المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌الباب الرابع والعشرون: في قول السلف من أصول الإيمان الإيمان بالقدر خيره وشره حلوه ومره - شفاء العليل في مسائل القضاء والقدر والحكمة والتعليل - ط المعرفة

[ابن القيم]

فهرس الكتاب

- ‌مقدمة

- ‌الباب الأول: في تقدير المقادير قبل خلق السموات والأرض

- ‌الباب الثاني: في تقدير الرب تبارك وتعالى شقاوة العباد وسعادتهم وأرزاقهم وآجالهم وأعمالهم قبل خلقهم وهو تقدير ثان بعد التقدير الأول

- ‌الباب الثالث: في ذكر احتجاج آدم وموسى في ذلك حكم النبي صلى الله عليه وسلم لآدم صلوات الله وسلامه عليهم

- ‌الباب الرابع: في ذكر التقدير الثالث والجنين في بطن أمه وهو تقدير شقاوته وسعادته ورزقه وأجله وعمله وسائر ما يلقاه وذكر الجمع بين الأحاديث الواردة في ذلك

- ‌الباب الخامس: في ذكر التقدير الرابع ليلة القدر

- ‌الباب السادس: في التقدير الخامس اليومي

- ‌الباب السابع: في أن سبق المقادير بالشقاوة والسعادة لا يقضي ترك الأعمال بل يقضي الاجتهاد والحرص

- ‌الباب الثامن: في قوله تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ سَبَقَتْ لَهُمْ مِنَّا الْحُسْنَى أُولَئِكَ عَنْهَا مُبْعَدُونَ}

- ‌الباب التاسع: في قوله تعالى: {إِنَّا كُلَّ شَيْءٍ خَلَقْنَاهُ بِقَدَرٍ}

- ‌الباب العاشر: في مراتب القضاء والقدر التي من لم يؤمن بها لم يؤمن بالقضاء والقدر

- ‌الباب الحادي عشر: في ذكر المرتبة الثانية وهي مرتبة الكتابة

- ‌الباب الثاني عشر: في ذكر المرتبة الثالثة من مراتب القضاء والقدر وهي مرتبة المشيئة

- ‌الباب الثالث عشر: في ذكر المرتبة الرابعة من مراتب القضاء والقدر وهي مرتبة خلق الله سبحانه الأعمال وتكوينه وإيجاده لها

- ‌الباب الرابع عشر: في الهدى والضلال ومراتبهما والمقدور منهما للخلق وغير المقدور لهم

- ‌الباب الخامس عشر: في الطبع والختم والقفل والغل والسد والغشاوة والحائل بين الكافر وبين الإيمان وأن ذلك مجعول للرب تعالى

- ‌الباب السادس عشر: فيما جاء في السنة من تفرد الرب تعالى بخلق أعمال العباد كما هو منفرد بخلق ذواتهم وصفاتهم

- ‌الباب السابع عشر: في الكسب والجبر ومعناهما لغة واصطلاحا وإطلاقهما نفيا وإثباتا

- ‌الباب الثامن عشر: في فعل وافعل في القضاء والقدر والكسب وذكر الفعل والانفعال

- ‌الباب التاسع عشر: في ذكر مناظرة جرت بين جبري وسني جمعهما مجلس مذاكرة

- ‌الباب العشرون: في ذكر مناظرة بين قدري وسني

- ‌الباب الحادي والعشرون: في تنزيه القضاء الإلهي عن الشر

- ‌الباب الثاني والعشرون: في استيفاء شبه النافعين للحكمة والتعليل وذكر الأجوبة عنها

- ‌الباب الثالث والعشرين: في استيفاء شبه النافلين للحكمة والتعليل وذكر الأجوبة عنها

- ‌الباب الرابع والعشرون: في قول السلف من أصول الإيمان الإيمان بالقدر خيره وشره حلوه ومره

- ‌الباب الخامس والعشرون: في امتناع إطلاق القول نفيا وإثباتا أن الرب تعالى مريد للشر وفاعل له

- ‌الباب السادس والعشرين: فيما يدل عليه قوله: "اللهم إني أعوذ برضاك من سخطك" من تحقيق القدر وإثباته ما تضمنه الحديث من الأسرار العظيمة

- ‌الباب السابع والعشرون: في دخول الإيمان بالقضاء والقدر والعدل والتوحيد والحكمة تحت قول النبي صلى الله عليه وسلم ماض في حكمك عدل في قضاؤك وبيان ما في هذا الحديث من القواعد

- ‌الباب الثامن والعشرون: في أحكام الرضا بالقضاء واختلاف الناس في ذلك وتحقيق القول فيه

- ‌الباب التاسع والعشرون: في انقسام القضاء والحكم والإرادة والكتابة والأمر والإذن والجعل والكلمات والبعث

- ‌الباب الموفي ثلاثين: في ذكر الفطرة الأولى ومعناها واختلاف الناس في المراد بها وأنها لا تنافي القضاء والقدر بالشقاوة والضلال

الفصل: ‌الباب الرابع والعشرون: في قول السلف من أصول الإيمان الإيمان بالقدر خيره وشره حلوه ومره

