المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌باب: ما جاء في كم تمكث النفساء - شرح سنن الترمذي - عبد الكريم الخضير - جـ ٢٧

[عبد الكريم الخضير]

الفصل: ‌باب: ما جاء في كم تمكث النفساء

وعلى ذلك لا يبادر بالسلام عليه، وكذلك إذا دعي إلى وليمة يتصدر المجالس مع وجود شيوخ كبار في السن ويقول: بأن الموازين ينبغي أن تكون شرعية، والرسول عليه الصلاة والسلام جعل الإمامة في الصلاة للأقرأ؟

يعني الموازين صح يجب أن تكون شرعية، لكن مو بأنت اللي تصدر نفسك؛ لأن قد تكون عند نفسك شيء وأنت عند الله وعند الناس لست بشيء، فإذا ألزموك وصدروك التزم، والله المستعان.

سم.

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

قال الإمام الترمذي -رحمه الله تعالى-:

‌باب: ما جاء في كم تمكث النفساء

؟

حدثنا نصر بن علي الجهضمي قال: حدثنا شجاع بن الوليد أبو بدر عن علي بن عبد الأعلى عن أبي سهل عن مسة الأزدية عن أم سلمة قالت: كانت النفساء تجلس على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم أربعين يوماً فكنا نطلي وجوهنا بالورس من الكلف.

قال أبو عيسى: هذا حديث غريب لا نعرفه إلا من حديث أبي سهل عن مسة الأزدية عن أم سلمة واسم أبي سهل: كثير بن زياد.

قال محمد بن إسماعيل: علي بن عبد الأعلى ثقة وأبو سهل ثقة، ولم يعرف محمد هذا الحديث إلا من حديث أبي سهل، وقد أجمع أهل العلم من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم والتابعين ومن بعدهم على أن النفساء تدع الصلاة أربعين يوماً إلا أن ترى الطهر قبل ذلك فإنها تغتسل وتصلي، فإذا رأت الدم بعد الأربعين فإن أكثر أهل العلم قالوا: لا تدع الصلاة بعد الأربعين، وهو قول أكثر الفقهاء، وبه يقول سفيان الثوري وابن المبارك والشافعي وأحمد وإسحاق، ويروى عن الحسن البصري أنه قال: إنها تدع الصلاة خمسين يوماً إذا لم تطهر.

إذا لم ترَ الطهر.

عفا الله عنك.

ويروى عن الحسن البصري أنه قال: إنها تدع الصلاة خمسين يوماً إذا لم ترَ الطهر.

ويروى عن عطاء بن أبي رباح والشعبي ستين يوماً.

الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:

ص: 7

فيقول المؤلف -رحمه الله تعالى-: "باب: ما جاء في كم تمكث النفساء؟ " يعني مدة النفاس بعد الولادة، والنفاس والنفساء أصله من النفس، وجمعها نفوس، إما لخروج هذه النفس الذي هو الولد، أو يراد بالنفس الدم، كما يقول الشاعر:

تسيل على حد الضبات نفوسنا

. . . . . . . . .

يعني دماؤنا، ويقول الفقهاء: ما لا نفس له سائلة فهو طاهر، يعني ما لا دم له، والغالب أن النفساء مع الولادة، وبعد الولادة يخرج منها الدم الذي هو النفس، إذا خرج منها الدم بعد الولادة لزمها ما يلزم الحائض، وإذا ولدت بدون دم لا يلزمها المكث بل يجب عليها أن تصلي وتصوم، ولا حد لأقل النفاس؛ لأنه وجد من ولدت بغير دم، ووجد من قطع دمها في اليوم الأول، وبعد ذلك كثير، المقصود أنه لا حد لأقله، وأما أكثره فهو محل الخلاف الذي فيه حديث الباب، فجماهير أهل العلم على أن أكثر النفاس أربعون يوماً وعليه يدل الحديث، ومنهم من يقول: خمسون، ومنهم من يقول: ستون، وجاء فيه ما جاء، ومنهم من يقول: بالنظر إلى الوجود ما وجد أكثر من سبعين، ومثل هذا لا يصحح جميع ما ورد في الباب، وإنما نظر إلى الواقع، فقال: أكثر ما وجد الدم بعد الولادة سبعون يوماً، فهذا أكثر النفاس، لكنه لا يدل عليه دليل، وحديث الباب صالح للاحتجاج، وأغرب ابن حزم حيث زعم أن النفاس كالحيض، أكثره سبعة أيام، أكثر النفاس سبعة أيام مثل الحيض، وهذا لا شك أنه قول غريب لا حظ له من النظر ولا الأثر.

