الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
تقديم
الحمد لله الذي أبدع كل شيء فأحسنه؛ وأرسل رسوله محمداً صلى الله عليه وسلم بهذا الدين فبلغه وبينه؛ واختار له من الأصحاب والأتباع من نهضوا بنقله وتلقينه، وحفظه وتدوينه، حتى بلغ الخلف كما تلقاه السلف، غضاً طرياً مدى العصور.
أما بعد:
فقد أوجب الله على المسلمين طاعة رسوله صلى الله عليه وسلم، وأمر بها في كتابه الكريم كقوله سبحانه:{وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا} [الحشر: 7]؛
وكقوله تعالى: {وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَالرَّسُولَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ} [آل عمران: 132]؛
وكقوله سبحانه: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اسْتَجِيبُوا لِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُمْ لِمَا يُحْيِيكُمْ} [الأنفال: 24]؛
وكقوله تعالى: {مَنْ يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطَاعَ اللَّهَ} [النساء: 80]؛
فجعل الله طاعة رسوله طاعته.
وكقوله تعالى: {قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ} [آل عمران: 31]؛
فجعل الله حبه في طاعة رسوله صلى الله عليه وسلم. وذلك لأن الله أنزل القرآن مجملاً، ووكل تفسيره إلى رسوله، فكان من وظيفته صلى الله عليه وسلم أن يبين القرآن بأقواله وأفعاله وتقاريره.
قال تعالى: {وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ وَلَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ} [النحل: 44]؛
وقال تعالى: {وَمَا أَنْزَلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ إِلَّا لِتُبَيِّنَ لَهُمُ الَّذِي اخْتَلَفُوا فِيهِ وَهُدًى وَرَحْمَةً لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ} [النحل: 64]؛
وقال تعالى في سورة النساء: {وَأَنْزَلَ اللَّهُ عَلَيْكَ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَعَلَّمَكَ مَا لَمْ تَكُنْ تَعْلَمُ وَكَانَ فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكَ عَظِيمًا} [النساء: 113].
فذكر الله الكتاب وهو القرآن الكريم، والحكمة وهي السنة المطهرة.
وقد شهد الله جل ثناؤه باستمساكه بما أمره به، في سورة الشورى:{وَإِنَّكَ لَتَهْدِي إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ} [الشورى: 52].
فهدي رسول الله صلى الله عليه وسلم هو صراط الله الذي أمر عباده باتباعه.
ولقد كان الصحابة رضي الله عنهم هم الرعيل الأول الذين رباهم رسول الله صلى الله عليه وسلم، فتهذبت نفوسهم، وصفت قلوبهم، وكانوا ينظرون إلى النبي صلى الله عليه وسلم قائداً هادياً، ومرشداً مربياً، فيتسابقون للاقتداء به في أفعاله، وعباداته، ومعاملاته؛ لأنه عليه السلام هو الذي أنقذهم من الضلال والظلام إلى الهدى والنور. فكانوا يرجعون إليه في حل خصوماتهم، وقطع منازعاتهم، كما كانوا يسترشدون برأيه في الحوادث التي تقع، ولم ينص عليها القرآن؛ لأنه صلى الله عليه وسلم أعلم الخلق بمقاصد الشريعة ومراميها.
فكتب السنة المشرفة مما يشتاق إليها محبو النبي صلى الله عليه وسلم؛ إذ السنة هي الوحي بعد الوحي، وفيها تبيان القرآن وشفاء الصدور. وقد كثرت المصنفات في الحديث الشريف وعمت بركاتها. وفي كل كتاب منها فائدة لا تجدها في سواه.
وقد قام الإمام العالم الفاضل المتقن، المحقق الحافظ العلامة، حسنة الأيام، حافظ زمانه، وضابط أوانه، معدن الإتقان أبو حاتم محمد بن حبان التميمي البستي القاضي وهو أحد الأئمة الرحالة والمصنفين بتأليف كتاب سماه كتاب التقاسيم والأنواع. وهو من أجمع المصنفات في الأخبار النبوية، وأنفع المؤلفات في الآثار المحمدية، وأشرف الأوضاع وأطرف الإبداع.
وهذا الكتاب الذي نتشرف بتقديمه للمسلمين اليوم هو كتاب ترتيبه مخترع؛ ليس على الأبواب ولا على المسانيد، ولهذا سماه مؤلفه "التقاسيم والأنواع".
نسأل الله أن يوفقنا جميعاً لاتباع سنة نبيه، والاهتداء بهديه، والابتعاد عن محدثات الأمور؛
إنه سميع مجيب الدعوات.
الأستاذ الدكتور
محمد علي سونمز
جامعة ألوداغ، كلية الإلهيات، بورصة
الأستاذ المشارك الدكتور المهندس
خالص آي دمير
جامعة ألوداغ، كلية الإلهيات، بورصة halisaydemir@gmail.com