بآراء الرجال وسموا ذلك عدلا وتوحيدا بالزور والبهتان وتلك التسمية ما أنزل الله بها من سلطان فالعدل قيامه بالقسط في أفعاله والتوحيد وإثبات صفات كماله شهد الله أنه لا إله إلا هو والملائكة وأولوا العلم قائما بالقسط لا إله إلا هو العزيز الحكيم إن الدين عند الله الإسلام فهذا العدل والتوحيد الذي جاء به المرسلون وذلك التوحيد والعدل الذي جاء به المعطلون، والمقصود أن هذه المناظرة وإن أبطلت قول هؤلاء وزلزلت قواعدهم فإنها لا تبطل حكمة الله التي اختص بها دون خلقه وطوى بساط الإحاطة بها عنهم ولم يطلعهم منها إلا على ما نسبته إلى ما خفي عنهم كقطرة من بحار الدنيا فكم لله سبحانه من حكمة في ذلك الذي أخرمه صغيرا وحكمة في الذي مد له في العمر حتى بلغ وأسلم وحكمة في الذي أبقاه حتى بلغ وكفر ولو كان كل من علم أنه إذا بلغ يكفر يخترمه صغيرا لتعطل الجهاد والعبودية التي يحبها الله ويرضاها ولم يكن هناك معارض وكان الناس أمة واحدة ولم تظهر آياته وعجائبه في الأمم ووقائعه وأيامه في أعدائه وإقامة الحجج وجدال أهل الباطل بما يدحض شبهتهم وينصر الحق ويظهره على الباطل إلى أضعاف أضعاف ذلك من الحكم التي لا يحصيها إلا الله والله سبحانه يحب ظهور أسمائه وصفاته في الخليقة فلو اخترم كل من علم أنه يكفر إذا بلغ لفات ذلك وفواته مناف لكمال تلك الأسماء والصفات واقتضائها لآثارها وقد تقدم بسط ذلك أتم من هذا، الوجه الأربعون قوله أنه سبحانه رد الأمر إلى محض مشيئة بقوله:{يُعَذِّبُ مَنْ يَشَاءُ وَيَرْحَمُ مَنْ يَشَاءُ} وقوله: {فَيَغْفِرُ لِمَنْ يَشَاءُ وَيُعَذِّبُ مَنْ يَشَاءُ} وقوله: {فإن الله يضل من يشاء ويهدي من يشاء} وقوله: {لا يُسْأَلُ عَمَّا يَفْعَلُ} فهذا كله حق ولكن أين فيه إبطال حكمته وحمده والغايات المحمودة المطلوبة بفعله وأنه لا يفعل شيئا لشيء ولا يأمر بشيء لأجل شيء ولا سبب لفعله ولا غاية أفترى أصحاب الحكمة والتعليل يقولون أنه لا يفعل بمشيئته أو أنه يسئل عما يفعل بل يقولون أنه يفعل بمشيئته مقارنا للحكمة والمصلحة ووضع الأشياء مواضعها وأنه يفعل ما يشاء بأسباب وحكم ولغايات مطلوبة وعواقب حميدة فهم مثبتون لملكه وحده وغيرهم يثبت ملكا بلا حمد أو نوعا من الحمد ومع هضم الملك إذ الرب تعالى له كمال وكمال الحمد فكونه يفعل ما يشاء يمنع من أن يشاء بأسباب وحكم وغايات وأنه لا يشاء إلا ذلك وأما قوله: {لا يُسْأَلُ عَمَّا يَفْعَلُ وَهُمْ يُسْأَلُونَ} فهذا لكمال علمه وحكمته لا لعدم ذلك وأيضا فسياق الآية في معنى آخر وهو إبطال إلهية من سواه وإثبات الألوهية له وحده فإنه سبحانه قال: {أَمِ اتَّخَذُوا آلِهَةً مِنَ الْأَرْضِ هُمْ يُنْشِرُونَ لَوْ كَانَ فِيهِمَا آلِهَةٌ إِلَّا اللَّهُ لَفَسَدَتَا فَسُبْحَانَ اللَّهِ رَبِّ الْعَرْشِ عَمَّا يَصِفُونَ لا يُسْأَلُ عَمَّا يَفْعَلُ وَهُمْ يُسْأَلُونَ} فأين في هذا ما يدل على إبطال التعليل بوجه من الوجوه ولكن أهل الباطل يتعلقون بألفاظ نزلوها على باطلهم لا تنزل عليه وبمعان متشابهة يشتبه فيها الحق بالباطل فعمدتهم المتشابه من الألفاظ والمعاني فإذا فصلت وبينت يتبين أنها لا دلالة فيها وأنها مع ذلك قد تدل على نقيض مطلوبهم وبالله التوفيق.

ص: 268

‌الباب الرابع والعشرون: في قول السلف من أصول الإيمان الإيمان بالقدر خيره وشره حلوه ومره

.

قد تقدم أن القدر لا شر فيه بوجه من الوجوه فإنه علم الله وقدرته وكتابه ومشيئته وذلك خير محض

ص: 268