ص: 8

قال رحمه الله: "حدثنا نصر بن علي الجهضمي قال: حدثنا شجاع بن الوليد أبو بدر" كوفي صدوق "عن علي بن عبد الأعلى" التغلبي الكوفي صدوق أيضاً "عن أبي سهل" كثير بن زياد البرساني، وهو ثقة "عن مُسة الأزدية" مُسة أم بُسة يعني اسمها وكنيتها من الغرائب، وهي مقبولة على ما قال أهل العلم، مقبولة والمقبول مثلما ذكرنا في اللين أمس، القاعدة تفيد كما قال ابن حجر: إنه ليس له من الحديث إلا القليل، ولم يثبت في حقه ما يترك حديثه من أجله فإن توبع فمقبول وإلا فلين، فهل توبعت مُسة الأزدية على هذا الحديث ليكون حديثها مقبولاً أو تبقى لينة كما لو في حالة ما إذا لم تتابع، هي متابعة، ولذلك وصفت بأنها مقبولة، وإذا نظرنا إلى السند وجدناه قابل للتحسين بذاته "عن أم سلمة قالت: كانت النفساء تجلس" تجلس يعني بعد الولادة "على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم أربعين يوماً" إذا قال الصحابي: كنا نفعل فهو مرفوع، حكمه حكم المرفوع لا سيما إذا أضافه إلى عهد النبي عليه الصلاة والسلام مع أن منهم من يقول: إذا قال: كنا نفعل ولو لم يضفه إلى عهد النبي عليه الصلاة والسلام فهو مرفوع، لكن الآن تقول: على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم فهو مرفوع بلا تردد "أربعين يوماً" وهذا في وقت التنزيل، ولو كان شيئاً لا يقر عليه شرعاً لما أقره النبي عليه الصلاة والسلام، ولما أقره الرب -جل وعلا-، وأنزل فيه ما أنزل، ولذا يقول جابر: "كنا نعزل والقرآن ينزل" ولو كان شيئاً ينهى عنه لنهى عنه القرآن، فمثل هذا يفعل على عهد النبي عليه الصلاة والسلام "قالت: فكنا نطلي" يعني نلطخ "وجوهنا بالورس" نبت أصفر، له لون وله رائحة، ينبت باليمن "من الكلف" الكلف لون بين السواد والحمرة فيكون في الوجه، وكأنه حبوب وبثور تخرج في الوجه يكون لونها بين السواد والحمرة.

"قال أبو عيسى: هذا حديث غريب لا نعرفه إلا من حديث أبي سهل" كثير بن زياد البرساني، وهو ثقة، ويقبل تفرده "عن مسة الأزدية عن أم سلمة" وأخرجه أحمد وأبو داود والترمذي وابن ماجه والدارقطني والحاكم، وله شاهد من حديث أنس عند ابن ماجه، فالحديث حسن صالح للحجية.

ص: 9

قال الترمذي: "واسم أبي سهل كثير بن زياد" على ما ذكرنا، وهو ثقة "قال محمد بن إسماعيل: علي بن عبد الأعلى ثقة وأبو سهل ثقة" إذاً ما عندنا إلا شجاع ومسة، هما الذين ينزلان عن درجة الثقة، لكن حديثهما في حيز القبول فهو حسن "ولم يعرف محمد هذا الحديث إلا من حديث أبي سهل" ولذا قال: غريب لا نعرفه إلا من حديث أبي سهل، لكن هل سهل هذا وهو ثقة عند أهل العلم .. ؟ يقولون: أبو سهل ثقة، يقوله البخاري رحمه الله وغيره يوثقه، هل هذا ممن يحتمل تفرده أو لا يحتمل؟ نعم يحتمل تفرده إذا جاء بحديث لا يخالف عليه، لا يخالفه من هو أوثق منه فتفرده مقبول.

