الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
باب الصداق
هو بفتح الصاد وكسرها، وأصله من الصدق؛ لإشعاره بصدق رغبة الزوج في الزوجة. ويقال: صدق (أ) بفتح الصاد وضم الدال، (ب وبضم الصاد وإسكان الدال ب)، وبفتحهما، وبضمهما، وبالفتح وسكون الدال، فهذه سبع لغات، وله ثمانية أسماء مجموعة في قوله (1):
صداق ومهر نحلة وفريضة
…
حِباء وأجر ثم عُقْر علائق
قال الله تعالى: {وَآتُوا النِّسَاءَ صَدُقَاتِهِنَّ} (2). وقال: {عَلَى أَنْ تَأْجُرَنِي ثَمَانِيَ حِجَجٍ} (3). وكان الصداق في شرع من قبلنا للأولياء، كما قاله صالحب "المستعذب على المذهب".
848 -
وعن أنس رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه أعتق صفية وجعل عتقها صداقها. متفق عليه (4).
(أ) كذا في النسخ. ولعل الصواب: صدقة. وينظر تاج العروس (ص د ق)، والمبدع لابن مفلح 7/ 130.
(ب- ب) ساقطة من: جـ.
_________
(1)
ناظم البيت هو أبو إسحاق برهان الدين بن مفلح الحنبلي. المبدع 7/ 130.
(2)
الآية 4 من سورة النساء.
(3)
الآية 27 من سورة القصص.
(4)
البخاري، كتاب النكاح، باب من جعل عتق الأمة صداقها 9/ 129 ح 5086، ومسلم، كتاب النكاح، باب فضيلة إعتاقه أمته ثم يتزوجها 2/ 1045 ح 85 - 1365.
قوله: أنس (أ) أعتق صفية. هي أم المؤمنين صفية بنت حُيّيِّ بن أخطب من سبط هارون بن عمران عليه السلام، وأمها ضَرَّة بنت سَمَوْءل، كانت تحت كنانة بن أبي الحُقَيْق، وقتل يوم خيبر في المحرم سنن سبع، ووقعت في السبي فاصطفاها رسول الله صلى الله عليه وسلم فأعتقها وتزوجها وجعل عتقها صداقها، وماتت سنة خمسين، وقيل: سنة اثنتين وخمسين. وقيل غير ذلك، ودفنت (ب في البقيع ب)، وروى عنها أنس بن مالك وابن عمر ومسلم بن صفوان. وحيي بضم الحاء المهملة وفتح الياء تحتها نقطتان وتشديد الأخرى. وأخْطَب، بفتح الهمزة وسكون الخاء المعجمة وفتح الطاء المهملة والباء الموحدة، وضَرَّة، بفتح الضاد المعجمة وتشديد الراء. وسَمَوْءل، بفتح السين المهملة وفتح الميم وسكون الواو وفتح الهمزة وباللام. والحُقَيْق، بضم الحاء المهملة وفتح القاف الأولى وسكون الياء تحتها نقطتان.
وفي قوله: جعل عتقها صداقها. دلالة على أنه يصح أن يجعل العتق مهرًا؛ وصورة ذلك الصحيحة، أن تقول: قد جعلت عتقك مهرك فأنت حرة على أن يكون العتق مهرك (جـ). [أو: أعتقتك على أن تزوجيني نفسك، ويكون العتق مهرك](د). أو: أنت حرة بشرط أن يكون العتق مهرك. ثم تَقبل في المجلس، ثم يقول: تزوجتك به. وروى عن طاوس أنه لا يحتاج إلى التزويج بعد ذلك ويصح أن يتولى الطرفين إذا كان هو الولي وإن كان لها
(أ) ساقطة من: ب.
(ب- ب) في ب، جـ: بالبقيع.
(جـ) في ب، جـ: مهرا.
(د) ساقط من: الأصل.
عصبة أحرار كان العقد إلى الولي وكذا إذا قال: أعتقتك على أن يكون العتق مهرك. فقبلت ثم يقول: تزوجتك به، وإذا امتنعت من قبول العتق لم يصح العتق ولا التزويج، وإذا امتنعت من النكاح [نفذ] (أ) العتق ولزمها السعاية في قيمتها إذ لم يعتق (ب) إلّا بعوض. وقال مالك وزُفَر: لا يلزم إذ لا دليل. وجوابه القياس على سائر المتلفات عند تعذر الرجوع بالعين، وأما إذا قال: أعتقتك وجعلت عتقك مهرك. أو: أنت حرة وعليك أن تزوجيني نفسك. أو: أشرط عليك أن تزوجي بي (جـ). فتعتق ولا يلزمها أن تزوج به ولا تسعى. والحيلة في إلزامها التزويج أن يقول: إن علم الله أني إذا أعتقتك تزوجتك فأنت حرة على أن يكون العتق مهرك. وتقبل ثم يتزوجها فيصح (د إذ ينكشف د) تقدم الحرية. فإن امتنعت بطل العتق، وهذا الحكم ذهب إليه العترة جميعًا والثوري وسعيد بن المسيب وإبراهيم النخعي وطاوس والزهري وأبو يوسف وأحمد وإسحاق.
وذهب الجمهور إلى أنه لا يصح أن يكون العتق مهرًا، وأنه إذا فعل مثل ذلك استحقت عليه مهر المثل إذ صارت حرة فلا يستباح وطؤها إلّا بالمهر. وفي نص الشافعي أن من أعتق أمته على أن يتزوجها فقبلت عتقت ولم يلزمها أن تتزوج به، لكن يلزمها له قيمتها؛ لأنه لم يرض بعتقها مجانا فصار كسائر الشروط الفاسدة، فإن رضيت وتزوجته على مهر
(أ) في الأصل: جـ: بعد.
(ب) في جـ: تعتق.
(جـ) زاد في الأصل: في.
(د- د) في جـ: إذا انكشف.
يتفقان عليه، كان لها (أ) ذلك المسمى، وعليها له قيمتها، فإن اتحدا تقاصا. وأجابوا عن ظاهر الحديث بأجوبة أقربها إلى لفظ الحديث، أنه أعتقها بشرط أن يتزوجها فوجب له عليها قيمتها وكانت معلومة فتزوجها بها. وفي حديث أنس أخرجه البخاري (1) في باب المغازي بلفظ: ثم تزوجها وجعل عتقها صداقها. قال عبد العزيز راويه، فقال ثابت لأنس بعد أن روى هذا الحديث: ما أصدقها؟ قال: نفسها فأعتقها. وهذا الحديث ظاهر في أن المجعول مهرًا هو العتق، ويحتمل ما ذكر في التأويل. فقوله: نفسها. أي عِوض نفسِها، وهو قيمتها. وأجاب بعضهم بأن هذا من خصائص النبي صلى الله عليه وسلم، جعل العتق صداقًا، وجزم به الماوردي (2). وقال بعضٌ: معنى الحديث أنه أعتقها ثم تزوجها، فلما لم يعلم أنه ساق إليها [صداقًا] (ب) قال: أصدقها نفسها. أي لم يصدقها شيئًا فيما أعلم. ولم ينف أصل الصداق، ولذلك قال أبو الطيب [الطبري] (جـ) من الشافعية وابن المرابط من المالكية ومن تبعهما: إنه من قول أنس قاله تَظَنُّنًا من قِبلِ نفسه، ولم يرفعه. وقد يتأيد هذا [بما] (د) أخرجه البيهقي (3) من حديث أميمة -ويقال: أمة الله- بنت رَزِينة عن
(أ) ساقطة من: ب.
(ب) في الأصل: صداقها.
(جـ) في النسخ: والطبري. والمثبت هو الصواب، وينظر الفتح 9/ 129.
(د) في الإصل: إنما.
_________
(1)
البخاري 7/ 469 ح 4200، 4201.
(2)
الفتح 9/ 129.
(3)
البيهقي 7/ 128، 129.
