الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
هؤلاء سماه: (الرد على الجهمية والزنادقة)(1).
ويقول في موضع آخر:
" هذا التأويل المذموم الباطل هو تأويل أهل التحريف والبدع، والذين يتأولونه على غير تأويله، ويدعون صرف اللفظ عن مدلوله إلى غير مدلوله بغير دليل يوجب ذلك
…
" (2).
التأويل في لغة العرب وفي اصطلاح الشارع
مفهوم التأويل في لغة العرب لا يأتي على هذا المعنى الذي أرادوه فمداره مادة "أوْل" في لغة العرب في استعمالاتها على الرجوع والعود.
يقول ابن منظور:
" الأوْل الرجوع، آل الشيء يؤول ومآلا رجع، وأوّل إليه الشيء: رَجَعَهَ. وألْتُ عن الشيء: ارتددت. يقال: طبخت النبيذ حتى آل إلى الثلث أو الربع أي رجع، والأيّل
(1) مجموع فتاوى شيخ الإسلام 4/ 69.
(2)
مجموع فتاوى شيخ الإسلام ابن تيمية 3/ 67.
من الوحش: الوعل، قال الفارسي: سمي بذلك لمآله إلى الجبل يتحصن فيه" (1).
ويأتي التأويل في لغة العرب بمعنى التفسير أيضاً، وهذا المعنى ليس بعيد عن المعنى السابق، فالتفسير تأويل، لأن المفسر يراجع نفسه عند الشرح والبيان ويدبر الكلام ويقدره، ففيه معنى العود والرجوع.
والتأويل في الكتاب والسنة ليس بعيد عن المعنى اللغوي، يقول شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله تعالى:" يراد بالتأويل حقيقة ما يؤول إليه الكلام، وإن وافق ظاهره، وهذا هو المعنى المراد بلفظ التأويل في الكتاب والسنة"(2).
يقول شارح الطحاوية: " التأويل في كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم هو الحقيقة التي يؤول إليه الكلام، فتأويل الخبر هو عين المخبر به،
(1) لسان العرب لابن منظور 1/ 130.
(2)
مجموع فتاوى شيخ الإسلام 3/ 36.
وتأويل الأمر: نف الفعل المأمور به" (1).
وقد أورد الباحثون في هذا الموضوع النصوص التي تدلل على أن معنى التأويل في القرآن هو هذا المعنى الذي قرروه، فمن ذلك قوله تعالى:{هل ينظرون إلا تأويله، يوم يأتي تأويله يقول الذين نسوه من قبل قد جاءت رسل ربنا بالحق} .
والمتحدث في هذا النص هو القرآن، وانتظارهم لتحقيق ما أخبر الحق عنه من وقوع العذاب بهم يوم القيامة، وهذا هو المراد بقوله: يوم يأتي تأويله عند ذلك يقر هؤلاء الذين كذبوا به في الدنيا، ويقولون في ذلك:{قد جاءت رسلنا ربنا بالحق} .
وقد صح في السنة أن الرسول صلى الله عليه وسلم كان يقول في ركوعه: ((سبحانك اللهم
(1) شرح العقيدة الطحاوية ص232.
وبحمدك يتأول القرآن)) (1)، أي يحقق ما أمره الله به في كتابه.
وعندما رفع نبي الله يوسف أبويه على العرش وخر والداه وإخوانه له ساجدين قال: {يا أبتِ هذا تأويل رؤياي من قبل} فتأويل الرؤيا تحققها في عالم الواقع.
ويأتي التأويل في اللغة وفي الكتاب والسنة بمعنى التفسير، ومنه دعاء الرسول صلى الله عليه وسلم لابن عمه عبد الله بن عباس:((اللهم فقهه في الدين، وعلمه التأويل)).
ومن هذا الباب ما جرى عليه ابن جرير الطبري في تفسيره، فإنه كثيراً ما يقول إذا شرع في تفسير آية:"القول في تأويل قوله تعالى".
(1) حديث متفق عليه من قول أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها.