المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌باب: ما جاء في الرجل يقرأ القرآن على كل حال ما لم يكن جنبا: - شرح سنن الترمذي - عبد الكريم الخضير - جـ ٢٧

[عبد الكريم الخضير]

الفصل: ‌باب: ما جاء في الرجل يقرأ القرآن على كل حال ما لم يكن جنبا:

"قال أبو عيسى: هذا حديث حسن غريب صحيح" جمع له الحسن والغرابة والصحة، وكثير ما يقول: حسن صحيح ولا تنافي وإن كان الكلام كثير في قول الترمذي حسن صحيح بلغت الأقوال إلى بضعة عشر قولاً في المسألة "قال أبو عيسى: هذا حديث حسن غريب صحيح" الإشكال في الجمع بين الغرابة وبين الحسن؛ لأنه يشترط في الحسن أن يروى من غير وجه، والغريب إنما يأتي من وجه أخر، ولا يمنع أن تكون الغرابة غرابة نسبية، بالنسبة لهذا الراوي وأن روي من غيره، إلى أخر ما قيل في هذه المسألة.

سم.

عفا الله عنك.

قال المؤلف -رحمه الله تعالى-:

‌باب: ما جاء في الرجل يقرأ القرآن على كل حال ما لم يكن جنباً:

حدثنا أبو سعيد عبد الله بن سعيد الأشج قال: حدثنا حفص بن غياث وعقبة بن خالد قالا: حدثنا الأعمش وابن أبي ليلى عن عمرو بن مرة عن عبد الله بن سلمة عن علي رضي الله عنه قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقرئنا القرآن على كل حال ما لم يكن جنباً.

قال أبو عيسى: حديث علي هذا حديث حسن صحيح، وبه قال غير واحد من أهل العلم أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم والتابعين قالوا: يقرأ الرجل القرآن على غير وضوء، ولا يقرأ في المصحف إلا وهو طاهر، وبه يقول: سفيان الثوري والشافعي وأحمد وإسحاق.

نعم يقول المؤلف -رحمه الله تعالى-: "باب: ما جاء في الرجل يقرأ القرآن على كل حال ما لم يكن جنباً"

ص: 39

على كل حال سواء كان متوضأ متطهراً من الحدث الأصغر أو لا، وعلى كل حال من أحواله قياماً وقعوداً وعلى جنبه، وفي سائر أحواله يذكر الله -جل وعلا-، وهذه صفة أولي الألباب الذين يذكرون الله قياماً وقعوداً وعلى جنوبهم، والذكر من أفضل الأعمال مع أنه لا يكلف شيئاً، وأعظم الأذكار وأفضلها كلام الله تعالى فليحرص المسلم لا سيما طالب العلم على الإكثار من الذكر، ويكثر من التلاوة على الوجه المأمور به لينال بذلك الأجر العظيم من الله -جل وعلا- فالإكثار من الأذكار من الباقيات الصالحات هي غراس للجنة، كما قال إبراهيم عليه السلام للنبي عليه الصلاة والسلام قال:((اقرأ أمتك مني السلام، وأخبرهم أن الجنة قيعان وأن غراسها التسبيح والتحميد والتهليل والتكبير)) وجاء في فضل الذكر نصوص كثيرة جداً، يعني وفوائد الذكر لا تحصى، ذكر منها ابن القيم ما يقرب من مائة فائدة في أول كتابه الوابل الصيب.