أمها أن النبي صلى الله عليه وسلم أعتق صفية وخطبها وتزوجها وأمهرها [رَزِينة](أ)، وكان أتى بها سَبِيَّة من قريظة والنضير. وهذا الحديث ضعيف الإسناد لا تقوم به حجة، ومُعارَض بما أخرجه الطبراني (1) وأبو الشيخ (2) من حديث صفية نفسها قالت: أعتقني النبي صلى الله عليه وسلم وجعل عتقي صداقي. وهذا موافق لحديث أنس، وفيه رد على من قال: إن أنسًا قال ذلك بناء على ما ظنه، ثم إن هذا الحديث خالف ما عليه كافة أهل السير، أن صفية من سبي خيبر. ويحتمل أن يكون أعتقها بشرط أن ينكحها بغير مهر، فلزمها الوفاء بذلك، وهذا خاص [بالنبي] (ب) صلى الله عليه وسلم دون غيره. قال ابن الصلاح (2): معنى الحديث أن العتق حل محل الصداق وإن لم يكن صداقًا. قال: وهذا كقولهم: الجوع زاد من لا زاد له. قال: وهذا الوجه أصح الأوجه وأقربها إلى لفظ الحديث. وتبعه النووي في "الروضة"(3)، وممن جزم بأن ذلك خاص بالنبي صلى الله عليه وسلم، يحيى بن أكثم فيما أخرجه البيهقي (4) قال: وكذا نقله المزني عن الشافعي. وقال: وموضع الخصوصية أنه أعتقها مطلقا وتزوجها بغير مهر ولا ولي ولا شهود، وهذا بخلاف غيره. ويتقوى دعوى الخصوصية بكثرة خصوصيات النبي صلى الله عليه وسلم
(أ) في الأصل: دويبة.
(ب) في الأصل: في النبي.
_________
(1)
الطبراني 24/ 73، 74 ح 194.
(2)
الفتح 9/ 129.
(3)
الروضة 7/ 10، 11. وينظر صحيح مسلم بشرح النووي 10/ 221.
(4)
البيهقي 7/ 128.
في النكاح، والملجئ للجمهور إلى ما ذكر من التأويل معارضة القياس للواقعة المذكورة. ويتقرر القياس بوجهين؛ أحدهما، أن عقدها على نفسها إما أن يقع قبل عتقها وهو محال لتناقض الحكمين؛ الحرية والرق، فإن الحرية حكمها الاستقلال، والرق ضده، وأما بعده فذلك غير لازم لها، وقد أزال جواز إجبارها بعتقها. الوجه الثاني، أنا إذا جعلنا العتق صداقًا إما (أ) أن يتقرر [العقد](ب) حالة الرق، وهو محال لتناقضهما، أو حالة الحرية فيلزم سَبْقيتها (جـ) على العقد، فيلزم وجود العتق حالة فرض عدمه وهو محال؛ لأن الصداق لا بد أن يتقدم تقرره على الزوج إما نصًّا وإما حكمًا، حتى تملك الزوجة طلبه، ولا يتأتى مثل ذلك في العتق فاستحال أن يكون صداقًا. والجواب عن الوجه الأول، بأن العقد يكون بعد العتق، وإذا امتنعت من العقد لزمها السعاية بقيمتها ولا محذور في ذلك. وعن الوجه الثاني بأن [العتق](د) هو منفعة تصح المعاوضة عنها، والمنفعة إذا كانت كذلك صح العقد عليها مثل سُكنى الدار وخدمة الزوج ونحو ذلك، ومثل هذه المناسبات لا تعارض القصة المذكورة وهي أيضًا منابذة بما أخرجه الطحاوي (1) من طريق نافع عن ابن عمر أن النبي صلى الله عليه وسلم جعل
(أ) في ب، جـ: فإِما.
(ب) ساقطة من: الأصل.
(جـ) في جـ: سبقيتهما. وزاد بعده في الأصل: العقد.
(د) في الأصل: المعتق.
_________
(1)
شرح معاني الآثار 3/ 20.
عتق جويرية بنت الحارث (أالقرظية النضرية أ) صداقها. وأخرج أبو داود (1) من طريق عروة عن عائشة في قصة جويرية أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لها لا جاءت تستعين به في كتابتها: "هل لك أن أقضي (ب) كتابتك وأتزوجك". قالت: قد فعلت. وقد استشكله ابن حزم (2) بأنه يلزم منه إذا (جـ) كان أدى عنها (د) كتابتها أن يصير ولاؤها لمكاتبها. وأجيب بأنه ليس في الحديث تصريح بذلك. فيحتمل أن يكون النبي صلى الله عليه وسلم عوّض ثابت بن قيس عنها فصارت له فأعتقها وتزوجها كما صنع في قصة صفية، أو يكون ثابت وهبها [للنبي] (هـ) صلى الله عليه وسلم لما بلغه رغبته فيها. ولا يقال: إن ثواب العتق عظيم لا ينبغي أن يُفَوَّت في جعله مهرًا وكان يمكن جعل المهر غيره، ويجاب بأنه في حق صفية يجوز أن يكون مهرها الذي تطيب به نفسها [شيئًا كثيرًا](و) يعتاده مثلها؛ لأنها من بيت المُلك ولم يكن كذلك عند النبي صلى الله عليه وسلم، فجعل صداقها نفسها، وذلك عندها أشرف من المال الكثير. والله أعلم.
849 -
وعن أبي سلمة بن عبد الرحمن أنه قال: سألت عائشة
(أ- أ) كذا في النسخ، وجويرية بنت الحارث أم المؤمنين خزاعية مصطلقية وليست قرظية نضرية.
ينظر أسد الغابة 7/ 56، والإصابة 7/ 565.
(ب) زاد في الأصل: عليك، وفي جـ عنك.
(جـ) في ب، جـ: إن.
(د) ساقطة من: ب.
(هـ) في الأصل: النبي.
(و) في الأصل، ب: شيء كثير.
_________
(1)
أبو داود 4/ 21 ح 3931.
(2)
المحلى 11/ 115.
رضي الله عنها زوج النبي صلى الله عليه وسلم: كم كان صداق رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ قالت: كان صداقه لأزواجه اثنتي (أ) عشرة أوقية ونَشًّا. قالت: أتدري ما النَّش؟ قال (ب): لا. قالت: نصف أوقية، فتلك خمسمائة درهم، فهذا صداق رسول الله صلى الله عليه وسلم لأزواجه. رواه مسلم (1).
هو أبو سلمة عبد الله بن عبد الرحمن بن عوف الزهري القرشي المدني، أحد الفقهاء السبعة المشهورين بالفقه بالمدينة في قولٍ، من مشاهير التابعين وأعلامهم، ويقال: إن اسمه كنيته، وهو كثير الحديث واسع الرواية، سمع ابن عباس وأبا هريرة وابن عمر وعائشة وغيرهم، روى عنه الزهري، [ويحيى بن أبي كثير](جـ)، ويحيى بن سعيد الأنصاري والشعبي ومحمد بن إبراهيم بن الحارث، مات سنة أربع وتسعين، وقيل: سنة أربع ومائة. وله اثنتان وسبعون سنة، وفي [قولٍ](د) عِوَضَ (2) أبي سلمة، أبو بكر بن عبد الرحمن بن الحارث بن هشام بن المغيرة بن عبد الله بن عمر (هـ) بن مخزوم القرشي المخزومي، أحد الفقهاء السبعة بالمدينة، كنيته اسمه، ومولده (و)،
(أ) في ب، جـ: اثني.
(ب) زاد في جـ: قلت.
(جـ) ساقط من: الأصل.
(د) في الأصل: قوله.
(هـ) في ب: عمرو. وينظر تهذيب الكمال 33/ 112.
(و) بعده بياض في النسخ بقدر كلمة، وفي مصدر التخريج: ومولده في خلافة عمر بن الخطاب.
_________
(1)
مسلم، كتاب النكاح، باب الصداق وجواز كونه تعليم قرآن 2/ 1042 ح 1426/ 78.
(2)
عوض: بدل. المصباح المنير (ع وض).
وتوفي سنة ستين (أ). كذا ذكره ابن خلكان (1).
