المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

قال: "‌ ‌ الْخَط تَصْوِيرُ اللَّفْظِ بِحُرُوفِ هِجَائِهِ إلاّ أسْمَاءَ الْحُرُوفِ - شرح شافية ابن الحاجب - الرضي الأستراباذي - جـ ٣

[الرضي الأستراباذي]

الفصل: قال: "‌ ‌ الْخَط تَصْوِيرُ اللَّفْظِ بِحُرُوفِ هِجَائِهِ إلاّ أسْمَاءَ الْحُرُوفِ

قال: "‌

‌ الْخَط

تَصْوِيرُ اللَّفْظِ بِحُرُوفِ هِجَائِهِ إلاّ أسْمَاءَ الْحُرُوفِ إذَا قُصِدَ بِهَا الْمُسَمَّى، نَحْوُ قَوْلِكَ: اكْتُبْ جِيم، عَيْن، فا، رَا، فَإِنَّكَ تَكْتُبُ هَذِهِ الصُّورَةَ (جَعْفَر) لأَنَّهَا مُسَمَّاهَا خَطُّا وَلْفظاً، وَلِذَلِكَ قَالَ الْخَلِيلُ لَمَّا سَأَلَهُمْ كَيْفَ تَنْطِقُونَ بِالْجِيم مِنْ جَعْفَرٍ فقالوا: جِيمٌ، فقال: إنَّمَا نَطَقْتُمْ بالاسْم ولم تنطقوا بالمسئول عَنْهُ، وَالْجَوَابُ جَهْ، لأنه الْمُسَمَّى، فَإنْ سُمِّيَ بِهَا مُسَمَّى آخَرُ كُتِبَتْ كَغَيْرِها نحو ياسِين وحَامِيم، وَفِي الْمُصْحَفِ عَلَى أصْلِهَا عَلَى الْوَجْهَيْنِ، نَحْوُ يس وحَم " أقول: حق كل لفظ أن يكتب بحروف هجائه: أي بحروف الهجاء التي ركب ذلك اللفظ منها إن كان مركباً، وإلا فبحرف هجائه: سواء كان المراد باللفظ ما يصح كتابته كأسماء حروف التهجي نحو ألف باتا ثا جيم، وكلفظ الشعر والقرآن ونحو ذلك، أو مالا يصح كتابته كزيد والرجل والضرب واليوم وغيرها، وكذا كان حق حروف أسماء التهجي في فواتح السور، لكنها لا تكتب بحروف

هجائها، بل تكتب كذا (ن والقلم، ق والقرآن) ولا يكتب (نون والقلم) ولعل ذلك لما توهم السفَرَة (1) الأول للمصاحف أن هذه الأسماء عبارة عن الأعداد كما روى عن بعضهم أن هذه الأسماء كنايات عن أعمار قوم وآجال آخرين، وذلك أن أسماء حروف التهجي قد تُصَوَّر مسمياتها إذا قصد التخفيف في الكتابة، نحو قولهم: كُلُّ جَ بَ، وكذا كتابتهم نحو قولهم: الكلمات ثلاث: االاسم، ب الفعل، ج الحروف، فعلى هذا في قوله " إلا أسماء الحروف إذا قصد المسمى " نظر، لأن تلك الأسماء مع قصد المسمى تكتب بحروف هجائها أيضاً، ألا ترى أنه تكتب هكذا: اكتب جيم عين فاء راء، ولا تكتب

(1) السفرة - بفتحات - جمع سافر، وهو اسم دال على النسب، ومعناه صاحب السفر، وهو الكتاب الكبير، وقد يراد منه الكاتب (*)

ص: 312

هكذا: اكتب جَ عَ فَ رَ، والذي يختلف فيه الحال أنك إذا نسبت الكتابة إلى لفظ على جهة المفعولية فإنه ينظر: هل يمكن كتابة مسماه، أولاً، فإن لم يمكن نحو كتبت زيد ورجل، فالمراد أنك كتبت هذا اللفظ بحروف هجائه، وإن أمكن كتابة مسماه نحو كتبت الشعر والقرآن وجيم وعين وفاء وراء، فالظاهر أن المراد به مسمى اللفظ، فتريد بقولك: كتبت الشعر والبيت، أنك كتبت مثلا: * قفانبك مِنْ ذِكْرَى حَبِيبٍ وَمَنْزِلِ * البيت (1) وبقولك: كتبت القرآن، أنك كتبت مثلاً بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين، السورة، وبقولك: كتبت جيم عين فاء راء أنك كتبت جعفر، ويجوز مع القرينة أن تريد بقولك: كتبت الشعر والبيت والقرآن، أنك كتبت صورة حروف تهجي هذه الألفاظ

والبحث في أن المراد باللفظ هو الاسم أو المسمى غيرُ البحث في أن ذلك اللفظ كيف يصور في الكتابة، والمراد بقوله " الخط تصوير اللفظ بحروف هجائه " هو الثاني دون الأول قوله " إذا قصد بها المسمى " أي: حروف التهجي قوله " جيم عين فا را " لا تُعْرب شيئاً من هذه الأسماء وإن كانت مركبة مع العامل كما في قولك: كتبت ماء، وأبصرت جيماً، لئلا يظن أنك كتبت كل واحدة من هذه الأحرف الأربعة منفصلة من البواقي، ولم تكتب حروف كل واحدة، فلم تُعرب الأسماء ولم تأت بواو العطف نحو اكتب جيم، وعين، وفاء، وراء، بل وصلت في اللفظ بعضها ببعض تنبيهاً على اتصال مسمياتها بعضها ببعض، لكونها حروف كلمة واحدة

(1) تقدم شرح هذا البيت فانظره في (ج 2 ص 316)(*)

ص: 313

قوله " مسماها خطاً " ظاهر، لأن المسمى جيم مثلاً هذه الصورة جَ، لأنك إذا أمرت بكتابة جيم كتبت هكذا جَ، وكذا هو مسماة لفظاً، لأنك إذا أمرت بأن تتلفظ بجيم قلت: جَهْ قوله " ولذلك قال الخليل " أي: لكون جعفر مسمى جيم عين فار را لفظاً رد الخليل على أصحابه لما سألهم عن جيم جعفر كيف تنطقون به: أي كيف تتلفظون بمسمى هذا اللفظ وهو جيم؟ وذلك لأن المراد بكل لفظ مسماه إذا أمكن إرادته نحو ضربت زيداً: أي مسمى هذا اللفظ، وأما إذا لم يمكن نحو قرأت زيداً وكتبت زيداً فالمراد بأولهما اللفظ وبالثاني حروف هجاء اللفظ قوله " إنما نطقتم بالاسم " لأن جيم الذي هو على وزن فِعْل اسم لهذا المسمى، وهو جَهْ

قوله " فإن فإن سمي بها مسمى آخر " أي: سمي بأسماء حروف التهجي، كما لو سمي بدال مثلاً شخص قوله " كتبت كغيرها " أي: كتبت ألفاظها بحروف هجائها، فإذا قيل: اكتب دال يكتب هكذا " دال " كما يكتب: زيد قوله " وفي المصحف على أصلها " أي: يكتب مسمى أسماء حروف التهجي، ولا تكتب تلك الأسماء بحروف هجائها قوله " على الوجهين " أي: سواء كانت هذه الفواتح أسماءً لحروف التهجي كما قال الزمخشري: " إن المراد بها التنبيه على أن القرآن مركب من هذه الحروف كألفاظكم التي تتلفظون بها فعارِضوه إن قدرتم " فهي إذن تَحَدٍّ لهم، أو لم تكن، وذلك بأن تكون أسماء السور كما قال بعضهم، أو أسماء أشخاص كما قيل: إن يس وطه اسمان للنبي صلى الله عليه وسلم، وق اسم جبل، ون اسم للدواة، وغير ذلك أو تكون أبعاض الكلم كما نسب إلى ابن عباس رضي الله

