المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ كتاب الصلاة (7) - شرح سنن الترمذي - عبد الكريم الخضير - جـ ٣٤

[عبد الكريم الخضير]

الفصل: ‌ كتاب الصلاة (7)

جامع الترمذي -‌

‌ كتاب الصلاة (7)

شرح: باب: ما جاء في السهو عن وقت صلاة العصر، وباب: ما جاء تعجيل الصلاة إذا أخرها الإمام، وباب: ما جاء في النوم عن الصلاة، وباب: ما جاء في الرجل ينسى الصلاة، وباب: ما جاء في الرجل تفوته الصلوات بأيتهن يبدأ؟

الشيخ/ عبد الكريم الخضير

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

هذا يقول: قد اقترب الشهر -يعني شهر رمضان- ونسمع الخلاف المتكرر عن رؤية الهلال، فهناك قول لأهل العلم وهو اعتماد قول الفلكيين في النفي وليس في الإثبات، فإذا قرر الفلكيين بأنه لا يمكن ولادة الهلال في هذا اليوم، ثم ادعى أناس بأنهم رأوه فإنه يحكم بوهمهم ولا تقبل شهادتهم، فما مدى صحة هذا القول؟ وما هو منشأ الخلاف في المسألة؟ وهل قول الفلكيين يعارض النصوص؟

العبرة في أمور الدين بما جاء عن الله وعن رسوله عليه الصلاة والسلام، ولا التفات إلى قول أحد كائن من كان، ما دام الحديث ثبت بقوله عليه الصلاة والسلام:((صوموا لرؤيته، وأفطروا لرؤيته)) فصيامنا وفطرنا مرتبط برؤية الهلال، وهذه مقدمة شرعية ينتج عنها حكم شرعي صحيح، طابق الواقع أو خالفه كما هو الشأن في جميع الأحكام القضائية، تبنى على شهادة الشهود، ويحكم بالحق لصاحب البينة، سواء طابقت البينة الواقع أو لم تطابقه، كما جاء من قوله عليه الصلاة والسلام:((إنما أنا بشر أقضي على نحو ما أسمع، فمن قضيت له بشيء من حق أخيه فإنما أقضي له بقطعة من نار فليأخذها وليدعها)) هذا حكم شرعي نافذ، ولو خالف الواقع، ما دامت المقدمات شرعية فالنتيجة شرعية، ومع ذلك يتحرى في الشاهد الذي يشهد برؤية الهلال يتحرى فيه، وفي عدالته، وإذا ثبتت عدالته وما دام يقبل خبره في أمور الدين في إثبات النص فما المانع من أن يقبل خبره في غير ذلك من الأحكام؟

ص: 1

على كل حال هذه مقدمة شرعية إذا رآه من تثبت الرؤية بشهادته علينا أن نصوم، ولا نحكم بوهم وخطأ الثقة لمجرد قول الفلكيين أبداً؛ لأننا ما أحلنا عليهم، وإنما أحلنا على الرؤية، والأصل في الرؤية الرؤية بالعين المجردة، ولا نكلف اتخاذ آلات من مناظير ودرابيل وغيرها هذه لم نكلف فيها، لكن إذا وجدت من أجل وضوح الرؤية فلا مانع، لكنها لا تطلب إذا فقدت، ولا تعلق الرؤية بها لا نفياً ولا إثباتاً، وعلى كل حال هؤلاء الذين يشككون في صيام الناس، في حج الناس، هؤلاء حقيقة عليهم أن يتقوا الله -جل وعلا-، وقد سمعنا من يقول: إن الناس وقفوا في غير يوم عرفة؛ لأن الشهود شهدوا قبل ولادة الهلال بساعات، هذا الكلام لا قيمة له في الميزان الشرعي، ((إنا أمة أمية لا نقرأ ولا نحسب، الشهر هكذا وهكذا وهكذا)) كما بين النبي عليه الصلاة والسلام وعلق ذلك بالرؤية.

يقول: هل يصلى خلف من يقول بخلق القرآن؟

الذي يقول بخلق القرآن أتى بدعة عظيمة حكم جمع من أهل العلم بكفر من يقول بذلك، وكفروا ابن أبي دؤاد كالإمام أحمد وغيره؛ لأنه حمل الناس على القول بخلق القرآن، وعلى كل حال هذه بدعة مغلظة لا تجوز الصلاة خلفه قصداً، لكن إذا صلى الإنسان وهو لا يعلم أن هذا ممن يقول بذلك، أو لم يجد غيره فمن صحت صلاته عند أهل العلم صحت إمامته، لكن لا يجوز تقديمه على الأخيار.

