المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌صفات المنافقين وجزاؤهم يوم القيامة - شرح كتاب الإبانة من أصول الديانة - جـ ٣١

[حسن أبو الأشبال الزهيري]

فهرس الكتاب

- ‌ الأقوال والأفعال التي تُورث النفاق وعلامات المنافقين

- ‌باب ذكر الأفعال والأقوال التي تورث النفاق وعلامات المنافقين

- ‌روايات ابن مسعود وعبد الله بن عمرو لحديث علامات المنافقين

- ‌كلام الإمام النووي على أحاديث علامات المنافقين

- ‌حديث (لا يجتمع الإيمان والكفر في قلب) وما في معناه كلام السلف

- ‌كلام السلف في الدخول على الأمراء والثناء بغير حق وأنه من النفاق العملي

- ‌حديث حذيفة (القلوب أربعة)

- ‌حديث ابن عمر (مثل المنافق في أمتي مثل الشاة العائرة بين الغنمين)

- ‌حديث أبي هريرة (ثلاث من كن فيه فهو منافق وإن صام وصلى)

- ‌حديث ابن المسيب (كيف سمعت رسول الله يقول في المنافق)

- ‌آثار السلف في كثرة النفاق العملي وانتشاره

- ‌أقسام النفاق

- ‌الأحاديث الواردة في نفاق الرياء والمنافقين من القراء

- ‌الأحاديث الواردة في أن الغناء والفواحش تنبت النفاق في القلب

- ‌داء النفاق وصفات المنافقين من كتاب مدارج السالكين

- ‌ضرر المنافقين واتصافهم بالفساد والإفساد

- ‌صفات المنافقين عند سماع القرآن وحضور العبادات البدنية والتربص بالمؤمنين

- ‌صفات المنافقين في أجسامهم وكلامهم

- ‌بيان الله لصفات المنافقين وأن المؤمنين يعرفونهم من فلتات ألسنتهم وتقاسيم وجوههم

- ‌صفات المنافقين وجزاؤهم يوم القيامة

الفصل: ‌صفات المنافقين وجزاؤهم يوم القيامة

‌صفات المنافقين وجزاؤهم يوم القيامة

قال: فكيف إذا جمعوا ليوم التلاق -أي: يوم لقاء الله عز وجل وتجلى الله جل جلاله للعباد وقد كشف عن ساق، أي: ساق المولى عز وجل.

ودعوا إلى السجود فلا يستطيعون، قال تعالى:{خَاشِعَةً أَبْصَارُهُمْ تَرْهَقُهُمْ ذِلَّةٌ وَقَدْ كَانُوا يُدْعَوْنَ إِلَى السُّجُودِ وَهُمْ سَالِمُونَ} [القلم:43].

أم كيف بهم إذا حشروا إلى جسر جهنم وهو أدق من الشعرة وأحد من الحسام، وهو دحض مزلة مظلم، لا يقطعه أحد إلا بنور يبصر به مواطئ الأقدام، فقسمت بين الناس الأنوار، وهم على قدر تفاوتها في المرور والذهاب، وأعطوا نوراً ظاهراً مع أهل الإسلام كما كانوا بينهم في هذه الدار يأتون بالصلاة والزكاة والحج والصيام، فلما توسطوا الجسر عصفت على أنوارهم أهوية النفاق.

يعني: سيأتي المنافقون ومعهم بعض النور؛ لأنهم كانوا يصلون، ويصومون، ويزكون، ويحجون، ويجاهدون مع المؤمنين، فهم كذلك نورهم يسعى بين أيدهم مثل المؤمنين، لكن المؤمن يجوز الصراط كله بإيمان مستقر في قلبه، أما هؤلاء فإنهم يرزقون نوراً وإن كان ضعيفاً، لكن هذا النور لا يخدمهم إذا توسطوا الصراط، فتأتي عاصفة تذهب بنورهم، هذه العاصفة هي عاصفة النفاق، فسقطوا جميعاً في نار جهنم، والعياذ بالله.

قال: فأطفأت ما بأيديهم من المصابيح، فوقفوا حيارى لا يستطيعون المرور، فضرب بينهم وبين أهل الإيمان بسور له باب، ولكن قد حيل بين القوم وبين المفاتيح، باطنه الذي يلي المؤمنين فيه الرحمة، وما يليهم من قبلهم العذاب والنقمة، ينادون من تقدمهم من وفد الإيمان، ومشاعل الركب تلوح على بعد كالنجوم تبدو لناظر الإنسان:{انْظُرُونَا نَقْتَبِسْ مِنْ نُورِكُمْ قِيلَ ارْجِعُوا وَرَاءَكُمْ فَالْتَمِسُوا نُورًا} [الحديد:13].

يعني: أهل النفاق عندما تنطفئ عاصفة الإيمان أو عاصفة النور ينادون أهل الإيمان من بعيد: ((انْظُرُونَا)) أي: انتظروا، ((نَقْتَبِسْ مِنْ نُورِكُمْ)) فينادي عليهم أهل الإيمان أو ينادي عليهم الملائكة:((ارْجِعُوا)) أي: انظروا وراءكم، ((فَالْتَمِسُوا نُورًا)) وهذا على سبيل التقريع.

قال: لنتمكن في هذا المضيق من العبور، فقد أطفئت أنوارنا، ولا جواز اليوم إلا بمصابيح من النور:{قِيلَ ارْجِعُوا وَرَاءَكُمْ فَالْتَمِسُوا نُورًا} [الحديد:13].

فهذه والله أمارات النفاق فاحذرها أيها الرجل! قبل أن تنزل بك القاضية؛ إذا عاهدوا لم يفوا، وإن وعدوا أخلفوا، وإن قالوا لم ينصفوا، وإن دعوا إلى الطاعة وقفوا، وإذا قيل لهم تعالوا إلى ما أنزل الله وإلى الرسول صدفوا، وإذا دعتهم أهواؤهم إلى أعراضهم أسرعوا إليها وانصرفوا.

فذرهم وما اختاروا لأنفسهم من الهوان والخزي والخسران، فلا تثق بعهودهم، ولا تطمئن إلى وعودهم؛ فإنهم فيها كاذبون، وهم لما سواها مخالفون.

قال تعالى: {وَمِنْهُمْ مَنْ عَاهَدَ اللَّهَ لَئِنْ آتَانَا مِنْ فَضْلِهِ لَنَصَّدَّقَنَّ وَلَنَكُونَنَّ مِنَ الصَّالِحِينَ * فَلَمَّا آتَاهُمْ مِنْ فَضْلِهِ بَخِلُوا بِهِ وَتَوَلَّوا وَهُمْ مُعْرِضُونَ * فَأَعْقَبَهُمْ نِفَاقًا فِي قُلُوبِهِمْ إِلَى يَوْمِ يَلْقَوْنَهُ بِمَا أَخْلَفُوا اللَّهَ مَا وَعَدُوهُ وَبِمَا كَانُوا يَكْذِبُونَ} [التوبة:75 - 77].

أقول قولي هذا، وأستغفر الله تعالى لي ولكم.

وصلى الله على نبينا محمد.

ص: 20