الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
أنهم هم أهل الزيغ الذين يتبعون المتشابه، ولذلك تجدوهم في النصوص المحكمة ما يناقشون؛ لأن الرد عليهم سهل، وأما بالنصوص المتشابهة فإنهم يعمدون إليها ويضربون بها المحكم، وهذه طريقة أهل الزيغ من الصدر الأول.
"قال أبو عيسى: هذا حديث حسن صحيح" وهو مخرج في الصحيحين وغيرهما "وقد روي عن عائشة من غير وجه أن الحائض لا تقضي الصلاة" يعني الحكم مجمع عليه، نقل عليه ابن المنذر وغيره الإجماع وأن الحائض تقضي الصيام ولا تقضي الصلاة إلا ما يذكر عن الخوارج، ولا يعتد بقولهم لا بموافقتهم ولا بمخالفتهم "وهو قول عامة الفقهاء لا اختلاف بينهم في أن الحائض تقضي الصوم ولا تقضي الصلاة".
ذكر عبد الرزاق عن معمر أنه سأل الزهري عن ذلك فقال: اجتمع الناس عليه، ولا يعرف مخالف إلا عن الخوارج فيما نقله ابن عبد البر وغيره، وأما سمرة بن جندب فكان يقول بالقضاء حتى بلغه الخبر، وهذا لا شك أنه شأن مريد الحق، أنه قد يقول بقول بناء على الأوامر العامة ثم إذا بلغه ما يُخرِج عن هذه الأمور من نصوص خاصة وقف عنده.
سم.
قال -رحمه الله تعالى-:
باب: ما جاء في الجنب والحائض أنهما لا يقرأن القرآن:
حدثنا علي بن حجر والحسن بن عرفة قالا: حدثنا إسماعيل بن عياش عن موسى بن عقبة عن نافع عن ابن عمر رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((لا تقرأ الحائض ولا الجنب شيئاً من القرآن)).
قال: وفي الباب عن علي.
قال أبو عيسى: حديث ابن عمر لا نعرفه إلا من حديث إسماعيل بن عياش عن موسى بن عقبة عن نافع عن ابن عمر عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((لا يقرأ الجنب ولا الحائض)) وهو قول أكثر أهل العلم من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم والتابعين ومن بعدهم مثل سفيان الثوري وابن المبارك والشافعي وأحمد وإسحاق قالوا: لا تقرأ الحائض ولا الجنب من القرآن شيئاً إلا طرف الآية والحرف ونحو ذلك، ورخصوا للجنب والحائض في التسبيح والتهليل، قال: وسمعت محمد بن إسماعيل يقول: إن إسماعيل بن عياش يروي عن أهل الحجاز وأهل العراق أحاديث مناكير كأنه ضعف روايته عنهم فيما ينفرد به، وقال: إنما حديث إسماعيل بن عياش عن أهل الشام، وقال أحمد بن حنبل: إسماعيل بن عياش أصلح من بقية ولبقية أحاديث مناكير عن الثقات، قال أبو عيسى: حدثني بذلك أحمد بن الحسن قال: سمعت أحمد بن حنبل يقول ذلك.
يقول المؤلف -رحمه الله تعالى-: "باب: ما جاء في الجنب والحائض أنهما لا يقرأن القرآن" في حال الحيض والجنابة؛ لأن هذا حدث أكبر يمنع عن أشياء أكثر مما يمنع منه الحدث الأصغر، وهذا معروف مفصل في كتب الفروع، وهنا يقول -رحمه الله تعالى-:"حدثنا علي بن حجر والحسن بن عرفة" بن يزيد العبدي، وهو صدوق "قالا: حدثنا إسماعيل بن عياش" بن سليم الحمصي، حديثه عن الشاميين قوي بخلاف حديثه عن غيرهم من الحجازيين والعراقيين ففيه ضعف، والحديث هنا عن حجازي "عن موسى بن عقبة" إمام أهل المغازي "عن نافع عن ابن عمر عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((لا تقرأ الحائض)) لا تقرأِ الحائض بناء على أن (لا) ناهية تجزم المضارع، ويكسر هنا من أجل التقاء الساكنين {يَرْفَعِ اللَّهُ} [(11) سورة المجادلة] وإلا فالأصل أن الجر لا يدخل الأفعال، بل هو من علامات الأسماء، والكسر هنا إنما هو لالتقاء الساكنين، وفي بعض النسخ بالرفع:((لا تقرأُ الحائض)) وعلى أن (لا) نافية، وهو خبر يراد به النهي، وهو أبلغ من النهي الصريح عند أهل العلم ((لا تقرأ الحائض ولا الجنب شيئاً من القرآن)) شيئاً نكرة في سياق النفي أو النهي فتعم القليل والكثير، شيئاً لا قليل ولا كثير.
