المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

والحاكم أبو عبد الله ذكر أن الشاذ: "هو الحديث الذي - شرح نخبة الفكر للخضير - جـ ٤

[عبد الكريم الخضير]

الفصل: والحاكم أبو عبد الله ذكر أن الشاذ: "هو الحديث الذي

والحاكم أبو عبد الله ذكر أن الشاذ: "هو الحديث الذي ينفرد به ثقة من الثقات وليس له أصل متابع لذلك الثقة، فأطلقه على مجرد التفرد، قال ابن الصلاح في علوم الحديث: أما ما حكم الشافعي عليه بالشذوذ فلا إشكال في أنه شاذ غير مقبول، وأما ما ذكره غيره فيشكل فيما يتفرد به العدل الضابط كحديث:((إنما الأعمال بالنيات)) فعلى هذا إدخال قول الشافعي في الشاذ دخولاً أولياً، وهو التفرد مع المخالفة.

أما تفرد الراوي ثقة كان أو غير ثقة، وإدخاله في الشذوذ كما يقوله أبو يعلى الخليلي أو تفرد الثقة فهو مشكل يرد عليه الغرائب التي في الصحيحين، يعني حديث الأعمال بالنيات تفرد به صاحبه هل نقول: إنه شاذ؟ اللهم إلا على قول من يقول: إن من الشاذ ما هو شاذ صحيح، الحافظ العراقي يقول:

وذو الشذوذ ما يخالف الثقة

فيه الملا فالشافعي حققه

والحاكم الخلاف فيه ما اشترط

وللخليلي مفرد الراوي فقط

ورد ما قالا بفرد الثقة

كالنهي عن بيع الولا والهبة

وقول مسلم روى الزهري

تسعين فرداً كلها قوي

يعني مجرد التفرد -تفرد الثقة- لا يعني الشذوذ المردود، ومثاله ما تقدم قريباً حديث:((إذا صلى أحدكم ركعتي الفجر فليضطجع عن يمينه)) قلنا: هذا شاذ، وحكمه الرد، الرد لأنه من أقسام الضعيف لوجود المخالفة، كون الراوي وإن كان ثقة يخالف من هو أوثق منه يدل على أن هذا الراوي الثقة لم يحفظ ولم يضبط ما خالف فيه غيره.

‌المنكر:

قال -رحمه الله تعالى-: "ومع الضعف فالراجح المعروف ويقابله -أو ومقابله- المنكر" فالمعروف في اللغة: اسم مفعول من المعرفة والعرفان، قال في القاموس: عرفه يعرفه معرفة وعرفاناً وعِرفةً بالكسر.

وفي المفردات للراغب المعرفة والعرفان إدراك الشيء بتفكر وتدبر لأثره، وهو أخص من العلم ويضاده الإنكار، والمعروف اسم لكل فعل يعرف بالعقل أو الشرع حسنه يقابله المنكر وهو ما ينكر بهما.

ص: 25

وأما في الاصطلاح فقد ذكر الحافظ أنه مقابل المنكر، فإذا كان المعتمد عند أهل العمل أن المنكر ما رواه الضعيف مخالفاً فيه الثقات -على ما سيأتي- فإن تعريف المعروف: حديث الثقة الذي خالف أو خالفه الراوي الضعيف، وعلى هذا كثير من المحدثين بل هو الذي استقر عليه الاصطلاح عند المتأخرين في تعريف المنكر.

يقول السيوطي في ألفيته:

المنكر الذي روى غير الثقة

مخالفاً في نخبة قد حققه

قال ابن الصلاح: "بلغنا عن أبي بكر البرديجي أنه -يعني المنكر- الحديث الذي ينفرد به الرجل، ولا يعرف متنه من غير روايته لا من الوجه الذي رواه منه، ولا من وجه آخر"، الحديث الذي ينفرد به الرجل، ولا يعرف متنه من غير روايته لا من الوجه الذي رواه منه ولا من وجه آخر، فأطلق البرديجي ذلك ولم يفصل،

فأطلق النكارة على مجرد التفرد.

