المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌الفصل الثالثفي المتابعات - صيام ستة أيام من شوال - ضمن «آثار المعلمي» - جـ ١٨

[عبد الرحمن المعلمي اليماني]

الفصل: ‌الفصل الثالثفي المتابعات

‌الفصل الثالث

في المتابعات

قد ذكر الترمذي كما تقدم عنه متابعة صفوان بن سليم، وأخرجه أبو داود في "سننه": "حدثنا النُّفيلي نا عبد العزيز بن محمد عن صفوان بن سليم وسعد بن سعيد عن عمر بن ثابت

"

(1)

.

وقال السبكي: "وتابعَ سعدًا على روايته أخواه يحيى وعبد ربه وصفوان بن سليم وغيرهم"

(2)

.

وذكر الطحاوي هؤلاء وزاد: زيد بن أسلم ومحمد بن عمرو بن علقمة. قال: "ووجدنا هذا الحديث أيضًا قد حدَّث به عن عمرو بن ثابت صفوانُ بن سليم وزيد بن أسلم، كما حدثنا يوسف بن يزيد قال: ثنا سعيد بن منصور قال: ثنا عبد العزيز بن محمد قال: أخبرني صفوان بن سليم وزيد بن أسلم عن عمرو بن ثابت

"

(3)

.

كذا يقع في كتابه "عمرو"

(4)

، وإنما هو "عمر". وفي "التهذيب" أنه وقع كذلك في بعض الطرق عند النسائي، قال: "ونبَّه على أنه خطأ، قال:

(1)

"سنن أبي داود" طبعة المطبع الفاروقي بدهلي الهند سنة 1272. [المؤلف]. رقم (2433).

(2)

"سبل السلام"(ج 1 ص 236). [المؤلف]. وطبعة دار الفكر (2/ 167).

(3)

"مشكل الآثار"(ج 3 ص 118). [المؤلف]. وطبعة الرسالة (6/ 122).

(4)

في طبعة الرسالة "عمر" على الصواب هنا وفي جميع المواضع الآتية.

ص: 233

والصواب عمر بن ثابت"

(1)

.

قال

(2)

: "وكما حدثنا أحمد بن عبد الله البرقي ثنا الحميدي قال ثنا عبد العزيز بن محمد الدراوردي عن صفوان بن سليم وسعد بن سعيد عن عمرو بن ثابت

".

وقال الدارمي: "حدثنا نعيم بن حماد ثنا عبد العزيز بن محمد ثنا صفوان وسعد بن سعيد عن عمرو بن ثابت

" فذكره

(3)

.

قال الطحاوي

(4)

: "ووجدنا ممن رواه عن عمرو بن ثابت: يحيى بن سعيد الأنصاري، كما حدثنا أحمد بن شعيب ــ هو الإمام النسائي ــ قال: ثنا هشام بن عمار عن صدقة ثنا عُتبة

(5)

حدثني عبد الملك بن أبي بكر حدثني يحيى بن سعيد عن عمرو بن ثابت قال: غزونا يعني مع أبي أيوب الأنصاري، فصام رمضان وصمنا، فلما أفطرنا قام في الناس فقال: إني

(1)

"تهذيب التهذيب"(ج 8 ص 10). [المؤلف]. وانظر "السنن الكبرى" رقم (2875) حيث نبَّه على ذلك النسائي. ونبَّه عليه أيضًا الدارقطني في "العلل"(6/ 109).

(2)

أي الطحاوي في "مشكل الآثار" رقم (2344). وهو في "مسند الحميدي" برقم (381).

(3)

"مسند الدارمي" طبع دمشق (ج 2 ص 21). [المؤلف]. رقم (1761) طبعة عبد الله هاشم اليماني، وفيها "عمر" على الصواب.

(4)

"مشكل الآثار"(6/ 123، 124) والحديث في "السنن الكبرى" للنسائي (2879) بهذا الإسناد.

(5)

في الأصل "عبيد" تحريف. والتصويب من "مشكل الآثار" طبعة الرسالة. وهو عتبة بن أبي حكيم. قال النسائي في "الكبرى"(2879): عتبة بن أبي حكيم هذا ليس بالقوي.

ص: 234

سمعتُ رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يقول: من صام رمضان

".

قال

(1)

: "ووجدنا ممن رواه أيضًا عن عمرو هذا عبد الله (كذا)

(2)

بن سعيد الأنصاري، كما حدثنا أحمد بن شعيب قال: ثنا محمد بن عبد الله بن عبد الحكم قال ثنا أبو عبد الرحمن المقرئ قال ثنا شعبة بن الحجاج عن عبد ربه بن سعيد عن عمرو بن ثابت عن أبي أيوب الأنصاري ــ ولم يرفعه ــ أنه قال: من صام

".

وذكر الطحاوي

(3)

قبل ذلك متابعة محمد بن عمرو من طريقين: الأولى ابن خزيمة عن [ص 5] حجاج بن المنهال، والثانية إبراهيم بن مرزوق عن حبَّان بن هلال، كلاهما عن أبي سلمة حماد بن سلمة عن محمد بن عمرو عن عمرو بن ثابت قال: ولم يذكر سعدًا.

وذكر في موضع آخر

(4)

أن محمد بن عمرو رواه مرةً عن سعد بن سعيد عن عمر بن ثابت.

فأما صفوان وزيد بن أسلم فتابعيان ثقتان مأمونان، والثناء عليهما كثير،

(1)

"مشكل الآثار"(6/ 124). والحديث في "السنن الكبرى" للنسائي (2878) بهذا الإسناد.

(2)

من المؤلف، إشارة إلى أنه خطأ في طبعة دائرة المعارف من "مشكل الآثار"، والصواب "عبد ربه" كما سيأتي في الإسناد. وهو على الصواب في طبعة الرسالة.

(3)

"مشكل الآثار" رقم (2338، 2339). اختصر المؤلف الطريقين، وسعد غير مذكور في الطريق الثاني فقط، أما الطريق الأول فحجاج بن المنهال ذكر سعدًا، وهو كذلك من طريقه عند الطبراني في "الكبير"(3904).

(4)

"مشكل الآثار"(6/ 121) إشارةً إلى طريق الحجاج بن المنهال السابق.

ص: 235

وهما أكبر سنًّا وأقدم وفاةً من سعد، ولم يذكروا لهما سماعًا، فلا يقال: لعلهما إنما سمعا هذا الحديث منه.

هذا، مع أن صفوان لم يوصف بتدليس البتَّةَ، وزيد كذلك، إلّا أن ابن حجر ذكر قصة قال: إنها تُشعر بأنه دلَّس حديثًا

(1)

. وليس ذلك بالبيِّن. والرواية إلى الراوي عنهما ــ وهو عبد العزيز بن محمد الدراوردي ــ بغاية الصحة.

وأما عبد العزيز فقد روى عنه شعبة والثوري وابن مهدي والشافعي. وروى ابن أبي حاتم

(2)

بأسانيده الصحيحة عن مصعب الزبيري قال: مالك بن أنس يوثِّق الدراوردي. وعن يحيى بن معين أنه قال: الدراوردي أثبت من فليح وابن أبي الزناد وأبي أويس. وعنه أيضًا: عبد العزيز الدراوردي صالح ليس به بأس. وعن أحمد بن حنبل أنه سئل عن عبد العزيز الدراوردي فقال: معروف بالطلب، وإذا حدَّث من كتابه فهو صحيح، وإذا حدَّث من كتب الناس وَهِم، كان يقرأ من كتب الناس فيخطئ، وربما قلب [حديث] عبد الله بن عمر العمري يرويه عن عبيد الله بن عمر. قال ابن أبي حاتم: سئل أبي عن عبد العزيز بن محمد ويوسف بن الماجشون فقال: عبد العزيز محدث، ويوسف شيخ. سمعتُ أبا زرعة يقول: عبد العزيز الدراوردي سيئ الحفظ، فربما حدَّث من حفظه الشيء فيخطئ.

(1)

"تعريف أهل التقديس"(ص 81) تحقيق المباركي.

(2)

في "الجرح والتعديل"(5/ 395، 396).

ص: 236

ونحو هذا في "التهذيب"

(1)

، وزاد عن ابن معين: ثقة حجة. وعن النسائي ليس بالقوي، وفي موضع آخر: ليس به بأس، وحديثه عن عبيد الله بن عمر منكر. وعن ابن سعد: كان ثقة كثير الحديث يغلط. وذكر أن ابن حبان ذكره في "الثقات"

(2)

وقال: كان يخطئ. وقال العجلي: هذا ثقة. وقال الساجي: كان من أهل الصدق والأمانة، إلَّا أنه كثير الوهم. انتهى. وذكروا أنه كان يلحن.