ما صحة حديث: ((رحم الله امرأً صلى قبل العصر أربعاً)

هذا الحديث حسن، ينبغي المواظبة على هذه الأربع قبل صلاة العصر.

يقول: أرجو أن تعيد إعراب لفظة: (ابن).

ص: 2

(ابن) إذا وقعت بين علمين متوالدين بأن كان الثاني ابناً للأول فإنها حينئذٍ تحذف الألف ألف الوصل، هذه تحذف إذا وقعت بين علمين، ثم تعرب إعراب ما قبلها، إذا كانا متوالدين تعرب إعراب ما قبلها، إما صفة أو عطف بيان أو بدل، لكن إذا وقعت بين علمين غير متوالدين مثل: عبد الله بن مالك بن بحينة؛ لأن بحينة زوجة مالك وهي أم عبد الله، ومثل عبد الله بن أبي بن سلول؛ لأن سلول أم عبد الله وزوجة أبي، أما إذا وقعت بين علمين متوالدين أحدهما والد للثاني فإنها تتبعه في الإعراب، تقول: عبد الله بنُ عباس بنِ عبد المطلب؛ لأن العباس ولد لعبد المطلب فتتبع حينئذٍ العباس في إعرابه.

هذا يقول: أنكر الإمام مسلم رحمه الله على من قال بحديث جبريل المشهور شرائع الإسلام، وقال: إن هذا انتصاراً لمذهب المرجئة فما وجه ذلك؟

هذا الكلام ليس بصحيح، مسلم حين ينفي لفظة أو ينكرها بناءً على أنها لم تثبت عنده من قوله عليه الصلاة والسلام، ولا يظن به أنه ينتصر لهذا المذهب الفاسد، ((هذا جبريل أتاكم يعلمكم دينكم)) هذا هو الثابت عنده.

يقول: ما قولكم في التأمين الذي يلزم عليه صاحب السيارة مع العلم أنه لا يعفى منه أحد؟

هذا إذا لم يستطع التحايل على إسقاطه، فإنه يكون حينئذٍ مكرهاً، والمكره معفو عنه.

يقول: سمعت أنكم تقولون: إن كتاب ابن دقيق العيد إذا استطاع طالب العلم قراءته فإنه يسهل عليه قراءة ما سواه من الشروح، فلا يشكل عليه بعده شيء، فأي الكتب تقصدونه؟ وهل هو أصعب من الفتح؟

المقصود شرح العمدة لابن دقيق العيد، واسمه:(إحكام الأحكام) مطبوع في مجلدين، وهما مع حاشية الصنعاني مطبوع في أربعة مجلدات، وهو كتاب عسر على طالب العلم المتوسط، وهو أصعب من جميع الشروح في تقديري، فإذا استطاع طالب العلم أن يهضمه ولا يصعب عليه شيء فإنه حينئذٍ -بإذن الله- لا يحتاج إلى معلم.

يقول: ما صحة قول أبي هريرة لأبي سلمة: "إن استطعت يا أبا سلمة فمت فو الله ليأتين على العلماء زمان الموت أحب إلى أحدهم من الذهب"؟

ص: 3

المعنى صحيح، وهذا سيأتي في آخر الزمان، وجاء ما يدل على أن الإنسان يمر على القبر فيقول: يا ليتني كنت مكانه، يعني صاحبه، يعني مكان صاحبه لكثرة الفتن.

يقول: هل حلق اللحية من الكبائر؟ وما صحة غضب النبي صلى الله عليه وسلم عندما رأى رسولي كسرى حالقي لحاهما؟

نعم النبي صلى الله عليه وسلم غضب على ذلك، وأمر بمخالفة المشركين، ولا شك أن حلق اللحية كبيرة من كبائر الذنوب، ونقل الاتفاق على ذلك ابن حزم وغيره، على أنها من الكبائر، وعند من يقول: إنها من الصغائر بالإصرار تكون كبيرة، بالإصرار عليها والمجاهرة بها تكون كبيرة.

يقول: أشكل علي في مسألة الانتقال بالنية ما يصح وما لا يصح في الصلاة مثل نقل النية من فريضة العصر إلى الظهر مثلاً أثناء الصلاة، ومن الفرض إلى النافلة والعكس آمل التفصيل؟

الإنسان إذا دخل في الصلاة المعينة لا يجوز له أن ينتقل منها إلى غيرها، إذا دخل في صلاة العصر ثم تذكر أنه لم يصلِ الظهر لا يجوز له أن ينتقل إلى الظهر بنيته، أجازوا لمن صلى الفريضة منفرداً ثم غلب على ظنه وجود جماعة أن يقلب نية الفريضة إلى نفل شريطة أن يكون ذلك في الوقت المتسع.

