الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بَابُ بَيَانِ مُشْكِلِ مَا رُوِيَ عَنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم مِنْ قَوْلِهِ: " إِنَّ الشَّيْطَانَ يَسْتَحِلُّ طَعَامَ الْقَوْمِ إِذَا لَمْ يَذْكُرُوا اسْمَ اللهِ عَلَيْهِ مَا الْمُرَادُ بِذَلِكَ الِاسْتِحْلَالِ
؟
1077 -
حَدَّثَنَا عَبْدُ الْغَنِيِّ بْنُ أَبِي عَقِيلٍ، قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْمَجِيدِ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ أَبِي رَوَّادٍ، عَنْ مَعْمَرٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي سُلَيْمَانُ الْأَعْمَشُ، عَنْ زَيْدِ بْنِ وَهْبٍ الْجُهَنِيِّ، عَنْ حُذَيْفَةَ بْنِ الْيَمَانِ، قَالَ: بَيْنَمَا نَحْنُ عِنْدَ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم إِذْ أُتِيَ بِجَفْنَةٍ، فَكَفَّ عَنْهَا رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم وَكُنَّا لَا نَضَعُ أَيْدِيَنَا حَتَّى يَضَعَ يَدَهُ ، فَجَاءَ أَعْرَابِيٌّ كَأَنَّهُ يُطْرَدُ حَتَّى يَهْوِي إِلَى الْجَفْنَةِ فَأَكَلَ مِنْهَا، فَأَخَذَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم بِيَدِهِ فَأَجْلَسَهُ ثُمَّ جَاءَتْ جَارِيَةٌ فَأَهْوَتْ بِيَدِهَا تَأْكُلُ فَأَخَذَ بِيَدِهَا فَأَجْلَسَهَا ثُمَّ قَالَ:" إِنَّ الشَّيْطَانَ يَسْتَحِلُّ طَعَامَ الْقَوْمِ إِذَا لَمْ يَذْكُرُوا اسْمَ اللهِ عَلَيْهِ ، وَإِنَّهُ لَمَّا رَآكُمْ كَفَفْتُمْ جَاءَ بِالْأَعْرَابِيِّ لِيَسْتَحِلَّ بِهِ، ثُمَّ جَاءَ بِالْجَارِيَةِ لِيَسْتَحِلَّ بِهَا، فَوَاللهِ الَّذِي لَا إلَهَ غَيْرُهُ إِنَّ يَدَهُ فِي يَدِي مَعَ أَيْدِيهِمَا " قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ: وَأَهْلُ الْعِلْمِ جَمِيعًا بِالْحَدِيثِ يَقُولُونَ: إِنَّ مَعْمَرًا غَلِطَ فِي إِسْنَادِ هَذَا الْحَدِيثِ عَنِ الْأَعْمَشِ وَإِنَّ الصَّحِيحَ فِي إسْنَادِهِ
1078 -
هُوَ مَا حَدَّثَنَا فَهْدُ بْنُ سُلَيْمَانَ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الصَّلْتِ الْكُوفِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ خَيْثَمَةَ، عَنْ أَبِي حُذَيْفَةَ، عَنْ حُذَيْفَةَ، قَالَ: كُنَّا إِذَا حَضَرْنَا مَعَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم الطَّعَامَ لَمْ نَضَعْ أَيْدِيَنَا فِيهِ حَتَّى يَضَعَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَدَهُ ، وَإِنَّا حَضَرْنَا مَعَهُ طَعَامًا فَجَاءَ أَعْرَابِيٌّ كَأَنَّهُ يُدْفَعُ حَتَّى ذَهَبَ لِيَضْرِبَ يَدَهُ فِي الطَّعَامِ، فَأَخَذَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم بِيَدِهِ ، ثُمَّ جَاءَتْ جَارِيَةٌ كَأَنَّهَا تُدْفعُ فَذَهَبَتْ لِتَضْرِبَ يَدَهَا فِي