الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
يقول المصحح الفقير. أمده الله تعالى بفيض لطفه الغزير. إن كتاب) غرائب الاغتراب. ونزهة الألباب. في الذهاب والإقامة والإياب (. من مصنفات علامة عصره. وأستاذ العلوم العقلية والنقلية في مصره. ذي التصانيف الشهيرة. والتآليف الكثيرة. فرع الدوحة العلوية. وزهرة الريحانة الحسينية. المفسر الشهير. والحافظ الخبير. الإمام أبي الثناء شهاب الدين السيد محمود الآلوسي البغدادي) صنفه (بعد عوده من سفره. ووصوله إلى وطنه ومقره. وذلك سنة تسع وستين ومائتين وألف. من هجرة من تقصر دون الإحاطة بمزاياه بردة الوصف) وقد ضمنه (فرائد وفوائد تتحلى بها المسامع والأفواه. ونظم في عقود مبانيه من درر المسائل ما ينال به الأديب غاية مناه. وقد شمر ذيل الهمة لطبعه الشهم الهمام. والحر المقدام. ذو المساعي المشكورة. والأعمال المبرورة. جناب الأفخم) محمود الشابندر (أعلى الله تعالى بدر مجده الأنور. وذلك في مطبعته الكائنة في جانب الرصافة من دار السلام. وقد صححه حفيد المصنف بكمال التدقيق والاهتمام.) وقد نجز (والحمد لله تعالى على مزيد فضله في أواخر ذي القعدة الحرام. سنة سبع وعشرين بعد الثلاثمائة والألف من هجرة الرسول الأكرم عليه أفضل الصلوة وأكمل السلام. ونسأله تعالى أن ينفع به مطالبه. ويوفق للخير مبتغيه وطالبيه. وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين. قيوم السموات والأرضين. سنة 1327.
تقاريظ على كتاب " غرائب الاغتراب
"
لبعض أهل الفضل والآداب
تقريظ عين أعيان العراق. ومن وقع على غيرته وشهامته الاتفاق. واحد الآحاد. وفخر العلماء الأمجاد. جامع المآثر. والكاسر بهمته ناب الليث الكاشر. ابن الجميل وأبيه. والجابر بمرهم فضله كسر قلب راجيه. رفيع العماد. عبد الغني أفندي المفتي الأسبق ببغداد. وهو قوله:
لله من رحلة حارت بها الفكر
…
فلم نكن في سواها اليوم نفتكر
جاءت من الروم تقرب البيد ساحبةً
…
على العواصم أذيالاً وتفتخر
فما تلاها امرؤ إلا وكأن له
…
بكل لفظٍ لطيفٍ وعجبٍ سكر
كم أرشدت حائراً فينا بلاغتها
…
فإن جحدت فهذي العين والأثر
جلت عن الوصف لا شيء يشابهها
…
إني وكل معانيها لنا غرر
إبكارها من زوايا الفكر قد برزت
…
فيا لها من خبايا كلها درر
أضاء في العالم العلوي أشعتها
…
فلاح للعالم السفلي بها قمر
هذي هي الشمس إن تمعن بها نظراً
…
يوماً ويغشى عينك الضرر
لكنها في سماء القلب مشرقها
…
يجلي بإشراقها الأحزان والكدر
كما تجلت على الآفاق ساطعةً
…
علوم) محمود (إذ تتلى وتذكر