قال رحمه الله: "وفي الباب عن علي" في المسند وفي السنن الأربعة، قال علي -رضي الله تعالى عنه-:"كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقرؤنا القرآن ما لم نكن جنباً" وهو في المسند وفي السنن الأربعة، رواه الخمسة، وفي هذا دليل على أنه لا يجوز للجنب ولا الحائض قراءة شيئاً من القرآن، وفي الباب عدة أحاديث لا تسلم من مقال، ولا شك أن ما جاء في الجنب أكثر مما جاء في الحائض.
قال أبو عيسى .... ، قبل ذلك حديث علي الذي أشار إليه الترمذي عند الخمسة، مخرج عند الخمسة "كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقرؤنا القرآن ما لم نكن جنباً" مداره على عبد الله بن سلمة وقد ضعف، لكن الذي رجحه ابن حجر أن الحديث لا ينزل عن درجة الحسن، وكما هو واضح لا يدخل فيه الحائض، بل هو خاص بالجنب، والحائض في حديث ابن عمر حديث الباب.
"قال أبو عيسى: حديث ابن عمر حديث لا نعرفه إلا من حديث إسماعيل بن عياش عن موسى بن عقبة" موسى بن عقبة حجازي، ورواية إسماعيل بن عياش عن الحجازيين وروايته فيها ضعف، ورجح أبو حاتم وقفه، يعني عن ابن عمر يعني من قوله، قال رحمه الله:"وهو قول أكثر أهل العلم" يعني منع الجنب والحائض من القراءة هو قول أكثر أهل العلم "من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم والتابعين ومن بعدهم مثل سفيان الثوري وابن المبارك والشافعي وأحمد وإسحاق" هؤلاء كلهم يقولون: لا تقرأ الحائض ولا الجنب من القرآن شيئاً، وذلكم لأن الحدث أكبر، والكلام عظيم، ولا يناسبه الظرف والحال حال من تلبس بجنابة أو حيض لا يناسب قراءة القرآن هذا الكلام العظيم الذي من قام يقرأه كأنما خاطب الرحمن، فهذا الكلام إنما يليق به الكمال من الطهارة وحسن الهيئة وغير ذلك مما كان يفعله سلف هذه الأمة، مع الحديث فضلاً عن القرآن، الإمام الترمذي رحمه الله ما ذكر الإمام مالك مع من يقول بأن الحائض والجنب لا تقرأ القرآن مع أن الإمام مالك معروف أنه كان يتطهر ويتطيب ويستاك ويلبس نظيف الثياب من أجل التحديث، كونه ما ذكر هل يلزم من ذلك أن يكون مذهبه أن الحائض والجنب لا يقرأن القرآن؟ نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
