الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الكتب التي تعين الباحث على الكشف عن الرجال:
دراسة الإسناد ومعرفة اتصاله من عدمه ودرجات رواته من العدالة والضبط تتطلب من الباحث البحث عن تراجم الرواة والرجال الذين ورد ذكرهم في الإسناد والبحث عن أحوالهم ومراتبهم.
وكتب الرواة والرجال التي تعين الباحث في هذا المجال كثيرة ومتنوعة تتحد جميعها في غرض واحد وهو تراجم الرواة، ثم تختلف بعد ذلك في المنهج والترتيب والتبويب.
1 – كتب معرفة الأسماء والكنى والألقاب:
وذلك أن من رواة الحديث من يكون مشهوراً باسمه دون كنيته أو لقبه أو مشهوراً بكنيته أو لقبه دون اسمه. وقد ألف العلماء في بيان أسماء ذوي الكنى المشهورين بالأسماء وكذلك ألفوا في بيان ألقاب ذوي الأسماء حتى لا يشتبه راوٍ بآخر ولا يظن لقب شخص أو كنيته اسماً لآخر فيعد الثقة ضعيفاً أو الصادق كاذباً أو العكس.
ومن أشهر المصنفات في هذا النوع:
أ) الكنى والأسماء للدولابي.
ب) المقتنى في سرد الكنى للحافظ الذهبي.
ج) المغني في ضبط أسماء الرجال ومعرفة كنى الرواة وألقابهم وأنسابهم للشيخ محمد بن طاهر.
د) الألقاب لأبي بكر الشيرازي.
هـ) نزهة الألباب في معرفة الألقاب لابن حجر العسقلاني.
2 – كتب في معرفة الأنساب:
من الرواة من نسب إلى مكان أو غزوة أو قبيلة أو صنعة لأمر عارض فصار هذا النسب كالحقيقة له أو مشهوراً به مثل أبي مسعود البدري فإنه لم يشهد بدراً بل نزل فيها فنسب إليها. ومن هذه الكتب:
أ) الأنساب للحافظ أبي سعد السمعاني.
ب) اللباب في تهذيب الأنساب لابن الأثير الجزري.
ج) لب اللباب وهو تلخيص اللباب للحافظ السيوطي.
3 – كتب في المؤتلف والمختلف والمتفق والمفترق والمشتبه من الأسماء والأنساب.
من الأسماء والأنساب ما يأتلف في الخط صورته ويختلف في اللفظ صيغته كسلام _ بتخفيف اللام وتشديدها _ ويسمى المؤتلف والمختلف.
ومنها ما يتفق خطه ولفظه ولكن يفترق شخصه كالخليل بن أحمد اسم لعدة أشخاص ويسمى المتفق والمفترق.
ومنها ما تتفق فيه الأسماء خطاً ونطقاً وتختلف الآباء أو النسب نطقاً مع ائتلافها خطاً أو بالعكس كمحمد بن عقيل _ بكسر القاف وفتحها _ وشريح بن النعمان _ بالشين _ المعجمة والحاء المهملة، أو بالسين المهملة والجيم _ ويسمَّى هذا النوع بالمشتبه ومعرفة هذه الأنواع مهمة، قال ابن المديني: أشد التصحيف مايقع في الأسماء ووجَّهه بعضهم بأنه شيء لا يدخله القياس ولا قبله شيء يدل عليه ولا بعده، ولأنه يخشى أن
يظن الشخصان شخصاً واحداً إذا اتفقت الأسماء، وفي ذلك ما فيه من الخلط بين الرواة.
ومن أشهر ما ألف في هذا النوع:
أ) المتفق والمفترق للخطيب البغدادي.
ب) الأنساب المتفقة لابن طاهر المقدسي.
ج) المؤتلف والمختلف لعبد الغني بن سعيد.
د) تلخيص المتشابه في الرسم وحماية ما أشكل منه عن بوادر التصحيف والوهم للخطيب البغدادي.