قوله: أُوقيَّة. هي بضم الهمزة وتشديد الياء، والمراد أوقية الحجاز، وهي أربعون درهمًا، والنَّشُّ بفتح النون والشين المعجمة المشددة. وقد استدل بهذا أصحاب الشافعي على أنه يستحب كون الصداق خمسمائة درهم كما كان إصداقه صلى الله عليه وسلم لنسائه (ب)، وأما أم حبيبة زوج النبي صلى الله عليه وسلم ورضي الله عنها فكان صداقها أربعة آلاف درهم، وأربعة (جـ) آلاف دينار (2)، ولكن هذا لم يكن منه صلى الله عليه وسلم، وإنما تبرع به النجاشي من ماله إكرامًا لرسول الله صلى الله عليه وسلم، ولم يكن بأمر من النبي صلى الله عليه وسلم ولا عقد به، وكذا صفية كان صداقها عتقها، وكذا جويرية، وكذلك خديجة لم يكن مهرها كذلك (3)، ولعله بنى على الأكثر، ولا حد لأكثره، بحيث تبطل الزيادة [إجماعًا] (د)؛ لقوله تعالى:{وَآتَيْتُمْ إِحْدَاهُنَّ قِنْطَارًا} (4). وقد اختلفوا
(أ) كذا في النسخ. والذي في مصدر التخريج: سنة أربع وتسعين. وينظر تهذيب الكمال 33/ 116.
(ب) ساقطة من: ب.
(جـ) كذا في: النسخ، ولعل الصواب: أو أربعة. وينظر مصادر التخريج. وفي صحيح مسلم بشرح النووي 9/ 215: أربعة آلاف درهم وأربعمائة دينار.
(د) ساقط من: الأصل.
_________
(1)
وفيات الأعيان 1/ 282.
(2)
أحمد 6/ 427، وأبو داود 2/ 241 ح 2107، والنسائي 6/ 119 من حديث أم حبيبة.
(3)
ينظر سيرة ابن هشام 1/ 190.
(4)
الآية 20 من سورة النساء.
في تفسير القنطار؛ فقال معاذ بن جبل (1): ألف ومائتا أوقية [ذهبًا](أ). وقال أبو سعيد الخدري (2): هو ملء مسك ثور ذهبًا. [وقال ابن عباس من أهل اللغة: سبعون ألف مثقال](ب). وقال أبو صالح (3): مائة رطل ذهبًا. [وقد](جـ) أراد عمر رضي الله عنه قصر أكثره على قدر مهور أزواج النبي صلى الله عليه وسلم وردَّ الزيادةِ إلى بيت المال، فردت عليه امرأة محتجة (د) بقوله تعالى:{وَآتَيْتُمْ إِحْدَاهُنَّ قِنْطَارًا} . فرجع وقال: كلكم أفقه من عمر (4). وقال الإمام يحيى: في تقدير أكثر المهر روايات، أربعون ألف درهم. كما أصدق عمر أم كلثوم بنت علي، وقيل: عشرة آلاف. كما أصدق ابن (هـ) عمر بنات أخيه عبيد الله، وقيل: مائة ألف درهم. كما أصدق الحسن بعض أزواجه، وقيل: مائة ألف مثقال. كما أصدق مصعب سكينة بنت الحسين، وقيل عائشة بنت طلحة. وقيل: أربعمائة مثقال. كما أصدق النبي صلى الله عليه وسلم أم حبيبة بنت أبي سفيان. ولعل الإمام يحيى أراد بذلك أنه تكره
(أ) ساقط من: الأصل.
(ب) كذا في: النسخ. ولعل في الجملة سقطًا. وينظر تفسير القرطبي 4/ 31.
(جـ) في الأصل: وقال.
(د) في جـ: تحتجه.
(هـ) سقط من: جـ.
_________
(1)
الدارمي 2/ 468، وابن جرير في تفسيره 3/ 199.
(2)
ابن أبي حاتم في تفسيره 2/ 608، 609 ح 3259.
(3)
ابن جرير في تفسيره 3/ 201، وابن أبي حاتم في تفسيره 2/ 608 ح 3258.
(4)
سيأتي ص 279، 280.
الزيادة على ما فعله السلف لا أن الزائد لا يلزم.
850 -
وعن ابن عباس رضي الله عنه قال: لما تزوج علي فاطمة رضي الله عنهم قال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أعطها شيئًا". قال: ما عندي شيء. قال: "فأين درعك الحطمية؟ ". رواه أبو داود والنسائي وصححه الحاكم (1).
فاطمة رضي الله عنها ولدتها خديجة وقريش تبني البيت قبل النبوة بخمس سنين، وقيل: سنة إحدى وأربعين من الفيل. وهي أصغر بناته في قولٍ، وهي سيدة نساء العالين تزوجها على في السنة الثانية من الهجرة في شهر رمضان وبنى عليها في ذي الحجة. وقيل: تزوجها في رجب. وقيل: في صفر. وقيل: بعد غزوة أحد. فولدت له الحسن والحسين والمحسن وزينب ورقية وأم كلثوم، وماتت بالمدينة بعد موت النبي صلى الله عليه وسلم بستة أشهر. وقيل: بثلاثة. ولها ثمان وعشرون سنة. وقيل: تسع (أ) وعشرون. وأهل البيت يقولون: ثماني عشرة. وغسلها علي وصلى عليها، [ودفنت](ب) ليلًا. روى عنها علي بن أبي طالب وابناها الحسن والحسين وابن عباس وابن مسعود وعائشة وأم سلمة وأسماء بنت عميس.
ظاهر هذه الرواية أنه لم يكن مهر مذكور مسمًّى عند العقد وإن كان
(أ) في جـ: سبع.
(ب) في الأصل: وتوفيت.
_________
(1)
أبو داود، كتاب النكاح، باب الرجل يدخل بامرأته قبل أن ينقدها شيئًا 2/ 247 ح 2125، والنسائي، كتاب النكاح، باب تحلة الخلوة 6/ 130.
يحتمل أنه تسمى المهر عند العقد وتأجل به، ولكنه صلى الله عليه وسلم أمره بتقديم شيء منه ليكون ذلك آنس للزوجة وأجمل لها عند النساء، كما ذلك معروف.
وقوله: "الحُطَمية". بضم الحاء المهملة وفتح الطاء المهملة، منسوب إلى الحُطَم، سميت بذلك لأنها تحطم السيوف، أي تكسرها. وقيل: العريضة الثقيلة. وقيل: منسوبة إلى بطن من عبد القيس، يقال لهم: حُطَمة بن محارب. كانوا يعملون الدروع، وهذا أشبه الأقوال. ذكره في "النهاية"(1). وذكر الإمام المهدي في "البحر"(2)، أن مهر فاطمة رضي الله عنها اثنتا عشرة أوقية، قيمتها أربعمائة وثمانون درهمًا، وقيل: باع عليٌّ راحلته بمائة وأربعين درهمًا، ودرعه بثمانيةٍ وستين درهمًا. والله أعلم.
851 -
وعن عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جده قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أيما امرأة نكحت على صداق أو حباءٍ أو عدة قبل عصمة النكاح فهو لها، وما كان بعد عصمة النكاح فهو لمن أعطيه، وأحق ما أكرم الرجل عليه ابنته أو أخته". رواه أحمد والأربعة إلا الترمذي (3).
الحديث من رواية عمرو بن شعيب، وقد يضعف (أ) بأنه وجده من صحيفة، وفيه دلالة على أن ما سماه الزوج قبل عقد النكاح فهو للزوجة وإن
(أ) في جـ: تضعفت.
_________
(1)
النهاية 1/ 402.
(2)
أحمد 2/ 182، وأبو داود، كتاب النكاح، باب الرجل يدخل بامرأته قبل أن ينقدها شيئًا 2/ 247 ح 2129، والنسائي، كتاب النكاح، التزويج على نواة من ذهب 6/ 120، وابن ماجه، كتاب النكاح، باب الشروط في النكاح 1/ 628 ح 1955.
