المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌باب: ما جاء في الكفارة في ذلك: - شرح سنن الترمذي - عبد الكريم الخضير - جـ ٢٦

[عبد الكريم الخضير]

الفصل: ‌باب: ما جاء في الكفارة في ذلك:

قال -رحمه الله تعالى-:

‌باب: ما جاء في الكفارة في ذلك:

حدثنا علي بن حجر قال: أخبرنا شريك عن خصيف عن مقسم عن ابن عباس رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم في الرجل يقع على امرأته وهي حائض قال: ((يتصدق بنصف دينار)).

حدثنا الحسين بن حريث قال: أخبرنا الفضل بن موسى عن أبي حمزة السكري عن عبد الكريم عن مقسم عن ابن عباس رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((إذا كان دماً أحمر فدينار، وإذا كان دماً أصفر فنصف دينار)).

قال أبو عيسى: حديث الكفارة في إتيان الحائض قد روي عن ابن عباس موقوفاً ومرفوعاً، وهو قول بعض أهل العلم، وبه يقول: أحمد وإسحاق، وقال ابن المبارك: يستغفر ربه ولا كفارة عليه، وقد روي نحو قول ابن المبارك عن بعض التابعين منهم سعيد بن جبير وإبراهيم النخعي، وهو قول عامة علماء الأمصار.

يقول -رحمه الله تعالى-: "باب: ما جاء في الكفارة في ذلك" يعني كفارة وطء الحائض، إذا وطأ زوجته حال الحيض فإن عليه كفارة دينار أو نصفه على ما في حديث الباب مع ما فيه من كلام لأهل العلم.

ص: 34

قال رحمه الله: "حدثنا علي بن حجر قال: أخبرنا شريك" شريك بن عبد الله القاضي، صدوق يخطئ مخرج له في صحيح مسلم وغيره مقرون في حديث الإسراء، وأخطاؤه وأوهامه في حديث الإسراء تبلغ العشرة، أحصاها ابن القيم في زاد المعاد، وابن حجر في فتح الباري، قال:"أخبرنا شريك عن خصيف بن عبد الرحمن" الجزري، قالوا عنه: صدوق سيء الحفظ "عن مقسم بن بجرة" أو نجدة، مولى ابن عباس؛ لأنه ملازم له "عن ابن عباس عن النبي صلى الله عليه وسلم في الرجل يقع" يعني يجامع "يقع على امرأته وهي حائض" الجملة حال، يعني حال كونها حائض، "قال:((يتصدق بنصف دينار)) " وفي الذي يليه قال: "حدثنا الحسين بن حريث قال: أخبرنا الفضل بن موسى" المروزي ثقة "عن أبي حمزة السكري" ثقة أيضاً، وعلاقته بالسكر لا لأنه يبيعه أو يزرعه وإنما قالوا: لحلاوة كلامه "عن عبد الكريم بن مالك" الجزري ثقة، وليس المراد به عبد الكريم أبو أمية ابن أبي المخارق ذاك ضعيف، وإن كان في طبقته "عن مقسم عن ابن عباس عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((إذا كان دماً أحمر فدينار، وإذا كان دماً أصفر فنصف دينار)) " حديث الكفارة كفارة الوطء حال الحيض حديث كثر فيه كلام أهل العلم، وفيه اضطراب كبير في متنه وفي إسناده، في سنده وفي متنه، شوف الرواية الأولى يقول:((يتصدق بنصف دينار)) وفي الثانية يقول: ((إن كان دماً أحمر فدينار، وأن كان دماً أصفر فنصف دينار)) وفي بعضها: ((تصدق بدينار أو نصفه)) على الشك أو التأخير، وهذا كله مما يجعل المتن مضطرباً، وأيضاً إسناده فيه اختلاف كبير، لكن إذا أمكن الترجيح كما هو معروف في مبحث المضطرب ينتفي الاضطراب، يعني الحديث المضطرب هو الذي يروى على أوجه مختلفة متساوية، أوجه يعني يروى على أكثر من وجه، هذه الأوجه تكون مختلفة لا متفقة، ومتساوية لا يكون بعضها أرجح من بعض، فإن أمكن الترجيح انتهى الاضطراب، روى أبو داود في سننه قال: حدثنا مسدد قال: حدثنا يحيى عن شعبة قال: حدثني الحكم عن عبد الحميد بن عبد الرحمن عن مقسم عن ابن عباس عن النبي صلى الله عليه وسلم في الذي يأتي امرأته وهي حائض قال: ((يتصدق بدينار أو نصف دينار)) ورواته كلهم مخرج لهم في

