المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌باب: ما جاء في الرجل يطوف على نسائه بغسل واحد: - شرح سنن الترمذي - عبد الكريم الخضير - جـ ٢٧

[عبد الكريم الخضير]

الفصل: ‌باب: ما جاء في الرجل يطوف على نسائه بغسل واحد:

"وهو قول أكثر الفقهاء، وبه يقول سفيان الثوري وابن المبارك والشافعي وأحمد وإسحاق" وهو قول الحنفية أربعون يوماً، قال الشوكاني: والأدلة الدالة على أن أكثر النفاس أربعون يوماً متعاضدة، بالغة إلى حد الصلاحية والاعتبار فالمصير إليها متعين "ويروى عن الحسن البصري أنه قال: إنها تدع الصلاة خمسين يوماً إذا لم تر الطهر" إذا لم تر الطهر خمسين يوماً، وكأن الحسن لم يطلع على هذا الحديث أو لم يثبت عنده، ورأى من النساء من يستمر معها الدم إلى الأربعين؛ لأنه أذا لم يوجد نص إذا لم يوجد دليل يدل على التحديد فالمرجع في ذلك إلى العرف والعادة، فإذا وجدت من تمكث خمسين يوماً مثل ما قال الحسن تمكث خمسين يوماً، منهم من قال: ستين وأكثر ما قيل سبعين، وهذا أكثر ما وجد، فعلى كل حال بعد ثبوت هذا الخبر يتعين المصير إليه، ولا عذر لأحد على القول به إلا من رأى أنه لا يثبت عنده، يعني لو لم يثبت هذا الخبر قلنا: يرجع فيه إلى العادة، والعادة متفاوتة، من النساء من تجلس أقل القليل يوم واحد أو لا تكمل اليوم، ومنهن من تجلس أكثر من ذلك أسبوع، شهر أكثر، وأكثر ما وجد قالوا: سبعون يوماً، وهذا الأكثر عند بعضهم.

"ويروى عن عطاء بن أبي رباح والشعبي: "ستين يوماً" وهو قول الإمام الشافعي، وكل هذا نظراً إلى عادة النساء، وجد من تجلس ستين يوماً ينزل معها الدم ستون يوماً قالوا: أكثره ستون يوماً، وقيل: سبعون يوماً، وهو أكثر ما وجد على ما ذكرنا.

سم.

عفا الله عنك.

قال -رحمه الله تعالى-:

‌باب: ما جاء في الرجل يطوف على نسائه بغسل واحد:

حدثنا بندار -محمد بن بشار- حدثنا أبو أحمد حدثنا سفيان عن معمر عن قتادة عن أنس أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يطوف على نسائه في غسل واحد.

قال: وفي الباب عن أبي رافع.

قال أبو عيسى: حديث أنس حديث حسن صحيح أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يطوف على نسائه بغسل واحد، وهو قول غير واحد من أهل العلم منهم الحسن البصري أن لا بأس أن يعود قبل أن يتوضأ، وقد روى محمد بن يوسف هذا عن سفيان، فقال: عن أبي عروة عن أبي الخطاب عن أنس وأبو عروة هو معمر بن راشد وأبو الخطاب قتادة بن دعامة.

ص: 12

قال أبو عيسى: ورواه بعضهم عن محمد بن يوسف عن سفيان عن ابن أبي عروة عن أبي الخطاب وهو خطأ والصحيح عن أبي عروة.

يقول الإمام الترمذي -رحمه الله تعالى-: "باب: ما جاء في الرجل يطوف على نسائه بغسل واحد" يعني من غير فاصل، لا يفصل بين الجماعين بغسل، وليس فيه ذكر للوضوء، هل كان يتوضأ أو لا يتوضأ؟ وهل كان يتوضأ وضوء شرعياً أو لغوياً على ما سيأتي؟

"باب: ما جاء في الرجل يطوف على نسائه بغسل واحد"

