المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌30 - انخفاض قيمة العملة وأثره على الديون - فتاوى د حسام عفانة - جـ ١٢

[حسام الدين عفانة]

فهرس الكتاب

- ‌1 - الربا لا يجري في استبدال سيارة بسيارة أغلى ثمنا

- ‌2 - تحريم التحايل في معاملات البنوك الإسلامية

- ‌3 - يحرم التعامل مع شركة كويست للتسويق الشبكي

- ‌4 - الوكيل أمين ومخالفة شروط الوكالة خيانة للأمانة

- ‌5 - يحرم شرعا على المسلم أن يكون طرفا في أي عملية ربوية

- ‌6 - حكم تأجير الأرض الزراعية بالنقود

- ‌7 - الفرق بين التأمين التجاري - التقليدي – وبين التأمين التعاوني أو التكافلي أو الإسلامي

- ‌8 - رهن المبيع في بيع المرابحة للآمر بالشراء

- ‌9 - التصرف في مال الغير بغير إذن

- ‌10 - حكم عمل المسلم بالكنيس

- ‌11 - حكم شراء شقة قبل بنائها ووفق المخططات

- ‌12 - الفرق بين شراء سيارة من البنوك الإسلامية وبين شرائها عن طريق البنوك التجارية

- ‌13 - الرد على مفتي الديار المصرية الذي يجيز أخذ الفائدة البنكية لأن غطاء العملات قد تغير فلم تعد كالسابق بالذهب والفضة

- ‌14 - حكم اعتماد مؤشر الليبور في المصارف الإسلامية

- ‌15 - ضمان المضارب بالتقصير والتعدي

- ‌16 - التحايل على الرابا باسم الرسوم الادارسة

- ‌17 - حكم شراء المال المصادر بالباطل

- ‌18 - العقد شريعة المتعاقدين

- ‌19 - أزمة الرهن العقاري من منظور إسلامي

- ‌20 - إبطال حكم المحكمين

- ‌21 - حكم نشر صور الممثلين على المنتجات التجارية

- ‌22 - رجوع الوالد فيما وهبه لولده

- ‌23 - لا يجري الربا في بيع القمح والملح والتمر بالدين

- ‌24 - السحب على المكشوف

- ‌25 - حكم إصدار شيك بدون رصيد

- ‌26 - حكم دفع رسوم الخدمات للمجالس المحلية والبلدية

- ‌27 - عقد الإجارة يورث

- ‌28 - ثبوت حق الشفعة في المنقولات كالسيارة

- ‌29 - هل تثبت الشفعة بمطلق الجوار

- ‌30 - انخفاض قيمة العملة وأثره على الديون

- ‌31 - التأمين الإسلامي

- ‌32 - جوائز حسابات التوفير في البنوك

- ‌33 - التلاعب بالأدوية

- ‌34 - صندوق التكافل والتقاعد

- ‌35 - تسمية الثمن شرط لصحة البيع بخلاف قبضه عند العقد ليس شرطا

- ‌36 - دفع أجرة العقار مقدمأ

- ‌37 - جعل سعر الفائدة مؤشرا للربح في البنوك الإسلامية

- ‌38 - بيع العملات بالهامش (المارجن)

