المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌20 - إبطال حكم المحكمين - فتاوى د حسام عفانة - جـ ١٢

[حسام الدين عفانة]

فهرس الكتاب

- ‌1 - الربا لا يجري في استبدال سيارة بسيارة أغلى ثمنا

- ‌2 - تحريم التحايل في معاملات البنوك الإسلامية

- ‌3 - يحرم التعامل مع شركة كويست للتسويق الشبكي

- ‌4 - الوكيل أمين ومخالفة شروط الوكالة خيانة للأمانة

- ‌5 - يحرم شرعا على المسلم أن يكون طرفا في أي عملية ربوية

- ‌6 - حكم تأجير الأرض الزراعية بالنقود

- ‌7 - الفرق بين التأمين التجاري - التقليدي – وبين التأمين التعاوني أو التكافلي أو الإسلامي

- ‌8 - رهن المبيع في بيع المرابحة للآمر بالشراء

- ‌9 - التصرف في مال الغير بغير إذن

- ‌10 - حكم عمل المسلم بالكنيس

- ‌11 - حكم شراء شقة قبل بنائها ووفق المخططات

- ‌12 - الفرق بين شراء سيارة من البنوك الإسلامية وبين شرائها عن طريق البنوك التجارية

- ‌13 - الرد على مفتي الديار المصرية الذي يجيز أخذ الفائدة البنكية لأن غطاء العملات قد تغير فلم تعد كالسابق بالذهب والفضة

- ‌14 - حكم اعتماد مؤشر الليبور في المصارف الإسلامية

- ‌15 - ضمان المضارب بالتقصير والتعدي

- ‌16 - التحايل على الرابا باسم الرسوم الادارسة

- ‌17 - حكم شراء المال المصادر بالباطل

- ‌18 - العقد شريعة المتعاقدين

- ‌19 - أزمة الرهن العقاري من منظور إسلامي

- ‌20 - إبطال حكم المحكمين

- ‌21 - حكم نشر صور الممثلين على المنتجات التجارية

- ‌22 - رجوع الوالد فيما وهبه لولده

- ‌23 - لا يجري الربا في بيع القمح والملح والتمر بالدين

- ‌24 - السحب على المكشوف

- ‌25 - حكم إصدار شيك بدون رصيد

- ‌26 - حكم دفع رسوم الخدمات للمجالس المحلية والبلدية

- ‌27 - عقد الإجارة يورث

- ‌28 - ثبوت حق الشفعة في المنقولات كالسيارة

- ‌29 - هل تثبت الشفعة بمطلق الجوار

- ‌30 - انخفاض قيمة العملة وأثره على الديون

- ‌31 - التأمين الإسلامي

- ‌32 - جوائز حسابات التوفير في البنوك

- ‌33 - التلاعب بالأدوية

- ‌34 - صندوق التكافل والتقاعد

- ‌35 - تسمية الثمن شرط لصحة البيع بخلاف قبضه عند العقد ليس شرطا

- ‌36 - دفع أجرة العقار مقدمأ

- ‌37 - جعل سعر الفائدة مؤشرا للربح في البنوك الإسلامية

- ‌38 - بيع العملات بالهامش (المارجن)