(3)
البحر 4/ 101.
كان تسميته لغيرها من أب أو أخ. وكذلك ما كان عند العقد وأن النكاح صحيح. وقد ذهب إلى هذا الهادي وأبو طالب، وهو مذهب مالك، وهو قول عمر بن عبد العزيز (1) والثوري وأبي عبيد، وذهب أبو حنيفة وأصحابه إلى أن الشرط لازم، والصداق صحيح، وذهب الشافعي إلى أن تسمية المهر تكون فاسدة، ولها صداق المثل. قال في " [نهاية] (أ) المجتهد" (1): وسبب اختلافهم تشبيه النكاح في ذلك بالبيع، فمن شبهه بالوكيل يبيع السلعة ويشرط لنفسه حباء قال: لا يجوز النكاح كما لا يجوز البيع. ومن جعل النكاح في ذلك مخالفًا للبيع قال: يجوز. وأما تفريق مالك فلأنه اتهمه إذا كان الشرط في عقد النكاح، أن يكون ذلك [الذي](ب) اشترط لنفسه نقصانا من صداق مثلها، ولم يتهمه إذا كان بعد انعقاد النكاح والاتفاق على الصداق. انتهى. وقال الإمام المهدي في "البحر": إن المرأة تستحق ما شرط مع مهرها لغيرها، إذ هو عوض بضعها، فإن تبرعت به من بعد، جاز.
قال في "شرح البحر": وهو قديم قولي الشافعي. واختاره الإمام يحيى وقال في "الكافي": إن هذا القول خلاف الإجماع. والصحيح أن ما شرطه الولي لنفسه سقط (جـ). قال: وعليه عامة السادة والفقهاء. انتهى (د).
(أ) في الأصل: غاية.
(ب) ليس في النسخ. والمثبت من مصدر التخريج.
(جـ) في جـ: يسقط.
(د) زاد في ب، جـ: ثم.
_________
(1)
بداية المجتهد ونهاية المقتصد 2/ 21.
قال الشافعي، يعني في (أخير قوليه أ): بل تفسد التسمية بذلك، إذ جعله لغيرها خلاف موجب التسمية فأفسدها. قلنا: لا جهالة فيه تقتضي الفساد (ب). أبو يوسف: إن شرط للزوج أو لمن يختص بالزوجة كالأب، صح ولزم، إذ هو في حق الزوج حظ، وفي حق قرابتها صلة منها. محمد (جـ): أو (د) شرط للزوج صح، إذ هو حظ. قلنا: جعله عوض بضعها يقتضي كونه لها، فلا وجه لما قالوا. انتهى. وهذا التعليل الأول (هـ) وهو قوله: إذ هو عوض بضعها. هو محصول قول صاحب "نهاية المجتهد"(1): فلأنه اتهمه. إلخ. إلا أن الإمام جزم بأن ذلك لما كان مع المهر فهو داخل فيه، فكان لها، ولو ذكر للغير، وهو خلاف الظاهر مع استيفائها المهر وذكره للغير، وصاحب "النهاية" لم يجزم بذلك، وإنما هو يتّهم (و) أن ذلك من جملة المهر، واشترطه لنفسه، ونقص من مهر المثل، فكان في جعله لها سدًّا لذريعة التحيل على مهرها. وأما تفصيل أبي يوسف، فإذا كان الشرط للزوج فهو حظ من المهر؛ لأنه لا يثبت له على نفسه دين يطالب به، ولا معنى لاشتراطه لنفسه إلا عدم لزومه له، فيكون حظًّا. وأما إذا كان لقرابة
(أ- أ) في جـ: آخر قوله.
(ب) زاد في جـ: و.
(جـ) ساقط من: جـ.
(د) في ب: إن.
(هـ) بعده في جـ: يفهم.
(و) في ب، جـ: متهم.
_________
(1)
الهداية تخريج بداية المجتهد 6/ 419 - 421.
الزوجة فهو صلة لهم، وقد ندب إلى ذلك النبي صلى الله عليه وسلم كما في قوله:"وأحق ما أكرم الرجل عليه" الحديث. ثم قال في "البحر"(1): محمد: إن شرط للزوج صح، إذ هو حطٌّ. قلنا: جعله عوض بضعها يقتضي كونه لها، فلا وجه لما قالوا. انتهى. هذا قد عرفت ما عليه فتنبه. ثم قال: فرع: فإن شرط قبل العقد فرشوة. يعني حيث امتنع من التزويج إلا به، إذ هو على واجب، وبعده صلة حلال؛ لقوله صلى الله عليه وسلم:"أحق ما أكرم الرجل علي بنته وأخته". انتهى. وظاهر الحديث أن هذا تستحقه الزوجة؛ لأنه قبل عصمة النكاح، وأما بعده فهو صلة، إلا أن يمتنع الولي من تسليم الزوجة إلا به، فإنه يكون حرامًا؛ لأنه في مقابلة واجب، فهو رشوة، وأما ما يكون في العرف يسلم لإتلافه، كالطعام ونحوه، فإن شرط في العقد كان مهرًا، وما يسلم (أ) قبل العقد يكون إباحة يصح الرجوع فيه مع بقائه، إذا كان في العادة يسلم للتلف، وإن كان يسلم للبقاء رجع في قيمته بعد تلفه، إلا أن يمتنعوا من زواجته، رجع بقيمته في الطرفين جميعًا، وإذا ماتت الزوجة أو امتنع هو من التزوج (ب) كان له الرجوع فيما بقي وفيما سلم للبقاء وفيما أُتلف قبل الوقت الذي يعتاد التلف فيه، لا (جـ) فيما عدا ذلك، وما سلمه بعد العقد، هبة أو هدية، على حسب الحال، أو رشوة إن لم تسلم إلا به، وإذا كان الطعام الذي يفعل في وليمة العرس مما ساقه الزوج إلى ولي الزوجة، وكان مشروطًا مع العقد لصغيرة وفعل ذلك، جاز التناول منه لمن يعتاد لمثله، كالقرابة
(أ) في ب، جـ: سلم.
(ب) في جـ: التزويج.
(جـ) في جـ: إلا.
_________
(1)
البحر 4/ 113.
وغيرهم، لأن الزوج إنما شرطه وسلمه ليُفعل لذلك، لا ليبقى ملكًا للزوجة، والعرف معتبر في هذا، وكذا الكبيرة، ولا يعتبر رضاها في إتلافه.
وقوله في الحديث: "على صداق". المراد به المهر.
وقوله: "أو حِباء". بكسر المهملة والباء المنقوطة بواحدة من أسفل والمد، المراد به العطة للغير أو للزوجة زائدًا على المهر.
وقوله: "أو عدة". المراد بها ما وعد الزوج بتسليمه وإن لم يكن حاضرًا عند العقد. والله أعلم.
852 -
وعن علقمة، عن ابن مسعود، أنه سئل عن رجل تزوج امرأةً ولم يفرض لها صداقًا، ولم يدخل بها حتى مات. فقال ابن مسعود: لها مثل صداق نسائها، لا وكس ولا شطط، وعليها العدة، ولها الميراث. فقام معقل بن سنان الأشجعي فقال: قضى رسول الله صلى الله عليه وسلم في بروع بنت واشق، امرأة منا، مثل ما قضيت. ففرح بها ابن مسعود. رواه أحمد، والأربعة (1)، وصححه الترمذي وجماعة.
هو علقمة بن قيس أبو شبل بن مالك من بني بكر بن النخع النخعي،
(1) أحمد 3/ 480، وأبو داود، كتاب النكاح، باب فيمن تزوج ولم يسم صداقًا حتى مات 2/ 243، 244 ح 2115، والترمذي، كتاب النكاح، باب ما جاء في الرجل يتزوج المرأة فيموت عنها قبل أن يفرض لها 3/ 450 ح 1145، والنسائي، كتاب النكاح، باب إباحة التزويج بغير صداق 6/ 121، وابن ماجه، كتاب النكاح، باب الرجل يتزوج ولا يفرض لها فيموت على ذلك 1/ 609 عقب ح 1891.