ص: 314

عنه أنه قال في ألم: إن معناه أنا الله أعلم، وغير ذلك مما قيل فيها قال:" وَالأَصْلُ فِي كُلِّ كَلِمَةٍ أَنْ تُكْتَبَ بِصُورَةِ لَفْظَها بِتَقْدِيرِ الابْتِدَاءِ بِهَا وَالْوَقْفِ عَلَيْهَا، فَمِنْ ثم كتب نحو ره زيداً، وقِهْ زَيْداً بِالْهَاءِ، ومِثْلُ مَهْ أَنْتَ، ومجئ، مَهْ جِئْتَ، بِالْهَاءِ أيْضاً، بخِلافِ الْجَارِّ، نَحْوَ حَتَّامَ وَإلَامَ وَعَلَامَ، لِشِدَّة الاتِّصَالِ بِالْحَرْفِ، وَمِنْ ثَمَّ كُتِبَتْ مَعَهَا بألِفَاتٍ وكُتِبَ مِمَّ وَعَمَّ بِغَيْرِ نُونٍ، فإِنْ قَصَدْتَ إلى الْهَاءِ كَتَبْتها وَرَدَدْتَ الْيَاءَ وَغَيْرَهَا إنْ شِئْتَ " أقول: أصل كل كلمة في الكتابة أن ينظر إليها مفردةً مستقلة عما قبلها وما بعدها، فلا جرم تكتب بصورتها مبتدأ بها وموقوفاً عليها، فكتب

مَنِ " ابْنُك " بهمزة الوصل، لأنك لو ابتدأت بها فلا بد من همزة الوصل، وكتب " ره زيداً " و " قه زيداً " بالهاء، لأنك إذا وقفت على ره فلا بد من الهاء قوله " ومِثْلُ مَهْ أَنْتَ؟ ومجئ مَهْ جِئْتَ؟ " قد ذكرنا في باب الوقف أن ما الاستفهامية المجرورة بالاسم يجب أن تقف عليها بالهاء، وفي المجرورة بالحرف يجوز إلحاق الهاء وتركه، وذلك لأن " ما " شديدة الاتصال بالحرف، لعدم استقلال الحرف دون ما يتصل به قله " ومِن ثَمَّ كتبت " أي: من شدة اتصال " ما " بالحرف كتبت حتى وإلى وعلى بألفات، ولم تكتب بالياء، وذلك لأن كتابتها بالياء إنما كانت لانقلاب ألف على وإلى الياء مع الضمير، نحو عليك وإليه، ومع ما الاستفهامية التي هي كالجزء صارتا نحْوَ غُلام وكَلام، فلا يدخلون الضمير، ولأن حتى تمال اسماً لكون الألف رابعة طرفاً ومع ما الاستفهامية لا تكون طرفاً، وكذا إلى اسماً أميلت، لكون ألفها طرفاً مع الكسرة قبلها وانقلابها ياء مع الضمير ومع " ما " لا تكون طرفاً

ص: 315

قوله " وكتب مِمَّ وعَمَّ بغير نون " أي: من جهة اتصال " ما " بالحرف لم يكتب عَنْ مَهْ ومِنْ مَهْ - بالنون - بل حذفت النون المدغمة خطًّا كما يحذف كل حرف مدغم في الآخَرِ في كلمة واحدة، نحو هَمَّرشٍ وأصله هَنْمَرشٌ (1) وامَّحَى أصله انْمَحَى قوله " فإن قَصَدْتَ إلى الهاء " يعني أنك إذا قلت: ممَّ جئت؟ وعمَّ يتساءلون؟ وقصدت أنك لو وقفت على مِمَّ وعمَّ ألحقتهما هاء السكت وجب عليك إلحاق هاء السكت في الكتابة، لأنك تكون إذا معتبراً لما الاستفهامية مستقلة بنفسها، فتردّ نون من وعن، ويكتب هكذا: من مه جئت؟ وعن

مه يتساءلون؟ قوله " ورددت الياء " يعني في " عَلَى مَهْ " و " حتَّى مه " قوله " وغيرها " يعنى النون في " مِنْ مَهْ جئت " قوله " إن شئت " يرجع إلى رد الياء وغيرها لا إلى كتابة الهاء، لأن كتابتها إذن واجبة، لكن أنت مخير مع كَتْبَةِ الهاء بين رد النون والياء، وترك ردهما، فإن رددتهما فنظرا إلى الهاء، لأنها إنما اتصلت نظراً إلى استقلال " ما " بنفسها، وإن لم ترد فنظرا إلى عدم استقلال حروف الجر دون ما، فيكون " علامه " مثل كيفه، وأينه، كأن الهاء لحقت آخر كلمة واحدة محركة بحركة غير إعرابية ولا مُشْبِهة لها قال:" وَمِنْ ثَمَّ كُتِبَ أنَا زَيْدٌ بِالأَلِفِ، وَمِنْهُ لكِنَّا هُوَ اللهُ، وَمِنْ ثَمَّ كُتِبَتْ تاءِ التَأْنِيثِ في نَحْو رَحْمَةٍ وَتُخَمَةٍ هَاء، وَفِيمَنْ وَقَفَ بِالتَّاءِ تَاءً، بِخِلَافِ أُخْتٍ وَبِنْتٍ وَبَابِ قَائِمَاتٍ وباب قامت هند "

(1) الهمرش - بزنة جحمرش -: العجوز المضطربة الخلق، أو العجوز المسنة انظر (ح 1 ص 61) ثم انظر (ح 2 ص 364)(*)

ص: 316

أقول: يعني ومن جهة أن مبني الكتابة على الوقف قوله " ومنه لَكِنَّا " يعني إذا لم يقرأ بالألف، فإنه يكتب بالألف في تلك القراءة أيضاً، لأن أصله لَكِن أنا (1) قوله " وفيمَنْ وقف " مر في باب الوقف أن بعضهم يقف عليها بالتاء نحو كظ الجحفَتْ (2) قوله " بخلاف أخت " أي: ولا يوقف على تاء أخت وبنت بالهاء لأنها بدل من لام الكلمة وليست بتاء التأنيث، بل فيها رائحة من التأنيث، بكونها بدلاً

من اللام في المؤنث دون المذكر، وكذا تاء قائما ليست للتأنيث صرفا، بل علامة الجمع، لكن خصت بجمع المؤنث لكون التاء مناسبة للتأنيث، ومن قال كيف البنون والبناة - بالهاء - وجب أن يكتبها بالهاء، وهو قليل، ويعني بباب قائمات جمعَ سلامة المؤنث، وبباب قامت الفعلَ الماضي المتصلَ به تاء التأنيث قال:" وَمِنْ ثَمَّ كُتِبَ الْمُنَوَّنُ الْمَنْصُوبُ بالأَلِفِ، وَغَيْرُهُ بِالْحَذْفِ وَإذَنْ بِالأَلِفِ عَلَى الأَكْثَر، وَكَذَا اضْرِبَنْ، وَكَانَ قِيَاسُ اضْرِبُنْ بِوَاوٍ وَألِفٍ، واضْرِبِنْ بِيَاءٍ، وَهَلْ تَضْرِبُنْ بِوَاوٍ وَنُونٍ، وَهَلْ تَضْرِبِن بِيَاءٍ وَنُونٍ، وَلَكِنَّهُمْ كَتَبُوهُ عَلَى لَفْظِهِ لِعُسْرِ تَبَيُّنِهِ أَوْ لِعَدَمِ تَبَيُّنِ قَصْدِهَا، وَقَدْ يُجْرَى اضْرِبَنْ مُجْرَاهُ " أقول: قوله " وغيره " أي: غير المنصوب المنون، وهو إما المرفوع والمجرور

(1) قد مضى بيان ذلك على التفصيل في باب الوقف فارجع إليه في (ح 2 ص 295)(2) هذه كلمة من بيت من بحر الرجز، وهو مع ما قبله: مَا ضَرَّهَا أمْ مَا عَلَيْهَا لَوْ شَفَتْ * مُتَيَّماً بِنَظْرَةٍ وَأَسْعَفَتْ بل جوز تيهاء كظهر الحجفت وانظره مشروحا شرحا وافيا في (ح 2 ص 277 وما بعدها)(*)

ص: 317

المنونان كجاءني زيد ومررت بزيد، أو غير المنون: مرفوعاً كان أو منصوباً أو مجروراً، كجاءني الرجل ورأيت الرجل ومررت بالرجل، أو مَبْنياً قوله " وإذن بالألف على الأكثر " وذلك لما تبين في الوقف أن الأكثر في إذن الوقف عليه بالألف، فلذا كان أكثر ما يكتب بالألف، والمازني يقف عليه بالنون فيكتبه بالنون، وأما اضْرِبَنْ فلا كلام في أن الوقف عليه بالألف، فالأكثر يكتبونه بالألف، ومن كتبه بالنون فلحمله على أخويه: أي اضربن

واضربن، كما يجئ، وإنما كان قياس اضربُنْ بالواو والألف لما تقدم في شرح الكافية أنك إذا وقفت على النون الخفيفة المضموم ما قبلها أو المكسور هو ردَدْتَ ما حذف لأجل النون: من الواو والياء في نحو اضربوا واضربي، ومن الواو والنون في هل تضربونَ، ومن الياء والنون في هل تضربين، فكان الحق أن يكتب كذلك بناء للكتابة على الوقف، لكن لم يكتب في الحالين إلا بالنون، لعسر تبيّنه: أي لأنه يعسر معرفة أن الموقوف عليه من اضربُنْ واضْربِنْ وهل تضربُنْ وهل تضرِبنْ كذلك: أي ترجع في الوقف الحروف المحذوفة، فإنه لا يَعْرَف ذلك إلا حاذق بعلم الإعراب، فلما تعسر معرفة ذلك على الكُتَّاب كتبوه على الظاهر، وأما معرفة أن الوقف على اضْرِبَنْ - بفتح الباء - بالألف فليست بمتعسرة، إذ هو في اللفظ كزيداً ورجلاً قوله " أو لعدم تبين قصدها " أي: لو كتبت بالواو والياء، والواو والنون، والياء والنون، لم يتبين: أي لم يعلم هل هو مما لحقه نون التوكيد أو مما لم يلحقه ذلك، وأما المفرد المذكر نحو اضربَا فلم يلتبس، لأن المفرد المذكر لا يلحقه ألف، وبعضهم خاف التباسه بالمثنى فكتبه بالنون، أو يقول: كتبه كذلك حملا على اضربُنْ واضربِنْ، لأنه من نوعهما، وهذا معنى قوله " وقد يُجْرى اضربن مجراه "

ص: 318

قوله " تَبَيُّنِ قَصْدِها " أي: المقصود منها: أي من الكلمات المكتوبة، فهو مصدر بمعنى المفعول، أو بمعنى تَبَيُّنِ أنك قصدتها: أي قصدت النون، فيكون المصدر بمعناه قال: " وَمِنْ ثَمَّ كُتِبَ بَابُ قَاضٍ بِغَيْرِ يَاءٍ، وَبَابُ الْقَاضِي بِالْيَاءِ عَلَى الأَفْصَحِ فِيهِمَا، وَمِنْ ثَمَّ كُتِبَ نَحْوُ بَزَيْدٍ وَلِزَيْدٍ وَكَزَيْدٍ مُتَّصِلاً، لأَنًّهُ لا يُوقَفُ عَلَيْهِ، وَكُتِبَ نَحْوُ مِنْكَ وَمِنْكُمْ وَضَرَبَكُمْ متَّصِلاً، لأنَّهُ

لا يُبْتَدَأُ بِهِ " أقول: إنما لم تكتب الباء واللام والكاف غير متصلة لكونها على حرف ولا يوقف عليه، ولو كان لعدم الوقوف عليها لكتب نحو من زيد على زيد متصلاً، وإنما لم يبتدأ بالمضمرات المذكورة لكونها متصلة، وأما نحو بكم وبك فقد اجتمع فيه الامران قال: " وَالنَّظَرُ بَعْدَ ذَلِكَ فِيمَا لَا صُورَةَ لَهُ تَخُصُّهُ، وَفِيمَا خُولِفَ بِوَصْلٍ أَوْ زِيَادَةٍ أَوْ نَقْصٍ أَوْ بَدَلٍ، فَالأَوَّلُ الْهَمْزَةُ وَهُوَ أَوَّلٌ وَوَسَطٌ وَآخِرٌ الأَوَّلُ أَلِفٌ مُطْلَقاً نَحْوُ أحَدٍ وَأُحَدٍ وَإبِل، وَالْوَسَطُ: إمَّا سَاكِنٌ فَيُكْتَبُ بِحَرْفِ حَرَكَةِ مَا قَبْلَهُ مِثْلُ يَأكُلُ وَيُؤْمِنُ وَبِئْسَ، وَإمَّا مُتَحَرِّكٌ قَبْلَهُ سَاكِنٌ فَيُكْتَبُ بِحَرْفِ حَرَكَتِهِ مثل يسأل ويلؤم ويسم، وَمِنْهُمْ مَنْ يَحْذِفُهَا إنْ كَانَ تَخْفِيفُهَا بِالنَّقْلِ أَوِ الإِدْغَام، وَمِنْهُمْ مَنْ يَحْذِفُ الْمَفْتُوحَةَ فَقَطْ، وَالأَكْثَرُ عَلَى حَذْفِ الْمَفْتُوحَةِ بَعْدَ الأَلِفِ، نَحْوُ سَاءَلَ، وَمِنْهُمْ مَنْ يَحْذِفَهَا فِي الْجَمِيعِ، وَإمَّا مُتَحَرِّكٌ وَقَبْلَهُ متحرك فيكتب عَلَى نَحْوِ مَا يُسَهَّلُ، فَلِذَلِكَ كُتِبَ نَحْوُ مُؤَجَّلٍ بِالْوَاوِ وَنَحْوُ فِئَةٍ بِالْيَاءِ، وَكُتِبَ نَحْوُ سَألَ وَلَؤُمَ وَيَئِسَ وَمِنْ مُقْرِئِكَ ورُؤُوسِ بِحَرْفِ حَرَكَتِهِ، وَجَاءَ فِي سُئِلَ وَيُقْرِئُكَ الْقَوْلَانِ، وَالآخِرُ إنْ كَانَ مَا قَبْلَهُ سَاكِناًَ حُذِفَ،

ص: 319

نحو خبء وخبء وخبئا، وإن كان متحركا كاكتب بِحَرْفِ حَرَكَةِ مَا قَبْلَهُ كيْفَ كَانَ، نَحْوُ قَرَأَ وَيُقْرِئُ وَرَدُؤَ وَلَمْ يَقْرَأْ وَلَمْ يُقْرِئْ وَلَمْ يَرْدُؤْ، وَالطَّرَفُ الَّذِي لَا يُوقَفُ على لاتِّصَالِ غَيْرِهِ كَالْوَسَطِ نَحْوُ جُزْؤُكَ وَجُزْأَكَ وَجُزْئِك، وَنَحْوُ رِدْؤُكَ وَرِدْأََكَ وَردْئِكَ، وَنَحْوُ يَقْرَؤُهُ وَيُقْرِئُكَ، إلا فِي نَحْوِ مَقْرُوءَة وَبَرِيئَة، بِخِلافِ الأَوَّلِ الْمُتَّصِلِ بِهِ غَيْرُهُ، نَحْوُ بِأحَدٍ

وَكَأَحَدٍ وَلأَحَدٍ، بِخِلَافِ لِئَلَاّ، لِكَثْرَتِهِ، أَوْ لِكَرَاهَةِ صُورَتِهِ، وَبِخِلَافِ لَئِنْ، لِكَثْرَتِهِ، وَكُلُّ هَمْزَةٍ بَعْدَهَا حَرْفُ مَدٍّ كصُورَتِهَا تُحْذَفُ نَحْوَ خَطَئَا في النَّصْبِ وَمُسْتَهْزِؤُونَ ومستهزءين، وَقَدْ تُكْتَبُ بِالْيَاءِ، بِخِلَافِ قَرَأَا ويقرأ ان لِلَّبْسِ، وَبِخِلَافِ نَحْوِ مُسْتَهْزِئَيْنِ فِي الْمُثَنَّى لِعَدَمِ الْمَدِّ، وَبِخِلَافِ نَحْوِ ردَائِي وَنَحْوِهِ فِي الأَكْثَرِ، لِمُغَايَرَةِ الصُّورَةِ، أوْ لِلْفَتْحِ الأَصْلِيِّ، وَبِخِلَافِ نَحْوِ حِنَّائِيٍّ فِي الأَكْثَرِ، لِلْمُغَايَرَةِ وَالتَّشْدِيدِ، وَبِخِلَافِ لَمْ تَقْرَئِي لِلْمُغَايَرَةِ وَاللَّبْسِ " أقول: قدم للكتابة أصلاً، وهو كونها مبنية على الابتداء والوقف، ثم شرع في التفصيل، فذكر أولاً حال، لحرف الذي ليس له صورة مخصوصة، بل له صورة مشتركة، وتستعار له صورة غيره، وهو الهمزة، وذلك أن صورة الألف: أعني هذه (أ) لمّأ كانت مشتركة في الاصل بين الألف والهمزة - ولفظة الألف كانت مختصة بالهمزة، لأن أول الألف همزة، وقياس حروف التهجي أن تكون أولَ حرف من أسمائها كالتاء والجيم وغيرها، ثم كثر تخفيف الهمزة، ولا سيما في لغة أهل الحجاز، فإنهم لا يحققونها ما أمكن التخفيف - استعير للهمزة في الخط وإن لم تخفف صورة ما يقلب إليه إذا خففت، وهي صورة الواو والياء ثم يعلّم على تلك الصورة المستعارة بصورة العين البتراء هكذا (ء) ليتعين كونها همزة، وإنما جعلت العين علامة الهمزة لتقارب مخرجيهما، فإن لم تكن الهمزة في موضع التخفيف

ص: 320

وذلك إذا كانت مبتدأ بها كتبت بصورتها الأصلية المشتركة أعني هذه (ا) نحو إبل وأحد وأَحَد، وكذلك تكتب بهذه الصورة إذا خففت بقلبها ألفاً، نحو راس ثم نقول: إذا كانت الهمزة وسطاً ساكنة متحركاً ما قبلها كتبت بمقتضى حركة ما قبلها نحو يُؤمن ويأكل وبِئْس، لأنها تخفف هكذا (ا) إذا خففت

وتكتب الوسط المتحركة المتحرك ما قبلها نحو مؤجَّل بالواو وفئة بالياء والخمسة بحرف حركته نحو سأل ولؤُم ويئس ومِن مقرئِك ورؤُوس، وأما الاثنان الباقيان نحو سُئِل ويُقْرئُك فعلى مذهب سيبويه بحرف حركته، وعلى مذهب الأخفش بحرف حركة ما قبله، كل ذلك بناء على التخفيف، كما تقدم في باب تخفيف الهمزة وكذا يكتب الوسط الذي قبله ألف باعتبار حركته، لأن تخفيفه باعتبارها فيكتب نحو سأل بالألف والتساؤل بالواو وسائل بالياء، والأكثرون على ترك صورة الهمزة المفتوحة بعد الألف استثقالاً للألفين، فيكتبون ساءَل بألف واحدة وكذا المقروء والنبئ، وكذا يتركون صورة الهمزة التي بعدها الواو إذا كان حق الهمزة أن تكتب واواً لولا ذلك الواو نحو رءوس، وكذا في نحو سئامة ومستهزءين، إلا إذا أدى إلى اللبس، نحو قرأا ويقرأ ان ومستهزئين كما يجئ، ويكتب الأخير المتحرك ما قبله بحرف حركة ما قبله سواء كان متحركاً كما في يقرأ ويردُؤ ويُقْرِئ، أو ساكناً كما في لَمْ يَقْرَأْ ولم يردُؤْ ولم يُقْرِئْ، وذلك لأن الحركة تسقط في الوقف، ومبنى الخط على الوقف فتدبر الهمزةُ بحركة ما قبلها وأما إن كانت الأخيرة في حكم الوسط وهو إذا اتصل بها غير مستقل فهي في حكم المتوسطة، نحو يقرَؤُه ويقرئُه ونحو ذلك، وكان قياس نحو السماء والبناء أن تكتب همزته بالألف لأن الأكثر قلب مثلها ألفاً في الوقف كما مر في باب

ص: 321

تخفيف الهمزة (1) ، لكنه استكره صورة ألفين، ولذا لم تكتب في نحو قولك: علمت نبئاً، صورة للهمزة هذا كله حكم كتابتها إذا كانت مما تخفف بالقلب بلا إدغام، فإن كانت

تخفف بالحذف، فإن كانت أخيراً فإنها تحذف في الخط أيضا نحو خبء، وجزء ودفء، وذلك لأن الآخِر محل التخفيف بالحذف خطا كما هو محل التخفيف لفظاً، وإن كان في الوسط كيسأل ويُسْئِم ويَلْؤُم، أو في حكم الوسط باتصال غير مستقل بها نحو جُزْأَكَ وجُزْؤُكَ وجُزْئِكَ، فالأكثر أنها لا تحذف خطّاً وإن كان التخفيف بحذفها، وذلك لأن حذفك في الخط لما هو ثابت لفظاً خلاف القياس اغتفر ذلك في الآخر الذي هو محل التخفيف، فيبقى الوسط ثابتاً على أصله فلما لم يحذف ولم تبن كتابتها على التخفيف أعيرت صورةَ حرفِ حركتها، لأن حركتها أقرب الأشياء إليها فكتبت مسألة وَيَلْؤُم ويسم وسَوْءة وجُزْأَكَ وجُزْؤُك وجُزْئِكَ بتدبير حركة الهمزات، وإن كانت تخفف بالقلب مع الإدغام حذفت في الخط سواء كانت في الطرف كالمقروء والنبئ، أو في الوسط كالقَرُوآء على وزن البَروكاء (2) أو في حكم الوسط كالبريّة والمقروَّة، وذلك لأنك في اللفظ تقلبها إلى الحرف الذي قبلها وتجعلها مع ذلك الحرف بالإدغام كحرف واحد، فكذا جعلت في الخط هذا، وبعضهم يبني الكتابة في الوسط أيضاً على التخفيف فيحذفها خطاً في كل ما يخفف فيه لفظاً بالحذف أو الإدغام، وبعضهم يحذف المفتوحة فقط لكثرة مجيئها نحو مَسَلَة، ويَسَلُ، وإنما لم تكتب الهمزة في أول الكلمة إلا بالألف وإن كانت قد تخفف بالحذف كما في الأرْض وقَدَ أفْلح لأن مبنى الخط على الوقف

(1) انظر (ص 43، 44 من هذا الجزء)(2) البروكاء: الثبات في الحرب، وانظر (ح 1 ص 248)(*)

ص: 322

والابتداء، وإذا كانت الكلمة التي في أولها الهمزة مبتدأ بها لم تخفف همزتها فتكتب بالصورة التي كانت لها في الأصل وإن كانت مشتركة

فإن قيل: إذا اتصل بآخر الكلمة غير مستقل نحو جزؤه ويجزئه تجعل الهمزة التي حقها الحذف كالمتوسطة فهلا تجعل المصدرة التي حقها هذه الصورة (ا) إذا اتصل بها غير مستقل نحو الأرْض وبأحُد ولأحَد كالمتوسطة قلت: لأني إذا جعلت الهمز الذي حقه الحذف ذا صورة فقد رددته من الحذف الذي هو أبعد الأشياء من أصله أعني كونه على هذه الصورة (ا) إلى ما هو قريب من أصله وهو تصورة بصورة ما وإن لم تكن صورته الأصلية، وإذا غيرت ما حقه هذه الصورة أي المصورة بالحذف أو بإعارتها صورة الواو والياء فقد أخرجت الشئ عن أصله إلى غيره، فلهذا لم تجعل المصدرة في الخط كالمتوسطة إلا في لِئَلَاّ كما يجئ قوله " فيما لا صورة له تخصه " إنما قال ذلك لأن هذه الصورة (ا) مشتركة في أصل الوضع بين الهمزة والألف كما مضى قوله " فيما خولف ": أي خولف به عن أصل الكتابة الذي كان حق الخط أن يكون عليه قوله " الأول الألف مطلقاً ": أي مضمومة كانت أو مفتوحة أو مكسورة، وذلك لما قلنا قوله " يكتب بحرف حركته " إلا أن يكون تخفيفه بالادغام كسؤال على وزن طومَارٍ (1) فإنه يحذف كما ذكرنا قوله " ومنهم من يحذف المفتوحة " أي: يحذف من جملة ما يخفف بالنقل

(1) الطومار: الصحيفة.

