المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌تباين طباع الناس لتباين معادنهم - شرح كتاب الفوائد - جـ ١٥

[عمر عبد الكافي]

فهرس الكتاب

- ‌سلسلة شرح كتاب الفوائد [15]

- ‌أقرب الأبواب إلى الله عز وجل

- ‌ما خلق منه آدم

- ‌تباين طباع الناس لتباين معادنهم

- ‌حب أبي ذر ما يكرهه الناس

- ‌ما ينبغي أن يكون عليه المؤمن

- ‌ما خلق الله عليه المخلوقات

- ‌الخير المحض والشر المحض

- ‌ما فيه خير وشر

- ‌أنواع الفرار إلى الله عز وجل

- ‌اشتياق الروح إلى العالم العلوي

- ‌سجن الروح

- ‌أسباب عدم التوفيق في العبادة

- ‌الاشتغال بالنعمة عن شكرها

- ‌الرغبة في العلم والعزوف عن العمل

- ‌المسارعة إلى الذنب وتأخير التوبة

- ‌الاغترار بصحبة الصالحين مع مخالفتهم

- ‌الإقبال على الدنيا وإدبارها عنهم

- ‌الإدبار عن الآخرة وإقبالها عليهم

- ‌أصل الخذلان

- ‌تزكية النفس وتدسيتها

- ‌مثال قلب المؤمن

- ‌مثال قلب الكافر والمنافق

- ‌الأسئلة

- ‌حكم القصر لمن يقيم خارج بلده غالباً إن رجع

- ‌كيفية التوبة من الغيبة والنميمة

- ‌معنى النهي عن التفريق بين الرسل

- ‌اختلاف الملكات الروحية بين الناس

- ‌تأويل من رأى أنه وصل السماء

- ‌القول في السكتة بين التسبيحتين

- ‌العمل عند الوسوسة في ذات الله ودينه

الفصل: ‌تباين طباع الناس لتباين معادنهم

‌تباين طباع الناس لتباين معادنهم

ويقول الرسول صلى الله عليه وسلم: (فجاء بنو آدم على قدر الأرض التي أتوا منها، فمنهم سريع الغضب بطيء الفيء) يعني: أنه يغضب بسرعة، وعندما نأتي نصالحه فلا يلين إلا بصعوبة بالغة، فهذا من صخر ناري، لأن الصخر الناري بطبيعته سائح وغاضب وهائج، وعندما تريد أن تحوله إلى طين هادئ وتجعله يبرد، يحتاج إلى وقت كبير.

ثم قال عليه الصلاة والسلام: (ومنهم بطيء الغضب سريع الفيء).

وهذا هو الحليم، وكاد الحليم أن يكون نبياً، ولذلك عندما أراد الأعرابي أن يدخل على رسول الله صلى الله عليه وسلم، وذلك بعد غزوة بني المصطلق، والمنافقون تكلموا في حادثة الإفك، التي اتهموا فيها السيدة عائشة -والعياذ بالله- بالفاحشة ورموها بالزنا، فكانت نفسية الرسول صلى الله عليه وسلم متعبة، والأعرابي يقول: لا بد أن أكلمه، والصحابة ومنهم عمر بن الخطاب فكان يرده ويقول: لن تدخل الآن، والأعرابي يقول: لا بد أن أكلمه، وعمر بن الخطاب يصر على أنه لن يدخل، والأعرابي واثق من حلم رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال: والذي بعثه بالحق نبياً! لن أدعه حتى يبتسم، أي: لن أكلمه فقط، ولكن سأضحكه كذلك، فكان واثقاً من سعة صدر رسول الله صلى الله عليه وسلم.

وكان الرسول إذا تحدث مع أحد أعطاه كل وجهه، وإذا تحدث مع قوم -يعني: الصحابة- أعطى كل واحد حظه من النظر، حتى يظن كل حاضر أنه لا يهتم إلا به في الجلسة، أي: أنه كان يعدل في نظراته للصحابة، حتى يظن كل صحابي أنه كان ينظر إليه طوال الجلسة، حتى أن عمرو بن العاص يقول: منذ أن أسلمت ما رفعت عيني في وجه رسول الله صلى الله عليه وسلم هيبة.

ويقال: إن الصحابي الوحيد الذي كانت عينه موجهة دائماً إلى وجه رسول الله صلى الله عليه وسلم هو سيدنا أبو بكر، وكان أول ما يصعد الرسول صلى الله عليه وسلم المنبر يوم الجمعة، يأتي سيدنا أبو بكر ويجلس تجاه أول درجة.

وكان أبو بكر يقول لرسول الله صلى الله عليه وسلم: أنا أحب ثلاثة: أحب الجلوس بين يديك، وأحب النظر إليك، وإنفاق مالي عليك.

أما عمر بن الخطاب فيقول: أحب الحق، وقول الحق، والنهي عن المنكر.

فكل واحد منهم يعبر عن الملكة التي فيه، والفضل الذي آتاه الله لصحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم يختلفون فيه.

فـ عثمان بن عفان يقول: أنا يا رسول الله! أحب إطعام الطعام، وإفشاء السلام، والصلاة بالليل والناس نيام، فحمل صفة الكرم والتواضع وقيام الليل.

وأما علي بن أبي طالب فيقول: أنا أحب الصوم في الصيف، وإكرام الضيف، وقتل العدو بالسيف.

أما أبا ذر الذي جاء يوماً يطلب من رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يوليه ولاية، فقال له رسول الله: أنت ضعيف يا أبا ذر!، وإنها في الدنيا ولاية، وفي الآخر ندامة، إلا من أخذها بحقها، وحقها عند الله عظيم، يا أبا ذر! يؤتى بالحاكم العادل يوم القيامة يقف على الصراط، ينتفض الجسر به انتقاضة، يتفرق كل عضو من أعضائه في مكان لا تعاد إليه إلا بعدله.

ويقول فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم: (ما أقلت الغبراء، وما أظلت الخضراء، أصدق لهجة من أبي ذر).

ص: 4