روى عن عمر وعبد الله بن مسعود، روى عنه إبراهيم والشعبي وابن سيرين، وهو تابعي مشهور كبير، اشتهر بحديث ابن مسعود وصحبته، وهو عم الأسود النخعي، و (أ) مات سنة إحدى وستين (1).
قوله في الحديث: لا وكس. بفتح الواو وسكون الكاف وبالسين المهملة، أي: لا نقص عليها في مهرها (ب).
ولا شطط. بفتح الشين المعجمة وبالطائين المهملتين، أي: لا زيادة لها في المهر على نسائها.
الحديث صححه أيضًا ابن مهدي، وقال ابن حزم: لا مغمز فيه لصحة إسناده. وكذا قال البيهقي في "الخلافيات"، وقال الشافعي (2) لا أحفظه من وجه يثبت مثله. وقال: لو ثبت حديث بروع لقلت به.
وقال الشافعي في "الأم"(2) في هذا الحديث: فإن كان ثبت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم فهو أولى الأمور، ولا حجة في قول أحد دون النبي صلى الله عليه وسلم وإن كبر، ولا شيء في قوله إلا طاعة الله بالتسليم له، ولم أحفظه عنه من وجه يثبت مثله؛ مرة يقال: عن معقل بن سنان، ومرة: عن معقل بن يسار، ومرة:
(أ) ساقط من: ب، جـ.
(ب) في ب، جـ: مهر نسائها.
_________
(1)
ينظر تهذيب الكمال 20/ 300.
(2)
الأم 5/ 68.
عن بعض أشجع، لا يسمى. هذا تضعيف الشافعي له بالاضطراب، وضعفه الواقدي بأنه حديث ورد إلى المدينة من أهل الكوفة فما عرفه علماء المدينة. وقد روي عن علي رضي الله عنه رده (أ) بأن (ب) معقل بن سنان أعرابي بوَّال على عقبيه. وأجيب عن ذلك، أما الاضطراب فهو غير قادح، فإنه متردد بين صحابي وصحابي (جـ)، ومثل هذا غير قادح، وأما الجهالة لكونه بعض أشجع فكذلك؛ لأنهم صحابة، ولا يضر جهالة الصحابة، مع أن رواية بعض أشجع قد فسرت بالرواية بمعقل، فقد تبين المبهم، وأما عدم معرفة علماء المدينة له فلا يضر ذلك مع عدالة الراوي. وأمَّا ما روي عن علي رضي الله عنه فلم يصح ذلك عنه، كذا ذكره في "البدر المنير" (1). وروى الحاكم في "المستدرك" (2): سمعت أبا عبد الله محمد بن يعقوب يقول: سمعت الحسن بن (د) سفيان يقول: سمعت حرملة بن يحيى قال: سمعت الشافعي يقول: إن صح حديث بروع بنت واشق قلت به. قال الحاكم: قلت: قد [صح](هـ) الحديث فقل به. وذكر الدارقطني الاختلاف فيه في "العلل"(3) ثم
(أ) في ب: زيادة، وفي جـ: أنه رده.
(ب) في جـ: فإن.
(جـ) في ب: غير صحابي.
(د) زاد في جـ: أبي. وينظر السير 14/ 157.
(هـ) في الأصل: صلح.
_________
(1)
ينظر خلاصة البدر 2/ 205 ح 2007، والتلخيص الحبير 3/ 191، 192.
(2)
المستدرك 2/ 180.
(3)
علل الدارقطني 5/ 11 أ- مخطوط.
قال: وأحسنها إسنادًا حديث قتادة إلا أنه لم يحفظ اسم الصحابي.
قال المصنف (1) رحمه الله: وطريق قتادة عند أبي داود وغيره، وله شاهد من حديث عقبة بن عامر، أن النبي صلى الله عليه وسلم زوج امرأةً رجلًا فدخل بها ولم يفرض لها صداقًا، فحضرته الوفاة فقال: أشهدكم أن سهمي بخيبر لها. الحديث أخرجه أبو داود والحاكم (2). انتهى.
الحديث فيه دلالة على أن المرأة تستحق كمال المهر وإن لم يسم لها الزوج، بالموت (أ)، وإن لم يدخل بها الزوج ولا خلا بها، والذي تستحقه مهر المثل.
وقد ذهب إلى هذا ابن مسعود، وأبو حنيفة وأصحابه، وابن شبرمة، وابن أبي ليلى، وإسحاق بن راهويه، وأحمد، للحديث المذكور (3). وقد قال به ابن مسعود اجتهادًا، فوافق الدليل، ولأن الموت كالدخول. وذهب علي، وابن عباس، وابن عمر، وزيد بن ثابت (4)، والهادي، ومالك وأصحابه، والأوزاعي، وأحد قولي الشافعي، وعن القاسم أنها (ب) لا تستحق إلا الميراث، ولا تستحق مهرًا ولا متعة، إذ لم ترد المتعة إلا للمطلقة،
(أ) ساقطة من: جـ.
(ب) في جـ: وأنها.
_________
(1)
التلخيص الحبير 3/ 192.
(2)
أبو داود 2/ 244، 245 ح 2117، والحاكم 2/ 181، 182.
(3)
الإشراف على مذاهب أهل العلم 1/ 48، والمغني 10/ 149.
(4)
ينظر مصنف ابن أبي شيبة 4/ 300.
ولأن الصداق عوض، فإذا لم يستوف المعوض عنه لم يلزم، قياسًا على ثمن المبيع. وأما الاحتجاج بالحديث، فقال الإمام المهدي: رواياته مضطربة. كما عرفت أولًا. وقال علي: لا نقبل قول أعرابي بوَّال (أ) على عقبيه. وقد تقدم الجواب عن ذلك، ومع صحة الحديث فالعمل به أولى من القياس المذكور، ولذلك رجح جماعة من محققي الشافعية العمل به، وذلك لازم على ما هو طريقة الشافعي من العمل بالحديث إذا صح واطِّراح قوله الخالف. وروي عن القاسم، وأحد قولي الناصر، أنها تستحق المتعة دون المهر؛ لقوله تعالى:{وَصِيَّةً لِأَزْوَاجِهِمْ مَتَاعًا إِلَى الْحَوْلِ} (1). قال الإمام المهدي: قلنا: أراد النفقة. يعني (ب) نفقة العدة. وأما الميراث فعند زيد بن علي ومالك في رواية عنهما (جـ) أنها لا تستحقه، وعند الجمهور أنها تستحقه، وادعى في "الغيث" الإجماع على ذلك.
ومعقل بن سنان (2) بفتح الميم وسكون العين المهملة وكسر القاف، هو أبو محمد، وقيل:[أبو](د) عبد الرحمن. وقيل: أبو يزيد. وقيل: أبو سنان. أشجعي. شهد فتح مكة ونزل الكوفة وحديثه فيهم، وقُتل يوم الحَرَّة صبرًا، روى عنه ابن مسعود، وعلقمة بن قيس، ومسروق بن الأجدع،
(أ) في الأصل: بأول.
(ب) زاد في الأصل: إلا.
(جـ) ساقطة من: ب.
(د) ساقطة من: الأصل، وفي جـ: ابن.
_________
(1)
الآية 240 من سورة البقرة.
(2)
ينظر تهذيب الكمال 28/ 273.
ونافع بن [جبير](أ)، والحسن البصري، والشعبي. وبرْوع -يروون [أهل](ب) الحديث ذلك بكسر الباء الموحدة من أسفل وسكون الراء المهملة وفتح الواو وبالعين المهملة، وأهل اللغة (1) يفتحون الباء ويقولون: إنه (جـ) ليس في العربية فِعْول إلا خروع، لنَبْت معروفٍ، وعِتْوَد، اسم واد -بنت واشق، على زنة فاعل، وبالشين المعجمة وبالقاف، واسم زوجها هلال بن مرة، ذكره ابن منده في "المعرفة"، وهو في "مسند أحمد"(2) أيضًا. والله أعلم.