وذكره الحافظ في "مقدمة الفتح"

(3)

، وذكر أن ابن المديني وثقه، وأن أبا حاتم قال: لا يُحتج به.

وقال الذهبي في "الميزان"

(4)

: قال أحمد بن حنبل: "إذا حدَّث من حفظه يهم ليس بشيء، وإذا حدَّث من كتابه فنعم، وإذا حدَّث جاء ببواطيل". وقال: وأما ابن المديني فقال: ثقة ثبت.

هذا، واحتجَّ به مسلم في "صحيحه"، وأخرج له البخاري في "صحيحه" مقرونًا بغيره ومفردًا بصيغة التعليق في المتابعات، واحتج به الباقون. كذا في "مقدمة الفتح".

أقول: أما العدالة والصدق والأمانة فثابتة لهذا الرجل اتفاقًا. وأما الحفظ والضبط فما رواه من كتابه فلا شكَّ فيه، وما قرأه من كتاب غيره يُخشَى فيه التصحيف والتحريف، كان يقرأ "عبد الله""عبيد الله" وشِبْه ذلك.

(1)

"تهذيب التهذيب"(6/ 354، 355).

(2)

(7/ 116).

(3)

"هدى الساري"(ص 420).

(4)

(2/ 633، 634).

ص: 237

وربما حدَّث من حفظه الشيء فيُخطئ، كما قال أبو زرعة. وعلى هذا يُحمل كلام من أطلق، كابن سعد والنسائي وغيرهما.

وأما ما في "الميزان" عن أحمد فلا أدري أيصحُّ أم لا، لأن صاحب "التهذيب" لم يذكرها، إنما ذكر ما أسنده ابن أبي حاتم، فالله أعلم.

وبالجملة فإطلاق إمام الجرح والتعديل يحيى بن معين أنه ثقة حجة، وإطلاق ابن المديني حافظ عصره أنه ثقة ثبت= يدلُّ على أحد أمرين: إما أن عبد العزيز كان لا يكاد يُحدِّث من حفظه، وإما أنه كان إذا حدَّث من حفظه لا يكثر وهمه، وإنما كان ربما وهم. وعبارة أبي زرعة صريحة في الأول، فإنه قال:"فربما حدَّث من حفظه"، فدلَّ أن ذلك قليل، والغالب أنه لا يحدِّث إلَّا من كتاب.

[ص 6] وإذا ثبت أنه كان لا يحدِّث من حفظه إلا قليلًا فالغالب أنه حدَّث بهذا الحديث من كتاب، فإن كان من كتابه فلا كلام، وإن كان من كتاب غيره فكذلك، لأنه ليس مظنَّة التصحيف والتحريف. ويؤكِّد هذا أن الذين رووه عنه أئمة حفَّاظ متثبتون

(1)

:

منهم: ابن المبارك

(2)

، على ما يظهر من عبارة الترمذي وقد مرَّت. وابن

(1)

ممن رواه عنه ولم يذكره المؤلف: أحمد بن عبدة عند ابن خزيمة (2114)، وإسحاق بن إبراهيم (ابن راهويه) عند ابن حبان (3634)، وخلاد بن أسلم عند النسائي في "الكبرى"(2876)، ومحمد بن عباد عند الهيثم بن كليب الشاشي في "مسنده"(1143)، ويحيى الحماني وضرار بن صُرَد عند الطبراني في "الكبير"(3911).

(2)

أخرجه ابن أبي شيبة في "المصنف"(3/ 97) ومسلم (2/ 822) رقم (1164) من طريق ابن المبارك عن سعد بن سعيد به. وليس عن عبد العزيز.

ص: 238

المبارك ابن المبارك.

ومنهم: النفيلي عند أبي داود

(1)

كما مرَّ، واسمه عبد الله بن محمد بن علي بن نفيل، كان يُقرَن بأحمد، وكان أحمد يعظِّمه. وقال أبو داود: ما رأيت أحفظ منه

(2)

.

