المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌الشرط السابع: دخول الوقت - شروط الصلاة في ضوء الكتاب والسنة

[سعيد بن وهف القحطاني]

الفصل: ‌الشرط السابع: دخول الوقت

((أما مع القدرة على ستر العاتقين أو أحدهما فالواجب عليه سترهما أو أحدهما في أصح قولي العلماء، فإن ترك ذلك لم تصح صلاته؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: ((لا يصلي أحدكم في الثوب الواحد ليس على عاتقيه منه شيء)) (1). والله ولي التوفيق)) (2).

‌الشرط السابع: دخول الوقت

؛ لقول الله تعالى: {إِنَّ الصَّلَاةَ كَانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتَابًا مَّوْقُوتًا} (3) أي مفروضًا في الأوقات؛ ولقوله سبحانه: {أَقِمِ الصَّلَاةَ لِدُلُوكِ الشَّمْسِ إِلَى غَسَقِ اللَّيْلِ وَقُرْآنَ الْفَجْرِ إِنَّ قُرْآنَ الْفَجْرِ كَانَ مَشْهُودًا} (4)، وهذه الآية دخل فيها أوقات الصلوات الخمس، فقوله تعالى:{لِدُلُوكِ الشَّمْسِ} زوالها عن كبد السماء إلى جهة الغرب، وهو بداية دخول وقت صلاة الظهر، ويدخل في ذلك العصر، وقوله: {إِلَى

(1) متفق عليه: البخاري، برقم 359، ومسلم، برقم 3010، وتقدم تخريجه.

(2)

مجموع الفتاوى، جمع الدكتور عبدالله بن محمد الطيار، ((الطهارة والصلاة))،ص18.

(3)

سورة النساء، الآية:103.

(4)

سورة الإسراء، الآية:87.

ص: 14

غَسَقِ اللَّيْلِ} أي: بداية ظلمة الليل، وقيل: غروب الشمس. وأخذ منه دخول وقت: صلاة المغرب وصلاة العشاء، {وَقُرْآنَ الْفَجْرِ} يعني صلاة الفجر، ففي هذه الآية إشارة مجملة إلى أوقات الصلوات الخمس (1).

أما أوقات الصلوات الخمس تفصيلاً فعلى النحو الآتي:

1ـ وقت الظهر من زوال الشمس إلى أن يصير ظل كل شيء مثله؛ بعد فيء الظل؛ لحديث عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((وقت الظهر إذا زالت الشمس، وكان ظلُّ الرجلِ كطوله، ما لم يحضر وقت العصر)) (2)؛ ولحديث جابر رضي الله عنه في إمامة جبريل للنبي صلى الله عليه وسلم في الصلوات الخمس في يومين، فجاءه في اليوم الأول فقال:((قم فصلِّه، فصلى الظهر حين زالت الشمس)) ثم جاءه من الغد للظهر فقال: ((قم فصله، فصلى الظهر حين صار

(1) انظر: جامع البيان عن تأويل آي القرآن، للطبري، 10/ 512 - 519، وتفسير القرآن العظيم لابن كثير، ص792، وتيسير الكريم الرحمن في تفسير كلام المنان، للسعدي، ص416.

(2)

مسلم، كتاب المساجد، باب أوقات الصلوات الخمس، برقم 612.

ص: 15

ظل كل شيء مثله)) ثم قال له في اليوم الثاني: ((ما بين هاتين الصلاتين وقت)) (1). ويسن الإبراد بصلاة الظهر في وقت الحر، لكن لا يخرجها عن وقتها؛ لحديث أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال:((إذا اشتد الحرُّ فأبردُوا بالصلاة، فإن شدّة الحرِّ من فيح جنهم)) (2).وسمعت سماحة الإمام عبد العزيز بن عبد الله ابن باز – رحمه الله – يقول: ((السنة تأخير صلاة الظهر في وقت الحر، سفرًا وحضرًا، لكن لو اعتاد الناس التبكير للمشقة عليهم بكر بالصلاة؛ لأن التأخير يشق عليهم)) (3)،أما في غير وقت اشتداد الحر

