الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
قول السادة الحنابلة رحمهم الله تعالى:
سبق بيان أقوال السادة العلماء من الأحناف والمالكية والشافعية، ونذكر هنا إن شاء الله تعالى قول الحنابلة رحم اللهُ الجميعَ، وسأبين هنا أمرين، أولاهما: بيان أن المذهب هو الحرمة، والثاني هو خطأ مَن جعل في المذهب قولًا ثانيا بالكراهة، كما سأبين تدليس أو جهل البعض في هذه النقطة، والله المستعان وحده أن يلهمنا الصواب والرشد، ويجيرنا من البغي والعنت، إنه سبحانه على كل شيء قدير، وبكل جميل كفيل، وهو حسبنا ونعم الوكيل، وفيما يلي ذكر أقوال السادة الحنابلة رحمهم الله تعالى المصرحة بالحرمة، أو ما نقلوا فيها كلام ابن تيمية، ونقله دون إظهار مخالفة، الأصل في ذلك الإقرار إلا لقرينة، ولن أذكر أقوال ابن تيمية ولا محمد بن عبد الوهاب ولا أحد من المعاصرين رحم الله الجميع، وسأكتفي بما نقلته آنفا من حكاية ابن تيمية لإجماع العلماء رحمهم الله تعالى، والله المستعان وحده.
وهذا سرد لبعض الأقوال المصرحة بالتحريم:
• قال أبو الفتح الحلواني (ت 505) في كفاية المبتدي (ص 97) ذاكرا بعض المنكرات عند القبور، وفيها الإشارة للطواف، قال:«وأما التمسح به والصلاة عنده أو قصده لأجل الدعاء معتقدا أن الدعاء هناك أفضل من الدعاء في غيره، والنذر له أو نحو ذلك فليس هذا من دين المسلمين، بل [مـ] ما أحدث من البدع القبيحة التي من شعب الشرك» .
• قال ابن عقيل رحمه الله (ت 513) كما في الفروع لابن مفلح (3/ 382): «لا يخلق القبور بالخلوق، والتزويق والتقبيل لها والطواف بها، والتوسل بهم إلى الله» .
• قال ابن عبد الهادي رحمه الله (ت 744) في الصارم المنكي (ص: 32): «والمسجد الحرام يختص بالطواف لا يطاف بغيره» .
وقال أيضا في الصارم المنكي (ص: 81): «وما لم يكن قربة لأهل المدينة لم يكن قربة لغيرهم كاتخاذ بيته عيداً واتخاذ قبره وقبر غيره مسجداً، وكالصلاة إلى الحجرة والتمسح بها وإلصاق البطن بها والطواف بها وغير ذلك مما يفعله جهال القادمين، فإن هذا بإجماع المسلمين ينهي عنه الغرباء، كما ينهى عنه أهل المدينة ينهون عنه صادرين وواردين باتفاق المسلمين» .
وهذا النقل هو نص كلام ابن تيمية في الرد على الإخنائي (ص 370) ط. دار الخراز، وقد نقل ابن عبد الهادي منه كثيرا.
وقال أيضا في الصارم المنكي (ص: 143): «ومما يبين ذلك أن مسجده كسائر المساجد لم يختص بجنس من العبادات لا تشرع في غيره، وكذلك المسجد الأقصى، ولكن خصا بأن العبادة فيها أفضل بخلاف المسجد الحرام، فإنه مخصوص بالطواف واستسلام الركن وتقبيل الحجر وغير ذلك» .
وقال أيضا في الصارم المنكي (ص: 145): «وهذا تشبيه لبيت المخلوق ببيت الخالق، ولهذا لا يجوز الطواف بالحجرة بالاجماع» .
وقال أيضا في الصارم المنكي (ص: 164): «وقد حدث من بعض المتأخرين في ذلك بدع لم يستحبها أحد من الأئمة الأربعة كسؤاله الاستغفار، وزاد بعض جهال العامة ما هو محرم، أو كفر بإجماع المسلمين كالسجود للحجرة والطواف بها وأمثال ذلك مما ليس هذا موضعه» .
وانظر (ص 334 وما بعدها، وفيها إلزامات حسنة)
وقد صرح بالإجماع كما ترى في النقلين السابقين، والنقلان الأخيران هما نص كلام ابن تيمية رحم الله الجميع في الرد على الإخنائي (ص 304، 354) ط. دار الخراز.
• قال ابن مفلح رحمه الله (ت 763) في الفروع (6/ 66): «قال شيخنا [أي: ابن تيمية]: يحرم طوافه بغير البيت العتيق اتفاقا» . ولم يعقب لا هو ولا المرداوي رحم الله الجميع في التصحيح.
• قال الحجاوي رحمه الله (ت 968) في الإقناع (1/ 396): «قال الشيخ [أي: ابن تيمية]: ويحرم طوافه بغير البيت العتيق اتفاقا» . ولم يعقب لا هو ولا البهوتي رحم الله الجميع في كشاف القناع، بل صرح البهوتي بالحرمة، كما سيأتي إن شاء الله.