لكن أنا أقول: ما دام الإمام مالك احتاط هذا الاحتياط للسنة -للحديث- فماذا عن القرآن؟ والقرآن أعظم كما قال الإمام مالك رحمه الله؟ يعني لما جاءه من يطلب منه أن يحدثه من لفظه قال: العرض يجزيك في القرآن ولا يجزيك في الحديث والقرآن أعظم؟! فدل على أن الإمام مالك ما دام يتحرى للسنة –للحديث- فلئن يتحرى للقرآن من باب أعظم، لكن يبقى أنه يمكن أن يقال: إنه يتنظف ويتطيب ويتطهر لقراءة القرآن أكثر مما يحتاط للسنة لكنه لا يوجب ذلك؛ لأن مسألة التعظيم في القلب غير مسألة الحكم بالإلزام والوجوب، وتأثيم الناس بذلك هذا يختلف، يعني كون الإنسان يعظم غير كونه يوجب أو يحرم، يعني عند أهل العلم يجب تعظيم القرآن، هذا أمر مجمع عليه، لكن عندهم أيضاً يجوز وضعه على الأرض، يجوز وضعه على الأرض، ففرق بين هذا وهذا "قالوا: لا تقرأ الحائض ولا الجنب من القرآن شيئاً إلا طرف الآية والحرف ونحو ذلك" يعني بعض آية لا بأس لماذا؟ لأن بعض الآية قد يوافق الكلام العادي، كلام الناس العادي، الناس في كلامهم يقولون: بسم الله، أو بسم الله الرحمن الرحيم، وهي من القرآن، ويوافقون القرآن في كلامهم العادي لكن لا يوافقون في آية كاملة، ولهذا قالوا: لا بأس أن يقرأ شيئاً من الآية طرف الآية بعض الآية طرف الحرف ونحو ذلك، أما قراءة الآية بتمامها فلا يجوز البتة عند هؤلاء "ورخصوا للجنب والحائض والتسبيح والتهليل" الرسول عليه الصلاة والسلام كان يذكر الله في سائر أحواله وفي أحيانه كلها، وفرق جماعة بين الجنب والحائض، فقالوا: الحائض تقرأ القرآن والجنب لا يقرأ القرآن؛ لأن الحائض إذا لم تقرأ القرآن نسيته؛ لأن مدة الحيض تطول بخلاف الجنابة إذا احتاج إلى القراءة يغتسل، لكن إذا احتاجت إلى القراءة هل بيدها أن تغتسل قبل أن ينقطع، ليس بيدها أن تغتسل بخلاف الجنابة فمدته -مدة الجنابة- بيد المجنب، وهذا الآن يفتى به أنه إذا احتيج للقرآن من قبل الحائض إما معلمة أو متعلمة أو نسيت خشيت تنسى القرآن فإنهم يرخصون لها بذلك، والحديث دليل على المنع في الطرفين، ومنهم من يرى أن الحائض أولى بالمنع من الجنب، والحيض حدث أشد من الجنابة، كلاهما حدث أكبر لكنه أشد، وجاء
في الجنب ما هو أكثر مما جاء في الحائض، لكن يكون الحائض من باب قياس الأولى إن لم يثبت خبر الباب، من باب قياس الأولى، ويروى عن سعيد بن المسيب وعكرمة أنهما كانا لا يريان بأساً بقراءة الجنب القرآن، ولا شك أن أكثر العلماء على تحريم قراءة الجنب للقرآن، وعقد الإمام البخاري رحمه الله تعالي- في صحيحه باباً يدل على أنه يقول بجواز قراءة القرآن للجنب والحائض، فإنه قال: باب تقضي الحائض المناسك كلها إلا الطواف بالبيت، فدل هذا على أنها تقرأ القرآن؛ لأن ((افعلي ما يفعل الحاج)) الحاج يقرأ القرآن، ولم يستثنَ من ذلك إلا الطواف بالبيت.