(1) أحمد في المسند، 3/ 330، والترمذي، كتاب الصلاة، باب ما جاء في مواقيت الصلاة عن النبي صلى الله عليه وسلم، برقم 150، وحسنه، وقال: قال محمد [يعني الإمام البخاري]: ((أصح شيء في المواقيت حديث جابر عن النبي صلى الله عليه وسلم)) 1/ 282، وأخرجه النسائي، في كتاب الصلاة، باب آخر وقت العصر، برقم 513، والدارقطني، 1/ 257 برقم 3، والحاكم وصححه ووافقه الذهبي، 1/ 195، وصححه الألباني في إرواء الغليل،

1/ 271، وأصل إمامة جبريل للنبي صلى الله عليه وسلم في الصلوات الخمس، في صحيح مسلم، كتاب الصلاة، باب أوقات الصلوات الخمس، برقم 610.

(2)

متفق عليه: البخاري، كتاب مواقيت الصلاة، باب الإبراد بالظهر في شدة الحر، برقم 533، ومسلم، كتاب المساجد، باب استحباب الإبراد بالظهر في شدة الحر، برقم 615.

(3)

سمعته من سماحته أثناء شرحه لبلوغ المرام لابن حجر، الحديث رقم 171 وذلك في الجامع الكبير بالرياض، قبل عام 1404هـ.

ص: 16

فالأفضل أن تصلى الصلاة في أول وقتها؛ لحديث عبدالله بن مسعود رضي الله عنه قال: سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم: أي الأعمال أفضل؟ قال: ((الصلاة في أول وقتها)) (1)، وسمعت العلامة الإمام عبد العزيز بن عبد الله ابن باز رحمه الله يقول: ((أي في أول وقتها بعد دخوله، ولو صليت في أثنائه أو في آخره فلا حرج، وقد كان صلى الله عليه وسلم يصلي في أول الوقت، ويحافظ عليه إلا في حالين:

الحال الأولى في صلاة العشاء إذا تأخر الناس حتى يجتمعوا.

الحال الثانية في الظهر إذا اشتد الحر، وكان في المغرب أكثر تبكيرًا، وكان الصحابة يصلون ركعتين قبلها، أما

(1) أخرجه الحاكم واللفظ له، وصححه ووافقه الذهبي، 1/ 189، والترمذي بنحوه، في كتاب الصلاة، باب ما جاء في الوقت الأول من الفضل، برقم 170، 173 وحسنه، وأصله متفق عليه: البخاري، في كتاب مواقيت الصلاة، باب فضل الصلاة لوقتها، برقم 527، ولفظه: سألت النبي صلى الله عليه وسلم أيُّ العمل أحب إلى الله؟ قال: ((الصلاة على وقتها))، قال: ثم أي؟ قال: ((بر الوالدين))، قال: ثم أيّ؟ قال: ((الجهاد في سبيل الله)). قال حدثني بهن رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولو استزدته لزادني)). أخرجه مسلم في كتاب الإيمان، باب كون الإيمان بالله تعالى أفضل الأعمال، برقم 85.

ص: 17

بقية الأوقات فهي أوسع وقتًا من المغرب)) (1).

2ـ وقت العصر من خروج وقت الظهر، أي إذا صار ظل كل شيء مثله دخل وقت صلاة العصر إلى أن تصفرَّ الشمس، أو إلى أن يصير ظل كل شيء مثليه، وهو مقارب لاصفرار الشمس، لكن اصفرار الشمس أوسع، وهو الذي استقر عليه التوقيت، ويجب أن تقدم الصلاة قبل الاصفرار؛ لحديث عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما:((ووقت العصر ما لم تصفرَّ الشمس)) (2)؛ ولحديث جابر رضي الله عنه في إمامة جبريل للنبي صلى الله عليه وسلم قال: ((قم فصلِّه، فصلى العصر حين صار ظلُّ كل شيء مثله)) ثم جاء في اليوم الثاني فقال: ((قم فصله، فصلى العصر حين صار ظلُّ كل شيء مثليه)) (3). وهذا وقت الاختيار من ظل كل شيء مثله إلى اصفرار الشمس، أما وقت الضرورة فإذا اصفرت الشمس إلى غروب الشمس؛ لحديث أبي هريرة رضي الله عنه أن

(1) سمعته من سماحته أثناء شرحه لحديث رقم 183 من بلوغ المرام.

