المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ الدفن في الموات: - عمارة القبور في الإسلام - المسودة - ضمن «آثار المعلمي» - ٥ ب

[عبد الرحمن المعلمي اليماني]

الفصل: ‌ الدفن في الموات:

محكمًا، فإن الحفر يشق عليه جدًّا، حتى ربما تركوا تلك البقعة لذلك.

فظهر أن الشخص الذي أحكم البناء قد تصرَّف في غير حقه تصرفًا يضر غيره من المستحقين في وقت استحقاقهم، وهذا حرامٌ لا شكّ فيه.

‌المقبرة المُسَبَّلة:

أما المقبرة المُسَبَّلة؛ فهي بقعة غير مملوكة، خُصّصت للدفن، بحيث لا يجوز أن تُبنى فيها دار للسكنى، أو حمام، أو مصنع، أو نحو ذلك.

فدخل ما عُلِم أنه كان مملوكًا، وأن المالك سبَّله للدفن، وما عُلِم أنه كان مَواتًا حتى يشرع في الدفن فيه، وكذا ما لم يُعلم حاله قبل تخصيصه للدفن؛ لأن الأصل عدم الملك، فالظاهر أنه كان مَواتًا حتى خُصِّص للدفن.

أمّا ما عُلِم أنه كان ملك شخص، ولم يعلم أنَّه سبَّله، ففيه نظر. وليس من موضوعنا؛ لأنه إن لم يُحْكَم بالتسبيل حُكِم ببقاء المِلك، فيمنع الدفن، ويكون للورثة الاستيلاء على البقعة وحرثها، أو البناء فيها للسكنى، أو غير ذلك، بعد بِلى من دُفِن فيها سابقًا، إلى غير ذلك مما لا يهمنا.

[ص 27]

‌ الدفن في المَوات:

الدفن في المَوات في حكم الدفن في المسبَّلة؛ لأن مجرد حفر القبر والدفن فيه ليس إحياءً مُملِّكًا، وإنما يفيد الأحقية ما دامت الجثة باقية.

كل هذا مما يغنينا اتفاقُ العلماء عليه عن ذكر حُجَجِه، مع أن الآية التي صدَّرنا بها البحث دالة عليه، كما لا يخفى على العارف.

وعلى كل قادر النهي عن الإفراط في التوسعة، والإحكام، والبناء في

ص: 25

المُسبَّلة، وإزالة ذلك، ولو قبل البلى، وقبل الاحتياج إلى تلك البقعة؛ لأن الفعل الحرام يجب إزالته في كل حال.

فأما بعد البلى، فإن بقعة القبر نفسها تستعمل.

[ص 28 ب] تنبيه:

ليس من البناء المحرَّم أن يموت ميت في غار، ويتعذَّر إخراجه منه، فيُسَدّ باب الغار، ومِنْ هذا ما حكاه الله عز وجل في قصة أصحاب الكهف من قول القوم:{ابْنُوا عَلَيْهِمْ بُنْيَانًا} ، فإن الفتية لما رجعوا إلى الكهف بعد بروزهم إلى القوم الذي يقتضيه إظهار الآية، عادوا إلى مضجعهم، وعاد الرعب الذي ذكره عز وجل بقوله:{لَوِ اطَّلَعْتَ عَلَيْهِمْ لَوَلَّيْتَ مِنْهُمْ فِرَارًا وَلَمُلِئْتَ مِنْهُمْ رُعْبًا} [الكهف: 18]، وانتظرهم القوم خارج الكهف حتى يئسوا، كما يدل عليه قولهم:{رَبُّهُمْ أَعْلَمُ بِهِمْ} ، أي: أماتوا، أم عادوا إلى نومهم.

وليس المراد {أَعْلَمُ بِهِمْ} مِمَّن هم؟ وكم لهم؟ لأن الآية التي أعثر الله عليهم لأجلها لا تتم إلا بأن يخبروا القوم بأنهم كانوا في عهد كذا، وجرى لهم كذا، وسيأتي بَسْط الكلام على هذا الآية في فصل "اتخاذ المساجد على القبور" إن شاء الله

(1)

.

(1)

تقدم الكلام على قصة أصحاب الكهف بالتفصيل عند استدلال المخالف بالآية على جوازالبناء على القبور انظر (ص 5 - 22). ولعل المؤلف أراد تأخير هذا البحث إلى الموضع الذي ذكره أعلاه وهذا ما وضعه في النسخة الأخرى انظر (ص 131 - 138).

ص: 26