المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

قوله " ونحو اسْطَاع " قراءة حمزة (فَمَا اسْطَّاعُوا أَنْ - شرح شافية ابن الحاجب - الرضي الأستراباذي - جـ ٣

[الرضي الأستراباذي]

الفصل: قوله " ونحو اسْطَاع " قراءة حمزة (فَمَا اسْطَّاعُوا أَنْ

قوله " ونحو اسْطَاع " قراءة حمزة (فَمَا اسْطَّاعُوا أَنْ يَظْهَرُوه) وخطَّأَه

النحاة، قال أبو علي: لما لم يمكن إلقاء حركة التاء على السين التي لا تتحرك أبداً جمع بين الساكنين قال: "‌

‌ الْحَذْفُ

الاْعْلَالِيُّ وَالتَّرْخِيمِيُّ قَدْ تقدم، وَجَاءَ غَيْرُهُ فِي تَفَعَّلُ وتَفَاعَلُ، وَفِي نَحْوِ مِسْتُ وَأَحَسْتُ، وَظِلْتُ وَإسْطَاعَ يَسْطِيع، وَجَاءَ يَسْتِيعُ، وَقَالُوا بَلْعَنْبَرِ وَعَلْمَاءِ ومِلْمَاءِ فِي بَنِي الْعَنْبَرِ وَعَلَى الْمَاءِ وَمِنَ الْمَاءِ، وَأمَّا نَحْو يَتَسِعُ وَيَتَقِي فَشَاذٌّ، وَعَلَيْهِ جَاءَ * تَق اللهِ فِينَا وَالْكِتَابَ الَّذِي تَتْلُو * بِخِلافِ تَخِذَ يتخذ فَإِنَّهُ أَصْلٌ وَاسْتَخَذَ مِنَ اسْتَتْخَذَ، وَقِيلَ: أبْدِلَ مِنْ تَاءِ اتَّخَذَ وَهُوَ أشَذُّ وَنَحْوُ تُبَشِّرُونِي وَإنِّي قد تقدم " أقول: يعني بالحذف الإعلالي ما حذف مطرداً لعلة، كعَصاً وقَاضٍ، وبالترخيمي ما حذف غير مطرد كما في يَدٍ وَدَمٍ قوله في نحو " تَفَعَّلُ وَتَفَاعَلُ " يعني في مضارع تَفَعَّلَ وَتَفَاعَل مع تاء المضارعة، كما تقدم قوله " وفي نحو مِسْت وَأَحَسْتُ وظِلْتُ " تقَدَّم حكمه في أول باب (2) الإدغام قوله " وَاسْطَاعَ يَسْطِيع " بكسر الهمزة في الماضي وفتح حرف المضارعة، وأصله استطاع يستطيع، وهي أشهر اللغات، أعني ترك حذف شئ منه وترك الإدغام، وبعدها اِسْطَاع بسطيع، بكسر الهمزة في الماضي وفتح حرف المضارعة وحذف تاء استفعل حين تعذر الإدغام مع اجتماع المتقاربين، وإنما تعذر الإدغام لأنه لو نقل حركة التاء إلى ما قبلها لتحركت السين التي لاحظ لها في الحركة، ولو لم ينقل لالتقى الساكنان، كما في قراءة حمزة، فلما كثر استعمال هذه اللفظة - بخلاف اسْتَدَانَ - وقُصِد التخفيف وتعذر الإدغام حذف الأول كما في ظلت

(1) انظر (ص 245 من هذا الجزء)(*)

ص: 292

وأحست، والحذف ههنا أولى، لأن الأول - وهو التاء - زائد، قال تعالى (فما اسطاعوا أن يظهروه) وأما من قال يُسْطِيع - بضم حرف المضارعة - فماضيه اسْطَأع بفتح همزة القطع، وهو من باب الإفعال، كما مر في باب ذي الزيادة (1) ، وجاء في كلامهم اسْتَاعَ - بكسر همزة الوصل - يَسْتِيع - بفتح حرف المضارعة، قال سيبويه: إن شئت قلت: حُذِفَت التاء، لأنه في مقام الحرف المدغم، ثم جعل مكان الطاء تاء، ليكون ما بعد السين مهموساً مثلها، كما قالوا ازْدَانَ ليكون ما بعد الزاي مجهوراً مثله، وإن شئت قلت: حذفت الطاء، لأن التكرير منها نشأ، وتركت الزيادة كما تركت في تَقَيْتُ، وأصله اتَّقَيْتُ كما يأتي قوله " وقالوا بَلْعَنْبَر " قد ذكرنا حكمه في أول باب (2) الإدغام، وإن سيبويه قال: مثل هذا الحذف قياس في كل قبيلة يظهر فيها لام المعرفة في اللفظ بخلاف نحو بني النجار قوله " وأما نحو يَتَسِع ويَتَقِي " قد حذفت التاء الأولى من ثلاث كلمات يَتَّسِع ويَتَّقِي ويَتَّخِذ، فقيل: يَتَسِع ويَتَقِي ويَتَخِذ، وذلك لكثرة الاستعمال، وهو مع هذا شاذ، وتقول في اسم الفاعل: مُتَقٍ، سماعاً، وكذا قياس متَّخِذ ومتَّسِع، ولم يجئْ الحذف في مواضي الثلاثة إلا في ماضي يَتَقِي، يقال: تَقَى، وأصله اتَّقَى، فحذفت الهمزة بسبب حذف الساكن الذي بعدها، ولو كان تَقَى فَعَل كَرَمى لقلت في المضارع يَتْقِي كَيْرمِي، بسكون التاء، وفي الأمر اتْقِ كارْمِ (3)، وقال الزجاج: أصل اتَّخذ حذفت التاء منه كما في تَقَى، ولو كان كما قال لما قَيل تَخَذ - بفتح الحاء - بل تخذ يتخذ تخذا كجهل

(1) انظر (ج 2 ص 380)(2) انظر (ص 246، 247 من هذا الجزء)(3) انظر (ج 1 ص 157)(*)

ص: 293

يجْهَل جهلاً بمعنى أخذ يأخذ أخذاً، وليس من تركيبه، وفي تَقَى خلافٌ، قال المبرد: فاؤه محذوف والتاء زائدة، فوزنه تَعَلَ، وقال الزجاج: التاء: بدل من الواو كما في تُكَأَة وتُرَاثٍ، وهو الأولى قوله " اسْتَخَذَ " قال سيبويه عن بعض العرب: اسْتَخَذَ فلان أرضاً بمعنى اتَّخَذ، قال: ويجوز أن يكون أصله اسْتَتْخَذ من تَخِذَ يَتْخَذُ تَخْذاً فحذفت التاء الثانية كما قيل في اسْتَاع: إنه حذف الطاء، وذلك لأن التكرير من الثاني، قال: ويجوز أن يكون السين بدلاً من تاء اتَّخَذَ الأولى، لكونهما مهموستين، ومثله الْطَجَع بإبدال اللام مكان الضاد لمشابهتها لها في الانحراف، لأنهم كرهوا حَرْفَيْ إطباق كما كرهوا في الأول التضعيف، وإنما كان هذا الوجه أشذ لان العادة الفرار من المتقاربين إلى الإدغام، والأمر ههنا بالعكس، ولا نظير له قوله " تُبَشِّرُونِي وَإنِّي قد تقدم " أي في الكافية في باب الضمير في نون الوقايه.