قال: وقال إبراهيم: لا بأس أن تقرأ الآية ولم يرَ ابن عباس في القراءة للجنب بأساً، وكان النبي صلى الله عليه وسلم يذكر الله على كل أحيانه، قال ابن بطال: مراد البخاري الاستدلال على جواز قراءة الحائض والجنب بحديث عائشة رضي الله عنها؛ لأن لم يستثنِ إلا الطواف ((افعلي ما يفعل الحاج غير ألا تطوفي بالبيت)) ومعروف أن الحاج يقرأ القرآن ويذكر الله، لم يستثنِ إلا الطواف وكذلك الجنب؛ لأن حدثها أغلظ من حدثه، شوف الآن لأن حدثها أغلظ من حدثه، يعني يستدل بهذا الكلام للوجهين وللقولين، استدل البخاري على أن الحائض تقرأ القرآن بحديث عائشة:((افعلي ما يفعل الحاج غير ألا تطوفي بالبيت)) وقال: من باب أولى الجنب، يعني النص عنده في الحائض الجواز والجنب من باب أولى، وأهل العلم عندهم النص في الجنب في المنع أكثر والحائض من باب أولى؛ لأن حدثها أغلظ، شوف الآن الاستدلال من الطرفين الإمام البخاري عنده خبر الباب لا يثبت لأنه معارض بما هو أقوى منه وليس على شرطه، واستدل لقراءة الحائض القران بحديث عائشة:((افعلي ما يفعل الحاج غير ألا تطوفي بالبيت)) وإذا جاز هذه للحائض جاز للجنب من باب أولى؛ لأن حدثها أغلظ، الطرف الآخر الذين يمنعون قراءة الجنب والحائض للقرآن قالوا: حديث الباب دليل على ذلك، وعلى فرض عدم ثبوته فإنه جاء في الجنب أكثر من ذلك مما يدل على أن الجنب ممنوع وهو قول جماهير أهل العلم، والحائض أغلظ منه فتمنع من باب أولى، إذا رجعنا إلى حديث عائشة الذي استدل به البخاري على أن الحائض تقرأ القرآن ((افعلي ما يفعل الحاج غير ألا تطوفي بالبيت)) أهل العلم يقسمون الدلالات إلى دلالة أصلية ودلالة تبعية، دلالة أصلية التي سيق من أجلها الخبر، ودلالة تبعية قد تؤخذ من الخبر ولو من بعد كما هنا، الدلالة الأصلية لا شك أنها هي موضع الاحتجاج من الخبر، والدلالة التبعية يختلف أهل العلم في إفادتها على حكم المدلول، والذي قرره الشاطبي في الموافقات أنه لا يتسدل بها ولا يحتج بها الدلالة التبعية ننتبه لهذا؛ لأنه يأتي من يستدل بشيء لا يخطر على البال، يعني حينما قال:((افعلي ما يفعل الحاج غير ألا تطوفي بالبيت)) هل يخطر ببال إنسان
أنها تقرأ القرآن من هذا النص؟ ليست دلالة أصلية دلالة تبعية من بعد، يعني مثلما قال الحنفية: إن وقت صلاة الظهر يمتد إلى أن يصير ظل الشيء مثليه، يعني النص الصريح من حديث عبد الله بن عمرو بن العاص:"ووقت صلاة الظهر من زوال الشمس إلى أن يصير ظل كل شيء مثله" قال الحنفية: لا إلى أن يصير ظل كل شيء مثليه بدليل: ((إنما مثلكم ومثل من قبلكم كمثل من استأجر أجيراً إلى منتصف النهار بدينار، ثم استأجر أجيراً إلى العصر بدينار، ثم استأجر أجيراً من العصر إلى الغروب بدينارين)) فقال أهل الكتاب -احتجوا- قالوا: نحن أكثر عملاً وأقل أجراً، نعم اليهود الذين عملوا من طلوع الشمس إلى الزوال أكثر عملاً بلا شك من وقت العصر، والذين عملوا من الزوال إلى وقت العصر وهم في الحديث المراد بهم النصارى، قالوا: نحن أكثر عملاً يعني من المسلمين الذين عملوا العصر وأقل أجراً نحن دينار وهم دينارين، ولا يكون الظهر أطول من العصر إلا إذا قلنا: إلى إن يصير ظل الشيء مثليه، فهذا دليل على أن وقت الظهر يمتد إلى أن يصير ظل الشيء مثليه، هل هذه دلالة أصلية أو تبعية؟ تبعية، هذا إذا سلمنا أن وقت الظهر إلى مصير ظل الشيء مثله أقصر من وقت العصر، مع أنه حتى على التنزل معهم أنه يصير لما يصير ظل كل شيء مثله هو أطول أيضاً في كل زمان وفي كل مكان، أطول، فكون الإنسان يستدل بمثل هذه الأمور التي في غاية البعد ويترك أمور أقرب منها هذا ممنوع عند جمع من أهل العلم، والشاطبي يقرر هذا وبقوة أن الدلالة التبعية التي لم يسق الخبر من أجلها لا دليل فيها ولا مستمسك، ونقول: إن فيها دليل، لكن إذا لم تعارض بما هو أقوى منها وأصرح فيها دليل، إذا لم يوجد معارض ففي حديث:((إنما مثلكم)) معارض بحديث عبد الله بن عمرو في مسلم: "ووقت الظهر من زوال الشمس إلى أن يصير ظل الشيء مثله" يعني حتى لو افترضنا أن العصر أطول ما قلنا بقول الحنفية لأن حديث عبد الله بن عمرو صريح، ونص في الباب، سيق لبيان المواقيت، وهنا كون عائشة يقول لها النبي عليه الصلاة والسلام:((افعلي ما يفعل الحاج غير ألا تطوفي بالبيت)) أنها تقرأ القرآن الحاج يصلي نقول: صلِ؟ نعم؟ فهذا الدلالات التبعية
البعيدة إذا عورضت بما أقوى وأصرح منها لا يلتفت إليها، وإذا لم تعارض فيحتج بها لأنها كلام من لا يخفي عليه المفاهيم ولو بعدت، يعني كلام البشر العلماء يقررون أن لازم المذهب ليس بمذهب لماذا؟ لأن الإنسان قد يتكلم بكلام لا يحسب لمفهومه حساب، فلا يلزم به، بينما الذي تكلم بالآية وتكلم بالحديث الآية من الله -جل وعلا-، والحديث عما لا ينطق عن الهوى {إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى} [(4) سورة النجم] فلا يقال: إنه غفل عن مثل هذا لا، لكن مع ذلك يكون هنا من باب التعارض والترجيح، فيقدم الأقوى ويقدم الأصلح، يقدم ما يساق الخبر من أجله، فالاستدلال بـ ((افعلي ما يفعل الحاج غير ألا تطوفي بالبيت)) على أن الحائض تقرأ القرآن هذا الكلام فيه ضعف؛ لأنه استدلال بالتبعية، بالدلالة التبعية لا بالأصلية، وهذه مسألة كبرى يحتاج إليها في جميع أبواب الدين، فينبغي أن تكون على ذكر من طالب العلم، يعني من استدل بهذا الحديث:((إنما مثلكم ومثل من قبلكم من الأمم كمثل من استأجر أجيراً))
…
إلى أخره، قال: إن مدة الدنيا تنتهي سنة ألف وأربعمائة من الهجرة لماذا؟ قالوا: لأن وقت العصر الخمس وخمس السبعة الآلف التي هي عمر الدنيا ألف وأربعمائة، يعني هل نقول بثمل هذا؟ بمثل هذه الدلالة؟ مع أن النصوص القطعية في قيام الساعة من الكتاب والسنة لا تحصى، والله -جل وعلا- يقول:{أَكَادُ أُخْفِيهَا} [(15) سورة طه] يعني حتى من نفسي أكاد أخفيها، وإلا فعن غيري فهذا أمر مقطوع فيه لا يعلمها إلا هو، يعني هل هذه دلالة أصلية حينما يساق الحديث ثم يأتي من يقول: إن القيامة تقوم سنة ألف وأربعمائة أو من يقول: إن القيامة تقوم سنة ألف وأربعمائة وسبعة لماذا؟ لأن بغتة {لَا تَأْتِيكُمْ إِلَاّ بَغْتَةً} [(187) سورة الأعراف] بغتة في حساب الجمل ألف وأربعمائة وسبعة، كل هذا لا يلتفت إليه، بل هو مردود بالنصوص الصحيحة الصريحة، مجموع ما جاء في الباب لا سيما في الجنب يعارض، مجموع ما جاء في الجنب يثبت، الحائض جاء في هذا الخبر وفيه كلام، ومن أهل العلم من أثبته؛ لأن إسماعيل بن عياش وإن ضعف في الحجازيين والعراقيين ليس معنى أنه فاقد للحفظ، فاقد للضبط، فاقد للتوثيق
لا لكنه كثرت أخطاؤه في حديث العراقيين وحديث الحجازيين فترك من أجل هذا يعني ضعف من أجل هذا، لكن لا يعني أنه ما يضبط أي شيء يمر به، لا يلزم منه هذا.
