الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
قول السادة الشافعية رحمهم الله تعالى:
سبق وتكلمنا عن الإشارة إلى أن الطواف مختص بالبيت، ونصوص الشافعية في هذا كثيرة جدا، ولكن سنذكر النصوص الصريحة في النص على حرمة الطواف بغير البيت المعظم، ومنها:
• قال الحليمي رحمه الله (ت 403) في شعب الإيمان (2/ 408): فكذلك الكعبة إنما شرفت باسم الله تعالى، وضعت في الأرض بحيال البيت المعمور ليكون متعبدًا لسكان الأرض، فخصه الله بعبادتين: أحدهما الطواف فلا يجوز إلا حوله. والآخر: الصلاة فلا تجوز إلا إليه.
وقال أيضا في شعب الإيمان (2/ 457): «ونهى بعض أهل العلم عن الصاق البطن والظهر بجدار القبر ومسحه باليد، وذلك من البدع. وما قاله يشبه الحق، لأنه ما كان يتقرب في حياته بمسح جدار بيته، ولا بإلصاق البطن والظهر به. وإن كان مثل ذلك بالكعبة، ويطاف بالكعبة ولا يطاف بالقبر، فلا ينكر أن يمسح الكعبة ولا يمسح جدار القبر» .
وانظر الباعث لأبي شامة (ص 95)، والمجموع للنووي (8/ 275)، والإيضاح (ص 456)، وهداية السالك للعز ابن جماعة (4/ 1526)، وإتحاف الزائر لأبي اليم ابن عساكر (ص 61).
• قال الرافعي رحمه الله (ت 623) في شرح الوجيز (3/ 395): «يجب ألا يوقع الطواف خارج المسجد، كما يجب أن لا يوقعه خارج مكة والحرم» .
• وقال ابن الصلاح رحمه الله (ت 643) في صلة الناسك (ص 353): «لا يجوز أن يطاف بالقبر» .
وانظر الباعث لأبي شامة (ص 95)
• وذكر ابن أبي شامة رحمه الله (ت 665) في الباعث (ص 95) كلام ابن الصلاح مقرًّا له.
وقال في معرض ذكره للبدع المحدثات (ص: 33): «وقد بلغني أن منهم من يطوف بقبة الصخرة تشبها بالطواف بالكعبة ولا سيما في السنين التي انقطع فيها طريق الحاج» .
• قال النووي رحمه الله (ت 676) في شرح المهذب (8/ 275): «لا يجوز أن يطاف بقبره صلى الله عليه وسلم ويكره إلصاق الظهر والبطن بجدار القبر قاله أبو عبيد الله الحليمي وغيره قالوا ويكره مسحه باليد وتقبيله بل الأدب أن يبعد منه كما يبعد منه لو حضره في حياته صلى الله عليه وسلم هذا هو الصواب الذي قاله العلماء وأطبقوا عليه ولا يغتر بمخالفة كثيرين من العوام وفعلهم ذلك؛ فإن الاقتداء والعمل إنما يكون بالأحاديث الصحيحة وأقوال العلماء ولا يلتفت إلى محدثات العوام وغيرهم وجهالاتهم» . وانظر الإيضاح (ص 456).
وهذا صريح منه رحمه الله في حكاية الإجماع على المسألة؛ إذ قال: «هذا هو الصواب الذي قاله العلماء وأطبقوا عليه» .
• قال أبو اليمن ابن عساكر رحمه الله (ت 686) في إتحاف الزائر (ص 60، 61):
• وعلق الذهبي رحمه الله (ت 748) في السير (16/ 264، 265) على طواف إبراهيم النصراباذي بغير البيت المعظم: «وهذه ورطة أخرى، أفتكون قبلة الإسلام كقبر! ويطاف به!، فقد لعن رسول الله صلى الله عليه وسلم من اتخذ قبرًا مسجدًا» .
