المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌الاشتغال بالنعمة عن شكرها - شرح كتاب الفوائد - جـ ١٥

[عمر عبد الكافي]

فهرس الكتاب

- ‌سلسلة شرح كتاب الفوائد [15]

- ‌أقرب الأبواب إلى الله عز وجل

- ‌ما خلق منه آدم

- ‌تباين طباع الناس لتباين معادنهم

- ‌حب أبي ذر ما يكرهه الناس

- ‌ما ينبغي أن يكون عليه المؤمن

- ‌ما خلق الله عليه المخلوقات

- ‌الخير المحض والشر المحض

- ‌ما فيه خير وشر

- ‌أنواع الفرار إلى الله عز وجل

- ‌اشتياق الروح إلى العالم العلوي

- ‌سجن الروح

- ‌أسباب عدم التوفيق في العبادة

- ‌الاشتغال بالنعمة عن شكرها

- ‌الرغبة في العلم والعزوف عن العمل

- ‌المسارعة إلى الذنب وتأخير التوبة

- ‌الاغترار بصحبة الصالحين مع مخالفتهم

- ‌الإقبال على الدنيا وإدبارها عنهم

- ‌الإدبار عن الآخرة وإقبالها عليهم

- ‌أصل الخذلان

- ‌تزكية النفس وتدسيتها

- ‌مثال قلب المؤمن

- ‌مثال قلب الكافر والمنافق

- ‌الأسئلة

- ‌حكم القصر لمن يقيم خارج بلده غالباً إن رجع

- ‌كيفية التوبة من الغيبة والنميمة

- ‌معنى النهي عن التفريق بين الرسل

- ‌اختلاف الملكات الروحية بين الناس

- ‌تأويل من رأى أنه وصل السماء

- ‌القول في السكتة بين التسبيحتين

- ‌العمل عند الوسوسة في ذات الله ودينه

الفصل: ‌الاشتغال بالنعمة عن شكرها

‌الاشتغال بالنعمة عن شكرها

ثم قال المصنف رحمه الله تعالى: [اشتغالهم بالنعمة عن شكرها].

أي: لو أنعم الله عليك بنعمة فإنك تنسى شكر هذه النعمة وتهتم بها، مثلاً: نعمة الولد؛ فتجد أنك تنشغل بتربيته وتدريسه، وبنجاحه ورسوبه، وبمؤهلاته وزواجه، وكيف تختار له البنت التي سيتزوجها، وهكذا تهتم بالبنت، أي: كيف ستربيها وتزوجها.

التقيت مرة من المرات بشخص وسألته: أين كنت؟ فقال لي: كنت مسافراً أجهز بنتي، فقلت له: ألف مبروك، أهم شيء أنك اخترت لها العريس المناسب، فقال لي: البنت ما زال عمرها سنتين، فقلت له: وماذا تجهز إذاً؟! فقال لي: لا أحد يأمن الظروف! وهذا شيء عجيب جداً، أي: أن يحمل همها بعد ثلاثين عاماً وما زال عمرها سنتين؟! وتجده بعد ذلك إذا تقدم لها خاطب وعمرها ثمانية عشر عاماً، يخبره أن البنت ما زالت صغيرة على الزواج، ولم تكمل دراستها بعد، وتظل تدرس حتى يصل عمرها ثلاثين سنة، وتصبح أستاذة، وربما بعد أن تكون مدرسة لا يقبل أحد أن يتزوجها، وقد قال الرسول صلى الله عليه وسلم:(إذا جاءكم من ترضون دينه وخلقه فزوجوه، إلا تفعلوا تكن فتنة في الأرض وفساد كبير).

فكلما سهلنا أمر الحلال صعب أمر الحرام، وكلما صعبنا أمر الحلال سهل أمر الحرام.

ولقد وصلتني رسائل واتصالات من مئات الفتيات اللواتي يستغثن بالله، وطلبن مني أن أكلم آباءهن بأن يقبلوا زواجهن من أي رجل يعرف الله، وليس من الضروري أن يكون عنده أملاك وأموال وكذا وكذا.

وهذا الأمر في رقبة الأب والأم، فليتقوا الله ولييسروا، فمن يسر يسر الله عليه، فربنا سيسهل أمر الزواج ويذلل العقبات، وسيبارك في هذا الزواج، فالواحد منا يفضل أن تعيش ابنته في بيت متواضع وهي سعيدة، على أن تعيش في قصر وهي مهانة، ولا أقصد أن تعيش عيشة مهينة، ولكن عيشة متوسطة، وأقصد الكفاءة أو ما يقترب منها، وطالما أن زوجها سيحرسها ويعزها ويضعها فوق رأسه، فالحمد لله.

وبعض الآباء تجده يصعب المسألة على الشاب المتقدم لابنته بكثرة الطلبات، فتجده يطلب منه أشياء غير موجودة، وبعض الآباء لا يستأمن زوج ابنته على الأثاث والجهاز الذي اشتراه لابنته، ويأخذ منه تعهداً ووصلاً بها.

إذاً: فاشتغال الناس بالنعمة عن شكرها من أسباب عدم التوفيق، فعلى كل واحد منا أن يبحث في نفسه هل هو يشكر النعمة أم ينشغل بها عن شكرها؟ فالإسلام نعمة، والإيمان نعمة، ومجلس العلم نعمة، والصحة نعمة، وكل نعمة تستوجب الشكر، يقول تعالى:{لَئِنْ شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ} [إبراهيم:7].

مر أبو نواس يوماً برجل يضرب، فكان الرجل كلما ضرب ضربة يقول: الحمد لله، فقال له أبو نواس: استزدت.

ص: 14