الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
يقول الشارح: لم أقف على من أخرج هذا الأثر أثر أبي بكرة، ولا على من أخرج أثر علي رضي الله عنه، وما يراه أو ما يذكر عن أبي بكرة هو قول أبي حنيفة استدلالاً بأحاديث النهي "وقد ذهب قوم من أهل الكوفة إلى هذا" يريد بذلك الإمام أبا حنيفة ومن يقول بقوله "وأما أصحابنا" يريد بذلك أهل الحديث، وإن زعم بعضهم أنه يريد الشافعية، وتقدم أن من الشافعية من زعم أن الترمذي شافعي المذهب، يعني كما قيل في البخاري، لكن الشافعية ترجموا للترمذي في طبقاتهم، وتقدم لنا في صفحة (297) يعني قبل كم حديث؟ في الحديث (157)، يعني قبل عشرين حديثاً، "وأما ما ذهب إليه الشافعي أن الرخصة لمن ينتاب من البعد والمشقة على الناس فإن في حديث أبي ذر ما يدل على خلاف ما قال الشافعي" فقد رد على الشافعي، ولو كان شافعياً لدافع عنه، فدل على أنه يريد "وأما أصحابنا" يريد بهم أهل الحديث "فذهبوا إلى قول علي بن أبي طالب رضي الله عنه" من أنها تصلى الفائتة على أي حال وفي أي وقت، سواءً كان وقت نهي أو غير وقت نهي.
سم.
عفا الله عنك.
قال -رحمه الله تعالى-:
باب: ما جاء في الرجل تفوته الصلوات بأيتهن يبدأ
؟
حدثنا هناد قال: حدثنا هشيم عن أبي الزبير عن نافع بن جبير بن مطعم عن أبي عبيدة بن عبد الله بن مسعود قال: قال عبد الله: "إن المشركين شغلوا رسول الله صلى الله عليه وسلم عن أربع صلوات يوم الخندق حتى ذهب من الليل ما شاء الله، فأمر بلالاً فأذن ثم أقام فصلى الظهر، ثم أقام فصلى العصر، ثم أقام فصلى المغرب، ثم أقام فصلى العشاء".
وفي الباب عن أبي سعيد وجابر رضي الله عنهم.
حديث عبد الله ليس بإسناده بأس إلا أن أبا عبيدة لم يسمع من عبد الله، وهو الذي اختاره بعض أهل العلم في الفوائت أن يقيم الرجل لكل صلاة إذا قضاها، وإن لم يقم أجزأه، وهو قول الشافعي.
وحدثنا محمد بن بشار قال: حدثنا معاذ بن هشام قال: حدثني أبي عن يحيى بن أبي كثير قال: حدثنا أبو سلمة بن عبد الرحمن عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال يوم الخندق وجعل يسب كفار قريش قال: يا رسول الله ما كدت أصلي العصر حتى تغرب الشمس، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:((والله إن صليتها)) قال: فنزلنا بطحان فتوضأ رسول الله صلى الله عليه وسلم وتوضأنا، فصلى رسول الله صلى الله عليه وسلم العصر بعد ما غربت الشمس، ثم صلى بعدها المغرب".
هذا حديث حسن صحيح.
انقطاع في الصوت من المصدر من 1: 29: 59 إلى 1: 40: 15
قال رحمه الله: "وحدثنا محمد بن بشار" المعروف ببندار "قال: حدثنا معاذ بن هشام قال: حدثني أبي عن يحيى بن أبي كثير قال: حدثنا أبو سلمة بن عبد الرحمن عن جابر بن عبد الله أن عمر بن الخطاب قال يوم الخندق" يعني في غزوة الأحزاب، والغزوة يقال لها: يوم ولو كانت أياماً؛ لئلا يتعارض هذا الحديث مع الذي قبله.
"أن عمر بن الخطاب قال يوم الخندق وجعل يسب كفار قريش" لماذا؟ لأنهم تسببوا في تأخيرهم الصلاة، تسببوا في تأخيرهم الصلاة عن وقتها المختار كما حصل لعمر؛ لأنه صلى في آخر الوقت، أو بتأخيرها عن وقتها مطلقاً كما حصل لغيره، مما يأتي تفصيله في الحديث، الآن إذا حضر شخص إلى الصلاة فوجد الناس قد سبقوه بركعة أو ركعتين، أو سلم الإمام بعض الناس يسب الإمام هذا الإمام يستعجل، وهذا الإمام لا ينتظر، وهذا الإمام ينقر صلاته وينظر في ساعته، ما مضى الوقت المحدد، ويلقي باللائمة على الإمام، لكنه لو تقدم صارت النظرة غير هذه، هذا الإمام تأخر، وهذا الإمام يطيل الصلاة، وهذا .. ، كل هذا من أجل أن يبرر لنفسه التقصير، والأصل والأولى أن يرجع باللائمة على نفسه لماذا تأخر؟ يلوم الإمام، عليه أن يلوم نفسه.