853 -
وعن جابر بن عبد الله رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "من أعطى في صداق امرأة (د) سويقًا أو تمرًا فقد استحل". أخرجه أبو داود (3) وأشار إلى ترجيح وقفه.
الحديث أخرجه من رواية [موسى بن](هـ) مسلم بن رومان، وهو ضعيف (4)، والموقوف أقوى، وأخرجه الشافعي (5) بلاغًا.
(أ) في الأصل: حميل.
(ب) ساقطة من: الأصل.
(جـ) ساقطة من: ب، جـ.
(د) في جـ: امرأته.
(هـ) ساقط من: النسخ، والمثبت من مصدر التخريج.
_________
(1)
ينظر تاج العروس (ب ر ع).
(2)
أحمد 1/ 447.
(3)
أبو داود، كتاب النكاح، باب قلة المهر 2/ 242 ح 2110.
(4)
موسى بن مسلم بن رومان، وقد ينسب إلى جده، ويقال: صالح بن مسلم بن رومان، ضعيف، من السادسة. التقريب ص 554. وينظر تهذيب الكمال 29/ 149.
(5)
الأم 5/ 59 بلفظ: من استحل بدرهم فقد استحل.
الحديث فيه دلالة على أنه يصح أن يكون المهر من غير الدراهم والدنانير، وهو مطلق [في السويق](أ) والتمر، وظاهره وإن قل، وقد تقدم الخلاف في قدر المهر في حديث الواهبة نفسها (1).
854 -
وعن عبد الله بن عامر بن ربيعة، عن أبيه، أن النبي صلى الله عليه وسلم أجاز نكاح امرأة على نعلين. أخرجه الترمذي (2) وصححه، وخولف في ذلك (3).
هو أبو محمد عبد الله بن عامر بن ربيعة العنزي (4) بفتح العين المهملة وسكون النون وبالزاي، وفي نسبه خلاف كثير، وقد يقال: العدوي؛ لأن أباه عامرًا حليف بني عدي بن كعب، قبض النبي صلى الله عليه وسلم وهو في أربع سنين أو خمس، وله أخ أكبر منه اسمه عبد الله (5) وكنيته أبو محمد أيضًا، استشهد يوم الطائف، ومات عبد الله الأصغر سنة خمس وثمانين، وقيل: سنة تسعين، وروى عنه زياد مولاه، وأبوه عامر، شهد بدرًا والمشاهد كلها، وكان أسلم قديما وهاجر الهجرتين، روى عنه ابنه عبد الله وابن عمر وابن الزبير (6)، مات سنة اثنتين وثلاثين. وقيل: سنة خمسين.
الحديث فيه دلالة على الاكتفاء بالقليل من المهر ولو نعلان ولفظ
(أ) في الأصل: بالسويق.
_________
(1)
ينظر ما تقدم في ص 40 - 42.
(2)
الترمذي، كتاب النكاح، باب ما جاء في مهور النساء 3/ 422 ح 1113.
(3)
ينظر علل ابن أبي حاتم 1/ 424.
(4)
ينظر الإصابة 4/ 138.
(5)
ينظر الإِصابة 4/ 139.
(6)
ينظر تهذيب الكمال 14/ 18.
الحديث: أن امرأة من بني فزارة تزوجت على نعلين، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"رضيت من نفسك ومالك بنعلين؟ ". قالت: نعم. فأجازه. وقد عرفت فيما تقدم الكلام على ذلك.
855 -
وعن سهل بن سعد رضي الله عنه قال: زوج النبي صلى الله عليه وسلم رجلًا امرأة بخاتم من حديد. أخرجه الحاكم (1)، وهو طرف من الحديث الطويل المتقدم في أوائل النكاح (2).
856 -
وعن علي رضي الله عنه قال: لا يكون المهر أقل من عشرة دراهم. أخرجه الدارقطني (3) موقوفًا وفي سنده مقال.
وقد روي مثل هذا من حديث جابر مرفوعًا، وفيه مقال كما تقدم في حديث الواهبة نفسها (4).
857 -
وعن عقبة بن عامر رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "خير الصداق أيسره". أخرجه أبو داود وصححه الحاكم (5).
الحديث فيه دلالة على أن أفضل المهر أقله، وأن الكثرة في المهر على خلاف الأفضل، وإن كان ذلك جائزًا كما أشارت إليه الآية الكريمة، وهي قوله تعالى:{وَآتَيْتُمْ إِحْدَاهُنَّ قِنْطَارًا} (6). وقد استدلت بالآية المرأة
(1) الحاكم، كتاب النكاح 2/ 178.
(2)
تقدم ح 801.
(3)
سنن الدارقطني، كتاب النكاح، باب المهر 3/ 245 ح 13.
(4)
تقدم ص 41.
(5)
أبو داود، كتاب النكاح، باب فيمن تزوج ولم يسم صداقا حتى مات 2/ 244، 245 ح 2117 بلفظ:"خير النكاح أيسره". والحاكم، كتاب النكاح 2/ 182.
(6)
الآية 20 من سورة النساء.
التي نازعت عمر رضي الله عنه في ذلك، كما أخرجه عبد الرزاق (1) من طريق أبي عبد الرحمن السلمي قال: قال عمر: لا تغالوا في مهور النساء. فقالت امرأة: ليس ذلك لك يا عمر، إن الله يقول:(وآتيتم إحداهن قنطارًا من ذهب) -قال: وكذلك هي قراءة ابن مسعود- فقال عمر: امرأة خاصمت عمر فخصمته. وأخرجه الزبير بن بكار (2) من وجه آخر منقطع: فقال عمر: امرأة أصابت ورجل أخطأ. وأخرجه أبو يعلى (3) من وجه آخر عن مسروق عن عمر فذكره متصلًا مطولًا، وأصل قول عمر: لا تغالوا في صدقات النساء. عند أصحاب "السنن"، وصححه ابن حبان والحاكم (4) لكن ليس فيه قصة المرأة.
858 -
وعن عائشة رضي الله عنها أن عمرة بنت الجَوْن تعوذت من رسول الله صلى الله عليه وسلم حين أُدخلت عليه، يعني لما تزوجها، فقال:"لقد عذت بمَعاذٍ". فطلقها، وأمر أسامة فمتعها بثلاثة أثواب. أخرجه ابن ماجه (5)، وفي إسناده راوٍ متروك. وأصل القصة في "الصحيح"(6) من حديث أبي أسيد الساعدي.
(1) عبد الرزاق 6/ 180 ح 10420.
(2)
الزبير بن بكار -كما في الفتح 9/ 204.
(3)
أبو يعلى -كما في المطالب العالية 4/ 191 ح 1674.
(4)
أبو داود 2/ 241 ح 2106، والترمذي 3/ 422 ح 1114، والنسائي 6/ 117 - 119، وابن ماجه 1/ 607 ح 1887، وابن حبان 10/ 480، 481 ح 4620، والحاكم 2/ 175، 176.
(5)
ابن ماجه، كتاب الطلاق، باب متعة الطلاق 1/ 657 ح 2037.
(6)
البخاري، كتاب الطلاق، باب من طلق وهل يواجه الرجل امرأته بالطلاق؟ 9/ 356 ح 5255.
وأخرجه أيضًا أبو نعيم في كتاب "الصحابة"(1) وفي الإسناد: عبيد بن القاسم عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة. وعبيد متروك (2).
واعلم أنه وقع الاختلاف في اسم المذكورة وفي قصتها فقيل أن اسمها أميمة بنت النعمان بن شَراحِيل، والجَوْن جدها فنسبت إليه وهو الصحيح، وقيل [أن](أ) اسمها أسماء بنت النعمان بن أبي الجَوْن، وكذا ذكر الكلبي (3) أنها أسماء بنت النعمان بن شَراحيل بن الأسود بن الجَوْن الكندية، وكذا ابن إسحاق (4) جزم بتسميتها أسماء، وكذا محمد بن حبيب (5) وغيرهما، وقد يجمع بين الروايتين بأن اسمها أسماء ولقبها أميمة، ووقع في نسبها أيضًا عن ابن (ب) إسحاق (4) أنها أسماء بنت كعب الجَوْنية، وهو يحتمل أن في آبائها من هو مسمى بكعب فنسبت إليه، وقيل: هي أسماء بنت الأسود بن الحارث بن النعمان. وقيل: اسمها العالية بنت ظَبيان بن [عمرو](جـ). وحكى ابن سعد (6) أيضًا أن اسمها عمرة بنت يزيد بن عبيد. وقيل: بنت
(أ) ساقطة من: الأصل.