هو الشهاب شهاب الذين لا حرج
…
فإنه آية الرحمن فاعتبروا
وقد ضربنا به الأمثال حيث له
…
فينا فضائل لا تحصى وتنحصر
إن المعالي لديه جسمت درراً
…
تسعى لعلياه إجلالاً وتعتذر
تأتي القوافي لديه وهي صاغرة
…
وللقوافي بنو الآداب تفتقر
كم حاولوا فضله قوم فما وصلوا
…
وكم أثاروا له حرباً فما ظفروا
يا ابن الكرام ومن سادت أوائلهم
…
على الأواخر والقوم الألي غبروا
قد فزت بالشرف الأعلى الذي شرفت
…
به قريش وسادت في الورى مضر
صفاتك الغر جلت أن نحيط بها
…
كالماء لا يهتدي وصفاً له النظر
أتيتنا بكلامٍ كله حكم
…
وجئتنا بكتابٍ ما به نكر
فكيف يحييك في علم وفي أدب
…
قوم رذال بغير المكر ما ذكروا
فإن أراع الجهل سحرهم
…
فأمر يراعك يلقف كل ما سحروا
وانشر من الفضل ما أوتيته علماً
…
) وما عليك إذا لم تفهم البقر (
) وقرظها (بعد وفاة المصنف بهذا التقريظ الغريب البديع النظام. والتوقيع العجيب البليغ الكلام. واحد الدنيا وفاضلها. ومأوى يتيمة الأدب وكافلها. الفاضل السري. عبد الباقي أفندي الموصلي العمري. وهو قوله:
كلل تاج ابنة العنقود
…
في حبب اللؤلؤ المنضود
فختمت في عقود الدر
…
أنمل أيدي العقول العشر
بها أشارت لمرمى فكري
…
ومن معاني غواني شعري
توشحت في وشاح السرود
منها المعاني انبرت أرواحا
…
لها بياني غدا أشباحا
ومذ أدارت لنا أقداحا
…
بنا نهار التصابي صاحا
فامتلأ الكون بالتغريد
أبدت لنا من خلال الكأس
…
ما هو أسنى من النبراس
فخلتها في يد الشماس
…
شمس نهارٍ بدت للناس
فكبرت ملة التوحيد
مفقودها إذ حكى المنقودا
…
جعلت وهمي لها راقودا
لم أدر كيفاً لها محدودا
…
معدومها علم الموجودا
من عدمٍ علة الموجود
فمن رأى الرق والصهباء
…
كمن رأى الغول والعنقاء
قد قلدت حليها الجوزاء
…
وعلمت غنجها أشماء
فأثرت في فوى الجلمود
قد يتراءى لعين الرائي
…
من فوقها زيبق الأبراء
حلت بودي وفي إروائي
…
جذوة نارٍ ثوت في ماء
فألقت الوهم في أخدود
في العدم المحض كانت قبلاً
…
والآن بالزعم أبدت شكلا
إن جمع الدن منها شملاً
…
فلبة الكأس منها عطلا
تروى وكم عاطلٍ من جيد
كم ذقت منها زلالاً صافي
…
يحكي برقراقه أوصافي
أما ترى أعين الإنصاف
…
تسلسل المجد من إعطافي
في حوض أسلافي المورود
تبدو بأحداقها للساقي
…
كالنور في بؤبؤ الأحداق
نظن من شدة الإحراق
…
معصورة من لظى أشواقي
لرشف راح اللمى المبرود
لما انجلت من فم الإبريق
…
تحكي بقرطاسه تنميقي
شقت قميص الدجى للزيق
…
فهي على راحة البطريق
ووجنة الكأس كالتوريد
فما حلت قط إلا مرت
…
تلك الليالي قد مرت
