المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌الباب الخامس: في انقسامه باعتبار محله - عدة الصابرين وذخيرة الشاكرين - ط دار ابن كثير

[ابن القيم]

فهرس الكتاب

- ‌مقدمة

- ‌الباب الأول: في معنى الصبر لغة واشتقاق هذه اللفظة وتصريفها

- ‌الباب الثاني: في حقيقة الصبر وكلام الناس فيه

- ‌الباب الثالث: في بيان أسماء الصبر بالإضافة إلى متعلقه

- ‌الباب الرابع: في الفرق بين الصبر والتصبر والاصطبار والمصابرة

- ‌الباب الخامس: في انقسامه باعتبار محلّه

- ‌الباب السادس: بيان أقسامه بحسب اختلاف قوته وضعفه ومقاومته لجيش الهوى وعجزه عنه

- ‌الباب السابع: في ذكر أقسامه باعتبار متعلقه

- ‌الباب الثامن: في انقسامه باعتبار تعلق الأحكام الخمسة به

- ‌الباب التاسع: في بيان تفاوت درجات الصبر

- ‌الباب العاشر: في انقسام الصبر إلى محمود ومذموم

- ‌الباب الحادي عشر: في الفرق بين صبر الكرام وصبر اللئام

- ‌الباب الثاني عشر: في الأسباب التى تعين على الصبر

- ‌الباب الثالث عشر: في بيان أن الإنسان لا يستغنى عن الصبر في حال من الأحوال

- ‌الباب الرابع عشر: في بيان أشق الصبر على النفوس

- ‌الباب الخامس عشر في ذكر ما ورد في الصبر من نصوص الكتاب العزيز

- ‌الباب السادس عشر: في ذكر ما ورد فيه من نصوص السنة

- ‌الباب السابع عشر: في الآثار الواردة عن الصحابة ومن بعدهم في فضيلة الصبر

- ‌الباب الثامن عشر: في ذكر أمور تتعلق بالمصيبة من البكاء والندب وشق الثياب ودعوى الجاهلية ونحوها

- ‌الباب التاسع عشر: في أن الصبر نصف الايمان

- ‌الباب العشرون: في بيان تنازع الناس في الأفضل من الصبر والشكر

- ‌الباب الحادى والعشرون: فى الحكم بين الفريقين والفصل بين الطائفتين

- ‌الباب الثانى والعشرون: فى اختلاف الناس فى الغنى الشاكر والفقير الصابر أيهما أفضل وما هو الصواب فى ذلك

- ‌الباب الثالث والعشرون: فى ذكر ما احتجت به الفقراء من الكتاب والسنة والآثار والاعتبار

- ‌الباب الرابع والعشرون: فى ذكر ما احتجت به الأغنياء من الكتاب والسنة والآثار والاعتبار

- ‌الباب الخامس والعشرون: في بيان الأمور المضادة للصبر المنافية له والقادحة فيه

- ‌الباب السادس والعشرون: في بيان دخول الصبر والشكر في صفات الرب جل جلاله وتسميته بالصبور والشكور ولو لم يكن الصبر والشكر من الفضيلة إلا ذلك لكفى به

الفصل: ‌الباب الخامس: في انقسامه باعتبار محله

‌الباب الخامس: في انقسامه باعتبار محلّه

الصبر ضربان: ضرب بدني وضرب نفساني وكل منهما نوعان اختياري واضطراري فهذه أربعة أقسام:

الأول: البدني الاختياري، كتعاطي الأعمال الشاقة على البدن اختيارا وإرادة.

الثاني: البدني الاضطراري كالصبر على ألم الضرب والمرض والجراحات والبرد والحر وغير ذلك.

الثالث: النفساني الاختياري كصبر النفس عن فعل ما لا يحسن فعله شرعا ولا عقلا.

الرابع: النفساني الاضطراري كصبر النفس عن محبوبها قهرا إذا حيل بينها وبينه.

فإذا عرفت هذه الأقسام فهي مختصة بنوع الإنسان دون البهائم ومشاركة للبهائم في نوعين منها وهما صبر البدن والنفس الاضطراريين وقد يكون بعضها أقوى صبرا من الإنسان وإنما يتميز الإنسان عنها بالنوعين الاختياريين وكثير من الناس تكون قوة صبره في النوع الذى يشارك فيه البهائم لا في النوع الذى يخص الإنسان فيعد صابرا وليس من الصابرين.

فإن قيل هل يشارك الجن والإنس في هذا الصبر قيل نعم هذا من لوازم التكليف وهو مظنة الأمر والنهى والجن مكلفون بالصبر على الأوامر والصبر عن النواهى كما كلفنا نحن بذلك فإن قيل فهل هم مكلفون على الوجه الذى كلفنا نحن به أم على وجه آخر قيل ما كان من لوازم النفوس كالحب والبغض والإيمان والتصديق والموالاة والمعاداة فنحن وهم مستوون فيه وما كان من لوازم الأبدان كغسل الجنابة وغسل

ص: 22

الأعضاء في الوضوء والاستنجاء والختان وغسل الحيض ونحو ذلك فلا تجب مساواتهم لنا في تكلفه وان تعلق ذلك بهم على وجه يناسب خلقتهم وحيائهم.

فإن قيل فهل تشاركنا الملائكة في شئ من أقسام الصبر قيل الملائكة لم يبتلوا بهوى يحارب عقولهم ومعارفهم بل العبادة والطاعة لهم كالنفس لنا فلا يتصور في حقهم الصبر الذي حقيقته ثبات باعث الدين والعقل في مقابلة باعث الشهوة والهوى وان كان لهم صبر يليق بهم وهو ثباتهم وإقامتهم على ما خلقوا له من غير منازعة هوى أو شهوة أو طبع.

فالإنسان منا إذا غلب صبره باعث الهوى والشهوة التحق بالملائكة وان غلب باعث الهوى والشهوة صبره التحق بالشياطين وان غلب باعث طبعه من الأكل والشرب والجماع صبره التحق بالبهائم قال قتادة خلق الله سبحانه الملائكة عقولا بلا شهوات وخلق البهائم شهوات بلا عقول وخلق الإنسان وجعل له عقلا وشهوة فمن غلب عقله شهوته فهو مع الملائكة ومن غلبت شهوته عقله فهو كالبهائم ولما خلق الإنسان في ابتداء أمره ناقصا لم يخلق فيه الإ شهوة الغذاء الذي هو محتاج إليه فصبره في هذه الحال بمنزلة صبر البهائم وليس له قبل تمييزه قوة صبر الاختيار فإذا ظهرت فيه شهوة اللعب استعد لقوة الصبر الاختياري على ضعفها فيه فإذا تعلقت به شهوة النكاح ظهرت فيه قوة الصبر وإذا تحرك سلطان العقل وقوى استعان بجيش الصبر ولكن هذا السلطان وجنده لا يستقلان بمقاومة سلطان الهوى وجنده فإن إشراق نور الهداية يلوح عليه عند أول سن التمييز وينمو على التدريج إلى سن البلوغ كما يبدو خيط الفجر ثم يتزايد ظهوره وكلها هداية قاصرة غير مستقلة بإدراك مصالح الآخرة ومضارها بل غايتها تعلقها ببعض مصالح الدنيا ومفاسدها فإذا طلعت عليه شمس النبوة والرسالة وأشرق عليه نورها رأى في ضوئها تفاصيل مصالح الدارين ومفاسدهما فتلمح العواقب وليس لأمة الحرب وأخذ أنواع

ص: 23