيى بن سعيد القطان قال: حدثنا حميد الطويل عن بكر بن عبد الله المزني عن أبي رافع عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم لقيه" يعني لقي أبا هريرة "عن أبي هريرة أن النبي عليه الصلاة والسلام لقيه" الأصل أن يقول: لقيني كما في رواية البخاري، عن أبي هريرة أن النبي عليه الصلاة والسلام قال:"لقيني" وهو جنب والأصل أن يقول: وأنا جنب، وهذه الجملة حالية، قال أبو هريرة: فانبجست أي انخنست، يعني في الصورة انبجست وانخنست وانحبست كلها متقاربة، ومعنى ذلك تأخرت، الخناس: الذي يتأخر عند الذكر، فإذا أذن المؤذن ولى هارباً، هذا الوسواس الخناس يتأخر عند الذكر، عند التكبير، عند الآذان، على كل حال أبو هريرة انخنس تأخر، العوام يقولون ماذا يقولون؟ إيش؟ ها يا أبو أحمد؟ ما يقولون:"نس"، أبو هريرة رضي الله عنه رأى أن مقامه في هذه الحالة وهو متلبس بجنابة دون مقام النبي عليه الصلاة والسلام أكمل الخلق وأطهر الخلق، فرأى أنه لا يليق به أنه يصافح النبي عليه الصلاة والسلام ويجالس النبي عليه الصلاة والسلام ويخاطب النبي وهو على هذه الحالة، "قال: فنخنست فاغتسلت ثم جئت" رأى أن نفسه صالحة الآن للمقابلة والمجالسة "ثم جئت، فقال:((أين كنت؟ )) " يعني بعض الناس إذا صار مدعو على وليمة وبيحضرها أعيان وتيسر له أن مر البيت قبل ذلك وفعل ما فعل، أو أخذته عينه فنام في مسجده أو في بيته فاحتلم وهو مدعو إلى وليمة فيها أعيان وفيها أخيار يعني هل يليق به أن يذهب بجنابته أو يغتسل؟ لا سيما وأنه يحتمل أن يقتضي المقام أن يقرأ آية وإلا يقرأ شيء أو يستدل بآية، هو عرضة لمثل هذه الأمور والمجالس لا شك -لا سيما مجالس الأخيار- ينبغي أن تكون على أكمل حال "قال: فانخنست فاغتسلت ثم جئت، فقال:((أين كنت أو أين ذهبت؟ )) قال: إني كنت جنباً، قال:((إن المسلم)) وفي رواية: قال: ((إن المؤمن)) وهي في البخاري، ((لا ينجس)) المسلم لا ينجس مفهومه أن الكافر نجس نجس
العين، قال ابن حجر: تمسك بمفهومه بعض أهل الظاهر فقال: إن الكافر نجس العين وقواه بقوله تعالى: {إِنَّمَا الْمُشْرِكُونَ نَجَسٌ} [(28) سورة التوبة] والجمهور على خلافه؛ لأن الله أباح نساء أهل الكتاب، ومن لازم معاشرة هذه النسوة أن تمس أبدانهن وعرقهن وإذا اغتسلن أمور كثيرة، يعني المخالطة تقتضي المماسة، فما دام نساء الكتاب مباحات للمسلمين إذاً بدن المشرك طاهر، وفي قوله تعالى:{إِنَّمَا الْمُشْرِكُونَ نَجَسٌ} [(28) سورة التوبة] يقصد به النجاسة المعنوية، نجاسة الشرك، ونقل عن ابن عباس رضي الله عنهما أن أعيان الكفار نجسة كالخنزير، وعن الحسن:"من صافحهم فليتوضأ" وهو محمول إن صح على المبالغة في البعد عنهم، والاحتراز منهم، والآية:{إِنَّمَا الْمُشْرِكُونَ نَجَسٌ} [(28) سورة التوبة] محتملة، والأصل في النجاسة العينية، وأما النجاسة المعنوية هذه لا شك أن لها ما يؤيدها لكن ليست هي الأصل، في قوله:{إِنَّمَا الْمُشْرِكُونَ نَجَسٌ} [(28) سورة التوبة] واليهود والنصارى أبيحت لنا نساءهم، نساء أهل الكتاب مباحة للمسلمين بالنص، فهل نقول: إن اليهود والنصارى يدخلون في قوله تعالى: {إِنَّمَا الْمُشْرِكُونَ نَجَسٌ} [(28) سورة التوبة]؟ وبعبارة أخرى هل اليهود والنصارى مشركون أو ليسوا بمشركين؟ أولاً: هم كفار بالإجماع، ما في أحد يخالف في كفرهم، حتى قال أهل العلم: من شك في كفرهم كفر إجماعاً يعني اليهود والنصارى، لكن هل يقال لهم: مشركون، الحافظ ابن حجر -رحمه الله تعالى- يقرر أنهم وإن كانوا كفاراً بالإجماع إلا أنهم ليسوا بمشركين، وإنما فيهم شرك، وأحكامهم تختلف عن أحكام المشركين، نعم فيهم شرك، لكنهم ليسوا بمشركين، فمن وافق في وصف لا يمكن أن ينسب، حينما قال النبي عليه الصلاة والسلام لأبي ذر:((إنك امرؤ فيك جاهلية)) هل يعني هذا إن أبا ذر جاهلي؟ لا، ومن كانت فيه خصلة من النفاق لم يكن منافقاً، لكن فيه خصلة من النفاق، وابن رجب يقول: إن اليهود والنصارى فيهم شرك وإن لم يكونوا مشركين، ولذلك لا يحتاجون إلى مخصص لقوله:{وَلَا تَنكِحُواْ الْمُشْرِكَاتِ} [(221) سورة البقرة] لا يدخل فيه نساء اليهود والنصارى لأنهن أبحن
بالنص، ولا يدخلن في أية المنع لأنهم ليسوا مشركين، ومن قال: إنهم مشركون كغيرهم لا سيما وأن الشرك وقع فيهم، الشرك وقع في اليهود والنصارى لكن ليسوا مثل غيرهم من طوائف الشرك الذين لا يقرون بالتوحيد ولا يعترفون بالله -جل وعلا-، وإن اشتركوا مع غيرهم في جحد الرسالة لذلك الطوائف متفاوتة، منها القريب ومنها البعيد، واليهود والنصارى أقرب من غيرهم، ولذا أبيح منهم ما لم يبح لغيرهم أو من غيرهم.
قال: "وفي الباب عن حذيفة" وهو عند البزار "وابن عباس".
"قال أبو عيسى: وحديث أبي هريرة أنه لقي النبي صلى الله عليه وسلم وهو جنب حديث حسن صحيح" وهو مخرج في الصحيحين وغيرهما "وقد رخص غير واحد من أهل العلم في مصافحة الجنب، ولم يروا بعرق الجنب والحائض بأساً" قال البغوي في شرح السنة: وهو قول عامة العلماء، وفيه جواز تأخير الاغتسال بالجنب، وأنه يسعى في حوائجه، ما في ما يمنع أنه يجنب ويخرج إلى السوق ليشتري ما يريد، ومعنى قوله: فانخنست يعني تنحيت عنه، والله أعلم.
وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.