(ب) بعده في ب، جـ: أبي.
(جـ) في النسخ: عمر. والمثبت من الفتح 9/ 359، وينظر الإصابة 8/ 16.
_________
(1)
معرفة الصحابة 5/ 172 ح 7505.
(2)
عبيد بن القاسم الأسدي الكوفي، يقال: هو ابن أخت الثوري، متروك، كذبه ابن معين، واتهمه أبو داود بالوضع. التقريب ص 378. وينظر تهذيب الكمال 19/ 229.
(3)
ينظر الفتح 9/ 358.
(4)
سيرة ابن إسحاق ص 248.
(5)
المحبر ص 94.
(6)
الطبقات الكبرى 8/ 141.
يزيد بن الجَوْن. وقد روى ابن سعد (1)، عن الواقدي، عن ابن أخي الزهري، عن الزهري، عن عروة، عن عائشة قالت: تزوج النبي صلى الله عليه وسلم الكلابية. وذكر مثل حديث الباب، ولعله تصحف عليه من الكندية إلى الكلابية، وقد ذكر ابن سعد للكلابية قصة أخرى بهذا السند إلى الزهري، وقال: اسمها فاطمة بنت الضحاك بن سفيان. واستعاذت منه وطلقها، وكانت تلقط البعر وتقول: أنا الشقية. قال: وتوفيت سنة ستين. ومن طريق عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جده، أن الكندية لما وقع التخيير اختارت قومها ففارقها، فكانت تقول: أنا الشقية. ومن طريق سعيد (أ) بن أبي هند أنها أستعاذت منه فأعاذها. وظاهر هذا أنهما قصتان، وقد روى ابن سعد (2) من طريق سعيد بن عبد الرحمن بن أبزى قال: لم تستعذ منه امرأة غيرها.
قال المصنف (3): وهو الذي يغلب على الظن؛ لأن ذلك إنما وقع للمستعيذة بالخديعة المذكورة، فيبعد أن تخدع امرأة أخرى بعدها بمثل ما خدعت به بعد شيوع الخبر بذلك.
وقوله: تعوذت من رسول الله صلى الله عليه وسلم. اختلفت الرواية في سبب تعوذها؛ ففي الخبر من حديث أبي أسيد (4): لما دخل عليها النبي صلى الله عليه وسلم قال:
(أ) في ب: سعد. وينظر تهذيب الكمال 11/ 93.
_________
(1)
الطبقات الكبرى 8/ 141.
(2)
الطبقات الكبرى 8/ 144.
(3)
الفتح 9/ 357.
(4)
البخاري 9/ 356 ح 5255.
"هبي نفسك لي". قالت: وهل تهب الملكة نفسها لسوقة؟ قال: فأهوى بيده يضع يده عليها لتسكن. فقالت: أعوذ بالله منك. قال: "قد عذت بمَعاذ". ثم خرج علينا فقال: "يا أبا أسيد، اكسها رازقيتين (أ) وألحقها بأهلها". والسوقة بضم السين المهملة للواحد والجمع من الرعية، وقيل لهم بذلك لأن الملك يسوقهم فيستاقون له على مراده، وأما أهل السوق فالواحد منهم سوقي. قال ابن المنير (1): وهذا من بقية ما كان فيها من الجاهلية، والسوقة عندهم من ليس بملك كائنًا من كان، والرازقيتين براء مهملة ثم زاى ثم قاف، مثنى، ثياب من كتان بيض طوال، قاله أبو عبيدة، وقال غيره: تكون في داخل بياضها زرقة، والرازقى [الضعيف] (ب). وفي رواية لابن سعد (2): فأهوى إليها ليقبِّلها، وكان إذا اجْتَلى (3) النساء أقعى وقبّل. وفي رواية لابن سعد (4): فدخل عليها داخل من النساء وكانت من أجمل النساء، فقالت: إنك من الملوك، فإن كنت تريدين أن تحظي عند رسول الله صلى الله عليه وسلم، فإذا جاءك فاستعيذي منه.
ووقع عند ابن سعد (5)، عن هشام بن محمد، عن عبد الرحمن بن
(أ) في جـ: رارفتين، وفي مصدر التخريج: رازقيين. وينظر المحلى 11/ 496.
(ب) في الأصل: الصفيق. وينظر النهاية 2/ 219.
_________
(1)
ينظر الفتح 9/ 358.
(2)
الطبقات الكبرى 8/ 146.
(3)
اجتلى الشيء: نظر إليه. تاج العروس (جـ ل و).
(4)
الطبقات الكبرى 8/ 144.
(5)
الطبقات الكبرى 8/ 145، 146.
الغسيل بإسناد البخاري، أن عائشة وحفصة دخلتا عليها أول ما قدمت، (أفمشطتاها وخضبتاها أ) وقالت لها إحداهما: إن النبي صلى الله عليه وسلم يعجبه من المرأة إذا دخل عليها أن تقول: أعوذ بالله منك. قال ابن عبد البر (1): أجمعوا (ب) أن النبي صلى الله عليه وسلم تزوج [الجونية](جـ)، واختلفوا في سبب [فراقه] (د)؛ فقال قتادة: لما دخل عليها دعاها، فقالت: تعال أنت. فطلتها. وقيل: كان بها (هـ) وضح (2) كالعامرية. قال: وزعم بعضهم أنها قالت: أعوذ بالله منك. فقال: "قد عذت بمعاذ، وقد أعاذك الله مني". وطلقها. وقال: هذا باطل، إنما قال له هذا (و) امرأة من بني عَنْبر (ز)، وكانت جميلة، فخافت نساؤه أن تغلبهن عليه فقلن لها: إنه يعجبه أن يقال له: أعوذ بالله منك. ففعلت فطلقها.
قال المصنف رحمه الله (3): ولا أدري لم حكم ببطلان ذلك مع كثرة الروايات الواردة فيه وثبوته في حديث عائشة في "صحيح البخاري"، وقد
(أ- أ) في جـ: ومشطناها وخضبناها.
(ب) زاد في الأصل: على.
(جـ) في النسخ: الجوينية. وينظر الفتح 9/ 357.
(د) في الأصل: فراقها.
(هـ) في جـ: لها.
(و) في جـ: هذه.
(ز) كتب فوقها في ب. العستر بدون نقط، وفي جـ: العسير. وينظر الفتح 9/ 357.
_________
(1)
الاستيعاب 4/ 1785، 1786.
(2)
الوضح: البَرَص. تاج العروس (وض ح).
(3)
الفتح 9/ 357.
جاءت في القصة [بألفاظ](أ) مختلفة غير هذا.
وقوله: "قد عذت بمَعاذٍ". هو بفتح الميم، ما يستعاذ به، أو اسم مكان العَوْذ، والتنوين فيه للتعظيم. وفي رواية ابن سعد (1) فقال بكُمه على وجهه، وقال:"عذتِ مَعاذا". ثلاث مرات. وفي أخرى له (2) فقال: "أمِن عائذ الله".