(2)

مسلم، برقم 612، وتقدم تخريجه.

(3)

أخرجه أحمد،3/ 330،والترمذي، برقم 150،والنسائي، برقم 513،وتقدم تخريجه.

ص: 18

رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((من أدرك من الصبح ركعة قبل أن تطلع الشمس فقد أدرك الصبح، ومن أدرك ركعة من العصر قبل أن تغرب الشمس فقد أدرك العصر)) (1)، وإذا كان متعمدًا فقد أدرك الوقت مع الإثم؛ لقوله – عليه الصلاة والسلام:((تلك صلاة المنافق يجلس يرقب الشمس حتى إذا كانت بين قرني شيطان قام فنقرها أربعًا لا يذكر الله فيها إلا قليلاً)) (2). أما إذا كان ناسيًا أو نائمًا فقد أدركها في الوقت وصلاها أداءً (3).

3ـ وقت صلاة المغرب من غروب الشمس إلى غروب الشفق الأحمر؛ لحديث عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما: ((ووقت صلاة المغرب ما لم يغب الشفق)) (4)، لكن الأفضل

(1) متفق عليه: البخاري، كتاب المواقيت، باب من أدرك من الفجر ركعة، برقم 579، ومسلم، كتاب المساجد، باب من أدرك ركعة من الصلاة فقد أدرك تلك الصلاة، برقم 607.

(2)

مسلم، كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب استحباب التبكير بالعصر، برقم 622.

(3)

سمعت ذلك من شيخنا الإمام عبد العزيز ابن باز أثناء شرحه لبلوغ المرام، حديث رقم 73، وأثناء تقريره على الروض المربع، 1/ 471، وانظر: مجموع فتاوى ومقالات متنوعة للإمام ابن باز، 10/ 384.

(4)

أخرجه مسلم، برقم 612، وتقدم تخريجه.

ص: 19

أن تُصلَّى في أول الوقت؛ لحديث جابر رضي الله عنه في إمامة جبريل للنبي صلى الله عليه وسلم أنه ((جاءه المغرب فقال: قم فصلِّه فصلى المغرب حين وجبت الشمس)) ثم جاءه في اليوم الثاني المغرب وقتًا واحدًا لم يزل عنه (1)؛ ولحديث رافع بن خديج رضي الله عنه قال: ((كنا نصلي المغرب مع النبي صلى الله عليه وسلم فينصرف أحدنا وإنه ليُبصرُ مواقع نبله)) (2). وسمعت سماحة العلامة الإمام عبد العزيز بن عبد الله ابن باز – رحمه الله – يقول عن هذا الحديث إنه: ((يدل على أن التبكير بالمغرب هو السنة المستقرة، لكن هذا لا يدل على أنَّ وقت المغرب وقتٌ واحد، بل آخر وقت المغرب هو غروب الشفق الأحمر)) (3). والسنة أن يصلي بعد الأذان ركعتين ثم تقام صلاة المغرب؛ لحديث عبد الله بن مغفل المزني رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((صلّوا قبل صلاة المغرب)) قال في الثالثة:

(1) أحمد، 3/ 330، والترمذي، برقم 150، والنسائي، برقم 513، وتقدم تخريجه.

(2)

متفق عليه: البخاري، كتاب الصلاة، باب وقت المغرب، برقم 559، ومسلم، باب بيان أنّ أوّل وقت المغرب عند غروب الشمس، برقم 637.

(3)

سمعته من سماحته أثناء شرحه للحديث رقم 383 من بلوغ المرام.

