الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الاتصال مع منع الخير (1).
قال ابن الأثير رحمه الله: ((القطيعة: الهجران والضَّدُّ، وهي فعلية، من القطع، ويُريدُ به ترك البرِّ والإحسان إلى الأهل والأقارب، وهي ضدُّ صلة الرحم)) (2).
وقطيعة الرحم
اصطلاحاً:
هجر القريب، وترك وصله، والإحسان إليه (3).
ثالثاً: صلة الأرحام من أعظم الواجبات
، وأفضل الطاعات، وقطيعتها من أعظم الذنوب وأخطر الآفات؛ للأدلة من الكتاب والسنة الصحيحة الصريحة على النحو الآتي:
1 - أمر الله عز وجل بصلة الأرحام
، فقال:
(1) لغة الفقهاء (ص 335).
(2)
النهاية في غريب الحديث (4/ 82).
(3)
لغة الفقهاء (ص 335).
وقال الله عز وجل: {وَآتِ ذَا الْقُرْبَى حَقَّهُ وَالْمِسْكِينَ وَابْنَ السَّبِيلِ وَلَا تُبَذِّرْ تَبْذِيرًا} (2).
وقال سبحانه: {فَآتِ ذَا الْقُرْبَى حَقَّهُ وَالْمِسْكِينَ وَابْنَ السَّبِيلِ ذَلِكَ خَيْرٌ لِلَّذِينَ يُرِيدُونَ وَجْهَ اللَّهِ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ} (3).
(1) سورة النساء، الآية: 36، وانظر: أحكام القرآن لعماد الدين الطبري الهراس (2/ 371).
(2)
سورة الإسراء، الآية:26.
(3)
سورة الروم، الآية:38.
(4)
سورة البقرة، الآية:215.
وقال تبارك وتعالى: {وَأُولُو الْأَرْحَامِ بَعْضُهُمْ أَوْلَى بِبَعْضٍ فِي كِتَابِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ} (1). وبين الإمام ابن كثير رحمه الله تعالى: أن المعنى لقوله تعالى: {فِي كِتَابِ اللَّهِ} أي في حكم الله، وأنها ليست خاصة بالأرحام الذين يذكرهم علماء الفرائض الذين ليس لهم فرض، وليسوا من العصبة، بل الحق أن الآية عامة تشمل جميع القرابات، كما نص عليه ابن عباس رضي الله عنهما وغيره (2).
وقال تعالى: {وَأُولُو الْأَرْحَامِ بَعْضُهُمْ أَوْلَى بِبَعْضٍ فِي كِتَابِ اللَّهِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُهَاجِرِينَ} (3). أي القرابات أولى بالتوارث من المهاجرين والأنصار، وهذه ناسخة لما كان قبلها من
(1) سورة الأنفال، الآية:75.
(2)
تفسير القرآن العظيم لابن كثير (ص 595).
(3)
سورة الأحزاب، الآية:6.
التوارث بالحلف والمؤاخاة التي كانت بينهم كما قال ابن عباس رضي الله عنهما وغيره (1).
وقال تعالى: {وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا} (2). والمعنى: اتقوا الله بطاعتكم إياه، واتقوا الأرحام أن تقطعوها ولكن برّوها وصلوها، قاله ابن عباس رضي الله عنهما وغيره (3).
2 -
صلة الأرحام يزيد الله بها في العمر، ويبسط في الرزق، ويصل من وصلها، وهي من أسباب المحبة بين الأهل والأقارب.
فعن أنس بن مالك رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: ((من أحب أن يبسط له في رزقه، وينسأ له في
(1) تفسير القرآن العظيم، لابن كثير (ص 1052).
(2)
سورة النساء، الآية:1.
(3)
تفسير القرآن العظيم، (ص 293).
أثره (1) فليصل رحمه)) (2).
وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ((من سره أن يُبسط له في رزقه،
(1) ينسأ له في أثره: أي يؤخر له في أجله، وبسط الرزق: توسيعه وكثرته، وقيل: البركة فيه. وأما التأخير في الأجل، فقيل: هذه الزيادة بالبركة في عمره والتوفيق للطاعات، وعمارة أوقاته بما ينفعه في الآخرة، وصيانتها عن الضياع في غير ذلك، ورجحه النووي. وقيل: إن التأجيل في العمر بالنسبة لما يظهر للملائكة وفي اللوح المحفوظ، ونحو ذلك، فيظهر لهم في اللوح أن عمره ستون سنة، إلا أن يصل رحمه فإن وصلها زيد له أربعون، وقد علم الله عز وجل ما سيقع من ذلك وهو من معنى قوله تعالى:{يَمْحُو اللَّهُ مَا يَشَاءُ وَيُثْبِتُ وَعِنْدَهُ أُمُّ الْكِتَابِ} فيه النسبة إلى علم الله تعالى وما سبق به قدره، ولا زيادة بل هي مستحيلة، وبالنسبة لما ظهر للمخلوقين تتصور الزيادة، وهو مراد الحديث. وقيل: إن المراد بقاء ذكره الجميل بعده فكأنه لم يمت، حكاه القاضي، وهو ضعيف أو باطل والله أعلم. انظر: شرح النووي على صحيح مسلم (16/ 350).
(2)
متفق عليه: البخاري، كتاب الأدب، باب من بسط له في الرزق بصلة الرحم (7/ 96) برقم 5986 ومسلم، كتاب البر والصلة والآداب، باب صلة الرحم وتحريم قطيعتها (4/ 1982) برقم 2557.
وأن ينسأ له في أثره، فليصل رحمه)) (1).
وعن عائشة رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لها: ((إنه من أُعطي حظه من الرفق فقد أعطي حظه من خير الدنيا والآخرة، وصلة الرحم، وحسن الخلق وحسن الجوار، يعمران الديار، ويزيدان في الأعمار)) (2).
وعن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((تعلموا من أنسابكم ما تصلون به أرحامكم؛ فإن صلة الرحم محبة في الأهل، مثراةٌ في المال، مَنْسَاةٌ (3) في الأثر)) (4).
(1) البخاري، كتاب الأدب، باب من بسط له في الرزق بصلة الرحم، برقم 5985.
(2)
مسند الإمام أحمد (6/ 159). قال الحافظ ابن حجر في فتح الباري (10/ 415): ((رجاله ثقات)) وصحح إسناده الألباني في سلسلة الأحاديث الصحيحة، برقم 519.
(3)
قال الترمذي في سننه: منسأة في الأثر، يعني زيادة في العمر (4/ 351).
(4)
أخرجه الترمذي، كتاب البر والصلة، باب ما جاء في تعليم النسب (4/ 351)، برقم 1979، وأحمد في المسند (2/ 374)، والحاكم وصححه ((((ووافقه الذهبي (4/ 161)، وقال الألباني في سلسلة الأحاديث الصحيحة برقم 276:((إسناده جيد، ورجاله ثقات)).
وعن جبير بن مطعم رضي الله عنه أنه سمع عمر بن الخطاب رضي الله عنه يقول على المنبر: ((تعلموا أنسابكم، ثم صلوا أرحامكم، والله إنه ليكون بين الرجل وبين أخيه الشيء، ولو يعلم الذي بينه وبينه من داخلة الرحم (1)؛ لأوزعه ذلك عن انتهاكه)) (2).
وعن ابن عباس رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((اعرفوا أنسابكم تصلوا أرحامكم؛ فإنه لا قرب لرحم إذا قطعت وإن كانت قريبة، ولا
(1) داخلة الرحم: علامة القرابة. فضل الله الصمد في توضيح الأدب المفرد، لفضل الله الجيلاني (1/ 155).
(2)
أخرجه البخاري في الأدب المفرد في باب: تعلموا من أنسابكم ما تصلون به أرحامكم (ص 39)، برقم 72، وحسن إسناده الألباني في صحيح الأدب المفرد (ص 55).