الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ألست دمشق للإسلام ظئرا.
…
ومرضعة الأبوة لا تعق.
بني سورية اطّرحوا الأماني.
…
وألقوا عنكم الأحلام ألقوا.
فمن خدع السياسة أن تغروا.
…
بألقاب الإمارة وهي رق.
وقفتم بين موت أو حياة.
…
فإن رمتم نعيم الدهر فاشقوا.
وللحرية الحمراء باب.
…
بكل يد مضرجة يدق.
وهكذا أصبح شعر شوقي وتراً حساساً يسجل جميع الاهتزازات التي تعتري البلاد العربية فلا تجد حادثة من حوادثها السياسية إلا تركت آثارها في قلبه وشعره، فهو بذلك صاحب فكرة توجيهية تستهدف بعث الحمية بتذكير العرب ماضيهم المجيد، ودفعهم إلى بناء حاضرهم الجديد، وإلى هذا يشير بقوله:
كان شعري الغناء في فرح الشر
…
ق وكان العزاء في أحزانه
وليس الشرق في نظر شوقي إلا وطن العرب والإسلام، تربطه به روابط اللغة والتاريخ ثم الآلام والآمال المشتركة:
نصحت ونحن مختلفون داراً
…
ولكن كلنا في الهم شرق
ويجمعنا _ إذا اختلفت بلاد_
…
بيان غير مختلف ونطق
3_
شعر شوقي الاجتماعي:
والاجتماعيات عند شوقي ممزوجة بشعره السياسي والتاريخي أو مستقلة في قصائد خاصة، وقد أفرد لهذه الأغراض الثلاثة باباً خاصاً في ديوانه.
وتتفاوت أساليب شوقي في الاجتماعيات، فبعضها أناشيد للأحداث، وبعضها حكايات خرافية على ألسن الحيوان، وبعضها الآخر يتناول موضوعات عامة ممّا يتصل بحياة المجتمع مباشرة، كالمرأة والتعليم والعمال والأخلاق والعلاقات الدينية وغير ذلك.
أ- المرأة: كان موضوع المرأة:تعليمها وحجابها وسفورها من مشاكل العصر أيام شوقي، لذلك لم يجد مندوحة عن الكلام في هذا الشأن فهو يرى أن تعليم المرأة أمر لابد منه لإنشاء الجيل الصالح:
وإذا النساء نشأن في أمية
…
رضع الرجال جهالة وخمولا
ليس اليتيم من انتهى ابواه
…
هم الحياة وخلفاه ذليلا
إن اليتيم هو الذي تلقى له
…
أماً تخلت أو أباً مشغولا
ويا ليته وقف عند مثل هذه الجوانب الهامة من قضية المرأة، فوعظ وأرشد وأصلح، ولكنه لم يستطع فزج بنفسه إلى مواقف لم يحسن التخلص منها، إذ راح أولاً يؤيد ميول البلاط بالدفاع عن الحجاب، ثم لم يلبث أن انساق في التيار الذي ألفه في أوروبة والبوسفور، فانقلب يزين للمرأة سبيل الزيغ، الذي بدأ في مصر منذ الاحتلال الفرنسي، ثم استأنف سيرته على يد السافرة الأولى هدى شعراوي
…
ب-الدين في شعر شوقي: ويرى شوقي كيف يستغل الأجنبي الفوارق الدينية بين أبناء وطنه، فيهاجم التعصب ويدعو إلى الأخوة، ويلفت نظر المواطنين إلى الأهداف الإنسانية المستركة بين المسيحية والإسلام، صيانة للمجتمع من التفكك الذي يسهدفه العدو. وكثيراً ما يكرر شوقي هذه المعاني توكيداً لها، كما يفعل في مدح السيد المسيح والإشادة برسالته الإنسانية القائمة على المحبة والرحمة:
ولد الرفق يوم مولد عيسى
…
والمروءات والهدى والحياء
وسرت آية المسيح كما يسري
…
من الفجر في الوجود الضياء
وكما تعثر شوقي في ميدان المرأة أخذه (الشطح) في ميدان التزلف إلى أصدقائه من النصارى، فأكثر من التعابير النصرانية، وخص الصليب بالكثير من الرعاية في أكثر من قصيدة.. حتى إن المدقق في معانيه هذه لا يكاد يحس فرقاً بين لهجته تلك ولهجة أي نصراني يؤمن بهذه المصطلحات.