- ‌39 - حق الجار في استعمل سور جاره

- ‌40 - إتلاف المزارعين للمنتوجات الزراعية لعدم القدرة على تسويقها

- ‌41 - حكم تزوير الوثائق والشهادات

- ‌42 - انتزاع الملكية الخاصة للمصلحة العامة

- ‌43 - حكم عرض الملابس الداخلية للنساء

- ‌44 - التجارة في الألعاب النارية واستعمالها

- ‌45 - عقد الصيانة

- ‌46 - رد البضاعة بالعيب

- ‌47 - الزيادة على القرض متى تكون ربا ومتى لاتكون

- ‌48 - الشرط الجزائي لا يدخل في الديون

- ‌49 - حكم بيع الفضولي

- ‌50 - المقاطعة الاقتصادية

- ‌51 - استئجار الحلي الذهبية

- ‌52 - حكم غرامة التأخير

- ‌53 - لا يجوز بيع الدجاج قبل القبض

- ‌54 - الظفر بالحق

- ‌55 - الضمان في حوادث السيارات

- ‌56 - سرقة الدواء المدعوم

- ‌57 - يستحب الإشهاد على العقود

- ‌58 - التعامل بالشيكات

- ‌59 - حكم التصرف في المال الموقوف

- ‌60 - حكم الإقالة في البيع

- ‌61 - حكم شراء المسكن عن طريق البنوك الربوية

- ‌62 - البيوع

- ‌63 - تبرع المضارب بضمان رأس مال المضاربة

- ‌64 - ضوابط التعامل بالأسهم

- ‌65 - حكم برنامج توفير للمعلمين

- ‌66 - العمل في محل تقدم فيه الخمور

- ‌67 - فوائد صندوق التوفير هي الربا المحرم

- ‌68 - يجوز أن يكون الشريك أجيرا

- ‌69 - حكم التعامل ببطاقات الائتمان

- ‌70 - لا يجوز ضمان رأس المال في عقد المضاربة

- ‌71 - الأصل في المعاملات الإباحة

- ‌72 - التعويضات المالية

- ‌73 - الغش

- ‌74 - الربا

- ‌75

- ‌76 - الضمان

- ‌77 - الغش

- ‌78 - تغير قيمة العملة

- ‌79 - انتهاء الشركة بموت الشريك

- ‌80 - حظر التجول المتواصل يلحق بالجوائح

- ‌81 - عقد المقاولة

- ‌82 - شركة بزناس

- ‌83 - الرد على فتوى مجمع البحوث في الأزهر بإباحة الربا

- ‌84 - استعمال العام الهجري في عقود الإجارة

- ‌85 - اللقطة

- ‌86 - الضمان

- ‌87 - معنى حديث: (نهى رسول الله عليه الصلاة والسلام عن

- ‌88 - المصارف الإسلامية

- ‌89 - السرقة

- ‌90 - عقد المزارعة لا يعني تملك الأرض

- ‌91 - البيع

- ‌92 - البيع

- ‌93 - البيع

- ‌94 - حقوق الطبع والنشر

- ‌95 - حكم مسابقة من سيربح المليون

- ‌96 - أداء الأمانة

- ‌97 - الأموال التي تدقع لذوي الشهداء تجري مجرى الدية

- ‌98 - إعادة المال لأصحابه عند انتفاء الغرض من جمعه

- ‌99 - المزارعة جائزة

- ‌100 - الهدية تهدى وتباع

- ‌101 - الربا

- ‌102 - الربا

- ‌103 - الربا

- ‌104 - الربا

- ‌105 - الشيكات

- ‌106 - زيادة محرمة

- ‌107 - خلو الرجل

- ‌108 - عقد الاستصناع جائز شرعا

- ‌109 - المال الحرام

- ‌110 - التبرع بالدم

- ‌111 - المال الحرام

- ‌112 - البيع

- ‌113 - المضاربة

- ‌114 - الشرط الجزائي

- ‌115 - الغرامة بالمال

- ‌116 - الغرامة بالمال

- ‌117 - الغرامة بالمال

- ‌118 - الخصومات

- ‌119 - المزارعة جائزة

- ‌120 - جوائز التجار

- ‌121 - القروض

- ‌122 - القروض

- ‌123 - الربا

- ‌124 - حكم التعامل في الأسواق المالية (البورصة)