ص: 35

الصحيح إلا مقسم، مقسم انفرد به البخاري، يعني الرواة كلهم مخرج لهم في الصحيحين إلا مقسم فإنه مخرج له في البخاري، والحديث صححه الحاكم، وصححه ابن القطان، وأقره ابن دقيق العيد، وابن حجر في التلخيص، وفي هذا ما يرد على النووي في قوله في شرح المهذب، وفي شرح مسلم إنه ضعيف بالاتفاق، وقد صححه من سمعتم الحاكم وابن القطان، وأقره ابن دقيق العيد وابن حجر، كلهم صححه، وفي هذا رد على النووي، لكنه مختلف في رفعه ووقفه.

قال ابن سيد الناس: من رفعه عن شعبة أجل وأكثر وأحفظ، من رفعه عن شعبة أجل وأحفظ وأكثر، يعني فالقول قولهم، فالراجح رفعه لا وقفه، مع أن البيهقي ذكر أن شعبة رجع عن رفعه، فقيل له عن ذلك قال: كنت مجنوناً فصححت، يعني لما كنت أرفعه ما أعي ما أقول ولما أفقت وقفته.

يقول هنا في قول ابن عباس: قال إذا كان دماً أحمر فدينار، وإن كان دماً أصفر فنصف دينار يعني الإشكال بعد تثبيت الخبر ((فليتصدق بدينار أو نصفه)) أو هذه للشك أو للتخيير أو للتقسيم، يعني هل شك الراوي؟ هل قال: دينار أو نصف دينار؟ أو للتخيير إن شاء أن يتصدق بدينار فعل، وإن شاء أن يتصدق بنصف دينار فعل، أو للتقسيم للأشخاص أو للحالات، فإذا كان الوطء في أول الحيض في فورته في احمراره فدينار، وإن كان بعد ضعفه واصفرار الدم وقبل التطهر نصف دينار، أو نقول: إن هذا يختلف باختلاف الأشخاص الموسر يتصدق بدينار والمعسر يتصدق بنصف دينار، على كل حال قيل بكل هذه الأقوال، والحديث لا يسلم مقال، واضطرابه معروف عند أهل العلم.

ص: 36

"قال أبو عيسى: حديث الكفارة في إتيان الحائض قد روي عن ابن عباس موقوفاً ومرفوعاً" والخلاف في مثل هذا معروف، يعني إذا تعارض الوقف مع الرفع معروف من أهل العلم من يرى أن الحكم للرفع مطلقاً لأن مع الرافع زيادة علم، خفيت على من وقف، ومنهم من يقول: الحكم لمن وقف؛ لأنه هو المتيقن والرفع مشكوك فيه، البيهقي بين في روايته أن شعبة رجع عن وقفه، قال: وهو قول بعض أهل العلم، وبه يقول أحمد وإسحاق والشافعي في القديم، يقولون: يتصدق كفارة، وقال ابن المبارك: يستغفر ربه ولا كفارة عليه، هو ذنب معصية من المعاصي عليه أن يستغفر، وحديث الكفارة لم يثبت، ولا كفارة عليه لاضطراب الحديث، والأصل براءة الذمة، ولا يكلف أحد إلا بشيء ملزم تثبت به الحجة، وبعض أهل العلم قال: وطء الحائض حرام، والصائم الوطء بالنسبة لهم حرام، من وطأ امرأته وهي حائض عليه كفارة ظهار، كما لو وطأها وهي صائم، بجامع التحريم لكل منهما، لكن هذا قول ضعيف.

