المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌باب: ما جاء في مواكلة الحائض وسؤرها: - شرح سنن الترمذي - عبد الكريم الخضير - جـ ٢٦

[عبد الكريم الخضير]

الفصل: ‌باب: ما جاء في مواكلة الحائض وسؤرها:

"كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا حضت يأمرني أن أتز" يعني أشد الإزار "ثم يباشرني" والحديث معروف أن الإزار إنما يشد على النصف الأسفل من البدن، الإزار إنما يشد على النصف الأسفل من البدن، ولذا يقول أبو حنفية ومالك والشافعي: يحرم ما بين السرة والركبة، ما بين السرة والركبة حرام من الحائض لهذا الحديث؛ لأن هذه موضع الإزار، وعند الحنابلة ووجه عند الشافعية وهو قول صحابي أبي حنفية المحرم الجماع فقط، لحديث:((اصنعوا كل شيء إلا النكاح)) ونسب هذا القول ابن حجر في فتح الباري إلى كثير من السلف والثوري وأحمد وإسحاق، وحملوا حديث الباب على الاستحباب جمعاً بين الأدلة، ورجحه النووي والعيني، ومعروف أن النووي شافعي والعيني حنفي، فرجحوا جواز الاستمتاع بما فوق الركبة على ألا يصل إلى الحمى، ولا شك أن الابتعاد عن مواطن الشبة هذا هو المطلوب، لكن لا يقال بتحريمه، إنما المحرم الجماع في محل الحرث، وقد أمرنا باعتزال النساء في المحيض يعني في مكان الحيض.

قال: "وفي الباب عن أم سلمة" عند البخاري وميمونة كذلك مخرج في الصحيح "قال أبو عيسى: حديث عائشة حديث حسن صحيح" وأخرجه الشيخان وغيرهما "وهو قول غير واحد من أهل العلم من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم والتابعين، وبه يقول الشافعي وأحمد وإسحاق" لكن المرجح جواز الاستمتاع بالحائض بكل شيء إلا الجماع.

اليهود كانوا إذا حاضت المرأة اعتزلوها فلم يؤكلوها ولم يشاربوها فضلاً عن كونهم يباشرونها، والنصارى بالعكس، وسيأتي في باب مواكلة الحائض ما هو رد على اليهود، وفي منع وطأ الحائض من نصوص الكتاب والسنة ما يرد على النصارى، وديننا وسط ولله الحمد، نعم.

قال -رحمه الله تعالى-:

‌باب: ما جاء في مواكلة الحائض وسؤرها:

حدثنا عباس العنبري ومحمد بن عبد الأعلى قالا: حدثنا عبد الرحمن بن مهدي قال: حدثنا معاوية بن صالح عن العلاء بن الحارث عن حرام بن معاوية عن عمه عبد الله بن سعد قال: سألت النبي –صلى الله عليه وسلم عن مواكلة الحائض فقال: ((واكلها)).

قال: وفي الباب عن عائشة وأنس.

ص: 20

قال أبو عيسى: حديث عبد الله بن سعد حديث حسن غريب، وهو قول عامة أهل العلم لم يروا بمواكلة الحائض بأساً، واختلفوا في فضل وضوئها فرخص في ذلك بعضهم، وكره بعضهم فضل طهورها.