- ‌39 - حق الجار في استعمل سور جاره

- ‌40 - إتلاف المزارعين للمنتوجات الزراعية لعدم القدرة على تسويقها

- ‌41 - حكم تزوير الوثائق والشهادات

- ‌42 - انتزاع الملكية الخاصة للمصلحة العامة

- ‌43 - حكم عرض الملابس الداخلية للنساء

- ‌44 - التجارة في الألعاب النارية واستعمالها

- ‌45 - عقد الصيانة

- ‌46 - رد البضاعة بالعيب

- ‌47 - الزيادة على القرض متى تكون ربا ومتى لاتكون

- ‌48 - الشرط الجزائي لا يدخل في الديون

- ‌49 - حكم بيع الفضولي

- ‌50 - المقاطعة الاقتصادية

- ‌51 - استئجار الحلي الذهبية

- ‌52 - حكم غرامة التأخير

- ‌53 - لا يجوز بيع الدجاج قبل القبض

- ‌54 - الظفر بالحق

- ‌55 - الضمان في حوادث السيارات

- ‌56 - سرقة الدواء المدعوم

- ‌57 - يستحب الإشهاد على العقود

- ‌58 - التعامل بالشيكات

- ‌59 - حكم التصرف في المال الموقوف

- ‌60 - حكم الإقالة في البيع

- ‌61 - حكم شراء المسكن عن طريق البنوك الربوية

- ‌62 - البيوع

- ‌63 - تبرع المضارب بضمان رأس مال المضاربة

- ‌64 - ضوابط التعامل بالأسهم

- ‌65 - حكم برنامج توفير للمعلمين

- ‌66 - العمل في محل تقدم فيه الخمور

- ‌67 - فوائد صندوق التوفير هي الربا المحرم

- ‌68 - يجوز أن يكون الشريك أجيرا

- ‌69 - حكم التعامل ببطاقات الائتمان

- ‌70 - لا يجوز ضمان رأس المال في عقد المضاربة

- ‌71 - الأصل في المعاملات الإباحة

- ‌72 - التعويضات المالية

- ‌73 - الغش

- ‌74 - الربا

- ‌75

- ‌76 - الضمان

- ‌77 - الغش

- ‌78 - تغير قيمة العملة

- ‌79 - انتهاء الشركة بموت الشريك

- ‌80 - حظر التجول المتواصل يلحق بالجوائح

- ‌81 - عقد المقاولة

- ‌82 - شركة بزناس

- ‌83 - الرد على فتوى مجمع البحوث في الأزهر بإباحة الربا

- ‌84 - استعمال العام الهجري في عقود الإجارة

- ‌85 - اللقطة

- ‌86 - الضمان

- ‌87 - معنى حديث: (نهى رسول الله عليه الصلاة والسلام عن

- ‌88 - المصارف الإسلامية

- ‌89 - السرقة

- ‌90 - عقد المزارعة لا يعني تملك الأرض

- ‌91 - البيع

- ‌92 - البيع

- ‌93 - البيع

- ‌94 - حقوق الطبع والنشر

- ‌95 - حكم مسابقة من سيربح المليون

- ‌96 - أداء الأمانة

- ‌97 - الأموال التي تدقع لذوي الشهداء تجري مجرى الدية

- ‌98 - إعادة المال لأصحابه عند انتفاء الغرض من جمعه

- ‌99 - المزارعة جائزة

- ‌100 - الهدية تهدى وتباع

- ‌101 - الربا

- ‌102 - الربا

- ‌103 - الربا

- ‌104 - الربا

- ‌105 - الشيكات

- ‌106 - زيادة محرمة

- ‌107 - خلو الرجل

- ‌108 - عقد الاستصناع جائز شرعا

- ‌109 - المال الحرام

- ‌110 - التبرع بالدم

- ‌111 - المال الحرام

- ‌112 - البيع

- ‌113 - المضاربة

- ‌114 - الشرط الجزائي

- ‌115 - الغرامة بالمال

- ‌116 - الغرامة بالمال

- ‌117 - الغرامة بالمال

- ‌118 - الخصومات

- ‌119 - المزارعة جائزة

- ‌120 - جوائز التجار

- ‌121 - القروض

- ‌122 - القروض

- ‌123 - الربا

- ‌124 - حكم التعامل في الأسواق المالية (البورصة)

