الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بَابُ بَيَانِ مُشْكِلِ مَا رُوِيَ عَنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم فِي اسْمِ الصَّلَاةِ التَّالِيَةِ لِصَلَاةِ الْمَغْرِبِ مِنَ الصَّلَوَاتِ الْخَمْسِ
992 -
حَدَّثَنَا بَكَّارُ بْنُ قُتَيْبَةَ، وَإِبْرَاهِيمُ بْنُ مَرْزُوقٍ، قَالَا حَدَّثَنَا أَبُو عَامِرٍ، قَالَ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ أَبِي لَبِيدٍ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ:" لَا تَغْلِبَنَّكُمُ الْأَعْرَابُ عَلَى اسْمِ صَلَاتِكُمْ، إِنَّمَا هِيَ الْعِشَاءُ وَلَكِنَّهُمْ يُعْتِمُونَ عَنْ إِبِلِهِمْ " قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ: فَفِي هَذَا الْحَدِيثِ إِخْبَارُ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم أَنَّ اسْمَ تِلْكَ الصَّلَاةِ: الْعِشَاءُ لَا الْعَتَمَةُ، وَأَنَّ الَّذِينَ يُسَمُّونَهَا الْعَتَمَةَ هُمُ الْأَعْرَابُ، ثُمَّ وَجَدْنَا عَنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم تَسْمِيَتَهُ إِيَّاهَا الْعَتَمَةَ
993 -
كَمَا حَدَّثَنَا فَهْدُ بْنُ سُلَيْمَانَ، قَالَ حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَيَّاشٍ الْحِمْصِيُّ، قَالَ حَدَّثَنَا حَرِيزُ بْنُ عُثْمَانَ، قَالَ: حَدَّثَنِي رَاشِدُ بْنُ سَعْدٍ، عَنْ عَاصِمِ بْنِ حُمَيْدٍ السَّكُونِيِّ - صَاحِبِ مُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ - عَنْ مُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ، قَالَ: بَقَيْنَا رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم فِي صَلَاةِ الْعَتَمَةِ
⦗ص: 28⦘
لَيْلَةً، فَتَأَخَّرَ بِهَا حَتَّى ظَنَّ الظَّانُّ أَنَّهُ قَدْ صَلَّى أَوْ لَيْسَ بِخَارِجٍ ثُمَّ إِنَّهُ خَرَجَ. فَقَالَ لَهُ قَائِلٌ: لَقَدْ ظَنَنَّا أَنَّكَ صَلَّيْتَ أَوْ لَسْتَ بِخَارِجٍ فَقَالَ نَبِيُّ اللهِ صلى الله عليه وسلم: " أَعْتِمُوا بِهَذِهِ الصَّلَاةِ فَإِنَّكُمْ قَدْ فُضِّلْتُمْ بِهَا عَلَى سَائِرِ الْأُمَمِ؛ لَمْ تُصَلِّهَا أُمَّةٌ قَبْلَكُمْ " فَقَالَ قَائِلٌ: فَفِي هَذَا الْحَدِيثِ تَسْمِيَةُ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم إِيَّاهَا الْعَتَمَةَ، فَكَانَ جَوَابُنَا لَهُ فِي ذَلِكَ بِتَوْفِيقِ اللهِ وَعَوْنِهِ: أَنَّهُ لَيْسَ فِي هَذَا الْحَدِيثِ تَسْمِيَةُ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم إِيَّاهَا الْعَتَمَةَ، وَإِنَّمَا الَّذِي فِيهِ أَمْرُهُ إِيَّاهُمْ بِالْعِتَامِ بِهَا، أَيْ: بِالتَّأَخُّرِ بِهَا، وَإِنْ كَانَ اسْمُهَا هُوَ الْعِشَاءَ لَا الْعَتَمَةَ كَمَا تَقُولُ: أَمْسَيْتُ بِصَلَاةِ الْعَصْرِ، لَا لِأَنَّ الْمَسَاءَ اسْمٌ لَهَا وَلَكِنْ إِخْبَارٌ مِنْكَ أَنَّكَ أَمْسَيْتَ بِهَا، وَاسْمُهَا غَيْرُ مُشْتَقٍّ مِنَ الْمَسَاءِ بِهَا. وَقَالَ قَائِلٌ أَيْضًا: قَدْ رُوِيَ عَنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم غَيْرُ هَذَا الْحَدِيثِ مِمَّا حَقَّقَ فِيهِ اسْمَهَا أَنَّهُ الْعَتَمَةُ