قال رحمه الله: "حدثنا بن أبي عمر قال: حدثنا سفيان" هو ابن عيينة "عن هشام بن عروة عن فاطمة بنت المنذر عن أسماء بنت أبي بكر أن امرأة سألت النبي صلى الله عليه وسلم عن الثوب يصيبه الدم من الحيضة" بفتح الحاء كما تقدم "فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((حتيه)) " يعني: حكيه بظفر أو عود ونحوه ((ثم اقرصيه)) أدلكيه بالماء، ويكون هذا الدلك بأطراف الأصابع، بعد الحت بالظفر ((ثم رشيه)) أي صبي عليه الماء ((وصلي فيه)) وقد يحصل كل هذا فيبقى الأثر صفرة في الثوب لا تمكن إزالتها، مثل هذه الصفرة بعد فعل جميع الأسباب من أجل إزالتها فقد جاء ما يدل على أن هذا الأثر لا يضر.

ص: 37

قال: "وفي الباب عن أبي هريرة" عن أبي داود والنسائي وابن ماجه "وأم قيس بنت محصن" عند أبي داود "قال أبو عيسى: حديث أسماء في غسل الدم حديث حسن صحيح" وأخرجه الشيخان وغيرهما "وقد اختلف أهل العلم في الدم يكون على الثوب فيصلي فيه قبل أن يغسله، فقال بعض أهل العلم من التابعين: إذا كان الدم مقدار الدرهم فلم يغسله وصلى فيه أعاد" وجاء في حديث عند الدارقطني عن أبي هريرة رفعه: ((تعاد الصلاة من قدر الدرهم من الدم)) لكنه حديث باطل، وقال ابن حبان هو موضوع، وذكره ابن الجوزي في الموضوعات، مقدار الدرهم من الدم بعض العلماء جعلوا الفرق بين القليل والكثير القليل الذي يعفى عنه والكثير الذي لا يعفى عنه الدرهم "وقال بعضهم: إذا كان الدم أكثر من قدر الدرهم أعاد الصلاة وهو قول سفيان الثوري ابن المبارك" والحنفية هذه رأي الحنيفة التحديد بالدرهم، فما كان دونه يعفى عنه، وما كان فوقه لا يعفى عنه، ومردهم في ذلك أن الاستنجاء يبقى على محل الخروج، يعني الاستنجاء ما يقطع النجاسة من أصلها، ولذا يقولون: في ضابط الاستنجاء المجزئ ألا يبقى إلا أثر لا يزيله ولا يذهبه إلا الماء، هذا الاستجمار، الاستجمار ضابطه ألا يبقى إلا أثر لا يزيله إلا الماء، فالاستجمار لا بد أن يبقى أثر، والذي يقضي عليه بالكلية هو الماء.