يقول: يلاحظ أن البعض يسجد على الشماغ يفترش الشماغ ويسجد عليه فهل هذا جائز أم مكروه؟

السجود على حائل لا يخلو إما أن يكون متصلاً بالمصلي أو منفصلاً عنه، فإن كان منفصلاً عنه جاز بلا كراهة، مثل الفرش والسجادة، النبي عليه الصلاة والسلام صلى على الخمرة وصلى على الحصير، هذا لا إشكال فيه، أما السجود على المتصل كالشماغ فالعلماء يطلقون الكراهة، والكراهة عندهم تزول بأدنى حاجة، لو شك في نظافة الفرش مثلاً أو أحس بأنه تنبعث منه روائح تمنع خشوعه فإنه حينئذٍ له أن يسجد على شماغه.

وما قولكم في التفريق بين المتصل والمنفصل بالنسبة للسجود؟

هذا ما قرره أهل العلم، هذا ما قرره أهل العلم من التفريق بين المتصل والمنفصل.

يقول: نقل ابن مفلح في المبدع إجماع الفقهاء على بطلان الصلاة بالعمل الذي ليس من جنسها إذا طال عرفاً من غير ضرورة ولو سهواً، هل هذا الإجماع صحيح؟

المذاهب كلهم يقولون بأن هذه الأعمال التي ليست من جنس الصلاة إذا طالت فإنها مبطلة.

ص: 4

أو لا يشكل عليه حمل النبي عليه الصلاة والسلام لأمامة وهو في الصلاة؟ وهل حمله لها ضرورة؟

لا يشكل عليه لأن هذا يسير يحملها، وبإمكانه أن يضع إحدى يديه على الأخرى وهو حامل لها، وإذا ركع وضعها، وإذا قام حملها، وهذا عمل يسير، والدليل على أنه يسير فعل النبي عليه الصلاة والسلام له؛ لأنه لا يتصور منه أن يفعل ما يخل بصلاته، فما كان مثله فحكمه حكم اليسير، مثل القراءة في المصحف، حمل المصحف أثناء الصلاة للحاجة عند أهل العلم هذا مثل حمل أمامة.

يقول: هل الذي يعدد ويتزوج ثانية يدخل تحت حديث: ((ثلاثة حق على الله عونهم)) أم أن هذا في الأولى فقط؟

الحديث يشمل الثانية والثالثة والرابعة بشرطه، أي بشرط العدل.

يقول: بعض الآباء يكون عنده عدة بنات الكبرى لم تتزوج، ولذلك يأبى تزويج البنات حتى تتزوج الكبرى؛ لأجل ألا تتأثر وقد يكون الخطاب لا يريدون الكبرى فما الحل؟

ليس له أن يؤخر تزويج البنات الأخريات من أجل الكبرى، هذا لا يملكه هو وهذا عضل، فمن تقدم إليها أحد من الخطاب تزوج إذا حان وقتها، إذا كانت مطيقة لذلك تزوج، ولا يجوز تأخيرها إذا تقدم لها الكفء.

يقول: في مسجد طريق رأيت جماعة من عمان وكانوا يسدلون أيديهم في الصلاة فهل هم من الإباضية وهل تصح الصلاة خلفهم؟

الذين يسدلون في الصلاة هم الإباضية والمالكية في كثير من أتباع الإمام مالك والرافضة، هؤلاء يسدلون أيديهم، وأنت إذا كنت لا تميز بين هؤلاء الاحتمال أن يكونوا من المالكية، واحتمال أن يكونوا من هؤلاء أو من هؤلاء، وعلى كل حال إذا كنت لا تدري بيقين أنهم من هؤلاء أو من هؤلاء، ولم تجد جماعة غيرهم فهل تصلي خلفهم، لكن إذا غلب على ظنك أنهم من هؤلاء المبتدعة لا سيما وأن الإباضية يقولون بخلق القرآن؛ لأنهم فئة من الخوارج، وأما الرافضة فشأنهم وأمرهم أعظم -نسأل الله السلامة والعافية-، إذا شككت في ذلك وغلب على ظنك فلا تصلي خلفهم، فمع الاحتمال أن يكونوا من المالكية؛ لأن من المالكية، بل كثير من أتباع الإمام مالك يسدلون أيديهم ولا يقبضونها أثناء القيام في الصلاة.

سم.

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

ص: 5