وقوله: فطلقها. ظاهر هذا اللفظ أنه طلقها بلفظ الطلاق، وقد جاء مثله في روايات، وجاء في رواية البخاري (3) لحديث عائشة بلفظ:"الحقي بأهلك". بكسر الهمزة، فعل أمر. وفي الأخرى لأبي أسيد (4):"ألحقها بأهلها". وهو يحتمل أن الطلاق وقع بقوله: "الحقي بأهلك". فإنه كناية الطلاق، و (ب) رواية من روى أنه طلقها روى الحكم الشرعي (جـ) الواقع بهذا اللفظ، وهذا يناسب إيراد البخاري له في باب من طلق، وهل يواجه المرأة بالطلاق؟ فكأنه لم يجزم بأن النبي صلى الله عليه وسلم قصد بهذا اللفظ الطلاق (د)؛ لجواز أنه وقع منه لفظ آخر، وأما قوله لأبي أسيد:"ألحقها بأهلها". فلعله قال
(أ) في الأصل، ب: بألفاظ.
(ب) زاد في ب، جـ: في.
(جـ) بعده في ب: عن.
(د) ساقط من: ب.
_________
(1)
الطبقات الكبرى 8/ 145، 146.
(2)
الطبقات الكبرى 8/ 145.
(3)
البخاري 9/ 356 ح 5254.
(4)
البخاري 9/ 356 ح 5255.
ذلك له بعد قوله لها: "الحقي بأهلك". ولا منافاة في ذلك، مع أنه قد جاء في لفظ البخاري (أ) في آخر الأشربة (1) من طريق أبي حازم، عن سهل بن سعد قال: ذكر للنبي صلى الله عليه وسلم امرأة من العرب، فأمر أبا أسيد الساعدي أن يرسل إليها، فقدمت فنزلت في أُجُم بني سَاعدة، فخرج النبي صلى الله عليه وسلم حتى جاءها فدخل عليها، فإذا امرأة منكسة رأسها، فلما كلمها قالت: أعوذ بالله منك. قال: "أعذتك مني (ب) ". فقالوا لها: أتدرين من هذ؟! هذا رسول الله صلى الله عليه وسلم جاء ليخطبك. قالت: كنت أشقى من ذلك. فإن كانت القصة واحدة فلا يكون قوله في الحديث "ألحقها بأهلها". ولا غيره تطليقًا؛ لعدم سابقية العقد. وإن كانت القصة متعددة فهو يحتمل، فلعل هذه المرأة هي الكلابية التي وقع فيها الاضطراب، ووقع في رواية ابن سعد (2) عن أبي أسيد تمام القصة، وهو أنه لما ردها إلى أهلها تصايحوا وقالوا: إنك لغير مباركة، فما دهاك؟ قالت: خُدعت. قال: فتوفيت في خلافة عثمان. قال (3): وحدثني هشام بن محمد، عن أبي خيثمة زهير بن معاوية، أنها ماتت كمدًا. ثم روى (4) بسند فيه الكلبي أن المهاجر بن أبي أمية تزوجها فأراد عمر معاقبتها، فقالت: ما ضرب علي الحجاب، ولا سميت أم المؤمنين. فكف عنها. وعن الواقدي: سمعت.
(أ) في ب، جـ: للبخاري.
(ب) ساقطة من: الأصل.
_________
(1)
البخاري 10/ 98 ح 5637.
(2)
الطبقات الكبرى 8/ 146.
(3)
الطبقات الكبرى 8/ 146، 147.
(4)
الطبقات الكبرى 8/ 147.
وقوله: "ومتعها بثلاثة أثواب". فيه دلالة على ثبوت متعة المطلقة قبل الدخول، التي لم يفرض لها صداق. والظاهر من القصة أن هذه المرأة لم يكن قد فرض لها صداق، وهو مجمع على وجوب المتعة في حقها، إلا ما روي عن الليث ومالك كما سيأتي.
وقد أخرج ابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، والبيهقي في "سننه"(1)، عن ابن عباس في قوله تعالى:{لَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ إِنْ طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ مَا لَمْ تَمَسُّوهُنَّ أَوْ تَفْرِضُوا لَهُنَّ فَرِيضَةً} (2). قال المس النكاح، والفريضة الصداق. {وَمَتِّعُوهُنَّ} قال: هو على الرجل يتزوج المرأة ولم يسم لها صداقًا، ثم يطلقها قبل أن يدخل بها، فأمره الله أن يمتعها على قدر عسره ويسره، فإن كان موسرا متعها بخادم أو نحو ذلك، وإن كان معسرًا متعها بثلاثة أثواب أو نحو ذلك.
وأخرج ابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم (3)، عن ابن عباس قال: متعة الطلاق أعلاه الخادم، ودون ذلك الورِق، ودون ذلك الكسوة.
وأخرج عبد الرزاق، وابن المنذر، والبيهقي (4)، عن ابن عمر، أنه أمر موسعًا بمتعة. فقال: تعطِي كذا وتَكْسو (أ) كذا. فحسبت فوجدت ثلاثين درهمًا.
(أ) في ب، جـ: تكسي.
_________
(1)
ابن جرير في تفسيره 2/ 528 - 530، وابن أبي حاتم في تفسيره 2/ 442، 443 ح 2346، 2347، 2349، والبيهقي 7/ 244.
(2)
الآية 236 من سورة البقرة.
(3)
ابن جرير في تفسيره 2/ 530، وابن أبي حاتم في تفسيره 2/ 443 ح 2350.
(4)
عبد الرزاق 7/ 74 ح 12261، والبيهقي 7/ 244.
وأخرج عبد الرزاق (1)، وعبد بن حميد، عن ابن عمر قال: أدنى ما يكون من المتعة ثلاثون درهما.
وأخرج ابن جرير (2) عن ابن عباس قال: إذا طلق الرجل امرأته قبل أن يفرض وقبل أن يدخل بها، فليس لها إلّا المتاع.
واختلف العلماء في وجوبها في غير المذكورة، فذهب علي وعمر والحسن بن علي وابن عمر والشافعي إلى وجوب المتعة مع الدخول في حق من لم يسم لها؛ لعموم قوله تعالى:{وَلِلْمُطَلَّقَاتِ مَتَاعٌ بِالْمَعْرُوفِ} (3). وذهب العترة، وأبو حنيفة، وأصحابه، وأحد قولي الشافعي، إلى أن الواجب مهر المثل، ولا تجب المتعة، إذ الآية الكريمة [شرط](أ) فيها عدم المس، وهذا قد مس، وعموم قوله تعالى:{وَلِلْمُطَلَّقَاتِ مَتَاعٌ بِالْمَعْرُوفِ} . مخصوص بمن لم يكن قد دخل بها، أو (ب) أراد بالمتاع النفقة. وقوله تعالى:{فَتَعَالَيْنَ أُمَتِّعْكُنَّ} (4). يحتمل نفقة العدة، وقد ذهب الليث إلى أن المتعة لا تجب مطلقًا. قال المصنف (5) رحمه الله: وبه قال مالك، واحتج له بعض أصحابه بأن المتعة لم تقدَّرْ، ولو كانت واجبة كانت مقدَّرة. وتعقب
(أ) في الأصل: يشترط.
(ب) في جـ: و.
_________
(1)
عبد الرزاق 7/ 73 ح 12255.
(2)
ابن جرير في تفسيره 2/ 536، 537.
(3)
الآية 241 من سورة البقرة.
(4)
الآية 28 من سورة الأحزاب.
(5)
الفتح 9/ 496.
بأن عدم التقدير لا يلزم منه عدم الوجوب كما في نفقة القريب. واحتج بعضهم بأن شريحًا كان يقول: متع إن كنت محسنًا، متع إن كنت متقيا. ولا دلالة فيه (أ) على ترك الوجوب. وذهبت طائفة من السلف إلى أن لكل مطلقة متعة من غير استثناء. وعن الشافعي مثله وهو الراجح. وكذا في كل فرقة إلا (ب) في فرقة وقعت بسبب منها. كذا ذكره المصنف في "الفتح"(1)، وهذا الذي نسبه إلى طائفة من السلف لعله الذي ذكر عن علي وعمر ومن تقدم في حق من طلقت ولم يسم لها، وهو مقتضى احتجاجهم بعموم قوله:{وَلِلْمُطَلَّقَاتِ مَتَاعٌ} . فتنبه، والله أعلم.
(أ) في ب: عليه.
(ب) في جـ: لا.
_________
(1)
الفتح 9/ 496.