وانظر (ح 1 ص 198، 217) ثم انظر (ص 76 من هذا الجزء)(*)

ص: 323

المفتوحة فقط نحو يسئل ومسألة، ولا يحذف نحو يلؤُم ويُسْئِم

قوله " والأكثر على حذف المفتوحة " أي: أن الأكثرين يحذفون المفتوحة فقط بعد الألف نحو ساءَلَ، ولا يحذفونها بعد ساكن آخر، ولا يحذفون غير المفتوحة بعد ساكن قوله " ومنهم من يحذفها في الجميع " أي: يحذف الهمزة المتوسطة الساكن ما قبلها، سواء خففت بالقلب أو بالحذف أو بالإدغام قوله " كيف كان " أي: متحركاً أو ساكناً قوله " إلا في نحو مقروة وبرية " إذ حقها الإدغام كما ذكرنا قوله " لئلا لكثرته " أي لكثرة استعماله صار لام لئلا متصلاً بالهمزة وإن كان متصلاً بلا، فصارت الثلاثة ككلمة واحدة نحو فئة قوله " أو لكراهة صورته " أي لو كتب هكذا (لا لا) قوله " وكل همزة بعدها حرف مد " في الوسط كانت كرءوف ونئيم وسئال أو في الطرف نحو خَطئاً في النصب ومستهزؤون ومستهزءين، حذفت إذا لم يلتبس لاجتماع المثلين، والأكثر على أن الياء لا تحذف، لأن صورتها ليست مستقلة كنئيم ومستهزئين، وهذا معنى قوله " وقد يكتب الياء " وأما في الطرف فقد يكتب الياءان لاختلاف صورتيهما نحو ردائي قوله " بخلاف قرأا ويقرأ ان " فإنهما لو كتبا بألف واحدة لا لتبس قرأا بالمسند إلى ضمير الواحد ويقرأ ان بالمسند إلى ضمير جمع المؤنث قوله " بخلاف مستهزئَين في المثنى لعدم المد " ليس بتعليل جيّد، لأن المد لا تأثير له في الخط، بل إنما كان الحذف لاجتماع المثلين خطا، وهو حاصل: سواء كان الثاني مداً أو غير مد، بل الوجه الصحيح أن يقال: إن الأصل أن لا تحذف الياء كما ذكرنا لخفة كتابتها على الواو كما ذكرنا، بخلاف الواوين والألفين مع

ص: 324

أن أصل مستهزئين وهو مستهزئان ثبت فيه للهمز صورة، فحمل الفرع عليه في ثوبتها، وأما أصل مستهزئين في الجمع فلم يكن للهمز فيه صورة نحو مستهزءون لاجتماع الواوين فحمل الفرع عليه قوله " أو للفتح الأصلي " يعني لم يكن في الأصل مداً، وقد ذكرنا ما عليه، وكذا قوله " للتشديد " أي: لم يكن مداً قوله " واللبسِ " أي: يلتبس بلم تقرى من القرى قال: " وَأَمَّا الْوَصْلُ فَقَدْ وَصَلُوا الْحُرُوفِ وَشِبْهَهَا بِمَا الْحَرْفِيَّةِ، نَحْوَ إنما إلهكم إله وَأَيْنَمَا تَكُنْ أَكُنْ وَكُلَّمَا أَتَيْتَنِي أَكرَمْتُك، بِخِلَافِ إن ما عِنْدِي حَسْنٌ وَأَيْنَ مَا وَعَدْتَنِي وَكُلُّ مَا عِنْدِي حَسَنٌ، وَكَذَلِكَ عَنْ مَا وَمِنْ مَا فِي الْوَجْهَيْنِ، وَقَدْ تُكْتَبَانِ مُتَّصِلَتَيْنِ مُطْلَقاً لِوُجُوبِ الإدْغَام، وَلَمْ يَصِلُوا مَتَى، لِمَا يَلْزَمُ مِنْ تَغْيِيرِ الْيَاءِ، وَوَصَلُوا أَنِ النَّاصِبَةِ لِلْفِعْل مَعَ لَا بِخِلَافِ الْمُخَفَّفَةِ نَحْوُ عَلِمْتُ أَنْ لا يَقُومُ، وَوَصَلُوا إنِ الشَّرْطِيَّةَ بِلَا وَمَا، نَحْوُ إِلَاّ تفعلوه وإما تخافن، وَحُذِفَتِ النُّونُ فِي الْجَمِيعِ، لِتَأكِيدِ الاتصال، ووصلوا نَحْوَ يَوْمَئِذٍ وَحِينَئِذٍ فِي مَذْهَبِ الْبِنَاءِ فَمِنْ ثَم كُتِبَتِ الْهَمْزَةُ يَاءً، وَكَتَبُوا نَحْوَ الرَّجُل عَلَى الْمَذْهَبَيْنِ مُتَّصِلاً، لأنَّ الْهَمْزَةَ كَالْعَدَمِ، أَوِ اخْتِصَاراً لِلْكَثْرَةِ ".

أقول: قوله " الحروف وشِبْهَهَا " أي: الأسماء التي فيها معنى الشرط أو الاستفهام نحو أينما وحيثما وكلما، وكان ينبغي أن يقول: بما الحرفية غير المصدرية، لأن " ما " المصدرية حرفيية على الأكثر ومع هذا تكتب منفصلة نحو إن ما صنعت عجب: أي صنعك عجب، وإنما كتب المصدرية منفصلة مع كونها حرفية غير مستقلة أيضاً تنبيهاً على كونها مع ما بعدها كاسم واحد، فهي من تمام ما بعدها لا ما قبلها قوله " في الوجهين " أي: إن كان " ما " حرفا نحو عما قليل ومما خطيئاتهم

ص: 325

وصلت، لأن الأولى والثانية حرفان ولهما اتصال آخر من حيث وجوب إدغام آخر الأولى في أول الثانية، وإن كانت " ما " اسمية نحو بعدت عن ما رأيت، وأخذت من ما أخذت، فصلت لانفصال الاسمية لسبب استقلالها، وقد تكتب الاسمية أيضاً متصلة، لكونها كالحرفية لفظاً على حرفين، ولمشابهتها لها معنى، ولكثرة الاستعمال، ولاتصالها اللفظي بالإدغام، وهو معنى قوله " لوجوب الإدغام " وقوله " مطلقاً " أي: اسمية كانت أو حرفية قوله " متى " يعني في قولهم: متى ما تركَبْ أركب قوله " لما يلزم من تغيير الياء " يعني لو وصلتَ كتبت الياء ألفاً فيكتب متى ما كعلام وإلام وحتام، ولا أدري أي فساد يلزم من كتب ياء متى ألفاً كما كتبت في عَلَامَ وإلام؟ والظاهر أنها لم توصل لقلة استعمالها معها، بخلاف عَلَامَ وإلام قوله " أنِ الناصبة للفعل " في لئلا، المخففة، لأن الناصبة متصلة بما بعدها معنى من حيث كونها مصدرية ولفظاً من حيث الإدغام، والمخففة وإن كانت كذلك إلا أنها منفصلة تقديرا بدخلوها على ضمير شأن مقدر بخلاف الناصبة.