ص: 20

((لمن شاء)) كراهية أن يتخذها الناس سنة (1). [أي طريقة واجبة مألوفة لا يتخلفون عنها](2). وفي رواية: ((أن النبي صلى الله عليه وسلم صلى قبل المغرب ركعتين)) (3). وفي حديث أنس رضي الله عنه: ((وكنا نصلي على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم ركعتين بعد غروب الشمس قبل صلاة المغرب)) (4). وقال رضي الله عنه: ((كنا في المدينة، فإذا أذن المؤذن لصلاة المغرب ابتدروا السواري، فركعوا ركعتين، ركعتين حتى إن الرجل الغريب ليدخل المسجد فيحسب أن الصلاة قد صليت من كثرة من يصليهما)) (5). وهذا يدل أن هذه السنة ثبتت بالقول والفعل، والتقرير.

وهذه الأحاديث تدلّ على أن السنة التبكير بصلاة المغرب بعد صلاة ركعتين عقب الأذان، وأن الوقت بين

(1) البخاري، كتاب التهجد، باب الصلاة قبل المغرب، برقم 1183، 7368.

(2)

انظر: سبل السلام للصنعاني، 3/ 14، وسمعت هذا المعنى من الإمام ابن باز أثناء تقريره على بلوغ المرام حديث رقم 383.

(3)

صحيح ابن حبان [الإحسان] 3/ 59، برقم 1586.

(4)

صحيح مسلم، كتاب صلاة المسافرين، باب استحباب ركعتين قبل صلاة المغرب، برقم 836.

(5)

متفق عليه: البخاري، كتاب الأذان، باب كم بين الأذان والإقامة، برقم 625، ومسلم، كتاب صلاة المسافرين، باب استحباب ركعتين قبل صلاة المغرب، برقم 837.

ص: 21

الأذان والإقامة قليل.

4ـ وقت صلاة العشاء من غروب الشفق الأحمر إلى نصف الليل الأوسط، ووقت الضرورة إلى طلوع الفجر، لحديث عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما:((ووقت صلاة العشاء إلى نصف الليل الأوسط)) (1)؛ ولحديث جابر رضي الله عنه في إمامة جبريل للنبي صلى الله عليه وسلم أنه: ((جاءه العشاء فقال: قم فصلِّه فصلى العشاء حين غاب الشفق)) ثم في اليوم الثاني: ((جاءه حين ذهب نصف الليل فصلى العشاء)) (2). أما بعد نصف الليل إلى طلوع الفجر فوقت ضرورة لمن نسي أو نام؛ لحديث أبي قتادة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((أَمَا إنه ليس في النوم تفريط، إنما التفريط على من لم يصلِّ الصلاة حتى يجيء وقت الصلاة الأخرى، فمن فعل ذلك فليصلِّها حين ينتبه لها)) (3). والأفضل في وقت صلاة العشاء التأخير ما لم يخرج

(1) مسلم، برقم: 612، وتقدم تخريجه.

(2)

أحمد، 3/ 330، والترمذي، برقم 150، والنسائي، برقم 513، وتقدم تخريجه.

(3)

مسلم، كتاب المساجد، باب قضاء الصلاة الفائتة واستحباب تعجيل قضائها، برقم 311.

ص: 22

وقتها، إذا لم يكن مشقة، فإذا كانوا جماعة في سفر، أو بادية، أو قرية فتأخير صلاة العشاء أفضل، إذا رأوا ذلك ما لم يشقّ على أحد، فعن عائشة رضي الله عنها قالت: أعتم النبي صلى الله عليه وسلم ذات ليلة حتى ذهب عامّةُ الليل، وحتى نام أهل المسجد، ثم خرج فصلى فقال:((إنه لوقتُها لولا أن أشق على أمتي)) (1). وهذا دليل على أن آخر وقت العشاء أفضله (2)، وقد كان صلى الله عليه وسلم يراعي الأخف على الأمة، فعن جابر رضي الله عنه قال:((والعشاء أحيانًا وأحيانًا، إذا رآهم اجتمعوا عجَّل، وإذا رآهم أبطؤوا أخّر)) (3)؛ ولأهمية المحافظة على وقت صلاة العشاء كان النبي صلى الله عليه وسلم يكره النوم قبلها، ففي حديث أبي برزة الأسلمي رضي الله عنه:((وكان يستحب أن يؤخر من العشاء التي تدعونها العتمة، وكان يكره النوم قبلها، والحديث بعدها)) (4). وسمعت الإمام عبدالعزيز بن عبد