هـ) تبصير المنتبه بتحرير المشتبه لابن حجر العسقلاني.
4 – معرفة تواريخ الرواة:
وهي كتب تهتم ببيان مواليد ووفيات الرجال وهو فن مهم وكثيراً ما يتعرض أصحاب الكتب لذكر الوفيات أكثر من المواليد. ومن هذه الكتب:
أ) كتاب الوفيات لابن زَبْر.
ب) كتاب الوفيات لإبراهيم بن إسماعيل المعروف بالحبال.
ج) كتاب وفيات النقلة لأبي الحسن بن المفضَّل.
د) كتاب التكملة لوفيات النقلة للمنذري.
5 – كتب في طبقات الرواة:
وهي كتب تهتم بالتراجم لأقوام تقاربوا في السن والإسناد أو في الإسناد فقط بمعنى أنهم اشتركوا في لقاء الشيوخ مع التقارب في السن
وذلك حتى لا يتداخل المتشابهون في اسم أو كنية فيتميز ذلك بمعرفة طبقاتهم، وحتى يعرف المدلسون من الرواة والحديث المرفوع من غيره.
ومن أشهر الكتب المصنفة في هذا الفن:
أ) الطبقات الكبرى لمحمد بن سعد كاتب الواقدي.
ب) طبقات القراء لأبي عمرو الداني.
ج) طبقات الشافعية الكبرى للسبكي.
د) تذكرة الحفاظ للذهبي.
هـ) طبقات الحفاظ للسيوطي.
6 – كتب في معرفة الصحابة وأخرى في معرفة التابعين:
وفائدة هذا الفن معرفة المتصل من المرسل من الروايات فمن المؤلفات في هذا الشأن:
أ) الاستيعاب في أسماء الأصحاب لابن عبد البر النمري المالكي القرطبي.
ب) أسد الغابة في معرفة الصحابة لعز الدين بن الأثير.
ج) الإصابة في تمييز الصحابة لابن حجر العسقلاني.
د) معرفة التابعين لابن المطرف الأندلسي.
هـ) طبقات التابعين لمسلم بن حجاج النيسابوري.
7 – كتب في معرفة المهمل والمبهم والوحدان ومن اختلط من الرواة:
وفائدة المهمل والمبهم والوحدان تحديد المجهول من الرواة.
أ) مثال ما ألف في الأول المكمل في بيان المهمل للخطيب.
ب) وأما الثاني فمثاله كتاب المستفاد من مبهمات المتن والإسناد لولي الدين العراقي.
ج) ومثال الثالث: كتاب المفردات والوحدان للإمام مسلم.
د) وأما من اختلط فمعرفته تفيد تمييز أحاديث الثقة الذي اختلط هل هي قبل الاختلاط أو بعده، ومثال ما صنف فيه كتاب (الاغتباط بمن رمي بالاختلاط) للحافظ إبراهيم بن محمد سبط بن العجمي، كتاب (الكواكب النيرات في معرفة من اختلط من الرواة الثقات) لابن الكيال الشافعي.
8 – كتب في معرفة الثقات والضعفاء والمدلسين من الرواة:
أ) مثال ما ألف في الثقات (الثقات للعجلي، الثقات لابن حبان، وتاريخ أسماء الثقات ممن نقل عنهم العلم لابن شاهين) .
ب) مثال ما ألف في الضعفاء (الضعفاء الكبير للبخاري، والصغير له أيضاً، الضعفاء والمتروكين للنسائي، الضعفاء للعقيلي، معرفة المجروحين من المحدثين لابن حبان، الكامل في ضعفاء الرجال لابن عدي، ميزان الاعتدال للذهبي، ولسان الميزان لابن حجر) .
ج) مثال ما ألف في المدلسين (التبيين لأسماء المدلسين لبرهان الدين الحلبي، تعريف أهل التقديس لمراتب الموصوفين بالتدليس وهو مشهور بطبقات المدلسين لابن حجر العسقلاني) .