- ‌125 - القروض

- ‌126 - الشيكات

- ‌127 - الشيكات

- ‌128 - المضاربة

- ‌129 - المضاربة

- ‌130 - المضاربة

- ‌131 - المضاربة

- ‌132 - البيع

- ‌133 - الربا

- ‌134 - القروض

- ‌135 - يحرم أخذ الأجرة على عسب الفحل

- ‌136 - سماح صاحب الأرض لجاره بالمرور من الأرض لا يعطي الج

- ‌137 - الشهادة

- ‌138 - الهبة

- ‌139 - حق التقادم

- ‌140 - الضمان

- ‌141 - الضمان

- ‌142 - الخصومات

- ‌143 - الصلح

- ‌144 - القروض

- ‌145 - تغير قيمة العملة

- ‌146 - البيع

- ‌147 - البيع

- ‌148 - الربا

- ‌149 - حكم السندات

- ‌150 - البيع

- ‌151 - القروض

- ‌152 - حكم الاختلاس

- ‌153 - الرشوة

- ‌154 - دفاع عن فقيه العصر الشيخ العلامة يوسف القرضاوي

- ‌155 - الربا

- ‌156 - الربا

- ‌157 - المصارف الإسلامية

- ‌158 - القروض

- ‌159 - الوفاء بالوعد

- ‌160 - المواعدة على الصرف

- ‌161 - البيع

- ‌162 - الشيكات

- ‌163 - توثيق المعاملات بالكتابة

- ‌164 - القروض

- ‌165 - البيع

- ‌166 - البيع

- ‌167 - ضوابط الكسب

- ‌168 - الشركات المساهمة

- ‌169 - البيع

- ‌170 - الخصومات

- ‌171 - البيع

- ‌172 - البيع

- ‌173 - البيع

- ‌174 - ما يحرم بيعه

- ‌175 - البيع

- ‌176 - حق الشفعة

- ‌177 - القروض

- ‌178 - الصرافة

- ‌179 - الصرافة

- ‌180 - الربا

- ‌181 - الربا

- ‌182 - شركة الأبدان

- ‌183 - الاقتطاع من أجر العامل

- ‌184 - القروض

- ‌185 - الميراث

- ‌186 - أنت ومالك لأبيك

- ‌187 - المال الحرام

- ‌188 - الرشوة

- ‌189 - السمسرة

- ‌190 - المال الحرام

- ‌191 - المال الحرام

- ‌192 - أتعاب العامل

- ‌193 - القرعة

- ‌194 - لا يجوز أن يكون الربح في شركة المضاربة نسبة من رأس المال

- ‌195 - حكم جائزة السداد المبكر في البنوك الإسلامية

- ‌196 - القسمة الرضائية

- ‌197 - حقيقة تملك السلع وقبضها في بيع المرابحة كما تجريه البنوك الإسلامية

- ‌198 - مرجعية الرقابة الشرعية في البنوك الإسلامية

- ‌199 - الضوابط الشرعية للتعامل مع أموال الأيتام

- ‌200 - المعايير الشرعية لهيئة المحاسبة والمراجعة للمؤسسات المالية والإسلامية AAOFI

- ‌201 - التجار واستغلال شهر الصيام برفع الأسعار

الفصل: ‌30 - انخفاض قيمة العملة وأثره على الديون

‌30 - انخفاض قيمة العملة وأثره على الديون

يقول السائل: اقترضت قبل حوالي السنة مبلغ أربعة آلاف دولار من أحد الأقارب وكتبنا ورقة بيننا على أن سعر الدولار 4،3 شيكل، واتفقنا على أنه إذا ارتفع سعر الدولار فأسدد المبلغ بالدولار، وإذا انخفض سعر الدولار فأسدد بالشيكل حسب سعر صرف الدولار يوم القرض أي بسعر الدولار 4،3 شيكل، فما حكم هذه المعاملة، أفيدونا؟ الجواب: الشرط المذكور في الاتفاق بينكما شرط باطل، لأن المقترض يلزمه أن يرد مثل ما اقترض فقط، ولا يلزمه أن يرد قيمته، قال ابن عابدين نقلاً عن كتاب الخلاصة:[القرض بالشرط حرام، والشرط لغو] حاشية ابن عابدين. وحقيقة ما تم بين السائل وبين المقرض أنه قرض وبيع، فالسائل اقترض أربعة آلاف دولار، وفي نفس الوقت اشترها بسبعة عشر ألف ومئتي شيكل، وقد نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن سلف وبيع، كما ثبت في الحديث عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:(لا يحل سلف وبيع ولا شرطان في بيع ولا ربح ما لم يضمن ولا بيع ما ليس عندك) رواه أبو داود والترمذي والنسائي وابن ماجة وأحمد وغيرهم، وقال الترمذي: حديث حسن صحيح، وقال العلامة الألباني: حسن. إرواء الغليل 5/146. وقال العلامة ابن القيم: [وحرم الجمع بين السلف والبيع، لما فيه من الذريعة إلى الربح في السلف بأخذ أكثر مما أعطى] إغاثة اللهفان 1/363.

