الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
كلمة الافتتاح
الحمد لله الذي أضاء القلوب بنور كتابه، وأرشد العقول إلى البراهين، والأدلة التي تظهر الحق وتعليه، وتبطل الباطل وتبليه، وأصلي وأسلم على عبده المصطفى ونبيه المجتبى الذي بلغ الرسالة وأدى الأمانة، وتركنا على المحجة البيضاء ليلها كنهارها، لا يزيغ عنها بعده إلا هالك، وعلى آله وصحبه الذين تلقوا عن نبيهم هذا الدين، وفقهوه وفقهوا به عباد الله، وبلغوه لمن ورائهم، حتى استنارت به الدنيا، وبلغت أنواره أقطار الأرض. وعلى الذين سلكوا سبيلهم وساروا مسارهم إلى يوم الدين، وبعد:
فقد لفت نظري عظم جناية التأويل على هذه الشريعة المباركة أثناء بحثي في موضوع: "أسماء الله وصفاته في معتقد أهل السنة والجماعة"، وقد طال البحث في التأويل وآثاره، وأصبح من غير المقبول أن يدخل في صورته التي أنتهى إليها في الكتاب المذكور، فأفردته في رسالة خاصة.
لقد كان التأويل باب شرّ كبير، ولج منه الذين يردون هدم الإسلام، فما تركوا شيئاً إلا أولوه، ولولا حماية الله ورعايته لهذا الدين لدرست معالمه وضاعت حدوده.
لقد أول الضالون الواجبات فصرفوها عن وجهها، وهونوا على أتباعهم رميها وراء ظهورهم.
وأولوا المحرمات تأويلاً جر الذين ضلوا بضلالهم على ارتكابها والولوغ فيها.
وأولوا نصوص عذاب القبر ونعيمه، والساعة وأهولها، والمعاد والحشر والميزان والجنة والنار بحيث فقدت النصوص تأثيرها في نفوس العباد.
وأولوا نصوص الصفات تأويلاً أضعف صلى العباد بربهم، وأفقد النصوص هيبتها إذ جعلها لعبة في أيدي المؤولين، يجتهدون ليلهم ونهارهم في صرفها عن وجهها بشتى أنواع التأويل.
وقد اقتصرت في هذه الرسالة على النوع الأخير من المؤولات، تأويل الأسماء والصفات، فإن التأويلات التي أبطلت بها الأوامر والنواهي، ونصوص المعاد، والجنة والنار لم ترج عند عوام أهل السنة فضلاً عن علمائهم.
ولكن تأويل نصوص الصفات وجد آذاناً
صاغية عند جمع من أصحاب العقول من هذه الأمة، وجازت هذه الفرية على أقوام أتوا ذكاء ونباهة ورأيا.
لقد ألف في موضوع الرسالة مؤلفات توسع فيها كاتبوها، وتأتي هذه الرسالة لتعالج المشكلة بصورة مبسطة ومختصرة، ولكنها - إن شاء الله- كافية وافية بالغرض، والحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات، ولله الأمر من قبل ومن بعد.
د- عمر بن سليمان الأشقر
الجامعة الأردنية - كلية الشريعة
عمان - الأردن