ومنهم: الحميدي عند الطحاوي

(3)

كما مرَّ، واسمه عبد الله بن الزبير بن عيسى. قال أحمد: الحميدي عندنا إمام. وقال يعقوب بن سفيان: ما لقيتُ أنصحَ للإسلام وأهله منه

(4)

.

ومنهم: نعيم بن حماد عند الدارمي

(5)

كما مرَّ. ونعيم إمام في السنة، ثقة له أوهام

(6)

. وهذا من صحيح حديثه.

هؤلاء كلهم رووه عن عبد العزيز عن صفوان وسعد.

ورواه سعيد بن منصور

(7)

عن عبد العزيز عن صفوان وزيد بن أسلم. وسعيد إمام، كان أحمد يُحسِن الثناء عليه ويُفخّم أمره. وقال أبو حاتم: ثقة، من المتقنين الأثبات

(8)

.

(1)

رقم (2433).

(2)

انظر "تهذيب التهذيب"(6/ 17).

(3)

في "مشكل الآثار"(2344). وهو في "مسند الحميدي"(381).

(4)

انظر "تهذيب التهذيب"(5/ 215).

(5)

في "سننه"(1761).

(6)

انظر "تهذيب التهذيب"(10/ 458 وما بعدها).

(7)

كما في "مشكل الآثار"(2343).

(8)

انظر "تهذيب التهذيب"(4/ 89).

ص: 239

وبالجملة فصاحبا الصحيح البخاري ومسلم قد عرفا حال عبد العزيز، وعرفا ما قيل فيه، فاتفقا على الإخراج له في الصحيح. أما مسلم فيحتج به مطلقًا، وأما البخاري فيقرِنه بغيره، ويُفرِده في المتابعات والشواهد، وحديثه هذا متابعة.

وأما متابعة يحيى بن سعيد الأنصاري

(1)

لأخيه سعد فقد يقال: لعله إنما سمعه من سعد فدلَّسَه

(2)

، وفيه نظر لوجهين:

الأول: أن يحيى لم يشتهر بالتدليس، وإن كان قد نُسِب إليه.

الثاني: أن في روايته زيادةً على الرواية المتواترة عن أخيه، كما يُعلم بمقابلتهما.

وأما متابعة عبد ربه بن سعيد

(3)

لأخيه فهي بغاية الصحة، لأنها من رواية شعبة عن عبد ربه، وعبد ربه مع ثقته لم يُنسَب إلى تدليس البتَّةَ، وليس فيها إلّا أنه لم يصرِّح بالرفع إلى النبي صلى الله عليه وآله وسلم، وهذا لا يضرُّ هنا، لأنّ مثل هذا لا يمكن أن يقوله أبو أيوب رضي الله عنه برأيه، فهو مرفوع حكمًا. نعم رواه الطحاوي

(4)

من طريق ابن لهيعة عن عبد ربه عن أخيه سعد بسنده، ورفعه.

(1)

أخرجها الحميدي في "مسنده"(382) والنسائي في "الكبرى"(2879) والطحاوي في "مشكل الآثار"(2346) والطبراني في "الكبير"(3914، 3915).

(2)

مما يدلُّ على أن يحيى سمعه من أخيه سعد: أن الطبراني أخرجه في "الكبير"(3912) و"الأوسط"(4976) من طريق حفص بن غياث عن يحيى بن سعيد الأنصاري عن سعد بن سعيد به.

(3)

أخرجها النسائي في "الكبرى"(2878) والطحاوي في "مشكل الآثار"(2347).

(4)

في "مشكل الآثار"(2337).

ص: 240

وابن لهيعة ضعيف لا يعتمد عليه.

وأما متابعة محمد بن عمرو

(1)

ففيها نظر، فإن محمدًا قد لُيِّن. والراوي عنه حماد بن سلمة، وقد قيل: إن حفظه ضعُفَ بأَخَرةٍ. ومع ذلك فقد روى محمد الحديث مرةً عن سعد

(2)

. والله أعلم.

تتمة:

يتلخص مما تقدم ثبوت صحة الحديث كما حكم به الإمام مسلم بن الحجاج والترمذي وغيرهما.

(1)

أخرجها الطحاوي في "مشكل الآثار"(2339).

(2)

كما في "المعجم الكبير" للطبراني (3904) و"مشكل الآثار"(2338) و"مسند الهيثم بن كليب الشاشي"(1142، 1145).

ص: 241