"قال الترمذي: وسمعت محمد بن إسماعيل
…
" الآن الجنب والحائض في أذكر وأوراد الصباح والمساء فيها آيات فعلى القول بالمنع يقرؤون هذه الأذكار أو لا يقرؤونها؟ ما تقرأ؛ لأن القرآن قرآن سواء قرئ من المصحف بالتتابع أو قرئ على أساس أنه ذكر، ومنهم من يتسمح في باب الأذكار لا سيما وأن الباب فيه الخلاف الذي سمعتم، والأذكار مهمة ورتب عليها أجور عظيمة، ورتب عليها حفظ للإنسان، فلا ينبغي أن يتركها ولو كانت من القرآن.
قصة عبد الله بن رواحة حينما وقع على جاريته وهي صحيحة، فرأته زوجته بعينها رأته فأنكر، وقالت: إن كنت صادقاً فاقرأ القرآن؟ لأنه متقرر عندهم أن الجنب لا يقرأ القرآن، فجاء بالأبيات المشهورة وصدقته قالت: صدق الله وكذبت عيني، فهذا يدل على أن امتناع الجنب ومنع الجنب من قراءة القرآن أمر معروف ومتقرر عندهم.
"قال الترمذي: وسمعت محمد بن إسماعيل البخاري يقول: إن إسماعيل بن عياش يروي عن أهل الحجاز وأهل العراق أحاديث مناكير" كأنه ضعف روايته عنهم فيما ينفرد به، يعني ما لم يتابع عليه، وقال: إنما حديث إسماعيل بن عياش عن أهل الشام يعني إنما حديثه الصحيح المحتج به إنما هو عن أهل الشام، عن أهل بلده لماذا يضعف الشخص في بلد ويوثق في بلد؟ يعني هل نقول: إن فلان ثقة في نجد وضعيف في الحجاز والعكس، لا شك أن الإنسان في بلده وبين كتبه لا سيما من حفظه حفظ كتاب أضبط منه في غير بلده، وهذا أمر معروف أن الشخص الذي اعتمد علي كتبه يعني مثل أي شيخ من المشايخ قرأ كتب وعلق عليها ودون فوائدها ومرت مسألة بحثت مثلاً وهو من أهل القصيم أو من أهل الرياض وكتبه في نجد، وبحثت هذه المسألة في مكة مثلاً أو في المدينة فقيل: ما تقول يا فلان قال: أنا أذكر والله إني معلق على كتابي كذا نسيت الآن، لكن إذا رحت أعطيتكم الخبر، وهذا يحصل كثير، يعني أحياناً يطلب فائدة في مسألة ماء ونقول: ذكرها ابن حجر في فتح الباري أو ابن كثير أو غيره، يقول: لو تكرمت نبي الجزء والصفحة، الجزء والصفحة والله على نسختي بالرياض ما هو بالآن، فمن هذه الحيثية الذي ضبطه ضبط كتاب ما هو بضبط صدر حفظه في بلده أكثر من حفظه في غيره، لماذا؟ لأنه يعتمد على الكتب، ما يعتمد على حفظ الصدر، أما الأئمة الحفاظ الذين أناجيلهم في صدورهم ومحفوظاتهم في جنباتهم هؤلاء لا يتأثرون سواء كانوا في بلادهم أو في غيرها.
"وقال أحمد بن حنبل: إسماعيل بن عياش أصلح من بقية" ولبقية بقية بن الوليد أحاديثه كما يقول أهل العلم: "ليست نقية فكن منها على تقية""ولبقية أحاديث مناكير عن الثقات" هكذا نقل الترمذي عن الإمام أحمد، والذي في الميزان للحافظ الذهبي في ترجمة إسماعيل بن عياش عن الإمام أحمد:"بقية أحب إلي" عكس ما هنا، وكذلك في ترجمة بقية، قال:"بقية أحب إلي" يعني من إسماعيل بن عياش فهو مناقض لما نقله الترمذي.