• وقال ابن النجار رحمه لله (ت 972) في منتهى الإرادات (2/ 171): «وزيارة قبر النبي صلى الله عليه وسلم وقبر صاحبيه رضي الله تعالى عنهما فيسلم عليه مستقبلا له ثم يستقبل القبلة ويجعل الحجرة عن يساره ويدعو ويحرم الطواف بها ويكره التمسح ورفع الصوت عندها» . ولم يعلق عليهما الخلوتي (ت 1088) وابن قائد (ت 1097) في حاشيتهما.
[حاشية الخلوتي (2/ 417)، حاشية ابن قائد (2/ 172)].
وأكده في شرحه المعونة (3/ 486) بنقل حكاية الإجماع عن ابن تيمية رحم الله الجميع.
• قال البهوتي رحمه الله (ت 1051) في شرح منتهى الإرادات (1/ 594): «(ويحرم الطواف بها) أي: الحجرة النبوية، بل بغير البيت العتيق اتفاقا قال الشيخ تقي الدين [أي: ابن تيمية]، (ويكره التمسح) بالحجرة؛ قال الشيخ تقي الدين: اتفقوا على أنه لا يقبله ولا يتمسح به فإنه من الشرك، وكذا مس القبر أو حائطه ولصق صدره به وتقبيله» .
وقال في الروض المربع (ص: 283): «ويجعل الحجرة عن يساره ويدعو بما أحب، ويحرم الطواف بها، ويكره التمسح بالحجرة ورفع الصوت عندها» . وأقرَّه ابن فيروز (ت 1205) في حاشيته (ص 349) وزاد حكاية الإجماع عن ابن تيمية رحم الله الجميع.
• قال مرعي الكرمي رحمه الله (ت 1033) في غاية المنتهى (1/ 251): «وحرم إسراج قبور، وكذا طواف بها» .
وقال أيضا في الغاية (1/ 419): «ويجعل الحجرة عن يساره، ويدعو بما أحب، ويحرم الطواف بها، قال الشيخ [أي ابن تيمية]: يحرم طوافه بغير البيت اتفاقا، وكره تمسح بالحجرة، ورفع صوت عندها» .
• قال أحمد بن عوض المرداوي (ت 1140) في فتح وهاب المآرب (1/ 671): «ويحرم الطواف بالحجرة، ويكره التمسح بها» .
• قال أحمد البعلي رحمه الله (ت 1189) في الروض الندي (ص: 191): «ولا يتمسح ولا يمس قبر النبي صلى الله عليه وسلم ولا حائطه ولا يلصق به صدره ولا يقبله. ويحرم الطواف بغير البيت العتيق» .
• وقال عبد الرحمن البعلي رحمه الله (ت 1192) في بداية العابد (ص: 76): «ثم يستقبل القبلة ويجعل الحجرة عن يساره ويدعو، ويحرم الطواف بها» .
وقال في شرحه للبداية (ص 198): «(ويحرم الطواف بها) أي بالحجرة النبوية، بل يحرم بغير البيت العتيق اتفاقا، قاله الشيخ تقي الدين» .
وقال في كشف المخدرات (1/ 330): «وَيحرم الطّواف بِغَيْر البَيْتِ العَتِيق اتِّفَاقًا، قَالَه الشَّيْخ (تَقِيّ الدّين)» ولم يعقب.
• وقال الرحيباني رحمه الله (ت 1243) في مطالب أولي النهى (1/ 913): «(وكذا) يحرم (طواف بها)، أي: القبور» .
وقال أيضا في المطالب (2/ 442): «(ويحرم الطواف بها) أي: الحجرة النبوية، (قال الشيخ) تقي الدين: بل (يحرم طوافه بغير البيت) العتيق (اتفاقا، وكره تمسح بالحجرة) اتفاقا أيضا - وتقبيلها» .
• وقال حسن الشطي رحمه الله (ت 1274) في أقرب المسالك (ص 35): «ويحرم الطواف بها [أي: الحجرة]، ويكره التمسح بها، ورفع الصوت عندها» .
• وقال اللبدي (ت 1319) في دليل الناسك (ص 72): «يحرم الطواف بالحجرة الشريفة، بل بغير البيت العتيق اتفاقا، قاله شيخ الإسلام [أي: ابن تيمية]، واتفق العلماء على كراهة التمسح بجدار القبر الكريم وتقبيله وإلصاق صدره به، بل الأدب أن يبعد كما يبعد منه في حياته صلى الله عليه وسلم، قال النووي: وهذا هو الصواب، وهو الذي قاله العلماء وأطبقوا عليه» .
• وقال الدمنهوري (ت 1335) في منهج السالك (ص 560): «ويحرم الطواف بالحجرة الشريفة» .
ويتبقى الأقوال التي صرحت بلفظة الكراهة، وهو ما سيأتي بيانه إن شاء الله تعالى، والله الموفق والهادي لا إله إلا هو.