المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌قول عثمان بإتمام الصلاة في منى ومخالفة ابن مسعود له في ذلك - شرح صحيح مسلم - حسن أبو الأشبال - جـ ٢٩

[حسن أبو الأشبال الزهيري]

فهرس الكتاب

- ‌ كتاب الحج - بيان وجوه الإحرام الإفراد - القران - التمتع

- ‌باب ما جاء أن عرفة كلها موقف

- ‌حكم الطواف في جميع طوابق المسجد الحرام وسطحه وخارج المسجد

- ‌حكم الوقوف في أي مكان من مزدلفة ومنى وعرفة في أيامهن المحدودة

- ‌الرمل في الطواف واستلام الحجر الأسود

- ‌باب في الوقوف وقوله تعالى: (ثم أفيضوا من حيث أفاض الناس)

- ‌مخالفة النبي صلى الله عليه وسلم لقومه قبل البعثة في وقوفهم بالمزدلفة ووقوفه بعرفة

- ‌معرفة العرب للحج في زمن إبراهيم عليه السلام

- ‌باب في نسخ التحلل من الإحرام والأمر بالتمام

- ‌نهي عمر بن الخطاب وعثمان بن عفان رضي الله عنهما عن حج التمتع وحجتهما في ذلك

- ‌باب جواز التمتع

- ‌أدب الصحابة في الخلاف وحال المسلمين اليوم

- ‌قول عثمان بإتمام الصلاة في منى ومخالفة ابن مسعود له في ذلك

- ‌جواز حج التمتع

- ‌اختلاف العلماء في أفضل أقسام الحج الثلاثة

- ‌الأدلة على جواز حج التمتع

- ‌معنى الإفراد والتمتع والقران في الحج

- ‌أدلة تفضيل الإفراد على بقية أنواع الحج

- ‌الجمع بين اختلاف روايات الصحابة في صفة حجته صلى الله عليه وسلم

- ‌حكم المحرمة إذا حاضت قبل طواف العمرة

- ‌مذاهب العلماء في أفضل أنواع الحج

- ‌حكم من لم يجد الهدي

- ‌باب وجوب الدم على المتمتع، وأنه إذا عدمه لزمه صوم ثلاثة أيام في الحج وسبعة إذا رجع إلى أهله

- ‌شروط هدي التمتع

- ‌وقت الصيام لمن لم يجد الهدي

- ‌باب بيان أن القارن لا يتحلل إلا في وقت تحلل الحاج المفرد

الفصل: ‌قول عثمان بإتمام الصلاة في منى ومخالفة ابن مسعود له في ذلك

‌قول عثمان بإتمام الصلاة في منى ومخالفة ابن مسعود له في ذلك

واتباع المتفق عليه خير من المخالفة، والصلاة في مسجد الخيف بمنى السنة فيها القصر حتى لأهل مكة، ومنى حرم، يعني: أنها داخلة في أرض الحرم، فإذا أتى رجل من أهل الحرم وحج وصلى مع الإمام أو منفرداً في مسجد الخيف ثلاثة أيام التشريق أو يوم التروية سن له أن يصلي الظهر ركعتين، والعصر ركعتين، والعشاء ركعتين، وعثمان بن عفان لم يفعل ذلك وإنما صلى تماماً، فصلى الرباعية أربعاً.

والنبي صلى الله عليه وسلم وهو من أهل مكة صلى في منى قصراً، وكذلك صلى من بعده أبو بكر، ومن بعده عمر، وهذه سنة عملية تكررت في كل عام، ولا يتصور أن تخفى على عثمان خاصة مع انتشار الحج وكثرة الحجيج، ولكن عثمان لما صار أميراً للمؤمنين حج بالناس وصلى الرباعية أربعاً، وصلى خلفه عبد الله بن مسعود -وهو سادس ستة في الإسلام- يعني: أنه كان من كبار الصحابة وفقهائهم ومحدثيهم، وكان يخالف عثمان في ذلك، فلما كلموه في ذلك وقالوا: يا أبا عبد الرحمن! أليست السنة أن نصلي الظهر والعصر والعشاء اثنتين؟ فقال: بلى، قالوا: ولم صليت خلف عثمان أربعاً؟ قال: لأن الخلاف شر، وإن الصلاة مجزئة، ومعنى ذلك: أننا وعثمان متفقون في الإجزاء، ولو صليت وحدي لحدثت فتنة في الحج.

