الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ذِكْرُ الاِسْتِحْبَابِ لِلْمَرْءِ أَنْ يَكُونَ لَهُ مِنْ كُلِّ خَيْرٍ حَظٌّ رَجَاءَ التَّخَلُّصِ فِي الْعُقْبَى بِشَيْءٍ مِنْهَا
.
807 -
أَخبَرنا الْحَسَنُ بْنُ سُفْيَانَ الشَّيْبَانِيُّ، وَالْحُسَيْنُ بْنُ عَبْدِ اللهِ الْقَطَّانُ بِالرَّقَّةِ، وَابْنُ قُتَيْبَةَ، وَاللَّفْظُ لِلْحَسَنِ، قَالُوا: حَدثنا إِبْرَاهِيمُ بْنُ هِشَامِ بْنِ يَحْيَى بْنِ يَحْيَى الْغَسَّانِيُّ، قَالَ: حَدثنا أَبِي، عَنْ جَدِّي، عَنْ أَبِي إِدْرِيسَ الْخَوْلَانِيِّ، عَنْ أَبِي ذَرٍّ، قَالَ: دَخَلْتُ الْمَسْجِدَ، فَإِذَا رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم جَالِسٌ وَحْدَهُ، قَالَ:"يَا أَبَا ذَرٍّ إِنَّ لِلْمَسْجِدِ تَحِيَّةً، وَإِنَّ تَحِيَّتَهُ رَكْعَتَانِ، فَقُمْ فَارْكَعْهُمَا"، قَالَ: فَقُمْتُ فَرَكَعْتُهُمَا، ثُمَّ عُدْتُ فَجَلَسْتُ إِلَيْهِ، فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ، إِنَّكَ أَمَرْتَنِي بِالصَّلَاةِ، فَمَا الصَّلَاةُ؟ قَالَ:"خَيْرُ مَوْضُوعٍ، اسْتَكْثِرْ أَوِ اسْتَقِلَّ"، قَالَ: قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ، أَيُّ الْعَمَلِ أَفْضَلُ؟ قَالَ:"إِيمَانٌ بِاللهِ، وَجِهَادٌ فِي سَبِيلِ اللهِ"، قَالَ: قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ، فَأَيُّ الْمُؤْمِنِينَ أَكْمَلُ إِيمَانًا؟ قَالَ:"أَحْسَنُهُمْ خُلُقًا"، قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ، فَأَيُّ الْمُؤْمِنِينَ أَسْلَمُ؟ قَالَ:"مَنْ سَلِمَ النَّاسُ مِنْ لِسَانِهِ وَيَدِهِ"،
قَالَ: قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ، فَأَيُّ الصَّلَاةِ أَفْضَلُ؟ قَالَ:"طُولُ الْقُنُوتِ"، قَالَ: قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ، فَأَيُّ الْهِجْرَةِ أَفْضَلُ؟ قَالَ:"مَنْ هَجَرَ السَّيِّئَاتِ"، قَالَ: قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ، فَمَا الصِّيَامُ؟ قَالَ:"فَرْضٌ مَجْزِيٌّ، وَعِنْدَ اللهِ أَضْعَافٌ كَثِيرَةٌ"، قَالَ: قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ، فَأَيُّ الْجِهَادِ أَفْضَلُ؟ قَالَ:"مَنْ عُقِرَ جَوَادُهُ، وَأُهْرِيقَ دَمُهُ"، قَالَ: قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ، فَأَيُّ الصَّدَقَةِ أَفْضَلُ؟ قَالَ:"جَهْدُ الْمُقِلِّ يُسَرُّ إِلَى فَقِيرٍ"، قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ، فَأَيُّ مَا أَنْزَلَ اللهُ عَلَيْكَ أَعْظَمُ؟ قَالَ:"آيَةُ الْكُرْسِيِّ"، ثُمَّ قَالَ:"يَا أَبَا ذَرٍّ، مَا السَّمَاوَاتُ السَّبْعُ مَعَ الْكُرْسِيِّ إِلَاّ كَحَلْقَةٍ مُلْقَاةٍ بِأَرْضِ فَلَاةٍ، وَفَضْلُ الْعَرْشِ عَلَى الْكُرْسِيِّ كَفَضْلِ الْفَلَاةِ عَلَى الْحَلْقَةِ"، قَالَ: قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ، كَمِ الأَنْبِيَاءُ؟ قَالَ:"مِائَةُ أَلْفٍ وَعِشْرُونَ أَلْفًا"، قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ، كَمِ الرُّسُلُ مِنْ ذَلِكَ؟ قَالَ:"ثَلَاثُ مِائَةٍ وَثَلَاثَةَ عَشَرَ جَمًّا غَفِيرًا"، قَالَ: قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ، مَنْ كَانَ أَوَّلُهُمْ؟ قَالَ:"آدَمُ عليه السلام"،
قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ، أَي مُرْسَلٌ؟ قَالَ:"نَعَمْ، خَلَقَهُ اللهُ بِيَدِهِ، وَنَفَخَ فِيهِ مِنْ رُوحِهِ، وَكَلَّمَهُ قِبَلاً"، ثُمَّ قَالَ:"يَا أَبَا ذَرٍّ أَرْبَعَةٌ سُرْيَانِيُّونَ: آدَمُ، وَشِيثُ، وَأَخْنُوخُ، وَهُوَ إِدْرِيسُ، وَهُوَ أَوَّلُ مَنْ خَطَّ بِالْقَلَمِ، وَنُوحٌ، وَأَرْبَعَةٌ مِنَ الْعَرَبِ: هُودٌ، وَشُعَيْبٌ، وَصَالِحٌ، وَنَبِيُّكَ مُحَمَّدٌ صلى الله عليه وسلم"، قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ، كَمْ كِتَابًا أَنْزَلَهُ اللهُ؟ قَالَ:"مِائَةُ كِتَابٍ، وَأَرْبَعَةُ كُتُبٍ، أُنْزِلَ عَلَى شِيث خَمْسُونَ صَحِيفَةً، وَأُنْزِلَ عَلَى أَخْنُوخَ ثَلَاثُونَ صَحِيفَةً، وَأُنْزِلَ عَلَى إِبْرَاهِيمَ عَشَرُ صَحَائِفَ، وَأُنْزِلَ عَلَى مُوسَى قَبْلَ التَّوْرَاةِ عَشْرُ صَحَائِفَ، وَأُنْزِلَ التَّوْرَاةُ وَالإِنْجِيلُ وَالزَّبُورُ والفرقان"، قَالَ: قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ، مَا كَانَتْ صَحِيفَةُ إِبْرَاهِيمَ؟ قَالَ: "كَانَتْ أَمْثَالاً كُلُّهَا: أَيُّهَا الْمَلِكُ الْمُسَلَّطُ الْمُبْتَلَى الْمَغْرُورُ، إِنِّي لَمْ أَبْعَثْكَ لِتَجْمَعَ الدُّنْيَا بَعْضَهَا عَلَى بَعْضٍ، وَلَكِنِّي بَعَثْتُكَ لِتَرُدَّ عَنِّي دَعْوَةَ الْمَظْلُومِ، فَإِنِّي لَا أَرُدُّهَا وَلَوْ كَانَتْ مِنْ كَافِرٍ،
وَعَلَى الْعَاقِلِ مَا لَمْ يَكُنْ مَغْلُوبًا عَلَى عَقْلِهِ أَنْ تَكُونَ لَهُ سَاعَاتٌ: سَاعَةٌ يُنَاجِي فِيهَا رَبَّهُ، وَسَاعَةٌ يُحَاسِبُ فِيهَا نَفْسَهُ، وَسَاعَةٌ يَتَفَكَّرُ فِيهَا فِي صُنْعِ اللهِ، وَسَاعَةٌ يَخْلُو فِيهَا لِحَاجَتِهِ مِنَ الْمَطْعَمِ وَالْمَشْرَبِ، وَعَلَى الْعَاقِلِ أَنْ لَا يَكُونَ ظَاعِنًا إِلَاّ لِثَلَاثٍ: تَزَوُّدٍ لِمَعَادٍ، أَوْ مَرَمَّةٍ لِمَعَاشٍ، أَوْ لَذَّةٍ فِي غَيْرِ مُحَرَّمٍ، وَعَلَى الْعَاقِلِ أَنْ يَكُونَ بَصِيرًا بِزَمَانِهِ، مُقْبِلاً عَلَى شَأْنِهِ، حَافِظًا لِلِسَانِهِ، وَمَنْ حَسَبَ كَلَامَهُ مِنْ عَمَلِهِ، قَلَّ كَلَامُهُ إِلَاّ فِيمَا يَعْنِيهِ"، قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ، فَمَا كَانَتْ صُحُفُ مُوسَى عليه السلام؟ قَالَ: "كَانَتْ عِبَرًا كُلُّهَا: عَجِبْتُ لِمَنْ أَيْقَنَ بِالْمَوْتِ، ثُمَّ هُوَ يَفْرَحُ، وَعَجِبْتُ لِمَنْ أَيْقَنَ بِالنَّارِ، ثُمَّ هُوَ يَضْحَكُ، وَعَجِبْتُ لِمَنْ أَيْقَنَ بِالْقَدَرِ ثُمَّ هُوَ يَنْصَبُ، عَجِبْتُ لِمَنْ رَأَى الدُّنْيَا وَتَقَلُّبَهَا بِأَهْلِهَا، ثُمَّ اطْمَأَنَّ إِلَيْهَا، وَعَجِبْتُ لِمَنْ أَيْقَنَ بِالْحِسَابِ غَدًا ثُمَّ لَا يَعْمَلُ"، قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ، أَوْصِنِي، قَالَ: "أُوصِيكَ بِتَقْوَى اللهِ، فَإِنَّهُ رَأْسُ الأَمْرِ كُلِّهِ"، قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ، زِدْنِي، قَالَ: "عَلَيْكَ بِتِلَاوَةِ الْقُرْآنِ، وَذِكْرِ اللهِ، فَإِنَّهُ نُورٌ لَكَ فِي الأَرْضِ، وَذُخْرٌ لَكَ فِي السَّمَاءِ"،
قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ، زِدْنِي: قَالَ: "إِيَّاكَ وَكَثْرَةَ الضَّحِكِ، فَإِنَّهُ يُمِيتُ الْقَلْبَ، وَيَذْهَبُ بِنُورِ الْوَجْهِ"، قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ، زِدْنِي، قَالَ:"عَلَيْكَ بِالصَّمْتِ إِلَاّ مِنْ خَيْرٍ، فَإِنَّهُ مَطْرَدَةٌ لِلشَّيْطَانِ عَنْكَ، وَعَوْنٌ لَكَ عَلَى أَمْرِ دِينِكَ"، قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ، زِدْنِي، قَالَ:"عَلَيْكَ بِالْجِهَادِ، فَإِنَّهُ رَهْبَانِيَّةُ أُمَّتِي"، قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ، زِدْنِي، قَالَ:"أَحِبَّ الْمَسَاكِينَ وَجَالِسْهُمْ"، قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ، زِدْنِي، قَالَ:"انْظُرْ إِلَى مَنْ هو تَحْتَكَ وَلَا تَنْظُرْ إِلَى مَنْ هو فَوْقَكَ، فَإِنَّهُ أَجْدَرُ أَنْ لَا تُزْدَرَى نِعْمَةُ اللهِ عِنْدَكَ"، قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ، زِدْنِي، قَالَ:"قُلِ الْحَقَّ وَإِنْ كَانَ مُرًّا"، قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ، زِدْنِي، قَالَ:"لِيَرُدَّكَ عَنِ النَّاسِ مَا تَعْرِفُ مِنْ نَفْسِكَ، وَلَا تَجِدْ عَلَيْهِمْ فِيمَا تَأْتِي، وَكَفَى بِكَ عَيْبًا أَنْ تَعْرِفَ مِنَ النَّاسِ مَا تَجْهَلُ مِنْ نَفْسِكَ، أَوْ تَجِدَ عَلَيْهِمْ فِيمَا تَأْتِي" ثُمَّ ضَرَبَ بِيَدِهِ عَلَى صَدْرِي، فقَالَ:"يَا أَبَا ذَرٍّ لَا عَقْلَ كَالتَّدْبِيرِ، وَلَا وَرَعَ كَالْكَفِّ، وَلَا حَسَبَ كَحُسْنِ الْخُلُقِ".