9-
الكتب المؤلفة في رجال كتب مخصوصة:
بقطع النظر عن درجة الراوي، كالكتب الخاصة برجال الكتب الستة، وفيها الكمال، وتهذيبه، وتهذيب تهذيبه، والتقريب، ونحوها تعجيل المنفعة للحافظ ابن حجر، خاص برجال مسند أبي حنيفة ومالك والشافعي وأحمد.
تتمات في ضوابط وقواعد في الجرح والتعديل ودراسة الأسانيد
هناك ضوابط ينبغي أن تراعى عند البحث عن أحوال الرواة:
1 – التثبت من اسم صاحب الترجمة فإن الأسماء كثيراً ما تشتبه ويقع الغلط فيها.
2 – التأكد من نسبة الجرح والتعديل في الراوي إلى الإمام الذي صدر عنه ذلك.
3 – إذا تشابه اسم الراوي مع غيره، فيمكنك الوصول إليه عن طريق من هذه الطرق:
1) النظر في ترجمة الراوي عنه (تلميذه) ، فغالباً يذكر هذا الراوي في شيوخه، ويسمى بما يعينه لك.
2) النظر في ترجمة شيخه، فغالباً ما يذكر هذا الراوي عنه.
3) عن طريق النظر في الطبقة وأسماء الرواة فيها.
4) عن طريق تتبع أسانيد (طرق) الحديث فغالباً ما يميز في واحد منها.
5) عن طريق مراجعة كتب المتفق والمفترق.
ومما له تعلق بهذا، الراويان يتشابهان في الاسم الأول ويشتركان في الطبقة كالسفيانين (سفيان بن عيينة، وسفيان الثوري) والحمادين (حماد بن سلمة، وحماد بن زيد) .
وقد رأيت للذهبي كلاماً نافعاً في ذلك، يمكن أن يقاس عليه في هذا الحال وكلامه _ رحمه الله _ رَكز فيه على الاستعانة بعلم الطبقات.
قال الذهبي _ رحمه الله _: اشترك الحمادان في الرواية عن كثير من المشايخ وروى عنهما جميعا جماعة من المحدثين، فربما روى الرجل منهم عن حماد لم ينسبه. فلا يعرف أي الحمادين هو إلا بقرينة، فإن عري السند من القرائن _ وذلك قليل لم نقطع بأنه ابن زيد، ولا أنه ابن سلمة، بل نتردد، أو نقدره ابن سلمة، ونقول: هذا الحديث على شرط مسلم. إذ مسلم قد احتج بهما جميعا.
فمن شيوخهما معاً: أنس بن سيرين، وأيوب والأزرق بن قيس، وإسحاق بن سويد وبرد بن سنان، وبشر بن حرب، وبهز بن حكيم، وثابت، والجعد أبو عثمان وحميد الطويل، وخالد الحذاء، وداود بن أبي هند، والجريري، وشعيب بن الحبحاب وعاصم بن أبي النجود، وابن عون، وعبيد الله بن عمر، وعطاء بن السائب، وعلي بن زيد، وعمرو بن دينار، ومحمد بن زياد، ومحمد بن واسع، ومطر الوراق وأبو جمرة الضبعي، وهشام بن عروة، وهشام بن حسان، ويحيى بن سعيد الأنصاري، ويحيى بن عتيق، ويونس بن عبيد.
وحدث عن الحمادين: عبد الرحمن بن مهدي، ووكيع، وعفان، وحجاج بن منهال، وسليمان بن حرب، وشيبان، والقعنبي، وعبد الله ابن معاوية الجمحي، وعبد الأعلى بن حماد، وأبو النعمان عارم، ويوسف ابن إسماعيل _ لكن ما له عن حماد بن زيد سوى حديث واحد _ ومؤمل بن إسماعيل، وهُدْبة، ويحيى بن حسان، ويونس بن محمد المؤدب، وغيرهم.