هل في قول أو في سب عمر رضي الله عنه كفار قريش مستمسك لمثل هذا؟ لا، النبي عليه الصلاة والسلام مع الصحابة ما تأخروا عن الصلاة، لكنهم شغلوا عنها بغير إرادتهم، أما هذا هو المقصر، ثم ينحو باللائمة على الإمام، عجّل الإمام، تقدم الإمام، ثم يأخذ في عرضه، ما انتظر، ونقر الصلاة نقراً، ولم يدرك الصلاة، شوف أكثر من صف يقضون الصلاة كلهم بسبب الإمام، لا، لا هو بسبب تأخرهم، وكل له من خطاب الشرع ما يخصه، قد نلوم الإمام في بعض الصور، لكن لا نعذر من تأخر.
وجعل يسب كفار قريش؛ لأنهم تسببوا في تأخيرهم الصلاة عن وقتها المختار كما حصل لعمر؛ لأنه صلاها في آخر وقتها، أو عن وقتها بالكلية كما حصل لغيره.
"قال: يا رسول الله" قال عمر: يا رسول الله "ما كدت أصلي العصر حتى تغرب الشمس" وكدت من أفعال المقاربة، لا تقترن بـ (أن) بخلاف عسى، حتى تغرب الشمس والمعنى أنه صلاها قرب غروب الشمس؛ لأن كاد إذا أثبتت نفت، وإذا نفيت أثبتت، هنا: ما كدت نفى فدل على أنه صلاها قبل غروب الشمس، لكن لو قال: كدت أصلي العصر قبل أن تغرب الشمس، قلنا: ما صلاها إلا بعد أن غابت الشمس، وماذا عن قوله -جل وعلا- في الساعة:{أَكَادُ أُخْفِيهَا} [(15) سورة طه] يعني على القاعدة أنه أبرزها ولم يخفها، مع أنه في النصوص القطعية من الكتاب والسنة أنه لا يعلمها إلا الله -جل وعلا-، فقال أهل العلم في قوله:{أَكَادُ أُخْفِيهَا} [(15) سورة طه] يعني حتى عن نفسي، أما عن الخلق فهذا مقطوع به، إخفاؤها عن الخلق هذا مقطوع به، إذا أثبتت نفت، لو قال: كدت أصلي العصر قبل أن تغرب الشمس، قلنا: إنه ما صلاها إلا بعد ما غربت، لكن لما قال: ما كدت أصلي العصر حتى تغرب الشمس، قلنا: إنه صلاها قبل أن تغرب الشمس، "فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم" يعني بعضهم يقول في كاد في معاياة وإلغاز يقول:
إذا نُفيت -واللهُ أعلمُ- أثبتت
…
وإن أثبتت قامت مقام جحودِ
وإن أثبتت قامت مقام جحود، كما قيل في (إن) و (إذا) الشرطيتين:
أنا إن شككت وجدتموني جازماً
…
وإذا جزمت فإنني لم أجزمِ
"فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((والله إن صليتها)) " يعني: والله ما صليتها؛ لأن (إن) هنا نافية، " ((والله إن صليتها)) قال: فنزلنا بطحان" هكذا يضبطه أهل الحديث قاطبة (بُطحان) ويضبطه بعض أهل اللغة بفتح الباء، منهم من يسكن الطاء، ومنهم من يكسرها (بَطْحان) و (بَطِحان) وهو وادٍ في المدينة "فتوضأ رسول الله صلى الله عليه وسلم وتوضأنا، فصلى رسول الله صلى الله عليه وسلم العصر بعد ما غربت الشمس، ثم صلى بعدها المغرب، ثم صلى بعدها المغرب.
قال أبو عيسى: هذا حديث حسن صحيح" وأخرجه الإمام البخاري ومسلم فهو متفق عليه، ويشيع عند بعض العامة أن الفوائت تقضى مع نظائرها، امرأة عليها صلوات فوائت فرطت فيها، أو رجل تساهل في صلوات كثيرة فتقضي الصلوات مع نظائرها، إذا صلت الصبح صلت صبح ثانية، إذا كان عليها يوم، إن كان عليها يومين صلت الصبح مرتين بعد الأصل، إن كانت عليها خمسة أيام صلت الصبح خمسة مرات، فإذا صلت الظهر كذلك، وإذا صلت العصر كذلك، هذا الكلام ليس بصحيح، بل قضاء الفوائت فوراً تسرد، يصلى خمس صلوات عن يوم كامل، ثم يتبع بيوم آخر، ثم يتبع بيوم ثالث وهكذا، ما لم يصل إلى حد المشقة، لكن على الإنسان أن يبادر بإبراء ذمته، والله أعلم.
وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله، نبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين.