الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
البدعة ان يبين أن ما كان يدعو اليه بدعة وضلالة وان الهدى في ضده كما شرط تعالى في توبة أهل الكتاب الذين كان ذنبهم كتمان ماأنزل الله من البينات والهدى ليضلوا الناس بذلك أن يصلحوا العمل في نفوسهم ويبينوا للناس ما كانوا يكتمونهم اياه فقال {ان الذين يكتمون ما انزلنا من البينات والهدى من بعد ما بيناه للناس في الكتاب أولئك يلعنهم الله ويلعنهم اللاعنون الا الذين تابوا واصلحوا وبينوا فأولئك أتوب عليهم وأنا التواب الرحيم}
وهذا كما شرط في توبة المنافقين الذين كان ذنبهم افساد قلوب ضعفاء المؤمنين وتحيزهم واعتصامهم باليهود والمشركين أعداء الرسول وإظهارهم الإسلام رياء وسمعة أن يصلحوا بدل افسادهم وأن يعتصموا بالله بدل اعتصامهم بالكفار من أهل الكتاب والمشركين وأن يخلصوا دينهم لله بدل إضهارهم رياء وسمعة فهكذا تفهم شرائط التوبة وحقيقتها والله المستعان
الباب الرابع عشر: في بيان أشق الصبر على النفوس
مشقة الصبر بحسب قوة الداعى إلى الفعل وسهولته على العبد فإذا اجتمع في الفعل هذان الأمرن كان الصبر عنه أشق شىء على الصابر وان فقدا معا سهل الصبر عنه وان وجد احدهما وفقد الآخر سهل الصبر من وجه صعب من وجه فمن لاداعى له إلى القتل والسرقة وشرب المسكر وأنواع الفواحش ولا هو سهل عليه فصبره عنه من أيسر شيء عليه وأسهله ومن اشتد داعيه إلى ذلك وسهل عليه فعله فصبره عنه أشق شيء عليه ولهذا كان صبر السلطان عن الظلم وصبر الشباب عن الفاحشة وحبد الغنى عن تناول اللذات والشهوات عند الله بمكان
وفي المسند وغيره عن النبي: "عجب ربك من شاب ليست له
صبوة" ولذلك استحق السبعة المذكورين في الحديث الذين يظلهم الله في ظل عرشه لكمال صبرهم ومشقته فإن صبر الإمام المتسلط على العدل في قسمه وحكمه ورضاه وغضبه وصبر الشاب على عبادة الله ومخالفة هواه وصبر الرجل على ملازمة المسجد وصبر المتصدق على إخفاء الصدقة حتى عن بعضه وصبر المدعو إلى الفاحشة مع كمال جمال الداعى ومنصبه وصبر المتحابين في الله على ذلك في حال اجتماعهما وافتراقهما وصبر الباكى من خشية الله على كتمان ذلك وعدم اظهاره للناس من أشق الصبر ولهذا كانت عقوبة الشيخ الزانى والملك الكذاب والفقير المختال أشد العقوبة لسهولة الصبر عن هذه الأشياء المحرمات عليهم لضعف دواعيها في حقهم فكان تركهم الصبر عنها مع سهولته عليهم دليلا على تمردهم على الله وعتوهم عليه
ولهذا كان الصبر عن معاصى اللسان والفرج من اصعب أنواع الصبر لشدة الداعى اليهما وسهولتهما فإن معاصى اللسان فاكهة الإنسان كالنميمة والغيبة والكذب والمراء والثناء على النفس تعريضا وتصريحا وحكاية كلام الناس والطعن على من يبغضه ومدح من يحبه ونحو ذلك فتتفق قوة الداعى وتيسر حركة اللسان فيضعف الصبر ولهذا قال صلى الله عليه وسلم لمعاذ: "امسك عليك لسانك" فقال "وانا لمؤاخذون بما نتكلم به" فقال صلى الله عليه وسلم "وهل يكب الناس في النار على مناخرهم الا حصائد ألسنتهم" ولا سيما اذا صارت المعاصى اللسانية معتادة للعبد فإنه يعز عليه الصبر عنها ولهذا تجد الرجل يقوم الليل ويصوم النهار ويتورع من استناده إلى وسادة حرير لحظة واحدة ويطلق لسانه في الغيبة والنميمة والمفكه! في أعراض الخلق وربما رخص أهل الصلاح والعلم بالله والدين والقول على الله ما لا يعلم وكثير ممن تجده يتورع عن الدقائق من الحرام والقطرة من الخمر ومثل رأس الإبرة من النجاسة ولا يبالى بارتكاب الفرج الحرام كما يحكى أن رجلا خلا بامرأة أجنبية فلما اراد مواقعتها قال يا هذه غطى وجهك فإن