(1) مسلم، كتاب المساجد، باب وقت العشاء وتأخيرها، برقم 638.

(2)

انظر، سبل السلام للصنعاني، 2/ 18.

(3)

متفق عليه: البخاري، كتاب مواقيت الصلاة، باب وقت المغرب، برقم 560، ومسلم، كتاب المساجد، باب استحباب التبكير بالصبح في أول وقتها، برقم 646.

(4)

متفق عليه: البخاري، كتاب مواقيت الصلاة، باب وقت العصر، برقم 547، ومسلم، كتاب المساجد، باب استحباب التبكير بالصبح، برقم 647.

ص: 23

الله ابن باز – رحمه الله – يقول: ((كره النوم قبل صلاة العشاء لأنه قد يفوّت صلاة العشاء، وكره الحديث بعدها؛ لأن السمر قد يفوّت عليه صلاة الفجر)) (1).

5ـ وقت صلاة الفجر من طلوع الفجر الأبيض الصادق، وهو الفجر الثاني إلى نهاية الظلمة؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم كان يصليها بغلس، ويمتد وقت الاختيار إلى طلوع الشمس (2)؛ لحديث عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما:((ووقت صلاة الصبح من طلوع الفجر ما لم تطلع الشمس)) (3). ومما يؤكد التبكير بالفجر وصلاتها بغلس حديث جابر رضي الله عنه في إمامة جبريل للنبي صلى الله عليه وسلم وفيه: ((ثم جاءه الفجر فقال: قم فصلِّه، فصلى الفجر حين برق الفجر أو قد سطع الفجر)) ((ثم جاءه [من الغد] حين أسفر جدًّا ثم قال له: قم فصلِّه، فصلى

(1) سمعته منه أثناء شرحه لحديث رقم 166 من بلوغ المرام.

(2)

هكذا سمعته من سماحة الإمام ابن باز، وهو في مجموع فتاوى ومقالات متنوعة،

10/ 385.

(3)

مسلم، برقم 612، وتقدم تخريجه.

ص: 24

الفجر، ثم قال: ما بين هذين وقت)) (1). وكان النبي صلى الله عليه وسلم لا يتعجَّل بصلاة الفجر، ولا يؤخرها عن الوقت المختار، ففي حديث أبي برزة الأسلمي رضي الله عنه:((وكان ينفتل من صلاة الغداة حين يعرف الرجل جليسه، ويقرأ بالستين إلى المائة)) (2). وفي حديث جابر رضي الله عنه: ((والصبح كان النبي صلى الله عليه وسلم يصلِّيها بغلس)) (3). وسمعت سماحة العلامة الإمام عبد العزيز بن عبد الله ابن باز – رحمه الله – يقول: ((الغلس هو الفجر الواضح الذي به غلس من ظلمة آخر الليل)) (4). أما حديث رافع بن خديج رضي الله عنه الذي قال فيه: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((أصبحوا بالصبح فإنه أعظم لأجوركم، أو أعظم للأجر)). ولفظ الترمذي: ((أسفروا بالفجر فإنه أعظم للأجر)) (5). ونقل الترمذي

(1) أحمد، 3/ 330، والترمذي، برقم 150، والنسائي، برقم 513، وتقدم تخريجه.

(2)

متفق عليه: البخاري، برقم 547، ومسلم، برقم 647 وتقدم تخريجه.

(3)

متفق عليه: البخاري، برقم 560، ومسلم، برقم: 646، وتقدم تخريجه.