- ‌125 - القروض

- ‌126 - الشيكات

- ‌127 - الشيكات

- ‌128 - المضاربة

- ‌129 - المضاربة

- ‌130 - المضاربة

- ‌131 - المضاربة

- ‌132 - البيع

- ‌133 - الربا

- ‌134 - القروض

- ‌135 - يحرم أخذ الأجرة على عسب الفحل

- ‌136 - سماح صاحب الأرض لجاره بالمرور من الأرض لا يعطي الج

- ‌137 - الشهادة

- ‌138 - الهبة

- ‌139 - حق التقادم

- ‌140 - الضمان

- ‌141 - الضمان

- ‌142 - الخصومات

- ‌143 - الصلح

- ‌144 - القروض

- ‌145 - تغير قيمة العملة

- ‌146 - البيع

- ‌147 - البيع

- ‌148 - الربا

- ‌149 - حكم السندات

- ‌150 - البيع

- ‌151 - القروض

- ‌152 - حكم الاختلاس

- ‌153 - الرشوة

- ‌154 - دفاع عن فقيه العصر الشيخ العلامة يوسف القرضاوي

- ‌155 - الربا

- ‌156 - الربا

- ‌157 - المصارف الإسلامية

- ‌158 - القروض

- ‌159 - الوفاء بالوعد

- ‌160 - المواعدة على الصرف

- ‌161 - البيع

- ‌162 - الشيكات

- ‌163 - توثيق المعاملات بالكتابة

- ‌164 - القروض

- ‌165 - البيع

- ‌166 - البيع

- ‌167 - ضوابط الكسب

- ‌168 - الشركات المساهمة

- ‌169 - البيع

- ‌170 - الخصومات

- ‌171 - البيع

- ‌172 - البيع

- ‌173 - البيع

- ‌174 - ما يحرم بيعه

- ‌175 - البيع

- ‌176 - حق الشفعة

- ‌177 - القروض

- ‌178 - الصرافة

- ‌179 - الصرافة

- ‌180 - الربا

- ‌181 - الربا

- ‌182 - شركة الأبدان

- ‌183 - الاقتطاع من أجر العامل

- ‌184 - القروض

- ‌185 - الميراث

- ‌186 - أنت ومالك لأبيك

- ‌187 - المال الحرام

- ‌188 - الرشوة

- ‌189 - السمسرة

- ‌190 - المال الحرام

- ‌191 - المال الحرام

- ‌192 - أتعاب العامل

- ‌193 - القرعة

- ‌194 - لا يجوز أن يكون الربح في شركة المضاربة نسبة من رأس المال

- ‌195 - حكم جائزة السداد المبكر في البنوك الإسلامية

- ‌196 - القسمة الرضائية

- ‌197 - حقيقة تملك السلع وقبضها في بيع المرابحة كما تجريه البنوك الإسلامية

- ‌198 - مرجعية الرقابة الشرعية في البنوك الإسلامية

- ‌199 - الضوابط الشرعية للتعامل مع أموال الأيتام

- ‌200 - المعايير الشرعية لهيئة المحاسبة والمراجعة للمؤسسات المالية والإسلامية AAOFI

- ‌201 - التجار واستغلال شهر الصيام برفع الأسعار

الفصل: ‌20 - إبطال حكم المحكمين

‌20 - إبطال حكم المحكمين

يقول السائل: كنت شريكاً مع أحد الأشخاص في شركة تجارية ثم حصل نزاع بيننا على مبلغ كبير من المال، فاتفقنا على اللجوء إلى التحكيم، فاختار كل واحدٍ منا محكماً، وقدمنا حججنا مكتوبة للمحكمين، ولكن المحكمين لم يستمعا لنا، ولم يقبل المحكان أن أطلع على حجة خصمي، ولم يقبلا أن أطلع على كشف الحساب الذي قدمه خصمي، ثم أصدرا الحكم وألزماني بتنفيذه، مع أن الحكم جائر في حقي، فهل يجوز نقض حكم المحكمين، أفيدونا؟

الجواب: التحكيم بين الناس في الخصومات مشروع بكتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم وثابت عن الصحابة والتابعين. فمن كتاب الله قوله تعالى: (وَإِنْ خِفْتُمْ شِقَاقَ بَيْنِهِمَا فَابْعَثُوا حَكَمًا مِنْ أَهْلِهِ وَحَكَمًا مِنْ أَهْلِهَا إِنْ يُرِيدَا إِصْلاحًا يُوَفِّقْ اللَّهُ بَيْنَهُمَا) سورة النساء الآية 35، وهذه الآية نص صريح في إثبات التحكيم كما قال الإمام القرطبي في تفسيرها، تفسير القرطبي 5/179. ومن السنة النبوية ما رواه البخاري في صحيحه في قصة تحكيم سعد بن معاذ رضي الله عنه في يهود بني قريظة، وقد رضي الرسول صلى الله عليه وسلم بسعدٍ رضي الله عنه حكماً. وقد وقعت حوادث كثيرة في زمن الصحابة رضي الله عنهم كانوا يحكّمون فيها بين المتخاصمين. إذا تقرر هذا فإن جمهور أهل العلم من الحنفية والمالكية والشافعية في القول المعتمد عندهم والحنابلة وهو قول الظاهرية، ونقل عن جماعة من السلف يرون أن حكم المحكّم أو المحكّمين لازم للمتخاصمين، ولا يصح شرعاً رفض حكم المحكّم أو المحكّمين من قبل أحد المتخاصمي، ويدل على هذا أن المتخاصمين ما داما قد قبلا بالتحكيم ورضيا بالمحكّم أو المحكّمين فلا بد لهما من قبول الحكم الذي يصدر عن المحكّم أو المحكمين. ولولا أن حكم المحكّم لازم للمتخاصمين لما كان للترافع إليه أي معنىً، قياساً على الحاكم المولّى من ولي الأمر. انظر عقد التحكيم في الفقه الإسلامي والقانون الوضعي ص 147- 149، الموسوعة الفقهية الكويتية 10/244. وهذا ما قررته مجلة الأحكام العدلية فقد جاء في المادة 1448 ما يلي:[كما أن حكم القضاة لازم الإجراء في حق جميع الأهالي الذين في داخل قضائهم كذلك حكم المحكّمين لازم الإجراء، على الوجه المذكور في حق من حكّمهم وفي الخصوص الذي حكموا به، فلذلك ليس لأي واحدٍ من الطرفين الإمتناع عن قبول حكم المحكّمين بعد حكم المحكّمين حكماً موافقاً لأصوله المشروعة] . وكلام العلماء هذا وارد في المحكم صاحب الأهلية والكفاءة للحكم والنظر، وهو من كان أهلاً لتولي القضاء، وعلى ذلك اتفاق المذاهب الأربعة، انظر الموسوعة الفقهية الكويتية 10/237. وكذلك فإن حكم المحكم يكون لازماً ومقبولاً إذا كان موافقاً للأصول الشرعية، كما ورد في مجلة الأحكام العدلية: [