(1)

قال: " وهذه مسائل التمرين.

مَعْنَى قَوْلِهِمْ: كَيْفَ تبنى مِنْ كَذَا مِثْلَ كَذَا: أيْ إذَا رَكَّبْتَ مِنْهَا زِنَتَهَا وَعَمِلْتَ مَا يَقْتَضِيهِ الْقِيَاسُ فَكَيْفَ تَنْطِقُ بِهِ، وَقِيَاسُ قَوْل أبِي عَلِيٌّ أَنْ تَزِيدَ وَتَحْذِفَ مَا حَذَفْتَ في الاصل

إذا اجتمعت نون الرفع ونون الوقاية في كلمة فلك فيها ثلاث لغات: أولاها: إبقاؤهما من غير إدغام، نحو تضربونني، وعليه قوله تعالى:(لم تؤذونني) وثانيتها: إبقاؤهما مع الادغام، وعليه قوله تعالى:(أغير الله تأمروني أعبد) وثالثتها: أن تحذف إحداهما وتكتفي بواحدة، وهذه اللغة هي التى يشير إليها المؤلف

ص: 294

قِيَاساً، وَقِيَاسُ آخَرِين أنْ تَحْذِفَ المحذوف قِيَاساً أَوْ غَيْرَ قِيَاسِ، فَمِثْلُ محوى ممن ضَرَبَ مُضَرِبِيٌّ، وَقَالَ أَبُو عَلِيٍّ: مُضَرِيٌّ وَمِثْلُ اسْمٍ وَغَدٍ مِنْ دَعَا دِعْوٌ وَدَعْوٌ لا إدغ وَلَا دَعٌ خِلَافاً لِلآخَرِين، وَمِثْلُ صَحَائِفَ مِنْ دَعَا دَعَايَأ باتّفَاقٍ إذ لاحذف فِي الأَصْلِ " أقول: اعلم أن هذه المسائل لأبواب التصريف كباب الإخبار لأبواب النحو قوله " منها " الضمير راجع إلى " كذا " في قوله " من كذا " لأنه بمعنى الكلمة واللفظة، وفي قوله " زنتها " راجع إلى كذا في قوله: مثل كذا، لأنه بمعنى الصيغة أو البنية، وفي قوله " تنطق به " إلى " مثل ": أي كيف تنطق بهذا المبنى بعد العمل المذكور فيه قوله " وعملت ما يقتضيه القياس " أي: عملت في هذه الزنة المركبة ما يقتضيه القياس التصريفي من القلب أو الحذف أو الإدغام إن كان في هذه الزنة أسبابُ هذه الأحكام، وعند الجرمي لا يجوز بناء ما لم تبنه العرب لمعنًى كضرْبَبٍ ونحوه، وليس بوجه، لأن بناء مثله ليس ليستعمل في الكلام لِمَعْنًى حتى يكون إثباتاً لوضع غير ثابت بل هو للامتحان والتدريب (1)، وقال سيبويه: يجوز صوغ وزن ثبت في كلام العرب مثله، فتقول: ضربب وضرنبب على وزن جعفر وشرنبث، بخلاف ما لم يثبت مثله في كلامهم، فلا يبنى من ضرب وغيره مثل جالينوس، لان فاعيلولا وفاعينولا لم يثبتا في كلامهم، وأجاز الأخفش صوغ وزن لم يثبت في كلامهم أيضاً، للامتحان والتدريب، بأن يقال: لو ثبت مثل هذا الوزن في كلامهم كيف كان ينطق به، فيمكن أن يكون في مثل هذا الصوغ فائدة التدريب والتجريب

(1) ذهب أبو على الفارسى وأبو الفتح ابن جنى إلى أن تكرير اللام للالحاق

أمر مقيس مطرد مقصود به معنى، وهو زيادة المعنى، وقد ذكرنا ذلك في أول هذا الكتاب (انظر ج 1 ص 64)(*)

ص: 295

فنقول: إذا بنيت من كلمة ما يوازن كلمة حذف منها شئ ففيه بعد البناء ثلاثة مذاهب: مذهب الجمهور أنك لا تحذف في الصيغة المبنية إلا ما يقتضيه قياسها، ولا ينظر إلى حذف الثابت في الصيغة الْمُمَثَّل بها: سواء كان الحذف فيها قياسياً كحذف ياءين في مُحَويٌّ، أو غيرَ قياسي كحذف اللام من اسم، فتقو مُضَرِبِيٌّ من ضرب على وزن مُحَوِيٍّ، ودِعْوٌ من دَعَا على وزن اسم، ولا تقول: مُضَرِيّ وإدْعٌ، إذ ليس في الصيغتين المبنيتين علة الحذف، وهذا الذي قالوا هو الحق، إذ لا تعل الكلمة بعلة ثابتة في غيرها إلا إذا كان ذلك الغير أصلها، كما في أقامَ وقِيامٍ وقال أبو علي: تَحذِف وتَزيد في الصيغة المبنية ما زيد أو حذف في الصيغة الممثل بها قياساً، فتقول في مُضَرِبِيّ: مُضَرِيٌّ، لأن حذف الياءين في مُحَوِيّ قياسٌ كما مر في باب النسب، (1) وأما إن كان الحذف في الممثل بها غير قياس لم تَحْذِف ولم تَزِد في المبنية، فيقال: دِعْوٌ، في المبنى من دَعَا على وزن اسْمٍ، لأن حذف اللام من اسم غير قياس وقال الباقون: إنه يحذف في الفرع ما حذف في الأصل ويزاد فيه ما زيد في الأصل، قياساً أو غير قياس، فيقولون مضرى وإدع ودع كاسم وسِمٍ، لأن القصد تمثيل الفرع بالأصل هذا الخلاف كله في الحذف، وأما الزيادة فلا خلاف في أنه يزاد في الفرع كما زيد في الاصل إلا إذا كان المزيد عوضاً من المحذوف، فيكون فيه الخلاف