994 -
كَمَا حَدَّثَنَا يُونُسُ، قَالَ حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ، أَنَّ مَالِكًا حَدَّثَهُ ،
⦗ص: 29⦘
عَنْ سُمَيٍّ، مَوْلَى أَبِي بَكْرٍ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ السَّمَّانِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ:" لَوْ يَعْلَمُ النَّاسُ مَا فِي النِّدَاءِ وَالصَّفِّ الْأَوَّلِ ثُمَّ لَمْ يَجِدُوا إِلَّا أَنْ يَسْتَهِمُوا عَلَيْهِ لَاسْتَهَمُوا، وَلَوْ يَعْلَمُونَ مَا فِي التَّهْجِيرِ لَاسْتَبَقُوا إِلَيْهِ وَلَوْ يَعْلَمُونَ مَا فِي الْعَتَمَةِ وَالصُّبْحِ لَأَتَوْهُمَا وَلَوْ حَبْوًا " فَكَانَ جَوَابُنَا أَيْضًا لَهُ فِي ذَلِكَ بِتَوْفِيقِ اللهِ وَعَوْنِهِ: أَنَّ هَذَا الْحَدِيثَ قَدْ رَوَاهُ أَبُو هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم كَمَا قَدْ ذَكَرَ ، وَقَدْ رَوَاهُ عَبْدُ اللهِ بْنُ مَسْعُودٍ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم بِخِلَافِ ذَلِكَ
995 -
كَمَا حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ الْمُغِيرَةِ الْكُوفِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ عَمْرٍو الْأَشْعَثِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْثَرُ بْنُ الْقَاسِمِ أَبُو زُبَيْدٍ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ أَبِي الْأَحْوَصِ، عَنْ عَبْدِ اللهِ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: " مَا صَلَاةٌ أَثْقَلَ عَلَى الْمُنَافِقِينَ مِنْ صَلَاةِ الْعِشَاءِ وَصَلَاةِ الْفَجْرِ، وَلَوْ يَعْلَمُونَ مَا فِيهِمَا مِنَ الْفَضْلِ لَأَتَوْهُمَا وَلَوْ حَبْوًا " فَهَذَا عَبْدُ اللهِ بْنُ مَسْعُودٍ قَدْ نَقَلَ عَنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم فِي اسْمِ هَذِهِ الصَّلَاةِ أَنَّهُ الْعِشَاءُ مَكَانَ مَا نَقَلَ أَبُو هُرَيْرَةَ عَنْهُ فِي اسْمِهَا أَنَّهُ الْعَتَمَةُ. وَتَصْحِيحُ هَذَيْنِ الْحَدِيثَيْنِ أَنَّ الْأَمْرَ الَّذِي كَانَتْ الْعَرَبُ تَعْرِفُهُ فِي اسْمِ هَذِهِ الصَّلَاةِ أَنَّهُ الْعَتَمَةُ لَا الْعِشَاءُ، وَكَانَ السَّبَبُ فِي تَسْمِيَتِهَا إِيَّاهَا ذَلِكَ الِاسْمَ مَا قَدْ ذُكِرَ فِي حَدِيثِ أَبِي سَلَمَةَ عَنِ ابْنِ عُمَرَ الَّذِي ذَكَرْنَاهُ فِي أَوَّلِ هَذَا الْبَابِ حَتَّى أَنْزَلَ اللهُ عز وجل عَلَى رَسُولِهِ:{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لِيَسْتَأْذِنْكُمُ الَّذِينَ مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ وَالَّذِينَ لَمْ يَبْلُغُوا الْحُلُمَ مِنْكُمْ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ مِنْ قَبْلِ صَلَاةِ الْفَجْرِ وَحِينَ تَضَعُونَ ثِيَابَكُمْ مِنَ الظَّهِيرَةِ وَمِنْ بَعْدِ صَلَاةِ الْعِشَاءِ ثَلَاثُ عَوْرَاتٍ لَكُمْ} [النور: 58] فَصَارُوا إِلَى اسْمِهَا الَّذِي سَمَّاهَا اللهُ عز وجل بِهِ فِي هَذِهِ الْآيَةِ، وَقَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم
⦗ص: 31⦘
مَا قَالَهُ فِي حَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ الَّذِي رَوَيْنَاهُ. وَعَقَلْنَا بِذَلِكَ أَنَّ الَّذِي حَكَاهُ ابْنُ مَسْعُودٍ عَنْ َسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم فِي اسْمِهَا الَّذِي ذَكَرَهَا بِهِ فِي حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ وَهُوَ الْعَتَمَةُ - وَاللهُ أَعْلَمُ - فَقَالَ قَائِلٌ فَمَا مَعْنَى هَذَا الِاسْمِ، يَعْنِي: الْعِشَاءَ؟ فَكَانَ جَوَابُنَا لَهُ فِي ذَلِكَ وَاللهُ أَعْلَمُ: أَنَّ ذَلِكَ أُخِذَ مِنَ الظُّلْمَةِ الَّتِي تُعْشِي الْأَبْصَارَ، وَرُدَّ اسْمُ هَذِهِ الصَّلَاةِ إِلَى مِثْلِ أَسْمَاءِ الصَّلَوَاتِ الْخَمْسِ سِوَاهَا؛ لِأَنَّ الصُّبْحَ سُمِّيَتْ بِالصُّبْحِ لِأَنَّهَا تُصَلَّى عِنْدَ الْإِصْبَاحِ، وَسُمِّيَتْ صَلَاةُ الْفَجْرِ صَلَاةَ الْفَجْرِ لِأَنَّهَا تُصَلَّى بِقُرْبِ الْفَجْرِ، وَسُمِّيَتْ صَلَاةُ الظُّهْرِ صَلَاةَ الظُّهْرِ لِأَنَّهَا تُصَلَّى عِنْدَ الظَّهِيرَةِ، وَسُمِّيَتْ صَلَاةُ الْعَصْرِ صَلَاةَ الْعَصْرِ لِأَنَّهَا تُصَلَّى بَعْدَ الْإِعْصَارِ وَهُوَ التَّأَخُّرُ، وَكَذَلِكَ رُوِيَ عَنْ أَبِي قِلَابَةَ
كَمَا حَدَّثَنَا صَالِحُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْأَنْصَارِيُّ قَالَ: حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ قَالَ: حَدَّثَنَا هُشَيْمٌ قَالَ: أَخْبَرَنَا خَالِدٌ عَنْ أَبِي قِلَابَةَ " إِنَّمَا سُمِّيَتِ الْعَصْرَ لِتُعْصَرَ " قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ: وَمِنْهُ قَوْلُ الْعَرَبِ: عَصَرَنِي فُلَانٌ حَقِّي، إِذَا أَخَّرَهُ عَنْ وَقْتِ أَدَائِهِ إِلَيْهِ، وَمِنْهُ قَوْلُ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم لِفَضَالَةَ اللَّيْثِيِّ
996 -