الطَّعَامِ فَأَخَذَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَدَهَا ثُمَّ قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم:" إِنَّ الشَّيْطَانَ يَسْتَحِلُّ الطَّعَامَ لَا يُذْكَرُ عَلَيْهِ اسْمُ اللهِ عز وجل ، وَإِنَّهُ جَاءَ بِهَذَا الْأَعْرَابِيِّ وَهَذِهِ الْجَارِيَةِ يَسْتَحِلُّ بِهِمَا طَعَامَكُمْ، فَوَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ إِنَّ يَدَهُ مَعَ أَيْدِيهِمَا فِي يَدِي السَّاعَةَ "
1079 -
وَمَا حَدَّثَنَا فَهْدٌ، أَيْضًا قَالَ: حَدَّثَنَا عُمَرُ بْنُ حَفْصِ بْنِ غِيَاثٍ النَّخَعِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبِي قَالَ: حَدَّثَنَا الْأَعْمَشُ، قَالَ: حَدَّثَنِي خَيْثَمَةُ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو حُذَيْفَةَ،
⦗ص: 113⦘
عَنْ حُذَيْفَةَ بْنِ الْيَمَانِ، قَالَ: كُنَّا إِذَا دُعِينَا مَعَ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم إِلَى طَعَامٍ كَفَفْنَا أَيْدِينَا حَتَّى يَضَعَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَدَهُ فَدُعِينَا إِلَى طَعَامٍ فَكَفَّ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَدَهُ فَكَفَفْنَا أَيْدِيَنَا فَجَاءَ أَعْرَابِيٌّ كَأَنَّهُ يُطْرَدُ، فَأَهْوَى بِيَدِهِ، فَأَخَذَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَدَهُ فَأَجْلَسَهُ ، ثُمَّ جَاءَتْ جَارِيَةٌ كَأَنَّهَا تُطْرَدُ حَتَّى أَهْوَتْ بِيَدِهَا فَأَخَذَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم بِيَدِهَا فَأَجْلَسَهَا ثُمَّ قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم:" لَمَّا أَعَيَيْنَاهُ أَنْ لَا يُذْكَرَ اسْمُ اللهِ عز وجل جَاءَ بِهَذَا الْأَعْرَابِيِّ كَأَنَّهُ يَعْنِي شَيْطَانَ، لِيَسْتَحِلَّ بِهِ طَعَامَنَا فَأَخَذْتُ بِيَدِهِ فَأَجْلَسْتُهُ ، ثُمَّ جَاءَ بِهَذِهِ الْجَارِيَةِ لِيَسْتَحِلَّ بِهَا طَعَامَنَا فَأَخَذْتُ بِيَدِهَا فَأَجْلَسْتُهَا ، وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ إِنَّ يَدَهُ لَفِي يَدِي مَعَ أَيْدِيهِمَا " ثُمَّ سَمَّى رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم وَأَكَلَ قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ: فَاحْتَجْنَا إِلَى أَنْ نَعْلَمَ مَنْ أَبُو حُذَيْفَةَ هَذَا الْمَرْوِيُّ عَنْهُ هَذَا الْحَدِيثُ فَنَظَرْنَا فِي ذَلِكَ
1080 -