كهمزة الوصل في اسم، وكذا لا خلاف في أنه يقلب في الفرع كما يقلب في الأصل، فيقال على وزن أيسَ من الضرب: رَضِبَ: وتقول في دَعَا على وزن صحائف:

(1) انظر (ج 2 ص 9 و 22) ، ثم انظر (ج 2 ص 30 و 31)(*)

ص: 296

دَعَايَا، وأصله دعائِوُ، فلما لم يكن في صحائف الذي هو الأصل حذف لم يختلف في دَعَايَا، بل أعل علة اقتضاها هو، وهي قلب الهمزة ياء مفتوحة والياء بعدها ألفا كما مر في بابه (1) قوله " أن تزيد وتحذف " أي: في الفرع، وهو الصيغة المبنية قوله " في الأصل " أي: في الكلمة الممثل بها قوله " أو غير قياس " أي: أن تزيد وتحذف في الفرع ما حذفت وزدت في الأصل: قياساً كان أو غير قياس قوله " مَحَوِيٌّ " مثال للأصل المحذوف منه شئ قياسا قوله " اسم وغد " لما حذف منه شئ غير قياس، ففي " اسم " حذف اللام وريد همزة الوصل عوضاً منه حذفاً غير قياسي، وفي " غَدٍ " حذف اللام غير قياس وأصل غد غدْوٌ - بسكون العين - قال: لَا تَقْلُوَاهَا وادلواها دلوا * إن مع الْيَوْمِ أَخَاهُ غَدْوَا (2) وأما إن كانت في الأصل علةُ قلبِ حرف ليست في الفرع فلا خلاف في أنه لا يقلب في الفرع، فيقال على وزن أوائِلَ من القتل أقَاتِلَ، وكذا الإدغام قال:" وَمِثْلُ عَنْسَلٍ مِنْ عَمِلَ عَنْمَلٌ، وَمِنْ باع وقال بنيع وقنول بِإِظْهَارِ النُّونِ فِيهِنّ لِلإِلْبَاس بفَعَّل، وَمِثْلُ قَنْفَخْرٍ مِنْ عَمِلَ عِنْمَلٌّ، وَمِنْ بَاعَ وَقَالَ بِنْيَعٌّ وَقِنْوَلٌّ بالإظْهَارِ، لِلإِلْبَاسِ بِعَلَّكْدٍ فِيهِنَّ، وَلا يُبْنَى مِثْلُ جَحنْفَلٍ مِنْ كَسَرتُ أو جَعَلْتُ، لِرَفْضِهِمْ مِثْلَهُ، لِمَا يَلْزَمُ مِنْ ثِقَلٍ أوْ لَبْس "

أقول: قد ذكرنا أنه لا يدغم أحد المتقاربين في الآخر في كلمة إذا أدى إلى اللبس، فلو قيل بَيَّعَ وَقَوَّل بالإدغام لا لتبس بفعل، وهو إن كان

(1) انظر (ص 59 - 62 و 130 و 179 من هذا الجزء)(2) قد مر شرح هذا البيت، فارجع إليه في (ص 215 من هذا الجزء)(*)

ص: 297

مختصا بالافعال لكنه يُظن أنه عَلَمٌ مُنَكَّر، فلذا يدخله الكسر والتنوين، وَالْعِلَّكْدُ: الغليظ قوله " لما يَلْزَمُ مِنْ ثِقَل " لأن إدغام النون الساكنة في الراء واللام واجب، لتقارب المخرجين، وأما الواو والياء والميم فليس قربها من النون الساكنة كقرب الراء واللام منها، فلذا جاء صِنْوَانٌ وبُنْيَانٌ وزَنْمَاءُ ولم يجئ نحو قَنْرٍ وقَنْلٍ كما تقدم قوله " أو لبس " يعني يلتبس بنحو شَفَلَّحٍ وهو ثَمَرُ الْكَبَر وإذا بنيت من كسر مثل احر نجم فللمبرد فيه قولان: أحدهما أنه لا يجوز لانه لابد من الإدغام فيبطل لفظ الحرف الذي به ألحق الكلمة بغيرها، والآخر الجواز، إذ ليس في الكلام افْعَلَّلَ فيعلم أنه افْعَنْلَلَ، ولا يجوز أن تلقى حركة الراء الأولى إلى الراء التي هي بدل من النون، لئلا يبطل وزن الإلحاق ولئلا يلتبس بباب اقشَعَرَّ وإذا بنيت من ضرب مثل اقشعر - وأصله اقشَعْرَرَ - فعند المازني، وحكاه عن النحويين -: إدغام الباء الأولى الساكنة في الثانية نحو اضْرَبَّبَ، بباء مشددة بعدها باء مخففة، وعند الأخفش اضربَبَّ، بباء مخففة بعدها باء مشددة، ليكون كالملحق به: أعني اقْشَعَرَّ، فاكسَرَّر على هذا يلتبس باضْرَبَّبَ على قول المازني، فلا يصح إذن قول المبرد، إذ ليس في الكلام افْعَلَّل، والحق

أنه ليس المراد بمثل هذا البناء الالحاق كما يجئ قال: " وَمِثْلُ أُبْلُمٍ مِنْ وَأَيْتً أُوءٍ، وَمِنَ أَوَيْتُ أُوٍّ مُدْغَماً، لِوُجُوبِ الْوَاوِ، بِخِلَافِ تُووِي، وَمِثْلُ إجرد من أويت إئ، وَمِنْ أَوَيْتُ إيٌّ فِيمَنْ قَالَ: أُحَيٌّ، وَمَنْ قَالَ أُحَيٍّ قَالَ: إيٍّ " أقول: قوله " أُوءٍ " أصله أُوْؤُيٌ فأعل إعلال تَجَارٍ مصدر تَجَارَيْنَا: أي

ص: 298

قلبت ضمة ما قبلها الياء كسرة، ثم أعل إعلال قاضٍ، وأُوٍّ أصله أُؤْوُيٌ، قلبت الهمزة الثانية واواً وجوباً كما في أو من، فوجب إدغام الواو كما تقدم في أول بالكتاب (1) أن الواو والياء المنقلبتين عن الهمزة وجوباً كأنهما غير منقلبتين عنها، وإن كان الانقلاب جائزاً فحكمها في الأظهر حكم الهمزة كرِيياً وتُووِي، فصار أُوُّياً فأعل إعلال تَجَارٍ قوله " إجْرد " هو نبت يَخْرج عند الكمأة يستدل به عليها قوله " إئ " أصله إوْئِيٌ، قلبت الواو ياء كما في ميزان وأعل إعلال قاض قوله " إيٌّ " أصله ائْوِيٌ، قلبت الهمزة ياء وجوباً كما في إيت فصار إيوياً أعل إعلال معيِّيَة، بحذف الياء الثالثة نسيا، فتدر حركات الإعراب على الياء المشدَّدة، وعلى ما نسب الأندلسي إلى الكوفيين - كما ذكرنا في باب التصغير - وهو إعلالهم مثلَه إعلال قاض، تقول جاءني أيٌّ ومررت بإيٌّ ورأيت إيّاً قال:" ومثله إوَزَّة مِنْ وَأَيْتُ إيِئَاةٌ وَمِنْ أَوَيْتُ إيَّاةُ مُدْغَماً " أقول: أصل إوَزَّة إوْزَزَةٌ كإصبع، لأن أفَعْلة ليست بموجودة، والهمزة زائدة دون التضعيف، لقولهم وَزٌّ أيضاً بمعناها، فأصل إيئاة أو أية، قلبت الواو ياء كما في ميزان، والياء ألفاً كما في مَرْماة، وأصل إيَّاةٍ إئْوَيَةٌ، قلبت الياء ألفاً كما ذكرنا، وقلبت الهمزة ياء وجوباً كما في إيت صار إيواةً، أعل إعلال سيِّد صار إياة

قال: " وَمِثْلُ اطْلَخَمَّ مِنْ وَأَيْتُ إِيأَيّا، وَمِنْ أوَيْتُ إيوَيّاً " أقول: اطلخم واطْرَخَمَّ أي تكبر، أصله اطْلَخْمَمَ بدليل اطْلَخْمَمْتُ، وفي الأمر اطْلَخْمِمْ - بسكون الخاء في الموضعين - فأصل إيأَيَّا إوْ أَيَّيَ، أدغمت الياء الساكنة في المتحرك وقلبت الياء الأخيرة ألفاً وقلبت الواو ياء كما في ميزان، صار إيأيَّا، فقد اجتمع في الكلمة ثلاث إعلالات كما ترى، وهم

(2) انظر (ج 1 ص 25 وما بعدها)(*)

ص: 299

يمنعون من اثنين، وأصل إيوَيَّا إئْوَيَّيَ، قلبت الياء ألفاً وأدغمت الياء في الياء وقلبت الهمزة ياء كما في إيت ولم يعل إعلال سيّد، لأن قلب الهمزة ياء وإن كان واجباً مع الهمزة الأولى لكنها غير لازمة للكلمة، لكونها همزة وصل تسقط في الدرج نحو قال ائْوَيَّا، فحكم الياء إذن حكم الهمزة قال:" وَسُئِلَ أُبُو عَلِيٍّ عَنْ مِثْلِ مَا شَاءَ اللهُ مِنْ أَوْلَقٍ فَقَالَ: مَا أَلِقَ الأْلَاقُ عَلَى الأَصْلِ واللَاّقُ عَلَى اللَّفْظِ، والأَلِقُ عَلَى وَجْهٍ، بَنَى عَلَى أَنَّهُ فَوْعَلٌ " أقول: يعني أن أبا علي جعل الواو من أَوْلَقٍ زائدة والهمزة أصلية، فإذا جعلته على وزن شَاءَ وهو فَعِلَ قلت: ألِقَ، وأصل الله الإلاه عند سيبويه، فتقول منه: الالاق، وحذفت الهمزة من الالاه قيسا كما في الأرض والأسماء، لكن غلبة الحذف كما في الإلاه شاذة، وكذا إدغام اللام في اللام، لأنهما متحركان في أول الكلمة، وخاصة مع عروض التقائهما، لكن جرأهم على ذلك كون اللام كجزء ما دخلته، وكونها في حكم السكون، إذ الحركة التي عليها للهمزة وأيضاً كثرة استعمال هذه اللفظة جوزت فيها من التخفيف في الأغلب ما لم يكن في غيرها، ويجوز عند أبي على أن يقال: مَا أَلِقَ الإِلاقُ، من غير تخفيف الهمزة، بنقل حركتها وحذفها، وذلك لأن مثل هذا الحذف وإن كان قياساً في

الأصل والفرع، لتحرك الهمزة وسكون ما قبلهما، إلا أن مثل هذا الحذف إذا كانت الهمزة في أول الكلمة نحو قَدْ أَفْلَحَ أَقَلُّ منه في غير الأول، لأن الساكن إذن غير لازم، إذ ليس جزءَ كلمةِ الهمزة كما كان في غير الأول، واللام كلمة على كل حال، وإن كانت كجزء الداخلة هي فيها، فتخفيف الارض والسماء أقل من تخفيف نحو مسألة وخبء، ويجوز عنده أيضاً أن تنقل حركتها إلى ما قبلها، لأن ذلك قياس في الفرع وإن قل، مع كون اللام كالجزء وهو مطرد غالب في الأصل، فقوله " ما أَلِقَ الإِلَاق " يجوز أن يكون مخففاً وغير مخفف، لأن كتابتهما سواء

ص: 300

قوله " واللَاّقُ عَلَى اللفظ " أي: بإدغام اللام في اللام كما في لفظة الله، لكن سهل أمر الادغام في لفظة الله كثرة استعماله، بخلاف الإلاق قوله " والأَلِقُ على وجه " يعني به أحد مذهبي سيبويه، وهو أن أصل الله اللِّيِهُ، من لَاهَ: أي تستر، لتستر ما هيته عن البصائر وذاته عن الأبصار، فيكن وزنه فَعِلاً، فالأَلق عليه، وليس في " الأَلِق " علة قلب العين ألفاً كما كانت في الله قال:" وَأَجَابَ فِي بِاسْمٍ بِالْقٍ أَوْ بُالْق عَلَى ذَلِكَ " أقول: أي على أن أَوْلَقا فَوْعل قيل له: كيف تقول مثل باسم من أَوْلِقٍ، قال: بِالق أو بُالق، لأن أصل اسم سموا أو سمو، حذفت اللام شاذا وجئ بهمزة الوصل، وأبو علي لا يحذف في الفرع ما حذف في الأصل غير قياس قال:" وسأل أبو على ابن خَالَوَيهِ عَنْ مِثْلِ مُسْطَارٍ من آءَةٍ فَظَنَّه مُفْعَالاً، وَتَحَيَّرَ فَقَالَ أبو عل مُسْئَاءٌ فَأَجَابَ عَلَى أَصْلِهِ وَعَلَى الأَكْثَرِ مُسْتَئَاءٌ " أقول: المْسْطار: الخمر، قيل: هو معرب، وإذا كان عربياً فكأنه مصدر مثل المْسْتَخرِج، بمعنى اسم الفاعل من اسْتَطاره: أي طيَّره قال:

193 -

مَتَى مَا تَلْقَنِي فَرْدَيْنِ تَرْجُفْ * رَوادِفُ ألْيَتَيْكَ وَتُسْتَطَارَا (1) ويجوز أن يكون اسم مفعول، قيل: ذلك لهديرها وغليانها، وأصله

(1) هذا الشاهد من بحر الوافر، وهو من كلمة لعنترة بن شداد العبسى يهجو فيها عمارة بن زياد العبسى.

وقوله " ترجف " يروى مكانه " ترعد " بالبناء للمجهول، وقوله " فردين " حال من الفاعل والمفعول في " تلقني " وقوله " روادف " يروى في مكانه " روانف " والروانف: جمع رانفة، وهى طرف الالية، وقوله " تستنطار " فعل مضارع مبنى للمجهول ماضيه المبنى للمعلوم استطار، وتقول: استطار هذا الامر فلانا، إذا طيره وأهاجه.

والاستشهاد بالبيت في قوله " وتستطارا " والمراد معناه الذى ذكرناه (*)

ص: 301

مستطارٌ، والحق أن الحذف في مثله ليس بمطرد، فلا يقال: اسْطَالَ يَسْطِيل واسْطَاب يَسْطِيب، وآءة في الأصل أَوَأَةٌ، لأن سيبويه قال: إذا أشكل عليك الالف في موضع العين فاحْمِلهُ على الواو، لأن الأجوف الواوي أكثر فتصغيرها أُوَيْأة، فقوله: مستئاءٌ في الأصل مُسْتأْوَوٌ قوله " على أصله " يعني حذفه في الفرع ما حذف في الأصل قياساً وإن لم يثبت في الفرع علة الحذف، فَحُذِفت التاء في مُسْئَاءٍ كما حذفت في مُسْطَار، لاجتماع التاء والطاء، والأوْلى - كما قلنا - أن حذف التاء في مُسْطاع ليس بقياس، فلا يحذف في مستطاب ولا مستطيل ونحوهما، وآءَة نبت على وزن عَاعَة، وهو من باب سَلَسٍ وقَلَقٍ، وهو باب قليل وخاصة إذا كان الأول والآخر همزة مع ثقلها، ومثلها أجاء والاءةً وأشاءة عند سيبويه، وحمل على ذلك أنه لم يُسْمَعْ أَلَايَة وأشَايَة، وقلَّ ألاوة وأشاوة كعباية وسقاوة، وقالوا في أباءة، وهي الأجمة: إن أصلها أباية وإن لم يسمع، لأن فيها معنى الإباء لامتناعها بما

يَنْبُت فيها من القصب وغيره من السلُوك، وليس في إشاءة وألاءة مثل هذا الاشتقاق قوله " وعلى الأكثر " أي على القول الأكثر، وهو أنه لا يُحذف ولا يُزاد في الفرع إلا إذا ثبتت علته، ولو كان مُسْطار مُفْعالاً من السَّطر لقلت من آءة مُؤْوَاءٌ قال:" وَسَأَلَ ابْنُ جِنِّي ابْنَ خَالَوَيْهِ عَنْ مِثْلِ كَوْكَبٍ مِنْ وَأيْتُ مَخَفَّفاً مَجْمُوعاً جَمْع السَّلَامَةِ مُضَافاً إلى يَاءِ الْمُتَكَلِّم فَتَحَيَّرَ أيْضاً فَقَالَ ابْنُ جِنّي: أوى "

(1) الالاءة - مثل سحابة - واحدة الالاء - كسحاب - وهو شجر مر (2) الاشاءة - مثل سحابة - واحدة الاشاء، وهو صغار النخل، قال ابن القطاع، همزته أصلية، عن سيبويه.

وتوهم الجوهرى أنها مبدلة فأتى بها في المعتل (*)

ص: 302

أقول: إذا بنيت من وأيت مثل كوكب قلت: وَوْأَيٌ، أعلت الياء كما في فتى، فقلت: ووأى فإذا خففت همزته بنقل حركتها إلى ما قبلها وحذفها قلت: وَوًى، قلبت الواو الأولى همزة كما في أَوَاصِلَ صار أَوًى قال المصنف: الواو الثانية في تقدير السكون، فلو قلت وَوًى من غير قلب جاز قلت: لو كانت الواو الثانية ساكنة أيضاً نحو وَوْأًى وجب الإعلال كما مر تحقيقه في باب الإعلال (1) ، فإذا جمع أوًى وهو كفَتًى جمع السلامة بالواو والنون صار أَوَوْن، فإذا أضفته إلى ياء المتكلم سَقَطت النون وبقي أوَوْيَ، تقلب الواو وتدغم كما في مُسْلِمِيَّ قال:" وَمِثْلُ عَنْكَبُوتِ من بعت ببععوت " أقول: لا إشكال فيه، لأنك جعلت العين وهو لام الكلمة ككاف

العنكبوت مكرراً وجعلت مكان الواو والتاء الزائدتين مثلهما في الفرع كما مر في أول الكتاب (2) قال: " وَمِثْلُ اطْمَأنَّ ابْيَعَّعَ مُصَحَّحاً " أقول: أصل اطمأن اطمأْنَنَ بدليل اطمأننت واطمأنِنِ في الأمر قوله " مصححاً " فيه نظر، لأن نحو اسْوَدّ وابْيَضَّ إنما امتنع من الاعلال لان ثلاثية ليس مُعلاً حتى يحمل عليه كما حمل أقام على قام، أولانا لو أعللناهما لصار ساد وباضَّ فالتبسا بفَاعَلَ، وليس الوجهان حاصلين في ابيَعَّعَ، إذ ثلاثية معل، ولا يلتبس لو قيل باعَّعَ، وأما سكون ما بعد الياء فليس بمانع، إذ مثل هذين الساكنين جائز اجتماعهما، نحو الضالين، والأخفش يقول في مثله: ابْيَعَعَّ

(1) انظر (ص 77 من هذا الجزء)(2) انظر (ج 1 ص 12 وما بعدها)(*)