ص: 13

قال: "حدثنا بندار -محمد بن بشار- حدثنا أبو أحمد" الزبير بن محمد بن عبد الله الزبيري، من الثقات "حدثنا سفيان" وهو الثوري "عن معمر" بن راشد الصنعاني المعروف "عن قتادة" بن دعامة السدوسي "عن أنس أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يطوف" يعني يجامع "يطوف على نسائه" هنا فائدة تتعلق بالعربية والتضمين "كان يطوف على نسائه" إيش معنى يطوف؟ إما أن نقول: يقع أو يجامع، لكن كثير من أهل اللغة يرى أن الفعل لا يضمن معنى فعل إلا إذا كان هذا الفعل مثله، فإن كان لازماً يضمن فعل لازم، إذا كان متعدياً يضمن فعل متعدي بنفس الحرف؛ لأن عندنا تضمين حروف وتضمين أفعال، فنحتاج أحياناً إلى تضمين الفعل، وأحياناً نحتاج إلى تضمين الحرف، وشيخ الإسلام يرى أن تضمين الفعل أولى من تضمين الحروف، لمسألة يعاني منها مسألة عقدية شيخ الإسلام رحمه الله بيّن ذلك في مقدمة التفسير، على كل حال لو قلنا: يطوف ويش معناها؟ معناها يجامع، يجامع نساءه ما يحتاج إلى حرف متعدي بنفسه، وإذا قلنا: يطوف، يطوف نساءه لا، ما تصلح، فلا بد أن نضمن على هذا القول الفعل المتعدي بالفعل المتعدي، والفعل اللازم بالفعل اللازم، المتعدي بنفسه يعدى بفعل متعدي بنفسه، والفعل المتعدي بالحرف يعدى بفعل متعدي بالحرف ليكون في معناه من كل وجه، لكن ما نرى أهل العلم حينما يضمنون يلتزمون هذا الأمر أبداً يعني {وَلَأُصَلِّبَنَّكُمْ فِي جُذُوعِ النَّخْلِ} [(71) سورة طه] يعني ما المضمن هنا الفعل وإلا الحرف؟ الأكثر على أنهم يضمنون الحرف بمعنى (على) أصلبنكم على جذوع النخل، ومنهم من يقول: لا أصلبنكم نضمنه فعل يصلح لأن يتعدى بـ (في) فكأنه قال من شدة الصلب انحفرت هذه الجذوع فدخلوا فيها، كأنه قال: لأدخلنكم في جذوع النخل، هذه مبالغة في الصلب على جذوع النخل.

على كل حال طالب العلم يجعل هذه المسائل في ذهنه وإذا مر عليه يجمع النظائر إلى نظائرها ويستفيد -إن شاء الله تعالى-.

ص: 14

"كان يطوف على نسائه في غسل واحد" يعني فيغتسل غسلاً واحداً، إذا فرغ وكان نساؤه أعدادهن متفاوتة، لكن أقلهن التسع، تسع في أخر الأمر التي توفي عنهن رسول الله صلى الله عليه وسلم تسع، اجتمع عنده إحدى عشرة، المقصود أنه يطوف على جميع هؤلاء النسوة بغسل واحد، فقيل لأنس: أو يطيق ذلك؟! قال: "كنا نحدث أنه أعطي قوة ثلاثين" فالحديث دليل على أن الغسل بين الجماعين ليس بواجب وعليه الإجماع، أجمع العلماء على أنه لا يجب أن يغتسل بين الجماعين.