والحفاظ المختصون بالإكثار، وبالرواية عن حماد بن سلمة: بهز بن أسد، وحبان بن هلال، والحسن الأشيب، وعمر بن عاصم.
والمختصون بحماد بن زيد، الذين ما لحقوا ابن سلمة، فهم أكثر وأوضح، كعلي بن المديني وأحمد بن عبدة، وأحمد بن المقدام، وبشر بن معاذ العقدي، وخالد بن خداش وخلف بن هشام، وزكريا بن عدي، وسعيد بن منصور، وأبي الربيع الزهراني والقواريري، وعمرو بن عون، وقتيبة بن سعيد، ومحمد بن أبي بكر المقدمي. ولوين، ومحمد بن عيسى ابن الطباع، ومحمد بن عبيد بن حساب، ومسدد ويحيى بن حبيب، ويحيى ابن يحيى التميي، وعدة من أقرانهم.
فإذا رأيت الرجل من هذه الطبقة، وقد روى عن حماد وأبهمه علمت أنه ابن زيد، وأن هذا لم يدرك حماد بن سلمة، وكذا إذا روى رجل عمن لقيهما فقال: حدثنا حماد، وسكت، نظرت في شيخ حماد من هو؟ فإن رأيته من شيوخهما على الاشتراك، ترددت، وإن رأيته من شيوخ أحدهما على الاختصاص والتفرد عرفته بشيوخه المختصين به، ثم عادة
عفان لا يروي عن حماد بن زيد إلا وينسبه، وربما روى عن حماد بن سلمة فلا ينسبه، وكذلك يفعل حجاج بن منهال، وهدبة بن خالد، فأما سليمان بن حرب، فعلى العكس من ذلك. وكذلك عارم يفعل، فإذا قالا، حدثنا حماد، فهو ابن زيد، ومتى قال موسى التبوذكي حدثنا حماد: فهو ابن سلمة فهو راويته. والله أعلم (1) .
وقال ابن الجوزي: وحماد بن زيد يروي عنه مسدد وليس عند مسدد عن ابن سلمة شيء، ومثله أبو الربيع الزهراني يروي عن حماد كثيراً ولا ينسبهم وهو ابن زيد لأن أبا الربيع لم يسمع من حماد بن سلمة شيئاً، وقد روى عفان بن مسلم وسليمان بن حرب جميعاً عن حماد بن سلمة غير أن عفان لا يروي عن ابن زيد شيئاً إلا وينسبه، وقد يروي عن ابن سلمة شيئا ًولا ينسبه، وسليمان بن حرب على الضد منه فإنه لا يروي عن ابن سلمة إلا وينسبه وقد يروي عن ابن زيد ولا ينسبه فينبغي أن يتأمل مذهب هذين الرجلين ليزول الاشتباه في روايتها وأما عارم فإنه كان إذا ذكر حماداً ولم ينسبه على أنه ابن زيد لأن غالب روايته عنه وأما موسى بن إسماعيل التبوذكي فليس يروي إلا عن حماد بن سلمة خاصة ونقل عن الحجاج بن منهال نحو مذهب ابن عفان (2) .
(1) سير أعلام النبلاء للذهبي 7/464 وما بعدها. والتقيد والإيضاح، ص 410: 413، عون المعبود 1/11.
(2)
تلقيح مفهوم أهل الأثر، ص 586، وانظر في التفريق بين الحمادين قبله ص 584، 585.
وبقي بعد ذلك ما انفرد به كل واحد منهما على جهة التفصيل، وقد سردهم العراقي في التقييد والإيضاح مستفيداً ذلك من تهذيب المزي والذهبي في السير في ترجمة الحمادين وما علق به بعد ذلك (1) .