ص: 303

بتشديد العين الثانية كما ذكرنا في أول مسائل التمرين قال: " وَمِثْلُ اغْدوْدَنَ منْ قُلْتُ اقْوَوَّلَ، وَقَالَ أَبُو الْحَسَنِ: اقْوَيَّلَ، لِلْوَاوَاتِ، وَمِثْلُ اغْدُودِنَ مِنْ قُلْتُ وَبِعْتُ اقْوَووِلَ وَابْيُويعَ مَظْهَراً " أقول: قد ذكرنا الخلاف في نحو اقوَوَّلَ في آخر باب الإعلال (1) ، وإنما لم يدغم نحو أقوُوول وابْيُويعَ، لأن الواو في حكم الألف التي هي أصلها في المبْنِيِّ للفاعل كما ذكرنا من قول الخليل في قُووِلَ وبُويعَ، ولو عللنا بما علل المصنف هناك وهو خوف الالتباس كما مر في باب الإعلال (2) لجاز إدغام اقْوُوول وابْيُوِيع إذ لا يلتبسان بشئ إلا أن تذهب في نحو اضْرَبَّبَ على وزن اقْشَعَرَّ مذهب المازني من تشديد الباء الأولى، فإنه يقع اللبس إذن بالمبني للمفعول منه.

قال: " وَمِثْلُ مَضْرُوبٍ مِنَ الْقُوَّةِ مَقْوِيٌّ، ومِثْلُ عَصْفُورٍ قُوِّيٌّ، وَمِنَ

الْغَزْوِ غزْوِيٌّ، وَمِثْلُ عَضُدٍ مِنْ قَضَيْتُ قَضٍ، وَمِثْلُ قُذَعْمِلَةٍ قُضَيَّةٌ كَمُعيَّة في التصغير، ومثل قذعميلة قُضَوِيَّةٌ، وَمِثْلُ حَمَصِيصَةٍ قَضَوِيَّةٌ فَتَقْلِبُ كَرَحَوِيَّةٍ، وَمِثْلُ مَلَكُوتٍ قَضَوُوتٌ، ومَثْلُ جَحْمَرِشٍ قَضْيَيٍ، وَمِنْ حَيِيتُ حَيَّوٍ ".

أقول: قد ذكرنا في آخر باب الإعلال من أحكام الياءات المجتمعة والواوات المجتمعة ما ينحل به مثل هذه العقود.

أصل مقوى مقووو، وكذا أصل غروى غزووو، أدغمت الثانية في الثالثة وقلبت المشددة ياء، لاجتماع الواوات كما ذكرنا أنك تقول من قَوِي على وزن قُمُدٍّ: قُوِيٌّ وكذا في قُووُووٍ على وزن عصفور، وهو أولى لاجتماع أربع

(1) انظر (ص 193 وما بعدها من هذا الجزء) .

(2)

انظر (ص 145 من هذا الجزء) .

(*)

ص: 304

واوات، وقد مر حكمها، وأصْلُ قضٍ قَضُيٌ، أعل إعلال تَرَامٍ مصدر ترامينا.

قوله " قُضَيَّة كمُعَيَّة " أصلها قُضَيِّيَة، وقد ذكرنا قبلُ أن الأولى في المبنى على وزن قُذْعْمِيلة من قَضَى قُضَيِّيَّة - بياءين مشددتين - قوله " قَضَويَّة " في المبنى على وزن حَمَصِيصَة قد ذكرناه هناك (1) قوله " ومثلُ مَلَكُوتٍ قَضَوُوتٌ " قد ذكرنا في باب الإعلال أن الأصل أن يقال: غَزَوُوت ورَمَيُوتٌ ورَضَيُوت كَجَبَرُوتٍ من غَزَوْتُ ورَمَيْتُ، لِخروج الاسم بهذه الزيادة عن موازنة الفعل، فلا يقلب الواو والياء كما لا يقلب في الصَّوَرَي وَالْحَيَدى، وأن بعضهم يقلبهما ألفين ويحذفهما للساكنين، لعدم الاعتداد بالواو والياء.

قوله " ومثل جَحْمَرِشٍ قَضْيَي " يعني تعلة إعلال قاض والأولى كما ذكرنا في آخر باب الإعلال: حذف الثالثة نسياً، ثم قلب الثانية ألفاً، أو قلب الثانية واو فتسلم الثالثة.

قوله " حَيَّوٍ " قد ذكرنا هناك أنه يجوز حَيَّو وحَيّاً.

قال: " وَمِثْلُ حِلِبْلَابٍ قِضِيضَاءٌ، وَمِثْلُ دَحْرَجْتُ من قَرَأَ قَرَأَيْتُ، وَمِثْلُ سِبَطْرٍ قِرَأيٌ، وَمِثْلُ اطْمَأْنَنْتُ اقرأيأت، ومضارعه يقرئيئ كَيَقْرَعِيعُ " أقول: العين واللام في حِلِبْلَابٍ مكررتان على الصحيح، كما ذكرنا في صَمْحْمَحٍ، فكررتهما مثله في قِضِيضَاءٍ، وكذا تقول من الغزو: غِزِيزَاءٍ بقلب الواو والياء المتطرفين ألفاً ثم همزة كما في رداء وكساء، وكذا تقول على وزن صمحمح: قَضَيْضًى وغَزَوْزًى، وأصل قرأيت قرأ أت بهمزتين، قلبت الثانية ألفاً كما في آمن، ولا يكون قبل تاء الضمير ونونه في كلامهم، بل

(1) انظر (ص 192 من هذا الجزء) .

(*)

ص: 305

يكون قبلهما إما واو أو ياء نحو دعوت ورميت وأغزيت، ولا يجوز الواو هنا، لكونها رابعة ساكنة وقبلها فتحة، فيجب قبلها ياء كما في أغزيت، فقلبت الألف من أول الأمر ياء.

قوله " قرَأْيٌ " قد ذكرنا في تخفيف الهمزة أن الهمزتين إذا التقتا وسكنت أولاهما والثانية طرف قلبت ياء.

قوله " اقْرَأْيَأْت " هذا على مذهب المازني كما ذكرنا في باب تخفيف الهمزة عند ذكر اجتماع أكثر من همزتين (1) وعند النحاة اقرأ وأت، وإنما قال في المضارع يَقْرئِيئُ لكونه ملحقاً بيطمئنُّ بقلب حركة الهمزة الثانية إلى الأولى كما في الأصل، ثم قلبت الثانية ياء لكسر الأولى، ولو أعللناه بما فيه من العلة لقلنا

يَقْرَأْيِئُ عند المازني، وَيَقْرَأْوِئُ عند غيره، ولم تُنقَل حركة الياء أو الواو إلى ما قبلها كما قلنا في يُقِيم ويَبيع ويُبين، لأن ذلك لإتباعه للماضي في الإعلال بالإسكان كما مر في باب الإعلال (2) ولم تسكن ههنا الياء في الماضي.