فلذلك ليس لأي واحدٍ من الطرفين الإمتناع عن قبول حكم المحكّمين بعد حكم المحكّمين حكماً موافقاً لأصوله المشروعة] ، ومما يؤسف له أنه قد دخل في التحكيم الشرعي من ليس أهلاً له من بعض المتسلقين الجهلة الذين لا يعرفون ألف باء التحكيم الشرعي، وخاصة في القضايا المالية، وكذلك فإن هؤلاء اتخذوا التحكيم الشرعي مصدراً للتكسب فتراهم يفرضون على المتحاكمين مبالغ مالية كبيرة، وبعضهم يتقاضى نسبة مئوية من المبلغ محل الخصومة والنزاع، فكانت أجورهم بالآلاف. وقد صدرت عن هؤلاء أحكام كأحكام قراقوش، فيها من الجور والظلم ما الله به عليم.

وبناءً على ما سبق فإن الفقهاء قد نصوا على أنه يمكن نقض حكم المحكم أو حكم المحكمين إذا كان مخالفاً للشرع كأن يصدر الحكم عن محكم جاهل، بل قال جماعة من الفقهاء تنقض كل أحكامه حتى لو أصاب في بعضها وإلى هذا ذهب الشافعية وهو المذهب عند الحنابلة وقول للمالكية إلى أن أحكامه – أي المحكم الجاهل - كلها تنقض وإن أصاب فيها، لأنها صدرت ممن لا ينفذ حكمه، وذهب بعض المالكية وبعض الحنابلة إلى أنه تنقض أحكامه المخالفة للصواب كلها، سواء أكانت مما يسوغ فيه الاجتهاد أم لا يسوغ، لأن حكمه غير صحيح وقضاؤه كعدمه، لأن شرط القضاء غير متوفر فيه، ولكن القول المعتبر هو ما اختاره صاحب الإنصاف الشيخ المرداوي الحنبلي ومعه جماعة من فقهاء الحنابلة بأنه لا ينقض من أحكامه إلا ما خالف كتاباً أو سنةً أو إجماعاً، وأن هذا عليه عمل الناس من زمن ولا يسع الناس غيره. انظر الإنصاف للمرداوي 11/225- 226، الموسوعة الفقهية الكويتية 41/162- 163.

وقرر جمهور الفقهاء أن الحكم إذا كان جائراً فإنه ينقض، بل إن فقهاء الحنفية قد نصوا على أنه إن كان القاضي تعمد الجور فيما قضى وأقر به فالضمان في ماله، سواء كان ذلك في حق الله أو في حق العبد، ويعزر القاضي على ذلك لارتكابه الجريمة العظيمة، ويعزل عن القضاء ونص أبو يوسف على أنه إذا غلب جوره ورشوته ردت قضاياه وشهادته. حاشية ابن عابدين 5/418.

