المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌إسلام الكثير من التتار - التتار من البداية إلى عين جالوت - جـ ١١

[راغب السرجاني]

فهرس الكتاب

- ‌عين جالوت في الميزان

- ‌أسباب تسلط التتار على المسلمين قبل موقعة عين جالوت

- ‌تحرير دمشق من التتار

- ‌دخول قطز والجيش المصري دمشق

- ‌تولية القاضي نجم الدين أبو بكر بن السني قضاء دمشق

- ‌تحرير بلاد الشام من التتار وتوحيدها مع مصر

- ‌تعيين قطز للأمراء على بلاد الشام

- ‌آثار معركة عين جالوت

- ‌النصر قرين الإيمان

- ‌انتصار المسلمين على الهزيمة النفسية التي أصابتهم من التتار

- ‌عودة الهيبة للأمة الإسلامية

- ‌القضاء على التتار في بلاد الشام

- ‌إعطاء الشرعية لدولة المماليك

- ‌توحد مصر والشام

- ‌انتهاء حكم الأيوبيين

- ‌تحرير بلاد الشام من الإمارات الصليبية

- ‌ارتفاع القيمة العلمية للقاهرة

- ‌إسلام الكثير من التتار

- ‌أسباب النصر في عين جالوت

- ‌الإيمان بالله

- ‌الوحدة بين المسلمين

- ‌رفع راية الجهاد

- ‌الأخذ بالأسباب المادية في الجهاد

- ‌التربية بالقدوة

- ‌عدم موالاة الكفار

- ‌تقوية الروح المعنوية وبث الأمل في الأمة

- ‌الأخذ بالشورى

- ‌إسناد الأمر إلى أهله

- ‌الزهد في الدنيا

الفصل: ‌إسلام الكثير من التتار

‌إسلام الكثير من التتار

الأثر العاشر والأخير وهو من أعجب الآثار وأعظمها: عندما رأى كثير من التتار دين الإسلام عن قرب، وقرءوا عن أصوله وقواعده وتشريعاته، وعلموا آدابه وفضائله، ورأوا أخلاقه ومبادئه، أعجبوا به إعجاباً شديداً، فقد كانوا كعامة البشر يعانون من فراغ ديني هائل، ولم يكن عندهم الياسق، وكان مؤلفاً من مختلف الأديان مع بعض الاختراعات التي عملها جنكيز خان، فكانوا يعانون من فراغ ديني هائل، وليس هناك تشريع يقترب أو يحاول الاقتراب من دين الإسلام، ومن اهتم به وبحث فيه فلابد أن يرتبط به إن كان صادقاً في بحثه، وباحثاً عن الحقيقة فعلاً.

فبدأ بعض التتار يؤمنون بدين الإسلام، ثم شاء الله عز وجل أن يدخل الإيمان في قلب أحد زعماء القبيلة الذهبية التي هي أحد الفروع الكبيرة جداً في قبائل التتار، وهذا الزعيم هو ابن عم هولاكو مباشرة وأخو باتو قائد التتار المشهور الذي تكلمنا عليه أيام فتح أوروبا، وتلقب هذا الزعيم بعد إسلامه باسم بركة، وتولى زعامة القبيلة الذهبية سنة (652) من الهجرة، يعني: قبل عين جالوت بست سنوات، وكانت المنطقة التي يحكمها تعتبر شبه مستقلة عن دولة التتار، وهي المنطقة الواقعة شمال بحر قزوين، في جنوب الاتحاد السوفييتي، وبدخول هذا الرجل في الإسلام دخلت أعداد كبيرة من قبيلته في الإسلام، وهذا أمر في منتهى الغرابة؛ لأن هذا كان قبل عين جالوت بست سنوات، فمن الغريب جداً أن التتار الأقوياء يدخلون في دين الضعفاء، فالتتار في ذلك الوقت كانوا يتحكمون في رقاب المسلمين، والمسلمون يهزمون في كل مواقعهم، وهي من المرات القليلة جداً في التاريخ أن يدخل الغازي في دين من يغزوه، والقوي في دين الضعيف، ولكن هذا دين الإسلام، الذي يخاطب الفطرة البشرية، وهذا يعزز المسئولية على أكتاف الدعاة أن يصلوا بهذا الدين إلى غيرهم من أهل الأرض جميعاً، فإن من وصل إليه الدين صحيحاً نقياً فإنه يرجى إسلامه بإذن الله مهما كان معادياً للإسلام في بدء حياته.

ثم بعد موقعة عين جالوت تزايد جداً عدد المسلمين في القبيلة الذهبية، حتى أصبح كل أهلها من المسلمين، فقد أثرت فيهم القوة والانتصار، وتحالفوا مع الظاهر بيبرس ضد هولاكو، ولهم مع هولاكو حروب متكررة طويلة جداً.

والجدير بالذكر في هذا المقام أن نذكر أن هناك بقايا من هذه القبيلة الذهبية ما زالت موجودة إلى الآن، وهي: عبارة عن بعض الإمارات الإسلامية مثل: إمارة قازان، وإمارة القرم، وإمارة استراخان، وإمارة النوغاي، وإمارة خوارزم، وكل هذه الإمارات ما زالت إلى الآن محتلة من روسيا، ولم تحرر حتى بعد أن تفكك الاتحاد السوفييتي وسقط، ولا يعلم بها أحد.

ونسأل الله عز وجل لها ولسائر بلاد المسلمين التحرر الكامل والسيادة المطلقة على أراضيها.

ولاشك أن هناك آثاراً أخرى كثيرة لهذه الموقعة الخالدة، والأمر بين يدي الباحثين والدارسين لدراستها، فموقعة عين جالوت من أعظم المواقع في تاريخ الأرض.

ص: 18