يعني: لو أن الشيطان أدخل بينهم الخلاف فلربما قتلوا أنفسهم في هذه الطاعة، فـ عثمان لما صلى بالناس أربعاً وافقه المخالفون له عملياً بالصلاة خلفه.

ونحن لما اعتمرنا في عام من الأعوام مع شيخنا الألباني عليه رحمة الله أراد أن يصلي ركعتين في وادي عرنة، ووادي عرنة عند جماهير العلماء ليس من عرفة إلا مالكاً فإنه يقول: وادي عرنة من عرفة، والنبي عليه الصلاة والسلام لما قدم إلى هذا الوادي صلى فيه ركعتين، ثم وقف في عرفة، وهذا الوادي هو مقدم مسجد نمرة الذي فيه المنبر الذي يصعد عليه الخطيب في يوم عرفة ويخطب الناس.

والوادي الذي صلى فيه النبي عليه الصلاة والسلام قبل المنبر مباشرة، يعني: قبل جدار المسجد.

ونمرة طويل جداً كما أنه عريض، والثلث الأول من المسجد الذي فيه المنبر هو في وادي عرنة أو على مشارف عرنة، فالذي يصلي في ثلث المسجد الأول فكأنه صلى في وادي عرنة، والذي يصلي خارج المسجد فكذلك يصلي في وادي عرنة.

فاختلفنا فمنا من قال: نصلي في الوادي نفسه ولا ندخل المسجد، ومنا من قال: بل ندخل المسجد فثلث المسجد في الوادي، والذي يصلي في الثلث الأول فكأنه صلى في الوادي، يعني: أننا متفقون على أن الثلث الأول من الوادي، فلو أننا صلينا معهم فنحن متفقون، وهذا هو الأكمل؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم لم يصل الركعتين في المسجد وإنما صلاهما في الوادي.

فتمسك أناس بأن الثلث الأول من المسجد من وادي عرنة ولابد من الصلاة في المسجد، فافترقنا وقلوبنا متغيرة، وكل واحد مخالف لأخيه وحاقد عليه، وصارت خصومات في الشام استمرت سنوات.

ولما نأتي نعرض موقفنا هذا على موقف عثمان وعلي رضي الله عنهما، أو على موقف أبي موسى الأشعري وعمر بن الخطاب نجدنا أننا لسنا متفقين أبداً، ولا ننفع في شيء أبداً.

وقد أصل بعض أهل العلم أننا نعمل سوياً ونتحد فيما اتفقنا عليه ويعذر بعضنا بعضاً فيما اختلفنا فيه.

وهذا كلام جميل جداً ويشهد له القرآن والسنة وفعل السلف، ولكنه يحتاج إلى ضبط، وضبطه أننا نعمل سوياً فيما اتفقنا عليه؛ لأنه لا خلاف حينئذ، ولكن الذي اختلفنا فيه لا يعذر بعضنا بعضاً فيه مطلقاً، فمن الخلاف ما يمكن أن يعذر فيه صاحبه، ومنه ما لا يمكن أن يعذر صاحبه، فالذي يختلف معي في أصل الدين ويقول: إن أبا بكر وعمر هما الجبت والطاغوت أختلف معه ولا أعذره.

فالجملة الأخيرة جملة مطاطة تحتاج إلى ضبط، والصحيح أن نقول: يعذر بعضنا بعضاً فيما اختلفنا فيه إذا كان هذا الأمر المختلف فيه قد اختلف فيه سلفنا رضي الله عنهم، يعني: إذا كان الخلاف في المسألة معتبراً.

وأما إذا كانت المسألة في أصول الدين وأصول الاعتقاد فلا يمكن أبداً العذر فيها.

وعثمان وعلي توافقا في أمر شرعي، وفي مكان محرم فاتفقا حتى لا تحدث فتنة بين الأتباع.

واليوم لا أحد يعرف تمتع أو قران، وإنما يذهبون إلى مكة لابسين ملابس الإحرام.

ص: 13