• قال العزُّ ابن جماعة رحمه الله (ت 767) في هداية السالك (4/ 1528): «ولا يجوز أن يطاف بقبره صلى الله عليه وسلم، ولا ببناء غير الكعبة الشريفة بالاتفاق» .
ولاحظ هنا أنه رحمه الله نقل الاتفاق.
• قال ابن النحاس الدمشقي رحمه الله (ت 814) في تنبيه الغافلين (ص 468، 469) عند ذكره لجملة من البدع والمحدثات، فقال:«وهذا كلُّه من البدع المحدثة في الدين، ويتعين على من له اليد أن يمنعهم من ذلك ويزجرهم، ومنها: طوافهم بالقبة التي يسمونها قبة آدم عليه السلام، وهي بدعة شنيعة يجب إنكارها والمنع منها» .
• وعدَّ المقريزيُّ رحمه الله (ت 845) في تجريد التوحيد (ص 18) الطواف بغير بيت الله المحرم من أمثلة الشرك بالله في الأفعال.
• وقال السيوطي رحمه الله (ت 911) في الأمر بالاتباع (ص: 145) بعد ذكره للوقوف بعرفة: «وكذلك السفر إلى بيت المقدس لا خصوص له في هذا الوقت على غيره. ثم فيه مضاهاة الحج إلى البيت الحرام وتشبه له بالكعبة، ولهذا قد أفضى الأمر ببعض الضُّلَّال للطواف بالصخرة تشبيهاً بالكعبة، أو من حلق الرأس، أو من النسك هناك كذلك الطواف بالقبة التي بجبل الرحمن بعرفة، وكذلك اجتماعهم في المسجد الأقصى في الموسم لأشياء. والغناء والضرب بالدفوف ونحو هذا من أقبح المنكرات. وهذا منهي عنه خارج المسجد، فكيف بالمسجد الأقصى. فقصد بقعة بعينها للتعريف فيها، كقبر رجل صالح أو المسجد الأقصى، لا يختلفون في النهي عنه لأن فيه تشبيهاً بعرفات» .
وقال رحمه الله كذلك في الأمر بالاتباع (ص: 185): «ومن البدع أيضاً: أكل العوام التمر الصيحاني في الروضة الشريفة بين المنبر والقبر، وطوافهم بالقبر الشريف، ولا يحل ذلك. وكذلك إلصاقهم بطونهم وظهورهم بجدار القبر، وتقبيلهم إياه بالصندوق الذي عند رأس النبي، ومسحه باليد. وكل ذلك منهي عنه» .
• وعدَّ ابنُ حجر الهيتمي رحمه الله (ت 974) في الزواجر (1/ 244) الطوافَ حول القبور من الكبائر، فقال:«الكبيرة الثالثة والرابعة والخامسة والسادسة والسابعة والثامنة والتسعون: اتخاذ القبور مساجد، وإيقاد السرج عليها، واتخاذها أوثانا، والطواف بها، واستلامها، والصلاة إليها» .
ونقل رحمه الله في الجوهر المنظم (ص 113) إجماع النووي، ثم حكى هو الإجماع كذلك، فقال:«كذلك أجمعوا على حرمة الطواف بقبره؛ لأن الطواف بمنزلة الصلاة، كما في الحديث الصحيح، إلا في مسائل ليست هذه منها» .
وقد تبين لك أيها القاريء الكريم أن النوويَّ سبق ابنَ تيمية رحم الله الجميع بحكاية الإجماع، وحكى العزُّ ابنُ جماعة رحمه الله الإجماعَ كذلك، بل الإجماع على حرمته بديهي؛ كقولهم في الذبح والسجود، والله المستعان.
وقد أكثرت من النقل عن الشافعية رحمهم الله من صريح قولهم، ومن يستدل بفعل بعضهم في مقابل صريح أقوالهم = فإنه لم يشم رائحةَ جوهرِ العلم، وإن نقل في هذا الباب وأكثر من ذلك!، ولا حول ولا قوة إلا بالله.