قوله " ووصلوا إن الشرطية بلا وما دون المخففة والزائدة " نحو أنْ لا أظنك من الكاذبين، وأنْ ما قلتُ حَسَن، لكثرة استعمال إن الشرطية وتأثيرها في الشرط بخلافهما قوله " وحذفت النون في الجميع " أي: لم يكتب هكذا: منْما وعنْما ولئنْلا وإنْلَا وإنْما، بنون ظاهرة، بل أدغم مع الاتصال المذكور لتأكيد الاتصال، وإنما ذكر هذه لأنه لم يَذكر قبلُ إلا الاتصالَ، والاتصال غير الإدغام كما صورنا.

قوله " في مذهبِ البناء " أي: إذا بنى الظرف المقدم على إذ، لأن البناء

دليل شدة اتصال الظرف بإذ، والأكثر كتابتهما متصلين على مذهب الإعراب

ص: 326

أيضاً، حملاً على البناء، لأنه أكثر من الإعراب قوله " فمن ثم " أي: من جهة اتصال الظرف بإذ وكون الهمزة متوسطة كتبت ياء كما في سَئِم، وإلا فالهمزة في الأوّل، فكان حقها أن تكتب ألفاً كما في بأحد ولإبل قوله " على المذهبين " أي: مذهب الخليل وسيبويه: أما على مذهب سيبويه فظاهر، لأن اللام وحدها هي المعرفة، فهي لا تستقل حتى تكتب منفصلة، وأما على مذهب الخليل وهو كونها كبَلْ وهَل، فإنما كتبت متصلة أيضاً لأن الهمزة وإن لم تكن للوصل عنده لكنها تحذف في الدرج فصارت كالعدم، أو يقال: الألف واللام كثيرة الاستعمال فخفف خطَّا بخلاف هل وبل قال: " وَأَمَّا الزَّيَادَةُ فَإِنَّهُمْ زَادُوا بَعْدَ وَاوِ الْجَمْعِ الْمُتَطَرِّفَةِ فِي الْفِعْلِ ألِفاً نَحْوُ أكَلُوا وَشَرِبُوا فرقا بينها فِي التَّأْكِيدِ بِأَلِفٍ، وَفِي الْمَفْعُولِ بِغَيْرِ ألِفٍ، وَمِنْهُمْ مَنْ يَكْتُبُهَا فِي نَحْوِ شَارِبُوا الْمَاء، وَمِنْهُمْ مَنْ يَحذِفُهَا فِي الْجَمِيعِ، وَزَادُوا فِي مَائَةِ أَلِفاً فَرْقاً بَيْنَهَا وَبَيْنَ مِنْهُ، وَأَلْحَقُوا الْمُثَنَّى بِهِ، بِخِلافِ الْجَمْعِ وَزَادُوا فِي عَمْرٍو وَاواً فَرْقاً بَيْنَهُ وَبَيْنَ عُمَرَ مَعَ الْكَثْرَةِ، وَمِنْ ثَمَّ لَمْ يَزِيدُوهُ فِي النَّصْبِ، وَزَادُوا فِي أُولئِكَ وَاواً فَرْقاً بَيْنَهُ وَبَيْنَ إِلَيْكَ، وَأُجْرِي أُولَاءِ عَلَيْهِ، وَزَادُوا فِي أولِي وَاواً فَرْقاً بَيْنَهُ وَبَيْنَ إلَى، وَأَجْرِيَ أُولُو عَلَيْهِ ".

أقول: قوله " المتطرفة " احتراز عن نحو ضربوهم وضربوك وضربوه، والأصل أن لا تكتب الألف إلا في واو الجمع المنفصلة، نحو مَرُّوا، وعَبَروا إذ المتصلة لا تلتبس بواو العطف، إذ هي لا تكتب إلا منفصلة، لكنه طرد

الحكم في الجميع، كما أنه كتب في نحو عبروا وإن لم يأت بعده ما يمكن أن يكون

ص: 327

معطوفاً، لما كان يلبس في بضع المواضع، نحو إن عبروا ضربتهم قوله " بخلاف يدعو ويغزو " لأن الواو التي هي اللام لا تنفصل عن الكلمة كواو الجمع حتى لا تلتبس بواو العطف، وهي من تمام الكلمة: متصلة كانت في الخط كيدعو، أو منفصلة كيغزو قوله " في التأكيد بألف " لأن الواو إذن متطرفة، بخلاف واو ضربوهم، إذا كان " هم " مفعولاً، والأكثرون لا يكتبون الألف في واو الجمع الاسمي نحو شاربو الماء، لكونه أقلَّ استعمالاً من الفعل المتصل به واو الجمع، فلم يبال اللبس فيه إن وقع لقلته، ومنهم من يحذف الألف في الفعل والاسم لندور الالتباس فيهما، وإنما ألحق مائتان بمائة في إلحاق الألف دون مئات ومئين وإن لم يحصل اللبس لا في المثنى ولا في المجموع، لأن لفظ المفرد باق في المثنى، بخلاف الجمع، إذ تاء المفرد تسقط فيه قال: " وأما النقص فَإِنَّهُمْ كَتَبُوا كُلَّ مُشَدَّدٍ مِنْ كَلِمَةٍ حَرْفاً وَاحِداً نَحْوُ شَدَّ وَمَدَّ وَادّكَرَ، وَأُجْرِي، نَحْوُ قَتَتُّ مُجْرَاهُ، بِخِلَافِ نَحْوُ وَعَدْتُ وَاجْبَهْهُ، وَبِخِلَافِ لَام التَّعْرِيفِ مُطْلَقاً نَحْوُ اللَّحْمِ وَالرَّجُلِ، لِكَوْنِهِمَا كَلِمَتَيْنِ، وَلِكَثْرَةِ اللَّبْسِ، بِخِلَافِ الَّذِي وَالَّتي وَالَّذِينَ لِكَوْنِهَا لَا تَنْفَصِلُ، وَنَحْوُ اللذَيْنِ فِي التَّثْنِيَةِ بِلَامَيْنِ لِلْفَرْقِ، وَحُمِلَ اللتين عليه، وكذا اللاءون وَأخَوَاتُهُ، وَنَحْوُ عَمَّ وَمِمَّ وَإمَّا وَإلَاّ لَيْسَ بِقِيَاسٍ، وَنَقَصُوا مِنْ بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ الألِفَ لَكَثْرَتِهِ بِخِلَافِ بِاسْمِ اللهِ وَباسْم رَبِّكَ وَنَحْوهِ، وَكَذَلِكَ الألفُ مِنَ اسم الله والرحمن مُطْلَقاً، وَنَقَصُوا مِنْ نَحْوِ لِلرَّجُلِ وَلَلرَّجُلُ وَلِلْدَّارِ وَلَلدَّارُ جَرّاً وَابْتِدَاءً الأَلِفَ لِئَلَاّ يَلْتَبِسَ بالنَّفِي، بِخِلَافِ بِالرَّجُلِ وَنَحْوِهِ، وَنَقَصُوا مَعَ

الألفِ واللَاّمِ مِمَّا فِي أَوَّلِهِ لامٌ نَحْوُ لِلَّحْمِ ولِلَّبَنِ كَرَاهِيَةَ اجْتِمَاعِ ثَلاثِ لامَاتٍ، وَنَقَصُوا مِنْ نَحْوِ أَبْنُكَ بَارٍّ في الاسْتِفْهَامِ وَأصْطَفَى البنات ألَفَ الْوَصْلِ، وجَاءَ