(4)

سمعته منه أثناء شرحه لحديث رقم 167 من بلوغ المرام.

(5)

أبو داود، كتاب الصلاة، باب وقت الصبح، برقم 424، وابن ماجه، كتاب الصلاة، أبواب مواقيت الصلاة، برقم 672، والترمذي، كتاب الصلاة، باب ما جاء بالإسفار بالفجر، برقم 154، والنسائي، كتاب الصلاة، باب الإسفار، برقم 548، 549، وصححه الترمذي.

ص: 25

– رحمه الله – عن الشافعي، وأحمد، وإسحاق أن معنى الإسفار أن يتضح الفجر فلا يشك فيه)) (1). وسمعت الإمام عبد العزيز بن عبد الله ابن باز – رحمه الله – يقول:((المراد لا تعجلوا حتى يتضح الصبح حتى لا يخاطر بالصلاة)) (2).

وتدرك الصلاة أداءً في الوقت بإدراك ركعة؛ لحديث أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((من أدرك من الصبح ركعة قبل أن تطلع الشمس فقد أدرك الصبح، ومن أدرك ركعة من العصر قبل أن تغرب الشمس فقد أدرك العصر)) (3). وسمعت سماحة العلامة الإمام عبد العزيز بن عبد الله ابن باز – رحمه الله – يقول: ((ويأثم إذا كان متعمدًا)) (4). ولا تجزئ الصلاة قبل الوقت، ويحرم تأخيرها عن وقتها المختار؛ لمفهوم أحاديث مواقيت الصلاة، ولقول الله تعالى: {إِنَّ الصَّلَاةَ كَانَتْ عَلَى

(1) الترمذي، 1/ 291.

(2)

سمعته من سماحته أثناء شرحه لحديث رقم 172 من بلوغ المرام.

(3)

متفق عليه: البخاري برقم 579، ومسلم، برقم 607، وتقدم تخريجه.

(4)

سمعته من سماحته أثناء شرحه للروض المربع، 1/ 480.

ص: 26

الْمُؤْمِنِينَ كِتَابًا مَّوْقُوتًا} (1).

ويجب فورًا قضاء الفوائت مرتبة ولو كثرت، لقول الله تعالى:{وَأَقِمِ الصَّلاةَ لِذِكْرِي} (2). ولحديث أنس رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: ((من نسي صلاة فليصلِّها إذا ذكرها، لا كفارة لها إلا ذلك)) وفي لفظ لمسلم: ((من نسي صلاة أو نام عنها

)) (3)؛ ولحديث جابر بن عبد الله رضي الله عنهما أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه جاء يوم الخندق بعدما غربت الشمس، فجعل يسب كفار قريش، قال: يا رسول الله ماكدت أصلي صلاة العصر حتى كادت الشمس تغرب، قال النبي صلى الله عليه وسلم:((والله ما صليتها)) فقمنا إلى بطحان فتوضأ للصلاة وتوضأنا لها، فصلى العصر بعدما غربت الشمس، ثم صلى بعدها المغرب (4).

وأُلحق بالنائم المغمى عليه ثلاثة أيام فأقل، وقد روي

(1) سورة النساء، الآية:103.

(2)

سورة طه، الآية:14.

(3)

متفق عليه: البخاري برقم 597، ومسلم برقم 684، وتقدم تخريجه.

(4)

البخاري، كتاب مواقيت الصلاة، باب من صلى بالناس جماعة بعد ذهاب الوقت برقم 596.

ص: 27

ذلك عن عمار، وعمران بن حصين، وسمرة بن جندب رضي الله عنهم (1). وقيل: يقضي المغمى عليه ولو طالت المدة، وقيل: إن أغمي عليه خمس صلوات قضاها وإلا فلا، وقيل: لا يلزمه قضاء الصلاة إلا أن يفيق في جزء من وقتها، والصواب ما اختاره شيخنا الإمام عبد العزيز بن عبدالله ابن باز – رحمة الله عليه – وهو أن المغمى عليه يقضي الصلاة إذا كان الإغماء ثلاثة أيام فأقل؛ لأنه يلحق بالنائم، أما إذا كانت المدة أكثر من ذلك فلا قضاء عليه؛ لأن المغمى عليه مدة طويلة أكثر من ثلاثة أيام يشبه المجنون بجامع زوال العقل (2).