كَمَا حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ سِنَانٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ - يَعْنِي الْوَاسِطِيَّ - قَالَ: حَدَّثَنَا خَالِدُ بْنُ عَبْدِ اللهِ، وَكَمَا حَدَّثَنَا فَهْدُ بْنُ سُلَيْمَانَ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ عَوْنٍ الْوَاسِطِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا خَالِدٌ، ثُمَّ اجْتَمَعَا، فَقَالَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا: عَنْ دَاوُدَ بْنِ أَبِي هِنْدٍ عَنْ أَبِي حَرْبِ بْنِ أَبِي الْأَسْوَدِ عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ فَضَالَةَ عَنْ أَبِيهِ قَالَ: قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ عَلِّمْنِي شَيْئًا مِمَّا يَنْفَعُنِي اللهُ بِهِ قَالَ: " حَافِظْ عَلَى الصَّلَوَاتِ الْخَمْسِ " قَالَ: قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ إنَّ هَذِهِ سَاعَاتٌ لِي فِيهِنَّ شُغْلٌ فَمُرْنِي بِأَمْرٍ جَامِعٍ إِذَا أَنَا فَعَلْتُهُ أَجْزَأَ عَنِّي قَالَ: " فَحَافِظْ عَلَى الْعَصْرَيْنِ " قُلْتُ: وَمَا الْعَصْرَانِ؟ وَمَا كَانَتْ مِنْ لُغَتِنَا، قَالَ:" صَلَاةٌ قَبْلَ غُرُوبِ الشَّمْسِ، وَصَلَاةٌ قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ "
⦗ص: 33⦘
997 -
كَمَا حَدَّثَنَا صَالِحُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، قَالَ: حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا هُشَيْمٌ، عَنْ دَاوُدَ بْنِ أَبِي هِنْدٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي أَبُو حَرْبِ بْنُ أَبِي الْأَسْوَدِ، عَنْ فَضَالَةَ اللَّيْثِيِّ، هَكَذَا، قَالَ: ثُمَّ ذَكَرَ هَذَا الْحَدِيثَ وَلَمْ يَذْكُرْ فِيهِ قَوْلَهُ: وَمَا كَانَتْ مِنْ لُغَتِنَا. قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ: وَمِنْهُ قَوْلُ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فِي الْحَدِيثِ الَّذِي رُوِيَ عَنْهُ فِي هَذَا الْمَعْنَى أَيْضًا
998 -
وَهُوَ مَا حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي دَاوُدَ، قَالَ: حَدَّثَنَا هُدْبَةُ بْنُ خَالِدٍ، قَالَ: وَحَدَّثَنَا هَمَّامٌ، قَالَ: حَدَّثَنِي أَبُو جَمْرَةَ الضُّبَعِيُّ، عَنْ أَبِي بَكْرٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ:" مَنْ صَلَّى الْعَصْرَيْنِ دَخَلَ الْجَنَّةَ "
⦗ص: 34⦘
وَسُمِّيَتْ صَلَاةُ الْمَغْرِبِ صَلَاةَ الْمَغْرِبِ لِأَنَّهَا تُصَلَّى بِعَقِبِ غُرُوبِ الشَّمْسِ، فَمِثْلُ ذَلِكَ أَيْضًا الصَّلَاةُ الَّتِي تَتْلُوهَا سُمِّيَتْ صَلَاةَ الْعِشَاءِ؛ لِأَنَّهَا تُصَلَّى بَعْدَ أَنْ تَعْشَى الْأَبْصَارُ بِالظَّلَامِ الطَّارِئِ عَلَيْهَا فَائْتُلِفَتْ أَسْمَاءُ الصَّلَوَاتِ الْخَمْسِ أَنَّهَا لِأَوْقَاتِهَا الَّتِي تُصَلَّى فِيهَا وَبَانَ بِحَمْدِ اللهِ وَنِعْمَتِهِ أَنْ لَا تَضَادَّ فِي شَيْءٍ مِمَّا رَوَيْنَاهُ عَنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم فِي شَيْءٍ مِنْ أَسْمَائِهَا ، وَاللهَ نَسْأَلُهُ التَّوْفِيقَ