والحق أن بناءهم لامثال الابنية المذكورة ليس مرادهم به الالحاق، بل المراد به أنه لو اتفق مثلها في كلامهم كيف كانت تعل، ومن ثم قال المازنى في نحو اقشعر من الضرب: اضربب - بتشديد الباء الاولى - ولو كان ملحقا لم يجز ذلك، فالاولى على هذا في مضارع اقرأيأت أو اقرأ وأت يقرأيئ أو يقرأوئ.

هذا آخر ما ذكره المصنف من مسائل التمرين، ولنضم إليه شيئاً آخر فنقول: إذا بنيت من قَوِي مثل بَيْقُور (3) قلت: قَيُّوٌ، والأصل قَيْوُووٌ، قلبتَ الواو

(1) انظر (ص 52 وما بعدها من هذا الجزء) .

(2)

انظر (ص 143 وما بعدها من هذا الجزء) .

(3)

البيقور: اسم جمع دال على جماعة البقر، كالباقر، والبقير، وانظر (ص 193 من هذا الجزء) .

(*)

ص: 306

الأولى ياء وأدغمتَ الياء فيها كما في سيد، وأدغمت الواو الثانية في الثالثة ولم تقلبهما ياءين لكونهما في المفرد، كما لم يُقلب في مغزوٍّ، ولم تَنقل حركة العين إلى ما قبلها كما فعلت ذلك في مَقْوُول ومَبْيُوعِ، لأن العين واللام إذا كانا حرفي علة لم تعل العين: سواء أعلت اللام كما في قَوِي وثَوَى (1) أو لم تعل كما في هَوِي على ما مضى في باب الإعلال (2) وإذا بنيت على وزن صَيْرَف من حَوَى وقَوِيَ قلت حَيًّا وقَيّاً، والأصل حَيْوَيٌ وقَيْوَوٌ، أدغمت الياء في الواو بعد قلبها ياء كما في سيِّد، وقلبت الواو ألفاً لحصول علته، قال السيرافي: اجتمع ههنا إعلالان، لكن الذي مَنَعْنَا من اجتماع الإعلالين أن تسكن العين واللام

جميعاً من جهة الإعلال، وفَيْعَل - بفتح العين - في الأجوف نادر، كقوله: * مَا بَالُ عَيْنِي كَالشَّعِيبِ الْعَيَّنِ (3) * فالوجه أن يبنى من حَوَى وقَوِيَ على فَيْعِل - بالكسر - فيصير حَيٌّ وقيٌّ، فتحذف الياءُ الثالثة نسياً كما في مُعَيَّة، وتقول على وزن نَزَوانٍ (4) من قَوِيَ: قَوَوَانٌ، لا يدغم، لما ذكرنا في باب الإدغام من عدم إدغام نحو رَدَدَانٍ (5) ولم يقلب آخر الواوين ألفاً لعدم موازنة الفعل كما ذكرنا في باب الإعلال، (6) هذا قول سيبويه، والأولى أن يقال: قَوَيَان بقلب الثانية ياء كما ذكرنا في آخر باب الاعلال (7) .

(1) ثوى يثوى - مثل رمى يرمى - ثواء - بفتح الثاء -: أي أقام، قال: * رُبَّ ثَاوٍ يُمَلُّ مِنْهُ الثَّوَاءُ * (2) انظر (ص 112 وما بعدها من هذا الجزء) .

(3)

قد مر شرح هذا الشاهد فانظره في (ج 1 ص 150) .

(4)

النزوان: الوثبان، ولا يقال إلا للشاء والدواب والبقر في معنى السفاد، وانظر (ج 1 ص 156) .

(5)

انظر (ص 243 من هذا الجزء) .

(6)

انظر (ص 145 من هذا الجزء) .

(7)

انظر (ص 194 من هذا الجزء) .

(*)

ص: 307

وتقول على وزن فَعُلان - بضم العين - من قَوِي وحَيِيَ: قَوِيانٌ وحَيَّانٌ، بقلب الواو الثانية ياء والضمة قبلها كسرة، والأصل قَوُوَانُ، والألف والنون وإن كانتا لازمتين كتاء عَنْصُوَةٍ (1) وَقَرْنُوَة (2) إلا أن كون الضمة على الواو هو الذي أوجب القلب كما تقول: غَزْوُيَة على وزن قرنوة، وقال سيبويه: تقول: قَووَان، وقد غلط فيه، لموافقته على أنه تقول: غَزْوُيَةٌ على وزن قَرْنُوَةٍ

وتقول في فَعِلَانَ - بكسر العين - من حيي: حَيَّان بالإدغام، لأن رَدَدَانا واجب الإدغام، وحَيِيَان أيضاً، لأن الأصل في باب الإدغام أعني الفعل في مثله يجوز فكه، نحو حَيِي وحى، تقل من قَوِي: قَوِيَانٌ، بقلب الثانية ياء، لتقدم الإعلال على الإدغام كما مر (3) ولكون الكلمة بالإعلال أخف منها بالإدغام، ومن خفف نحو كبد باسكان العين وقال في قَوِيانٍ: قَوْيَانٌ - بسكون الواو - ولا يُعله إعلال طَيٍّ ولَيَّةٍ، لعروض سكون الواو، ومن قال في رُؤْيا المخففة: رُيَّا فاعتد بالعارض، قال ههنا: قَيَّان، وتقول من قوى وشوى وحَيِيَ على وزن فَيْعِلانَ - بكسر العين -: قَيَّان وشَيَّان وحَيَّان، والأصل في الأولين قَيْوِيان وشَيْوِيَان، أُعلَاّ إعلال سيد وحذفت الياء الثالثة من الثلاثة نسياً، كما في معيية، وتقول في تصغير أشْوِيَانٍ: أُشِّيَيان وتقول من أوَيْت على وزن فَيْعِلانَ - بكسر العين -: أيِّيَان، والأصل أيْوِيَانٌ وإذا بنيت فَعْلُلَةً من رَمَيْتُ قلت: رَمْيُوَة، قلبت الياء الأخيرة واواً لانضمام ما قبلها، ومثلَ أُسْحمان (4) منه: أُرْمُوان، ومن حَيِيَ: أحيوان، ولا تدغم،

(1) العنصوة: القليل المتفرق من النبت، انظر (ص 161 101 من هذا الجزء) .