ص: 21

يقول -رحمه الله تعالى-: "باب: ما جاء في مواكلة الحائض وسؤرها" مواكلة الحائض الأكل معها، الأكل معها وسؤرها البقية من الشراب الذي تشرب منه، بقية شرابها، قال –رحمه الله:"حدثنا عباس -بن عبد العظيم- العنبري" البصري "ومحمد بن الأعلى" بصري أيضاً الصنعاني ثقة أيضاً "قالا: حدثنا عبد الرحمن بن مهدي قال: حدثنا معاوية بن صالح عن العلاء بن الحارث عن حرام بن معاوية" ويقال: هو حرام بن حكيم بن خالد الأنصاري أو العنسي، ويقال: هما اثنان حرام بن معاوية غير حرام بن حكيم، هما اثنان، وينفع في مثل هذا والوقوف على حقيقة الأمر هل هما واحد أو اثنان كتاب للخطيب البغدادي اسمه:(موضح أسباب الجمع والتفريق) الإمام البخاري يرى أنهما اثنان، والخطيب يستدل بالأدلة التي ثبتت عنده أنهما واحد، والخطيب في هذا الكتاب جعل نفسه حكماً بين الأئمة، فقد يقول البخاري هما اثنان، ويقول أبو حاتم: واحد ثم يحكم بينهما الخطيب، وأتمنى أن لو قرأ كل طالب علم مقدمة هذا الكتاب ليعرف منزلة نفسه ومنازل الأئمة؛ لأن الخطيب استشعر أنه في كتابه هذا نصب نفسه حكماً بين الأئمة فقدم بمقدمة يحسن ويجدر بل يتعين على كل طالب أن يقرأها، ليعرف كيف التأدب مع أهل العلم بكلام لا نظير له، ونحن نسمع ونرى أن بعض طلاب العلم من يسيء الأدب إلى من أحسن إليه أو عليه بالتعليم أو أحسن على الأمة بكاملها بأن فرغ نفسه لتعليم الناس وإفتاء الناس، والفصل بين منازعاتهم، ولا شك أن مثل هذا طالب العلم يحتاج إلى الأدب فيه، ويأتي أحياناً أسئلة في شيء مما ينم على ما في نفس الإنسان من تعالي وترفع وتعالم هذا لا ينبغي، مثل هذا لا شك أنه يحرم بركة العلم والعمل، فالإنسان يأتي بنية التعلم، ولا يوجد ما يمنع من أن المعلم يخطأ، ويخفى عليه ما قد يوجد علي عند بعض الطلاب، لكن ينبغي أن ينبه بالأسلوب المناسب، وهذا كلام يوجه للموافق، أما المخالف هذا أمره سهل يعني، في درس المدينة شرح حديث:((من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد)) طال الحديث حول البدع والمبتدعة وتكلمنا في رؤوسهم، وجئنا بكلام لهم تنفر منه الطباع السلمية، وكتب واحد خطاب: اتق الله يا شيخ تطعن في خيار الأمة ابن عربي

ص: 22

كذا، وبدأ يمدح ابن عربي وفلان وفلان من رؤوس المبتدعة، هذا ما يلام هذا أمره سهل؛ لأن ما عنده من بدعة أعظم من مثل هذا، لكن الكلام في شخص يتدين بالكتاب والسنة والتزام المنهج الصحيح منهج السلف الصالح، ثم يأتي من أسئلته أشياء ما تليق بطالب علم يعني، والناس يتفاوتون في طباعهم وأخلاقهم، يعني بعد وجد من المشايخ من يعطيه كلمة لا يرفع رأسه بعدها أبداً، يوجد عاد من الطرف الثاني يوجد، لكن ينبغي أن يكون المتبادل بين الطرفين هو التقدير والاحترام وحرص الشيخ على نفع الطالب، وأيضاً الطالب لا يضجر الشيخ أو يأتي بكلام ينفر منه؛ لأنه بشر مهما كان، هو بشر يتأثر بما يتأثر به الناس، فمراجعة كلام الخطيب في مقدمة الموضح، يعني لا بد لطالب العلم من قراءتها، يعني إذا كان الخطيب وهو إمام من أئمة المسلمين حافظ المشرق على الإطلاق يقول مثل هذا الكلام بالنسبة للأئمة، فما بالنا نحن مع شيوخنا وعلمائنا فضلاً عن الأئمة الكبار المتقدمين علماء الإسلام وحفاظ المسلمين، شاباً ما زال في مرحلة الطلب يرد على الأئمة بأساليب لا يقبلها ولا زميله ولا قرينه، وتقال بجانب الأئمة.

قال: "عن حرام بن معاوية" وعساه أن كان هذا أو ذاك فحديثه مقبول؛ لأنه موثق "عن عمه عبد الله بن سعد" وهو صحابي "قال: سألت النبي صلى الله عليه وسلم عن مواكلة الحائض فقال: ((واكلها)) هذا الذي كتب في مسألة البدعة والكلام في المبتدعة قال إن كلام ابن العربي الذي ذكرته لا تفهمه أنت ولا ابن تيمية من قبلك هذا بالمدينة من الوافدين، من الذين يقدسون هؤلاء، أظن ابن عربي الآن يعبد من دون الله على أنه يتصرف "قال: سألت النبي صلى الله عليه وسلم عن مواكلة الحائض فقال: ((واكلها)) أمر من المؤاكلة أي كل معها، وفيه دليل على جواز ذلك، بل هو مجمع عليه بين علماء الأمة سلفها وخلفها.

ص: 23