فَوَجَدْنَا مُحَمَّدَ بْنَ عَلِيِّ بْنِ دَاوُدَ قَدْ حَدَّثَنَا قَالَ: حَدَّثَنَا دَاوُدُ بْنُ عَمْرٍو الضَّبِّيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مَهْدِيٍّ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ الْأَقْمَرِ، عَنْ أَبِي حُذَيْفَةَ، وَكَانَ مِنْ أَصْحَابِ عَبْدِ اللهِ عَنْ عَائِشَةَ، قَالَتْ: قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ: إِنَّ صَفِيَّةَ امْرَأَةٌ، فَقَالَتْ بِيَدِهَا: أَيْ: إِنَّهَا قَصِيرَةٌ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم:" لَقَدْ مَزَجْتِيهَا بِكَلِمَةٍ لَوْ مَزَجْتِ بِهَا الْبَحْرَ لَمَزَجَتْهُ "، قَالَتْ: وَحَكَيْتُ عِنْدَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم رَجُلًا، فَقَالَ: مَا يَسُرُّنِي أَنِّي حَكَيْتُ رَجُلًا وَإِنَّ لِي كَذَا وَكَذَا
⦗ص: 114⦘
قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ: فَوُقِفْنَا بِذَلِكَ عَلَى أَنَّهُ مِنْ أَصْحَابِ عَبْدِ اللهِ بْنِ مَسْعُودٍ وَكَانَ فِي ذَلِكَ مَا قَدْ دَلَّ عَلَى جَلَالَةِ مِقْدَارِهِ وَعُلُوِّ مَنْزِلَتِهِ ، ثُمَّ طَلَبْنَا الْقَبِيلَةَ الَّتِي هُوَ مِنْهَا فَوَجَدْنَا الْبُخَارِيَّ قَدْ ذَكَرَهُ فِي تَارِيخِهِ، قَالَ: وَاسْمُهُ سَلَمَةُ بْنُ صُهَيْبَةَ الْأَرْحَبِيُّ وَأَرْحَبُ مِنْ هَمْدَانَ ثُمَّ تَأَمَّلْنَا قَوْلَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم: " إِنَّ الشَّيْطَانَ يَسْتَحِلُّ طَعَامَ الْقَوْمِ إِذَا لَمْ يَذْكُرُوا اسْمَ اللهِ عَلَيْهِ ". لِنَقِفَ عَلَى ذَلِكَ الِاسْتِحْلَالِ مَا هُوَ ، فَوَجَدْنَا الْحَلَالَ هُوَ الشَّيْءُ الْمُطْلَقُ ، وَوَجَدْنَا الْحَرَامَ هُوَ الشَّيْءُ الْمَمْنُوعُ مِنْهُ، وَوَجَدْنَا مَنْ فَعَلَ شَيْئًا مَمْنُوعًا مِنْهُ كَانَ بِذَلِكَ مُطْلِقًا لِنَفْسِهِ مَا فَعَلَهُ مِنْ ذَلِكَ ، فَكَانَ بِفِعْلِهِ ذَلِكَ مُسْتَحِلًّا لِإِطْلَاقِهِ لِنَفْسِهِ مَا أَطْلَقَهُ لَهَا مِنْ ذَلِكَ حَتَّى فَعَلَتْهُ ، وَمِنْ ذَلِكَ قَوْلُ اللهِ جَلَّ وَعَزَّ فِي الْآيَةِ الَّتِي ذُكِرَ فِيهَا النَّسِيءُ:{يُحِلُّونَهُ عَامًا وَيُحَرِّمُونَهُ عَامًا لِيُوَاطِئُوا عِدَّةَ مَا حَرَّمَ اللهُ فَيُحِلُّوا مَا حَرَّمَ اللهُ} أَيْ: لِيُطْلِقُوا لِأَنْفُسِهِمْ مَا حَرَّمَ اللهُ عز وجل عَلَيْهِمْ مِنْ ذَلِكَ ، وَمِنْهُ قَوْلُ النَّاسِ: اسْتَحَلَّ فُلَانٌ دَمِي وَاسْتَحَلَّ فُلَانٌ مَالِي عَلَى مَعْنَى أَطْلَقَ لِنَفْسِهِ دَمِي وَأَطْلَقَ لِنَفْسِهِ مَالِي. ثُمَّ تَأَمَّلْنَا بَعْدَ ذَلِكَ مَا فِي هَذَا الْحَدِيثِ مِنْ قَوْلِهِ صلى الله عليه وسلم: " إِنَّ الشَّيْطَانَ يَسْتَحِلُّ طَعَامَ الْقَوْمِ إِذَا لَمْ يَذْكُرُوا اسْمَ اللهِ عَلَيْهِ " فَوَجَدْنَاهُ صلى الله عليه وسلم قَدْ رُوِيَ عَنْهُ
⦗ص: 115⦘
أَمْرُهُ بِالتَّسْمِيَةِ عَلَى الْأَشْيَاءِ عِنْدَ وَضْعِهَا؛ لِيَكُونَ ذَلِكَ مَنْعًا لِلشَّيْطَانِ مِنْهَا
1081 -