(2)

القرنوة: نوع من العشب، انظر (ج 2 ص 44) .

(3)

انظر (ص 120 من هذا الجزء) .

(4)

أسحمان: جبل، انظر (ج 2 ص 395) .

(*)

ص: 308

لأن الإعلال قبل الإدغام، ولا تُستثقل الواو في مثله للزوم الحروف الذي بعدها: أي التاء، والألف والنون، كما مر في باب الإعلال (1) وتقول في فَوْعَلَّة - مشددة اللام - من غَزَوْت: غَوْزَوَّةٌ، وفي أُفْعُلَّة: اغْزُوَّة،

وفي فُعَلٍّ: غُزُوٌّ، لا تُقلب الواو المشددة المضموم ما قبلها في أُفْعُلَّة وَفُعُلٍّ ياء، كما لم تقلب في مدعو، بل ترك القلب ههنا أولى، لأن اسم المفعول قد يتبع الفعل الذي هو بمعناه، نحو غُزِي (2) ، وأما نحو أُدْعِيَّةٍ (3) في أُدْعُوَّةٍ فقليل نادر، فإن اعتُدّ به قيل في أُغزُوّة: أُغْزِيَّة.

وتقول في أُفْعُلَّةٍ من رميت: أُرْمِيَّة - بكسر الميم - كما في مُضِيٍّ، والأصل مُضُويٌ وتقول في فوعلة من الرمي: رَوْمَية، وليست في الأصل فَوْعَلَلَة، وإلا قيل: رَوْمَيَاة.

وتقول في فَعَلٍّ: رَمَيٌّ، وليس أصله رَمْيَياً، وإلا قيل: رَمْياً (4) ، وكذلك نحو هيى وهَبَيَّةٍ للصبي والصبية.

وتقول على وزن كَوَأْلَلٍ (5) والواو إحدى اللامين زائدتان من القوة:

(1) انظر (ص 176 من هذا الجزء) .

(2)

يريد أن اسم المفعول قد يحمل على الفعل المبنى للمجهول كما قالوا من عدا عليه يعدو: معدى عليه، حملا على عدى عليه.

(3)

انظر (ص 171 من هذا الجزء) .

(4)

يريد أن رمييا - بفتح الراء والميم وتشديد الياء - ليس أصله رمييا - بفتح فسكون -، لانه لو كان كذلك لقلبت الياء الثانية ألفا لتحركها وانفتاح ما قبلها، ثم تعامل معاملة عصى (5) الكوألل - بزنة سفرجل -: القصير مع غلظ وشدة (ج 1 ص 256)(*)

ص: 309

قَوَوًّى عند سيبويه، وَقَوَيَّا عند الأخفش كما مر (1)، وعلى وزن (2) عِتْوَلٍ من قَوِيَ: قِيّاً، والأصل قَوْوَوٌ، قلبت الواو الأخيرة ألفاً لتحركها وانفتاح

ما قبلها، والواو الأولى ياء كما في ميزان، والواو الثانية ياء أدغم فيها الياء كما في سيد.

وإذا بنيت مثل عِفْرِيَة من غَزَوْت قلت: غزوية، والاصل غزوة، ومن الرَّمي رِمْيِيَةٌ، ولا يجوز الإدغام كما في أَحْيِيَة، مع لزوم التاء في الموضعين، لأن رِمْيِيَة كعِفْرية، وهو ملحق بزِبْرجَةٍ، وأَحْيِيَة ليس ملحقاً، كذا قيل، والأولى أن هذا البناء ليس للإلحاق كما مر، ولو جمعت هَبَيّاً على فَعَالِلَ قلت: هبايّ كدَوَابّ، ولو بنيت على فعاليل من رميت قلت: رمايِيَّ، ويجوز رَمَاوِيّ، لاجتماع الياءات كما في سِقَاوِيّ، ولا يجوز بالهمز، لعدم تطرف الياء.

وكذا فَعَالِيلُ وَمَفَاعيلُ من حَيِيَ نحو حَيَايِيَّ، وَمَحَاييَّ وَحَيَاوِيَّ، ومَحَاوِيَّ، قال سيبويه: ولو حُذفت إحدى الياءات في جميعها لم يبعد، لأنه قد يستثقل الياءان في نحو أثافِيَّ (3) فيخفف بحذف إحداهما، فيقال: أثَافٍ، فما ظنك بالثلاث؟ وحذف ياء مفاعيل ثابت وإن لم يجتمع ياءان نحو قراقير وقراقر (4)

(1) انظر (ص 196 من هذا الجزء)(2) هذا الذى ذكره المؤلف ينبغى أن يكون على زنة درهم ليطابق ما ذكره من التصريف، ولكن الذى وقع في الاصول عثول - بالثاء المثلثة - ولا يصح ذلك لان العثول مشدد الاخر، فغيرناه إلى عتول - بالتاء المثناة - وقد ضبطه المجد في القاموس بزنة درهم، وإن كان الشارح الزبيدى حكاه مشددا، وهو الذى لاغناء عنده للنساء (4) الاثافي: جمع أثفية، وهى حجر يوضع فوقه القدر، انظر (ج 2 ص 162) (3) القراقير: جمع قرقور، والقرور - بزنة عصفور، السفينة مطلقا، أو الطويلة خاصة، (انظر ج 2 ص 162)(*)

ص: 310

وجراميز وجرامز (1)، قال سيبويه: إلا أن من يحذف في هذه الأمثلة التي اجتمعت (فيها)(2) ثلاث ياءات يلتزم الحذف، لكونها أثقل من أثافى وعوارى (3)

حتى يكون فرقا بين الياءات والياءين، وتقول في فعاليل من غَزَوْت: غَزَاوِيّ فلا تغير الواو لعدم اجتماع الأمثال كما في رمياني وهذا آخر ما أردناه إيراده، ولك أن تقس على هذا ما ماثله بعد إتقانك الأصول المتقدمة في باب الإعلال وغيره والله الموفق للصواب تمت مقدمة التصريف، والحمد لله رب العالمين

(1) الجراميز: جمع جمر موز، والجرموز - بزنة عصفور - حوض مرتفع النواحى، أو حوض صغير (2) زيادة يقتضيها المقام (3) العوارى: جمع عارية، وهى بتشديد الياء منسوبة إلى العار، انظر (ج 2 ص 164)(*)

ص: 311