ولا غرابة فشوقي مأخوذ بجواذب البيئة التي افتعلها السياسة في مصر وغير مصر من البلاد العربية، التي حاول رجال السياسة المسلمون فيها إحباط المساعي الاستعمارية لاستغلال الأقليات المسيحية، فراحوا يتزلفون إلى هذه الأقليات بكل ما يظنونه محققاً لأهدافهم الوطنية. . . ولو أدى ذلك إلى تقديس ما يعتبر في عقيدتهم الإسلامية من المنكرات بل المكفرات. . .
وبمثل هذا الاندفاع غير الواعي استسلم شوقي لبعض الأفكار غير السليمة في مدائحه النبوية، فشوه جمالها بتلك الانحرافات، التي التقطها من ألسنة (الدراويش) وكتبهم. . دون أن يسمح لعقله بالتفكير في محتوياتها الشاردة عن نطاق التوحيد. . وحسبنا أن نشير من ذلك إلى قوله _ في نهج البردة _ مخاطباً رسول الله صلى الله عليه وسلم:
ألقى رجائي _ إذا عز المجير _ على.
…
مفرج الكرب ف الدارين والغُمَمِ.
وإن تقدم ذو تقوى بصالحة.
…
قدمت بين يديه عبرة الندم.
وقد نسي شوقي في غمرة التقليد ألا مفرج لكرب إلا الله، وأن عبرة الندم لا تكسب إلا بين يديه سبحانه.. كما علمنا رسوله صلوات الله وسلامه عليه.
وأبعد في التقليد من ذلك قوله في همزيته:
ما جئت بابك مادحاً بل داعياً
…
ومن المديح تضرع ودعاء
أدعوك عن قومي الضعاف لازمة.
…
في مثلها يلقى عليك رجاء.
ومثل شوقي لا يعذر إذا جهل قول رسول الله صلى الله عليه وسلم:" الدعاء هو العبادة "، و " الدعاء مخ العبادة "، ولكنه التقليد الضرير الذي يحشر العقلاء في زمرة السفهاء.
ولعل وصفه رسول الله صلى الله عليه وسلم في هذه الهمزية بمثل قوله:
الاشتراكيون أنت إمامهم.
…
لولا دعاوى القوم والغلواء.
لا يقل تخبطاً عن زلاته تلك، فهو بهذا النعت يسيء إلى رسول الله صلى الله عليه
وسلم من حيث يظن أنه يمدحه، كأولئك {الَّذِينَ ضَلَّ سَعْيُهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَهُمْ يَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ يُحْسِنُونَ صُنْعاً} . وليت شوقيّا تأخرت به الأيام إلى عهود (الثوريات الاشتراكية) وشاهد ما لقيت أمته على أيدي هؤلاء الاشتراكيين من الذل والعار والضياع. . إذن لعض يديه ندماً على ما فرط. . ولحاول تدارك ما تفلت به لسانه بقصائد تكفر بعض هاتيك السيئات.
ومما يلفت النظر ف هنوات شوقي هذه أنها تلاحقه في معظم إسلامياته حتى ليقول للسلطان عبد الحميد عليه رحمة الله:
بحمد الله رب العالمينا.
…
وحمدك يا أمير المؤمنينا.
فيسوي في استحقاق المحمدة بينه وبين الله عز وجل، دون أن يفطن لخطر التعبير، الذي حذر منه رسول الله عليه وسلم أشد التحذير، حين قال للرجل الذي سوى بين مشيئة الله ومشيئة رسوله:"أجعلتني لله ندا؟ . . . قل ما شاء الله ثم شئت".
4_
شوقي والعمال:
ويدعو شوقي لإتقان العمل، ويرى أن العمال المتقين هم عمار الأرض، لذلك يحث عمال مصر على الجد والإتقان، ويذكرهم بماضي أجدادهم وما تركوه من آثار عمرانية رائعة، ليستعيدوا بعزائمهم ذلك العهد المجيد:
أيها العمال: أفنوا العمر. . . . . كداً واكتساباً
واعمروا الأرض فلولا. . . سعيكم أمست يبابا
إن للمتقين عند الله والناس ثوابا
أرضيتم أن ترى مصر من الفن خرابا
بعدما كانت سماء للصناعات وغابا
5_
الأخلاق في نظر شوقي:
كان شوقي كثير الدعوة إلى الأخلاق يراها الأساس الأول لقوة الأمة،