وكذلك فإن عدم إتباع الإجراءات القضائية بشكل صحيح يعتبر سبباً في نقض حكم المحكم أو حكم المحكمين، فإذا لم يستمع المحكم أو المحكمون لأحد الخصوم أو لم يمكنوه من الاطلاع على حجة خصمه أو لم يمكنوه من الرد عليها والدفاع عن نفسه، أو قصر المحكم في الكشف عن الشهود وبيان حالهم حتى لا يكونوا شهود زورٍ، فإن هذه تعتبر أسباباً كافية لنقض الحكم الصادر عن المحكم أو المحكمين، قال صاحب درر الحكام شرح مجلة الأحكام عند شرحه المادة (1849) :(إذا عرض حكم المحكم على القاضي المنصوب من قبل السلطان فإذا كان موافقاً للأصول صدَّقه وإلا نقضه) إذا عرض حكم المحكم على القاضي المنصوب من قبل السلطان أو على محكمٍ ثانٍ ليدقق الحكم مرةً ثانيةً فإذا كان موافقاً للأصول صدَّقه لأنه لا فائدة من نقض الحكم الموافق للأصول والحكم ثانية بذلك. وفائدة تصديق حكم المحكم من قبل القاضي هو: أنه لو عرض هذا الحكم على قاضٍ آخر يخالف رأيه واجتهاده رأي المحكم فليس له نقضه، لأن إمضاء وقبول القاضي لحكم المحكم هو بمنزلة الحكم ابتداءً من القاضي؛ أما إذا لم يصدق القاضي على حكم المحكم فيكون من الممكن للقاضي الآخر أن ينقض حكم المحكم – نقلاً عن الزيلعي في تبيين الحقائق - فإذا حكم المحكم حكماً غير موافق للأصول ينقضه القاضي والمحكم الثاني. وعدم موافقة حكم المحكم للأصول يكون على وجهين: الوجه الأول: أن يكون حكم المحكم خطأً لا يوافق أي مذهب من المذاهب؛ وبتعبير آخر أن يكون حكم المحكم غير موافق لمذهب المجتهد الذي يقلده القاضي ولا يوافق رأي أي مجتهد من المجتهدين والعلماء. وبما أن الحكم الذي يكون على هذه الصورة ظلمٌ واجبٌ رفعه فيرفع هذا الحكم وينقض، ويحكم القاضي في القضية على وجه الحق

] درر الحكام شرح مجلة الأحكام 4/702. وكذلك فإن من أسباب نقض حكم المحكم أو المحكمين التهمة، فإنها تؤثر في حكم القاضي وتعرضه للنقض، فإذا كان المحكم قريباً لأحد الخصوم فهذه تهمة تعرض حكمه للنقض، جاء في الموسوعة الفقهية الكويتية: [اختلف الفقهاء فيما إذا حكم القاضي لنفسه أو لأحد أبويه أو ولده أو زوجته أو من لا تقبل شهادته له، ولهم في ذلك رأيان: الرأي الأول يرى الحنفية والحنابلة والمختار عند المالكية والشافعية على الصحيح نقض الحكم لكونه باطلاً لمكان التهمة، بخلاف ما إذا حكم عليهم فينفذ حكمه لانتفاء التهمة. وزاد الحنفية والشافعية أنه لا ينفذ حكمه لنفسه أو شريكه في المشترك.

الرأي الثاني يرى المالكية في مقابل المختار والشافعية في مقابل الصحيح أنه ينفذ حكمه لهم بالبينة، لأن القاضي أسير البينة، فلا تظهر منه تهمة. وأضاف المالكية أنه إن كان مبنى الحكم هو اعتراف المدعى عليه يجوز الحكم عليه لابنه أو غيره ممن ذكر، أما إذا كان الحكم يحتاج إلى بينة فلا يجوز الحكم لهم لأنه يتهم بالتساهل فيها. وينقض الحكم إذا أثبت المحكوم عليه ما ادَّعاه من وجود عداوة بينه وبين القاضي، أو بينه وبين ابنه أو أحد والديه، وهو ما ذهب إليه الحنفية والمالكية والحنابلة والمشهور في المذهب عند الشافعية. وجوز الماوردي الحكم في هذه المسألة بقوله: إن أسباب الحكم ظاهرة بخلاف شهادته على عدوه.] الموسوعة القهية الكويتية 41/164-167. وأخيراً أنبه من يلجأ للتحكيم أن يختار محكمين من أهل الخبرة والمعرفة، فليس كل شيخٍ أو إمام مسجد أو حامل شهادة في الشريعة أو القانون، يكون أهلاً للتحكيم، وكذلك فإني أنصح بالبعد عن المتكسبين من التحكيم لأن الغالب على هؤلاء الجشع والطمع وقد تشترى أحكامهم بالمال.

وخلاصة الأمر أن التحكيم مشروع في الخصومات وأن الأصل الذي قرره فقهاؤنا هو أن الحكم الذي يصدره المحكم لازم للخصوم وواجب التنفيذ، مادام المحكم أهلاً للتحكيم، وما دام الحكم غير مخالف لأحكام الشريعة الإسلامية، وصدر الحكم بعد استكمال جميع الإجراءات اللازمة لإصداره من استماع حجج الخصوم وطعونهم فيها ونحو ذلك.

ص: 20