إذا تقرر هذا فالواب عليك أن ترد له مبلغ أربعة آلاف دولار بغض النظر عن ارتفاع سعر الدولار أو انخفاضه، لأن الأصل المقرر في الفقه الإسلامي أن الديون تقضى بأمثالها ولا تقضى بقيمتها، ويدل على ذلك ما ورد في الحديث عن ابن عمر رضي الله عنهما أنه قال:(أتيت النبي صلى الله عليه وسلم فقلت: إني أبيع الإبل بالبقيع فأبيع بالدنانير وآخذ الدراهم وأبيع بالدراهم وآخذ الدنانير؟ فقال صلى الله عليه وسلم: لا بأس أن تأخذ بسعر يومها ما لم تفترقا وبينكما شيء)، وفي رواية أخرى:(أبيع بالدنانير وآخذ مكانها الورق وأبيع بالورق وآخذ مكانها الدنانير) رواه أحمد وأصحاب السنن الأربعة والحاكم وصححه على شرط مسلم ووافقه الذهبي، [فابن عمر كان يبيع الإبل بالدنانير أو الدراهم وقد يقبض الثمن في الحال وقد يبيع بيعاً آجلاً وعند قبض الثمن ربما لا يجد مع المشتري بالدنانير إلا دراهم وقد يجد مع من اشترى بدراهم ليس معه إلا دنانير أفيأخذ قيمة الثمن يوم ثبوت الدين أم يوم الأداء؟ مثلاً إذا باع بمئة دينار وكان سعر الصرف: الدينار بعشرة دراهم أي أن له ما قيمته ألف درهم وتغير سعر الصرف فأصبح الدينار مثلاً بأحد عشر درهماً أفيأخذ الألف أم ألفاً ومئة؟ وإذا أصبح بتسعة دراهم فقط أفيأخذ تسعمئة درهم يمكن صرفها بمئة دينار يوم الأداء أم يأخذ ألف درهم قيمة مئة الدينار يوم البيع؟ بين الرسول صلى الله عليه وسلم أن العبرة بسعر الصرف يوم الأداء، وابن عمر الذي عرف الحكم من الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم، سأله بكر بن عبد الله المزني ومسروق العجلي عن كرَّيٍ لهما له عليهما دراهم وليس معهما إلا دنانير فقال ابن عمر: أعطوه بسعر السوق. فهذا الحديث الشريف يعتبر أصلاً في أن الدين يؤدى بمثله لا بقيمته حيث يؤدي عن تعذر المثل بما يقوم مقامه وهو سعر الصرف يوم الأداء، يوم الأداء لا يوم ثبوت الدين] مجلة مجمع الفقه الإسلامي عدد 5 جزء 3 ص1727-1728. وهذا مذهب أكثر الفقهاء، الحنفية والمالكية والشافعية والحنابلة واختار هذا القول كثير من الفقهاء والعلماء المعاصرين، حيث إنهم يرون أن الدين إذا استقر في ذمة الشخص بمقدار محدد فالواجب هو تسديد ذلك المقدار بدون زيادة أو نقصان فالديون تقضى بأمثالها في حالة الرخص والغلاء ولا تقضى بقيمتها جاء في المدونة: [كل شيء أعطيته إلى أجل فرد إليك مثله وزيادة فهو ربا] المدونة 4/25. وقال أبو إسحاق الشيرازي الشافعي: [ويجب على المستقرض رد المثل فيما له مثل لأن مقتضى القرض رد المثل] المهذب مع المجموع 12/185. وقال الكاساني الحنفي: [ولو لم تكسد - النقود - ولكنها رخصت قيمتها أو غلت لا ينفسخ البيع بالإجماع وعلى المشتري أن ينقد مثلها عدداً ولا يلتفت إلى القيمة هاهنا] بدائع الصنائع 5/542. وقال الشيخ ابن عابدين في رسالته عن النقود: [