ص: 38

يقول صاحب الهداية من الحنفية: قدر الدرهم وما دونه من النجاسة المغلظة كالدم والبول والخمر وخراء الدجاج وبول الحمار تجوز الصلاة معه وإن زاد لم يجز؛ لأن القليل لا يمكن التحرز منه والتحديد بالدرهم أخذاً عن موضع النجاسة، يعني في حال الاستجمار، يعني الجمع بين الدم والبول والخمر وخر الدجاج وبول الحمار، يعني على القول بأن بول ما يؤكل لحمه وعذرته كلها نجسة عند الحنفية والشافعية جعل رجيع الدجاج مثل البول، مثل بول الحمار، ومعروف أن ما يؤكل لحمه الراجح أن رجيعه طاهر، كما هو معلوم في قصة العرانين أمرهم النبي عليه الصلاة والسلام أن يشربوا من ألبانها وأبوالها، التحديد بالدرهم وقياسه على موضع النجاسة، موضع الخارج حقيقة قياس مع الفارق، هذا جاء به النص، وذاك لم يرد به نص، وأيضاً جعل النجاسات كلها على مستوى واحد وكلها يعفى عن يسيرها بقدر الدرهم هذا أيضاً لا يدل عليه دليل، بل المعروف عند الشافعية والحنابلة وجمهور أهل العلم التشديد في أمر البول، وحديث صاحبي القبرين وأنهما يعذبان وما يعذبان بكبير كان أحدهما لا يستبرئ أو لا يستنزه من بوله، جعل أهل العلم يحتاطون للبول؛ لأنه سبب لعذاب القبر، يحتاطون للبول حتى أن المعروف عند الحنابلة وبعض الشافعية أن البول لا يعفى عن يسيره حتى ما لا يدركه الطرف، كرؤوس الإبر لا يعفون عنه، لا يعفى عن مثل هذا، وحديث الاستبراء والاستنزاه من البول جعل البول أمره شديد، قال:"ولم يوجب بعض أهل العلم من التابعين وغيرهم عليه الإعادة، وإن كان أكثر من قدر الدرهم" يعني مطلقاً، "ولم يوجب بعض أهل العلم من التابعين وغيرهم الإعادة، وإن أكثر من قدر الدرهم وبه يقول أحمد وإسحاق، يعني بالنسبة للدم قصة الصحابي الذي أصابه السهم وهو يصلي فاستمر في صلاته، عمر رضي الله عنه صلى وجرحه يثعب دماً، وقلنا في هذا ما تقدم من أن هذا حكمه حكم من حدثه دائم، فلا يقاس عليه غيره.

ص: 39

وقال الشافعي: يجب عليه الغسل وإن كان أقل من قدر الدرهم، وشدد في ذلك حتى الحنابلة يشددون في شأن البول وأنه لا يعفى عن يسيره ولو كان مما لا يدركه الطرف، حديث الباب ((حتيه ثم اقرصيه)) لم يرد فيه تحديد بين قليل ولا كثير، ولا حدد مقدار الدرهم ولا دونه، لكن حديث عائشة في البخاري أنها تقصعه بريقها يدل على الفرق بين القليل والكثير، وصح عن عائشة في الكثير أنها كانت تغسله، وكان أبو هريرة لا يرى بالقطرة والقطرتين بأساً، مما يدل على أنه يرى بالثلاث بأساً، وعصر ابن عمر بثرة فخرج منها دم فمسه بيده وصلى، وجاء عن بعضهم أنه كان يحرك أنفه فينزل منه الشيء اليسير من الدم ويستمر يصلي ولا ينتقض وضوؤه ولا ينجس بذلك، فالدم لا شك أنه يختلف عن البول، فالدم يعفى عن قليله ولا يعفى عن كثيرة

وبالنسبة للبول لا يعفى عن قليله ولا كثيرة، والله أعلم.

وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

طالب:. . . . . . . . .

نعم كيف؟

طالب:. . . . . . . . .

قالوا: الدرهم البغلي كلام طويل يعني ما ينضبط، ما له أصل فما ينضبط، وقالوا: مقدار الدرهم قدر الظفر يعني قدر حلقة المخرج، قدر الظفر، ثم قالوا عن عمر أنه يعفى عن الظفر وظفر عمر رجل طوال يعني قال الحنفية: إن ظفره بقدر الكف لبعض الناس، كلام ما هو بصحيح ما يمكن، إيه.

طالب:. . . . . . . . .

لا لا، هذا مثل من حدثه دائم، حدثه دائم، يعني ما يمكن، عندهم خياط وإيقاف للدم ما عندهم ينزف إلى أن يموت وينتهي.

اللهم صلِ وسلم على نبينا محمد.

ص: 40