قال: "ولم يعرف محمد هذا الحديث إلا من حديث أبي سهل" ولا يضر الحديث تفرد أبي سهل به لأنه ثقة، يقول:"وقد أجمع أهل العلم من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم والتابعين ومن بعدهم على أن النفساء تدع الصلاة أربعين يوماً إلا أن ترى الطهر قبل ذلك فإنها تغتسل وتصلي" إجماعاً، يعني إذا رأت الطهر بعد أسبوع، بعد أسبوعين، بعد شهر يلزمها أن تغتسل وتصلي، متى رأت الطهر، ولا يقال: إن هذه معتادة أو غير معتادة يعني جاءت بخمسة أولاد كلهم يستوعبون الوقت أربعين يوماً، أو كلهم تطهر لشهر، ثم بعد ذلك زادت عن الشهر في الولد السادس أو السابع، نقول: ما زاد عن العادة حكمه حكم الحيض لا، هو نفاس حتى تطهر ما دامت في حيز الأربعين، فإذا تمت الأربعون ولم تطهر صار البقية دم فساد لا تجز إلا إذا صادف وقت العادة، إذا صادف وقت عادتها أو لون عادتها فنقول: إن هذه عادة.

ص: 10

يقول: "تدع الصلاة أربعين يوماً إلا أن ترى الطهر قبل ذلك فإنها تغتسل وتصلى، فإذا رأت الدم بعد الأربعين فإن أكثر أهل العلم يقولون: لا تدع الصلاة بعد الأربعين، وهو قول أكثر الفقهاء" الآن يقول: أجمع أهل العلم، أجمع وهنا يقول: فإن أكثر أهل العلم قالوا: لا تدع الصلاة بعد الأربعين، وهو قول أكثر الفقهاء كيف يكون إجماع ثم يكون قول أكثر الفقهاء؟ هل نقول: إن هذا تساهل في نقل الإجماع أو أن نقول: إن الترمذي -رحمه الله تعالى- يرى أن الإجماع قول الأكثر لا قول الجميع؟ كما عرف ذلك من مذهب الطبري رحمه الله، الإجماع عند الطبري قول الأكثر، لا يلزم أن يتفق عليه جميع المجتهدين، إذا قال به الأكثر هذا إجماع عنده، ولذلكم في تفسيره في كثير من الآيات، في القراءات في الأحكام في التوجيهات العربية وغيرها كلها يذكر الإجماع ويذكر مخالف، يقول: وقد اختلف القرأة في قراءة كذا والأكثر .. ، أو وقرأ فلان وفلان وفلان على كذا، وقرأ فلان بكذا، والصوب عندنا في ذلك القول الأول أو من قراءه على كذا لإجماع القرأة على ذلك، فهو يرى أن الإجماع قول الأكثر، ولعل الترمذي ينحو هذا المنحى.

طالب:. . . . . . . . .

نعم أي بعد الأربعين، هنا يقول: قد أجمع أنها تدع الصلاة أربعين.

طالب:. . . . . . . . .

إيه يعني هذه مسألة ثانية أيضاً، مسألة ثانية، وهي: هل الأخذ بالأقل يعد إجماعاً أو لا يعد؟ نعم لو عرفنا أن لزيد على عمرو مبلغ من المال دين، وإحنا عشرة، قلت أنا: الدين ألف ريال، قال الثاني: ألف ومائة، قال الثالث: ألفين، قال الثالث: ثلاثة ألاف، قال كذا، الإجماع كله اتفق على الألف، كلهم يتفقون على الألف، والخلاف فيما زاد مثل مسألتنا، وهذه مسألة خلافية، هل يعد إجماع الأخذ بالأقل أو لا يعد مع وجود المخالف؟ الأكثر على أنه لا يعد إجماعاً، حتى من هذه الحيثية لا يعد إجماعاً، وهذا مسألة أيضاً ينبغي العناية بها؛ لأنها مسألة تمر في كتب الأصول ما يلقي لها بال طالب العلم وهي في غاية الأهمية، ولها فروع كثيرة.

ص: 11