ص: 328

فِي الرَّجُلُ الأمْرَانِ، وَنَقَصُوا مِنِ ابْنٍ إِذَا وَقَعَ صِفَةً بَيْنَ عَلَمَيْنِ أَلِفَهُ مِثْلُ هَذَا زَيْدُ بْنُ عَمْرٍو، بِخِلَافِ زَيْدٌ ابْنُ عَمْرٍو، وَبِخِلَافِ الْمُثَنَّى، وَنَقُصُوا أَلِفَ هَا مَعَ اسْم الإِشَارَةِ نَحْوُ هَذَا وَهَذِهِ وَهَذَانِ وهؤلاءِ، بِخِلَافِ هَاتَا وَهَاتِي لِقِلْتِهِ، فَإِنْ جَاءَتِ الْكَافُ رُدَّتْ، نَحْوُ هاذاك وهاذانك، لاتِّصَالِ الْكَافِ وَنَقصُوا الأَلِفِ مِنْ ذَلِكَ وأولئك، ومن الثلث والثلثين، وَمِنْ لَكِنْ وَلَكِنَّ، وَنَقَصَ كَثِيرٌ الْوَاوَ مِنْ داوَدُ وَالألَفَ مِنْ إبراهيم وإسماعيل وإسحق وَبَعْضُهُمْ الألِفَ مِنْ عُثْمَان وسُلَيْمَانَ وَمُعَاوِيَةَ " أقول: قوله " كل مشدد من كلمة " احتراز من نحو شكر رَبَّكَ قوله " شد ومد " مثال لمثلين في كلمة قوله " ادكر " مثال المتقاربين في كلمة وإنما كتب المشدَّد حرفاً في كلمة للزوم جعلهما في اللفظ كحرف بالتشديد، فجعلا في الخط حرفاً، وأما إذا كانا في كلمتين فلا يلزم جعلهما كحرف في اللفظ فلم يجعلا أيضا حرف في الخط، وأيضاً فإن مبنى الكتابة على الوقف والابتداء، وإذا كان كذا فلا يلتقي إذن مثلان ولا متقاربان حتى يكتبا حرفاً قوله " وأجري قََتَتُّ " وذلك لكون التاء بكونه فاعلاً وضميراً متصلاً كجزء الفعل، فجعلا في الخط حرفاً، لوجوب الإدغام بسبب تماثلهما، وأما في وعدت فلم يكتبا حرفاً لعدم لزوم الإدغام وعدم تماثلهما في الخط، ولا اجْبَهْهُ، لأنهما وإن كانا مثلين والثاني ضمير متصل لكنه ليس كالجزء من الفعل، لكونه فضله، إذ هو مفعول

قوله " وبخلاف لام التعريف مطلقاً " أي: سواء كان بعدها لام كاللحم، أو غيرها مما تدغم فيه كالرجل، فإنها لا تنقص في الخط في الموضعين، لكون لام التعريف وما دخلته كلمتين، وقد احترز عنه بقوله " في كلمة " وأما

ص: 329

اتصال تاء قَتَتّ فهو أشد من اتصال كل اسم متصل باسم، لما ذكرنا من الوجهين، مع أنه قد يكتب قَتَتُّ بثلاث تاءات قوله " ولكثرة اللبس " يعني لو كتب هكذا الحم وارجل لا لتبس بالمجرد عن اللام إذا دخل عليه همزة الاستفهام أو حرف النداء، وأما الذى التى واللذين في الجمع فإنه لا لَبْسَ فيها، إذ اللام لازمة لها، فلا يلتبس بالمجرد الداخل عليه الهمزة، وإنما يكتب اللَّذيْن في التثنية بلام وإن كانت في الأصل لام التعريف أيضاً فرقاً بين المثنى والمجموع، وحمل اللذان رفعا عليه، وكذا اللتان واللَّتَيْنِ، وإن لم يكن ليس، إجراءً لباب المثنى مجرى واحداً، وكان إثبات اللام في المثنى أولى منه في الجمع، لكون المثنى أخف معنى من الجمع، فخفف الجمع لفظاً دلالة على ثقل معناه قوله " وكذا الاءون وأخواته " أي اللاتي، واللائي، واللواتي، واللواءِ، وذلك لانها أجريت مجرى اللاء الذي لو كتب بلام واحدة لا لتبس بألَا قوله " ليس بقياس " لأنهما كلمتان، وكذا لئلا، وكان حق المشدد أن يكتب حرفين، وهذا وإن كان على خلاف القياس إلا أن وجه كتابتهما حرفاً واحداً ما تقدم في ذكر الوصل من شدة الاتصال وكثرة الاستعمال قوله " لكثرته " أي حذف ألف اسْمٍ إذا كان في البسملة لكثرة استعمالها بخلاف نحو باسم ربك، فإنها ليست كثيرة الاستعمال، وكذا إذا اقتصرت على باسم الله، نحو: باسم الله أصول

قوله " الله والرحمن مطلقاً " أي: سواء كانا في البسلمة أولاً قوله " جراً وابتداء " أي: سواء كانت اللام جارة أو لام الابتداء قوله " لئلا يلتبس بالنفي " إذ لو كتب هكذا لا لرجل التبس بلا لرجل ولا للنفي، وأما نحو بالرجل وكالرجل فلا يلتبس بشئ

ص: 330

قوله " كراهية اجتماع ثلاث لامات " يعني لو كتب هكذا اللَّحْم، وفيما قال نظر، لأن الأحوط في مثله أن يكتب بثلاث لامات، لئلا يلتبس المعرف بالمنكر قوله " أبْنُكَ بار، وأصطفى البنات " يعني إذا دخلت همزة الاستفهام على همزة وصل مكسورة أو مضمومة فإنهم يحذفون همزة الوصل خطاً كراهة اجتماع ألفين، ودلالة على وجوب حذفهما لفظاً، بخلاف نحو الرجل فإنه يجوز فيه الحذف كراهة اجتماعهما خطاً، ويجوز الإثبات دلالة على إثباتهما لفظاً قوله " إذا وقع صفة " احتراز من كونه خبر المبتدأ نحو: زَيْدٌ ابْنُ عَمْرٍو، وقوله " بين علمين " احتراز من مثل جاءني زيد ابن أخينا، والرجل ابن زيد، والعالم ابن الفاضل، وذلك لأن الابن الجامع للوصفين كثير الاستعمال فحذف ألف ابن خطا كما حذف تنوين موصوفه لفظاً.

على ما ذكرنا في باب النداء، ونقص التنوين خطاً من كل منون فرقاً بين النون الأصلي والنون العارض غير اللازم، وأما نون اضْرِبَنْ فانما كتبت لعسر تبيها، عن ما تقدم، بخلاف التنوين، فإنه لازم لكل معرب لا مانع فيه منه، فيعرف إذن ثبوته بعدم المانع، وإن لم يثبت خطاً قوله " ونقصوا ألف ها مع اسم الاشارة " لكثرة استعمالها معه وأما هاتا وهاتي فقليلان، فإن جاءت الكاف ردت ألف " ها " فيما حذفت منه لقلة استعمال اسم الإشارة المصدر بحرف التنبيه المكسوع بحرف الخطاب

قوله " لاتصال الكاف " يعني أن الكاف لكونها حرفاً وجب اتصالها بالكلمة لفظاً، إذ صارت كجزئها فتثاقلت الكلمة فخففت بحذف ألف ها، وفيما قال بعد، لأن الكلمة لم تتثاقل خطا، إذ الألف منفصلة، فلم يحصل بكون الكاف حرفاً امتزاج في الخط بين ثلاث كلمات، وكلامنا في الخط لا في اللفظ إلا أن يقول: نقصوا في الخط تنبيهاً على الامتزاج المعنوي.

ص: 331

قوله " نقصوا الألف من ذلك وأولئك ومن الثلث والثلثين " وذلك لكثرة الاستعمال، ونقص كثير من الكتاب الواو من داود، لاجتماع الواوين، وبعضهم يكتبها، ونقص بعضهم الألف من عثمان وسليمان ومعاوية، والقدماء من وراقي الكوفة (كانوا) ينقصون على الإطراد الألف المتوسطة إذا كانت متصلة بما قبلها نحو الكفرون والناصرون وسلطن ونحوه.