مثال آخر:
سفيان: لا يدري أهو الثوري أم ابن عيينة؟ قال الذهبي عقب كلامه على الحمادين: ويقع مثل هذا الاشتراك سواء في السفيانين، فأصحاب سفيان الثوري، قدماء وأصحاب ابن عيينة صغار لم يدركوا الثوري وذلك أبين، فمتى رأيت القديم روى فقال حدثنا سفيان وأبهم فهو الثوري، وهم وكيع وابن مهدي والفريابي وأبو نعيم، فإن روى واحد منهم عن ابن عيينة بيَّنه، فأما الذي لم يلحق الثوري وأدرك ابن عيينة فلا يحتاج إلى أن ينسبه لعدم الالتباس فعليك بمعرفة طبقات الناس (2) .
وقال الحافظ في الفتح: محمد بن يوسف البيكندي عن سفيان هو ابن عيينة ولا يتأتى الثوري لأنه ليس له رواية عنه (3) .
وقال أيضاً: إذا أطلق محمد بن يوسف الفاريابي سفيانا أراد به الثوري، وإذا أراد به ابن عيينة نسبه (4) .
وقال أيضاً إذا روى الحسن بن الصباح عن سفيان فهو ابن عيينة،
(1) التقييد والإيضاح، 411.
(2)
السير 7 / 466.
(3)
فتح الباري 2 / 112.
(4)
فتح الباري 12/319.
لأنهما لحقا الثوري، وإذا روى سفيان عن الزهري فهو ابن عيينة؛ لأن الثوري لا يروي عن الزهري إلا بواسطة (1) .
مثال ثالث: عكرمة بن خالد، وهما اثنان من طبقة واحدة، أحدهما: عكرمة بن خالد بن سعيد بن العاص بن هشام بن المغيرة المخزومي وهو ثقة متفق عليه والآخر: عكرمة بن خالد بن سلمة بن هشام بن المغيرة المخزومي وهو ضعيف لم يخرج له البخاري قال الحافظ في الفتح عند شرحه لحديث (بني الإسلام على خمس) نبه عليه _ أي ابن سعيد بن العاص _ لشدة التباسه بعكرمة بن خالد بن سلمة _ ويفترقان بشيوخهما ولم يرو الضعيف عن ابن عمر (2) قلت: لأن الحديث الذي شرحه الحافظ من صحيح البخاري هو من رواية عكرمة بن خالد بن سعيد عن ابن عمر.
4 – ربما قيلت كلمة في صاحب ترجمة تشابه اسمه مع من أريد الترجمة له، فيلصق بالمترجم له ما هو منه بريء أو ينسب له تزكية لا يستحقها.
5 – التأكد من مراتب الجرح والتعديل ليستطيع الحكم على ذلك الراوي بما يناسبه مع مراعاة هذه المراتب عند عالم آخر فيبحث عن رأي كل إمام من أئمة الجرح والتعديل واصطلاحه، فعلى سبيل
(1) فتح الباري 6/578 وانظر أيضاً في التفرقة بين السفيانين الفتح 1/162، 273، 421 ن 402، 2/112، 115، وابن الجوزي في تلقيح فهوم أهل الأثر ص 586، 587، 593، 598.
(2)
انظر فتح الباري 1 / 94 في شرحه للحديث في كتاب الإيمان باب دعاؤكم إيمانكم ح / 8.
المثال: البخاري إذا أطلق لفظ منكر على الراوي فهو مما لا تحل الرواية عنه، وأما إذا أطلقه أحمد فهو ممن لا يحتج به (1) .
6 – أن يوضع في الاعتبار مناهج العلماء في الجرح والتعديل فقد قسم الذهبي المتكلمين في الرجال إلى ثلاثة أقسام:
أ – قسم متعنت في الجرح متثبت في التعديل فهذا إذا وثق شخصاً فعض عليه بنواجذك وتمسك بتوثيقه، وإذا ضعف رجلاً فانظر: هل وافقه غيره على تضعيفه أو لا. ومن هؤلاء أبو حاتم وابنه والنسائي وشعبة.
ب – قسم متسامح وهو راجع إلى مذهبهم المتساهل في عدم جرح الرواة كتعديل المستور ومن هؤلاء الترمذي، والبزار والحاكم وابن حزم وابن حبان، فهؤلاء إذا جرحوا أحداً فعَضَّ عليه بنواجذك وتمسك بتجريحه وإذا عدلوا أحداً فانظر هل وافقهم أحد أو لا؟.
ج – قسم معتدل يتحرى ولا يتشدد ومن هؤلاء أحمد والبخاري والدارقطني. وهؤلاء تعتمد أقوالهم في الجرح والتعديل (2) .
7 – لابد من معرفة الألفاظ التي يستخدمها أئمة الجرح والتعديل وبيان مدلولاتها عندهم.
فلبعض الأئمة اصطلاحات خاصة فيما يطلقونه وعلى سبيل المثال:
(1) التنكيل 1/64 – 75 باختصار شديد وتصرف، والرفع والتكميل ص 122.
(2)
راجع من يعتد قوله في الجرح والتعديل للذهبي ص 158، والمتكلمون في الجرح والتعديل للسخاوي ص 32، كلاهما ضمن أربع رسائل في علوم الحديث تحقيق أبى غدة. انظر الرفع والتكميل للكنوي ص 122.
أ – لا بأس به عند ابن عدي يطلقه أحياناً على الصدوق وأحياناً على الضعيف جداً ويريد أرجو ألا يتعمد الكذب، فعندما يضعف الجمهور رجلاً ويقول ابن عدي لا بأس به فمراده الجرح (1) .
ب – عند ابن معين (ثقة) فقد نقل عنه قوله إذا قلت لا بأس به فهو ثقة وهذا خاص به (2) .
ج – ليس بشيء عند ابن معين لها إطلاقان، الإطلاق الأول هالك ضعيف، والإطلاق الثاني قليل الرواية في الحديث (3) .
د – فيه نظر عند البخاري بمعنى يروي المنكرات، وقد يطلقها على الصدوق أو الضعيف أو المجهول (4) .
هـ - منكر الحديث عند البخاري تعني: هالك جداً لا تحل الرواية عنه، وعند غيره قد تعني لا يحتج به، إنما يمكن أن يستصحب للتقوية والاستشهاد (5) .
وقد تكون العبارة عند أحمد أريد بها التفرد وعدم المتابعة (6) .
وقد تكون العبارة يريد بصاحبها أنه يروي المناكير عن الضعفاء، فقد سأل الحاكم الدارقطني عن سليمان بن بنت شرحبيل فقال: ثقة. فقال
(1) الفوائد المجموعة 51، 430.
(2)
تدريب الراوي 1 / 344، الرفع والتكميل ص 221.
(3)
انظر الرفع والتكميل 212 وما بعدها، وانظر تعليقات أبي غدة 214 – 220.
(4)
التنكير 1 / 278.
(5)
الرفع والتكميل 200 - 208.
(6)
هدي الساري 437.
الحاكم: أليس عنده مناكير؟ فقال: يحدث بها عن قوم ضعفاء أما هو فثقة (1) .
8 – قد تختلف دلالة اللفظ جرحاً وتوثيقاً وتعديلاً تبعاً لاختلاف الضبط. مثال ذلك: قولهم فلان (مود) بالتخفيف بمعنى هالك من أودى فلان أي هلك، وبالتشديد مع الهمزة (مؤد) أي حسن الأداء (2) .
9 – عند تعارض الأقوال في الراوي ولا مرجح ولم يمكن الجمع فيكون القول الوسط وحديثه حسن، وقد مشى على ذلك المنذري في الترغيب والترهيب، والهيثمي في مجمع الزوائد، والحافظ ابن حجر في التلخيص، والزيلعي في نصب الراية، والبوصيري في مصباح الزجاجة، والسيوطي في تعقباته على الموضوعات، والألباني في السلسلة الصحيحة (3) .
10 – وقد يطلقون التوثيق ويريدون به العدالة فقط ولربما كان صاحبها ضعيفاً فيحمل الضعف على الضبط (4) .
11 – المجروح لا يقبل جرحه في غيره كالواقدي. قال ابن حجر في هدي الساري ليس بمعتمد ولا يحتج به (5) .
(1) السؤالات ص 217.
(2)
تهذيب التهذيب 3 / 471.
(3)
تلخيص الحبير 3 / 210، مصباح الزجاجة 1/ 364، السلسلة الصحيحة 2 / 565، وانظر رقم 874
(4)
التنكيل 1 / 62 – 72، وفتح المغيث 3/118
(5)
هدي الساري ص 417، 443، 447، وفتح الباري 7/437، والتنكيل 1 / 95.
12 – لا يقبل الجرح في حق من استفاضت عدالته وإمامته ككلام ابن أبي ذئب في مالك، وكلام النسائي في أحمد بن صالح المصري، وكلام بعضهم في عكرمة، وكلام ابن حزم في تجهيل الترمذي (1) .
13 – الراوي المختلف فيه لابد من التتبع والاستقراء لحديثه. قال المعلمي في الأنوار الكاشفة: العجلي قريب من ابن حبان يعني في التساهل أو أشد عرفت ذلك بالاستقراء أ. هـ (2) .
14 – قد يروي الشيخان عمن اختلط وذلك بعد الانتقاء من حديثه أو أن يروي له مقرونا بغيره، أما من اتهم بالتدليس فإن رويا له فالجزم بأنهما أمنا تدليسه فمن يروي له الشيخان أو أحدهما جاز القنطرة (3) .
15 – قد يمهر الراوي في فن من الفنون فلا ينجرُّ ذلك على روايته في الحديث، مثال عاصم بن أبي النجود حجة في القراءة والقرآن، صدوق له أوهام في الحديث. مثال آخر في حفص بن سليمان القارئ - صاحب عاصم - إمام في القراءة متروك في الحديث (4) .
مثال آخر: محمد بن إسحاق إمام في المغازي، صدوق في الحديث.
16 – من أراد الاستعانة في دراسة الأسانيد بكتب الرجال فليبدأ بالمطولة منها كتهذيب الكمال وتهذيب التهذيب وميزان الاعتدال،
(1) انظر رسالة الذهبي في من تكلم فيه وهو موثق.
(2)
الأنوار الكاشفة ص 108.
(3)
هدي الساري 384.
(4)
الصارم المنكي ص 87.
ثم لينته بالمختصرات كالكاشف والمغني وتقريب التهذيب.
ويتأكد وجوب الرجوع إلى المطولات في الرواة المختلف فيهم كالمدلسين والمختلطين ومن وصفوا بالجهالة أو البدعة، وغير ذلك.
17 – من وصف بوصفٍ يدل على توثيقه مقرونا بوصف آخر يفهم منه الضعف كصدوق يهم أو يغرب إلى غير ذلك، فلابد من التوسع في التخريج لنعرف هل انفرد بالرواية أو لا، فإن وافقه غيره دل على أنه ما وهم ولا أغرب في هذه الرواية، وإن انفرد غلبنا جانب احتمال الغرابة والوهم على سبيل الاحتياط.
18 – عند إصدار الحكم على حديث بالضعف لابد من التنصيص على سبب الضعف في الحديث فنقول ضعيف لانقطاعه بين فلان وفلان، أو لجهالة فلان وهكذا. أما على التصحيح فيجوز أن نقول: إسناده صحيح وكفى، وأن نقول رجاله ثقات بعد تصحيحه.
19 – تعدد طرق الحديث يفيدنا في الحكم على الحديث قبولاً أو رداً وقد يكون الحديث ضعيفاً لسنده لكن تعدد طرقه يرفعه إلى درجة الحسن لغيره، إلا أن الرفع إلى الحسن لغيره بشرطين: الأول: ألا يشتد الضعف الثاني: أن يكون تعدد الطرق تعدداً حقيقياً بحيث لا يغلب على الظن أن هذه الطرق هي في الحقيقة طريق واحد تصرف فيه الرواة.