المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌باب: ما جاء في الوضوء للجنب إذا أراد أن ينام: - شرح سنن الترمذي - عبد الكريم الخضير - جـ ٢٤

[عبد الكريم الخضير]

الفصل: ‌باب: ما جاء في الوضوء للجنب إذا أراد أن ينام:

"قال أبو عيسى: وهذا قول سعيد بن المسيب وغيره" يجوز له أن ينام ولا يمس ماء، يعني لا ماء غسل ولا ماء وضوء ولا غيرهما "وقد روى غير واحد عن الأسود عن عائشة عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه كان يتوضأ قبل أن ينام" يتوضأ قبل أن ينام، يعني أن هؤلاء غير واحد أكثر من واحد خالفهم أبو إسحاق فرواه باللفظ السابق، ينام وهو جنب ولا يمس ماء "وهذا أصح من حديث أبي إسحاق عن الأسود" يعني حديث الباب حديث أبي إسحاق عن الأسود ينام وهو جنب ولا يمس ماء، والأصح منه فيما رواه غير واحد عن الأسود عن عائشة عن النبي عليه الصلاة والسلام أنه كان يتوضأ قبل أن ينام، يعني يخفف، يخفف الجنابة بالوضوء، ومعلوم أن الجنابة ومجالسة الناس على جنابة والنوم على جنابة والبقاء والمكث على جنابة مفضول ليس بفاضل، فالملائكة لا تدخل بيتاً فيه جنب، وعلى أقل الأحوال يخفف هذه الجنابة بالوضوء، وإذا أراد أن يأكل أيضاً خفف هذه الجنابة "وقد روى عن أبي إسحاق هذا الحديث شعبة والثوري وغير واحد، ويرون أن هذا غلط من أبي إسحاق" أبو إسحاق السبيعي هذا ثقة، لكن الثقة قد يغلط.

قال الإمام أحمد هذا ليس بصحيح، يعني ينام ولا يمس ماء بل أمر بالوضوء، وكان يتوضأ قبل أن ينام، قال أحمد: ليس بصحيح، وقال أبو داود: هو وهم، وقال يزيد بن هارون: هو خطأ، وقال ابن مفوز أبو طاهر ابن المفوز: يقول أجمع المحدثون على أنه خطأ يعني ولا يمس ماء، أجمع المحدثون على أنه خطأ،، خطأ من أبي إسحاق، قال الحافظ: تساهل في نقل الإجماع، فقد صحح البيهقي هذا الحديث، صححه البيهقي وقال: إن أبا إسحاق قد بين سماعه من الأسود في رواية زهير عنه.

الذي يخشى أن يكون أبو إسحاق قد دلسه، وأسقط راوياً؛ لأنه معروف بالتدليس ولم يصرح في حديث الباب لكنه قال: صححه البيهقي وقال: إن أبا إسحاق بين أن سماعه من الأسود في رواية زهير، فارتفع ما كنا نخشى أو ما كان يخشى من تدليسه، ويرون أن هذا غلط من أبي إسحاق، ويأتي في الباب الذي يليه إن النبي عليه الصلاة والسلام حث على الوضوء، نعم.

عفا الله عنك.

قال الإمام -رحمه الله تعالى-:

‌باب: ما جاء في الوضوء للجنب إذا أراد أن ينام:

ص: 26

حدثنا محمد بن المثنى قال: حدثنا يحيى بن سعيد عن عبيد الله بن عمر عن نافع عن ابن عمر عن عمر رضي الله عنهما أنه سأل النبي صلى الله عليه وسلم أينام أحدنا وهو جنب؟ قال: ((نعم إذا توضأ)) قال: وفي الباب عن عمار وعائشة وجابر وأبي سعيد وأم سلمة.

قال أبو عيسى: حديث عمر أحسن شيء في هذا الباب وأصح، وهو قول غير واحد من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم والتابعين، وبه يقول: سفيان الثوري وابن المبارك والشافعي وأحمد وإسحاق، قالوا: إذا أراد الجنب أن ينام توضأ قبل أن ينام.

يقول المؤلف -رحمه الله تعالى-:

"باب: ما جاء في الوضوء للجنب إذا أراد أن ينام" في الباب السابق جاء في الحديث باب الأصل أنه ينام ولا يمس شيئاً، وذكر الترمذي أنه بهذا اللفظ ضعيف، وأن زيادة:"لا يمس شيئاً" خطأ من أبي إسحاق، وأن الرواة الثقات الإثبات رووه دون هذا اللفظ، ثم أردفه بباب ما يصنعه الجنب إذا أراد أن ينام، فقال: باب: ما جاء في الوضوء للجنب إذا أرد أن ينام.

قال رحمه الله: "حدثنا محمد بن المثنى قال: حدثنا يحيى بن سعيد عن عبيد الله بن عمر عن نافع عن ابن عمر عن عمر أنه سأل النبي صلى الله عليه وسلم أينام أحدنا وهو جنب؟ قال: ((نعم إذا توضأ)) " يعني بهذا القيد، ومفهومه أنه لا ينام قبل أن يتوضأ، واللفظ مشعر بوجوب الوضوء، لكنه عند الجمهور غير واجب بل مستحب؛ لأنه مثلما ذكرنا أن الحدث إنما يطلب رفعه لمباشرة ما يشترط له رفع الحدث، أينام أحدنا وهو جنب؟ قال:((نعم إذا توضأ)) اختلف العلماء في حكم الوضوء للنوم فقال الجمهور: غير واجب، واستدلوا بالحديث السابق:"ولا يمس ماء" وفيه ما تقدم من الكلام، وأنه مضعف، وذهب داود وجماعة إلى وجوبه، وجوب الوضوء كما هو مفاد: أينام أحدنا وهو جنب؟ قال: ((نعم إذا توضأ)) يعني بهذا الشرط، وأما بغيره دون هذا الشرط فإنه لا يجوز له أن ينام، وذهب داود وجماعة إلى وجوبه ففي البخاري وغيره:((ليتوضأ)) هذه لام الأمر ((ليتوضأ ثم لينم)) قال الشوكاني: يجمع بين الأدلة بحمل الأمر على الاستحباب، يجمع بين الأدلة بحمل الأمر على الاستحباب، ولا شك في أن الوضوء مستحب للجنب قبل أن ينام وقبل أن يأكل.