قال: " وَأَمَّا الْبَدَلْ فَإِنَّهُمْ كَتَبُوا كُلَّ ألِفٍ رَابِعَةٍ فَصَاعِداً فِي اسْمِ أَوْ فِعْلٍ يَاءً إلَاّ فِيمَا قَبْلَهَا يَاءٌ إلَاّ فِي نَحْوَ يَحْيَى وَرَيَّى عَلَمَيْنِ، وَأَمَّا الثَّالِثَةُ فَإِن كَانَتْ عَنْ يَاءٍ كُتِبَتْ يَاءً وَإِلَاّ فَبِالألِفِ، ومنهم من يكتب الباب كله بالاف وَعَلَى كُتْبِهِ بِالْيَاءِ فإِنْ كَانَ مُنَوَّناً فَالْمُخْتَارُ أَنَّهُ كَذَلِكَ وَهُوَ قِيَاسُ الْمُبَرِّدِ، وَقَيِاسُ الْمَازِنِيِّ بِالألِفِ، وَقِيَاسُ سِيبَوَيْهِ: الْمَنْصُوبُ بِالأَلِفِ وَمَا سِوَاهُ بِالْيَاءِ، وَيُتَعَرَّفُ الْوَاوُ مِنْ الْيَاءِ بِالتَّثْنِيَةِ نَحْوُ فَتَيَانِ وَعَصَوَانِ وَبِالْجَمْعِ نَحْوُ الْفَتَيَاتِ وَالْقَنَوَاتِ وَبِالْمَرَّةِ نَحْوُ رَمْيَةٍ وَغَزْوةٍ وَبِالنَّوْعِ نَحْوُ رِمْيَةٍ وَغِزْوَةٍ، وَبِرَدِّ الْفِعْلِ إلى نَفْسِكَ نَحْوُ رَمَيْتُ وَغَزَوْتُ: وَبالمُضَارَع نَحْوُ يَرْمِي وَيَغْزُو، وَبِكَوْنِ الْفَاءِ وَاواً نَحْوُ وَعَى، وَبِكَوْنِ الْعَيْنِ وَاواً نَحْوُ شَوَى إلَاّ مَا شَذَّ نَحْوُ الْقُوى وَالصُّوَا، فإِنْ جُهِلَتْ: فَإنْ أمِيلَتْ فَالْيَاءُ نَحْوُ مَتَى، وَإلَاّ فَالأَلِفُ وَإِنَّمَا كَتَبُوا لَدَى بِالْيَاءِ لِقَوْلِهِم لَدَيْكَ وَكِلَا كُتِبَتْ عَلَى الْوَجْهَيْن

لاحْتِمَالِهَا، وَأمَّا الْحُرُوفُ فَلَمْ يُكْتَبْ مِنْهَا بِالْيَاءِ غَيْرُ بَلَى وَإلَى وَعَلَى وَحَتَّى، وَالله أعلم بالصواب ".

أقول: إنما كتبت الألف الرابعة المذكورة ياء دلالة على الإمالة، وعلى انقلابها ياءً، نحو يُغْزَيَان وَيَرْضَيَان وأغْزَيْت وأَعْلَيَان ومُصْطَفَيَانَ ونحوها، وإن كان قبلها ياء كتبت ألفاً، وإن كانت على الصفة المذكورة أيضاً نحو أحْيَا وَاسْتَحْيا، كراهة لاجتماع يَاءَيْنِ، وإن اختلفا صورة، إلا فِي نَحْوَ يَحْيَى ورَيَّى عَلَمَيْنِ،

ص: 332

وكذا ما أشبههما، فإنه يكتب بالياء، فرقاً بين العلم وغيره، والعلم بالياء أولى، لكونه أقل فيحتمل فيه الثقل.

قوله " وأما الثالثة " أي: الألف الثالثة.

قوله " ومنهم من يكتب الباب كله " أي: جميع باب المقصورة: ثالثة كانت، أو رابعة، أو فوقها، عن الياء كانت أو عن غيرها، بالألف على الأصل، وقد كتبت الصلاة والزكاة بالواو، دلالة على ألف التفخيم، كما مر قوله " فإن كان منوناً " أي: اسماً مقصوراً منوناً، لأن الذي في آخره ألف وهو منون لا يكون إلا اسماً مقصوراً قوله " ويتعرف الياء من الواو " لما ذكر في الثلاثي أنه يكتب بياء إن كانت ألفه عن ياء وإلا فبالألف ذكر ما يعرف به الثلاثي الواوي من اليائي قوله " بالتثنية " أي: إن سمعت، وكذا إن سمع الجمع، وغير ذلك قوله " وبالمضارع " كما مر في باب المضارع من أن الناقص الواوي مضموم العين، واليائي مكسورها قوله " وبكون الفاء واواً " كما مر في أول باب الإعلال قوله " وإنما كتبوا لدى " وإن لم تمل بالياء لقولهم لَدَيْك

قوله " لاحتمالها " لأن قلبها في كلتا تاءً مشعرٌ بكون اللام واو كما في أخت، قال المصنف: وإمالتها تدل على الياء، لأن الكسرة لاتمال لها ألف ثالثة عن واو، وقد مر الكلام عليه في باب الإمالة قوله " غير بلى " وذلك لإمالتها قوله " وإلى وعلى " وذلك لقولهم: إليك، وعليك، وأما حَتَّى فللحمل على إلى والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب، وصلى الله على سيدنا محمد النبي الأمي العربي وآله الأطياب، وسَلَّم تسليماً كثيراً

ص: 333

قد اعتمدنا في تصحيح هذا الكتاب - سوى جميع النسخ المطبوعة - على نسخة خطية فرغ ناسخها من كتابتها في شهر صفر الخير من عام سبع وخمسين وسبعمائة، وقد وجد بآخر هذه النسخة ما نصه:" والحمد لله رب العالمين، وصلاته على سيدنا محمد وعترته الطاهرين، وسلم تسليما كثيرا، وفق الله تعالى لاتمام تصنيفه في ربيع الاول سنة ثمان وثمانين وستمائة بالحضرة الشريفة المقدسة الغروية على مشرفها أفضل التحية والسلام ".

فنهاية تأليف هذا الشرح هي سنة وفاة الشارح رحمه الله، وبين كتابة النسخة التى اعتمدنا عليها في تصحيح الكتاب ووفاة المؤلف تسعة وستون عاما.

والله الموفق والمستعان، وهو وحده الذى يجزى المحسنين

ص: 334

قد تم - بعون الله تعالى، وحسن توفيقه - مراجعة الجزء الثالث من كتاب " شرح شافية ابن الحاجب " للعلامة رضى الدين الاسترابادي، وتحقيقه، والتعليق عليه، في ستة أشهر آخرها ليلة الاثنين المبارك الموافق 24 من شهر رمضان

قوله " وإلى وعلى " وذلك لقولهم: إليك، وعليك، وأما حَتَّى فللحمل على إلى والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب، وصلى الله على سيدنا محمد النبي الأمي العربي وآله الأطياب، وسَلَّم تسليما كثيرا

ص: 335

قد اعتمدنا في تصحيح هذا الكتاب - سوى جميع النسخ المطبوعة - على نسخة خطية فرغ ناسخها من كتابتها في شهر صفر الخير من عام سبع وخمسين وسبعمائة، وقد وجد بآخر هذه النسخة ما نصه:" والحمد لله رب العالمين، وصلاته على سيدنا محمد وعترته الطاهرين، وسلم تسليما كثيرا، وفق الله تعالى لاتمام تصنيفه في ربيع الاول سنة ثمان وثمانين وستمائة بالحضرة الشريفة المقدسة الغروية على مشرفها أفضل التحية والسلام ".

فنهاية تأليف هذا الشرح هي سنة وفاة الشارح رحمه الله، وبين كتابة النسخة التى اعتمدنا عليها في تصحيح الكتاب ووفاة المؤلف تسعة وستون عاما.

والله الموفق والمستعان، وهو وحده الذى يجزى المحسنين

ص: 334

قد تم - بعون الله تعالى، وحسن توفيقه - مراجعة الجزء الثالث من كتاب " شرح شافية ابن الحاجب " للعلامة رضى الدين الاسترابادي، وتحقيقه، والتعليق عليه، في ستة أشهر آخرها ليلة الاثنين المبارك الموافق 24 من شهر رمضان المبارك عام ثمان وخمسين بعد الثلثمائة والالف من هجرة الرسول الاكرم سيدنا محمد ابن عبد الله صلى الله تعالى عليه وسلم وبه ينتهى هذا الكتاب، وسنلحقه - إن شاء الله تعالى - بشرح شواهده للعلامة عبد القادر البغدادي المتوفى في عام 1093 من الهجرة

ص: 335