"قال أبو عيسى: حدثني أحمد بن الحسن قال: سمعت أحمد بن حنبل يقول ذلك" الترمذي يروي بالأسانيد، وإذا أضاف إلى أحد قولاً فإنما يرويه بإسناده، يعني إذا قال: وبذلك يقول أحمد وإسحاق ما يأتي من بالقول مقطوع هكذا إنما يرويه بإسناده عن أحمد وإسحاق هذه طريقته، وقد بين أسانيده، المقصود أن الأقوال لا تثبت لأربابها إلا بالأسانيد، ولذا يكثر الوهم في النقول عن الأئمة لا سيما إذا نقلها من لا خبرة له ولا دربة له بالمذهب، فكم من قول ينسب للإمام أحمد أو قول ينسب للشافعي أو قول تجد مثلاً العيني وهو حنفي يقول: قال أحمد، أو يقول الشافعي، وهذا القول ليس بمعروف عند الحنابلة ولا الشافعية، والعكس تجد مثلاً الحنابلة ينسبون لأبي حنيفة قول موجود عند الحنفية لكن ليس هو قول الإمام وهكذا، فالأقوال إنما تتلقى عن كتب أصحابها، يعني إن أردت أن تنقل قول للإمام أحمد اذهب إلى كتب الحنابلة، للشافعي إذهب إلى كتب الشافعي فهم أعرف بمذاهبهم، والأئمة كان معولهم على الأسانيد ما يعولون على كتب، ولذلك قال: قال أبو عيسى: حدثنا أحمد بن حسن قال: سمعت أحمد بن حنبل يقول ذلك.
سم.
طالب: عفا الله عنك يا شيخ في مسألة قراءة بعض آية ذكرتم يا شيخ أن التعليل أنه قد يوافق كلام الناس ألا يمكن أن يقيد .... ؟
ولذلك الآية الكاملة ما جاء التحدي بها.
طالب: ألا يمكن أن يقيد بالقصد أحسن الله إليكم يا شيخ يعني إذا قصد القرآن يعني ربما قد يقرأ الإنسان بعض آية
…
نصف آية الدين.
طالب: ويقصد به القرآن.
نصف آية الدين.
طالب: نصف آية الدين، نعم.
هذا ما يمكن أن يوفق لكن الغالب أنهم إذا قالوا مثل هذا قالوا: آية متوسطة، يقرأ بعض آية متوسطة.
طالب: لو قرأ بعض
…
يعني لو قرأ آية كاملة لو قال: {ثُمَّ نَظَرَ} [(21) سورة المدثر] ما أحد يقول: إنه خالف في هذا؛ لأن الناس في كلامهم العادي يقولون: ثم نظر، ولذلك لم يقع التحدي بآية، أقل ما وقع به التحدي سورة؛ لأن الآية قد تتفق مع كلام الناس.
طالب: لكن قد يقرأ -أحسن الله إليكم- في أية متوسطة ويقصد به القراءة كما لو قرأ عنده إنسان وأخطأ فرد عليه هو يقصد القرآن بذاته وهي بعض آية؟
من شعور أو من لا شعور؟
طالب: من شعور.
أحياناً يكون الرد من لا شعور فتجد الإنسان يقضي حاجته فيسمع القارئ ويخطي يرد عليه، هذا غير مقصود هذا بلا شك، فإن قصد القراءة لا سيما إذا كانت القراءة متضمنة دعاء، وأراد أن يدعو بها ولا يكملها، يدعو بما يحتاجه منها، الدعاء في نصف الآية مثلاً، وأراد أن يدعو به؛ لأن الأدعية في القرآن منها ما جاء في آية كاملة، ومنها ما جاء في آيات، ومنها ما جاء في بعض آية، لو قال:{رَّبِّ زِدْنِي عِلْمًا} [(114) سورة طه] يدعو بهذا، لا شك أن القصد مؤثر والأعمال بالنيات هذا أمر ما يختلف فيه، لكن إن قرأ من غير قصد بعض آية هذا يتجاوز عنه.