ص: 15

وفي هذا الحديث ما يدل على أن القسم ليس بواجب عليه عليه الصلاة والسلام، غسل واحد يجمع هذه الوقائع بغسل واحد، وكل واحدة في يومها وإلا في يوم واحد بل في ساعة واحدة؟ هي في ساعة واحدة في ليل أو نهار والغالب أنها العصر، والغالب أنها العصر فإذا لم يتيسر له العصر فبعد صلاة المغرب، هذا المعروف عنه عليه الصلاة والسلام، والقسم كما هو معلوم بالنسبة للمعدد واجب، والميل محرم، فلا بد من العدل، والذي لا يستطيع أن يعدل عليه بالواحدة، على أن العدل من كل وجه ليس بالمقدور لكل أحد، بل ليس بالمقدور لأي أحد {وَلَن تَسْتَطِيعُواْ أَن تَعْدِلُواْ بَيْنَ النِّسَاء وَلَوْ حَرَصْتُمْ فَلَا تَمِيلُواْ كُلَّ الْمَيْلِ} [(129) سورة النساء] والذي يميل إلى إحدى زوجاته دون الأخريات هذا يأتي يوم القيامة وشقه مائل كما في سنن أبي داود، القسم واجب، ومثل هذا الذي يحصل منه عليه الصلاة والسلام لا شك أنه على قول من يقول: القسم ليس عليه بواجب، وهذا ظاهر ما فيه إشكال، وعلى من يقول: إن القسم واجب يقول: إن هذا بالاتفاق، إذا اتفق مع جميع الزوجات الأمر لا يعدوهن، حتى لو شخص وجد عنده أربع نسوة وقال: العصر ما هو لأحد أبا أمر على الجميع أجلس عند كل واحدة نصف ساعة ووافقوا كلهم على ذلك الأمر لا يعدوهن، لكن لو خالفت واحدة وقالت: أنا لا أرضى يلزمه أن يبقى عندها في نوبتها ولا يمر على أحد من نسائه، وإن اتفق الثلاث فالأمر بينهن يسير ويبقى الرابعة، لكن إن اتفق الجميع برضا الجميع فالأمر لا يعدوهن، قد يكون كما يقول أهل العلم: عمدة القسم الليل، وعلى هذا فالنهار لا يلزمه أن يقسم بين نسائه، لكن لا يجوز له أن يخصص بعض النساء بمرور أو مجيء أو نوم في النهار، ويقول: هذا من حقي لا ليس من حقك، من حقك أن تنام في المسجد، من حقك أن تذهب للنزهة، من حقك أن تسير من شئت، لكن ليس من حقك أن تذهب إلى ضرة؛ لأن بعض الناس قد يصنع مثل هذا، وبعض الناس قد يتذرع بالأولاد يقول: أنا ما أروح للمرأة أنا أروح لأولادها، لا، لا يجوز لك أن تفعل ذلك، فالقسم واجب والعدل فيه متعين إلا فيما لا يملك، فالذي يقول: إن القسم ليس عليه بواجب عليه -عليه الصلاة

ص: 16

والسلام- وهو قول معروف عند أهل العلم يقول: يصنع ما شاء يصرف الوقت لمن شاء، والذي يقول: إن القسم عليه واجب لكنه برضا الجميع، وهذا يصوغ له عليه الصلاة والسلام ولغيره بالرضا، بعضهم يقول: إن هذا يحصل منه عليه الصلاة والسلام عند قدومه من سفر، يعني قبل أن تتحدد صاحبة النوبة، هذا الوقت الذي جاء به من السفر ما هو لأحد فيمر على الجميع، وهذا لمجرد توجيه الحديث مع وجوب القسم، وهذا قاله ابن عبد البر رحمه الله، والمسألة ظاهرة يعني إذا كانت برضا فلا إشكال، وإن كان لا يجب عليه القسم فهذا أيضاً من خصائص عليه الصلاة والسلام كما قيل.

قال رحمه الله: "وفيه عن أبي رافع" عند أبي داود وابن ماجه.

"قال أبو عيسى: حدث أنس حديث حسن صحيح" وأخرجه الجماعة، الجماعة السبعة، البخاري ومسلم وأبي داود الترمذي، النسائي، ابن ماجه، أحمد، صحيح أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يطوف على نسائه بغسل واحد، وسليمان عليه السلام طاف على تسع وتسعين امرأة، طاف على تسع وتسعين امرأة، وقال: إنه يطوف لتأتي كل واحدة منهن -وأقسم على ذلك- بولد يجاهد في سبيل الله فلم يستثنِ؛ ما قال: إن شاء الله فلم تأتِ واحدة منهن بشيء إلا واحدة بشق ولد، نصف ولد فالأمور كلها معلقة بالله -جل وعلا-، ولا يدل الإنسان بعلمه أو بعمله ويقول: إنه وصل لحد أنه يقسم على الله لا، عليه أن يكون دائماً متهماً لنفسه هاضماً لحقه، والله المستعان.

ص: 17