لأن الإمام الإسبيجاني في شرح الطحاوي قال: وأجمعوا على أن الفلوس إذا لم تكسد ولكن غلت قيمتها أو رخصت فعليه مثل ما قبض من العدد] رسالة تنبيه الرقود على مسائل النقود 2/60 ضمن مجموعة رسائل ابن عابدين. وقال شيخ الإسلام ابن تيمية: [لا يجب في القرض إلا رد المثل بلا زيادة] مجموع الفتاوى 29/535. وقال شيخ الإسلام ابن تيمية أيضاً: [والدراهم لا تقصد عينها فإعادة المقترض نظيرها كما يعيد المضارب نظيرها وهو رأس المال. ولهذا لم يستحق المقرض إلا نظير ماله، وليس له أن يشترط الزيادة عليه في جميع الأموال باتفاق العلماء، والمقترض يستحق مثل قرضه في صفته

] مجموع الفتاوى 29/473. وقال العلامة الغزي الحنفي: [أما إذا غلت قيمتها أو ازدادت، فالبيع على حاله، ولا يتخير المشتري، ويطالب بالنقد بذلك العيار الذي كان وقت البيع، كذا في فتح القدير. وفي البزازية معزياً إلى المنتقى: [غلت الفلوس أو رخصت فعند الإمام الأول والثاني أولاً ليس عليه غيرها) رسالة بذل المجهود في تحرير أسئلة تغير النقود ص 83 -84. وقد بحث مجمع الفقه الإسلامي هذه المسألة بحثاً مستفيضاً وتوصل العلماء المشاركون في المجمع إلى القرار التالي: [العبرة في وفاء الديون الثابتة بعملة ما هي بالمثل وليس بالقيمة لأن الديون تقضى بأمثالها فلا يجوز ربط الديون الثابتة في الذمة أياً كان مصدرها بمستوى الأسعار] مجلة مجمع الفقه الإسلامي عدد 5 ج 3/2261. وبناءً على ما سبق فإن قضاء الديون بأمثالها لا بقيمتها هو الأصل في هذه المسألة، ويعتبر قضاء الديون بقيمتها من الربا المحرم شرعاً [إن الحكم على المدين المماطل بتعويض دائنه بفرق هبوط القوة الشرائية للنقد عقب مطله غير سائغ شرعاً إذ هو وقوع في حمى الربا المحرم تحت ستار تعويض الدائن عن انخفاض القوة الشرائية للنقود، بل إن الدائن ليحصل في كثير من الأحيان باسم ذلك التعويض على ما يزيد قدراً ويفوق جوراً الفوائد التأخيرية في البنوك الربوية] قضايا فقهية معاصرة في المال والاقتصاد ص500. ويستثنى من الأصل المذكور حالة واحدة فقط وهي: إذا كان تغير قيمة العملة كبيراً وهنالك خلاف بين الفقهاء في مقدار التغير الكبير فمنهم من يقول الثلث ومنهم من يقول النصف.