ص: 27

((ليتوضأ ثم لينم)) اللام هذه لام الأمر في قوله: ((ليتوضأ)) فماذا عن هذه اللام في: ((لينم))؟ هل نقول: إنها لام الأمر فكما ألزمناه بالوضوء نلزمه بالنوم؟ أو نقول: إن وجود هذه اللام في: ((لينم)) دليل على أن اللام في قوله: ((ليتوضأ)) ليست للأمر، يعني في البخاري ((ليتوضأ)) لما سئل عن الجنب يريد النوم قل:((ليتوضأ ثم لينم)) قالوا: هذه لام الأمر والأصل في الأمر الوجوب، وإلى هذا ذهب داود وجماعة إلى وجوب الوضوء قبل النوم بالنسبة للجنب لهذه الرواية رواية:((ليتوضأ)) واللام لام الأمر والأصل في الأمر الوجوب، لكن إذا قلنا: هل يقول: داود وجماعة الجماعة الذين معه مثلما أوجبوا الوضوء يوجبون النوم؟ هل يفعلون هذا؟ ما يوجبون، وإن كان مقتضى اللفظ أنه واجب مثلما ما أوجبوا ((ليتوضأ)) يوجبون ((لينم)) وقال الشوكاني: يجمع بين الأدلة بحمل الأمر على الاستحباب، والصارف له ما عرف من عموم أبواب الطهارة أن الطهارة إنما تطلب للعبادات التي منها القراءة ومنها الصلاة، لا للعادات والنوم عادة، يعني هل نشترط للنوم نية ليصح؟ ما يشترط له نية، نشترط له ما يشترط للصلاة للعبادة؟ ما نشترط له، هل نشترط إخلاص؟ ما نشترط لهذا العادات لا نشترط من شروط القبول شيء لكن مع ذلك إذا أردناها أن تنقلب عبادات نوينا بها التقوي على طاعة الله عز وجل، فإذا نوينا بالنوم التقوي على طاعة الله –عز وجل قلنا: صار عبادة ويؤجر عليه، فإذا تحقق أن رفع الحدث إنما يجب للعبادات دون العادات قلنا: إن الوضوء للنوم مستحب وليس بواجب، حتى ولو جاء بلفظ الأمر، ولو جاء بلفظ بالمضارع المقترن بلام الأمر؛ لأن مما اقترن بلام الأمر أو جاء على صيغة الأمر الصريح ما حمل على الاستحباب، رواية:"ولا يمس شيئاً" ضعيفة لا نستطيع أن نقول: إنها صارفة من الوجوب إلى الاستحباب لضعفها، لكن الضعيف يرجح به أو لا يرجح؟ يعني إذا وجد عندنا في مسألة من المسائل أدلة متكافئة، وعندنا

طالب:. . . . . . . . .

نعم؟

طالب:. . . . . . . . .

بين إيش؟

طالب:. . . . . . . . .

ص: 28

ما أنا بقول لك في هذه المسألة، عموماً إذا كان عندنا في المسألة أدلة متكافئة فهل نرجح بالضعيف أو لا نرجح بالضعيف؟ ابن القيم رحمه الله وهو ممن يرى عدم العمل بالضعيف مطلقاً قال: يرجح بالضعيف، يعني في تحفة المودود أشار إلى أنه قد يرجح بالضعيف، عندنا:((ليتوضأ)) ((نعم إذا توضأ)) الأسلوب محتمل للوجوب والاستحباب، هذا اللفظ محتمل، وإن كان الأصل الوجوب، والقواعد العامة تدل على عدم الوجوب، القواعد العامة من نصوص الشريعة مجتمعة تدل على أن الوضوء ليس بواجب للنوم، الطهارة عموماً ليست بواجب وإنما هي مستحبة، والحديث ضعيف "ولا يمس ماء" لكن هل نحتاج أن نرجح بهذا الحديث بين هذه الاحتمالات التي ذكرنها؟ أنت أفترض أن الحديث ما وجد أصلاً "لا يمس ماء" وأنت تعرف من قواعد الشرع أن النوم لا يحتاج إلى شروط، لا يحتاج إلى نية ولا يحتاج إلى طهارة، ولا يحتاج إلى شيء بإمكانه أن ينام وهو محدث، مع أنه جاء الحث على النوم على الطهارة، فهل الجنب مثله أو نقول: لا بد أن تخفف الجنابة؟ هل مكث الجنب على جنابته يعني أجنب بعد صلاة الصبح وبيجلس سبع ساعات إلى صلاة الظهر هل نقول: يجب عليك الغسل فوراً؟ أو خفف هذا الغسل يجب عليك؟ إنما الواجب رفع الحدث للصلاة، قراءة القرآن للطواف لما يشترط له الطهارة وأما ما عدا ذلك فعلى سبيل الاستحباب، يعني ينبغي للمسلم أن لا يمكث جنباً، ويدل على ذلك أن الملائكة لا تدخل بيتاً فيه جنب، فهو مسألة استحباب فقط.

قال: "باب: ما جاء في الوضوء للجنب إذا أراد أن ينام"

ص: 29