سم.
عفا الله عنك.
قال -رحمه الله تعالى-:
باب: ما جاء في مباشرة الحائض:
حدثنا بندار قال: حدثنا عبد الرحمن بن مهدي عن سفيان عن منصور عن إبراهيم عن الأسود عن عائشة رضي الله عنها قالت: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا حضت يأمرني أن أتزر ثم يباشرني.
قال: وفي الباب عن أم سلمة وميمونة.
قال أبو عيسى: حديث عائشة حديث حسن صحيح، وهو قول غير واحد من أهل العلم من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم والتابعين، وبه يقول الشافعي وأحمد وإسحاق.
يقول المؤلف -رحمه الله تعالى-: "باب: ما جاء في مباشرة الحائض" المباشرة الأصل فيها مس البشرة للبشرة مفاعلة من الطرفين بشرة الرجل تمس بشرة المرأة والعكس، فهي مفاعلة ما حكمه إذا كانت المرأة حائض وأرادها زوجها هل يستمتع بها أو لا؟
قال رحمه الله: "حدثنا بندار -وهو محمد بن بشار- قال: حدثنا عبد الرحمن بن مهدي عن سفيان" وهو الثوري، وذكرنا مراراً القاعدة في تمييز سفيان وهي قاعدة أغلبية بحيث إذا كان بين المؤلف وبين سفيان واحد فهو ابن عيينة، وإن كان بينهما اثنان فهو الثوري؛ لأن الثوري أقدم من ابن عيينة "عن سفيان عن منصور" وهو ابن المعتمر "عن إبراهيم" بن يزيد النخعي "عن الأسود عن عائشة قالت: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا حضت يأمرني أن أتزر ثم يباشرني" والحديث في الصحيحين وغيرهما.
"كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا حضت" كان تدل على الاستمرار هذا الأصل فيها "كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يأمرني إذا حضت يأمرني أن أتزر" أصله أئتزر، الإزار مهموز أئتزر، يقول صاحب المفصل: الإدغام خطأ أتز، لكنه محكي عن مذهب الكوفيين، وعائشة رضي الله عنها من فصحاء العرب، فلا ينبغي أن يقال مثل هذا الكلام خطأ، وهناك شيء يقال له: الفك والإدغام المتصل مثلاً أصله المؤتصل، المتصل إدغام، والأصل المؤتصل بالهمز، والعلماء قاطبة إذا وصفوا حديث قالوا: متصل، ولغة الإمام الشافعي -رحمه الله تعالى- وهو إمام حجة في هذا الباب الفك، الهمز مؤتصل، وابن الحاجب في شافيته يقول: مؤتعد ومؤتسر لغة الإمام الشافعي، فكونه ينص على أنها لغة الإمام الشافعي يدل على أن الإدغام أكثر عند أهل العلم أليس كذلك؟ يعني كون الفك والهمز ينسب يقال: هذه لغة الإمام الشافعي ما قالوا: لغة العربي ولا قالوا: لغة قريش، ولا قالوا: لغة تميم، قالوا: لغة الإمام الشافعي؛ لأنه استعملها في كلامه كثيراً، فيدل على أن من عداه من أهل العلم لغتهم الإدغام، فقول صاحب المفصل: الإدغام خطأ، المفصل لمن؟ الزمخشري، من أشهر كتب النحو، من أشهر كتب النحو، وعليه الشروح الكثيرة التي لا تعد ولا تحصى، ومن أعظم هذه الشروح شرح المفصل لابن يعيش، وهذا مطبوع في عشرة أجزاء قديماً ما هو ابن عيش الموجودين عندنا هنا لا ابن عيش من الأندلس، شرح مطول جداً ومتقن ومضبوط، وفيه فوائد لا توجد في غيره، لكن دون تحصيله خرط القتاد، كتاب طويل ومن أين للإنسان أن يقرأ في فن واحد هذا المقدار؟ وإن كان المتخصص لا يستغني عنه، والمفصل أيضاً فيه جودة يعني من بين مختصرات النحو يمكن أن يكون من أفضلها.