يقول: "باب: ما جاء في الرجل يقرأ القرآن على كل حال ما لم يكن جنباً" لم يستثنَ إلا حال الجنابة، وفي حكمها الحيض على ما تقدم، قال:"حدثنا أبو سيعد عبد الله بن سعيد الأشج" الكوفي ثقة، قال:"حدثنا حفص بن غياث وعقبة بن خالد" السكوني ثقة أيضاً، "قالا: حدثنا الأعمش" سليمان بن مهران ثقة أيضاً "حدثنا الأعمش وابن أبي ليلي" محمد بن عبد الرحمن الفقيه إلا أنه رمي بسوء الحفظ "عن عمرو بن مرة" ثقة الجملي، الكوفي "عن عبد الله بن سلمة عن علي قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقرئنا القرآن" يعلمنا القرآن ويقرئنا إياه "على كل حال" متوضئ أو غير متوضئ "ما لم يكن جنباً" وتقدم أنه في رواية: "نكن جنباً" وعلى كل حال سواء كانت منه أو منهم الجنابة مانعة من قراءة القرآن، وهو مخصص لحديث عائشة: "كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يذكر الله على كل أحيانه" فهو عام وهذا خاص بالجنابة بالنسبة للقرآن.

"قال أبو عيسى: هذا حديث حسن صحيح" وأخرجه أبو داود والنسائي وابن ماجه، وسنده جيد ما فيه إلا عبد الله بن سلمة المراد تغير لكنه توبع وإلا ابن أبي ليلى أيضاً سيئ الحفظ لكنه مقرون مع الأعمش ليس المعول عليه.

ص: 40

قال: "وبه قال غير واحد من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم والتابعين قالوا: يقرأ القرآن على غير وضوء" يقرأ إذا كان حافظاً يقرأ على غير وضوء، على غير طهارة "لكنه لا يقرأ من المصحف إلا وهو طاهر" يجوز له أن يقرأ من غير أن يمس المصحف، لكنه لا يقرأ في المصحف إلا وهو طاهر أي متوضئ "وبه يقول سفيان الثوري والشافعي وإسحاق" وأبو حنيفة ومالك، الأئمة كلهم أنه لا يمس القرآن إلا طاهر، وقال في الموطأ: ولا يحمل أحد المصحف بعلاقته ولا وسادة إلا وهو طاهر، يعني ما يشيل المصحف ولا من وراء الجلد ولا في الكيس، هذا على رأي الإمام مالك، ومنهم من يقول: إن المقصود أنه لا يمس القرآن، لا يمس الأوراق التي فيها القرآن، فعلى هذا لو كان المصحف مطبوع مع تفسير ابن كثير، يعني القرآن في الصفحة يعادل العشر أو أقل أو على تفسير بن سعدي مثلاً والقرآن يعادل الربع مثلاً، أو على تفسير الجلالين والقرآن يعادل أقل من النصف قليلاً، يُقرأ في هذه التفاسير أو لا يقرأ؟ يعني إذا حملت الكتاب تقول: معي تفسير الجلالين وإلا معي مصحف؟ تفسير الجلالين، فعلى هذا تقرأ من التفاسير من غير طهارة، ولا تمس المصحف، يعني لا تمس كلام الله المتتابع المبروز، المقصود أن لا تضع يدك على الحروف، وأما بالنسبة لحجمه ما يضر -إن شاء الله-، استدل هؤلاء الأئمة بحديث أبي بكر بن محمد بن عمرو بن حزم عن أبيه عن جده أن البني صلى الله عليه وسلم كتب إلى أهل اليمن وفيه:((ألا يمس القرآن إلا طاهر)) وهو مرسل لكنه متلقى بالقبول عند أهل العلم، عملوا به وهو حديث مشهور عند أهل العلم مشتهر يستغني بشهرته عن إسناده قاله ابن عبد البر، استدلوا أيضاً بقوله تعالى:{لَّا يَمَسُّهُ إِلَّا الْمُطَهَّرُونَ} [(79) سورة الواقعة] والضمير لا يمسه إلى القرآن أو إلى اللوح المحفوظ، فإن كان يعود إلى القرآن فهذا ما فيه إشكال يعني في دلالته على المراد، وإن كان عود الضمير إلى اللوح المحفظ فهذا أيضاً يدل على أنه لا يمس القرآن إلا طاهر، كما قال شيخ الإسلام ابن تيمية، يقول: إذا منع الملائكة من مس اللوح المحفوظ وهم مطهرون، إذا منع الملائكة من مس اللوح المحفوظ وهم مطهرون لا يمسه إلا

ص: 41