كَمَا حَدَّثَنَا يُونُسُ، وَالرَّبِيعُ بْنُ سُلَيْمَانَ الْمُرَادِيُّ، قَالَا: حَدَّثَنَا شُعَيْبُ بْنُ اللَّيْثِ بْنِ سَعْدٍ، ح وَوَجَدْنَا مُحَمَّدَ بْنَ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَبْدِ الْحَكَمِ قَدْ أَخْبَرَنَا قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبِي وَشُعَيْبٌ، ثُمَّ اجْتَمَعُوا جَمِيعًا فَقَالُوا: عَنِ اللَّيْثِ بْنِ سَعْدٍ، عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ، عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللهِ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ:" غَطُّوا الْإِنَاءَ وَأَوْكُوا السِّقَاءَ، وَأَغْلِقُوا الْبَابَ وَأَطْفِئُوا الْمِصْبَاحَ فَإِنَّ الشَّيْطَانَ لَا يَحُلُّ سِقَاءً وَلَا يَفْتَحُ بَابًا وَلَا يَكْشِفُ إنَاءً، فَإِنْ لَمْ يَجِدْ أَحَدُكُمْ إِلَّا أَنْ يَعْرُضَ عَلَى إنَائِهِ عُودًا فَيَذْكُرَ اسْمَ اللهِ عَلَيْهِ فَلْيَفْعَلْ، فَإِنَّ الْفُوَيْسِقَةَ تُضْرِمُ عَلَى أَهْلِ الْبَيْتِ بَيْتَهُمْ "
1082 -
وَكَمَا حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ سِنَانٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو عَاصِمٍ، قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ جُرَيْجٍ، عَنْ عَطَاءٍ، عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللهِ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: " إِذَا جَنَحَ اللَّيْلُ فَكُفُّوا صِبْيَانَكُمْ حَتَّى تَذْهَبَ سَاعَةٌ مِنَ اللَّيْلِ ، ثُمَّ خَلُّوا سَبِيلَهُمْ فَإِنَّ
⦗ص: 116⦘
الشَّيَاطِينَ تَنْتَشِرُ حِينَئِذٍ ، وَأَغْلِقُوا أَبْوَابَكُمْ وَاذْكُرُوا اسْمَ اللهِ عز وجل، فَإِنَّ الشَّيْطَانَ لَا يَفْتَحُ مُغْلَقًا وَأَوْكُوا قِرَبَكُمْ، وَاذْكُرُوا اسْمَ اللهِ عز وجل وَخَمِّرُوا آنِيَتَكُمْ وَاذْكُرُوا اسْمَ اللهِ عز وجل، وَلَوْ أَنْ تَعْرُضُوا عَلَيْهِ بِعُودٍ " قَالَ: وَأَخْبَرَنِي عَمْرٌو عَنْ جَابِرٍ بِنَحْوٍ مِنْ هَذَا وَلَمْ يَذْكُرْ قَوْلَهُ: " فَاذْكُرُوا اسْمَ اللهِ "
1083 -
وَكَمَا حَدَّثَنَا يَزِيدُ، قَالَ: حَدَّثَنَا الْقَعْنَبِيُّ، قَالَ: قَرَأْتُ عَلَى مَالِكٍ، عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ، عَنْ جَابِرٍ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ:" أَغْلِقُوا الْبَابَ وَأَوْكُوا السِّقَاءَ وَأَكْفِئُوا الْإِنَاءَ، أَوْ: خَمِّرُوا الْإِنَاءَ، وَأَطْفِئُوا الْمِصْبَاحَ فَإِنَّ الشَّيْطَانَ لَا يَفْتَحُ غَلَقًا وَلَا يَحُلُّ وِكَاءً وَلَا يَكْشِفُ إنَاءً ، وَإِنَّ الْفُوَيْسِقَةَ تَضْرِمُ عَلَى النَّاسِ بُيُوتَهُمْ أَوْ بَيْتَهُمْ "
⦗ص: 117⦘
قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ: فَاحْتُمِلَ أَنْ تَكُونَ التَّسْمِيَةُ عَلَى الطَّعَامِ عِنْدَ وَضْعِهِ مِنْ وَاضِعِهِ أَوْ عِنْدَ تَغْطِيَتِهِ بِمَا يُغَطَّى بِهِ هِيَ التَّسْمِيَةُ الْمَانِعَةُ لِلشَّيْطَانِ مِنْهُ بَعْدَ ذَلِكَ أَبَدًا. فَوَجَدْنَاهُ صلى الله عليه وسلم قَدْ رُوِيَ عَنْهُ فِي هَذَا الْحَدِيثِ الَّذِي رَوَيْنَاهُ فِي صَدْرِ هَذَا الْبَابِ قَوْلُهُ: " إِنَّ الشَّيْطَانَ يَسْتَحِلُّ طَعَامَ الْقَوْمِ إِذَا لَمْ يَذْكُرُوا اسْمَ اللهِ عَلَيْهِ عِنْدَ أَكْلِهِمْ إِيَّاهُ " ، فَعَقَلْنَا بِذَلِكَ أَنَّ التَّسْمِيَةَ عِنْدَ تَخْمِيرِهِ أَوْ عِنْدَ إِيعَائِهِ إِنَّمَا تَحْفَظُهُ مَا كَانَ مُوكًى أَوْ مَا كَانَ مُوعًى حَتَّى يُحَاوِلَ أَهْلُهُ أَكْلَهُ ، فَإِذَا حَاوَلُوا ذَلِكَ احْتَاجُوا إِلَى تَسْمِيَةِ اللهِ. ثُمَّ طَلَبْنَا مَا الَّذِي يَنْبَغِي لَهُمْ إِذَا ذَهَبَتْ عَنْهُمُ التَّسْمِيَةُ أَنْ يَكُونَ مِنْهُمْ عِنْدَ مُحَاوَلَتِهِمْ أَكْلَهُ مَا الَّذِي يَنْبَغِي أَنْ يَفْعَلُوهُ حَتَّى لَا يَنْتَفِعَ الشَّيْطَانُ بِمَا أَكَلَ مِنْهُ قَبْلَ ذَلِكَ وَحَتَّى يَكُونَ ذَلِكَ سَبَبًا يَمْنَعُهُ مِنْ بَقِيَّتِهِ
1084 -
فَوَجَدْنَا بَكَّارَ بْنَ قُتَيْبَةَ قَدْ حَدَّثَنَا قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ الطَّيَالِسِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ أَبِي عَبْدِ اللهِ، عَنْ بُدَيْلٍ الْعُقَيْلِيِّ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عُبَيْدِ بْنِ عُمَيْرٍ، عَنْ أُمِّ كُلْثُومٍ، عَنْ عَائِشَةَ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم كَانَ يَأْكُلُ طَعَامًا فِي نَاسٍ مِنْ أَصْحَابِهِ أَوْ فِي بَيْتِهِ فَجَاءَ أَعْرَابِيٌّ فَأَكَلَهُ بِلُقْمَتَيْنِ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: " أَمَا إِنَّهُ لَوْ ذَكَرَ اسْمَ اللهِ جَلَّ وَعَزَّ لَكَفَاكُمْ، فَإِذَا أَكَلَ أَحَدُكُمْ
⦗ص: 118⦘
فَنَسِيَ أَنْ يَذْكُرَ اسْمَ اللهِ عز وجل ثُمَّ ذَكَرَ فَلْيَقُلْ: بِاسْمِ اللهِ أَوَّلَهُ وَآخِرَهُ " قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ: فَفِي هَذَا الْحَدِيثِ مَا يَنْبَغِي أَنْ يَقُولَهُ عِنْدَ ذِكْرِهِ إِذَا لَمْ يَكُنْ سَمَّى اللهَ عز وجل عِنْدَ أَوَّلِ أَكْلِهِ، ثُمَّ وَجَدْنَاهُ صلى الله عليه وسلم قَدْ رُوِيَ عَنْهُ فِي غَيْرِ هَذَا الْحَدِيثِ مَا يَكُونُ مِنَ الشَّيْطَانِ عِنْدَ ذَلِكَ
1085 -
كَمَا حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ جَنَّادٍ الْبَغْدَادِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، قَالَ: حَدَّثَنَا يَحْيَى يَعْنِي ابْنَ سَعِيدٍ، عَنْ جَابِرِ بْنِ
⦗ص: 119⦘
صُبْحٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْخُزَاعِيُّ، قَالَ: صَحِبْتُهُ إِلَى وَاسِطَ فَكَانَ يُسَمِّي فِي أَوَّلِ طَعَامِهِ وَفِي آخِرِ لُقْمَةٍ يَقُولُ: بِسْمِ اللهِ أَوَّلَهُ وَآخِرَهُ، فَقَالَ: إِنَّكَ تُسَمِّي فِي أَوَّلِ طَعَامِكَ، ثُمَّ تَقُولُ فِي آخِرِ طَعَامِكَ: بِسْمِ اللهِ عز وجل أَوَّلَهُ وَآخِرَهُ، فَقَالَ: أُخْبِرُكَ؟ إِنَّ جَدِّي أُمَيَّةَ بْنَ مَخْشِيٍّ وَكَانَ مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم سَمِعْتُهُ يَقُولُ: إِنَّ رَجُلًا كَانَ يَأْكُلُ وَالنَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم يَنْظُرُ، فَلَمْ يُسَمِّ حَتَّى كَانَ آخِرَ لُقْمَةٍ فَقَالَ: بِسْمِ اللهِ عز وجل أَوَّلَهُ وَآخِرَهُ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم:" مَا زَالَ الشَّيْطَانُ يَأْكُلُ مَعَكَ حَتَّى سَمَّيْتَ، فَمَا بَقِيَ فِي بَطْنِهِ شَيْءٌ إِلَّا أَلْقَاهُ "
1086 -
وَكَمَا حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي دَاوُدَ، قَالَ: حَدَّثَنَا الْمُقَدَّمِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو مَعْشَرٍ الْبَرَاءُ، قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ: وَهُوَ يُوسُفُ بْنُ يَزِيدَ قَالَ:
⦗ص: 120⦘
حَدَّثَنَا جَابِرُ بْنُ صُبْحٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا الْمُثَنَّى بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْخُزَاعِيُّ، وَذَلِكَ حِينَ مَاتَ الْحَجَّاجُ، عَنْ جَدِّهِ أَبِي أُمِّهِ أُمَيَّةَ بْنِ مَخْشِيٍّ وَاصْطَحَبَنَا أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَكَانَ إِذَا وَضَعَ طَعَامَهُ سَمَّى فَأَكَلْنَا حَتَّى إِذَا لَمْ يَبْقَ إِلَّا لُقْمَةٌ وَاحِدَةٌ مِنْ غَدَائِهِ أَوْ مِنْ عَشَائِهِ، فَقَالَ: بِسْمِ اللهِ عز وجل أَوَّلَهُ وَآخِرَهُ، حَتَّى يَأْكُلَهَا، قُلْتُ: لِمَ يَا أَبَا عَبْدِ اللهِ سَمَّيْتَ فَإِذَا بَقِيَتْ آخِرُ لُقْمَةٍ قُلْتُ: بِسْمِ اللهِ عز وجل أَوَّلَهُ وَآخِرَهُ، قَالَ: أُخْبِرُكَ، سَمِعْتُ جَدِّي أُمَيَّةَ بْنَ مَخْشِيٍّ وَكَانَ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: بَيْنَمَا نَحْنُ جُلُوسٌ عِنْدَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وَرَجُلٌ يَأْكُلُ، فَلَمَّا فَرَغَ مِنْ آخِرِ لُقْمَةٍ سَمَّى فَضَحِكَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم أَوْ تَبَسَّمَ فَسَأَلْنَاهُ فَقَالَ:" سَمَّى اللهَ عز وجل أَوَّلَهُ وَآخِرَهُ وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ مَا زَالَ يَأْكُلُ مَعَهُ، كَأَنَّهُ يَعْنِي الشَّيْطَانَ، حَتَّى إِذَا سَمَّى مَا بَقِيَ فِي بَطْنِهِ شَيْءٌ إِلَّا أَلْقَاهُ " قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ: فَوَقَفْنَا بِذَلِكَ عَلَى أَنَّ الَّذِي يَحِلُّ بِالشَّيْطَانِ بِقَوْلِ الْآكِلِ الَّذِي لَمْ يَكُنْ سَمَّى فِي أَوَّلِ طَعَامِهِ عِنْدَ وُقُوفِهِ عَلَى ذَلِكَ مِنْ نَفْسِهِ: بِسْمِ اللهِ أَوَّلَهُ وَآخِرَهُ، وَبِاللهِ التَّوْفِيقُ