وأود أن أنبه على بعض القضايا المرتبطة بمسألة تغير قيمة العملة وهي: أولاً: للمقترض أن يحسن لمن أقرضه فيعوضه عن هبوط قيمة العملة، كما أحسن المقرض له عندما أقرضه، وهذا من باب الإحسان، ولا يجوز أن يكون ذلك مشروطاً، فقد ورد عن جابر بن عبد الله رضي الله عنه قال:(أتيت النبي صلى الله عليه وسلم وهو في المسجد ضحىً فقال: صل ركعتين، وكان لي عليه دين فقضاني وزادني) رواه البخاري. وفي رواية أخرى عند البخاري قال جابر رضي الله عنه: (فلما قدمنا المدينة، قال الرسول صلى الله عليه وسلم يا بلال: اقضه وزده فأعطاه أربعة دنانير وزاده قيراطاً) . وعن أبي رافع رضي الله عنه قال: (استلف النبي صلى الله عليه وسلم بكراً - الفتي من الإبل - فجاءته إبل الصدقة فأمرني أن أقضي الرجل بكره، فقلت: إني لم أجد من الإبل إلا جملاً خياراً رباعياً - جملاً كبيراً له من العمر ست سنوات - فقال: أعطه إياه فإن من خير الناس أحسنهم قضاء) رواه مسلم. وعن مجاهد قال: (استلف عبد الله بن عمر من رجل دراهم ثم قضاه دراهم خيراً منها فقال الرجل: يا أبا عبد الرحمن هذه خير من دراهمي التي أسلفتك، فقال عبد الله بن عمر: قد علمت ولكن نفسي بذلك طيبة) رواه مالك في الموطأ. وقال الإمام مالك: (لا بأس بأن يقبض من أسلف شيئاً من الذهب أو الورق أو الطعام أو الحيوان ممن أسلفه ذلك أفضل مما أسلفه إذا لم يكن ذلك على شرط منهما

) . وقال الإمام القرطبي: [وأجمع المسلمون نقلاً عن نبيهم صلى الله عليه وسلم أن اشتراط الزيادة في السلف ربا ولو كان قبضة من علف كما قال ابن مسعود أو حبة واحدة ويجوز أن يرد أفضل مما يستلف إذا لم يشترط ذلك عليه لأن ذلك من باب المعروف استدلالاً بحديث أبي هريرة في البكر- الفتي من الإبل -: (إن خياركم أحسنكم قضاء) رواه الأئمة البخاري ومسلم. فأثنى صلى الله عليه وسلم على من أحسن القضاء وأطلق ذلك ولم يقيده بصفة] تفسير القرطبي 3/241.

ثانياً: يدخل فيما سبق قيام أصحاب العمل بتثبيت سعر الدينار أو الدولار عند مقدار معين، وهذا أيضاً من باب التفضل والإحسان، ولا يجوز أن يكون بشرط سابق.

ثالثاً: لا مانع شرعاً من أن يكون هنالك اتفاقٌ بين صاحب العمل والعامل على تعديل أجر العامل دورياً مثلاً كل شهر أو شهرين بنسبة تعادل انخفاض قيمة العملة. كأن يتفق العامل مع صاحب العمل على أن يعطيه زيادة على أجره كل آخر شهر بنسبة 2% أو 3% أو نحو ذلك من أجل المحافظة على أجر العامل من انخفاض قوته الشرائية. وسبق لمجمع الفقه الإسلامي أن ناقش هذه القضية وأصدر القرار التالي: [يجوز أن تتضمن أنظمة العمل واللوائح والترتيبات الخاصة بعقود العمل التي تتحدد فيها الأجور بالنقود شرط الربط القياسي للأجور على أن لا ينشأ عن ذلك ضرر للاقتصاد العام. والمقصود هنا بالربط القياسي للأجور تعديل الأجور بصورة دورية تبعاً للتغير في مستوى الأسعار وفقاً لما تقدره جهة الخبرة والاختصاص والغرض من هذا التعديل حماية الأجر النقدي للعاملين من انخفاض القدرة الشرائية لمقدار الأجر بفعل التضخم النقدي وما ينتج عنه من الارتفاع المتزايد في المستوى العام لأسعار السلع والخدمات

وذلك لأن الأصل في الشروط الجواز إلا الشرط الذي يحل حراماً أو يحرم حلالاً] مجلة مجمع الفقه الإسلامي عدد 8 ج 3 / 787.

وخلاصة الأمر أن الأصل في الديون أنها تقضى بأمثالها لا بقيمتها، وأنه لا يجوز ربط سعر عملة بعملة أخرى عند الاقتراض أو البيع أو عند ترتيب أي حق مالي، ويجوز للمقترض أن يعوض المقرض عن هبوط قيمة العملة بدون شرط سابق، وأن هذا من باب المعروف والإحسان.

ص: 30