أما الحائض فلا قضاء عليها إلا في حالتين:

الحالة الأولى: إذا طهرت قبل غروب الشمس صلت الظهر والعصر، وإذا طهرت قبل طلوع الفجر صلت المغرب والعشاء، جاء ذلك عن عبد الرحمن بن عوف،

(1) انظر: المغني لابن قدامة، 2/ 50 - 52، والشرح الكبير، 3/ 8.

(2)

انظر: مجموع فتاوى سماحة الشيخ ابن باز، جمع الطيار، 2/ 457.

ص: 28

وأبي هريرة، وعبد الله بن عباس رضي الله عنهم (1)؛ ولأن وقت الثانية وقت للأولى حال العذر، فإذا أدركه المعذور لزمه فرضها، كما يلزمه فرض الثانية (2)، وقال الإمام أحمد

– رحمه الله تعالى -: ((عامة التابعين يقولون بهذا القول إلا الحسن وحده)) (3) وهو اختيار شيخ الإسلام ابن تيمية

– رحمه الله – (4)، وصوّبه الإمام شيخنا عبد العزيز بن عبدالله ابن باز – رحمه الله – وأفتى به حتى مات – قدس الله روحه ونوّر ضريحه – (5).

الحالة الثانية: إذا أدركت المرأة وقت الصلاة ثم حاضت قبل أن تصلي، فقد اختلف أهل العلم هل تقضي أم لا؟ والصواب أن المرأة إذا أدركت وقت الصلاة ثم لم تصلِّ حتى تضيَّق الوقت – بحيث لا تستطيع الصلاة

(1) السنن الكبرى للبيهقي، 1/ 386، 387، وذكر هذه الآثار المجد ابن تيمية في المنتقى، رقم 91، 92 وعزاها إلى سنن سعيد بن منصور.

(2)

انظر: المغني لابن قدامة، 2/ 47.

(3)

انظر: المرجع السابق 2/ 46.

(4)

انظر: فتاوى ابن تيمية، 21/ 434.

(5)

انظر: مجموع فتاوى ومقالات متنوعة، جمع الشويعر، 10/ 216 - 217.

ص: 29

كاملة في آخره -، ثم حاضت قبل أن تصلي، وجب عليها أن تقضي هذه الصلاة بعد أن تطهر؛ لأنها فرَّطت في الصلاة، وهذا الذي يفتي به سماحة الإمام شيخنا عبدالعزيز بن عبد الله ابن باز رحمه الله وهو اختيار شيخ الإسلام ابن تيمية - رحمه الله تعالى - (1). وإذا كان وقت الصلاة الحاضرة يخشى خروجه صلى الحاضرة حتى لا تكون فائتة، ثم يصلي الفائتة (2).

ويقضي الصلوات الفائتة على حالها الذي فاتت عليه: من عدد ركعاتها، أو سرِّيتها، وجهريتها؛ لحديث أبي قتادة رضي الله عنه الطويل في نوم النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه عن صلاة الفجر في السفر، وفيه:((ثم أذَّن بلال بالصلاة، فصلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ركعتين، ثم صلى الغداة، فصنع كما كان يصنع كل يوم)) (3). ويدل الحديث أيضًا على أن من فاتته صلاة واحدة صلى سنَّتها معها.

(1) انظر: المغني لابن قدامة،2/ 11، 46، 47،والاختيارات الفقهية لابن تيمية ص34.

(2)

سمعته من الإمام عبد العزيز ابن باز أثناء شرحه للروض المربع، 1/ 490.

(3)

صحيح مسلم، برقم 681، وتقدم تخريجه.

ص: 30