المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ذكر ما يحتمله الشعر - ضرائر الشعر

[ابن عصفور]

الفصل: ‌ذكر ما يحتمله الشعر

‌ذكر ما يحتمله الشعر

أعلم أن الشعر لما كان كلاماً موزوناً يخرجه الزيادة فيه والنقص منه عن صحة الوزن، ويحيله عن طريق الشعر، أجازت العرب (فيه) ما لا يجوز في الكلام، اضطروا إلى ذلك أو لم يضطروا إليه، لأنه موضع ألفت فيه الضرائر.

دليل ذلك قوله:

كم بجود مقرف نال العُلي

وكريمٍ بخُله قد وضَعه

في رواية من خفض (مقرفا). ألا ترى أنه فصل بين (كم) وما أضيفت إليه بالمجرور، والفصل بينهما من قبيل ما يختص بجوازه الشعر، مع أنه لم يضطر إلى ذلك، إذ يزول عن الفصل بينهما برفع مقرف أو نصبه.

وألحقوا الكلام المسجوع في ذلك بالشعر، لما كانت ضرورة في النثر أيضاً هي ضرورة النظم. دليل ذلك قولهم: (شهر ثري، وشهر ترى، وشهر

ص: 13

مرعى)، فحذفوا التنوين من (ثرى) ومن (مرعى) اتباعاً لقولهم ترى، لأنه فعل فلم ينون لذلك.

وكذلك قالوا: الضيح والريح، فأبدلوا الحاء ياء اتباعاً للريح، والأصل الضح. حكى ذلك الخليل وأبو حنيفة الدينوري.

وفي الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: (ارجعن مأزورات غير مأجورات). والأصل موزورات، لأنه من الوزر، فأبدلوا الواو ألفاً اتباعاً لمأجورات.

وقد جاء مثل ذلك أيضاً في فواصل القرآن لتتفق. قال الله تعالى: (فأضلونا السبيلا)، وقال سبحانه:(وتظنون بالله الظنونا). فزيادة الألف في (الظنونا) والسبيلا) بمنزلة الألف في الشعر على جهة الإطلاق.

ص: 14

ولكن السجع يجري مجرى الشعر ساغ لأبي محمد الحريري أن يقول: (فألفيت فيها أبا زيد السروجي يتقلب في قوالب الانتساب، ويخبط في أساليب الاكتساب).

فأشبع الكسرة في قواليب اتباعاً لأساليب.

ص: 15