بنا خيول التصابي فرت
…
بأثرها ما إلينا كرت
وهذه عادة المطرود
في الحي كم أنعشت من ميت
…
ولا انتعاش الضيا بالزيت
دعني من قول كيت كيت
…
من دم أعداء أهل البيت
ترشف لا من دم العنقود
مواسم للهوى في نجد
…
كانت طرازاً لبرد المجد
لقد طوته النوى في أيدي
…
وانهال من سلكه كالعقد
إذا سلته إلى التبديد
نجد وهل نجد إلا مغنى
…
تقضي اللبانات فيه لبنى
كم قد حوت ذات عين وسنا
…
كانت بأم الدواهي تكنى
وتنتمي لليالي السود
ترويك عن) نزهة الألباب (
…
رحلة علامة الأحقاب
أبي الثنا رحلة الطلاب
…
أغناه عن كثرة الألقاب
ما شاع من سعيه المحمود
فيا له من شهاب ثاقب
…
للرشد يهدي بليلٍ حاطب
كجده إذ أتانا عاقب
…
راح لبكر المعالي خاطب
فأسعدت منه في سعود
روح معاني الهدى تفسيره
…
روح جنان العلى تقريره
دوح مغاني البها تحبيره
…
قلد أوراقه تحريره
ما جل في الحسن عن تقليد
أودع فيها فصولاً جمة
…
منها استفدنا علو الهمة
وللمعاني وفي بالذمة
…
في كشفها عن ذويها الغمة
بمسحة من أكف الجود
أطلع فيها شموس الفضل
…
بازغةً من سماء العقل
محابها واجبات الجهل
…
والشمس كم قد محا من ظل
إشراقها عن صياصي البيد
كم من سمينٍ لنا إن غث
…
قد مازه عارياً من ريث
وكم عويصٍ غداة البحث
…
غادر منه الحبي في نكث
وكان في غاية التعقيد
بدر سماء العز والإجلال
…
شهابها المستنير العالي
كر الجدي معدن الأفضال
…
جدد رسم العلوم البالي
فراح يرتاح في التجديد
منه التآليف في الآفاق
…
قد باهت الشمس في الإشراق
فهو بها للمعالي راقي
…
أصبح لا شك باستحقاق
من غير ريبٍ ولا تفنيد
كم من فنون لنا أبداها
…
لدى أولي الفضل ما أجداها
ومن علوم لهم أسداها
…
وكم وكم تحفةٍ أهداها
جلت لدى الحصر عن تعديد
وكم وكم درةٍ مكنونةٍ
…
فيها وكم تحفةٍ مخزونة
أفكارنا قد غدت مفتونة
…
بها وأبصارنا مرهونة
تنفك هيهات عن تقييد
فيها إجازات علم تحكى
…
لآلئاً قد وهت من سلك
ليس بها عندنا من شك
…
محبوكة بالتقى والنسك
منضودة أيما تنضيد
طالعت فيها مع الإمعان
…
فزاد مني لها إذعاني
وشمت من شكلها الروحاني
…
ما هو كالفرقد النوراني
يضيء في نوره الموقود
ترجم فيها من الأعلام
…
من فاق مجداً على الأعلام
كشيخ إسلامها الطمطام
…
وصدرها الباسل القمقام
وغير هذا وذا من صيد
وكم عويص بها قد حلا
…
عن خلد كل ذكرٍ مثلا
جزاه مولاه عنا فضلا
…
ومن رضاه سقاه وبلا
يغشاه في المضجع المبرود
نحباً قضى بعدما أفتى
…
حياه مولاه محيي الموتى
وكم علومٍ حواها شتى
…
أخلص لله فيها حتى
قد فاز في غاية المقصود
وله أيضاً. لا زال نظمه يخجل روضا.