يقول ابن الصلاح: "وإطلاق الحكم على التفرد بالرد أو النكارة أو الشذوذ موجود في كلام كثير من أهل الحديث، فيتفرد الراوي ثقة كان أو غير ثقة فأحياناً يقبل أهل العلم تفرده، وأحياناً تدل القرائن على أنه لم يحفظ ما تفرد به فيكون شاذاً وإن كان ثقة ولو لم توجد مخالفة، وأحياناً تدل القرائن على أن هذا الثقة الذي تفرد بهذا الخبر تدل القرائن على أن ما تفرد به غير معروف عند أهل العلم فيحكمون عليه بالنكارة.

يقول ابن الصلاح: "وإطلاق الحكم على التفرد بالرد أو النكارة أو الشذوذ موجود في كلام كثير من أهل الحديث، وهذه المسألة فرع من المسألة الكبرى، وهي أن المتأخرين يحكمون بقواعد مطردة عامة، وأما المتقدمون فلا قواعد عندهم مطردة، بل يتركون الحكم والترجيح للقرائن، يقول الحافظ العراقي:

المنكر الفرد كذا البرديجي

أطلق والصواب في التخريج

إجراء تفصيل لدى الشذوذ مر

فهو بمعناه كذا الشيخ ذكر

إجراء تفصيل لدى الشذوذ مر

فهو بمعناه كذا الشيخ ذكر.

الشيخ يعني ابن الصلاح، فالمنكر والشاذ مترادفان عند جمع من أهل العم، ولذا يقول:

والصواب في التخريجِ

إجراء تفصيل لدى الشذوذ مر

فهو بمعناه كذا الشيخ ذكر

ثم ذكر مثالاً له رحمه الله:

نحو ((كلوا البلح بالتمر)) الخبر

ومالك سمى ابن عثمان عمر

ص: 26

مثل له الحافظ -رحمه الله تعالى- بما رواه ابن أبي حاتم من طريق حبيب بن حبيب، وهو أخو حمزة بن حبيب الزيات المقرئ عن أبي إسحاق عن العيزار بن حريث عن ابن عباس رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:((من أقام الصلاة، وأتى الزكاة، وحج البيت، وصام وقرى الضيف دخل الجنة)) رواه الطبراني وابن عدي وغيرهما، قال أبو حاتم:"هذا منكر؛ لأن غيره من الثقات رواه عن أبي إسحاق موقوفاً" يعني على ابن عباس، فالموقوف هو المعروف عند أهل العلم، والمرفوع إلى النبي عليه الصلاة والسلام هذا منكر، هذا ما قرره أبو حاتم الرازي وهو من أئمة هذا الشأن، والتمثيل بما ذكره الحافظ العراقي إنما هو على مذهب ابن الصلاح مع عدم الفرق بين الشاذ والمنكر ((كلوا البلح بالتمر فإن ابن آدم إذا أكل التمر القديم بالجديد البلح بالتمر غضب الشيطان، وقال: عاش ابن آدم حتى جمع بين الجديد والخلق)) ولا شك أن هذا المتن منكر، هذا المتن منكر، لماذا؟ لأن الشيطان لا يغضب من طول عمر ابن آدم من مجرد طول عمره وأنه عاش هذه المدة لا يغضبه ذلك، بل قد يفرح بطول عمر بعض الناس إذا كان ممن ساء عمله، إنما يغضب الشيطان إذا طال عمر ابن آدم واستعمل هذا العمر الطويل في طاعة الله عز وجل، المقصود أن لفظ الحديث منكر.

. . . . . . . . .

ومالك سمى ابن عثمان عمر

مالك قال عن الراوي اسمه: عمر بن عثمان، والرواة كلهم من غير خلاف بينهم يسمونه عمرو بن عثمان، فخالفهم مالك وسماه عمر، فإن شئت فقل: هذا شذوذ من مالك، وإن قلت: هذا منكر؛ لأن الشاذ والمنكر متقاربان جداً عند ابن الصلاح ومن يقول بقوله، والحافظ يفرق بين الشاذ والمنكر بأن الشاذ مخالفة الثقة، والمنكر مخالفة الضعيف.

الفرد:

قال الحافظ -رحمه الله تعالى-: "والفرد النسبي: إن وافقه غيره فهو المتابع، وإن وجد متن يشبهه فهو الشاهد، وتتبع الطرق لذلك هو الاعتبار".

ص: 27