إن هذا الكتاب خير كتاب
…
دونت فيه رحلة للشهاب
بعلوم همي كوبل سحاب
…
وفهوم طمي كفيض عباب
فيه قد حث أينقاً لذهاب
…
وبه ساق سيفاً لإياب
فحري بأن يسمى كما قد
…
كان سماه) نزهة الألباب (
كم وقفنا منه على خير مسعى
…
للمعالي من غير حث ركاب
ما وعت قط مثله من تليدٍ
…
وطريف حقائب الأحقاب
فتنزه منه بروضة أنس
…
وتسل عن وحشة واكتئاب
واجتن من أوراقها ثمراتٍ
…
وتفكه منها بلب اللباب
واجتل من حاناتها خندرياً
…
رصعتها فرايد من حباب
وإذا رمت للمعالي طريقاً
…
فاهتد في كواكب الأكواب
وأجل بعملات فكرك فيها
…
واغترب في) غرائب الاغتراب (
وتأسف على مؤلفها الطو
…
د المنيع الذري الرفيع الجناب
وترحم إن استطعت عليه
عدد الرمل والحصى والتراب
) تقريظ آخر له أيضاً (
لله رحلة مولانا الشهاب فكم
…
طوت مفاوز أعيت كل خربت
وأفحمت كل منطيق شقاشقها
…
أنى وقد أسكتت مثلي أين سكبت
فلو رآها ابن كبريت لقال سرت
…
) أوائل النار في أطراف كبريت (
) وتقريظ آخر (للكامل الذي رتق بكماله فتق نقص الزمان. والفاضل الذي سحب فاضل ذيل فضله على سحبان. الأمين السري.) محمد أمين أفندي العمري (. وهو هذا: سافر إنسان عيني في مفاوز هذه الرحلة الغرباء مسافرة القوافل السائرة. وقطعها مرحلة فمرحلة. وسرى بريد فكري في منازلها الفسيحة الأرجاء مسرى البدور السافرة. وتعداها منزلة فمنزلة. فشاهد فيها عجائب وغرائب لم يفصح عنها معجم البلدان. وعاين في ألوان مزاياها صوراً وهياكل لم تطبع في مرآة الزمان وليس الخبر كالعيان. وجلى نظرة الكليل بما انطبع فيها من غرائب الأشكال الجالية لكل ناظر. ورجع قرير العين لا بخفي حنين كما قر عيناً بالإياب المسافر. وظهر له من سيره فيها بالطول والعرض. سر قوله تعالى) أولم يسيروا في الأرض (. ورأى كل رحلة طالت قبلها بلا طائل. بل دونها في الظرافة واللطافة بمراحل. وعاد من سفره نشوان من نشوة المدام. ولا عود الشهاب أبي الثنا إلى مدينة السلام. لا زال نشوان من مدام ألطاف ربه. مع جميع ندمائه وصحبه.
وللأديب الحاج جواد الشهير ببذكت الكربلائي وهو قوله:
لا ريب في هذا الكتاب لما به
…
من وصل طلاب بفضل خطاب
ماذا أفوه من الثنا وأبو الثنا
…
قد فاه فيه بحكمة وصواب
في كل حرفٍ للأنام هداية
…
فكأن لفظ شهاب ضوء شهاب
بهداه لزم لب كل موحد
…
ودليل ذلك نزهة الألباب
) تقريظ آخر (للفاضل الأديب. والكامل الأريب. ذي الفضل المزيد. الوافر المديد. السيد محمد سعيد. وذلك قوله: قد طالعت كتاب غرائب الاغتراب. ونزهة الألباب. رحلة مولانا الشهاب. ومن أوتي الحكمة وفصل الخطاب. فرأيته كتاباً يبهر ذوي الألباب. بما أودع فيه من الحكم والآداب. كيف لا ومصنفه الإمام الذي أتى في مصنفاته بالعجب العجاب. ومن نظر في كتابه هذا وجده مرآةً لما كانت عليه عاصمة البلاد الإسلامية يومئذٍ بلا ارتياب. فقد وصف فيه ما شاهده من مبانٍ ومغانٍ وقصور ومصانع ومن تحلى فيه من الفضل بأبهى جلباب. فسبحان من خص عباده يقصر عن بيانها الإيجاز والإطناب. وهكذا سلك فيما شاهده من البلاد التي مر عليها منذ مفارقة الوطن إلى والمآب. فدونكم يا بني الأدب. فهذه رياضكم قد أزهرت وسموا سوام أنظاركم لترتع في أخصب المراتع من رياض الآداب. وهذه حميا الفصاحة قد طافت بكؤوسها أبكار الأفكار فما شراب كسراب. ذلك بعض فضل الله على مصنفه نعم العبد إنه أواب.